📁

رواية استوطننى عشقك الفصل السابع عشر 17 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السابع عشر 17 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت السابع عشر 17

رواية استوطننى عشقك الجزء السابع عشر 17

رواية استوطننى عشقك الحلقة السابعة عشر 17

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السابع عشر 17 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل السابع عشر 17


الفصل السابع عشر


السياحة هي تجديد للطاقة وسحر ينساب بين خلايا روحك...سحر يجعلك تنسى كل ما تمر به في حياتك أو تأجله إلى أجل غير مسمى، حتى تتمتع بتجربة جديدة تجعلك تسحر بما تراه وتعيشه ولو لفترة مؤقتة...

فترة تبرمج بها عقلك على تقبل وحب ماتراه بل وإشباعه بكل معلومة أو رؤية جديدة سوف تترسخ به طوال حياته...بل و ذكرى جميلة يتشاركها عقلك وقلبك على حد سواء

كما أن السياحة في بيروت متعة لا تنتهي... 

مدينة جميلة تجد بها مزيج بين سحر الشرق والغرب...

يكفي أنها مصنفة كثاني أكبر مدينة في الشرق الأوسط من حيث البزخ السياحي...

نعم، فعلى مدار الأيام الماضية كانت حريصة على التمتع بها وزيارة منتجعاتها وشواطئها الطبيعية الخلابة..ومراكز التسوق العالميه التي جعلتها تندفع بحماس شديد وتتسوق لعامين قادمين بسبب إنبهارها بكل ما تراه عيناها...

لقد حرص تيم ووتين على جعلها تشاهد وتذهب إلى أماكن عدة فلم تنسى أبدًا أول يوم لها عندما أخذاها إلى ساحة النجمة في منطقة وسط بيروت...أو كما أطلقت عليها وتين وعيناها تشع حب وتأثر...

"هنا روح بيروت الحقيقية أن أردتي أن تلمسيها"

فالمكان يعج بالمتاحف والمتاجر والمقاهي والمطاعم والحفلات الموسيقية في الهواء الطلق..لقد استمتعت في هذا المكان كثيرًا جدًا لدرجة شعرتها بالحسرة والتمني أن تطيل عطلتها لتأتي إلى ذلك المكان مرارًا و تكرارًا...

توالت زيارتها لأماكن عديدة ورائعة لقد شاهدت متحف بيروت الوطني، ومتحف سرسق الذي يضم الأنتيكات والمقتنيات الثمينة، ومسجد محمد الأمين... والحمامات الرومانية في بيروت... لقد حرصت على أحياء رحلتها بإلتقاط صور عديدة لها ولوتين وتيم أيضًا...

 ابتسمت بشقاوة وقد مر بخلدها هيئة وتين الغاضبة، فلقد كانت ستصيبها بأزمة قلبية عندما ذهبت إلى مول أسواق بيروت، ذلك المكان الرائع الذي يقدم أفخم الماركات العالمية بأسعار معقولة مع الكثير من المرافق الترفيهية أيضًا...ياإلهي كلما تذكرت وتين وتيم وهم يحملون الأغراض معها ويغمغمون بحنق عليها ويسبوها والغيظ يملؤهم منها...لقد اقتنيت أغراض كثيرة وأجبرت وتين على الشراء أيضًا...

 ‏الآن علمت لِما وتين لا تحمل أغراض كثيرة عندما تأتي إلى هنا...

وها هي رحلتها أوشكت على الإنتهاء ومازالت لم تشبع من هذا الجمال الرائع للأسف....لا تنسي يوم البارحة عندما استمتعت بكل مكان بشارع الجميزة، ياإلهي كم أن ذلك المكان رائع جدًا.. مكان عريق شاهد على العراقة والمعاصرة اللبنانية بالوقت ذاته...لقد شاهدت بيوتًا قديمة لم تكن تعلم بوجودها ولم تراها سوى بالكتب وهناك أيضًا أبراج حديثه تعانق السماء، يجتمع به نقيض يخطف الألباب...السير به نهارًا كان متعة حقيقية وفي الليل كان مزدحم وصاخب جدًا بسبب المطاعم والنوادي الليلية التي لم تدخلها بكل تأكيد حتى لا تقتلها وتين...

تنهدت وزفرت أنفاسها تستمتع بالهواء الطلق ومازالت الرحلة التي قامت بها الآن تؤثر عليها وتجعلها داخل غمامة وردية...فها هي الآن أمام أشهر وأروع مكان ببيروت، صخرة الروشه أو صخرة الحب...وكأن البحر غار من جمال الجبال فظهرت الروشه 

لتسكت الألسان...أنها صخرة الروشه في بحر بيروت الغربي يا سادة..لا يخلو أمامها الإعجاب والإطراء...لم تكتفي بمشاهدتها من على الشاطئ، بل ركبت لنش صغير  مع وتين وتيم الذي لا يتركهم بكل تأكيد،كي تقترب وتلامس صخورها...حقًا أنها تمتاز بالطبيعة الساحرة وتعطي صفاء بالنفس بمجرد النظر لها...مازالت هذه الصخرة تسحرها لدرجة جعلتها تلتقط العديد من الصور بقربها وأيضًا وهي تجلس بذلك المطعم الفاخر المطل عليها...

نظرت لوتين التي بالرغم من مجارتها لها في كل حماسها وجنونها لكنها تقسم أنها لم تتغير منذ رأتها أخر مرة بعد حادثة فقدانها للجنين...هناك شئ يسكن عيناها، شئ لا تعرف ماهو...وكأنها تحتاج لشئ يحطم سور حديدي يحبس بداخله وتين القديمة...

استدارت وتين تنظر لها بعدما أملت طلباتهم للنادل بلهجة هذه البلاد التي  تتعامل بها بأريحية داخل البلد مع الناس.. من يسمعها يقسم أنها لم تفارق بيروت أبدًا، فهي تعلم أنها تتحدث بها من أجل جدتها، لأنها تذكرها بسارة ابنتها قلبًا وقالبًا...لذلك هي حريصة على اسعاد جدتها، نظرت لظهر تيم الذي نهض ليذهب الحمام قبل أن تعود وتنظر لوتين بإبتسامة جعلتها تهتف بإندهاش 

" لماذا تنظرين إلي هكذا " 

اتسعت ابتسامة غدير وهتفت 

" تتقنين اللهجه كثيرًا وتليق بك حقًا....وكأنك لبنانية قلبًا وقالبًا " 

تنهدت وتين وهتفت بهدوء 

" أنا كذلك يا غدير ....أحمل كلا الدماء في عروقي....فينقسم قلبي لنصفين اجتمع على عشق الوطنين" 

تسائلت غدير بدهشة 

" وهل هذا جيد...ام سئ " 

نظرت وتين لتلك الصخرة الساحرة وهتفت شاردة بها


" لا يمكنك تسميته بسئ....وكذلك ليس جيد تمامًا....فالإشتياق مؤلم وأنا دائما مشتاقة لوطن بينما أنا أمكث بالأخر " 

مدت غدير يدها وسحبت كف وتين وهتفت 

" هل أنت مشتاقة إلى وطننا " 

أومأت وهمست 

" نعم وكثيرًا " 

" لماذا لا تعودي معي...من أجل جدي وعمتي...ومن أجل الجميع....من أجل الجامعة وعامنا الدراسي الأخير....عودي معي يا وتين أرجوك " 

نظرت لها وتين بهدوء لبعض الوقت وهتفت بحزن 

" ليتني أقدر على العودة يا غدير لكن الأمر حقًا صعب كثيرًا.....أنا لم أشفى بعد من كل ما مررت به  " 

هتفت غدير بقوة وهي تضغط على كفها 

" ولن تفعلي لأن دواءك ليس هنا....شفاءك يقبع هناك بمصر وأنتي تدركين هذا.....لو بقيتي هنا أعوامًا وأعوامًا لن تشفي إلا هناك  " 

سحبت وتين كفها ونظرت مرة أخرى للبحر وهتفت بحزم 

" ذلك الدواء لن يشفيني أبدًا.....لأنه سبب دائي " 

نفيت بهزة من رأسها وهتفت بسرعة

" لا ليس كذلك أبدًا ....بل أااا.." 

رفعت كفها بألم وهتفت برجاء حزين 

" أصمتي غدير أرجوك لا تؤلمي قلبي أكثر .... أرجوك " 

هتفت غدير بقوة وهي تتجاهل حزن وتين الظاهر بوضوح

" لا لن أصمت وسوف تسمعيني " 

التفتت لها وتين تواجهها بقوة تناقض ضعفها منذ لحظات وهتفت بحزم قاطع 

" قلت كفى غدير ....لا أريد الحديث في هذا الأمر الآن " 

صمتت غدير مرغمة كي لا تحزنها ومن داخلها تقسم أنها لن تعود بدون وتين مهما كلفها الأمر...فهي موقنة أن وتين تريد العودة لكنها تحتاج لدفعة قوية تجبرها وتقوي قلبها..

تنهدت وهتفت بمهادنة تغير الحديث وهي تمد كفها اليمين وتسحب كف وتين التي انتبهت لفعلتها وسمعتها تهتف بشقاوة

" لم أتخيل أن الرسم سيكون رائع هكذا " 

تطلعت وتين للرسمتين على بداية معصم يديهما من الجانب نزولًا على  الكف من ناحية الخنصر...تمعنت في الرسمتين المشابهتين بإختلاف الأسماء فقط، كان عبارة عن خط صغير لرسم نبضات القلب في بدايته قلب صغير وكتب أسفله اسم كل واحدة منهم مزخرف بإنجليزية متقنة ومحببة ويوازي طوله طول الخط العلوي...

أخفت ابتسامتها وادعت التذمر وهتفت

" لا أصدق أنك أقنعتني أن أرسم هذا الشئ على جسدي" 

تأففت غدير وهتفت ببرود

" من يسمع حديثك يظن أنني أجبرتك على فعلها ....فلا تدعي التذمر الآن ...أنتي حتى لم تكتفي برسمة واحدة وكشفت عن كتفك ورسمتي عليه أيضًا يا وقحة "

كتمت وتين ضحكتها وهتف بإبتسامة خرجت رغمًا عنها 

" في الحقيقة كنت أتمني أن أجرب ولكن عندما علمت أنه حرام شرعا أخرجت الفكرة من رأسي....ولكن هذا ليس حرام لأنه رسم علي الطبقه الخارجية من الجلد وبشكل مؤقت وسينمحي بعد شهور قليلة كأبعد تقدير وأيضًا لم يخرج منه دماء....لذلك فعلتها " 

صمتت برهة وأكملت 

" ثم أنك رسمتي على عنقك أيضا يا غيورة " 

ضحكت غدير بقوة وغمزت بإحدي عينيها وهتفت

" تعرفين أنني أغير منك دومًا....أنا أصبحت ميؤسًا مني يا فتاة "

ضحكت وتين وهزت رأسها فغدير لا فائدة منها بتاتًا لكنها ستبقي دومًا خفيفة ظل وحقًا وجودها هنا شكل فارقًا كبير معها...

" واتي " 

" نعم "

ابتسمت بشقاوة وهمست بخبث 

" ألن تخبريني اسم من كتب على التاج الذي يحمله سرب الطيور على كتفك " 

نظرت لها وتين نظرة شريرة ولم ترد عليها 

كتمت غدير ضحكتها وهتفت 

" حقا أفعالك متناقضة....حسنا سأصمت "

نظرت لغدير بتحذير ولم ترد...كيف ترد عليها بحق الله فهي حتى الآن لا تعلم كيف أتتها الشجاعة أن تكتب اسمه على كتفها ....أنها حتى لم تفكر بالأمر ...عندما اختارت سرب من الطيور الصغيرة السوداء ومعلق في أخر طائر خيط معقود به تاج ملكي، لتسألها الفتاة التي ترسم عن الاسم الذي تريده داخل التاج ؟...لقد خانها لسانها وذكر اسمه دون وعي منها، لتنفذ الفتاة فورًا وتوشم اسمه على كتفها...لكن ما يطمئنها أن لن يتمكن من رؤيته أحدًا غيرة، وهذا أمر صعبًا حاليًا...

هي لن تكون لرجل غيره، فبدر وكفى ولن يكون هناك غيره ابدًا...فهوحقًا قد وشمها كما قلبها بعشقه واغلق عليهم بصك ملكيته، فهذا الرسم  ليس بالشيء المهم الآن أليس كذلك..

انتبهت على هتاف تيم الذي لا تعلم متي عاد، يبدوا أنها شردت كثيرًا 

" هاهم حضروا أخيرًا " 

التفتت تنظر لجدتها وخالتها الذين دخلوا من الباب للتو...رفعت ذراعها تشير لهم لينتبها ويتقدما بإتجاههم...

" وتين أقسم خالتك فاتنة....ومن يراها لا يصدق أنها أما لذلك التنين المجنح الذي يجلس بجواري " 

هتفت غدير وهيا تضحك وتشير على تيم الذي تقاربت علاقتهم ببعضهما كثيرًا وأصبحوا أصدقاء خلال الأيام الماضية..

نظر لها تيم بإمتعاض زائف وهتف 

" أنا تنين مجنح وأنتي عنزة صغيرة يا عزيزتي " 

قهقهت وتين على سخافتهم بينما مالت غدير عليه وهي تضحك وهتفت تقتبس إحدى مقولات الأفلام

" أمك حلوة اوي يا لمبي " 

ضحكوا جميعًا بصوت عالي لفت أنظار الجميع لهم...بينما هتفت شمس بإبتسامة وهي تجلس بجوار وتين 

" اشتقت لهذه الإبتسامة يا حبيبتي " 

نظرت لها وتين بحب وقبلت وجنتها وأمالت برأسها على كتف جدتها التي امسكت بكفها وهي تنتبه لدانا التي تتسائل عن سبب ضحكهم هذا ليحكي لها تيم لتضج طاولتهم بالضحكات والحديث المرح أثناء تناول الطعام لتتأكد غدير أن قدومها إلى هنا والتعرف على هذه العائله الرائعة التي كانت دومًا تتجنب لقائهم قديمًا...كانت فكرة رائعة جدًا واستمتعت جدًا بها..

     ********

" لماذا أنت صامتة هكذا منذ أن أخبرتك بالأمر " 

نظرت لعزت بصمت ولم ترد عليه منذ أن أخبرها بطلب طارق وهي صامته لا تنكر فرحتها كأي أم يتقدم لإبنتها شخص مناسب..  وطارق مناسب جدًا وقد شب أمام أعينهم، كما يعرفون عائلته وأخلاقة لا تختلف عن أخلاق أبنائهم..لكن بالحقيقة هي خائفة من ابنتها، لا تنكر أن غدير تغيرت للأفضل كثيرًا...لكنها أيضًا لا تضمن ردة فعلها حول أمر الزواج وتخاف كثيرًا لو وافقت وكررت فعلتها مرة أخرى...يا إلهي الحيرة تتمكن منها وتجعلها تائهة كثيرًا 

" كامي " 

انتبهت لهتاف عزت، فأغمضت عيناها لبرهة قبل أن تتنهد وهتفت بحيرة

" لا أعلم يا عزت....أنا خائفة من ردة فعل غدير في كل الحالات....طارق رجل لا تشوبه شائبة مثله مثل بدر....نعلم ظاهره وباطنه، كما أننا نحبه كثيرًا...ووضعه المادي جيدًا ويعمل معك....إذن المشكله كلها بإبنتك " 

صمتت تنظر لعزت المنصت لها بصبر وهتفت تكمل 

" لذا أخبرها وأجعلها تفكر جيدًا....وعندما تقرر يجب أن تكون واثقة من قرارها " 

فهم عزت مايدور بخلد زوجته من خوف، فهي معها حق بخوفها لكنه أيضًا متأكد أن غدير تعلمت الدرس بأقسى الطرق ولن تعيدها مرة أخرى...لكنه خائف من أن ترفض طارق لأن بداخله  يتمناه زوجًا لها وايضًا لا يمكنه اجبارها...لذا سيهاتفها ويخبرها حتى تفكر جيدًا وهي بعيد أفضل لها حتى لا تشعر بالضغط

رفع هاتفه وهو يهتف 

 " سأحكي معها وأخبرها بالأمر "

 ‏أومأت كاميليا وهتفت بحزم 

 ‏" نعم ...أفعل " 

 ‏رفع هاتفه يضعه على أذنه وهو ينظر لزوجته بنظرة تصميم تحولت سريعًا لأخرى مشتاقة عندما سمع صوتها ترد على الهاتف ليعاجلها بنبرة حنونة

 ‏" حبيبة بابا اشتقت لكي يا حبيبتي... كيف حالك "

 ‏*****

وما بين حُبٍّ وحُبٍّ.. أُحبُّكِ أنتِ..

وما بين واحدةٍ ودَّعَتْني..

وواحدةٍ سوف تأتي..

أُفتِّشُ عنكِ هنا.. وهناكْ..

كأنَّ الزمانَ الوحيدَ زمانُكِ أنتِ..

كأنَّ جميعَ الوعود تصبُّ بعينيكِ أنتِ..

فكيف أُفسِّرُ هذا الشعورَ الذي يعتريني

صباحَ مساءْ..

وكيف تمرّينَ بالبالِ، مثل الحمامةِ..

حينَ أكونُ بحَضْرة أحلى النساءْ؟.

( نزار قباني )


 ****

وقف ينظر إلى الشروق في ذلك الطريق الخالي خارج المدينة وهو يستند على سيارته بإنهزام.. تنهد بضيق لقد تكالبت عليه الذكريات المؤلمة الذي حاول مرارًا أن يتهرب من تذكرها...أو كان يقنع نفسه أنه تمكن من نسيانها، لكن مع أول ظهور لليال بعد الفراق، اتضح له أنه كان واهم...لم ينسى عشقها أبدًا...وكيف ينسي بحق الله، أنها حبيبته وعشقه الأول...وليدة نبضات قلبه الأولى والأخيرة، نعم الأخيرة فمهما عبث و غازل النساء يعلم أنه لن يعشق سوى ليال ولن يمتلك سوى ليال، وإن لم تكن ليال فلن يكون غيرها...حبيبته الذي هجرها بأبشع الطرق، حطمها لكن قبل أن يحطمها، قتل قلبه مجددًا...قلبه الذي قتل أيضًا من غدر صديقه الخائن..ذلك الغادر الذي طعنه بسلاح مسموم، سلاح سمم حياته ودمر مستقبله...

لاينسى ذلك اليوم الذي اكتشف فيه أن تاجر المخدرات الذي يبحثوا عنه منذ أشهر هو نفسه عثمان صديقه وأخيه الذي يعرفه منذ عامه الأول كان ابن الجار وزميل الدراسة والصديق والأخ الذي كان سنده وظهره ولا يفترق عنه أبدًا...كان أخيه الذي يحكي له كل شئ عن حياته وعمله ومداهماته ولم يتخيل أبدًا أنه يستغل المعلومات التي يعرفها منه في إنجاز عمله القذر...لم يشك به أبدًا، حتى عندما جمع كل الأدلة التي أشارت إلى أنه هو نفسه تاجر الموت والدمار، لكن بالرغم من كل هذا كان يكذب نفسه أو يُمني نفسه بأن هناك خطأ ما لكن للأسف كان مخطئ...والصدمة الكبري عندما ذهب ليقبض عليه أثناء تهريب شحنة كبيرة من المخدر كان يقوم بها وهو مطمئن أن أمره لن ينكشف.. إلى أن داهمت الشرطة المكان واشتبك معهم وقتل من رجالهم  كثيرًا، كان يطارده ويشتبك معه ومع رجاله وقلبه ممزق، لكنه كان يتحامل حىي يلبي نداء الواجب...كان أمامه وكان قادر على إصابته أو قتله لكنه للحظة تملكه ضعف وتردد ليستغلها عثمان ويهرب منه ويفشل هو في محاولة القبض عليه...ولم يكتفي بذلك بل بعث له رسالة في محل عمله بكل تبجح... رسالة مازالت حروفها منقوشة بنار داخل عقله


" أسف يوسف....وكما قال الك*فار هذا ما وجدنا عليه أبائنا.....أنا لن أسمح لك بالقبض علي.... لأنني لن أدخل السجن  أبدًا يا صديقي" 

بهذه الرسالة كان يمزق أخر منبع للثقة بقلبه...بعدها وجهت له أصابع الإتهام وعندما لم يعثروا على دليل ملموس من خلال التحقيقات... قاموا بنقله من مكان إلى مكان ليقضي عقوبته برضوخ وصمت، ومازال عقابه مستمر وبحثه عن عثمان لم ينتهي من وقتها...مازال يبحث ومازالت كلمات رئيسه تتردد في رأسه كالمطارق 

" أنت ضعيف... ضعفت نحو صداقة مزيفة وأخليت بقسمك وواجبك نحو وطنك....أنت فشلت عندما سمحت لعاطفتك بالتغلب عليك....بعملنا هذا لا مجال للعاطفة مع المجرمين.....لذلك سوف تعاقب حتى تتعلم من هذا الدرس القاسي "

وتعلم أن يدفن عاطفته داخل قلبه كما يدفن الموتي، وتخلي عن حبيبته لأن ثقته تدمرت بكل من حوله...ابتعد حتى لا يخسرها أو تكرهه في يوم من الأيام لأن يوسف حبيبها مات برصاصة غادرة أنهت حياته منذ ذلك اليوم...

وها هو وحيد ومشتاق ومحطم من الداخل، مجرد انسان آلي يعمل ويضحك ويمزح لكن قلبه يتألم ويزرف دمًا بديلًا عن الدموع...

رفع كفه يمسح على وجهه واستدار يركب سيارته للذهاب إلى عمله وهو يغمغم 

" لن أترك حقي يا عثمان مهما مرت السنوات....ولو أخر يوم بعمري سأخذ حقي وحق حبيبتي المجروحة....أقسم على ذلك  "

******

استلقي على فراشه بعد يوم عمل طويل ومرهق...عمل يفني نفسه به حتى لا يفكر بشوقه لها، مد يده يسحب حاسوبه الشخصي وقام بفتحه لتظهر صورتها على الشاشة الرئيسية للحاسوب... صورة بثوب الزفاف، وبالرغم من الإبتسامة المزيفة المرسومة على وجهها إلا أن عيناها تنطق بالألم والحزن...كم يؤلمه قلبه كلما تذكر ذلك اليوم وتلك الليلة...وكلما تذكر يتعذب والندم يؤلم قلبه..

فتح ملف الصور الخاص بها يتمعن بالصور،صور كان إلتقطها خلسة أو مقاطع فيديو يسرقها من هاتف أمه...تطلع على الصورة التي إلتقطها لها بذلك الصباح بعد إنفصالهم..ويومها أيقن أنه لا يريد غيرها أبدًا من النساء وأنه لو وقف أمامها هكذا طوال حياته لن يمل أبدًا من النظر إلى هيئتها 

التي تشبه اللوحة الفنية ولكن من رسمها وصورها هو الخالق سبحانه وتعالى، صورها في أبهى صورة...بالتأكيد هناك أجمل منها بالحياة، لكن عين العاشق لا ترى أجمل من حبيبتة أبدًا...

رفع كفه يمررها على ملامحها الحبيبة الظاهرة على شاشة الحاسوب وهمس بحنين 

" لا تظني أن بغيابك عن العين قد غبت عن الخاطر... ‏أقسم أنني مشتاق والقلب يتألم.....أخبريني يا حبيبتي ماذا فعلت بقلبي ليتمنى وجودك وقربك إلى هذا الحد " 

 ‏أغلق الحاسوب بحزن وأبعده وانحني يحيط رأسه بكفيه....يعاند نفسه وكبريائه حتى لا يذهب إليها ويرجوها أن تعود لأحضانه وأن تبادله الحب..فهو بدونها يشعر بالنقص...ياإلهي يا حبيبتي ارحمي قلبي المشتاق الفقير في محرابك...فأنا ينقصني أنت لأكون أنا..

مد يده يسحب قميصها ويلفه على ذراعة ليستنشق عبيره كما تعود منذ رحيلها عله يهدأ، لكنه لم يفعل...

لحظات من الضعف سيطرت عليه جعلته يأخذ هاتفه ينقر عليه بسلاسة وضغط على الإرسال قبل أن يندم..

" متي أصبحتي بهذه القسوة  "  ‏


رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن عشر 18 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات