رواية أوهام الفصل الرابع 4 بقلم فاطمة على
رواية أوهام البارت الرابع 4
رواية أوهام الجزء الرابع 4
رواية أوهام الحلقة الرابعة 4
رواية أوهام |
رواية أوهام الفصل الرابع 4
الفصل الرابع.
قسم شرطة المنصورة.
كان "أيمن" يحتل مقعده بجسد متشنجة جميع أعصابه وهو ينفث دخان سيجارته بالهواء بعصبية مفرطة متذكرًا هيئة معشوقته قُربه بعدما علمت بأمر اقتراب موعد الزفاف، ليدهس سيجارته بين قبضته بقوة غير عابئ باحتراق مسامه أو ربما هذا الحرق لا يضاهي قوة حرق قلبه وآلامه، ليهمس بشك كبير شاردًا بدوامات الدخان حوله:
- رفضها ده ما يطمنش، أكيد فيه سبب قوي خلاها ترفض وبالشكل ده، وده اللي لازم أعرفه وبأي وسيلة كانت.
ونهض من مقعده وهو يفتح درج مكتبه ملتقطًا سلاحه الميري يضعه بحافظته الجلدية التي تحاوط كتفيه وصدره مغادرًا المكتب بخطى واسعة.
************
بشقة "هند"
كانت تأكل الأرض ذهابًا وإيابًا بخوف شديد وهي تقضم أظافرها هلعًا قبل أن تقبض على خصلاتها المنسدلة بقوة هاتفة بحدة تستدعي المربية التي ترافقها طوال فترات وجودها بالقاهرة وهي سيدة ستينية طيبة الخصال والملامح، تحب "هند" كابنتها وتحافظ عليها بروحها :
- دادا.
أتتها المربية على عجل مرددة بتعجب لأمر "هند" الهادئة، المسالمة دائمًا :
- أيوه يا "هند" يا بنتي.. مالك.. فيكي ايه؟
حركت "هند" رأسها بنفي وهي تردد بصوت حاد متلعثم :
- مفيش.. "آلاء" جاية دلوقتي وهتتغذا معايا.. انزلي هاتي أكل من المطعم اللي على أول الشارع.
ضيقت المربية أحداقها بدهشة مرددة :
- ليه يا بنتي.. خير ربنا كتير وأنا عاملة أكل يكفي ويفيض.
تضاعف توتر "هند" وارتباكها وهي تفرك كفها بطرف منامتها القطنية مرددة بحدة شديدة :
- لأ.. مش هناكل أكل بيتي النهاردة.. انزلي زي ما بقولك، هاتي طواجن ومشاوي.. بس تكون سخنة وطازة حتى لو استنيتي ساعتين.
تعجبت المربية من هيئة "هند" إلا أنها انصاعت لأوامرها وهي تومأ لها برأسها مرددة :
- اللي تحبيه يا بنتي.. شوفي عايزة ايه تاني أجيبهولك وأنا جاية.
حركت "هند" رأسها بنفي مرددة :
- مفيش حاجة.. هاتي بس اللي قولتلك عليه.
- حاضر يا بنتي.. بعد إذنك.
واتجهت نحو غرفتها ترتدي عباءتها السوداء وحجابها متجهة صوب باب الشقة تفتحه لتجد "آلاء" كادت أن تضغط زر الناقوس، لتردد بجدية :
- إزيك يا دادا.. أومال "هند" فين؟
أجابتها المربية بإبتسامة خفيفة :
- الله يسلمك يا بنتي.. "هند" جوه ادخلليها... شكلها مـ..
لم تُكمل المربية كلماتها وكانت قد انضمت إليهم "هند" تجذب يد "آلاء" للداخل وهي تردد بصرامة:
- روحي انتِ يا دادا شوفي هتعملي إيه.
وأوصدت الباب خلفها بإحكام لتجذب يد "آلاء" إلى غرفتها وقد تعالت شهقاتها بقوة وهي تردد بهلع شديد :
- أنا في مصيبة ومش عارفة أعمل إيه.
