رواية استوطننى عشقك الفصل الرابع عشر 14 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك البارت الرابع عشر 14
رواية استوطننى عشقك الجزء الرابع عشر 14
رواية استوطننى عشقك الحلقة الرابعة عشر 14
رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك |
رواية استوطننى عشقك الفصل الرايع عشر 14
الفصل الرابع عشر
في ليلة حزن وحشية
أبحث عن مصدر يحميني
ويعيد دماء شراييني
فأنا مرتعد كالأطفال
طيور النوم تجافيني
أزرع أحلامي يدميها..
سيف الجلاد ويدميني
أزرع في عيني بستانًا
يأتي القناص ويرصدني
يحرق في الليل بساتيني
مهزوم في عشق بلادي
في صرخة سخطي وعنادي
حتى الأحلام تعاندني
وبكل طريق تلقيني
ماأجمل أن أجد إمرأة
في ساعة موتي.....تحييني
(فاروق جويده)
***
تدفقت قطرات الماء البارده بغزارة على رأسه مرورًا بجسده، فسرعان ما تصطدم بسطح الأرض بقوة كما تصطدم الأفكار والذكريات في عقله ليسمع دويها في قلبه وتترك صداها داخل ثنايا روحه...
أغمض عيناه بألم يرتسم على وجهه بوضوح...ألم لم يكترث بإخفائه كما يفعل دومًا أمام الجميع، فهو يحاول ادعاء اللامبالاة بما فعلته زوجته المصون في غيابه، بعد إنفجاره وغضبه تلك الليلة...ليلة عودته من السفر وهو يحمل شوق لها ولهفة تكفي العالم كله وتفيض أيضًا...كان يحمل أمالًا كثيرة أنها قد تبادله العشق وأنه سيعترف بعشقه لها وأنها مازالت زوجتة حبيبته..فهو رددها مرارًا أمامها لكنها لم تفهم مقصده، فيقرر أن يجعلها تعيش لهفة وجمال البدايات من جديد، كان يرغب في الحصول على فرصة جديدة...نعم كان سيقولها هذه المرة صريحة وواضحة لأنها لم تفهم تلميحاته تلك الغبية الغادرة التي حطمت قلبه وسحقت كبريائه تحت قدميها بكل قسوة...متى أصبحتي بهذه القسوة يا قاتلتي؟
مازال يشعر بنفس الألم عندما سأل عنها وعلم أنها سافرت بعد سفره بيومين، لقد غضب والجنون تلبسه كما لم يفعل طوال حياته...لا يذكر من صراخه وأفعاله تلك الليلة سوى مقتطفات صغيرة وكلها حول صراخه وترديده أن وتين مازالت زوجتة ولم يطلقها رسمي وأنه تراجع في يمين الطلاق...وأنه سيذهب ويسحبها من بيروت إلى مصر من خصلات شعرها، صرخ كثيرًا وحطم أشياء كثيرة يحاول بها إخفاء تحطيم قلبه الذي يقسم أن العالم كله سمع صوت تحطمه وصرخات نبضاتة...
لم يقدر أحد على تهدئته والحديث معه، فقد كان في حالة هياج وغضب عارم...
و عندما ضاق بهم من أفعاله سحبه جده معه إلى داخل غرفتة وهو يردد أنه لن يذهب خلفها أبدًا حتى لا يغضب عليه إلى الأبد...بعض كلمات زادت من جنونه وغضبه ليحبسه جده معه داخل الغرفة ساعات مازال يتذكر كل دقيقة بها...
F.b
" ستبقى هنا حتى يعود عقلك إلى رأسك وتهدأ كي نتحدث كالعقلاء"
هتف به عامر وهو يغلق باب الغرفة بالمفتاح عليهم وتحرك يجلس على مقعده بجوار الفراش بعدم اكتراث لبدر الذي يجول في الغرفة بغير هدى ومازال الغضب مسيطر عليه كاليث الحبيس ....تجاهله عامر تمامًا و فتح مصحفه وقرأ القرآن بصوت هادئ شجي..
وقف بدر ينظر لجده الذي حبسه معه بالغرفة وتجاهله وجلس يقرأ القرآن ولم يعيره أي إنتباه..أغمض عيناه ينظم أنفاسه وتحرك يجلس على الفراش يحاول الهدوء والتحكم بأعصابه وهو يستمع لكلمات الله عز وجل تنساب بين خلايا روحه وقلبه حتى هدأ بعد الشئ...
أغلق عامر المصحف بعد أن انتهى من القراءة ووضعه على الطاولة التي أمامه بهدوء وأشار لبدر بصمت حتى يأتي ويجلس بجواره، لبى بدر طلب جده الصامت وجلس بجواره ليتحدث عامر بهدوء
"وتين تعلم أنكم انفصلتم ولا تعلم غير ذلك لأنك لم تخبرها....فبالتالي تصرفت كأنها إمرأة حرة"
حاول بدر مقاطعته ليهتف عامر يكمل وهو يشير له بالصمت
" كانت تمر بحالة نفسية سيئة بني....كانت محطمة وتتظاهر بعكس ذلك أقسم لك "
انتفض ينهض من مكانه وهتف بغضب تجدد مرة أخرى
" وأنا جدي...لما لا تفكر بي قليلًا...أنا كنت سأتزوج من فتاة وتغيرت قبل العرس بساعة ومع ذلك أقسم أنني كنت سأعطي زواجنا فرصة،لكنها رفضت الاستمرار ....ولأنني كنت ألتزم بوعدي معك رضخت لطلبها ونفذته لها رغمًا عني...لكن بعد أن نطقت هذه الكلمة شعرت أن روحي تخرج من جسدي، فلم أتحمل ذلك الأمر....
أنا تراجعت عن يمين الطلاق وحاولت أن أعطي لها فرصة تتقبل وجودي بحياتها....لأنني لا أريدها مجبورة للمرة الثانية "
صمت يستعيد أنفاسه الهاربة قبل أن يتنهد وهتف بألم وهو يتحرك ليجلس بجوار جده مرة أخرى
" أنا بماذا أجرمت لأحصل على كل هذا العذاب....فأنا حتى لم أجبرها على الزواج، بل أنت من فعل...أقسم كنت سأتراجع عندما تراجعت غدير و طلبت أنت منها الزواج ولكن لم أريد أن أسيئ لسمعة غدير.... والحديث الذي كان سيطال وتين أيضًا، وهم يتحدثون عن العريس الذي ترك الزفاف وغادر وكانوا سينسجوا قصص من خيالهم المريض ولم يكن ليقتنعوا أن العروس هي من انسحبت.....لذلك رضخت وأكملت الزفاف...ورضخت وطلقتها كما طلبت هي وأصرت على ذلك....لم يهمني كرامتي وأنا أتوسلها أن تتراجع عن طلبها الطلاق...لكنها دائما متعجلة....متعجلة للانفصال ومتعجلة للهروب والسفر....لقد أهانتني عندما وقفت أمام العائلة كلها تعلن بقوة أنها لا تريدني...وأهانتني مجددًا عندما استغلت سفري وهربت مستغله تأشيرتها لدخول تلك البلاد بأي وقت...لقد منعتها أمامكم من السفر وانا أخبرها أنها زوجتي ولن أسمح لها بذلك...لكنها لم تكترث....لقد حطمت كبريائي وكرامتي كما حطمتهم حفيدتك الأخرى قبل ذلك وهذا مالم أسمح به مجددًا...لذلك سأذهب وأرجعها غصبا عنها "
نظر له عامر بهدوء وهو يعلم أن بدر معه حق بكل كلمة قالها فأي يرجل يتحمل كل هذا، لكنه أيضًا لا يريد من بدر أن يذهب خلف وتين بالأخص بتلك الحالة التي ذهبت بها...قد يصل الأمر إلى أن تنهار أو يحدث بينهم ما لا يحمد عقباه...فوتين تمر بحالة نفسية سيئة وكل ما تريده الآن هو الابتعاد كما أخبرته، لذلك سينفذ رغبتها حتى لو كان رغمًا عنه...لن يخبر بدر بأمر الجنين حتى لا يصر أكثر على الذهاب لها، أعذرني يابني لكني هذه المرة سأفعل ما بصالح وتين فقط لعلي أكفر عن ذنبي تجاهها، حتى لو تركتك لظنونك بأنها هانتك وجرحتك...
مد كفه يمسك بكف بدر وهتف برجاء ضعيف
" تتذكر ما وعدتني به....أنك لن تجبر وتين على فعل ما لا تريده أبدًا حتى لو كان عكس ما تريده أنت.....تتذكر يا بدر أنك أقسمت لي أنك لن تسيئ لها أو تجبرها على أي شئ "
ابتلع غصة بحلقه وأومأ بصمت وقد تيقن من حديث جده القادم ليهتف عامر بسرعة يكمل
" إذن أنت مطالب بتنفيذ قسمك ووعدك لي يابدر ....لم أعهدك تنكس بوعودك يا بني "
انتفض بدر يقف مرة أخرى ورفع يده يمررها في شعره بغضب وهتف
" هذه المرة مختلفة "
" ليست كذلك .....الأمر كله واحد " هتف بها عامر بهدوء ثم أتبع حديثه برجاء
" أرجوك بني الذنب يكاد يقتلني نحو هذه الصغيرة التي لم تحظي بالسعادة أبدا ودومًا كانت فرحتها ناقصة.....لبي رجاء جدك يابني فأنا لا أعلم متى ستحين ساعة موتي وأريد أن أطمئن عليكم....فقط أتركها لبعض الوقت لأنها تريد الابتعاد عنك حاليًا"
اقترب بدر يجلس بجوار جده بإنهزام ليربت جده على كتفه وهتف يكمل
" أعلم أنك أحببتها ...لقد رأيتها بعيناك ، لذلك أعطيها بعض الوقت لترتاح وإذا لم ترجع ،أعدك أني سأفعل أي شئ لجعلها تعود لك سريعًا....أعدك بني "
أومأ بدر بشرود وكلام جده يسحقه بلا رحمة، الآن يشعر أنه حمل ثقيل على كل أنثى تدخل حياته...تشعره بالنقص وتحطم كرامته وكبريائه تحت قدميها بدون رحمة، ترفضه علنًا وتقلل من شأنه...هو بدر من عامل النساء بكل احترام ورقي، لم يعبث معهن في الحرام وكان يغض بصره عنهن كما علمه جده، لقد عاملهم كما أمر الله عز وجل في كتابه العزيز وكان يقول أنهم وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم...وفي النهاية يكون هذا جزاءه، هل تفضل البنات الرجل الغاضب المستبد الذي يجبرهم على فعل مالا يريدون...لكنه ليس هكذا ولن يكون أبدًا، سيبقى كما هو ولن يسمح لأي أنثى مهما كانت التقليل منه واهانة كرامته مهما كان يعشقها...نعم يا وتين لقد اخترتي القسوة والبعد ، حسنا ابتعدي واشتري راحتك وأنا سأشتري ما تبقى من كرامتي التي حطمتيها أمام الجميع أكثر من مرة..
تنهد يحاول تقليل الثقل الجاثم على صدره وهتف بعد برهة بتقطع متألم
" تعود أم لا....لم يعد يعنيني الأمر....كما أنني لن أسمح لأي مخلوق بإهانة كرامتي بعد الآن...لقد اكتفيت "
ختم كلامه يقف ويتحرك ليغادر من الغرفة وقبل أن يغلق الباب خلفه هتف بتصميم
" يمكنك الاطمئنان يا جدي لن أذهب خلفها أبدًا حتى لو بقيت هناك لأعوام عديدة....لقد ذهبت برغبتها...وعليها العودة برغبتها...فبعد كل شئ أنا مثلما أنا...لن أجبرها على شئ لا تريده "
قالها وخرج من الغرفة بل من المنزل كله...كان محبط غاضب، يشعر بالغدر و الذل ومع كل هذا تسلل شعور الاشتياق اللعين إلى قلبه ليزيد من غضبه حد الاشتعال...
مد يده يغلق المياة وسحب المنشفة يلفها على خصره ومن ثم خرج من الحمام بتثاقل مرهق...لم يكن ارهاقه جسديًا بل نفسيًا بحت، فهو كل يوم يشتاق أكثر ويتألم أكثر وأكثر، ويشعر أنه تائه، حزين، ومختنق...
لِما فعلتي ذلك يا حبيبتي؟لِما جعلتني كالمحروم أتفقد أي خبر عنك وأدعي أنني لا أكترث...بل وأحاول تتبع رائحتك بكل مكان في هذه الشقة التي لم نجتمع بها سوى مرات تعد على أصابع اليد الواحدة...لما حولتيني لطفل يتيم يحتضن ملابس أمه ليستنشق رائحتها عله يأتيه النوم الذي يجافيه...
استلقي على الفراش ولم يكترث لإرتداء ملابسه...
مد يده لجهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز يشغله عله يبعد تفكيره عنها...ألقى جهاز التحكم على الفراش ومد يده يتلمس مكانها وهو يتذكر تلك الليلة عندما نا*مت بين أحض*انه وهمسها له...تدفقت ذكريات تلك الليلة الى عقله وما تبعها من امتلاكه لها ونو*مهم بأح*ضان بعضهم...مزاحه معها ومقالبه الذي يجن جنونها بسببها...
