رواية أوهام الفصل السادس 6 بقلم فاطمة على
رواية أوهام البارت السادس 6
رواية أوهام الجزء السادس 6
رواية أوهام الحلقة السادسة 6
رواية أوهام |
رواية أوهام الفصل السادس 6
الفصل السادس
شاشة جوال مضيئة بتلك القلوب الحمراء المتصاعدة بتزاحم عجيب لمئات الآلاف من المتابعين، منهالين بسيل عارم من تعليقات الإشادة والإعجاب لتلك الفتاة الجميلة التي أصبحت رسائلها طاقة دفع قوية لهم، اليوم كانت على عكس عادتها تتحدث بحنين يملئ نبرة صوتها الشجنة وهي تردد بجدية تامة :
- الاحتياج.. هو الإحساس اللي بيخلينا دايمًا ملهوفين للقا.. سواء ده كان لقا حبيب أو صديق أو أخ أو حتى هدفك وحلم... حلمك اللي نفسك تحققه طول عمرك بيكون بدافع الاحتياج.. محتاج توصل له عشان ترضي شعور جواك، أيًا كان الشعور ده إيه.. بتجري بكل لهفة تحضنه يوم ما تحققه وتوصله.. زي الطفل التايه في طريق حتى لو كان الطريق ده مليان ناس.. ممكن يكون مش شايفها أصلًا ولا محتاجها.. كل اللي محتاجه هو حضن أمه عشان يحسسه بالأمان.
واعتدلت بجلستها قليلًا وهي تستند بذقنها أعلى راحتها مسترسلة :
- الحب والاحتياج وجهين لعملة واحدة.. يعني عمرك ما هتحتاج حد إنت مش بتحبه أصلًا.. وكل ما نحب الانسان ده كل ما احتياجنا له هيزيد... عارفين أقوى لحظة احتياج في حياتنا بتكون أمتى؟.. بتكون هي لحظة ضعفنا .. يعني لما نتوجع بنحتاج حد يطبطب علينا ويداوينا، لما نخاف نحتاج حد يطمنا وياخدنا في حضنه، حد حتى لو كان في اللحظة دي ضعيف زينا ويمكن أكتر بس بيقوينا وبنستقوى بيه.. إوعى تخذل حد احتاجك يوم.. إوعى تنهره في عز ضعفه لأنها عمرها ما هتتنسى
.. السؤال اللي دايمًا بيراودني أنهي الدافع للتاني؛ الاحتياج هو دافع الحب، ولا الحب هو دافع الاحتياج؟
يعني إحنا بنحتاج للشخص ده لأننا بنحبه، ولا بنحبه لأننا محتاجينه في حياتنا؟
وده سؤالي ليكم النهاردة وهستنى أجوبتكم في الكومنتات وعلى رسايل البيدج.. دمتم في سعادة دائمة.. "لولا".
وضغطت زر فصل البث المباشر مستديرة بمقعدها الدوار وهي تنزع عنها شعرها المستعار متنهدة بعدم راحة بعض الشيء
**********
بيت السلاموني.
بالقاعة الكبيرة كان يجلس الحاج "رشوان السلاموني" متوسطًا للأريكة الرئيسية التي تواجه باب القاعة مباشرة، مستندًا بذقنه أعلى قبضته الحاكمة بقمة عصاه العاجية المقوسة برأس أسدٍ حكيم وهو يضيق أحداقه بقوة مصنتًا لحفيده "أيمن" الذي يجلس جواره بثبات قوي مرددًا بجدية أقوى :
- يا جدي إحنا مش عاوزين هيصة ولا زيطة، إحنا هننزل مصر نعمله في أكبر فندق فيها، وبعدين لو مصمم ندبح الدبايح ونوزعها على الناس وخلاص.
تنهد "رشوان" بقوة وهو يميل برأسه قليلًا نحو حفيدته المدللة، لتردد بعُجالة :
- أنا معاك يا جدي في اللي تشوفه، لو هتعمل حتى ألف ليلة وليلة في البلد هنا، براحتك خالص.
رمقها "أيمن" كمدًا وهو يضيق أحداقه بغيظ شديد مغمغمًا باستنكار أشد :
- طب وشغلي، وكليتك؟!
اتسعت عينا "هند" للحظات قبل أن تهتف بنفي شديد :
- لا.. أنا هكون في كليتي عادي، وجدي وأعمامي هنا يفرحوا في وسط الناس.
رفع الحاج "رشوان" رأسه منتصبًا بجذعه وهو يطرق عصاه بالأرض بقوة مرددًا بحزم شديد :
- خلصتوا كلامكوا؟.. بتتفقوا وتقرروا ولا كأن ليكم كبير لسه عايش على وش الدنيا.
مالت "هند" برأسها نحو يده جدها القابضة للعصاة مقبلة إياها باحترام كبير مغمغمة بأسف شديد :
- أنا أسفة يا جدي.. بس والله عندي كلية ومحاضرات، يعني مش هينفع أكون موجودة كل الأيام اللي حضرتك بتقول عليها دي.
كما مال "أيمن" نحو كتف جده يقبلها بقوة ومن ثم يربت عليها مرددًا :
- أنا ممكن أحضر يومين، إنت عارف شغلنا يا جدي.
انفرجت إبتسامة جانبية متهكمة من فم الحاج "رشوان" وهو يردد بسخرية كبيرة :
- طول عمركم متسرعين ومابتعرفوش تحكموا على الأمور صح، ليكم بالظاهر بس، بتاخدوا نص الكلام ومابتصبروش لما يكمل لآخره.. الفرح هيكون أسبوع كامل زي ما قولت، لكن إنتوا وجودكم هيكون يوم واحد بس، وباقي الأيام أنا وأبهاتكم وعمامكم اللي هنكون وسط الناس.
والتفت نحو "أيمن" صافعًا إياه على وجنته بحنو شديد مرددًا بعتاب :
- طب هي بنت وماتعرفش عوايدنا كلها، لكن إنت راجل وشغلك معانا هنا في وسط الناس يبقى تنسى عوايدنا يا ابن "ابراهيم"؟
ابتسم "أيمن" إبتسامة خجلة وهو يردد بمحبة صادقة :
- حقك عليا يا جدي.. بس إنت عارف إن فيه شدة جامدة الأيام دي بسبب حوادث القتل اللي حصلت اليومين دول.. بس شوف حضرتك حابب أكون موجود إمتى وأنا جاهز وتحت أمرك.
أغدق الحاج "رشوان" حفيده بنظرات محبة حانية وهو يربت على يده بمؤازرة مرددًا بدعاء :
- ربنا يكفيك شر فواجع الأقدار يا ابني.. ونفرح بيكم وبعيال عيالكم يارب... يلا قوم وابعتلي أبوك وعمك عشان نرتب لكل حاجة.
والتفت بأنظاره نحو "هند" مرددًا :
- سايبلك مع أمك خمسين ألف جنيه تجيبي بيهم اللي انتي عاوزاه، ولو إحتاجتي أي حاجة قوليلي.
اتسعت إبتسامة "هند" وهي تردد بسعادة كبيرة :
- ده كتير قوي يا جدي.
انفرجت إبتسامة أكثر حنوًا من ثغر "رشوان" وهو يردد :
- مش كتير ولا حاجة.. قومي يلا شوفي هتعملي إيه.
**********
سحبت "آلاء" باب شقتهم بهدوء وإصرار لملاقاة هذا العريس المفاجيء، والذي ما أن رمقها هو الآخر من خلف زجاج باب شقته _كمن كان ينتظرها_حتى فتحه مغادرًا بخطى ثابتة و توقف أمامها تمامًا يطوفها بنظرات زائغة تبحث عن رد صريح أو حتى مبهمًا بعينيها، لتعفيه هي من طول الانتظار حينما تفوهت بكلمات مباشرة :
- عايز تتجوزني ليه؟
أي قوة هذه التي أتت بها لتسأل هذا مباشرة، سؤال صفعه برأسه وبقوة لتتطاير الكلمات والأحرف داخله للحظات شرد فيها في بحار أعينها العميقة والتي كانت تجذبه للغوص بأعماقهما بقوة لينتصر على هذا أخيرًا محمحمًا بخفوت، لتردد هي بذات النبرة الهادئة :
- عايز تتجوزني ليه؟
أجابها بصدق شديد وأنظاره ترتكز بأحداقها :
- قبل دقيقة واحدة بس كنت هقولك مناسبة ليا بكل المقاييس، من بيت أصول، وليكي كبير، ومحترمة، ومتعلمة، وجميلة ، لكن بعد الدقيقة دي لقيت إجابة تانية خالص.
عقدت جبينها بدهشة واستنكار مغمغمة :
- إجابة تانية؟!
أماء لها برأسه مرددًا :
- عنيكي بحر غريق، شدني ليه من غير ما أحس، فيها جاذبية غريبة خلت دقة في قلبي تخرج عن النغمة، حسيت أني شوفتها قبل كده، وإني أعرفها كويس قوي.. أنا شفتك قبل كده يا "آلاء".
مشاعر متضاربة تعصف بقلبها ما بين سخريتها من كلماته فهذا الأحمق يراها دائمًا كونه الجار الأول لها، وبين ارتباكها من تفوهه بأحرف اسمها التي صاحبتها رجفة صوت عجبية رقصت لها أوتار فؤادها، ليستشعر هو هذه الحيرة، فيتفوه مسترسلًا :
- أنا مش بتوهم على فكرة، أنا فعلًا جوايا شعور بيأكدلي إني شفتك قبل كده، شفت العيون دي قبل كده..
ارتباك قوي زلزل كيان "آلاء"، لتحرك رأسها بتوتر هاربة من نظراته الثاقبة هذه وهي تدلك جانب عنقها هامسة بحشرجة بعض الشيء:
- لازم أمشي.. بابا هيرد عليك.
وركضت نحو باب شقتهم بقلب تتلاطم دقاته وتتداخل بتناغم عجيب وهي توصد الباب خلفها راكضة نحو غرفتها بهرولة، بينما تابع "محمود" أثرها ببريق لامع بأحداقه ولهيب هادر بأنفاسه المضطربة، لتشتعل تلك النيران بقلب من كانت تتابع هذا الحديث متوارية بحائط الدرج السفلي وهي تحكم قبضتها بقوة صاكة أسنانها بغضب عارم وهي تنتوي الإنتقام منه وإفساد كل خططه المستقبلية.
************
كان "أيمن" بغرفته يبدل ثيابه قبل الذهاب إلى عمله بعد استدعائه العاجل، ليظهر الحزن جليًا على قسماته وهو يتنهد بقوة جالسًا على طرف سريره رافعًا أنظاره لأعلى هامسًا بخفوت :
- يارب.. يارب ما يكونش حاجة حصلت ليها في اليوم ده.. مش عشان أنا مش واثق فيها، بالعكس دي ثقتي فيها أكتر من ثقتي في نفسي، لو الدنيا كلها غلطت أنا متأكد إن "هند" عمرها ما تغلط، ومتأكد إنها نقية وطاهرة روح وجسد.. بس يارب أنا راجل والموضوع ده هيفرق معايا، وهحس فيه بكسرة وشرخ طول العمر، وممكن أضعف واتغير معاها.. يارب أنا بحبها ومش عايز أظلمها في يوم لأي سبب من الأسباب.. يارب دي حب عمري اللي بستقوى بيه، واللي عايش عشانه.. يارب جمل حياتنا بسترك ورضاك يارب.. يارب قدرني على شيطاني.. يارب.
لتقطع خلوته هذه تلك الدقات الهادئة بباب الغرفة، ليسحب نفسًا عميقًا يتجلد بقوته وهو يلتفت نحو الباب مبتسمًا مرددًا برجولة :
- ادخل.
دُفع الباب بهدوء، لتظهر خلفه "هند" بطلتها الآسرة لفؤاده، ليهب من مجلسه ناهضًا نحوها بإبتسامة واسعة مرددًا بعشق وله :
- "هند".
أشارت له بيده أن يتوقف وولجت هي إلى الغرفة تقترب منه وسط نظرات الدهشة والتعجب التي تسيطر على كافة معالمه، لتتحرر كلماته :
- أول مرة تدخلي أوضتي!.
انفرجت إبتسامة خجلة تزين محيى "هند" وهي تخطو نحو أحد المقاعد تجلس بطرفه بارتباك دفين جاهدت لبتره إلا أنه تغلغل على السطح فظهر جليًا على يديها المرتجفة ونبرة صوتها المهزوزة وهي تردد :
- إنت جوزي شرعًا، وكمان الباب مفتوح.
رقص قلب "أيمن" لهذه الكلمة وهو يقترب من فراشه جالسًا على طرفه ثانية مرددًا بإبتسامة واسعة :
- لا.. طالما فيها جوزي شرعًا، يبقى أكيد الموضوع كبير.
حركت رأسها بنفي مرددة بهدوء :
- ولا كبير ولا حاجة.. إحنا بس ما اتكملناش من اليوم إياه، وانت اللي رفضت الكلام وأنا حاولت أجاريك في ترتيبات الفرح مع جدي ومع بابا وعمي، بس جوايا حتة حاسة بضعف وخوف.. عشان كده أنا جاية أحلك من أي وعد بينا.
اشتعل الغضب بقلب "أيمن" وهو يميل نحوها بجذعه مرددًا بصرامة مستنكرة :
- تحليني من أي وعد بينا!.. إنتي شايفاني إيه بالظبط يا "هند"؟.. وبعدين إنت ليه حابه تعيشي دور مش دورك أساسًا؟ .. ليه حابة تعيشي دور المنكسرة؟ واللي مش لايق عليكي على فكرة.. أنا عمري ما شفتك بالضعف ده.. و عمري ما هتجوزك شفقة ولا إحسان، أنا لو عندي شك واحد في المليون كنت اديتك ضهري ومشيت.. افرحي يا بنت عمي وعيشي فرحتك وخليها تظهر على وشك عشان أهلنا مايستهلوش الحزن.. أنا هتجوزك لأنك حب عمري، ولأنك الوحيدة في الدنيا اللي اديها اسمي وأنا مغمض ومطمن، الوحيدة اللي متأكد إنها هتربي عيالي على حب ربنا والقرب منه، وهتعلمهم يعني إيه شرف وعفة وصلة دم.. قومي يا "هند" شوفي هتعملي إيه.. أنا لازم أخرج دلوقتي وعشان خاطري شيلي الأوهام اللي في دماغك دي.
طوفته بأحداق بارقة بعبرات عشق متيم، لتنهض من مقعدها راكضة نحو الخارج قبل أن تلقى بجسدها بين ذراعيه، ليزفر هو زفرة قوية ويتبعها مغادرًا إلى قسم الشرطة.
دمتم في آمان الله وحفظه.
فاطمة علي محمد
أوهام
رواية أوهام الفصل السابع 7 والأخير من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية أوهام)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)