📁

رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى عشر 12 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى عشر 12 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت الثانى عشر 12

رواية استوطننى عشقك الجزء الثانى عشر 12

رواية استوطننى عشقك الحلقة الثانية عشر 12

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى عشر 12 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى عشر 12


الفصل الثاني عشر


مرت الأيام وحلقت بهم، تواجه السحب تارة والضباب تارة أخرى، تحملهم على جناحيها بقوة وسرعة كطائر العقاب الذهبي يحلق في السماء الواسعة ولا يتمكن أحدًا من اللحاق به..

حاولوا التشبث بجناحيه حتى لايقعوا فتنتهي حياتهم...منهم من وقع بين ريشات الألم والاشتياق، ومنهم من عانى من ريشات الخزي التي تجرح كفيهم وهم متشبثون بها...ومنهم من عانى من العشق والفقد والفراق...وبالنهاية كلهم يعانون على جناحات الأيام 

 ‏*********


ركضت بإتجاه المصعد وهي تنظر في ساعتها وصوت كعب حذائها يقطع صمت المكان، لم تكن تريد التأخير اليوم حتى تنتهي من مراجعة الملف الذي أعطاه لها طارق ولكن ما باليد حيلة، فقد تأخرت بالفعل، وها هي سوف تسمع من طارق محاضرة طويلة مثل كل يوم...

طارق الذي يعذبها بالعمل طوال الشهرين الماضيين بكل تسلط، لم تتوقع أبدًا أن يكون متسلط معها بهذا الشكل وشديد جدًا بكل ما يخص العمل وبالرغم من ذلك أعجبها كثيرًا احترامه لعمله وتقديسه له كما أعجابها بشخصيته التي زاد أضعافاً...

فهو على مدار الشهرين ساعدها كثيرًا على تعلم أصول العمل والمحاسبة وكان يصحح أخطائها بإستمرار وكذلك أبيها وعمها وبدر...

بدر الذي رغم صمته وغضبه الدائم إلا أنه يساعدها دومًا، ودائمًا يكون ملجأها من تسلط طارق...

مازالت تتذكر يوم رجوعه من سفرته بعد رحيل وتين بثلاث أيام فقط...

 ‏ياإلهي وكأن ذلك اليوم هو البارحة، فمازال صوت صراخ بدر يتردد صداه في رأسها عندما علم برحيل وتين...

 ‏لقد تحول إلى مجنون يصرخ ويكسر كل ماتطالة يديه...يلومهم تارة أنهم سمحوا لها بالرحيل وتارة أخرى يتوعد أنه سيسافر لها ويعيدها رغمًا عنها...

وبالرغم من كل أفعاله إلا أنهم تركوه يفعل كل ما يريد ولم يقاطعوه أبدًا، ورضخو إلى أوامر جدهم الصريحة بأنهم لن يخبروا بدر بإجهاض وتين وسيتركوا الأمر لها...لأن من مصلحة الثنائي أن يبتعدا عن بعضهم لبعض الوقت حتى يتمكنوا من فهم مشاعرهم ومعرفة ماذا يريدون بالظبط...

لم يكف عن صراخه وغضبه وترديده أنها مازالت زوجتة ولن يسامحها على فعلتها، ليصرخ به جدهم بعد أن فاض به، ينهيه عن أفعاله ويأمره أن يكف عن جنونه وأنه لن يسافر خلف وتين وسيتركها تفعل ما تريد...

ولكنه لم يستسلم واشتعل غضبه أكثر وهو يصرخ أنه لن يتركها فما كان من الجد إلا أن سحبه خلفه ودخل به غرفتة وأغلق الباب ومنع أي أحد من الدخول...

لتمر الساعات ويخرج بدر غاضب صامت طوال الشهرين ولم يهاتف وتين ولا مرة ،ولايسأل عنها ويتهرب دومًا وتشع عيناه بغضب ممزوج بدموع محبوسة وخذلان كلما تم ذكرها...

 ‏وكذلك تلك الحمقاء التي تدعي عدم الاهتمام وتماطل دومًا في قرار عودتها وعندما أخبرتها أن بدأ الدراسه سيكون بعد أسبوعين وأن هذا العام هو عامهم الأخير وحرام أن يضيع منها، كان ردها بارد ومختصر أنها لم تأخذ قرار بشأن العودة بعد...

تعلم أنها تتألم وأنها مازالت مجروحة وتحاول اخفاء الأمر ولكن الأمر الجيد أنهم يتحدثون دائمًا بالساعات ودومًا تبعث لها صورًا كثيرة...صورًا ترى بها حزن يسكن مقلتيها بوضوح...

زفرت تخرج من أفكارها وهي تضغط على زر المصعد عندما أتاها صوت كانت تظن صاحبته يومًا ما صديقة مخلصة إلى أن تيقنت أنها أبعد ما تكون عن الصداقة والاخلاص، بل إنسانة مستغلة وحقودة...لم تصدق وتين عندما أخبرتها ذات مرة أن رولا مجرد طفيلية، وإنسانة طامعة تستغلها من أجل مصلحتها وتعمل جاهدة للإيقاع والتفريق بينهم...لكنها سخرت منها وقالت أنها تشعر بالغيرة لأنها تحب رولا أكثر منها...والآن اكتشفت مدى حماقتها وغبائها وأن وتين محقة، وأن كل ما تريده رولا منها ومن قربها هو المال والوصول إلى رجل ثري ينقلها من حياتها إلى حياة أخرى..ليتها كانت طموحة وتحقق ما تريده بنفسها لكنها بكل أسف تعشق استغلال غيرها وتحقد على ماهم أفضل منها...ابتسمت بسخرية وهي تتذكر اكتشاف محاولتها في جذب انتباه بدر تارة وطارق تارة أخرى

ولكنها تقف لها بالمرصاد، لن تسمح لها بالتقرب من بدر أبدًا أو محاولة اغوائه أو لفت نظره...

مستحيل أن تترك لها المجال بفعل هذا الأمر، فبدر خط أحمر ممنوع الاقتراب منه، فهو حق حصري لوتين ولن تسمح لإحداهن أخذه منها أبدًا إلا إذا تنازلت هي عنه وأعلنت شفائها من عشقة...

وبالرغم من علم هذه الحقيرة بزواج بدر ووتين إلا أنها لم تهتم وتحاول أن تغريه لكن الأخير لم يبدي أي أهتمام بمحاولتها الحقيقة وكأنه لا يراها...بل قال لها ذات مرة أنها أبلتهم ببلاء مقرف...ليتها لم ترضخ لتوسلها من أجل العمل، وطلبت من أبيها يوظفها بالشركة...حقًا هي نادمة أشد الندم الآن...

تعلم أن رولا لا يهمها سوى الحصول على رجل ثري 

وهذا الأمر متوفر ببدر وطارق وبعض العملاء...لكن يبدوا أنها حددت هدفها جيدًا وهو بدر أو طارق، فهي تعمل جاهدة على جذب انتباه أحدًا منهم وأصبحت تتغنج وتتسكع دائمًا في مكتب طارق والحجة أنها مساعدته...تكاد تحترق أعصابها من أفعالها ومايزيد من غيظها أكثر أنها هي من جاء بها إلى الشركة ووضعها في طريقة...


‏تمتمت تلعن ذلك اليوم وهي تسمعها تلقي عليها تحية الصباح....

التفتت لها غدير تتمعن النظر لحلتها المكونه من ثلاث قطع وزينة وجهها المرتبة بإتقان وشعرها الذي أطلقته حرًا، أما عطرها فقد فاح في مدخل الشركة بطريقة فجة وثقيلة...

رفعت إحدى حاجبيها وهي تهتف بسخرية

" صباح الخير رولا....لما متأخرة أنت أيضًا؟" 

 ‏مطت شفتيها المطلية بلون وردي هادئ وهتفت بدلال مفتعل 

"السيد طارق سوف يتأخر اليوم ...لذلك لم أحضر باكرًا " 

 ‏ابتلعت غيظها وحنق يخنقها، لِما عليها أن تعرف مواعيد قدومه وانصرافة...بل لِما عليها أن تتحدث عنه بهذه الطريقة المغناجة التي تشعل النار بأوردتها...ولِما تشتعلي بحق الله غدير، ماذا يكون هو لك حتى تغيري هكذا، مهلًا أنا لا أغير، من قال أنني أغير...غدير أخرسي وكفى حماقة أنت لا تغيري وهو لا يشكل فارقًا معك أليس كذلك هيا خذي نفس عميق وأخرجيه وأبعدي هذه الأفكار الملغمة عنك يا فتاة أفضل لك...

نفضت أفكارها ودخلت المصعد وتبعتها رولا وقبل أن يغلق الباب دخل هو بطلتة الرائعة البسيطة المختلفة عن هيئته العملية الخاصة بالعمل...كان يرتدي بنطال من الجينز الأزرق وقميص أسود يثني أكمامه بعض الثنيات ويخفي عيناه بنظارتة السوداء...أما رائحة عطره العميقة فقد أسكرتها وجعلتها  تحبس أنفاسها ولكن سرعان مازفرت أنفاسها دفعة واحدة وهي تسمع رولا تهتف بدلال مبالغ به 

" صباح الخير سيد طارق " 

أومأ وهتف بهدوء وهو يتحاشي النظر إلى أحداهن 

" صباح الخير رولا....صباح الخير غدير " 

ردت تحيتة بهدوء ونظرها مصوب على حركات رولا المبالغ بها وهي تلعب بشعرها وتمط شفتيها وكأنها شاردة، حركات مفتعلة ومكشوفة جعلتها تريد خنقها ولكنها تمالكت نفسها وفور أن فتح باب المصعد تحركت بعصبية تسبقهم وتذهب إلى مكتبها وكأن شياطين العالم كله  تطاردها...

الشركة ليست كبيرة فهي مكونة من ثلاث طوابق ..الطابق الأول به الاستقبال والأرشيف وغرفة المراقبة ومخازن صغيرة يتم وضع بها عينات البذور والمبيدات التي يتم فحصها والتأكد من جودتها على يد خبراء متخصصة قبل أن يتم  توزيعها على الشركات الصغيرة والمحلات والمخازن الكبيرة ليوزعوها هم على المحلات الصغيرة...

والطابق الثاني مخصص لمكاتب الموظفون والكافتيريا والمطبخ  والطابق الثالث خاص بمكاتب العائلة وكذلك مكتب طارق  ومكتبها الذي ستتشاركه يوما ما مع وتين...

حاولت تصفية ذهنها من كل الأفكار الموجودة به وتنهدت وأخرجت الملف تعمل على مراجعته حتى تنتهي سريعًا منه وتذهب لتعطيه لطارق الذي يحتاجه اليوم بشدة..لذا يجب عليها الانتهاء منه سريعًا.

**********


أغلق حاسوبه وهو يزفر بضيق وحنق من كل شئ...يشعر بالغضب والغيظ، كان يتخيل أن وجودها حوله في العمل سيسعده لكن في الحقيقة وجودها يحرقه ويغرقه في غياهب عشقها أكثر وأكثر...قربها يثمله ويضعفه، لقد سأم من قربها البعيد هذا، ليته يتشجع ويعلمها بحقيقة مشاعره التي ترهقه

أو يكف عن هذا العشق الذي لا يجني منه سوى الوجع فقط..

لم يحاول أن يظهر لها مشاعره بل أخفاها وأظهر لها شخصية بغيضة ومتسلطة عله يتمكن من التحكم بنفسه وعدم افتضاح أمره أمامها...يكفي أن بدر يخاصمه منذ علم بالأمر وهذا الشئ يرهقه ويحزنه...يقسم كان سيقول له كل شئ ولكن وضع بدر كان سيئ وبالأخص بعد عودتهم من السفر واكتشاف أن وتين رحلت وتركت قلب صديقه يئن وينزف من الفراق...صديقته الصغيرة الذي كان يقرأ بعينيها عشق لصديقه منذ صغرها وحتى بعد أن أصبحت شابة، فماذا حدث كي ترحل وقبلها تتشبث بالطلاق منه هكذا...لما يا وتين فعلتي كل هذا؟ سؤال دائمًا يتردد بعقله ولم يجد له إجابة..

ألقى برأسه على المكتب وهو يتنهد بإرهاق ويفكر بخصام بدر الذي طال كثيرًا، فهما لأول مرة بحياتهم يتخاصمان لمدة شهر كامل...شهر وهو يحاول الحديث مع بدر الصامت ولكنه يرفض، أنه لم يلومه أو يعاتبه، فقط انسحب بصمت ورفض أن يتحدث معه بعد ذلك..

اختنقت أنفاسه وزفر، يشعر بإنقباض في صدره مماثل لإنقباض قلبه ذلك اليوم عندما دخل عليه المكتب وهو يساعد غدير على مراجعة بعض الحسابات ويبدوا أن ملامحه ولغة جسده كانت مكشوفة ليقرأها بدر الذي وقف يرتسم على وجهه الغموض وسأله مباشرة بدون مواربة...

F.b

نظر إلى انصراف غدير ووقف يواجه بدر قبل أن يهتف بإرتباك من نظرات صديقه الذي تنبئه بقدوم شئ لن يعجبه 

" أجلس بدر ...لما تقف هكذا ...هل أنت بخير " 

اقترب بدر بهدوء يواجهه ووضع يديه بجيبه وهتف بإقتضاب حازم 

" ماذا بينك وبين غدير" 

ابتلع ريقه ليس خوفا أكيد، فهو لم يفعل شئ خطأ...أنما خجلًا من اخفاء الأمر عن صديقه إلى الآن، كما أن الوضع برمته ليس طبيعي..

" لا يوجد شئ بدر " 

لم يرد بالكلام ولكن نظراته كانت تحمل أسواط تجلده من الخزي والغضب والعتاب..

أومأ وتنحنح عندما طال صمت بدر فقرر أن يخبره بالحقيقة 

" لا يوجد بيننا شئ....لأنها لا تعلم عن حقيقة مشاعري تجاهها " 

لم ينصدم بدر لأنه كان لديه شكوك تجاه هذا الأمر وبالرغم من شكوكه إلا أنه لم يخفي غضبه وهو يسأله 

" منذ متي " 

ابتلع ريقه ونظر إلى الأرض وهتف بحزن 

" منذ سنوات طويلة.... طويلة جدًا " 

ضغط بدر على أسنانه وكور قبضته بغضب من صديقه الذي طعنه بصمته وكتمانه للأمر، حتى لم يحاول أخباره عندما كانا يتحدثان بالساعات قبل عودته أو حتى عندما أخبره أنه سيخطبها ويتزوجها رغم معرفة طارق أنه لم يحبها وأنه كان زواجا عقلاني إلا أنه صمت وأخفى عنه الأمر...ذلك الغبي،

هتف بنبرة غاضبة رغم خفوتها 

" لماذا لم تخبرني قبل ذلك....كانت ستكون زوجتي يا صديقي " 

لم يخفي عليه غضبه الممزوج بلوم وعتاب لينتفض يقترب منه ليقابل بدر حركته بالتراجع ويشير له ألا يقترب منه..هتف سريعًا بنبرة صادقة وصارمة وهو يتجاهل ألم قلبه على تخيل غدير زوجة لبدر، لقد نصره الله وأنقذه من ذلك الألم القاتل الذي كان سينهي حياته..

" أقسم كنت سأحرمها على نفسي إلى أخر يوم في عمري لو كنت تزوجتها " 

" لقد خذلتني يا...يا غبي " 

هتف بها وهو يحرك رأسه يمينًا ويسارًا وتحرك يرحل بهدوء وقبل أن يخرج من الغرفة...

استدار ينظر له بحزن وعتاب قبل أن يرحل ويعلن الخصام والغضب المكتوم، و هو أكثر من يعرف بدر،صمته هذا لم يكن ضعفًا بل خزي وطعنة غادرة...نعم صديقه يشعر بالغدر والخيانة منه والخزي أيضًا والأسباب كثيرة...لقد حاول الحديث معه مرارًا ولكن الأخير كان يتركه ويرحل بصمت كان وقعه أكبر من الجلد...لكنه يقسم أنه لن يتركه حتى يسمعه ويسمع تبريره للأمر، حقًا لقد اشتاق له كثيرًا واشتاق للحديث معه، كما موقن أن بدر بحاجة إليه كثيرًا هذه الأيام، و بالرغم من خصامهم لكنه يشعر بألمه واشتياقه وحزنه...نعم صديقه يتألم بصمت ويخفي ذلك بالنزق والغضب والعصبية...


دخلت بدون أن تطرق الباب قبل دخولها، عادة نبهها عنها كثيرًا، لكنها في كل مرة كانت تتجاهل الأمر..

اقتربت بهدوء من ذلك النائم على مكتبه ولا يشعر بها...ابتسمت بتهكم ومتى كان يشعر؟إنه كحجر لا يشعر، يعاملها بطريقة باردة ولا ينظر لها من الأصل وكأنها هواء وبالرغم من محاولتها للفت انتباهه التي بائت بالفشل...لكنها لن تيأس أبدًا، حتى وإن كانت غدير تفشل محاولتها للتقرب من بدر وهددتها بطريقة مستترة كي تكف عن أفعالها هذه...لكنها ادعت الغباء وعدم فهم مقصدها وحاولت تشتيتها عن الأمر وعن بدر الذي كانت تبعدها عنه...لِما؟ هل أصبحت تريده الآن بعد أن تركته لوتين بإرادتها، ستكون حالمة لأنها لن تسمح لها بذلك،عندما تقرر وتختار أو بمعنى أدق تنتظر وترى من سيشبك في صنارتها، طارق أم بدر...فهي صيادة ماهرة وصبورة وستنتظر رضوخهم لمحاولة اغوائهم...هي تعلم أن بدر متزوج من وتين البغيضة، وفي الحقيقة هي لا تهتم بزواجه ولا ببدر نفسه كثيرًا، لا تنكر أنه وسيم وثري ورجل يملك من المميزات الكثير...لكن السبب الحقيقي في محاولتها لإغوائه هو اغضاب وتين والفوز عليها وأخذ زوجها منها، وكذلك المال...لم يهمها بدر عندما كان خطيب لغدير، أما الآن الوضع مختلف تمامًا، كما تعلم أنها تلعب لعبة خطيرة مع رجلين إلى الآن لم يبدو عليهم الإهتمام وبالرغم من ذلك ستحاول تخرج من هذه اللعبة وهي تربح أحدًا منهم...و لن تيأس وستحاول مع بدر الوسيم وطارق الذي يعجبها كثيرًا الحقيقة...ولكنه ينهرها كلما حاولت جذب اهتمامه والتقرب منه..

نفضت عنها أفكارها ونظرت له بخبث واقتربت من مقعده ببطئ..

رفعت كفها إلى رأسه ولعبت بخصلات شعره  بطريقة وقحة  ونادته بنبرة خافتة.

انتفض عندما سمع صوت رولا تزامنا مع حركة كفها على رأسه فأستشاط غضبًا من وقاحتها وقلة أخلاقها و هتف بغضب ينهرها 

" ماهذا التصرف يا فتاة " 

ارتبكت من رد فعله الغاضب وبأسف زائف هتفت 

" أسفة كنت أوقظك من أجل موعدك مع العميل " 

ضغط على أسنانه وهتف 

" أنا لم أكن نائم....وإياك وإلغاء الحدود بيننا يا أنسة .....أنا أكره الوقاحة "

وضعت كفها على وجهها وبكيت بصوت مسموع وهتفت ببكاء

" أنا أسفة سيد طارق....أنا أعاملك مثل أخ أكبر يهمني أمره....ولا أعلم لماذا تكرهني هكذا ...أنا ماذا فعلت لك...أن كنت لا تريد عملي معك فيمكنني ترك العمل والبحث عن غيره " 

زفر بضيق ورفع كفه إلى شعره يمسح عليه وحاول التحكم بغضبه وهتف بمهادنة

" أنا لا أكرهك....ولكني لا أحب تباسطك في التعامل مع الناس....لابد من وضع حدود بينك وبين الرجال " 

هتفت بمسكنة ومازالت تزرف الدموع 

" وكيف لي أن أعلم كل هذا....أمي مريضة منذ سنوات وأبي لم يهتم بي يومًا ودائمًا يتركنا بمفردنا....ولا أملك أحدًا بحياتي يعلمني الصواب من الخطأ  " 

أنهت كلامها وانفجرت بالبكاء حتى نالت شفقته لتسمعه يهتف بلين وهو يتحرك الى طاولة بجوار المكتب، يأخذ من عليها كوب من الماء وأعطاه لها بهدوء


" حسنا يا رولا لا تحزني ...ويمكنك سؤالي عن أي شئ تحتاجينه وأعتبريني أخيك الأكبر .....وأول درس لك هو التزام الحدود وعدم التباسط لا معي ولا مع غيري.....أتفقنا "

أومأت له وهي تبتسم ليهتف 

" هيا امسحي دموعك....و اذهبي لتجلبي الملف الذي تراجعه غدير، فأنا أحتاجه "

" حسنا " 

قالتها واستدارت تخرج من الغرفة ومدت كفها تمسح عيونها الماكرة من بكائها المزيف، بينما شفتيها يرتسم عليهم ابتسامة خبيثة كخبث صاحبتها تمامًا...


تحركت تبتعد عن الباب قبل أن تراها رولا الحقيرة...نعم حقيرة لقد شاهدت كل شئ من بدايته، اقترابها ولمسها له بتلك الطريقة الجائعة إلى شئ أكثر من لمسة شعره...دموعها التي هي موقنه من زيفها وابتسامتها الحقيرة وهي خارجة من عند طارق كيف استطاعت أن تمثل عليه هكذا...وكيف له أن يتأثر بخبثها ويصدق كذبها هكذا؟ وكيف لم يميز خداع تلك المتحرشة البغيضة التي أشعلت النيران بقلبها وهي تراها تلمسه هكذا؟ ثم كيف تجتمع برودة أطرافها حد الصقيع مع النيران التي اجتاحت أوردتها الآن...لما شعرت أن رولا تعتدي على حقها وشئ ملكًا لها...

أسئلة تدور وتدور في رأسها بلا هوادة..

رفعت كفها تربت على قلبها والدموع تترقرق بعيونها كلما تذكرت المشهد وتجتاحها رغبة حارقة في الذهاب إلى رولا وضربها وانتزاع شعرها من رأسها...

ماذا يحدث لها؟...

لما ذلك الألم؟ والإجابة كانت صادمة بالنسبه لها، إجابة كانت تحاول تجاهلها والهروب منها منذ زمن... إجابة كانت تود أن تهرب من الوقوع في فخها الملغم الذي لا يخرج منه أحد كما كان...

شهقت بصدمة والدموع مازالت تسكن مقلتيها وتجتاح وجنتيها من هول ما وصل إليه استنتاجها..

رفعت كفها تنظر للملف بتيه  وصدمة وكأنها تسأله أن ينفي ما وصل إلى عقلها الآن، لكنه لم ينطق، إذن فلتذهب إليه لعلها تحصل على الإجابة منه..

مسحت دموعها وتحركت تذهب إليه ولم تهتم إلى عيونها وأنفها الحمراء من أثر البكاء...

دخلت المكتب مباشرة ولم تعر رولا أي اهتمام حاليًا لكنها لن تنسى لها فعلتها هذه،لقد طفح الكيل من أفعالها ولو علم أبيها أو عمها بأفعالها ستكون هي الملامة الوحيدة لأنها ترافق شخص بهذه الأخلاق أو كانت ترافق... بل ووضعه في شركتهم أيضًا

كما لا يمكنها الطلب من أبيها أن يقوم بطردها بسبب تقربها من طارق في نفس الوقت الذي تقوم بعملها على أكمل وجه ولا تترك ورائها شئ لأحد يلومها عليه، الأمر معقد لكنها لن تيأس وستحاول أن

 تنتهي من هذا الأمر بأقرب وقت... تجمدت وهي تراه يصلي في ركن مكتبه بخشوع جعل قلبها يركض إليه بدقاته العالية التي تؤلمها لدرجة انهمار الدموع من عينيها مجددًا.

أنهى صلاته كالعادة بالدعاء أن يجمعه الله بها ويجعلها سكنه ومسكنه ورفيقته في الدنيا والآخرة، استقام وهو يحمل سجادة الصلاة واستدار ليتفاجئ بها أمامه تنظر له بصدمة وعيونها حائرة وتبكي..

اقترب منها سريعًا ووقف أمامها يهتف بقلق بالغ جعل قلبها يكاد يقفز من مكانه 

" غدير ماذا بك....لما تبكين " 

لم تخفض أنظارها عنه ومازالت الصدمة تتملكها وهي تتأكد من مشاعرها لذلك الطارق الذي طرق باب قلبها بقوة ودخل سريعًا من دون أن تأذن له..

رفعت كفها تمسد جبهتها وأغمضت عيناها وهي تسمع نبرته القلقه رغم خفوتها 

" ماذا بك يا أميرتي....من الذي أبكاك " 

أنزلت كفها وفتحت عيونها وهي تمد يدها له بالملف وهتفت بهمس 

" طارق " 

"ماذا " 

لم ترد عليه ، بل رفعت أنظارها له وتمعنت النظر فيه ببطئ

صوته وعيونه والقلق العاصف في مقلتيه ويرتسم على ملامحه بوضوح، جعل قلبها يؤلمها بدقاته السريعة التي تشعر بها لأول مرة بحياتها...وضعت كفها على صدرها وبكيت بإنهيار وتحركت بسرعة تجلس على الأريكة الموضوعة بجوار مكتبه وأخفت وجهها بكفيها..

احتل القلق قلبه وهو يراقبها ويتسائل هل تعاني خطب ما،هل هي مريضة أو تعرض لها أحد...أسئلة كثيرة جعلت الرعب يتمكن منه، اقترب بسرعة وجثى أمامها بدون أن يلمسها وهتف بخفوت قلق 

" ماذا بك يا صغيرتي " 

أغمضت عيناها وهي تتشرب نغمات صوته حد الثمالة ومازالت الصدمة تتمكن منها...ماخافت من حدوثه يبدو  أنه حدث منذ فترة وهي لا تدري أو تتجاهل الأمر وتنكره عن عمد..

نادته مجددًا بهمس وعيناها مغلقة 

" طارق " 

ليرد سريعًا بلهفة خافته وهو يمنع نفسه من ضمها إلى أحضانه لكي يطمئنها من شئ يحزنها ولا يعرف ما هو

" أنا هنا " 


فتحت عيناها الحمراء لتشتعل حبات البندق بعيناها لتزيد من إرباكه وهتفت بضعف 

" أنا مرهقة...ومتعبة...سأذهب إلى المنزل" 

سحب كفها يساعدها على الوقوف وهتف بلهفة 

"سأوصلك...لن أتركك تذهبي بمفردك وأنتِ في هذه الحالة " 

 ‏سحبت كفها بسرعة يكفيها ارتباكها وصدمتها بل ووضعها المخزي الآن، لما لا تكف عن البكاء؟ وكأنها فقدت السيطرة على مشاعرها ودموعها التي تسيل دون إرادة منها ولا تعرف كيف تتحكم بكل المشاعر التي تتفجر بداخلها... 

 ‏أومأت بصمت توافق على طلبه فهي في حالة لا تسمح بالمجادلة والرفض، بالرغم من أنها كانت تود الهرب بعيدًا عنه الآن، لكنها لم تستطيع غير الموافقة على طلبه الذي مس قلبها بلهفته وقلقه وتركها صريعة لهواه...

تحركت سريعًا ليتبعها ومازال القلق يعصف به على حالها الذي تغير هكذا بهذه السرعة، زفر بألم وهو ينظر لها وملامحه تنضح بإهتمام وخوف على هذه اللاهية..

اهتمام رأته عينان تشع حقد وخبث وعقل يتوعد بالجحيم للجميع إذا لم تحصل على مبتغاها في أسرع وقت، فيكفيها أن تكون على الهامش أو مجرد كومبارس ليس له دور...لا لن تسمح بهذا أبدًا، فقد حان وقت اقتناص دور البطولة والانفراد به رغم أنف الجميع.

رفعت كفها تضغط على صدرها وهي تشعر بحريق نشب به من المنظر الذي رأته ولهفته الواضحة على غدير...غيرة حارقة نشبت في قلبها، لا..لن تتركه لها أبداً وإن كانت هذه الغيرة الحارقة من أجل طارق...إذن فهو طارق ولن يكون غيرة....لن توزع اهتمامها على غيرة بعد الآن وسيكون شغلها الشاغل هو الحصول على اهتمامه وقلبه...فمن حقها أن تحصل على رجل رائع مثله وأيضاً ثري..رجل بنظرها كامل ليعوضها عن كل سيئ رأته بحياتها....لذلك لن تتركه سوى على جثتها حتي لو كانت ستحارب الجميع من أجل الحصول على مبتغاها.


رواية استوطننى عشقك الفصل الثالث عشر 13 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات