رواية أوهام الفصل الثانى 2 بقلم فاطمة على
رواية أوهام البارت الثانى 2
رواية أوهام الجزء الثانى 2
رواية أوهام الحلقة الثانية 2
رواية أوهام |
رواية أوهام الفصل الثانى 2
الفصل الثاني.
البيت الكبير لعائلة "السلاموني".
مطبخ كبير يعج بنساء العيلة اللاتي تتشحن بعباءات سوداء اللون ووشاح مزركش بألوان زهرية ووردية تحاوط خصلاتهن الطويلة المنسدلة خلف ظهور البعض، والمتجدلة أعلى صدور الأخريات، تفوح رائحة أشهى الأطعمة بالمكان، وتتعالى ضحكاتهن المرحة عازفة مع أصوات المواقد معزوفة حب وأمان وترابط قوي، لتلج إليهم "هند" بإبتسامة واسعة وهي تركض نحو والدتها تحتضنها بقوة مغمغمة بسعادة كبرى :
- الله الله الله.. ايه الروايح اللي تجوع دي؟ دي مقابلاني من وأنا داخلة من بوابة المزرعة.
مالت والدة "هند" نحو رأسها تقبلها بحنو شديد لتسترسل "هند" بتلذذ أكبر :
- شكلك عاملة كل الأكل اللي أنا بحبه يا ماما.
حركت والدة "هند" رأسها بنفي وهي تتجه نحو فرن الموقد تدنو منه ساحبة ما به من صوانٍ مرددة بجدية تامة :
- كان نفسي والله يا "هنود" بس كنت مشغولة بعمل أكل جوز بنتي.
تدلي فك "هند" صدمة وهي تسبل أجفانها وتفتحها تباعًا مغمغمة باستنكار شديد :
- بنتك مين؟!.. إنتي عندك بنات غيري يا ماما؟
تعالت ضحكات والدتها تجلجل في أرجاء المطبخ وهي تنظر نحو والدة "أيمن" مرددة بسخرية كبرى :
- سلامة عقلك يا بنتي، انتِ ناسية إنك مكتوب كتابك على ابن عمك، وكلها أسبوع وتتجوزوا.
ارتجف جسد "هند" بقوة لتتشبث بيدها بطاولة المطبخ خلفها وهي تطوف والدتها بأعين زائغة مرددة بهذيان شديد :
- أسبوع!.. مين اللي قال الكلام ده؟
اتجهت والدة "أيمن" نحوها تحاوط كتفيها بذراعيها مرددة بسعادة غامرة :
- جدك اللي حدد الميعاد يا مرات ابني، وبعدين لو أمك عاملة الأكل لـ "أيمن"، فأنا عاملالك كل الأصناف اللي بتحبيها وأكتر كمان، يلا اطلعي غيري هدومك واغسلي وشك من تراب الطريق على ما نرص الأكل على السفرة.. يلا يا حبيبتي.
رفعت "هند" أنظارها نحوها بشرود يجذبها إلى دوامته بقوة، فلا ترى ولا تسمع كل ماقيل بعد تلك الكلمات، لتهز رأسها بخفوت شديد وهي توليها ظهرها مغادرة المطبخ إلى ذلك الدرج الخشبي الذي يتوسط القاعة الرئيسية للبيت الكبير تتسلقه ببطيء شديد حتى وصلت قمته فانحرفت يمينًا إلى غرفتها لتستوقفها دقات قلبها المدوية بين أضلعها، وأنفاسها المتصاعدة بقوة تقتحم رئتيها كتلك النيران الملتهبة التي تُشعل وجنتيها بقوة مُعلنة عن قرب معشوقها وولوجه مجالها الهوائي، رفعت أنظارها بالفضاء حولها تبحث عنه بشغف كبير، إلا أن ظنونها باءت بالفشل ظاهريًا، لتتعالي دقاتها حتى كادت أن تصم أذانها وهي تهمس بعشق خافت :
- "أيمن"!
دارت يمينًا ويسارًا تبحث عنه بلهفة كبيرة حتى تسللت رائحته العطرة إلى أنفاسها الهادرة باسمه، لتسبل أجفانها بعشق للحظات قبل أن يُفتح باب غرفته ويطل عليها بجسده المفتول عضلاته والتي تبرز وبقوة من أسفل قميصه الذي يحرر منه ثلاث أزرار علوية فيكشف عن كثير من الشعيرات المتناثرة بصدره الأسمر الصلب، ليشتعل ثغره بإبتسامة عشق ضجت بأحداقه السوداء وهو يخطو نحوها متسللًا حتى توقف جانبها تمامًا ومال نحو وجنتها المكتظة يلامسها بشفاهه المشتعلة بنيران عشقها دامغًا قبلة ولهة، لينتفض جسدها بقوة وهي تفتح أحداقها ذعرًا هامسةً بلوم شديد مستنكرةً:
- إيه اللي انت عملته ده؟!
اقترب منها ثانية بعشق متيم وهو يطوف ملامحها الحانقة بولهٍ شديد هامسًا إلى جوارها :
- انتِ اللي مغرية الصراحة، فيه حد يكون حلو كده؟
ابتعدت بجذعها عنه قليلًا وهي تضع كفها أعلى صدره ليكون حائلًا بينهما مغمغمة بحنق ساخط:
- بطل قلة أدب.
رفع أحد حاجبيه صدمة وهو يمط فمه باستنكار شديد مغمغمًا :
- "أيمن السلاموني" يتقاله بطل قلة أدب؟!
ورفع يده يحتضن كفها الملامس لمسام صدره المشتعلة شوقًا لها حتى بات يحاصرها بين ثنايا جسده مستطردًا بتذمر مصطنع :
- طب إنتِ حاطة إيدك هنا ليه دلوقتي ؟.. وبعدين ده أسميه إيه ؟
سرت رجفة قوية بجسدها وهي تسحب يدها من موضعها بقوة لم تصمد كثيرًا أمام قوة قبضته المحكمة ليدها وهو يهمس بعشق شديد مُشيرًا بسبابته نحو موضع فؤاده :
- ده مكانك ومملكتك.. ده وطنك وأمانك، ده محرابك اللي بتدق فيه أجراس العشق بس عشانك يا "نودي".
تضاعف ارتباكها وهي تهيم بصدق أعينه كما كلماته، لتهمس بشرود شديد :
- لو حد شافنا هيقول علينا إيه؟
حرك رأسه بنفي شديد هامسًا بحزم شاب نبرته الهادئة :
- ولا يقدر يقول حاجة، إنتِ مراتي على سنة الله ورسوله، وكلها أسبوع وتكوني في حضني في بيتنا.
ارتجافة يدها بين قبضته لم تقل قوة عن ارتجافة جسدها وأحداقها الزائغة، ليظهر الفزع جليًا على معالمه وهو يربت على كتفها بحنو شديد مرددًا بخوف أشد :
- "هند"!.. في إيه.. مالك؟
جاهدت كثيرًا لتحرير كلماتها من صحراء جوفها القاحلة لكن لا فائدة لهذا، ليلتفت هو يمنة ويسرى برأسه باحثًا عن أي ماء يغدق صحراءها به، ليجذبها معه نحو غرفته وهي تتبعه بهدوء حتى تسمرت بأرضها أمام بابها فتذكر رفضها الدائم للولوج إليها ورغبتها في ولوجها بالشكل الشرعي لهما، فترك يدها بهدوء راكضًا نحو الداخل جالبًا كأس من المياه الباردة يناولها لها بلهفة عاشق يراقب فزع وهلع معشوقته، تناولت منه كأس المياه بيدها المرتجفة تقربه من شفاهها تبللها ببضع قطرات تسللت إلى جوفها بعد عناء، هاربة من تلك القطرات المتساقطة أعلى رداءها ليهمس هو بخوف شديد :
- إهدي.. فيه إيه؟!
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تصارع نظراته العاشقة بنظرات أكثر هلعًا مغمغمةً بحشرجة قوية :
- ياريت نأجل الفرح شوية.
قطب "أيمن" جبينه بصدمة، فما هذا الهراء الذي تتفوه به معشوقة الطفولة والصبا؟!.. أتود التأخير وهو يجاهد للإبكار كي يضمها إلى صدره ويغدقها من فيض عشقه وولعه؟!، ليردد بنبرة حادة بعض الشيء:
- نأجل ليه؟
ازدردت ريقها بتوتر شديد مغمغمة :
- أنا مش مستعدة للجواز دلوقتي.
سحب نفسًا عميق يثلج به صدره المتأجج وهو يزفره بإبتسامة هادئة مرددًا :
- قدامك أسبوع بحاله تقدري تستعدي فيه، ومعاكي كريدت تقدري تسحبي كل الفلوس اللي انتِ عايزاها.
تضاعف ارتباكها وهي تحرك رأسها بنفي مغمغمة بكلام متناقض :
- مش موضوع فلوس كل حاجة جاهزة ، بس أنا مش جاهزة.
عقد جبينه بقوة مغمغمًا بصرامة :
- إزاي يعني مش جاهزة، قدامك أسبوع اجهزي فيه طالما كل حاجتك جاهزة، وشوفي لو أي حاجة نقصاكي قولي وأنا مستعد اجيبهالك حتى لو من بره مصر.
فرقت شفاهها المرتجفة بارتباك لاحظه هو فأشفق عليها ليتنهد بهدوء مغمغمًا باستسلام شديد :
- خلاص.. هأجله أسبوع كمان تكوني جهزتي فيه.
حركت رأسها بنفي شديد مرددة :
- سنة.
اتسعت عينا "أيمن" صدمة وهو يردد باستنكار شديد :
- نعم!.. سنة ؟!.. ده اللي هو إزاي بقا إن شاء الله؟
تجلدت "هند" بقوة واهية وهي تردد :
- مش هقدر أوفق بين الدراسة والجواز.. عشان كده لازم نأجل لحد ما أخلص السنة دي.
ابتسم "أيمن" ابتسامة جانبية متهكمة مرددًا بسخرية كبيرة :
- صح.. ماهو فعلًا هتوفقي إزاي بين جوزك اللي هيكون عايش معاكي في القاهرة في شقة في ٣ شغالات واللي بيقضي أغلب وقته مأموريات وبين دراستك اللي هي ٤ ايام في الأسبوع! .. معضلة صعبة فعلًا.
استشعرت "هند" سخرية "أيمن" لتردد بتوتر أشد :
- ده اللي عندي يا "أيمن".. مش هقدر أتجوز دلوقتي.
رفع أعينه نحو سقف الردهة يرمقه بحنق شديد جاهد للسيطرة عليه قبل أن يهبط بهما نحوها مرددًا بتهكم أشد :
- ياريت لما تقرري ميعاد جوازنا الجديد تتصلي بيا تبلغيني عشان أجهز يا "هند" هانم.
وتخطاها بخطى واسعة نحو درج البيت يهبطه هرولة تحت أنظارها الغائبة تحت غيمات شديد من دمعات حارة.
***********
شاشة جوال محاطة بهالة من الضوء الثلجي بدائرة مُضيئة أعلى حامل حديدي ثلاثي الأعمدة تظهر على سطحها صورة جميلة لفتاة بارعة الجمال والأناقة بخصلاتها الذهبية التي تنافس أشعة الشمس وخيوط الذهب في نقائهما، وأحداق فيروزية تغار منها مياه أنقى الخلجان والمحيطات، قسمات وجه منحوتة ببراعة وبأدق التفاصيل، وبنقاء يضاهي بشرة الأطفال في مهدها، جانبي هذه الصورة تتعالى إشارات القلوب الحمراء المتصاعدة، كذلك كلمات الثناء والحب والإشادة التي تلحق بهذه القلوب، تنهدت صاحبة هذه الصورة المتحركة تنهيدة حارة بهذا البث المباشر مسترسلة بجدية واتزان ولباقة تُحسد عليهم :
- الحرب النفسية الباردة.. من أصعب الحروب وأقساها على الإطلاق، يمكن بتفوق كمان على حرب التشكيك في قدراتك وتدمير ثقتك بنفسك.. في الحرب دي أسلحة خصمك بتكون مختلفة شوية.. بتكون ناعمة.. نعومة الأفعى.. الخصم في الحرب ده يقدر يوصلك للفعل اللي هو عاوزه بالظبط وبكامل إرادتك رضاكِ، حتى لو انتِ داخليـًا رافضة الموضوع ده.. بياخد منك كل اللي هو محتاجه وعلى طبق من ذهب.
وتنهدت بقوة مسترسلة بجدية شديدة :
- هديكوا مثال.. مديرك في الشغل بيحبك جدًا وشايفك إنك موظف مجتهد وهايل وده بشهادك الجميع، بس أفعاله كلها عكس كده.. يعني تلاقي الترقية لموظف أقل منك كفاءة واجتهاد، لما تيجي تكلمه يقولك أنا شايلك حاجة كبيرة ويسكنك بكلام إنت متأكد مليون في الميه إنه هوا، هو بيعمل كده لأنك ببساطة سادد مكانك وبتعمل شغلك في المكان ده بكفاءة محدش يقدر يقدمها ويوم ما تسيب المكان ده اتأكد إن محدش هيسد مكانك، فكفاءتك هنا ممكن تكون ضراك بس لفترة وجيزة.. فمهما طال التأخير فهو جاي جاي.. ممكن كمان يكون قاصد يحارب الحرب الباردة دي عشان يشرف ثباتك الانفعالي.. ويشوف ذكاءك في التعامل.. بس الأكيد إنها بتكون أصعب فترة بتمر عليك في حياتك العملية..
مثال تاني.. شريكك في الحياة سواء زوج أو خطيب أو حبيب.. دايمًا بتكون درجة حب الأنثى للراجل وعطائها أضعاف أضعاف حب الراجل، وده ببساطة لأننا مخلوق معطاء بالفطرة اللي ربنا خلقنا بيها... تخيلي لما تقدمي كل حب واخلاص في العلاقة وتلاقي الطرف التاني محسسك دايمًا بعدم الرضا رغم إنه بيحبك.. و ده اللي موصله ليكي.. تخيلي لما يحضنك ويطبطب وتلاقيه بيقولك أنا مشدود لبنت تانية وياريت تساعديني أبعد عنها.. هنا هتكوني حرفيًا متدمرة، تثوري وتغضبي من اعترافه ده ولا تغفري وتسامحي وتساعدي إنه يتخطى.. ترجعي زي ما كنتي ولا الشرخ في العلاقة هيفضل يكبر ويزيد لحد ما الكسر ماعتش ينفعه معاه تصليح.. هتعملي إيه.. هتكوني باردة في ردود أفعالك ولا هتكوني متسرعة بشكل يخليكي تخسري كل حاجة؟..
خلاصة الكلام.. إوعي حد يحاربك بسلاح حبك وتضحيتك.. إوعي حد يرمي الكورة في ملعبك ويقولك شوط.. وبعدين يقولك أعمل إيه إنتِ اللي اختارتي ... إوعى حد يستغل كفاءتك في العلاقة.. خالي عندك نقطة الفصل دايمًا.. خالي نقطة النهاية والبداية ماكان ما أنت واقف.
وتنهدت بقوة وهي تُنهي حديثها مع متابعيها قبل أن تضغط زر إنهاء البث المباشر :
- هكون معاكم مرتين في الأسبوع زي ما اتعودنا.. هستنى رسايلكم وتعليقاتكم وهرد على كل استفساراتكم.. بحبكم... "لولا".
وزفرت زفرة قوية وهي تنهض من مقعدها متجهة صوب هاتفها تلتقطه وهي تضغط زر الفصل لهذا الضوء الحلقي، نازعة عنها شعرها المستعار لتنسدل خصلاتها الفحمية وهي ترمق معالمها بالمرأة أمامها مبتسمة ابتسامة رضا تام.
دمتم في آمان الله وحفظه.
فاطمة علي محمد
أوهام
رواية أوهام الفصل الثالث 3 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية أوهام)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)