قبضة أخرى أقوى تُحْكم على قلب "آلاء" التي زاغت أبصارها وهي تتعلق بكتف صديقتها مرددة بخوف شديد:
- مصيبة إيه يا بنتي؟ .. فيه إيه؟.. أنا مش فاهمة حاجة.
انهمرت عبرات "هند" وهي تردد بارتباك شديد :
- "أيمن" وجدي حددوا الفرح يكون الأسبوع الجاي.
تنهدت "آلاء" براحة قوية وهي تحرك رأسها بسعادة :
- ألف مبروك يا حبيبتي.. طب فين المشكلة بقا؟.. لو على الكلية أنا هجيب لك المحاضرات واشرحلك كل حاجة كمان..
قاطعتها "هند" بأسى شديد :
- أنا رفضت، وقولت لـ "أيمن" إني مش مستعدة دلوقتي خالص.
ضيقت "آلاء" أعينها بدهشة واستنكار مرددة :
- نعم!.. يعني إيه مش مستعدة؟!.. مش ده "أيمن" ابن عمك وحبيبك واللي كنتي بتحلمي باليوم اللي يتقفل عليكم فيه باب واحد.. إيه اللي اتغير بقا؟
ازدردت "هند" ريقها بهلع وترقب وهي تردد :
- أنا مش بنت بنوت يا "آلاء".
نزلت هذه الكلمات كصاعقة قاتلة على رأس "آلاء" و عيناها تتسع بصدمة حتى كادت أن تخرج من محجريهما وهي تهز رأسها بتساؤل مرددة بهذيان شديد :
- يعني إيه؟.. مش فاهمة حاجة.. إيه اللي انتي بتقوليه ده؟.. و إزاي؟.. ومع مين؟.. أيمن"؟.. طب لو هو خايفة ليه؟.. حد تاني؟
كلمات صديقتها دوت برأسها كصخرة صماء، واستقرت بقلبها كخنجر مسنون أصاب أوردة القلب بطعنة غدر، فصديقتها تهذي بهذه الكلمات المنطقية للجميع، فما بال معشوقها؟، لتهمس بحشرجة قوية خالطت عبراتها الهاطلة :
- انتي بتقولي إيه؟.. إزاي تفكري فيا كده؟
انهمرت عبرات "آلاء" هي الأخرى وهي تحاوط كتفي صديقتها بيدٍ مرتجفة مرددة :
- أنا مش قادرة أفكر ولا أستوعب.. أرجوكي ما تسبيش دماغي لشيطاني وقوليلي فيه إيه وإزاي ده حصل؟.. مليون سيناريو بيدوروا في دماغي وكلهم أسوأ من بعض.. أبوس ايديك اتكلمي يا "هند".
ابتعدت "هند" عنها قليلًا تستند على طرف الفراش وهي تسمح لجسدها بالتراخي حتى جلست تمامًا باكية بحرقة شديدة :
- كنت سبع سنين وقت المغربية كنا راكبين عجل أنا وولاد أعمامي.. في سباق على مين يوصل عند الترعة الأول، هما سبقوني واختفوا من قدامي تمامًا.. وأنا خوفت وجريت بالعجلة وأنا بنادي عليهم، مختش بالي من المطب.. العجلة طارت لفوق وأنا معاها، اتهبدت هبدة جامدة.. وفي الآخر وقعت على الأرض والعجلة فوقي، رجليا اتجرحت من العجلة، فجأة لقيت رجلي وضهري مش قادرة أحركهم، بكيت بأعلى صوتي لحد ما ولاد عمي رجعوا وخدوني معاهم ورجعنا البيت.
كانت "آلاء" تتابع حديثها بتركيز شديد وهو تومأ لها برأسها تحثها على الاسترسال، لتغمض "هند" أعينها بقوة وهي تردد بوجع شديد :
- روحت البيت ويومها جدي وأمي جريوا عليّا مخضوضين من منظر الدم اللي مغرق هدومي، اطمنوا وضمدولي جروح رجليا.. شوية على ماقدرت أقف على رجلي ودخلت الحمام لقيت هدومي عليها بقعة دم تانية خالص، يومها قولت دي أكيد من الجروح اللي في رجلي فما شغلتش بالي، وغسلتها ولبست هدوم نضيفة وروحت نمت.. فضلت يومين تلاتة مرعوبة و بيجيلي كوابيس، بس بعد كده نسيت وكملت زي أي طفلة في العيلة.
حركت "آلاء" رأسها باستنكار شديد مرددة :
- وإيه دخل ده بالعذرية يا "هند"؟!
ابتلعت ريقها الجاف بمشقة مرددة بأسى:
- أنا كنت فاكرة كده، عشان كده وافقت على خطوبة "أيمن" وكنت بستنى اليوم اللي هكون فيه في حضنه، لحد اليوم اللي رجعت فيه البلد.. وأنا في الطريق بقلب على الفيس بوك لقيت مشكلة لبنت بتقول إنها فقدت عذريتها بسبب ركوب العجل، افتكرت حادثتي دي وفضلت أبحث في الموضوع ده على جوجل لقيت احتمالية حاجة زي كده تحصل فعلًا.. هو احتمال ضعيف بس وارد.. اترعبت وقتها.. بس قولت مش هبين لحد وهروح لدكتورة أطمن.. بس صدمتي كانت لما لقيت جدي حدد الفرح بعد أسبوع.. قوليلي أعمل إيه يا "آلاء".. إحنا فلاحين وعندنا الموضوع ده حياة أو موت.. أعمل إيه؟
وتعالى بكاءها بنحيب ولتخطو نحوها "آلاء" جالسة إلى جوارها تحتضنها بقوة مربتةً على كتفها وهي تردد بمؤازرة :
- ماتخافيش يا حبيبتي.. والله مفيش حاجة من اللي في دماغك دي صح، مليون بنت بتركب عجل ومفيش الكلام ده بيحصل، وبعدين إنتي ست البنات كلها، والدنيا كلها بتشهد بأخلاقك.
شددت "هند" من احتضان صديقتها متعلقة بعنقها كغريق يتعلق بقشة النجاة مرددة بهلع شديد :
- "أيمن" لو اكتشف حاجة زي دي هيقتلني يا "آلاء".. ساعديني أطمن بالله عليكي.. والله لو ده بجد لأقتل نفسي.. أنا مش هتحمل.. والله ما هتحمل يا "آلاء".
شددت "آلاء" من احتضان صديقتها أكثر وهي تردد متضرعة لله :
- استرها معانا يارب.. بإذن الله كله هيكون بخير وهنطمن يا قلبي.. هنطمن.
***********
شقة " مصطفي الخشاب"
كانت "سالمة" تحمل آخر الأطباق من أعلى طاولة الطعام متجهة به صوب المطبخ وهي تردد بإبتسامة خفيفة :
- أعملك الشاي دلوقتي يا "مصطفي"؟
اتجه "مصطفي" نحو الأريكة يحتلها وأنامله تتحرك بخشوع شديد مخللة حبات مسبحته خلالها وهو يردد بمشاكسة خفيفة :
- بالنعناع يا "أم لولو".
اتسعت إبتسامة "سالمة" وهي تسحب وعاء الشاي تعبئه مياه باردة، فهذا هو أحب الأسماء إليها، لتعلو تلك الدقات المنتظمة على باب الشقة، فهتف "مصطفي" وهو ينهض من مجلسه متجهًا صوب الباب :
- حاضر.
فتح الباب بإبتسامة واسعة حينما وجد "محمود" يقف قبالته، ليردد بحفاوة كبيرة :
- أهلًا يا "محمود" يا ابني.. اتفضل.
وتنحى جانبًا سامحًا له بالولوج وهو يشير بيده نحو الأريكة مرددًا :
- نورت البيت يا ابني.. اتفضل.
جلس "محمود" بالموضع المسموح له بذلك وهو يردد بإبتسامة خفيفة :
- أهلًا بحضرتك يا عم "مصطفى".. أنا أسف إني جيت من غير ميعاد.
جلس "مصطفي" بالمقعد المقابل له مرددًا بود كبير :
- ما تقولش كده يا ابني ده بيتك ومطرحك، وخالك الله يمسيه بالخير كان ونعم الأخ والجار، وإنت كمان كنت ونعم الجار في الست شهور اللي فاتوا دول.
ابتسم "محمود" إبتسامة هادئة وهو يردد بمحبة ودودة :
- تسلم يا عم "مصطفى" ، وربنا وحده اللي يعلم إني لقيت في البيت ده راحة ما لقيتهاش في أماكن تانية كتير.
انضمت إليهم "سالمة" بإبتسامة حافية وهي تضع صينية الشاي أعلى الطاولة مرددة :
- إزيك يا باشمهندس أخبارك إيه؟
رفع "محمود" أنظاره نحوها مرددًا بود كبير :
- الله يسلم حضرتك يا طنط.. لو سمحتي ممكن تقعدي لأني عايزكم في موضوع مهم.
ضيقت "سالمة" أعينها بتساؤل وهي تتجه بأنظارها المتسائلة نحو زوجها الذي أشار لها برأسه بالجلوس مغمغمًا بإبتسامة جادة بعدما اتجه بأنظاره نحو "محمود" :
- أؤمرنا يا ابني.
جلست "سالمة" بمقعدها بنظرات فضولية كادت أن تفتك بها لولا تدخل "محمود" الحاسم بكلمات جدية ودودة وهو يبادل النظرات بين "مصطفي" وزوجته بمحبة كبيرة :
- أنا اسمي "محمود سليمان" مهندس تكنولوجيا واتصالات عندي ٢٩ سنة والحمد لله بشتغل في شركة وراتبي كويس، وكمان بأسس لشغلي الخاص
كانا "مصطفي" و"سالمة" يتابعان الحديث بتعجب شديد وتركيز أشد، ليسترسل "محمود" بنفس الجدية :
- سبق لي الجواز قبل كده لفترة خمس شهور تقريبًا بس ربنا ما ارادش إننا نكمل وانفصلنا بكل ود واحترام، حاليًا منفصل بقالي عشر شهور بس للأسف حاسس إني مش مستقر نفسيًا ولا اجتماعيًا.
حرك "مصطفي" رأسه بتساؤل مغمغمًا :
- مش فاهمك يا ابني.. تقصد إيه؟
سحب "محمود" نفسًا عميقًا وهو يطالع عيني "مصطفي" مرددًا :
- من يوم ما سكنت معاكم هنا في البيت وأنا لافت نظري أدب واحترام أنسة "آلاء"، واسمحلي يا عمي أنا جاي أطلب إيدها ولو لاقدر الله حصل رفض إحنا في الأول والآخر أهل.. تقدر تاخد رأي الآنسة "آلاء" وكمان تقدر تسأل عليا في شغلي وفي سكني القديم وفي سكن أهلي كمان.
صدمة قوية ألجمت "مصطفي" للحظات تغلب عليها متظاهرًا بالجمود بينما لم تستطع "سالمة" التغلب على صدمتها مثله فقد ظهر عليها الضيق والحنق جليًا أابنتها مُعابة كي تتزوج من رجل مُطلق؟.. وما هذه الجرأة التي أتت لهذا الضيف الذي بات غير مرغوب بوجوده الآن؟، ليلحظ "محمود" هذا فيتحدث بود أكبر :
- أنا عارف إني ظروفي تخليكوا تفكروا مليون مرة أو ترفضوا كمان بدون أي تفكير، كون اني اتجوزت وانفصلت في خلال خمس شهور ده لوحده كفيل إنه يثير شكوك الدنيا، بس حضراتكم بسؤالكوا عني هتعرفوني أكتر، أنا مستعد لتقديم كافة الضمانات المطلوبة، بس الأهم من ده إن بشهد الله إني أحافظ عليها وأراعي كل حدود الله فيها، وإني أتقيه فيها وأفديها بروحي وعمري.
تنهد "مصطفي" تنهيدة حارة وهي يصبغ طابع الجدية الحكيمة بنبرة صوته مرددًا :
- ربنا يقدر الخير يا ابني.. اديني كام يوم وهرد عليك.
دمتم في آمان الله وحفظه
فاطمة علي محمد
أوهام
رواية أوهام الفصل الخامس 5 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية أوهام)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)