أغمض عيناه بألم لتنزل دمعة من عيناه لم يقدر على حبسها أكثر من ذلك، لتأتيه كلمات القيصر تزيد من حريق صدره و تشعل قلبه حزنًا على هجر حبيبته له..
عامان ما رفّ لي لحنٌ على وترٍ
ولا استفاقت على نورٍ سماواتي
أعتّق الحبّ في قلبي وأعصره
فأرشف الهمّ في مغبرّ كاساتي....
" شهران يا قيصر...شهران...وأتمني أن لا يصبحوا عامان، لأنني لن أحتمل وأقسم أنني سأموت من شوقي لها "
همس وهو يغلق التلفاز بضيق وتحرك ينهض لكي يخرج إلى الشرفة يحاول استنشاق بعض الهواء علها ترطب صدره المشتعل بنيران الإشتياق..
ولم يكن يتنهد حتى صدح صوت موسيقى وغناء عالي من الدور السفلي وبالأخص من شرفة الكارثة المسماة غدير ..
ازاي أرتاح وأنا شايفك غايب ومفارق...
من قالك بعدك مش فارق
مفيهوش معاناة...
فين مابيتراح ...بفتكرك وبتوحش عيني..
أصل إلي ما بينك وما بيني
عمري ماهنساه...
استدار يدخل الغرفة بسرعة وهو ويغلق الستائر خلفه بحنق وهو يتسائل هل هناك ظاهرة كونية تقف ضدة اليوم ،أفكاره والمشاعر المشتعلة بصدره...التلفاز وكذلك الكارثة غدير ،لماذا كل شئ يتحالف ضده اليوم...
ألقى بنفسه على الفراش عله يستدعي النوم ويرتاح من معاناتة هذه ولم ينسى أن يخرج قميص وتين من أسفل الوسادة ويلفه على ذراعة، يستنشق عبيره مثل كل ليلة حتى يأتيه النوم الذي أصبح زائراً عزيزاً عليه..وكأن مع رحيلها اختفت كل راحته...
********
بعد مغادرة طارق ذهبت مباشرة إلى غرفتها كي تحاول استجماع بعثرة مشاعرها التي خانتها وانكشفت أمام طارق في لحظة ضعف...ضعف كانت قد أقسمت أنها ستتخلص منه كما تخلص منها ذلك الغادر،حبيبها وخطيبها الذي تركها وألقى في وجهها خاتم خطبتهم..كأن ماكان يربطهم ببعضهم سوى الخاتم فقط وليس عشق دام لسنوات، منذ أول مرة رأته فيها مع طارق وقعت بعشقه فورًا...لتكبر ويكبر ذلك العشق بقلبها، لتكتشف ذات يومًا أن حبيبها يعشقها كما تعشقه...
حبيبها الذي كان يشجعها لتجتاز المرحلة الثانوية وتدخل الجامعة كي يتقدم لخطبتها لأنه كان قد تخرج وقتها من كلية الشرطة واستلم عمله بمكان بعيد..كانوا دائمًا على اتصال وعندما كان يأخذ أجازته كان يأتي تحت المنزل ليرها ولو من بعيد حتى لا ينتبه عمها أو عائلته...وكل شئ كان بمعرفة طارق ومباركتة، وهكذا مرت الأعوام وتقدم لخطبتها وهي بعامها الثاني في الجامعة...كانت تحلق في السماء من السعادة إلى أن جاء اليوم المشؤم الذي دمر حياتهم وحطم سكينتهم، يوم أن خانه صديقه واستغله بمتاجرته في المخدرات ولم يكفيه هذا بل عندما علم أن هناك قوة خرجت للقبض عليه وأن المسؤل عن القبض عليه هو الظابط يوسف مهران صديقه...هرب منهم بعدما انكشفت صلته بيوسف الذي وجهت إليه أصابع الإتهام من قبل رؤساه...وعندما لم يحصلوا على دليل ملموس يدين يوسف قاموا بنقله لمناطق نائية وبعيدة وكأنه عقاب ولكن ليس بطريقة رسمية.. ليقضي سنين عمله بين أقصى الجنوب وأقصى الشمال ومناطق عديدة ولكن كل هذا لم يكسر يوسف، ماحطمة هو الخيانة...صديقه وأخيه الذي كبر معه وكان يحبه كأنه ولد من نفس الرحم الذي ولد منه...صديق عمره الذي طعنه وخانه ودمر مستقبله ودمر حياته، ليفقد الثقة بعدها بأي شخص قريب منه ويتجنب الناس وهي من ضمنهم ..كان يبتعد عنها ولا يحدثها وعندما حاولت الحديث معه رفض يشاركها أيا من همومه، إلى أن أخبرها طارق أن يوسف ابتعد عنه هو الأخر وعن بدر أيضًا ولا يريد الاقتراب من أحد وأنه أغلق على نفسه تمامًا...لتتخذ قرارها وتسافر له هي وطارق إلى محل عمله كي تتحدث معه وتأزره...لكن كانت المفاجأة الصاعقة بإنتظارها عندما نزع خاتمه وقال أنه لا يريد الاستمرار في هذه الخطبة وأن كل ما بينهم انتهى...ولأنها كانت تعلم ما يعتمل بقلبه حاولت معه وترجته أن يكف عن جلد نفسه ويسترد ثقته بمن حوله...لكنه لم يكن يصغي لها أبدًا...بل صرخ بحديث مازال صداه يتردد بأذنيها ويكاد يصيبها بالصمم
" أنا لا أريدك...ألا تملكين بعض من الكرامة....اذهبي أنا لا أريد أن أراك بعد الآن .....لقد مللت وانتهي كل شئ "
رفعت كفها إلى صدغها تربت عليه كأن ألم الخاتم الذي قذفه في وجهها مازال يؤلمها وبشدة والذكرى تعود للمرة المليون تجرح عقلها وقلبها
F.b
انحنت تأخذ الخاتم من تحت قدميها بعد أن قذفه بوجهها بمنتهي القسوة والجبروت...أغمضت عيناها تحاول استمداد القوة من داخلها واستقامت تنظر له وهتفت تدعي القوة والصلابة بصوتها
" الحب ليس مجرد كلمات و اليوم الذي اكتشفت أنني أحبك ووافقت على الزواج بك...أقسمت أنك ستكون أبي الذي يعوضني عن أبي الراحل وأخي وصديقي وحبيبي....أقسمت أن أتشارك معك كل شئ، السيئ قبل الجيد....لذلك أنا هنا اليوم لأكون بجوارك ومعك وأمنعك من الوقوع في هوة مظلمة ستقضي عليك "
التفت يعطيها ظهره وأغلق عيناه بقوة وهتف بقسوة وغضب
" وأنا لا أريدك بحياتي بعد اليوم.....ولا أريد أي شخص أخر ....لذلك حافظي على ما تبقى من كرامتك وغادري...غادري وابحثي عن شخص أخر ...شخص ذكي وليس غبي وأحمق "
نزلت دموعها بقهر وشعور المهانة والذل يسيطر عليها ويخنقها وهتفت بضعف
"حسنا....سأرحل عنك لكن تأكد أنني فعلت كل مابوسعي لأبقى لكنك دفعتني بأفعالك خارج حياتك....الوداع يوسف.....تأكد أني لن أسامحك طوال حياتي "
خرجت تركض ليلحق بها طارق الذي كان ينتظرها بالخارج ويسمع كل حوارهم ولا يمكنه التدخل...رجعوا يومها إلى البيت لتنهي عطلتها بمنزل أمها وزوجها وترجع لمنزل عمها وعائلته الذي كانت تعيش معهم منذ زواج أمها من عمها مسعد...لتبقى هناك وتأتي لزيارة أمها كل فترة إلى أن تخرجت من الجامعة ليفاتحها عمها برغبته في زواجها من ابنة حتى لا تتزوج بغريب يخدعها ويتركها مرة أخرى
وأيضًا حتى لا يتدخل غريب بأموال العائلة...لكنها لم تقدر، تقسم أنها حاولت لكنها فشلت ولم تحتمل أبدًا فهي لم تتمكن من نسيانه ولم يخفت غضبها منه أبدًا وإن كان جزء صغير بداخلها كان يقدر ظروفه بذلك الوقت...ومع ذلك لقد جرحها جرح كبير لم يشفى بعد...
لم تجد حل أمامها سوى بيع نصيبها من كل شئ لعمها والقدوم إلى هنا كي ترتاح من إلحاح عمها التي تقسم أنه بإمكانه فعل أي شئ للحصول على أموالها... لذلك كان أمامها حلين، إما أن تتزوج من ابن عمها، أو تبيع نصيبها وتأخذ الأموال وتكسب نفسها...فاختارت أهون الحلول وكسبت نفسها وجاءت إلى هنا علها تحاول البدء من جديد والعمل والبحث عن ذاتها بعيدًا عن العشق وجراحه..
تنهدت ورفعت كفها تمسح دموعها التي غافلتها ونزلت بدون وعي لتعلن تمردها عليها...انتفضت من مكانها بغضب ودلفت إلى الحمام تغسل وجهها بقوة وسرعة كررتها لمرات عديدة...رفعت رأسها تنظر للمرآه وهتفت بقوة
" يكفي ضعف ليال...فكري بحياتك القادمة وعملك وخططي لمستقبلك فقط بدون ضعف يافتاة....يكفي بكاء وآلم على ذلك الخادع... فقط يكفي "
***********
حاولت إلهاء نفسها عن التفكير به بسماع بعض الموسيقى والغناء لكنها فشلت فشلًا زريع...فكل الأفكار تأخذها لاكتشافها الجديد حول مشاعرها نحو ذلك الطارق الذي خطف قلبها واحتله بدون اذنها...
ابتسمت ابتسامة حالمة وهي تنظر للرسالة التي أتتها منه منذ ثواني على حسابها الخاص، بضع حروف تحمل تحية بسيطة جعلت قلبها يقفز فرحًا..ماهذه الحالة الميؤس منها التي وصلتي لها يا غدير ...استلقت على فراشها بدلال وكتبت له ردًا على تحيته..
" أهلا طارق "
ليأتيها الرد سريعًا
" كيف حالك.. هل أصبحتي بخير "
ابتسمت بحب و ردت
" بخير ... شكرًا طارق "
" ما الذي أصابك غدير .....هل أذاك أحدًا..أو أزعجك أحدًا...هل أنا من أزعجك من دون أن أدري...فأنا لم أراك بهذه الحالة من قبل "
تنهدت بعشق على ذلك الحنون الذي تحبه وكتبت
" لا تقلق أنا بخير ولم يزعجني أحدًا....كل النساء تتقلب هرموناتهم بسرعة فتنزعج وتبكي من أتفه الأسباب...وتسعدها دومًا أبسط الأشياء "
بعث لها وجه ضاحك وكتب
" يا إلهي لا أصدق أنتم حمقى....وهرموناتكم مجنونة مثلكم "
" لو سمحت لا تسب هرومانتي حتى لا أبكي مجددًا "
تبعت رسالتها بوجه يبكي
" لا لا تبكي أرجوك "
" لماذا "
" لا أحب رؤيتك تبكين غدير "
" لماذا "
" يومًا ما "
وجه يتسائل وكتبت
" كلما سألتك عن شئ تقول يومًا ما....هل سيأتي هذا اليوما ما قريبا؟ "
" هذا ما أتمناه "
وأتبع برسالة أخر " تصبحي على خير غدير "
ابتسمت ودقات قلبها تتسابق على وشك الخروج من قلبها وكتبت
" وأنت من أهل الجنة طارق "
تركت الهاتف بجوارها وابتسامتها لا تفارق وجهها وسؤال واحد يتردد بعقلها وقلبها...هل طارق يحبها كما تحبه؟
أو يكون معجب بها على الأقل وتقسم أنها ستجعله يحبها كما تحبه ولو رغمًا عنه، فهي لن ترتاح حتى تحصل عليه وعلى قلبه....لكن سرعان ما نهرت نفسها، كيف يكون يحبها وهي كانت مخطوبة لصديقه المقرب وكانت ستتزوجه...ياإلهي ما هذا التعقيد، هي واثقة أن بدر لا يحبها ويعشق وتين وهذا شئ أصبحت متأكدة منه...وإنها قطعًا لا تحب بدر ذلك الحب وإنما تحبه كأخيها وهذا أيضًا شعور أصبحت متأكدة منه...لكن السؤال هل يعرف طارق هذا الأمر، والأهم هل يحبها...
تنهدت وهمست بحرارة
" أتمنى ذلك "
ابتسامة سعيدة زينت محياها وهي تسمع رنين هاتفها وترى اسم وتين على الهاتف...
أخذت الهاتف بلهفة بالغة وفتحت المكالمة و هتفت بسعادة وسرعة قبل أن تتحدث ابنة عمها حتى،،،
" وتين اجعلي بيروت تقيم الاحتفالات يا فتاة....أنا قادمة إليكِ فإستعدي لتقمص دور المرشدة السياحية ياعزيزتي"
رواية استوطننى عشقك الفصل الخامس عشر 15 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)