رواية أوهام الفصل السابع 7 والأخير بقلم فاطمة على
رواية أوهام البارت السابع 7 والأخير
رواية أوهام الجزء السابع 7 والأخير
رواية أوهام الحلقة السابعة 7 والأخيرة
رواية أوهام |
رواية أوهام الفصل السابع 7 والأخير
الفصل السابع والأخير
كانت "آلاء" بغرفتها تستلقي على فراشها عاقدة ساعديها أعلى صدرها وهي تنظر إلى السقف كعادتها دائمًا في التفكير في أمورها الهامة، تتذكر صوته المتنغم باسمها، تتذكر رجفتها أمامه، تتذكر حديثه المفاجئ والمخالف لجميع توقعاتها، فهي بالأساس كانت تبحث عن مخرج لرفضه، كانت تبحث عن سبب صريح تقدمه لأهلها لإنهاء هذا الأمر ، فهو ليس فتى أحلامها، ولم يكن يومًا يلفت انتباهها، تراه رجلًا يفتقد لأقل أصول الذوق والاحترام، ترددت كلمة جميلة بمسامعها لتعقد جببنها بدهشة واستنكار وهي تحرر يديها ناهضة نحو مرآتها تستكشف هذا الجمال وهذه الجاذبية التي يلحظها الجميع عداها!.. كيف أكون جميلة ببشرتي السمراء هذه؟!.. نعم أتمتع بأعين جميلة أحبها كثيرًا، كما أحب ليل شعري المنسدل، حررته من حلقته المطاطية لينسدل بكامل حريته مغطيًا ظهرها، لتهمس بخفوت :
- ليه كل الناش شايفاني حلوة وأنا مش قادرة أشوف ده.
وأمعنت النظر لإنعكاس صورتها بالمرآة للحظات طويلة، لتبرق عينيها ببريق لم تحظ به يومًا، بريق أضاء لها عتمة نفسها ، لتنفرج إبتسامة خفيفة بثغرها وهي تلحظ جمالها حقًا، أو ربما ما طغى عليها هو جمال داخلها الذي بدأ يشع بشرارة إعجاب تلوح في الأفق.
دقات خفيفة بباب غرفتها جذبتها من شرودها هذا، لتحيد بأنظارها نحو الباب مرددة بتنهيدة حارة :
- إدخلي يا ماما.
دُفع الباب وولج والدها وهو يردد بإبتسامة واسعة :
- طب وبابا؟
خطت نحوه بسعادة مرددة :
- يا نهار أبيض، أكيد اتفضل يا بابا.
لاحظ "مصطفى" بريق جديد بأحداق ابنته فاستبشر خيرًا وهو يجلس على طرف الفراش مرددًا بحنو شديد :
- تعالى اقعدي يا ست البنات.. عايز اتكلم معاكي شوية.
تراقص قلبها ارتباكًا وتضاعفت حمرة وجنتيها وهي تحرك رأسها بتساؤل رغم علمها بما هو آت مرددة :
- تتكلم معايا في إيه يا بابا؟
جذب "مصطفى" يد ابنته واجلسها جواره مرددًا بإبتسامة راضية :
- "محمود" جارنا طالب إيدك.
تضاعف توترها وهي ترمق والدها بصمت كشف ما يدور بذهنها، ليردد والدها بحكمة كبيرة :
- لازم تعرفي كل ظروفه، وتعرفي المزايا والعيوب للجوازة دي، والقرار في ايديك، أنا ما عليا غير إني أنصحك.
أبدت اهتمامها بحديث والدها معتدلة بجلستها ومنصتة بجميع حواسها، ليسترسل هو وأعينه معلقة بأحداقها:
- كان متجوز وطلق.
انتفض قلبها بقوة فهذه المعلومة رغم كونها تعلمها جيدًا إلا أن عرض والدها لها قبض قلبها وبقوة، ليلحظ، والدها هذا ويغمغم :
- ده مايعبوش على فكرة لأنه في الأول وفي الآخر نصيب ومحدش عارف نصيبه فين، السؤال الصح هنا هل إنتي هتقدرى تتحملي حاجة زي دي؟.. هتقدرى تتعايشي معاها ولا طول الوقت هتعملي مقارنات ممكن تكون في دماغك إنتي بس.
زاغت أنظار "آلاء" بخوف ليردد والدها بحنو شديد :
- إنتي أغلى حاجة عندي في الدنيا، ومفيش أي بني آدم يتقارن بيكي، وتستاهلي الدنيا كلها، و"محمود" انسان كويس ومن حقه يطلب اللي هو عايزه، وإنتي من حقك تقبلي أو ترفضي.. أكيد لازم تقعدي معاه هنا في البيت وتتكلموا وتسألي كل الأسئلة اللي بتدور في دماغك عشان تكوني رأي وتبني عليه قرارك.. وأنا معاكي في أي حاجة إنتي عاوزاها.
طوفت "آلاء" وجه والدها بحب كبير وهي تلقى بجسدها بين ذراعيه مائلة برأسها فوق كتفه مرددة :
- ربنا يخليك ليا يا حبيبي، ومايحرمنيش منك أبدًا يارب.
**********
مضت تجهيزات الزفاف كاملة وسط سعادة ودعوات أهل القرية للعروسين بالسعادة الأبدية والذرية الصالحة، لينفض الجميع مغادرين إلى ديارهم بينما ولجت "هند" بفستانها الأبيض وحجابها الذي ضاعف جمالها جمالًا وبراءة، تبعها "أيمن" ببذلته السوداء موصدًا باب الشقة خلفهما بهدوء وهو يتنهد بهدوء مغمضًا أعينه بقوة ومن ثم يفتحهما ثانية ليتأكد من حقيقة واقعه الذي يحياه، كانت "هند" تفرك طرفي فستانها بكلتا يديها بخجل شديد ورأسها منكسة لأسفل لتجد من يقترب منها بلهفة، فارتد جسدها للخلف قليلًا، إلا أن يده كانت قد حاوطت يدها برفق وهو يأخذها نحو أقرب أريكة ويُجلسها إلى جواره وهو يطوفها بنظرات ولهة هامسًا بعشق جارف :
- بحبك.. من يوم ما وعيت على الدنيا وأنا مستني اليوم ده.. اليوم اللي هتكوني فيه معايا.. معايا لوحدي، ويتقفل علينا باب واحد.
كانت تبادله نظرات خجلة ليرفع يدها نحو مضخته الثائرة واضعًا إياها أعلاها برفق هامسًا بصدق :
- محدش قدر ولا هيقدر يقرب من مكانك هنا.. وحياة كل نبضة في قلبي ما هيدق غير ليكي.
تغلبت مشاعر العشق على مشاعر الخجل لتفيض بأحداقها، وتحرر كلماتها الولهة :
- بحبك.. وعمري ما حبيت ولا هحب غيرك.. أوعدك إني هعمل أي حاجة عشان أسعدك، وإنت كمان إوعدني إنك تسامحني لو قصرت في يوم.
حرك "أيمن" رأسه بنفي مرددًا باستنكار شديد :
- تقصري ؟!.. إنتي اللي تسامحني على تقصيري معاكي اللي هيكون والله غصب عني.. ممكن أطلب منك طلب؟
حركت رأسها بتساؤل، ليسترسل هو بحديثه العاشق :
- إوعي في يوم تنامي وانتي زعلانة مني، إوعي في يوم زعلنا ده ياخد أكتر من وقته، أو يعدي برة عتبة بيتنا.. لو حابة تفضفضي وتشتكيني.. اشتكيلي وأنا هسمعك وهجيبلك حقك.. إوعي تدخلي طرف تالت بينا في يوم..
أماءت له "هند" برأسها ليجذبها نحوه مقبلًا جبهتها بشفاهه المشتعلة برفق شديد مرددًا بعدما ابتعد عنها قليلًا :
- قومي غيري فستانك عشان نصلي ونتعشا.
أماءت له برأسها ناهضة من مقعدها قبل أن تتجه نحو غرفة نومهما التي رتبت كل ركن بها كما الشقة كاملة ، ليتنهد "أيمن" بقوة وهو يرفع أعينه نحو السماء مرددًا بتضرع شديد :
- يارب.
وفك رابطة عنقه وهي ينهض من مجلسه متجهًا نحو الغرفة الإضافية كي يبدل ثيابه، تاركًا كامل الحرية لمعشوقته.
*********
بشرفة شقة "مصطفى"
كانت تجلس "سالمة" بالمقعد المقابل لزوجها تحتسي الشاي الساخن وهي ترمق الشارع أمامها بأعين متفحصة بانتظار عودة ابنتها من فرح صديقتها "هند" لتردد بقلق شديد :
- البنت إتأخرت الساعة داخلة على عشرة ونص.
كان قلب مصطفى أكثر قلقًا وخوفًا منها بكثير، إلا أنه تجلد بالثبات وهو يرتشف شايه مرددًا :
- إحنا لسه قافلين معاه من دقيقة بالظبط وقالت إنها على ناصية الشارع، وإن الحاج "رشوان" والسواق بتاعه بذات نفسه اللي بيوصلولها.. وبعدين إنتي ماروحتيش معاها ليه؟
تنهدت "سالمة" بارهاق شديد وهي تنهض من مجلسها مستندة بساعديها على طرف سور الشرفة مرددة :
- كنت ناوية أروح معاها والله، بس السكر كان عالي قوي، وبعدين هي مع "هند" من الصبح.
ولمعت عيناها بسعادة وهي تتنهد براحة شديدة :
- أهي وصلت أهي.. الحمد لله.
تنهد "مصطفى" براحة وهو الآخر مرددًا بعرفان للمولى عز وجل :
- ألف حمد وشكر لله.. عقبال فرحتها يارب.. بكرا بإذن الله أرد على "محمود".. المهلة اللي اتفقنا عليها كده خلصت.
ذمت "سالمة" فمها بضيق وهي تجلس على مقعدها مرددة بحنق شديد :
- برضه هتقوله إنك موافق؟
زفر "مصطفى" زفرة قوية وهو يردد بنفاذ صبر :
- وانتي برضه هتفضلي تسألي نفس السؤال ده؟.. بنتك موافقة وبلغتني بكده ومحدش فينا غصب عليها، يعني ده قرارها الخاص.. وبعدين إنتي مش شايفة اللمعة اللي في عينيها، دي كفيلة بألف إجابة لوحدها.
ابتسمت "سالمة" ابتسامة خفيفة وهي تتذكر بريق عينين ابنتها للحظات قبل أن تذوب تلك الابتسامة ويحل محلها امتعاض شديد وهي تردد بحدة :
- برضه مش مرتاحة للموضوع ده، وياريت ما كان جه سكن قصادنا.
*****
بالأسفل.
ترجلت "آلاء" عن المقعد الخلفي للسيارة حاملة طرف فستانها الفضي اللامع مائلة نحو الأمام بإبتسامة واسعة وهي تردد بشكر وعرفان :
- شكرًا يا جدو.. مش عارفة أقولك إيه.
ابتسم الحاج "رشوان" بود كبير مرددًا :
- الشكر لله وحده يا "آلاء" يا بنتي.. أنا اللي مفروض أشكرك على وقفتك مع "هند" طول النهار.. اشكريلي والدك على حسن تربيتك.. يلا يا بنتي اطلعي الوقت اتأخر.
حملت "آلاء" حقيبة صغيرة تحوى ثيابها وباليد الأخرى تحمل طرف الفستان وهي تلج إلى مدخل البيت بإبتسامة واسعة، لتنطلق سيارة "رشوان" إلى طريقها.
اقتربت "آلاء" من الدرج لتجد من تردد اسمها بهدوء وخنوع :
- أنسة "آلاء".
ضيقت "آلاء" أحداقها بدهشة فهذا الصوت غريب عنها، لتستدير بنصف جسدها وهي تنظر لهذه المرأة الجميلة مرددة بإبتسامة خفيفة :
- أيوة.
اقتربت منها السيدة بهدوء وهي تطوفها بنظرات متشربة بكثير من الطيبة والبراءة :
- أنا "منى" طليقة "محمود".
رجفة قوية عصفت بقلبها من مجرد ذكر هذه الصلة، لكنها تجلدت بتلك الابتسامة المهزوزة وهي تضع حقيبتها أرضًا مستديرة نحوها بكامل جسدها مرددة بود كبير :
- أقدر أساعدك في حاجة.
حركت "منى" رأسها بنفي وهي تردد بشجن شديد:
- أنا اللي جاية أساعدك.
ضيقت "آلاء" أحداقها بتعجب مرددة :
- مش فاهمة.. تساعديني إزاي؟
تصنعت "منى" البكاء وهي تغمغم بصوت حزين :
- كنت موظفة جديدة في الشركة اللي "محمود" شغال فيها.. من أول يوم شافني فيه لقيته قرب مني، وكل يوم يقرب أكتر من التاني.. قالي إنه حاسس إنه شافني قبل كده.. وإني قريبة منه بشكل عجيب مش قادر يفسره.
خفقة قلب قوية تمردت، لتعصف بكامل كيانها فتلك الكلمات قد أطربتها من قبل، لتلحظ "منى" هذا فتستلذ قرب الانتصار وتستمر فيما تقوله بذات النبرة :
- حقيقي كلامه شدني وحسيت إني بدأت ارتاح ليه.. حبيته قوي، وهو كمان كان حبه ليا جنوني بشكل مش فاهماه، كان بيعمل كل حاجة عشان يرضيني وفعلًا قدر يعمل كده.. لقيته مستعجل على الجواز.. فرحت وقولت مش قادر يبعد عني، لحد ما اتجوزنا وأخدت صدمة عمري كله.
ضيقت "آلاء" أحداقها باستنكار مرددة بفضول شديد:
- صدمة إيه؟
أجابتها "منى" بألم تصنعته في نبرتها :
- طلع سادي.. مريض.. قاومته كتير بس مقدرتش.. حاولت معاه إنه يتغير بس برضه مقدرتش.. حاولت أوديه لدكتور يساعده بس رفض وقالي ببقى مبسوط وسعيد كده.. ماتحرمنيش من الحاجة الوحيدة اللي بحبها.. قولتله لو مااتعالجتش هسيبك.. نزل تحت رجلي وباسها وفضل يعمل حركات الكلاب وهو بيطلب مني إني ما ابعدتش عنه.. خفت منه.. خفت يإذيني في يوم.. وأطلقت منه.. قالي هكتبلك كل حاجة باسمك بس ما تبعديش عني.. بكى قدامي زي الطفل بس للأسف كنت اتأذيت منه نفسيًا كتير قوي.
كانت "آلاء" تتابع سيل المعلومات هذه وعبراتها تنهمر كفيضان جارف ، أَمَنْ سلمته قلبها بكل هذا السوء؟!.. لتستغل "منى" هذا وتربت على يدها مرددة بأسى شديد :
- أنا حبيت أحذرك عشان ما تغلطيش نفس غلطتي وتنبهري بكلامه الحلو.. أنا أجلت طيارتي ساعتين عشان أستناكي.. أنا ههاجر عند خالي في أمريكا لأنه لو عرف إنه قولتلك ممكن يقتلني لأنه مريض.. خودي بالك من نفسك.. بعد إذنك.
أماءت لها "آلاء" بذهول ورؤيتها لها ضبابية بفعل هذا الحاجز المائي، لتستدير "منى" بكامل جسدها وهي تغادر مدخل البناية وابتسامات النصر والتشفي تزين ثغرها.
صعدت "آلاء" الدرج بتخبط شديد وهي تستند على حاجزه مستمدة منه بعض القوة للصعود وكلمات "منى" تدوي بمسامعها تقارنها بكلماته لها، دقائق لم تعلم كم عددها حتى وجدته أمامها بابتسامته العاشقة كعادته يوميًا، فهو يكتفي بالنظر لها والاطمئنان عليها، المرة مختلفة تمامًا، فعلى عكس الطبيعي توقفت أمامه ترمقه بصدمة كبيرة، صورته مهزوزة أمامها، قطب جبينه بتعجب وهو يقترب منها مرددًا بلهفة كبيرة :
- إنتي كويسة؟
لم تسمعه قط، لكنها تقارن كلماته السابقة بصورته الحالية، لقد اتضح الأمر وتكشفت الحقائق، فقد كانت مخدوعة به، لتستدير نحو باب شقتهم تضع به المتاح بيد مرتعشة، فيسقط منها أرضًا، انتفض جسد "محمود" مع صوت ارتطام المفتاح، ليركض نحوها فتطرق الباب برعبٍ مستنجدة بوالدها الذي فتح الباب ملهوفًا وهو يهتف :
- مالك يا بنتي؟
ألقت بجسدها على صدره وهي تتشبث به بقوة هاتفة به باستجداء شديد :
- ابعدوا عني يا بابا.. لو بتحبني ابعدوا عني.
رفع "مصطفى" أنظاره المصدومة نحو "محمود" الذي حرك رأسه بنفي شديد قبل أن يُوصد باب الشقة بقوة بواسطة "سالمة".
********
استند "أيمن" برأسه نحو حاجر السرير وهو يضم "هند" بقوة إلى صدره العاري ونظرات السعادة تضج بأعينه، ليجذبها نحوه بقوة مقبلًا رأسها بعشق ولهة هامسًا :
- مبروك يا نبض قلبي.
تعلقت "هند" بعنقه بقوة وهي تدفن رأسها بين ثناياه بخجل شديد لم يستطع في طمس معالم الراحة الكبيرة التي سكن لها قلبها، لتميل بأعينها قليلًا نحو تلك البقعة الحمراء التي تتوسط هذا المنديل الأبيض وهي تتنهد بحمد للمولى عزوجل.
دمتم في آمان الله وحفظه.
فاطمة علي محمد
أوهام
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية أوهام)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)