📁

رواية أوهام الفصل الثالث 3 بقلم فاطمة على

رواية أوهام الفصل الثالث 3 بقلم فاطمة على

رواية أوهام البارت الثالث 3

رواية أوهام الجزء الثالث 3

رواية أوهام الحلقة الثالثة 3

رواية أوهام الفصل الثالث 3 بقلم فاطمة على
رواية أوهام


رواية أوهام الفصل الثالث 3


الفصل الثالث.

غادر "محمود"  مقر الشركة التي يعمل بها بفرعها الجديد الذي  طلب الانتقال إليه بعد انفصاله عن زوجته وعلامات الجمود والجدية تلازمه طوال هذه الفترة فقد أقسم أن يقسو على قلبه ويوصده بأصفاد من فولاذ، اقترب من سيارته يجذب بابها ليجد يد أنثوية تتعلق بيده وعطر مُثير يغزو أنفاسه، عطرًا لطالما أحبه وأدمنه، أما الآن فقد بات يسبب له اختناقًا يصل إلى حد التقيؤ، ليرفع أنظاره نحوها يرمقها بامتعاض شديد من خلف عدسات منظاره الشمسي دون أن ينفض يدها عنه ليُثبت لذاته أولًا أنها لم تعد تحرك أي عاطفة نحوها قبل أن يثبت لها أنها باتت مجسم بلاستيكي بلا روح بالنسبة له، همست له بصوت شجن ودمعات الندم  تغزو أحداقها المحتلة بعدسات لاصقة زرقاء اللون ويدها تُشيح خصلاتها الذهبية خلف أذنها بألم شديد :

  - أنا أسفة.. آسفة على ذنب ما أعرفش إيه هو.. على ذنب ما اديتنيش فرصة أدافع فيه عن نفسي.. نصبت نفسك حاكم وجلاد في نفس الوقت.. عاقبتني  بدون أي رحمة، وعلى جريمة ما أعرفش إيه هي.

  

ذم "محمود"  فمه بلا مبالاة ومازالت نظرات الامتعاض متسيدة الموقف قبل أن يهبط بها نحو يدها المتعلقة بيده ويجذبها بعيدًا عنه بأطراف أنامله مرددًا بتهكم شديد :

  - إيدك يا مدام.. "منى".

 

صدمة قوية ألجمتها فمنذ متى ولمساتها لا تأتي ثمارها معه؟!.. لتلجم هذه الصدمة مرة أخرى وهي تردد بتوسل متهدج :

  - أنا عملتلك إيه يا "محمود"؟.. فهمني.. والله لو فهمت هرتاح وهبعد زي ما أنت عايز.

 

كزَّ "محمود" شفاهه بغضب شديد حينما تذكر، لتتحول نبرته لنبرة أكثر بُغضًا وهو يردد رسائلها النصية لهذا الوغد الذي كانت تواعده والتي يحفظها عن ظهر قلب :

  - (حضنك وحشني) ..

   (مابقيتش طايقة لمسته)

( كأنه شوك بيمشي على جسمي)

(أنا هفضل على الحال ده كتير)


اتسعت عيناها صدمة، فشكوكها أصبحت يقين، فهذا هو الاحتمال الأقوى لهذا التغيير المفاجئ، ولهذه الكراهية ولهذا الطلاق، ليهديها تفكيرها إلى حيلة سريعة وهي تحرك رأسها بنفي شديد :

  - إيه الكلام الفارغ اللي انت بتقوله ده؟.. إستحالة يكون ده كلامي.

 

رفع كلا حاجبيه بسخرية شديدة وهو يتذكر صوتها المغناج في رسائلها الصوتية، ليُعيد إحداهما عليها بصوت مشدودة أوتاره :

  - "حسن" أنا مابقيتش قادرة أبعد عنك أكتر من كده، أنا عارفة إني اتسرعت في قراري بالجواز، أنا أسفة.. أنا عايزاك إنت، معتش طايقة نفسه يقرب مني. 

 

أطبقت أجفانها بقوة، لتجد قبضته تعتصر معصمها بقوة وهو يقترب منها محررًا كلماته الساخطة :

  - من لحظة ما لقيت معاملتك اتغيرت معايا وأنا شكيت فيكي، بس ما كنتش متخيل إنك واصلة بالقذارة لليڨل ده، كنت بقرأ رسايلك  المحذوفة اللي قدرت ارجعها وبسمع صوتك وأنا معدتي مقلوبة، قد كده كنت ساذج وصدقت واحدة رخيصة زيك؟.. قد كده قلبي كان لعبة هبلة بين ايديكي؟

 

تصنعت البكاء وهي ترفع أناملها تلامس مسام عنقه مرددة بدلال متوسل :

  - غصب عني والله.. هو اللي ظهر في حياتي فجأة وفكرني بحب كنت بحاول أتخطاه.. عارفة إني غلطت، بس ارجوك سامحني.. ضعفت، وغلطت.. أنا آسفة.

 

انفرجت إبتسامة جانبية متهكمة من شفاهه وهو ينفض يدها بعيدًا عنه مرددًا باستياء شديد :

  - والله لو عملتي إيه! .. معتش حاجة تأثر فيا من ناحيتك.. إنتي خلاص صفحة قذرة وقطعتها من دفتر حياتي.

 

سحبت نفسًا عميقًا تزفره بقوة وهي تستعيد جديتها مغمغمة بتهكم شديد :

  - أومال بدلت شقة جوازنا بشقة خالك القديمة ليه؟.. خايف ذكرياتنا سوا تطاردك فيها؟.. خايف تشم ريحتي في كل ركن؟.. خايف تشوف صورتي في كل مكان؟.. خايف تسمع صوتي في كل زاوية؟.. أنا عارفة إنك لسه ضعيف قدامي.. وعمرك ما هتقدر تتخطاني.. وأهو بقالنا عشر شهور منفصلين ولسه زي ما أنت، من الشغل للبيت ومن البيت للشغل، لا صاحبت واحدة ولا خرجت مع واحدة. 

 

هنا لم يعد "محمود" يحتمل السيطرة على ضحكاته الساخرة والتي دوت بأرجاء المكان فجذبت الأنظار إليه، لكنه غير عابيء بكل هذا، ليردد بهدوء شديد :

  -  واهمة.. أنا بدلت الشقة عشان قطعت الصفحة زي ما قولتلك.. وبرضه زي ما قولتلك حتى لو وقفتي قدامي من هدومك دي، عمرك ما هتهزي شعرة واحدة في راسي.. آه.. العشر شهور اللي انتي عداهم باليوم دول أنا بستعد فيهم لحياة نضيفة مع إنسانة عمرك ما تحلمي إنك تطولي ضوفرها.

 

اشتعل الغضب بأوردتها فمحاولتها هذه أيضًا قد باءت بالفشل، وهي من كانت ترسم عليها آمالًا وأحلامًا كبيرة خاصة بعدما غدر بها "حسن" وسافر إلى تركيا صحبة إحدى الفتيات التي أتت للسياحة بمصر، لتصرخ به بجنون :

  - إنت اتجننت!.. مين دي اللي تاخدك مني بعد ما كنت بتتمنالي الرضا أرضى؟.. أنت حقي أنا، وملكي أنا.. ومفيش واحدة تقدر تقرب منك.. إنت سامع. 

  

اتسعت إبتسامة "محمود"  وهو يُزيحها بعيدًا عنه مستقلًا سيارته ومنطلقًا بقوة مخلفًا خلفه سحابة قوية من عادم سيارته، سحابة اختفت بها "منى" تمامًا.


***********

كانت "آلاء" بغرفتها تستذكر دروسها بتركيز شديد ليقطع تركيزها هذا اتصال هاتفي من "هند" لتطوي صفحات كتابها وهي تلتقط هاتفها ناهضة من فوق مقعدها تحرك عنقها يمينًا ويسارًا وهي تدلك أسفله بأطراف أناملها علها تُزيل ما علق به من تشنج لطول فترة انكبابها فوق هذا المكتب، لتضغط زر الإجابة مغمغمة بنبرة مستنكرة :

  - "هند السلاموني" بذاتها بتتصل بيا في يوم الأجازة اللي مقضياها جنب حضرة الظابط "أيمن"!.. أنا مش مصدقة عنيا والله. 

  

أتاه صوت "هند" الباكي متحشرجًا :

  - أنا هنا في القاهرة يا "لولو".. محتاجة أتكلم معاكي ضروري، ممكن تيجلي البيت؟ 

  

انقبض قلب "آلاء" بقوة لبكاء صديقتها الأولى والأخيرة والمقربة، لتركض نحو خزانتها تلتقط ما علق بيدها من ثياب مغمغمة بلهفة شديدة :

  - إهدي.. إهدي يا "نودا".. أنا مسافة الطريق وهكون عندك. 

  

وأنهت الإتصال مرتدية ثيابها بعجالة غير ملتفتة لهذا اللون الوردي الذي لم ترتديه من قبل، غادرت غرفتها متجهة نحو والدتها التي كانت تتابع التلفاز وهي تردد باستجداء شديد :

  - ماما.. أنا لازم أنزل أروح لـ "هند" حالًا.

  

عقدت والدتها جبينها بدهشة سرعان ما تحولت لصدمة مؤقتة وهي ترفع أنظارها نحو ابنتها التي ارتدت لونًا كانت دائمًا ماترفضه، لكنها تداركت صدمتها سريعًا حتى لا تُخجلها، لتردد بجدية :

  - فيه حاجة؟ 

  

حركت "آلاء" رأسها بنفي وهي تلتقط حذائها تنتعله مرددة بحزن شديد :

  - مش عارفة يا ماما.. بس صوتها معيط، وطلبت مني إني أروح لها  البيت ضروري.. مش هتأخر. 


حركت والدتها رأسها بموافقة وهي تردد بخوف شديد :

  - خودي بالك من نفسك، وأول ما توصلي عندها طمنيني.. تليفونك يكون متاح على طول يا  آلاء".

  

هزت "آلاء" رأسها مرددة بتذمر شديد :

  - حاضر يا ماما. 

  

وأوصدت باب الشقة خلفها  متخذة من الدرج ساحة للركض والهبوط بلا تركيز ولا وعي، لتصطدم بـ "محمود"  الذي كان يستشيط غضبًا من طليقته، ليرفع أنظاره إليها صارخًا بها بقوة غاشمة :

  - إنتِ  عامية  ولا إيه؟.. مش تفتحي. 

  

اشتعل الغضب بأوردتها وانطلقت شرارته بأحداقها وهي ترمقه بغيظ شديد صارخة به :

  - لا يا خِفة مش عامية، وأكيد مش قليلة الذوق زيك.. بعد إذنك. 

  

ومالت قليلاً تتخطاه  وهي تواصل هبوطها بغيظ شديد أنها لم تلقنه درسًا يستحقه، لكنها غير مستعدة لإضاعة دقيقة واحدة مع الآن. 

  

  دمتم في آمان الله وحفظه.

فاطمة علي محمد

أوهام


رواية أوهام الفصل الرابع 4 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية أوهام)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)


روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات