📁

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت السادس عشر 16

رواية استوطننى عشقك الجزء السادس عشر 16

رواية استوطننى عشقك الحلقة السادسة عشر 16

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس عشر 16 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل السادس عشر 16


الفصل السادس عشر


دائمًا نظرات الاشتياق سهل قراءتها على ملامح الوجوه...وهذه النظرات تكون أغلب تواجدها في المطارات، سواء المنتظرين للقاء بعد شوق وفراق، أو عند الوداع...دائمًا لحظات الوداع وترك أحبابك خلفك تكون أشد أنواع الآلم...لأنك أحيانًا تكون مرغمًا على الرحيل...مثلما فعلت هي، كانت مرغمة على الرحيل وترك عائلتها خلفها وترك زوجها حبيب عمرها..وإن كانت صادقة مع نفسها فرحيلها كان بسببه وبسبب حبها المرضي له..

كانت ممزقة وتشعر بصقيع احتل كيانها لدرجة كانت تشعر أنها على وشك الموت والحقيقة أنها مازالت تشعر بذلك الصقيع رغم محاولات جدتها وخالتها وتيم وأيضًا عمتها التي تهاتفها دومًا بمكالمات الفيديو وكذلك جميع العائلة...معاداه هو! 

لهذه الدرجة ارتاح بسفرها، لهذه الدرجة لم تترك بداخله أي أثر ولا حتى كإبنة عمه، لا زوجته...فهو لم يهاتفها ولو لمرة واحدة حتى ولو من أجل صب غضبه عليها، بسبب فعلتها تلك

فقط كل ما قابلها من تجاهه هو الصمت...إذن لِما فعل فعلته التي أربكتها و تناقض جميع أفعاله الحالية ولامبالاته، فهي متأكدة أنه لم يجبره أحدًا هذه المرة وانما فعلها بمحض إرادته الكاملة...صحيح أنها لا تعلم السبب الحقيقي خلف هذا التصرف ودائمًا تسأل نفسها لماذا فعلها؟ وكالعادة تخاف من التعلق بالأمل، حتى أنها لا تنام من كثرة التفكير والألم الذي يضرب جسدها وروحها على حد سواء، وقد لجأت للأقراص المهدئة بضع مرات إلى أن أخذتها منها خالتها وجعلتها تقطع وعد بأنها لن تأخذها مرة أخري، لقد أوفت بوعدها لخالتها ومع ذلك لم تعد تنام سوى بعض ساعات متفرقة، تجعلها مرهقة الأعصاب دائمًا، وبالرغم من هذا، الأفكار لا ترحمها والأسئلة تبتلعها كدوامة بمنتصف المحيط..

عندما كانت معه كانت دومًا تسأل لماذا لم يحبني ولماذا يتصرف هكذا...والآن  أيضًا مازالت هذه اللماذا تحتل حياتها...لماذا لا يهاتفني ولماذا لا يشتاق...وعشرات اللماذا، أسئلة لا تعلم إجابتها بعد، أم تعلمي وتخافي من الإجابة...تخافي أن تعترفي أنك لا تعنين له شئ حتى بعد أن علمتي حقيقة موقعك في حياته...وأنك ضعيفة هاربة، هربت من مواجهة عشقها أحادي الطرف ومن طلاقها الكاذب! وفقدان طفلها...

طفلها الغالي الذي لم تعلم بوجوده وفقدتة دون أن تراه حتى ...طفلها وطفل حبيب عمرها وقطعة منه، والحقيقة الوحيدة بحياتها...نعم فكل من بحياتها بدائل، عمتها بديل لأمها وجدها بديلًا عن أبيها...وغدير تلك الحمقاء بديلًا عن أختها، حتى زوجها ابتعدت عنه، أما طفلها كان سيكون قطعة منها، تشعر به ويشعر بها..حقًا كانت تتمني وجوده وعندما فقدته تمنت وجود بدر بكل كيانها، أرادت دعمة وحبه أرادته يذيب صقيع روحها لكنه لم يكن هناك...لم يأتي من أجلها، حتى عندما رجع من سفره لم يأتي لها أو يهاتفها..لتفهم رسالته التي وصلت لها من خلال صمته وابتعاده وهي أنك لا تعنيني وكذلك طفلك لا يعنينى...نعم هذا قراره الذي علمته من خلال صمته...قرار فهمته خلال شهر كانت أغلقت على نفسها وابتعدت عن الجميع بعدما جاءت إلى هنا، لا تنكر  أنها كانت تنتظره أن يأتي أو يهاتفها أو يرسل رسالة، لكنه لم يفعل ولا أي شئ..لتقرر أنها لن تعذب عائلتها الأخرى معها ولن تسبب الحزن لجدتها وأنها سوف تخفي جراحها بداخلها وتحاول الاستمتاع ولكن كل هذا هراء وقد فشلت فشل زريع وهي تشعر بنيران تحرقها من الداخل ولا تعرف كيف تطفئها...فشوقها يزيد كل يوم بشكل مهلك لأعصابها، وقلبها يئن من الاشتياق...

" أرى بعينيك نظرة حنين....ترى لمن هذه النظرة...لا أصدق أن هذا  الشوق الكبير المنبعث من عيناك لغدير فقط " 

استدارت تنظر لتيم الذي وضع أمامها مشروب الشوكولاته الساخنة وجلس أمامها بمقهى المطار لإنتظار غدير...نعم تشتاقها وتشتاق كل عائلتها وتشتاق كل شئ وكل فرد هناك وأكثر مايؤلمها أنها لا تتجرأ على العودة رغم معرفتها بعذاب جدها وعمتها لكنها مازالت بحاجة للوقت والإبتعاد..

ابتسمت ابتسامة ضعيفة وهتفت بحنين 

" نعم أشتاق لغدير وما تحمله غدير من رائحة عائلتي ووطني الحبيب " 

عقد حاجبيه وضيق عيناه الشبيهه لعينيها وعين والدتها وجدتها كثيرًا وهتف يدعي الحنق 

" ماهذا يا وتين...هناك وطنك الحبيب...وهنا ماذا....أليس لبنان وطنك ووطن أمك والذي تحملين جنسيته أيضًا....فأنت هنا ولدتي أم نسيتي هذا يا مدام" 

أنهي كلامه وغمغم يقلد صوت وتين بحنق وهتف يكمل 

" بلهاء " 

ابتسمت وضربته برفق على كف يده الممسك بقدحه وهتفت 

" أنت الأبله....أنا أتشارك جنسيتين ووطنين وأعشق هؤلاء الوطنين كثيرًا....عندما أكون هنا أشتاق إلى مصر الحبيبة وكل مابها والأهم عائلتي....وعندما أكون هناك أشتاق إلى لبنان الغالية كثيرًا وإليكم أكثر......أنا إنسانة لعنت بالإشتياق طوال حياتها "


مد يده يربت على كفها وهتف بنبرة صادقه وجدية شديدة 

" أعلم أنك تحبين عائلتك الأخرى أكثر... ووطن أبيك أكثر لذلك فضلتي البقاء معهم عندما سألتك جدتي فور أن كبرتي وادركتي حقيقة كل شئ حولك.... لذلك لِما تعذبين نفسك ببُعد ينهش قلبك ويقتاد عليه....لماذا يا واتي " 

سحبت كفها تمسك قدحها تشرب منه قبل أن تهتف بمرارة 

" أحيانا عندما يجتاز حبك لشئ المعدل الطبيعي بمراحل كثيرة، فتتأذى بسبب هذا الحب.....وقتها تدرك أن الابتعاد هو الحل الأمثل قبل أن تدمر ما تبقى منك...فقط كل ما تريده وقت مستقطع تشحن به طاقتك بعد كل ما مررت به " 

" لهذه الدرجة تعشقينه وتين " 

هتفت برجاء حزين تقاطعه قبل أن يتمادي في الحديث حول هذا الأمر 

" تيم أرجوك توقف " 

أومأ بإستسلام ونظر لساعته ووقف عن مقعده يمد يده لوتين وهتف ..

" هيا بنا لقد وصلت الطائرة " 

أومأت بصمت وتحركت معه بلهفة لرؤية ابنة عمها التي كانت في قمم السعادة عندما هاتفتها وأبلغتها بقدومها...ياالله لقد تغير كل شئ وكل العلاقات خلال الشهور الماضية وبالرغم من كل شئ إلا أنها سعيدة بتغير غدير واقترابهم من بعض مجددًا بعد كل ذلك البعد...

رفعت يدها تشير بلهفة لغدير التي اقتربت منها بلهفة أيضًا توازي لهفتها، تحركت وتين  تقابلها لتضمها بسعادة وحب كبير جعل الأنظار تلتفت لهاتين الفاتنتين...

اقترب منهم تيم يفصلهم برفق وهو يتنحنح وهتف بمزاح 

" حسنًا يكفي هذا....فالناس التفتت لنا  وتشاهدكم يا فاتنات.....يا لي من محظوظ الآن وأنا أقف بجوار هذا الجمال كله " 

ضحكت وتين وضربته على ذراعه والتفتت لغدير وهتفت بإبتسامة 

" هذا تيم  " 

ابتسمت غدير وهتفت تمازح تيم بعد أن ألقت التحيه عليه

" ماهذا يا تيم .....الصور لم تكن منصفة أبدًا في حقك....فأنت وسيم على الحقيقة كثيرًا يا رجل " 

ابتسم تيم بزهو وغمز لوتين التي تكتم ضحكتها وهتف بغرور لغدير 

" هذا أقل شئ عندي يا فتاة " 

أفرجت وتين عن ضحكتها أخيرًا وهتفت تسحبهم لتتحرك 

" حسنًا ....لن نتخلص من غروره بعد الآن ....ولكن لنؤجلها حتى نصل إلى المنزل حفاظًا على الأمن العام " 

ضحكوا وتحركوا يتغلغلوا وسط الزحام للخروج من المطار 

قبل أن تهتف غدير بشوق بالغ وهي تنظر لها بسعادة

" يا إلهي لقد اشتقت لكي كثيرًا وتين ....أقسم اشتقت لدرجة مؤلمة " 

وقفت وتين بصدمة من تصريح غدير المفاجئ لها وهتفت بتأثر وهي تضمها مجددًا بشوق 

" وأنا أقسم لكِ....اشتقت لكي كثيرًا....واشتقت للجميع " 

ربتت غدير على ظهرها وهتفت بهمس 

" الجميع متألم من فراقك وتين.....أقسم الجميع بدون استثناء " 

ابتعدت وتين ببطئ تنظر لغدير  بتساؤل حزين فأومأت برأسها وهتفت بحزم تأكد كلامها 

"الجميع أقسم لكِ " 

مسكت كف غدير تحثها على التحرك وهتفت تتجاهل كلمات غدير التي أصابت قلبها بسهم قاتل وجعلت نبضاته كالمفرقعات تدوي وتدوي حد الآلم 

" هيا حتى ترتاحي من إرهاق السفر " 

 ‏ ‏*****


ترك ليال بمكتبه وتحرك بسرعة بالغة يذهب لمكتب بدر فلم يعد يتحمل ذلك الخصام بعد الآن...لقد كان في حالة نفسية سيئة عندما دخلت عليه ليال تستشيره في بعض الأعمال  لتراه بهذه الحالة، فمنذ سفر غدير وهو يشعر بالاختناق والاشتياق...ومنذ خصام بدر يشعر بالوحدة تمزق روحه، وعندما رأته ليال بهذه الحالة غضبت من إستسلامه لخصام بدر وتركه كل هذه المدة يستوعب الأمر...فكان من المفترض يواجه بدر مباشرة وإنهاء ذلك الخلاف للأبد...لا ينكر أنها معها حق لكنه كان يشعر بالخجل من صديقه لأول مرة بحياته..

لذلك عندما أشعلت ليال حماسه لمصالحة بدر تحرك فورًا يذهب إليه بدون لحظة انتظار واحدة..

فتح الباب مباشرة دون إذن بطريقة أجفلت بدر الذي يجلس خلف مكتبه  ويعمل على حاسوبه بتركيز شديد، وعندما رفع أنظاره يصب غضبه على الذي قاطعه ودخل بتلك الطريقة الهمجية..

تفاجأ بطارق الذي دخل وأغلق الباب خلفه واقترب يتكئ على المكتب أمام بدر وهتف بحزم 

" يكفي....لم أعد أتحمل هذه الحالة ....لن أتحمل صمتك مجددًا...يمكنك إن  تصب غضبك علي أو حتى أضربني كي ترتاح لكن هذا الصمت لن أتحمله منك بعد الآن " 

نظر له بدر ببرود ورفع حاجبه ولم يرد على طارق بطريقة استفزت الأخير كثيرًا...زفر وجلس على المقعد المقابل له وهتف بغيظ 

" حسنًا لا ترد....لكنك ستسمعني رغمًا عنك " 

 ‏زفر بدر بحنق وهتف يكتم غضبه 

 ‏" لا أريد سماع شئ منك يا...."

 ‏ابتلع مرارة حزن وهتف يكمل

 " يا صديق عمري....يا أخي " 

 ‏وقف طارق بسرعة واقترب من بدر وهتف يبرر بتأثر خائف 

" لا يا صديقي لا تضعني في هذه الخانة....أنا لست خائنًا يابدر....مستحيل أن أكون هكذا " 

وقف بدر بغضب يمسكه من قميصه وهتف بغضب

‏" أصمت يا أحمق....مستحيل أن أصفك بهذه الصفة....رغم كل ما عرفته، لكنني على يقين أن صديقي ليس خائن...بل غبي وأحمق كبير كاد أن يقتل نفسه بيدي أنا " 

 ‏تركه بدر و نفض يديه عنه وابتعد يهتف بحزن ممزوج بلوم 

" وبالرغم من ذلك أنا غاضب منك كثيرًا...لقد أخفيت عني مشاعرك ولم تصارحني قبل عودتي، وعندما علمت أني سأتزوجها صمتت ولم تتحدث....كيف تصمت على أمرًا كهذا، لماذا لم تخبرني بحُبك لها؟ لماذا؟....وكيف سيكون وضعك لو أنني  تزوجت منها؟....كيف تحولني لسلاح كاد يقتلك يا غبي؟....بل ياأغبى خلق الله " 

أنهي كلامه وجلس بإنهزام على الأريكة ونظر لطارق بعتاب صامت، عتاب قرأه طارق بسهولة وقد أصاب قلبه في مقتل... ليتقدم ويجلس بجواره وهتف بضعف شديد لن يخجل من اظهاره لصديقه وأخيه..

" هل تريد أن تستمع وتحمل معي مشاعري التي أصبحت سلاحًا يؤلمني من كثرة الكتمان والاشتياق  " 

 ‏نظر له بدر بغموض وهتف بحزم 

 ‏" نعم أريد "

 ‏تنهد طارق ورجع برأسه للخلف، لكم تمنى هذه اللحظة واشتاق لها كثيرًا...لحظة أن يقص لبدر  عن وجعه وعشقه، صديقه الذي لم يخفي عنه أي أمر طوال حياته ماعدا هذا الأمر...لقد أخفاه حتى عن نفسه أحيانًا حتى تفجر ذلك العشق بقلبه وحوله إلى أشلاء ولم يعد بإمكانه السيطرة على الوضع.. 

" كانت صغيرة عندما سرقت قلبي....صغيرة مغرورة ولكنها كانت تعجبني كثيرًا....حاولت تجاهل الأمر تمامًا و رجحت ذلك لأني أعاملها كأختي الصغيرة أو صديقتي الصغيرة مثل وتين ....وأن القلوب تتقلب مثلما قالت أمي رحمها الله...وربما هذه مشاعر مؤقته وتذهب سريعًا....لكن للأسف لم يحدث "

صمت برهه يمسح على وجهه ونظر لبدر الصامت وأكمل 

" حاولت أن أنجذب لفتيات الجامعة الذي عمرهم مناسب وليس فتاة صغيرة لم تدخل المرحلة الثانوية بعد....لكني فشلت ...حتى عندما تغيرت بفترة من الفترات، عندما كانت في بداية دراستها الجامعية، أصبحت نزقة وحقودة وتسبب المشاكل دائمًا لوتين ....بالرغم من أن وتين لم تخبرني وكانت تتهرب دوًما عندما أعلمها بمعرفتي للأمر من العم عزت أحيانًا، عندما كان يفيض به ويشكو من أفعالها المريرة.....لكنها كانت تبرر أفعالها دومًا....كنت أغضب من أفعالها، لكن لم أكف عن حبها أبدًا " 

قاطعه بدر بزمجرة وهتف بغضب 

 ‏" هل كنت تتحدث مع وتين أثناء سفري....ومنذ متى علاقتكم قريبة هكذا ....وهل وتين تعلم عن مشاعرك " 

كتم طارق ابتسامته من حديث بدر الذي لم يكترث لحديثه عن غدير ولم يهمه سوى وتين فقط...تنحنح يهتف بمهادنة 

" وتين صديقتي المقربة والتي كنت أساعدها في دراستها بإذن من جدي عامر ونتحدث دومًا بعلمه....حتى أننا نتشارك محادثة جماعية أنا وهي وليال " 

" ماذا ....ولماذا لا تخبرني بذلك من قبل " 

صرخ بدر ينتفض ويستدير ينقض على طارق الذي هتف يدعي الخوف 

" ظننتك تعلم ....منذ أن ماتت أمي وأنا وهي أصدقاء ....كانت بحاجة لأخ يعوضها عن وحدتها ويكون بجوارها ....وأنا كنت بحاجة لأخت تقف بجانبي وهي فعلت وأصبحت صديقتي الصغيره وأختي قبل أن تنضم لها ليال...."

 ‏مسكه بدر من قميصه مرة أخرى وهتف بغضب 

 ‏" ماشاء الله تتقمص دور أخ البنات وتخفي عني يا حيوان.....أنا أرفض صداقتك بزوجتي ولو حدثتها مرة أخرى سأقتلك..... هل فهمت " 

رفع طارق يده بإستسلام وهتف بتردد 

" حسنا....مع اني كنت أحدثها قبل قليل من أجل اقناعها بالعودة ووعدتني بالتفكير في الأمر " 

سحب بدر يده بإرتباك متردد وجلس مكانه وهتف بحنق يخفي ارتباكه وقفزات نبضاته التي على ذكر أسمها أقامت الاحتفالات..

" تقنعها بالعودة... أم تطمئن على المغرورة الأخرى يا وغد " 

 ‏حك طارق رأسه بحرج من فهم صديقه له، لكنه لم يكذب فكل محادثاته لها منذ سفرها كان يقنعها بالعودة، أما اليوم كان السبب الرئيسي هو الاطمئنان على غدير منها وكذلك حثها على العودة سريعًا...تدارك نفسه وهتف يدعي  اللامبالاة 

" تذكر أنك خرجت عن الموضوع الاساسي ولم تدعني أكمل من أجل الأميرة الساحرة خاصتك " 

زمجر بدر بغضب و هتف بسخرية مزيفة  توازي دفعه برفق من ذراعه 

" احكي يا شهرزاد ولكن بإنجاز...لقد مللت من قصة الشاطر طارق وأميرته المغرورة" 

إبتسم طارق بإغاظه وتنهد ليهتف بجدية 

" كنت أنوي الحديث معك أقسم لك لكني خوفت، ليس منك....لكن منها هي فشخصيتها كانت تحولت للنقيض وكنت مدرك تمامًا أنها إذ علمت عن مشاعري سوف تنتقص من شأني وستنظر لي على أنني موظف بسيط أعمل بشركتكم...وكانت ستهين كرامتي وهذا مالم أكن أقبل به أبداً " 

 ‏نظر له بدر بإستنكار ليقابله طارق بإماءة مؤكدة وهتف سريعًا كي لا يقاطعه بدر مجددًا فها هو أخيرًا يفصح عن مشاعره


‏" نعم بدر أنت لا تعلم كيف كانت في هذه الفترة قبل عودتك من السفر، فلم أجد طريقة غير الاحتفاظ بمشاعري واخفاء الأمر داخل قلبي "

ابتلع ريقه وقد وصل لأكثر جزء يؤلم قلبه ويرهق مشاعره

زفر أنفاسه ببطئ قبل أن يكمل 

" بعد عودتك حاولت اخبارك لكن كان دومًا يحدث شئ يؤجل الأمر....إلى أن جاء اليوم الذي أخبرتني به أنك سوف تخطب غدير وبالرغم من أن أسبابك لم يكن من ضمنها الحب، لكن لم أقدر أن أخبرك .....كيف كنت سأخبرك أن تتركها لأني أحبها وأنا متأكد أنها لا تبادلني الحب ولن تفعل أبدًا " 

غرق  يتذكر كيف مر هذا اليوم عليه فبعد أن تركه بدر ورحل لم يتحمل الآلم الذي ضرب قلبه حد الوجع وتحول لموجة من الغضب يحطم كل شئ تطاله يداه...إلى أن أرهق تمامًا وجلس أرضًا يبكي بضعف كالطفل اليتيم الذي حرم من حنان أمه، وهو كذلك حرم من حنان وحب أمه وحرم من الفتاة الوحيدة الذي أرادها وتمناها في حياته...لم يعرف كم من الوقت بقي على هذه الحالة حتى نام في صالة منزله التي تعم بالفوضي والحطام، الذي يشبه حطام قلبه وروحه ليفيق باليوم الثاني ولم تختلف حالته خلال تلك الفترة سوى أنه يدعي الله أن يعطيه القوة ليتحمل وجودها بجوار صديقه...لكن بالرغم من ذلك لم يتجرأ ويدعي الله أن يكف عن حبها، لكنه كان يدعي الله أن لا يفطر قلبه...لتحدث المعجزة ويتفاجأ يوم الزفاف الذي ذهب إليه ممزق الروح ومكسور القلب، أن العروس هي وتين وبالرغم من عدم فهمه لما يحدث لكنه شعر أن الحياة عادت إلى جسده من جديد...

كان بدر يستمع لصديقه بقلب نازف ولسانه يردد بالشكر أن غدير تراجعت عن الزواج  لأن صديقه كان سوف يتحطم إلى الأبد...إذن هو شاكر لغدير لأنها بتراجعها أنقذت حياة طارق وحياته أيضًا لأنه أصبح موقن أنه كان سيقع بعشق وتين لا محالة، إذن غدير أنقذت الجميع والقدر كان رحيم بهم جميعًا ماعادا وتين فهي ضحية الجميع  التي أرغمت على زواج لا تريده وسرقت منها فرحتها..

فقط أعطيني فرصة يا وتين...فرصة أحبك كما تستحقين وأعوضك عن كل شئ...وبما أنه كتب عليه الشقاء والفراق عن حبيبته، فعلى الأقل يساعد طارق وينقذه من ذلك الشقاء فيكفي عذابه طوال هذه السنوات...

نظر لطارق بتصميم ووقف يهتف بهدوء غامض وهو يغلق سترته ببطئ 

" إذن أنت تحب غدير منذ سنوات وتريد الزواج منها " 

وقف طارق يواجهه وهتف بأسف 

 ‏" أسف بدر أن كنت خذلتك وأزعجتك بما حكيت لكنها الحقيقة التي أخفيتها عنك رغمًا عني....هذا هو الأمر الوحيد الذي كنت  لا تعرفه عني " 

مازال الغموض يحتل عين بدر وهتف بحزم هادئ 

" لم ترد على سؤالي " 

أومأ طارق بهدوء ولا يريحه غموض بدر وهتف 

" نعم " 

مسكه بدر من ذراعه وهتف وهو يسحبه إلى خارج الغرفة 

" إذن فلتأتي معي " 

 ‏تسائل طارق بحيرة وهو يمشي مع بدر الذي لم يرد عليه  إلى أن توقف عند مكتب عزت  وطرق الباب وعندما سمع إذنه بالدخول...فتح الباب ودخل، ألقى التحية على عمه وجلس وهو يشير لطارق المذهول بالجلوس، ليتحرك طارق بآليه وعدم فهم يجلس وهو ينظر لبدر الذي مازال يحتفظ بغموض مرسوم على وجهه قبل أن يستدير ينظر لعزت الذي ينظر لهم بتساؤل أفصح عنه أخيرًا وهتف بدهشة

" ماذا بكم ....هل حدث شئ " 

صمت طارق بينما بدر تنحنح وهتف بحزم لعمه 

" في الحقيقة يا عمي هناك شئ " 

نظر له عزت بتساؤل وأومأ ينتظر من بدر أن يكمل ولم ينتظر طويلًا حتى هتف بجدية 

" عمي أريد أن أطلب غدير للزواج " 

ذهل طارق وصدم من تصريح بدر بينما لم تقل صدمة عزت الذي أخذ وقت يستوعب طلب بدر الذي لم يمر على عقله بتاتا، حتى هتف بتساؤل مصدوم 

" كيف هذا...بدر أنت متزوج .....مالذي تقوله بني " 

 ‏أنهي كلامه ونظر لطارق المصدوم تارة وتارة أخرى إلى بدر الهادئ الذي اعتدل بأريحية وهو يشاهد معالم الصدمة على وجوههم...لكنه متأكد أن طارق لم يفهم خطأ مثل عمه بل فهم مايريده تمامًا لذلك هو مصدوم..

ابتسم بدر بهدوء وهتف بحزم 

" ليس أنا من يريد الزواج منها عمي.....أنا أطلبها لأخي وصديقي طارق " 

اتسعت عين عزت بدهشة قبل أن يبتسم بفرحة حقيقية، فهو يحب طارق كإبنه تمامًا و سيكون أسعد اب بالعالم لو حظيت ابنته بزوج كطارق الصامت و يرتسم على معالم  وجهه الصدمة، وفور أن فطن لهيئة طارق هتف يوجه كلامه له بتساؤل مدهوش

" ماذا بك ياطارق ....لماذا انت مصدوم هكذا " 

تنحنح طارق أخيرًا يجلي حنجرته وينفض عنه صدمته مما حدث، فلم يتوقع رد الفعل هذا من بدر بتاتًا 

" عفوا عمي .....كنت أعيش اللحظة وأترك  بدر يتحدث معك ويتقمص دور ولي أمري.....بالتأكيد قبل أن تعطيني موعدًا وأتي أنا وأبي بشكل رسمي بعد أن تأخذ رأي غدير في الأمر أكيد "


 ‏خرجا من الغرفة بعد أن تحدثوا كثيرًا لقد أبدى عزت موافقته المبدأيه عن الأمر وأنه يرحب كثيرًا بتلك المصاهرة، وأنه مثل ابنه تمامًا لكن الرأي النهائي سيكون رأي غدير سواء بالقبول أو الرفض ففي تلك الحالتين لن يتغير شئ بينهم أليس كذلك...نعم لن يتغير شئ سوى قلبه الذي سيتحطم لو رفضت غدير...لقد تفاجأ من تصرف بدر وبالرغم من ذلك يشعر أن هناك ثقل كبير خف عن قلبه..

التفت لبدر الذي ينظر له بهدوء وهتف بتساؤل

" لماذا " 

" لأنني لن أسمح أن تتعذب أكثر من ذلك ياأحمق " 

اقترب طارق يضمه بعاطفة واضحة بينما بدر ابتسم بحنو وربت على ظهره برفق قبل أن يبعده ويهتف بجلافة مزيفة يخفي بها تأثره وهو يتحرك يقصد مكتبه...

" ماهذه المشاعر الزائدة يا رجل ....هيا اذهب لعملك لسنا متفرغين لتلك الحماقه " 

 ‏*********


"عدت سريعًا ....هل ركلك خارج مكتبه ورفض سماعك "

هتفت ليال بمزاح وهيا تنظر للملف الذي بيدها ومازالت تنتظر  بمكتب طارق الذي خرج وتركها سريعًا للذهاب إلى بدر بعدما وبخته كثيرًا بسبب تلك الحالة التي كانت مسيطرة عليه...

استدارت بإبتسامة تنظر لذلك الصامت الذي جعلها تتسائل هل رفض بدر مصالحته والحديث معه حقًا وما الذي حدث ...

تجمدت مكانها وهي تشاهده أمامها للمرة الثانية في خلال أيام قليلة..هل حرمت عيناها من رؤياه لأكثر من عامين، لتجعلها هذه الشركة تراه مرة بعد مرة وتتعذب أكثر وأكثر...

استدارت سريعًا تغلق الملفات الموضوعة على المكتب علها تهرب من نظراته المتفحصة وتخفي الحنين الذي احتل كيانها وتذكر نفسها بغضبها منه وأنه مازال يوسف الذي حطمها...مازال يوسف حبيبها بهيئته الخاطفة للأنفاس ووسامته القاتلة وسماره المحبب...مازال يحتفظ بأناقته المفرطة وملامحه الجادة...عيناه السوداء العميقه كانت كليل دافئ يغمرها، وأنفه المرفوع بإباء وشموخ...وشفتيه القاسية التي كانت أنعم من بتلات الزهور وهي تحط على كفها القبلات برقه تجعل دقات قلبها تأن من الإرتفاع..

 ‏نهرت نفسها على ذلك الحنين الذي تمكن منها وأضعفها...أغمضت عيناها تحاول تذكير نفسها بإهانته لها وتحطيمه لقلبها الذي مازال يتألم إلى الآن ولم يشفى..


كان قد حضر من أجل طارق كما وعده عندما هرب بعد أن رأها مع طارق بعد انقطاع أعوام...فهو لم يراها منذ تلك الليلة التي حطم قلبها وأهان كرامتها بكلماته التي كانت كسيف يمزق قلبه وروحه قبل أن يهينها بها...عندما التقى بها أمام الشركة خانه قلبه الذي مازال يعشقها...حاول أن يسيطر على نفسه وعلى دقات قلبه لكنه فشل...فلم يكن أمامه سوى الهروب عله يتوزان من جديد، لكنه فشل مجددًا عندما رأها الآن  بتلك الهيئة العملية المهلكة....لياله الجميلة تحجبت وأخفت خصلاتها السوداء الرائعة عن العيون...قدها المهلك الذي يحيطه رداء متصل ببعضه بطريقة فاتنة ومهلكة لأعصابه...يلتف على خصرها حزام بنفس لون حجابها يبرز خصرها النحيف...

هل مازالت ترتعب من إزدياد وزنها مثل السابق...هيا استديري لألقي التحية على عيناك السوداء الحالمة ياليالي الرائعة...

انتبه أنها تجمع أوراقها بعجلة من على المكتب وتستعد للرحيل..

" مرحبا " 

هتف بخفوت يلقي التحية التي لم تهتم بردها له، بل تجمدت لثانية واحدة واستئنفت عملها بسرعة أكبر قبل أن تستدير لترحل سريعًا حتى لا ينفضح أمرها فتنهار وتحتضنه وتعاتبه على تركه لها...

" ليال " 

ناداها بحنين ووقف أمامها يعيق خروجها من الغرفة..

حاولت أن تسيطر على المشاعر المتناقضة التي تدفقت داخلها وتخنقها  لكنها رفعت أبصارها وهتفت بهدوء حازم 

" ابتعد " 

نظر لها بشوق بالغ وتاه في ليل عيناها و تمعن النظر في وجهها الحبيب وملامحها التي يعشقها...أنفها الصغير شفتيها المكتنزة التي تضمهم الآن، حركه دومًا كانت تفعلها عند غضبها أو ارتباكها...

" ألن تردي التحية " 

رفعت رأسها بشموخ وهتفت بنبرة باردة تخفي بها حمم تحرق قلبها 

" عفوًا يا سيد أنا لا أتحدث مع الغرباء " 

لكمة قوية أصابت قلبه وجعلته يهتف بحزن عاتب 

" كيف أصبحت غريبًا وأنتي كنتي من نومي تغضبين......أخبريني كيف تتحملين غيابي لأتعلم منك وأفعل مثلك يا ليالي " 

ابتسمت بمرارة وهي تسمع أسمها كما كان ينطقه دومًا عندما كان يحبها...هل مازال يفعل أم تعافى من حبها منذ زمن، كلامه بهذه الطريقة ألمها وأغضبها، ليزيد من أشعال نار الغضب بقلبها...نار جعلتها تهتف بقسوة لم يعهدها منها 

" أصبحت غريبًا عندما عذبت روحي و قتلت قلبي...أما عن كيفيه  تعليمك.... أخبرني أنت كيف يتفوق التلميذ على المعلم....فأنت خبير بالقسوة و القتل...فلا تدعي الحزن الآن.....كما لم أعد ليالك يا سيد  " 

كانت كل كلمة تخرج منها تعذبه وبالرغم من ذلك كان يتمعن النظر بكل جزء في وجهها عله يشبع شوقه إليها ولم ينسى أن ينظر  إلى أصابعها حتى يطمئن قلبه أن حبيبته مازالت حره ولم يمتلكها غيره، يعلم أنه أناني ولكن يقسم أنه رغمًا عنه لقد تأذى وتحطم وابتعد حتى لا يقتل حبه في قلبها...فكانت النتيجة أنه حطمها..

" ستظلي ليالي إلى آخر يومًا في عمري"

" أصمت " 

هتفت بها بصراخ اوجع قلبه لتتحرك كي تخرج من المكتب 

لكنه قبض على كفها والتفت يهتف بخفوت وبنبرة أسفة

" أسف يا حبيبة عمري...أعلم أنها متأخرة كثيرًا...لكني أسف...بعدد ليالي الأعوام الماضية والدقائق....وبحق عشقك الذي مازال يمتلكني بقوة تزيد ولا تقل...أعتذر "

نظرت له بضعف تمكن منها وترقرقت عيناها بدموع ترغب في التحرر وهتفت بحزن  

" هل بإعتذارك هذا سيتغير الوضع " 

نفي بآلم وأغلق عيناه وهتف بنبرة معذبة 

" ياليتني أقدر ....لكن للأسف لن يتغير شئ " 

سحبت يدها منه بهدوء وتنهدت بآلم سمح لدموعها بالتحرر على وجنتيها وهتفت بحزن 

" إذن لا تعتذر طالما سوف تستمر بعذابي " 

ابتلع ريقه وأومأ بحزن وهمس 

" لا تكرهيني " 

" ليتني أفعل ....لكن للأسف لا أقدر " 

اقترب خطوة لتبتعد مثلها وهمس مجددًا 

" حاولي أن تسامحيني " 

همست وهي تهز رأسها بنفي والدموع تغرق وجهها 

" لن أفعل ....حتى تحاول الحصول على مسامحتي...وأنت تدرك الطريق لذلك جيدًا  " 

أومأ يغلق عيناه بآلم ورفع كف يده الذي كان ممسك بكفها منذ لحظات واستنشقه بعمق قبل أن ينزله على شفتيه ويقبل باطنه قبلة رقيقة جعلت نبضاتها ترتفع وكأنها حطت على كفيها هي...

لم تقدر على التحمل عندما شاهدت ما فعله، فاستدارت هاربة تخرج من المكتب لكنها لم تقصد مكتبها بل ذهبت إلى مكان بعيد  كي تنهار بحرية دون أن يراها أحدًا، تبكي حبيبها الذي اشتاقت له وتبكي آلم قلبها من فراق أمرضه، وتبكي كرامتها التي أهانها وبالرغم من ذلك تعذره وتشفق عليه كثيرا من عذابه التي تشعر به ورأته مازال يحتل عيناه...فحبيبها سمح لوحوش الغدر تقتاد عليه وتعذبه، حتى أوشكت على القضاء عليه...نعم من كان يقف ويتكلم معها قبل قليل لم يكن يوسف وانما بقايا من يوسف حبيبها الذي لم يعد له وجود...ليته يسمح لها أن تساعده كي ينتفض من تحت رماده ويعود للحياة من جديد...لكنه بكل أسف استسلم من أعوام مضت ولم يعد كما كان...

ليتك تدعني أقترب وأساعدك لكي تشفى جراحك وجراحي يا حبيب الماضي والحاضر والمستقبل.


رواية استوطننى عشقك الفصل السابع عشر 17 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات