📁

رواية عُرف صعيدى الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم تسنيم المرشدى

رواية عُرف صعيدى الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم تسنيم المرشدى

رواية عُرف صعيدى البارت الثالث والعشرون 23

رواية عُرف صعيدى الجزء الثالث والعشرون 23

رواية عُرف صعيدى الحلقة الثالثة والعشرون 23

رواية عُرف صعيدى بقلم تسنيم المرشدى

رواية عُرف صعيدى الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم تسنيم المرشدى
رواية عُرف صعيدى


رواية عُرف صعيدى الفصل الثالث والعشرون 23


عُرف صعيدي

الفصل الثالث والعشرون 

( لم يستطيع عليه صبراً )

______________________________________


_ انتبهت على صوته الذي قطع عليها حبال أفكارها بقوله:-

اديلي ساعة بنادي عليكي، غيرتي رأيك إياك!


_ انتفضت من مكانها نافية ظنه:-

لاه يلا بينا 


_ اقترب منها مصطفى وتناول يدها بين عقدة ذراعيه وبيده الأخرى حمل حقيبة سفرها، حمدت ورد ربها سراً بأنها تراجعت عن ما نوت الإفصاح عنه واختلقت مساراً آخر لحوارهما غير الذي كانت تسير عليه.


_ هموا إلى الخارج فتقابلا مع السيدة سنية في الممر المشترك بين الغرف، أسرع مصطفى نحوها وحمل عنها حقيبتها قائلاً:- 

عنك يا أم ورد 


_ أجابته ممتنة:- 

تسلم يا درش 


_ التفت مصطفى حيث تقف ورد وغمز إليها بعينيه هاتفاً بمشاكسة:- 

هستناكي تحت 


_ أماءت له بينما انصرف هو من أمامهم، اقتربت منها والدتها وعينيها لم تُرفع من على مصطفى بغرابة من أمره وسألتها بحيرة:-

كن مصطفى مروء النهاردة!


_ أخرجت وردة تنهيدة مهمومة وبنبرة مرهقة ردت عليها:- 

مصطفى ميستاهلش الحزن ياما مجدرتش أتبارد وياه رغم أن جوفي مفيهش غير خوف 


_ تأففت لتلك الظروف التي قلبت حياتها رأساً على عقب بين ليلة وضحاها، ربتت والدتها على ظهرها بحنو مصحوب بالشفقة على حالتها وقالت مواسية إياها:-

ربنا كابير وجادر يجبر بخاطرك يا حبيبتي


_ بنفاذ صبر أردفت بتوسل:- 

يارب هون بجا 


_ تابعن سيرهن إلى الطابق الأول، بينما على الجانب الآخر لم يرضي خليل ذهاب ورد فلقد ظن بإعطاء مصطفى فرصة معها سينجح في إقناعها بالبقاء وعدم الرحيل لكن ما يهون عليه وجه مصطفى البشوش الذي يؤكد عدم رفضه للفكرة فذلك يكفيه..


_ قابلهم بإبتسامة وألقى التحية عليهم:- 

صباح الخير يا جماعة 


_ أجابنه في نفسٍ واحد:- 

صباح النور 


_ نادى خليل بنبرة جهورية أثارت فضول الواقفين:- 

عسران


_ أعادت ورد وشاحها على وجهها ومن ثم حضر عسران ملبي نداء سيده:- 

نعم يا عمدة؟


_ حادثه خليل بأمر:-

حضر الحاجة اللي اتفجنا عليها وخلي الرجالة يحملوها في عربية مصطفى


_ أماء له بطاعة ثم هم لتنفيذ ما أمر به خليل، هبطت السيدة نادرة بعجالة لكي تلحق بورد قبل أن تغادر مرددة:- 

زين إني اللي لحجتك جبل ما تمشي 


_ اقتربت منها معانقة إياها بحميمية لم تسبق وفعتلها وبصوت خافت همست لها:-

اوعاكي تنسي الوعد يا ورد!


_ اهتزت ورد بقوة إثر تذكرها لذلك الوعد التي كادت أن تخونه، ابتلعت ريقها وطالعتها دون حديث لكنها اكتفت بإيماءات من أهدابها لتطمئنها.


_ حضرت صفية هي الأخرى لتودع ورد بحرارة:- 

توصلي بالسلامة يا حبيبتي 


_ دنت منها وهمست بقرب أذنيها:- 

ويعينك على اللي عتتحمليه 


_ اكتفت ورد برمقها ممتنة لدعائها ثم انصرفت صفية إلى حيث جائت، ودعت السيدة نادرة  سنية ثم انحسب الجميع إلى الخارج فتفاجئت ورد ووالدتها بهذا الكم الهائل من صناديق الفاكهة وآخرى مليئة بالخضراوات، يوجد مالذ وطاب من جميع الأنواع التي تشتهيها النفس، التفت سنية إلى خليل متسائلة بخجل شديد مسيطر على نبرتها:-

لإيه ديه كلاته يا عمدة؟


_ أجابها بتلقائية دون تكلف:- 

ديي زيارة بسيطة مش من جيمة أستاذ ماهر 


_ تلونت وجنتيها بالحُمرة وأردفت شاكرة فضله:-

مكنش له لزوم كل ديه كاتير جوي ربنا يزيدك من فضله 


_ بصوته الأجش قال:- 

ولا كاتير ولا حاجة إحنا أهل


_ أعادت سنية شكره مراراً بينما هتفت ورد عالياً:-

بس كل ديه مهتكفيهش عربية مصطفى وحديها 


_ تدخل مصطفى مجيباً إياها مستاءً:- 

ديي رنج روفر يا ورد مش ١٢٨


_  فغرت ورد فاها ببلاهة فلا علم لها بأنواع السيارات وإلتزمت الصمت لحين إنتهاء الرجال من وضع الصناديق في السيارة ثم ودعت خليل ونادرة قبل أن تهم بالمغادرة..


_ استقل الجميع في مقاعدهم ثم تحرك بهم مصطفى مبتعداً عن السرايا بعدما قال بصوت مسموع:- 

بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوه الا بالله


_ حمحم بخشونة وأمر ورد بلطف:- 

اربطي حزامك يا ورد إحنا هنطلعوا على طريج سفر والسرعة هتبجي عالية 


_ أماءت له بقبول وحاولت ربط حزام الأمان كما أمرها لكنها فشلت في جذبه فكان ثقيلاً للغاية، وجهت بصرها على مصطفى وأخبرته بعدم استطاعتها في جذبه:- 

مجدراش أشده تجيل جوي 


_ لم يتفاجئ مصطفى بما قالته لأنه علي علم بمتانة الحزام ويصعب عليها شده  بقوتها الهزيلة، دعس على مكبح السيارة فتوقفت تلقائياً ثم اقترب منها وقام بجذب حزام الأمان من جوارها وحاوطها به 


_ تفاجئ الجميع لذلك الصوت الدخيل:- 

بتعمل ايه يا ابن الجبلاوي في نص الطريج أكده ملكش دار تلمك 


_ عاد مصطفى إلى وضعه وطالعه بنظرات مشتعلة مجيباً إياه بحنق:- 

شكلي أني اللي هلمك في نص الشارع يا ضيف 


_ قهقه الآخر عالياً فمزاجه يسمح له بمشاكسة مصطفى دون خوف من ردة فعله فهو على أتم الاستعداد لمواجهة يده الغليظة ناهيك عن كلماته الفظة فسيتقبلها بصدر رحب..


_ لكزه مصطفى في ذراعه بقوة وغمز إليه لثقته التي يحادثه بها:- 

معلوم خيلان علينا، من حجك تدلع مين كدك 


_ ازدادت ضحكات ضيف ثم حرك يديه اليمني على صدره بحركات دائريه وبلهجة متعالية صاح:- 

على جولك محدش كدي ياوِلد العمدة 


_ أستند ضيف بمرفقيه على نافذة السيارة وأضاف:- 

يلا اتوكل أنت عشان تعاود جبل ما الليل يليل 


_ أزاح مصطفى يدي الآخر من على سيارته وقام بالرد عليه وهو يبتعد عنه:- 

هعاود لك ونوجبوا معاك يا...


_ چحظت عيني ضيف بصدمة وأرسل إليه إشارات تحثه على عدم متابعة ما يريد تفوهه فليس بحين يسمح له بمنداته باللقب الذي يدور في مخيلة مصطفي الأن 


_ تعالت ضحكات مصطفى على منظر ضيف ثم اعتدل في جلسته وتابع طريقه بسرعة متوسطة لحين الخروج من البلدة ثم سيزيد من سرعته..


______________________________________


_ توجه مباشرة إلى منزل حبيبته لطالما افتقدها منذ البارحة، طرق بابها ووقف أمامه يعد الثوانِ لكي تطل هي بطلتها البهية التي يعشقها 


_ فتحت له وتفاجئت بوقوفه، اتسعت مقلتيها بذهول ثم مالت برأسها للجانب متفحصة المكان من خلفه جيداً، عادت لتنظر إليه عندما تأكدت من خلو المكان وعاتبته بحدة:- 

جاي تعمل ايه يا ضيف أمي مهياش إهنه 


_ قلب عينيه مستاءً وبلهجة ثابتة قال:- 

خابر وعشان أكده جيت وجلبي مطمن 


_ عبست بوجهها فلم تحب نبرته الوقحة التي حدثها بها وحاولت إقناعه في الذهاب:- 

طب يلا مش أطمنت روح شوف حالك بعيد عن إهنه 


_ بإصرار ورغبة ظاهران في عينيه هتف:- 

أشوف حالي بعيد! مش لما أشوف حالي معاكي لاول 


_ دفعها للداخل وهو يتمتم بنبرة حارة:-

اتوحشتك جوي يابت 


_ حاولت الفرار منه لكنه فرد قوته عليها مقيداً إياها بكلتي ذراعيه هامساً بنبرة خافتة:- 

تعالي داني مصدجت تجومي تهروبي مني ..


_ وضع يده علي فمها يمنعها من التحدث ثم ركل الباب بقدمه فأنغلق دون مجهود منه ثم غاص في موجات حبه معها دون خوف أو تردد..


______________________________________


_ بعد مسافة طالت لما يقرب الساعة أوقف مصطفى سيارته على إحدى استراحات الطريق، التفت إلى ورد التي طالعته باستغراب فأوضح لها:- 

هنزل أجيب فطار رايدين حاجة معينة؟


_ حركت رأسها نافية:-

لاه 


_ بينما قالت والدتها ممتمنة:- 

تسلم يا حبيبي 


_ ترجل مصطفى من السيارة وتوجه مباشرةً إلى الإستراحة، قام بشراء مالذ وطاب للفطور وأيضاً نقانق تسليهم لحين وصولهم، عاد إليهم بعد مدة ليست بطويلة، ناول كلتاهن طعامهن ثم شرع ثلاثتهم في تناوله دون حديث.


_ كان الأسرع من بينهن في إنهاء طعامه، التفت إليهن وسألهن باستفسار:- 

لو اتحركت بالعربية تضايجوا؟


_ نفت السيدة سنية أي مضايقة قد تقابلها في ذلك بقولها:- 

لاه يا حبيبي اتوكل علي الله


_ بادلها إبتسامة عذبة ثم تحرك بالسيارة متابعاً طريقه بسرعة متوسطة ازدادت مع مرور الوقت، شعرت ورد بالغثيان يجتاحها بسبب طعامها الذي لم يُهضم بعد 


_ حاولت الصمود قدر المستطاع إلى أن فقدت سيطرتها على التماسك، أوصدت عينيها لعل دروان رأسها يخمد قليلاً،  مدت يدها وبحثت عن ذراع مصطفى التي تشبثت به ما أن شعرت به في ديها وشدت عليه بتعب 


_ مال مصطفى رأسه عليها متعجباً من أمرها فأسرعت هي قائلة:- 

وجف وجف 


_ وضعت يدها علي فمها ثم ترجلت من السيارة سريعاً ما أن صفها مصطفى جانباً، ترجلا كليهما خلفها بقلبٍ مرتعب ووقفوا خلفها متابعين لها، تقيأت ورد ما تناولته بصعوبة، حاول مصطفى التخفيف من عليها بشد قبضته على رأسها إلي أن شعرت هي ببعض الراحة


_ أعتدلت في وقفتها تلتقط أنفاسها التي ضاعت منها، في تلك اللحظة قد أحضرت لها السيدة سنية زجاجة مياه لكي تغسل فمها وكلتي يديها وبتوجس واضح سألتها:- 

بجيتي أحسن؟


_ أماءت مؤكدة لها ثم وضحت سبب حالتها المفاجئة:- 

من وجت ما دوجت الوكل وأني مش مظبوطة كانه طابج على نفسي بس الحمدلله بجيت زينة 


_ تنهد مصطفى براحة ثم قال:- 

سلامتك يا وردتي 


_ بادلته إبتسامة رقيقة مرددة بإمتنان:- 

الله يسلمك 


_ أعادت وضع وشاحها على وجهها وعادت معهم إلى السيارة ثم تحرك بهم مصطفى بعدما تأكد من أنها بحالة تسمح له بالتحرك، ساد الصمت بينهم طيلة الطريق لم يردف منهم أي أحاديث فالمشاعر كانت أكثر سيطرة عليهم، فمنهم من يخشى فراق الحبيب والآخر يخشى الليل الذي سيقضيه بمفرده والأخرى تتخبط بين الندم والحزن لزلة لسانها التي قلبت كيان إبنتها بالكامل.


______________________________________


_ دفعته بعيداً عنها وصاحت به منفعلة:-

جولت لك بعد عني، إلزم حدودك يا ضيف 


_ طالعها مستاءً من هروبها منه المستمر وهتف بحنق:-

أباي عليكي هتوك تهروبي مني أكده لميتي أني ما صدجت يا صفاء


_ إمتعضت صفاء من سؤاله وهاجمته معاتبة:- 

جولتلك أمي مهياش إهنه وجعدتك جاري لوحدينا متنفعش وانت مصُر بردك


_ تجهمت تعابيره ثم أولاها ظهره وجلس على أقرب أريكة قادته قدماه إليها وبفتورٍ قال:- 

أني جولت الحل اللي يريحنا وأمك موافجتش يبجي أني ذنبي ايه عاد؟


_ تأففت صفاء بضيق فالأمور تزداد تعقيداً، أخذت شهيقاً عميق وتوجهت إليه، جلست بالقرب منه متمتمة بقلة حيلة:- 

لأنه مهواش حل يا ضيف، أنت خابر اللي ممكن يوحصل لو وافجت على اللي رايد تعمله! أني ممكن اتفضح في البلد كلاتها لو حد بس جالي عني كلمة بطالة


_ برزت عروق عنق ضيف من فرط غضبه الذي يكظمه لكنه لم يستطع منع نبرته الحادة التي تحدث بها:- 

اجطع لسان أي حد يتحدت عنيكي أكده ولا أكده لساتك مخابراش أني ممكن أعمل ايه عشانك


_ كست الحُمرة وجه صفاء، أخفضت رأسها وبحياء شديد علقت على حديثه وهي تفرك أصابعها:- 

معلوم عرفت بلي عملته امبارح ديه 


_ لم تصدق أذنيه ما صغت إليه لتوها وهلل بسعادة دقت طبول قلبه:- 

إيوة بجا حني على الغلبان اللي طالع عينه عشان تبجي ملكه 


_ اتسع ثغرها ببسمة خجولة فلم يقاومها ضيف فكل جوارجه تطالب بالتودد إليها ربما يشعر بالكفاية من حاجته إليها، لم يصمد طويلاً واقترب منها فأشارت إليه محذرة إياه بسبابتها:- 

رايح فين؟


_ بنبرة ولهانة أجابها وهو يتابع اقترابه منها:-

رايح أرتوي


_ سمح لنفسه بلمس شفاها بأريحية لم يعهدها من قبل بينما لم تنجح هي  تلك المرة في إبعاده عنها فلقد تمكن منها حتى شعرو بإرتخاء عضلاتها المشدودة واستكانت بين ذراعيه.


_ بعد برهة أبتعد عنها فلم تتجرأ هي على رفع عينيها عليه وظلت منكسة الرأس لبعض الوقت، إلتوى ثغر ضيف للجانب مشكلاً إبتسامة عريضة لحيائها الذي يعجبه كثيراً، حمحم بخشونة وأردف:- 

اومال لو مكنتش...


_ قاطعته صفاء بقولها الذي يحثه علي التوقف ولازالت لا تستطيع النظر في عينيه:- 

بكفياك أكده يا ضيف يلا هم وروح شوف أشغالك


_ لم يريد ضيف أن يطيل في الأمر يكفيه ما حدث اليوم وبالتأكيد سيحدث الكثير في الغد، سحب نفساً وارتشف من زجاجة المياه التي أمامه ونهض ليهم بالمغادرة:- 

ماشي يا صفصف فاصل ونواصل 


_ توجه نحو الباب ودلف للخارج فأسرعت هي بغلق الباب قبل أن يعود إليها مرة أخرى، تشكلت ابتسامة خجولة على محياها مرددة آخر ما قاله في عقلها، رفعت يدها على فمها وتلمسته بحياء مفرط فلقد حظى بقُبلة فريدة من نوعها اليوم، حركت رأسها تطرد أفكارها التي تسبب لها الهياج في نبضاتها وحاولت إشغال نفسها بالمذاكرة لعلها تنسي ما حدث قبل قليل..


______________________________________


_ لا يعلمون كم من الوقت مضى، لكن الأهم الأن أنهم قد وصلوا إلى وجهتهم، سار مصطفى في ذلك الطريق الراقي الذي يتوسط البنايات الحديثة المرتفعة 


_ راقت إليه المنطقة كثيراً فهي عكس ما إعتاد رؤيته في بلدتهم، صف سيارته أسفل بناية خالها حين أشارت إليه السيدة سنية عليطى المنزل المقصود


_ ترجلت ورد برفقة والدتها بينما أعدل مصطفى من صفه للسياره بعناية ثم ترجل هو الآخر، توجه للأمام وسحب الحقائب من الباب الخلفي، نادت السيدة سنية على حارس البناية أمره إياه بلطافة:- 

لو سمحت يا عم جناوي طلع ويانا الشنط ديي 


_ اماء لها بإحترام مردداً بطاعة:-

أنتِ تؤمري يا أخت الغالي 


_ شكرته على لطفه ثم رفض الحارس أن يحمل مصطفى لأي حقيبة كانت، حمل جميعهم بهمة وقام بتوصيلهم إلى الطابق المقصود بالمصعد الكهربي، وضع الحقائب أرضاً ثم سألهم مستفسراً:- 

تؤمروا بأيتها خدمة تانية؟


_ أسرع مصطفى في إخباره فيما نسوه في السيارة:- 

معلش يا عم جناوي فيه حاجات في العربية نسيتها تعالوا نطلعوها مع بعض 


_ رفض الحارس أن يهبط مصطفى مُصراً على حمله لجميع الصناديق بمفرده، بعد مدة عاد إليهم ووضع آخر صندوق معه أرضاً، شكرته سنية بينما دس مصطفى يده في جيبه وأخرج من الأموال قدراً وقام بإعطائه له مردفاً:- 

تعبناك إمعانا يا بلدينا تسلم 


_ شكره الحارس ممتناً ثم انصرف سريعاً من أمامهم، قرعت السيدة سنية جرس الشقة فجائتها الإجابة بعد ثوانٍ قليلة من قِبل زوجة شقيقها، استقبلتهم بحفاوة شديدة مهللة بلهجة مصرية:- 

البيت نور بيكم، ماهر لسه نازل الشغل من مفيش 


_ أجابها في نفسٍ واحد:- 

منور بأهله، يعاود بالسلامة 


_ جئن الفتيات مرحبين بالجميع وبالأحر ورد التي نالت ترحيب حار فهن قد اشتقن إليها كثيراً وكذلك هي، قطع مصطفى أحاديثهن الجانبية بقوله:- 

ما تاجي يا ورد ناخدوا لفة أهنه جبل ما أعاود أني 


_ على الرغم من تعبها من طول المسافة إلا أنها وافقت برحب فهي لا تعلم ستحظى بتلك اللحظات بعد ذلك أم ستكون الأخيرة!


_ كاد مصطفى أن يغادر إلا أنه تراجع ونظر إليها بحيرة وألقى بأفكاره في الوسط بصوت عالٍ:- 

بس أني مخابرش أيتها أماكن إه‍نه هنعاودوا كيف؟


_ تدخلت عائشة محاولة حل الأمر حيث مدت يدها إلى مصطفى الذي تعجب من تصرفها المبهم وقالت بعفوية:- 

هات موبايلك 


_ مرر مصطفى أنظاره بينها وبين ورد وبهدوء ناولها هاتفه دون علماً بما ستفعله به ، مرت دقائق قصيرة لم يعرف الواقفين ماذا تفعل، ها قد انتهت مما تفعله ثم أعادت الهاتف إلى مصطفى وشرحت له ما فعلته للتو:- 

بص أنا حددت لك موقعنا على GPS، هتلاقي عندك كل الأماكن التجارية اللي حوالينا واللي على بعد مسافة قريبة مننا موجود إسمها والطريق اللي ممكن توصله منها وفي نفس تقدر ترجع بسهولة 


_ رفعت عائشة عينها على مصطفى وتابعت بمشاكسة:- 

ولا داعي للتصفيق 


_ بجمودٍ شديد في ملامحه قابلها مصطفى فهو لم يعتاد الحديث مع الفتيات بتلك الأريحية التي تحادثه هي بها، انتظرت عائشة ردة فعله أو ربما شكرها على ما فعلته لكنه لم يعقب فأثار خجلها واضطرت إلى الإنسحاب في صمت..


_ نظر مصطفى إلى حيث تقف ورد قائلاً:- 

مش يلا عشان نلحج نعادوا بدري 


_ أماءت له بقبول ثم استأذنت من الجميع وهما بالمغادرة معه، عادت عائشة إلى الخارج ما إن تأكدت من ذهابهما وهتفت بوجه محتقن:- 

ده حتى مقاليش شكراً!


_ قهقهن الأخريات عليها وحاولت سنية توضيح الأمر لها:-

معلاش يا عيشة بس الرجالة حدانا مبيتعاملوش مع الحريم إلا أهاليهم أو تكون حُرمته فيمكن هو استغرب حديتك وياه مش اكتر 


_ ضربت الأرض بقدميها متذمرة فالخجل لم يختفي أثره بعد، اولتهم ظهرها وعادت إلى غرفتها متمتمة بنبرة خافتة:-

وقح..

______________________________________


_ استغلت مروة قيلولة طاهر الذي يأخذها بعد وجبة الغداء ودلفت للخارج تحظي بجلسة أنثوية برفقة صباح 


_ طرقت بابها ثم ولجت للداخل حين سمحت لها بالدخول، تفاجئت مروة بجلوسها أعلى الفراش تطالع خاتم خطبتها ولا ترفع عينها من عليه قط كأنها لا تصدق حقاً أنها ترتدي ألماساً 


_ أثارت ضحكات مروة عليها وأردفت مازحة:- 

كانك ممصدجاش أنك لابسة ألماظ يا صباح 


_ صعقت صباح مما وقع على أذنيها، احتقن وجهها بغضب وأعادت يدها إلى جوارها وهدرت بها شزراً:- 

لاه وأنتِ الصادجة ممصدجاش إن خطيبي اللي هداني بيه مش أمه!


_ شعرت مروة بأن هناك تلقيحات وقحة تعود إليها، اجتاحها شعور كبير من الخذي ولم تقدر على الوقوف معها في الغرفة نفسها، أخذت شهيقاً وأزفرته على مهل ثم استأذنت منها بحرج:- 

أكيد طاهر فاج هروح أطل عليه 


_ أنهت جملتها ثم أسرعت إلى الخارج بينما قلبت صباح عينيها بتزمجر وهتفت ساخرة:- 

لاه اجعدي هبابة يا مروة 


_ عادت مروة إلى غرفتها تجر قدميها بثقل، جلست على أقرب أريكة قادتها قدميها إليها وجلست أعلاها بإهمال وحديث صباح يتردد صداه في عقلها متذكرة أيضاً لحظة تقديم السيدة ثريا لطاقم الحُلي الذي خلعته حينها، فمن المفترض والذوق إن كانت ستهديه به كما أخبرتها وكأن الأمر مرتب كانت تضعه في علبه خاصة به ولا تخلعه أمامهم وبتصرفها النبيل تكون قد أحسنت صنعاً وأنقذت ولدها من موقفه المخجل الذي كاد أن يقع فيه 


_ جمعت حقيقة الأمور ثم عزمت على فعل الصواب، توجهت إلى خزانتها مباشرةً وتناولت علبة الحُلي ثم هرولة إلى الخارج قاصدة غرفة السيدة ثريا على أمل أن تكون هناك 


_ سمحت لها ثريا بالدخول وهتفت ما أن رأت طيفها يظهر أمامها:- 

يا أهلا بالعروسة الجمر 


_ بادلتها مروة ابتسامة رقيقة مرددة بحياء:- 

تسلمي


_ أخفضت بصرها بحياء مصحوب بالتردد فيما تنوي فعله لكنها لن ترضى أخذ ما يخص غيرها وامتلاكه له فهي في النهاية لا تحتاج إليهن فلديها الكثير غيره قد أهداها والدها بهم منذ الصغر 


_ حمحمت بحرج ثم ناولتها العلبة هاتفة:- 

رايدة ارجع لك حاجة تخصك مهياش من حجي! 


______________________________________


_ وصلا كليهما إلى أقرب مول تجاري قد رآه مصطفى على GPS، لمح بعينه إحدى محلات الثياب النسوية فوجه حديثه إلى ورد بحماس:-

ما تاجي نجبولك طجم جاديد على خطوبة بت خالك 


_ سعدت ورد بذلك الإقتراح كما وافقته أيضاً لكن بشرط:-

وأنت كمان تجيب طجم بس جميص وبنطلون


_ عبس مصطفى بوجهه فهذا يستحيل فعله واعترض شرطها بلطف:-

لاه سيبك مني أني الجلابية مريحاني 


_ تجهمت تعابير ورد بتزمجر وهتفت بضيق:-

تلبسه يوم الخطوبة مش شايف الخلج شكلها جميل كيف 


_ طالعها مصطفى مستاءً من آخر ما أردفت متسائلاً بتهكم:- 

وأني يعني شكلي اللي عفش!


_ أسرعت ورد نافية ما قاله بتلهف فهي لم تقصد ما استشفه:- 

لاه والله مجصدش جصدي أن شكلهم جميل كيف اللي بيبلسوا جلابيب تمام مهياش حاجة عشفة كيف ما بتجول


_ بهدوءٍ تمم على حديثه:- 

ربنا يسهل يا ورد خلينا نشوفلك حاجة لاول 


_ ترددت ورد في طلبها لبرهة ثم جمعت شجاعتها وألقتها على مسامعه:- 

كنت رايدة اشتري نقاب كيف الحريم اللي ماشين دول بدل ما أني ببجي حاسة اني هتكفي على خلجتي بسبب الوشاح ديه


_ لو كانت هتفت بسبابه كان أهون عليه من أن تطلب ذلك، توقف مصطفى عن السير والتفت يمينه حيث تقف هي وبإزدراء أجابها:-

وعيونك تبان للخلج واللي ما يشتري يتفرج!!


_ تراجت ورد للخلف قليلاً فلقد ارتابت نبرته الصارمة فاستشف هو خوفها وعمل على تهدئة روعه فالحين ليس مناسباً لخلق أي نقاش، أخذ شهيقاً عميق ثم نظر حوله بإمتعاض لاشكالهن الملفتة وصاح عالياً:-

وديه اسمه نقاب، ديه اسمه بواجي جماش، ديي دقنها باينة من جصره ويدها اول ما تترفع لفوج تبان طوالي، متبصيش للعالم ديي يا ورد 


_ التفت مصطفى ونظر خلفه فرأى أحد الرجال يقف أمامه بصحبة زوجته وولده الصغير، عاد لينظر إلى ورد وتابع حديثه ساخراً:- 

رايداني ابجي كيف الطرطور اللي ورايا ديه؟


_ تفاجئ مصطفى بيد الرجل الموضوعة على كتفه وهو يتسائل بحدة:- 

حضرتك بتقول حاجة؟ 


_ وقع قلب ورد رعباً خشية أن يحدث مشادة بينهم ودعت الله داخلها أن يمر الأمر بسلام بينما استدار إليه مصطفى مشكلاً إبتسامة على محياه ثم انحنى على الصغير الذي برفقة الرجل وملس على قبعته متصنع الحب:- 

بجول حلو الطرطور ديه ربنا يباركلك فيه ويكبر 


_ سأله الاخر ساخراً:- 

الولد ولا الطرطور 


_ طالعه مصطفى مستاءً من سؤاله الساذج وبثقة قال:- 

معلوم الواد الطرطور هيكبر كيف 


_ رسم على محياه بسمة سمجة وودعه بنبرة تريد الفرار:-

بعد إذنك يا أستاذ 


_ أولاه مصطفى ظهره وعاد إلى ورد التي أمسك بيدها وانصرف كليهما بخطى سرعة مبتعدين عن المكان، لم تتوقف ورد عن الضحك وسؤال الرجل يتردد في عقلها، رمقها مصطفى بغيظ وهتف من بين أسنانه:- 

عجبك الطرطور؟


_ أجابته من بين قهقهتها:- 

جوي جوي 


_ حرك مصطفى رأسه مستنكراً ما حدث قبل ثوانِ وأردف مازحاً:-

طب يلا همي جدامي عشان نمشوا من المكان ديه 


_ اصطحبها إلى أحد المحلات وقام بشراء ثياب جديدة لها وكذلك أصرت عليه ليشتري ثياب كلاسيكية مناسبة لحفل الخطوبة ثم عادا إلى السيارة ومن ثم عاد بها إلى المنزل.


_ رحب بهم خال ورد بحفاوة شديدة وأصر على مصطفى أن يتناول معهم وجبة الغداء لكنه رفض معللاً رفضه:- 

يدوبك ألحج أعاود خلاص الليل داخل علينا أهاه 


_ رفض ماهر بشتي الطرق أن يرضخ لطلبه وبإصرار شديد هتف:- 

والله لو قولت ايه مش هسيبك قبل ما تتغدى ولا يعني أنت فاكر إنكم أهل الكرم بس ولا ايه يا سي مصطفى


_ شعر مصطفى بالحرج ووافق تحت ضغط منه، اصطحبه ماهر إلى شرفة إحدى الغرف التي أعددتها إبنته الصغرى لتكون مجلساً يتجمعان فيه كل يوم خميس من آخر الأسبوع، انبهر مصطفى بإعداد المكان على الرغم من صغر مساحة الشرفة إلا أنها أُعدت بعناية، تناولوا أطراف الحديث في مجالات مختلفة إلى أن أحضرن الأخريات وجبة الغداء ثم أخبروهم بإنتهائهن من التحضير. 


_ جلس الجميع حول المائدة وشرع في تناول الطعام حتى انتهوا منه وكان أول من استأذن منهم كان مصطفى فالوقت يتأخر ولا يحب السفر في ظلام الليل الحالك.


_ تلقى مصطفى توديعاً حاراً مع بعض الدعوات، انصرف الجميع تاركين له بعض المساحة مع وردته التي ترقرقت العبرات في عينيها حزناً على افتراقهم.


_ حمحم مصطفى وبنبرته الرخيمة حاول تأنيب ضميرها لكي تعود معه:- 

هيهون عليكي تسيبي مصطفى يعاود وحديه؟


_ لم تستطيع الصموم أمام كلمات وجهشت باكية، لم يتحمل مصطفى بكائها وحاول المزاح معها:- 

غلطانين أنهم سموكي ورد كان حجهم يسموكي عيوطة 


_ تحولت بكاء ورد إلى ضحكات عفوية سعد الآخر بها، جذبها برفق إلى صدره وشد على خصرها بقوة قائلاً:-

هتوحشك اليومين دول هما


''وأني كمان جوي''

_ هتفت بهم ثم عادت إلى بكائها ثانيةً، تراجعت للخلف مودعة إياه بحرارة:-

يلا امشي عشان تلحج توصل جبل ما الليل يهل وخلي بالك علي نفسك 


_ أماء لها بقبول ثم انحنى عليها طبع قُبلة حارة تليق بوداعه ثم أولاها ظهره لكنها أوقفته بقولها:- 

ابجي طمني عليك 


_ اكتفي بإيماءة خفيفة من رأسه وتابع نزوله حتى استقل في سيارته ومنها تحرك مبتعداً عن المكان عائداً إلى بلدته.


______________________________________


_ عاد إلى غرفته بحيرة من أمر تصرف زوجته، وقف مقابلها وطالعها لوقت طال قاطعته هي بسؤالها الفضولي:- 

بتطلع فيا أكده ليه؟ 


_ أخرج أنفاسه بثقل ثم توجه نحوها بخطى متمهلة، جلس بجوارها على الأريكة وأجابها بسؤال آخر:- 

ليه عملتي أكده، رجعتي الدهب لامي ليه؟


_ الأن استشفت الأمر، أخذت شهيقاً وبهدوء أردفت بنفس عزيزة:-

لأنه مش حجي، ديه حجها وكان لازمن يعاودلها 


_ قطب جبينه بغرابة فلم يفهم ما وراء حديثها، نعم هو على دراية تامة بالأمر لكنها تجهله هي، فرك ذقنه بعصبية وهتف بحنق:- 

حج ايه؟ تجصدي ايه بالحديت ديه؟


_ أعتدلت مروة في جلستها ورمقته لبرهة قبل أن تردف بإزدراء:-

يعني أني مش هبلة يا طاهر عشان مفهمش إن الدهب ديه أعطتهولي تلم بيه الموضوع، أصل يعني أجل حاجة تتعمل لو كان في نيتها صوح تعطهولي تجيبه في علبته مش تاجي تجلعه جدامي!!


_ تفاجئ طاهر بردها الذي ألجم لسانه، أخفض رأسه في حياء فاستشفت هي خذيه منها وأسرعت في إخباره بأن الأمر لا يهمها، جذبت علبة الحُلي العادي إليها ثم عادت إليه هاتفة بعدم اكتراث:- 

أني ممحتجاش دهب يا طاهر أني عندي كاتير الحمدلله مش دول اللي هيزودني يعني 


_ رفع ببصره عليها وحدثها بجفاف في نبرته:- 

بس ديي كانت شبكتك مكنتيش تفرطي فيها!!


_ إهنه مهواش مكانها، أكيد مش هلبسها وأني عارفة انها مش من حجي والشبكة اللي بتجول عنيها ديي مفرجاش معايا أني منجصنيش أيتها حاجة يا طاهر لو على الدهب فعندي ياما ولو على الراجل فعندي أنت بالدنيا كلاتها 


_ فاجئته هي بتصريحها الأخير، ولم يكن عليه سوى جذبها من ذراعها وضمها إلى حضنه بهدوء تام حاسماً أمره على تعويضها بأروع الحُلي لطالما كان عليه إهدائه لها في وقته المناسب.


_ خرجوا من لحظتهم على صراخ ثريا مستغيثة بولدها، كز طاهر أسنانه بغضب فحتماً والده خلف ذلك الصراخ، نهض من مقعده وأمر مروة حين رآها تشير خلفه بحدة:- 

خليكي إهنه 


_ دفع الباب خلفه بقوة وترجل سريعاً وكما اعتقد تماماً، لم يتردد في اللحاق بوالدته من بين يديه الغليظة وهدر به شزراً:- 

جولتلك يدك الملعونة ديي متتمدش على أمي تاني وأنت مفهمتش بالحديت يبجي اتحمل بجا 


_ صعد بوالدته إلى أحدى الغرف الخالية وسألها بفضول:- 

مسك في خناجك ليه المرة ديي؟


_ أصدرت ثريا بعض الشهقات من بين بكائها وحاولت السيطرة عليه لكي تجيب طاهر على سؤاله، وبعد مدة ليست بطويلة أجابته بنبرة متلعثمة:- 

مضيع كل ماله على الشرب والجرف اللي بدأ يشربه الأيام ديي ولما جولتله حاسب على مالك عشان عيالك جام مسك في خناجي كيف ما شوفت أكده 


_ حك طاهر مؤخرة رأسه بعصبية، صاح عالياً بتذمر مصحوب بالإحتقار:- 

سبيه يضيعهم معايزنش حاجة منيه، من النهاردة أني اللي متكفل بيكم ويحرم ماله يدخل جوفي بعد النهاردة 


_ دخلت صباح الغرفة وتوجهت نحو والدتها مباشرةً متسائلة بلامبالاة:- 

ايه اللي حوصل ياما؟


_ قصت عليها ثريا ما حدث بينما أولاهم طاهر ظهره وانسحب للخارج بخطى غير مستقيمة، وقف أمام النافذة التي تترأس المرر ثم سحب بيده حجراً تالف من الحائط لا يلاحظه أحد، التفت يتفحص الأماكن من خلفه أولاً ثم دس يده للداخل وأخرجها محملة بسلاح والده!! 

______________________________________


_ وبعد ساعات قضاها في الطريق وصل أخيراً إلى وجهته، صف سيارته أمام السرايا ثم هاتف وردته ليخبرها بوصوله كما حثته مراراً طيلة مدة عودته.


_ أنهى معها المكالمة سريعاً فالتعب إنهال منه وتملك من بدنه بسبب ذهابه وإيابه دون أخذ قسطاً من الراحة، توسط فراشه وحاول أن يغفوا لكن النوم لا يعرف سبيل الوصول إلى مصطفى، فوردته ليست بين ذراعيه تستند برأسها على صدره، فكيف سيأتيه النوم بدونها؟


_ حاول مراراً وفي النهاية تبوء محاولاته بالفشل الذريع، تأفف مصطفى بضجر واضح فهو يريد التنعم ببعض النوم لكي يقلل من تعب بدنه المرهق 


_ فشل في المرة التي لا يعلم عددها، نهض من مكانه فشعر بنفوره من الغرفة وحبيبته ليست فيها، خرج من الغرفة ومن ثم خارج السرايا بأكملها، كانت قد أشرقت الشمس وطلع النهار فتوجه إلى طوالة الخيل عله يعود إلى سلامه النفسي هناك.


_ وقف أمام مُهرة يطالع عقدة خصلاتها التي إلى الأن لا يريد تحرير قيدهم فهما من صنع يدي ورد ويجدر به الحفاظ عليهم، لم يستطيع صبراً وهاتفها ليمتع أذنيه بنبرتها التي يعشق سماعها، تفاجئ مصطفى بردها السريع فهو قد هاتفها للتو على ما يبدوا أن هناك آخر لم يحظى بنوم تلك الليلة 


_ بتعجب سألها:- 

كانك جاعدة على الزرار


_ أجابته بنبرة خافتة لكي لا تتسبب في إيقاظ الأخريات:- 

معارفاش أنام وكنت هطلبك بس جولت أنك نايم 


_ أخرج تنهيدة متعبة قائلاً:- 

أني بردك معارفش أنام جيت الاسطبل يمكن أحس براحة هبابة


''عنديك مُهرة تهون عليك، أنت بجا خدت حضنك وياك وأنت ماشي اعملوا ايه أني دلوك ؟" 

_ هتفت بهم ورد بحزن فعاتبها مصطفى بلطف فهي من أصرت على الرحيل، لم يكن هناك داعي لإطالة الحديث في الأمر فرحيلها قد تم بالفعل 


_ أنهى المكالمة بعد مدة وعاد إلى السرايا لعله ينجح تلك المرة في أخذ قيلولة والنتيجة ذاتها 

، تأفف بضيق ثم نهض ليعود إلى عمله فكان هذا ملجئه الوحيد كذلك ورد أنشغلت مع بنات خالها ربما يقتلع مصطفى وافتقادها إليه من عقلها.


______________________________________


_ بعد حلول فجر اليوم مع فشلها الذريع في النعاس نهضت من جانب والدتها وولجت لشرفة الغرفة بعدما حاوطت كتفيها بسترة خفيفة، استندت بمرفقيها على حافة السور وطالت المكان من حولها بسلام داخلي فليس هناك أعين متطفلة قد تضايقها.


_ من يرى ازدحام شوارع المنطقة وضجتها نهاراً لن يصدق ذلك الهدوء التي تلمسه وتشعر به، تنهدت بصوت مسموع فقلبها يتأرجح ما بين الهموم والافتقاد لرفيق روحها وحبيب فؤادها


_ انحنت برأسها على السور وهي تطالع ضوء الشمس التي على وشك الشروق ودندنت بنبرة خافتة من فرط شوقها إليه:-

أني كل ما جول التوبه يا بوي

ترميني المجادير يا عين

اتوحشت عيونه الزرج يا بوي 

ومدوبني الحنين يا عين 

متغرب والليالي يا بوي 

مش سايباني فى حالي يا عين 

والرمش اللى مجرحني يا بوي 

ضيعني وأنا كان مالي يا عين 

يا رموش جتاله وجارحه يا بوي

وعيون نيمانة وسارحة ياعين

أديكي عمري بحاله يا بوي 

واديني انتي الفرحة ياعين 

الجلب الأخضراني يا بوي

دبلت فيه الأماني يا عين

ولا قادر طول غيبتكوا يا بوي 

أنا ما اجول التوبة يا بوي 

ترميني المجادير يا عين 

اتوحشت عيونه الزرج يا بوي 

ومدوبني الحنين يا عين


_ مع إنتهاء كلمات الأغنية تفاجئت بتلك السيارة التي تصف أسفل البناية التي تمكث هي فيها، أعتدلت في وقفتها تتأكد من حدسها، شهقت بسعادة غمرت قلبها حين رأته يترجل من سيارته، لم تتوقف لحظة بعد وهرولت مسرعة إلى الخارج لكي تستقبله استقبالاً حار تخبره بمدى اشتياقها إليه..


_ هبطت الأدراج فتقابلت معه في منتصف السُلم، لم يلمح مصطفى طيفها بعد ففوجئ بذلك العناق الذي اخترق صدره من قوته، أمسك الحائط بيده حتى يوازن بدنه الذي اختل بسبب عناقها المفاجئ  ثم حاوط خصرها بيده حين استطاع الوقوف على قدميه بتوازن 


_ دفن رأسه في عنقها يشم رائحتها الذكية الفريدة من نوعها التي بدت غريبة تلك المرة فلم يحظى بها من قبل 


_ قطع ذلك الصمت صوتها المبحوح:-

لو تعرف اتوحشتك كد إيه 


_ شد على ظهرها بقوة مردداً بنبرة متيمة:- 

النوم مجافيني وأنتِ مش في حضني 


_ أنزلها مصطفى بهدوء ولوهلة استشف وقوفها دون وشاحها، اتسعت حدقتيه بذهول وطال المكان من حوله بتفحص ثم أعاد النظر إليها معاتبها بلطف:-

كيف تنزل على حالتك ديي حد يشوفك 


_ نظرت ورد إلى حالتها التي لم تحسب لها، عضت على شفتيها بحرج وعللت تناسيها للأمر:- 

لما شوفت طلتك مجدرتش أفكر في أيتها حاجة غير إني أحضنك 


_ أخرج مصطفى تنهيدة حارة من جوفه ثم قال وعينيه يتأجج فيهما الإيلام لعدم انتباهها لما فعلته وأردف:-

طيب يلا جدامي يا هانم 


_ تشكلت ابتسامة رقيقة على محياها ثم سبقته إلى الأعلى كما تبعها هو، أوصدت ورد الباب بحذر لكي لا تتسبب في إيقاظ من في المنزل، أشارت إليه إلى باب الصالون مرددة:- 

ديي الأوضة الوحيدة اللي معيدخلهاش حد تعالي ندخلوا فيها 


_ لم يكتفي مصطفى بإغلاق الباب وقام بتوصيده جيدا ثم نظر إليها متلهفاً لها فتفاجئ بعبراتها التي تنسدل بغزارة، قطب جبينه بغرابة من أمرهم وسألها باهتمام:-

وااه بتبكي ليه؟


_ بهدوءٍ توجهت إليه حتى استكانت بين أضلعه مستندة برأسها على صدره معللة سبب بكائها:-

مطرحي عاودلي من تاني 


_ رفعت بصرها عليه وواصلت من بين بكائها بنبرة بالكاد يفهمها مصطفى:- 

كنت حاسة إني ضايعة، متبعدش عني تاني واصل


_ طالعها مصطفى مستاءً وعينيه يشع منهما العتاب فهي من أصرت على الرحيل، استشفت ورد ما يرمي إليه فهتفت نادمة:-

مكنتش أعرف إني هحتاس أكده من غيرك 


_ صاح مصطفي عالياً بنبرة متعبة:- 

ياااه لو تعرفي أني نفسي في ايه دلوك؟


_ أسرعت هي في سؤاله بفضول مصحوب بالاهتمام:-

نفسك في ايه؟ 


_ أغمض عينيه وهو يسحب بعض الهواء مجيباً إياها بصوته الأجش:- 

نفسي أنام مرفش ليا جفن وأنتِ غايبة عني 


_ ابتعدت عنه ورد ونظرت إلى حيث يقفان ثم عادت ببصرها إليه، رفعت كتفيها بقلة حيلة وأردفت:- 

كيف ما أنت شايف أكده مفيهش مكان نناموا فيه وهنضطر نناموا على الأرض الليلة


_ أعادها مصطفى برفق الي صدره مردداً بعدم اكتراث لموضع نومهم:- 

مش مهم هناموا فين كفاية أنه في حضنك 


_ لم تمنع ورد ابتسامتها التي رُسِمت عفوياً على ثغرها الوردي، وقفت على أصابع قدميها لكي تكون في نفس مستوي قامته وطبعت قُبلة ناعمة للغاية على طرف شفاه ثم انسحبت من بين ذراعيها موضحة:-

هجيب حاجة افرشها على الأرض وهعاود طوالي 


_ انصرفت سريعاً وقد عادت في سرعة لم يتصورها مصطفى، ساعدها في وضع ما جلبته أرضاً ثم استقل أعلاه مشيراً إليها بالمجئ إلى حضنه فلبت طلبه بصدر رحب 


_ استكانت أعلى صدره وأوصدت عينيها لتنعم ببعض الطمأنينة التي افتقدتها في بعدها عنه كذلك هو لم يطيل كثيراً وقد ترك العنان للنعاس يتملك منه فبدنه منهمك للغاية وبحاجة شديدة إلى الراحة وياحبذا راحته بقرب مهجة فؤاده..


______________________________________


_ في الصباح الباكر، استيقظت سنية قلقة على ضوء الشمس الذي تسلل داخل الغرفة عمودياً على فراشها، تعجبت من أمر الباب المفتوح فهي من أغلقته بنفسها ليلة أمس قبل أن تنام 


_ مالت برأسها للجانب قاصدة النظر إلى ورد فتفاجئت بعدم وجودها حتماً هي من فتحته، نهضت من فراشها ثم توجهت إلى الشرفة فلم تجدها 


_ عقدت حاجبيها بغرابة وقد تملك القلق منها، أعادت غلق الباب وهمت بالخروج باحثة عنها، قابلت أسماء ابنة شقيقها واقفة في منتصف الردهة فسألتها بقلق:- 

مشوفتيش ورد يا أسماء ملجتهاش جاري 


_ قطبت أسماء جبينها فهي لم تراها منذ استيقاظها، نظرت يميناً ويساراً وقالت:- 

لا والله يا عمتو مشوفتهاش أنا حتى صاحية من بدري عشان ألحق الجامعة ومتخيلتش بيها أصلا، يمكن في البلكونة شوفتيها؟


_ احتدت ملامح سنية بخوف عارم وأجابتها بتوجس:- 

شوفتها يابتي ملجتش حد فيها 


_ لاحظت أسماء أن باب الصالون مغلق على غير العادة، توجهت نحوه وحاولت فتحه لكنه موصد من الداخل، تنهدت براحة والتفتت إلى حيث تقف عمتها وطمأنتها:-

ورد جوا يا عمتو متقلقيش 


_ أخرجت الأخرى تنهيدة مهمومة واقتربت من إبنة أخيها متمتمة بنفاذ صبر:- 

مخابراش البت ديي هتفرحوا ميتى ديي يا حبة جلبي تطلع من حفرة تقع في ضحضيرة مبتلحجش تفوج من المصيبة تلبس في مصيبة تانية 


_ أشفقت أسماء على حالتها المذرية، دنت منها وربتت على كتفها بحنو وهتفت محاولة مآزرتها:- 

بكرة الآيام تتعدل معاها يا عمتو وبصراحة أنا شايفة إنكم خايفين على الفاضي طلاما جوزها بيحبها يعني هيقدر يسامح هي يعني كانت عملت ايه دي كانت متعمشة أنه يجيب لها حقها مش أكتر 


_ حركت السيدة سنية رأسها مستنكرة حديث اسماء الساذج، حاولت إظهار هول المصيبة الواقعة فيها إبنتها معلقة:- 

حب ايه بس يابتي والحب هيشفع لها لما يعرِف إن  أخوه اتجتل على يد عمها! 


_ تفاجئن كلتاهن بفتح الباب وظهوره من خلفه بأعين چاحظتين قد تحول لونهما إلى الإحمرار القاتم يتطاير منهما الغضب الشديد، وبهدوء يسبق عاصفة غضبه سألهم للتأكيد:- 

حمدان جتل هلال!!


رواية عُرف صعيدى الفصل الرابع والعشرون 24 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية عُرف صعيدى)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات