رواية أوهام الخاتمة بقلم فاطمة على
رواية أوهام الخاتمة
رواية أوهام |
رواية أوهام الخاتمة
الخاتمة.
شاشة الجوال تُضيء بصورتها المعهودة وملايين المتابعين يشاهدون هذا البث المباشر بلهفة كبيرة، فقد غابت عنهم قُرابة الأسبوعين، لتتنهد بحزن شديد وهي تتحدث بصوت شجن :
- الثقة.. مشاعر غالية قوي مش أي حد يستاهل إننا نديهاله.. الثقة دي الماية اللي بتروي علاقة البشر ببعض ، هي اللي بتدعمها لحد ما تقف على رجلها وتشد حيلها، بس تخيلوا لو الثقة دي مش في مكانها.. الزرعة هتموت وهتتقلع من جدورها.. اختاروا اللي تديهم ثقتكوا.. بس الأهم من ده كله إنكم تثقوا في نفسكوا الأول، وده للأسف اللي كنت مش قادرة أعمله
وزفرت زفرة قوية وهي تُزيل عبرة متمردة مسترسلة :
- أنا بشكر التجربة اللي عشتها رغم فشلها، وبشكر الإنسان اللي خلاني أحب نفسي وأعرف قيمتها رغم إنه أكتر إنسان أذاني.. النهاردة هطلب منكم تسامحوني على كذبة كنت معيشاكم فيها لسنة كاملة.. بس قبل ما أعترفلكم بالحقيقة لازم أعتذر لكم الأول.. وحقيقي مش هزعل منكم لو رفضتوا اعتذاري ده واختارتوا البعد عني.
ورفعت يدها تنزع عن رأسها هذا الشعر المستعار، مقتربة من شاشة الجوال تضغط تُزيل كل تلك العوامل التي تنقي البشرة وتُجملها، لتظهر بصورتها الطبيعية دون أي تأثيرات تجميلية وهي تردد بنبرة ثابتة :
- دي أنا.. ودي ملامحي اللي كنت مخبياها ورا باروكة صفرا وشوية فلاتر، الحاجة الوحيدة اللي مقدرتش أخبيها و كانت حقيقية هي عنيا، مقدرتش أغيرها لأنها ببساطة أكتر حاجة بتوصل صدقنا وحقيقتنا .. أتمنى إنكم تقبلوني زي ما أنا قدرت أقبل نفسي وأثق فيها.. ولو مقدرتوش مش هزعل.. كفاية إني قدرت أحب نفسي وأرجع لها.. أوعدكم إني أكون موجودة معاكم بكرة "آلاء الخشاب" مش "لولا".. لو استنتوني هعرف إنكم سامحتوني على كذبتي دي.. بحبكم.
وأنهت هذا البث بتنهيدة حارة وهي تستدير بمقعدها الدوار تطوف معالم الغرفة كاملة.
بينما كان "محمود" بشقته يتابع هذا البث المباشر بقلب ينتفض بين أضلعه، فهو كان على حق، فتلك العيون كان يعشقها مسبقًا، فهذه هي الفتاة التي كان يتتبع كل أخبارها، لينهض من مقعده راكضًا نحو باب شقته يفتحه بلهفة قبل أن يتوقف بأرضه تمامًا، فبأي وجهٍ يقابلها؟.. وبأي عين يطلب منها السماح والغفران؟ فقد آلمها كثيرًا حتى وإن كان بلا ذنب مباشر منه، ذنبه الوحيد تلك الأفعى التي اختارها أن تكون زوجته يومًا، ذنبه الوحيد أن ترك هذه البراءة دُمية بين يديّ أفعى مخضرمة، نفثت سمومها بأذانها، توقف للحظات يصارع أفكاره هذه، ليئن قلبه باشتياق شديد قمعه باستدارة ظهره للخارج وهو يخطو نحو الداخل، لتتراقص دقات قلبه بقوة، فقد دخلت معشوقته مجاله الخاص واقتربت منه، ليستدير بلهفة غريق لطوق النجاة، بحث عنها كثيرًا، ليجدها تهبط الدرج بكامل شموخها، فركض نحوها مختصرًا تلك الدرجات الفاصلة بينهما وهو يردد بأعين متلهفة للقاء :
- وحشتيني.. أنا أسف.. أقسم بالله بحبك وما في ولا كلمة من اللي قالتها "منى" دي صدق، لو حابة أحكيلك كل الحكاية وانتي تحكمي أنا على استعداد... أنا كنت صادق لما قولتلك إني شفت العيون دي قبل كده.. والله العظيم ما عرفت الحب إلا معاكي.. أنا مش هضغط عليكي تاني، اوعدك إنك مش هتشوفيني تاني.. أنا همشي من البيت بس كنت مستني أودعك واعتذرلك.. بحبك.
كانت "آلاء" تغوص بأعماق أحداقه يستشف صدقه، فهي علمت كامل الأمر بالأمس من خاله، فقد تواصل معها وقصَّ عليها الأمر برمته، لهذا قررت الخروج من عزلتها، ومن حياتها الوهمية، كما قررت الخروج من غرفة السطوح هذه التي اتخذتها مقرًا لعالمها الوهمي، قررت أن تحيا وسط الجميع بحقيقتها، لتتخطاه بهدوء شديد متجهة صوب باب شقتهم بلا مبالاة، لينكس "محمود" رأسه بحزن شديد متجهًا نحو شقته هو الآخر، ليستوقفه اسمه الذي ترنمت به للمرة الأولى :
- "محمود".
أي معزوفة عشق هذه التي أنعمت عليه بها؟!.. أي فضلٍ هذا تكرمت عليه به؟!.. أي عذوبةٍ هذه التي تنعم بها أحرف اسمه؟!..
استدار نحوها بكامل جسده يطوفها بهيام شديد، لتردد بإبتسامة عذبة :
- مستنينك بعد العشا عشان قراءة الفاتحة.
رقص قلبه فرحًا وهو يركض نحوها بلاوعي متشبثًا بيديها بقوة وهو يهتف بهذيان شديد :
- قولي والله.
إتسعت إبتسامتها عشقًا فقد تمكنت من تحرير قلبها، ليتجه صوب هدفه بكامل إرادته، لتهمس بولهٍ خجلٍ :
- والله.
تمت بحمد الله
يونيو ٢٠٢٢
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية أوهام)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)