📁

رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن عشر 18 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن عشر 18 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت الثامن عشر 18

رواية استوطننى عشقك الجزء الثامن عشر 18

رواية استوطننى عشقك الحلقة الثامنة عشر 18

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن عشر 18 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن عشر 18


الفصل الثامن عشر


جالسة على الفراش تحادث طارق على إحدى برامج التواصل الاجتماعي يحكي لها ما حدث مع بدر وأنه تقدم لغدير ولولا بدر ماكان تجرأ أبدًا قبل أن يتحدث معها...

لكن بدر تصرف هكذا حتى لا يعذب نفسه أكثر من ذلك..لا تنكر أنه تصرف جيد من شخص راقي، فقد أثبت أن غدير لا تعني له سوى أختًا فقط...ترى ماذا تعني هي له، حبيبته أو مجرد زوجة...عادت الأسئلة حوله تدور بعقلها وتغرقها مجددًا، نفضت عنها الأفكار وانتبهت لرسالة طارق الجديدة 

" لا تخبريها بشئ عن مشاعري وتين لا أريدها أن تعلم الآن....أريد قرارها نابع من عقلها وأتمنى قلبها يشعر بي....كما أريد أن أخبرها إذا وافقت "

إبتسمت بإشفاق وكتبت 

" لا تقلق لن أقول لها شئ "

ثم بعثت وجه غامز وأكملت 

" لا أصدق أنك أخيرًا صرحت عن مشاعرك يارجل...لطالما كنت أعلم لكن كنت أنتظر أن تخبرني أنت " 

بعث وجه خجول مبتسم ورد 

" مثلما كنت أنتظرك دومًا أن تتحدثي بشأن مشاعرك التي مازلت تخفينها " 

" لا يوجد شئ لا تعرفه "

" كاذبة ياصديقتي الصغيرة " 

ابتلعت ريقها وأغمضت عيناها لبرهة قبل أن تكتب له 

" لطالما احترمت صمت صديقتك الصغيرة ...إذن لماذا تتحدث الآن بشئ لا أريد الحديث عنه يا أخي " 

" لأنني لا أريدك أن تضيعي حياتك بالهروب والسلبية...تعلمي أن تواجهي " 

تأففت وغمغمت بضيق 

" لماذا يتدخل الجميع في حياتي بحق الله "

لكنها عادت تكتب له بسرعة كي تقطع عليه أي مجال في الحديث بهذا الأمر 

" طارق أرجوك تفهمني كما تفعل دومًا ....لا أريد الحديث عن شئ الآن "

" حسنا واتي لن أضغط عليك .....انتبهي على نفسك وعلى حبيبتي المغرورة "

ابتسمت بحنو و ردت 

" أتمنى أن تحصل على السعادة التي تستحقها يا أخي الغالي " 

" وأنا أتمنى لك المثل لأنك تستحقي "

 

تنهدت وأغلقت المحادثة لكنها إنتبهت أن هناك رسالة أتتها من بدر ، فتحتها بلهفة وقلب يرجف لتتفاجأ بكلماته التي أصابتها بتساؤلات كثيرة وغضب أكبر...بعد كل هذا الأهمال والغياب ينعتها بالقاسية...عفوًا يا حبيبي أنت هو القاسي الذي لم تهتم أبدًا بي ولم ترأف بحالي، لذلك لا تتجرأ على نعتي بالقاسية لأنها صفة حصرية لك فقط يا معذبي الغبي الذي لا أفهم ماذا يريد مني حتى الآن..


ضغطت على الهاتف بغيظ حتى كادت أن تكسره، وكأنها تضغط على تلاليبه وتحدثت بحنق وكأنه أمامها ويفهمها..

" أنت هو القاسي الغبي...أخبرني ماذا تريد مني...أخبرني لماذا أعدتني لعصمتك وماهي مشاعرك تجاهي أيها القاسي الذي لم يهتم بآلامي وأحزاني "


ترقرقت عيناها بالدموع وكم تمنت أن يكون أمامها كي تنفجر غاضبة به علها ترتاح...

لا تنسى ذلك اليوم الذي فضحهم به أمام العائلة واخبرهم عن علاقتهم التي كانوا سوف يعلموا بها على كل حال من خبر إجهاضها...وقتها صعدت بغضب وهي تتوعد له، كانت أعصابها مشتعلة  والحريق ينشب برأسها بسبب حديثه المستفز معها، وعندما رأته خلفها يدخل شقتهم بتعجل وهو يغمغم وترك الباب خلفه مفتوح...قررت النزول له وإشعال النيران فيه وصب غضبها عليه لأنها لم ترتاح الا إذا عاقبته بشدة على وقاحته هذه...دخلت تهرول خلفه وهي تراه يدخل غرفته يلعن كل شي بغضب وهو يحمل ملف قبل أن تصعق بما سمعت منه...فمازالت كلماته يتردد صداها بعقلها وقلبها..


" يا حمقاء...يا غبية أنا رددتك لعصمتي لكي تبقي زوجتي ومعي دائمًا...وأنت تريدين أن تتركيني وتسافري...مستحيل أن أسمح لك يا غبية....كيف لم تفهمي صراخي وحديثي المستمر أنك مازلت زوجتي....زوجتي حقًا ياحمقاء "


شعرت بالصدمة تجمد أطرافها، لكنها استدارت تختفي عن أنظاره حتى لا يعلم بسماعها حديثه فقد أفقدتها المفاجأة توازنها...راقبته بقلب تتسارع دقاته وهو يرحل بسرعة كما دخل، لا تنكر السعادة التي تسللت داخلها من وقع الخبر ومع ذلك غرقت في بحر من التساؤلات، وأهم سؤال هو لماذا فعل هذا؟ هل أصابه عشق أم ماذا...لكنها كالعادة تريد تصريح صريح منه تعلن به ملكيتها له بدون مواربة فهي لن تقبل الا بجميعه...في هذا اليوم حبست نفسها طوال اليوم في شقتها حتى ميعاد الحفل ولقد تجاهلت ما سمعته منه وهي تقرر أن تستعطف جدها ليسمح لها بالسفر حتى نالت موافقته،فبعد كل ما سمعته وعرفته مازالت ترغب في الهرب بعيدًا...حتى استفزازها له في الحديقة في تلك الليلة المشؤومة كان من أجل أن يصرح عن الحقيقة لكنه أكتفى بقول


" أنتي زوجتي وأنا ملكًا لكِ وانتِ ملكًا لي "

قالها وغادر وتركها لأوجاعها تلك الليلة التي حطمت ما تبقى منها... حتى أنها حطمت فرحتها بإستمرار زواجها من بدر 

تعلم أنها أخطأت بأنها لم تنتظره وهربت ولم تواجهه بما علمت وأنها لم تسأله بصراحة عن وضعها بحياته...لكنها كانت منهارة وحطام...والحقيقة أنها مازالت هكذا..مازالت محطمة وغاضبة من تجاهله لها بعد ما فعل كل هذا..


ألقت الهاتف بغضب على الفراش لكنها جفلت عندما فتح الباب بقوة ودخلت غدير تلهث ببكاء حاد وهي تهتف بهلع

" جدي أصابته أزمة مجددا وحالته خطيرة ويريدك...يجب أن نسافر فورًا "

*********


إحساس الفقد والخوف أصبح ملازمًا لها في الفترة الأخيرة 

منذ وعكة جدها الأخيرة وهي تخاف وتحاول طمئنت نفسها أنه لن يتركها وسيبقى معها دومًا...تعلم أن لا أحد يبقي للنهاية لكنها لا تريد أن تفكر برحيله الذي لن تتحمله أبدًا، لذلك فور معرفتها بأمر مرضه من غدير لم تفكر بل تحركت تجمع أغراضها بسرعة بعد أن جعلت تيم يحجز لها تذكرة سفر بجوار غدير التي كانت سترحل على كل حال بالصباح لآن عطلتها إنتهت...والآن ها هي تصعد على متن الطائرة تتجه إلى وطنها وعائلتها بعد غياب دام لشهرين ونصف بل بالأدق ثمانون يومًا...


نظرت لقلقها بندم لم تكن تريد أن تكذب عليها والتسبب لها بالقلق والخوف...لكن لم يكن أمامها حل آخر، لقد حاولت إقناعها بكل الطرق لكن وتين كانت تغلق أمامها الطرق للحديث في الأمر ..وبالرغم من تيقنها أن وتين ترغب بالعودة لكنها تحتاج دفعة قوية تتغلب بها على ترددها وخوفها ورغبتها في الهروب بعيدًا التي مازالت تستحوذ عليها بقوة، لذلك لجأت للخداع..


شردت تتذكر مكالمتها مع جدها الذي هاتفته تخبره عن طلب طارق للزواج منها...طلب جعلها ترفرف فوق السحاب من السعادة، فكم هي محظوظة، فالشخص الذي تعشقه يريد الزواج منها ..كانت سعيدة وبالرغم من التساؤلات التي تدور برأسها حول لماذا الآن وكيف هذا...وهل يحبها مثلما تحبه، أم مجرد اعجاب بفتاة رأها مناسبة للزواج...لكن مهما كانت الإجابة هي ستوافق وإن لم يكن يحبها ستجبره على ذلك، شعرت أنها تريد أن تتحدث مع أحدًا وتشاركه رأيها وسعادتها، كانت ستذهب لوتين لكنها خجلت منها، فوتين مازالت مجروحة ولن تنكر أنها السبب الرئيسي فيما حدث لها، لهذا هاتفت جدها الذي كان على معرفة بالأمر وقد أبدى موافقته التامة لكن في النهاية الرأي الأخير لها هي...لقد أراحها الحديث معه كثيرًا، فحديثه عن طارق سكن قلبها وكلل عشقه بداخلها ببتلات الزهور الذي أنعشته بعبقها الرائع 

F.b

" يشهد الله أنه في غلاوتكم عندي وقد كبر أمام أنظاري ....أنه شاب مكافح وعلى خلق.....طيب القلب وخفيف الروح ...أمين على المال والعرض .....لا أنسي له أبدًا عندما كان يساعد وتين في دروسها وانتِ كنتُ تتهربين دومًا من الدراسة....ليصبح صديقا لوتين في مرحلة كانت تشعر فيها بالوحدة، كان بجوارها كأخ وصديق تحكي له كل شئ ....وأنا كنت على معرفة بكل هذا، لأنه أخبرني بصداقتهم وأقسم أمامي أنه سيحميها ويحافظ عليها كأخته تمامًا...وقد كان....طارق شخص تتجمع به كل الخصال الجيدة...وإن وافقت على الزواج منه ستكون والدته داعية عليه ياابنتي لأنك بلاء يا مغرورة  " 

ادعت التذمر حتى تخفي تأثرها بحديث جدها عنه...نعم هي تعلم كل هذا لكن لم تعلم أن علاقته بوتين قوية هكذا، فجدها معه حق لقد كانت تتهرب من لقائه دومًا، لأنه كان دائمًا يربكها بطريقة لم تعهدها بنفسها أبدًا...كانت دومًا تشعر بوجوده أنه يسرق من داخلها شئ ..والآن علمت أنه كان يسرق نبضاتها ويخطف قلبها ببطئ..

انتبهت على هتاف جدها يناديها وأتبع كلامه 

" غدير إذا كنتي محتارة في إتخاذ قرارك....بإمكانك صلاة الإستخارة ياابنتي حتى تساعدك على إتخاذ القرار " ابتسمت بحنو وهتفت 

" حسنًا جدي ....لا حرمني الله منك يا حبيبي " 

" غدير " 

" نعم جدي" 

" هل وتين ستعود معكي أم لا " 

ابتسمت بمكر وهتفت بحزم 

" اطمئن يا جدي....الإقناع بالمنطق فشل والآن حان وقت الحيلة....لذلك أريد منك شئ " 

" ما هو "

" لا ترد على اتصالات وتين ولا تجعل أحد يرد عليها غدًا مهما حدث.....هل تعدني" 

" أعدك "


بعد أن أغلقت الهاتف مع جدها دخلت لتتوضأ وتصلي استخارة كما اقترح عليها جدها، تعلم أنها متأكدة من قرارها وسعيدة جدًا به، لكن ليزيد تأكدها... وقد كان، فقد استيقظت بصباح اليوم التالي براحة وطمأنينة ولا تصدق متى تصل إلى الوطن حتى تخبر أبيها بموافقتها....لكن الآن ستنفذ قرارها لأنه قد حان موعد رجوع وتين..

فاقت من شرودها ونظرت لوتين  التي تغلق حزام الأمان لأنهم على وشك الإقلاع...

ابتلعت ريقها وزفرت أنفاسها تستجمع شجاعتها وهتفت 

" وتين " 

نظرت لها وتين بتساؤل صامت لتكمل بإرتباك

" أريد أن أخبرك بشئ " 

" ماذا " 

أغمضت عيناها وهتفت بسرعة حتى لا تجبن 

" أنا كذبت ....جدي بخير ولم يحدث له شئ "

اتسعت عين وتين وهتفت بعدم فهم 

" ماذا " 

مدت كفها تمسك بكف وتين وهتفت بتوتر 

" لم يكن أمامي حل أخر حتى تعودي معي "

سحبت وتين كفها بسرعة وهتفت بغضب 

" خدعتيني وكذبتي علي....جعلتي القلق والخوف يقتلني .....حتى أعود معك ......هل فقدتي عقلك تمامًا "

مسحت على وجهها بضيق وأكملت بصوت مرتفع جذب لهم الأنظار

" كيف تتصرفين هكذا .....حقًا لا أصدق " 

انتبهت لعلو صوتها وأنظار الناس المصوبة عليهم بإستنكار بالغ 

زفرت بضيق ونظرت بعيد لتسمع غدير تهتف بحزم 

" أنا لم أكذب عليكِ ...جدي يمر بأزمة اشتياق شديدة لكِ....وحقًا يريدك لكنه يلتزم بوعده لك، بأنه لن يطلب منك العودة....وعمتي تتعذب بدونك ....فأنتِ ابنتها التي لا تملك سواها.....وزوجك غاضب وحزين.....كان لابد أن تعودي وأنا ساعدتك على ذلك "

التفتت لها ببطئ وحديثها لمس قلبها بقوة لكنها هتفت بسخرية

" حقا أشكرك على معروفك العظيم....ولكن تصحيح صغير ذلك القاسي لا يحزن علي بتاتًا...ولا يهمه أمري من الأساس " 

تجاهلت سخرية وتين وقد عزمت على اخبارها بكل شئ 

" وتين....بدر لم يطلقك....أنت مازلت زوجته "

استدارت تنظر بعيد بغموض وهتفت بحزم 

" أعلم "

نظرت غدير لها بصدمة وهتفت بدهشة 

" كيف علمت....هو من أخبرك....ومتي..وبالرغم من معرفتك بالأمر سافرتي...لقد أخطأت يا وتين "

تجاهلت صدمتها وتساؤلاتها وأيضًا تعلم أنها مخطئة لكنها معذورة وبشدة، تنهدت  وهتفت بتساؤل وهي تعقد حاجبيها بشك

" أنت كيف علمت بالأمر....هو من أخبرك "

أومأت لها غدير بتأكيد وقصت عليها كل شئ منذ سفرها..

ارتفع وجيب قلبها بقوة وهي تنصت لحديث غدير وهي تحكي عن غضب بدر ونوبة جنونه التي أصابت الجميع بلا إستثناء، أنصتت لها بقلبها قبل عقلها إلى أن انتهت ليبقى سؤال واحد يدور بخلدها ويشعل عقلها وقلبها كشعاع من أمل ممزوج بنور، وقد نطقه لسانها بتقطع لاهث

" وهل بدر .....هل يعلم بفقدان الجنين "

نفت غدير بهزة من رأسها وهتفت بشفقة عليه وعليها 

" لا يعلم .....جدي منعنا من اخباره حتى لا يأتي خلفك ...لأنك كنت بحالة نفسية سيئة ولم يريد أن يضغط عليكِ...مسكين لقد تركناه لظنونه وآلامه تقتات عليه من أجل ارضائك...لقد أخبره جدي أنك لا ترغبين برؤيته " 

أغمضت عيناها بحزن وقد شعرت بإرتطام قوي يضرب قلبها حتى آلمها بشدة...بدر لم يعلم عن ابنهم شئ .. زوجها حبيبها لم يعلم بمصيبتها وجروحها.. 

 ولهذا كان ردة فعله هكذا على سفرها، تجاهله لها وغضبه من هروبها... ترى كان يعاقبها أم استجاب لرغبة جدي وفهم أنني لا أريده...هل ظن أنني لا أحبه وتركت البلد كلها من أجله، وكيف سيظن غير ذلك بعد كل ما حدث...ياإلهي

هل لهذا قال عنها قاسية...لكنها ليست قاسية وإنما مجروحة، حزينة ووحيدة رغم تواجد الجميع حولها...ترى لماذا غضبت هكذا يا حبيبي و نور عيوني...ولماذا منعته جدي؟ لقد كنت بحاجة له، بحاجة لأحض*انه...لماذا ياجدي؟ ومالذي أخبرته به لتمنعه من السفر إلي...متى تتخلص من الأسئلة التي تدور حولك يا معذبي دون أجوبة..

" وتين " 

تنهدت وأغلقت عيناها و ردت بخفوت مرهق 

" أصمتي غدير " 

هتفت غدير ترجوها بنبرة طفولية 

" قولي أنك سامحتيني وأنك لن تخاصميني وسأصمت.....أرجوك يا واتي " 

تأففت وتين ولم ترد عليها فهي حقًا منهكة وعقلها سيجن من التفكير،  لتهتف غدير مرة أخرى

" أرجوك....لطالما كنت تسامحيني على أفعالي الحمقاء ولكن هذه المرة لست نادمة....أرجوك ، أرجوك ،أرجوك " 

هتفت وتين بحنق تصمتها 

" حسنا لست غاضبة....لكن حبًا بالله أصمتي قليلًا "

ابتسمت غدير بفرحة ومالت تقبلها على وجنتها قبل أن تتنهد وتهتف وهي تسترخي بمقعدها وتضع سماعات الأذن وتغمض عيناها ...

" حبيبتي صاحبة القلب الطيب....حسنًا سأخلصك مني وأنام قليلًا " 

          ******


عندما يكون مصيرك على المحك وبينك وبين الموت خطوة واحدة، وقتها تجاهد بكل قوتك كي تنقذ نفسك وهذا ما يطلق عليه حلاوة الروح...

الخوف والقلق يسيطر عليه منذ أن هاتفه الرجل الذي سيتعامل معه في المطار والذي سيساعده على تمرير الحقيبة، لقد أبلغه أن هناك بلاغ بإسمه ومواصفاته ورقم الرحلة و مواصفات البضاعة التي معه...سيجن من الرعب والتفكير..لقد هاتفه الرجل على سلم الطائرة وعندما أنهى معه الحديث كان قد وصل لمقعده والحقيبة معه بعد أن مررها الرجل الآخر ولم يكتشف أمرها تحت الأجهزة ...وهذا الأمر كان قد أراحه بعض الشئ، لكن الآن وبهذا الوضع وبعد أن أقلعت الطائرة ماذا سيتصرف...أن ألقي القبض عليه حياته ستتدمر ويقضي الباقي من عمره داخل السجن، وأن أوشى بالسيد عثمان وقتها سوف يقتله بكل سهولة، ليس بيده ولكن بيد رجاله الذين سوف يصلون له حتى لو كان تحت الارض ..إذن ماذا سيفعل..لا يمكنه ترك الحقيبة في الطائرة ولا يمكنه أخذها معه..

ففي كلتا الحالتين سوف ينكشف أمره، فما الحل وقد أوشكت الرحلة على الإنتهاء...هل يستسلم لمصيره أم ياروح مابعدك روح، وإن كان سيتم القبض على حامل هذه البضاعة...فسيكون غيره بكل تأكيد..


نظر حوله يراقب الناس بتمعن إلى أن انتبه إلى الفتاتين الجالستين أمامه مباشرة، حسنا هما أنسب حل..وقد هداه عقله إلى فكرة سينفذها مهما حدث كي ينقذ نفسه لأنه لن يتحمل دخول السجن أبدًا..

انتبه أن أحدى الفتاتين قامت ويبدوا أنها ذاهبة للحمام ...حاول أن ينظر إلى الأخرى، ليرها مائلة الرأس وعلى الأغلب نائمة..التفت ينظر إلى الجالسة بجواره والتي تضع سماعات الأذن وتشاهد أحد الأفلام بتركيز، وبعض الناس المحيطة به إما نائمين أو يقرأون أو يشاهدون شيئًا ما...ولا وجود للمضيفات في الجوار حاليًا...

حسنا لقد حان الوقت، رفع أنظاره إلى المكان المخصص للحقائب والمغلق في الأعلى، نهض بسرعة وفتحه، وقعت أنظاره على حقيبته ونظر لحقيبة الظهر الكبيرة نوعا ما المجاورة لها بتصميم ..وفي بضع ثواني  أخذ الحقيبتين وتحرك بإتجاه الحمام ...فتح حقيبة الظهر ووضع بها صندوق الزينة الذي يحتوي على البضاعة وهو يتمنى أن لا تنتبه الفتاة لإنتفاخ الحقيبة ..وفي بضع ثواني أخرى كان انتهي وتحرك يخرج من الحمام تزامنا مع خروج الفتاة ...ارتبك بشدة لكنه حاول تمالك نفسه وأخفي الحقيبتين خلف ظهره وانتظر تحرك الفتاة بصبر يحسد عليه، راقبها تجلس مكانها بهدوء، جعله يحبس أنفاسه وتحرك خلفها بخفة ووصل لمكانه وبلحظة استغل أن الفتاة توقظ الأخرى النائمة، ليرجع الحقيبة في مكانها السابق ووضع خاصته 

وجلس يزفر أنفاسه دفعة واحدة ..هكذا إذا لو فتشوه لم يجدوا معه شئ ويقتنعوا أن البلاغ كاذبًا ولم يخصه بشئ...وإن حدثت معجزة من السماء وخرجت إحدي الفتيات بالحقيبة، فليتصرف السيد عثمان وقتها ويحصل على بضاعته منها.. أو إذا قبض عليها فسيكون هو خارج الصورة تمامًا.. 

أنبه ضميره لوهلة على مستقبل هذه الفتاة الذي سوف يتدمر، وأنها لا تستحق هذا، لكنه سرعان ما أخرسه وأخبره أن الروح ما بعدها روح ..

انتبه على هتاف المضيفة تخبرهم بربط الحزام إستعدادًا للهبوط..


نزل سريعًا من الطائرة ووقف أسفل السلم ينتظر ليشاهد من هي الفتاة التي تحمل الحقيبة وعندما ظهرت، رفع هاتفه و إلتقط لها عدة صور تظهر ملامحها وحقيبتها بوضوح...أرسل الصور لعثمان وأخبره بكل شئ في رسالة وعندما إنتهي مسح الرسالة وأعاد إرسال الصور للرجل الذي ينتظره خارجًا وأخبره أن خرجت الفتاة فعليه مراقبتها...مسح كل الصور والرسائل وأتبع الناس التي تحركت تسبقه، لكي يلاقي مصيره..

وكما تيقن  فور أن سلم جواز سفره سمع هتاف شرطي خلفه..

" سيد كريم سعفان تحرك معنا بهدوء رجاءًا "

********

" كنتي تتحدثي مع من " 

سألت وتين غدير التي أغلقت هاتفها ووضعته بحقيبة يدها لترد بهدوء 

" مع أبي ....يخبرني أنه ينتظرنا مع عمتي مريم بالخارج " 

هتفت وتين بلهفة 

" أمي هنا " 

أومأت غدير بإبتسامة وهتفت 

" عندما علمت بقدومنا أصرت على المجيئ كي تستقبلك "

ابتسمت وتين بينما عيناها تنضح بشوق لأمها ولجميع العائلة وبالأخص هو...

هل علم برجوعها وكيف سيستقبلها، فأي رد فعل سوف يصدر منه سوف تتقبله بكل تأكيد لأنها تعذره..

تنهدت وتقدمت لنقطة التفتيش اليدوي للحقائب التي كانت على الطائرة بعد مرورها على الجهاز ...لكن لفت إنتباهها أن الرجل المسؤل عن التفتيش يتعامل مع الأشياء بخشونة مؤذية أثارت استنكارها وغضبها فلم تتحمل وهتفت بهدوء مهذب

" رجاءا بهدوء .....ستنزع الأغراض هكذا " 

نظر لها الرجل بجلافة وهتف بخشونة

" هذه هي الأوامر يا أنسه....وهذا عملي " 

لم تتحمل غدير أن تصمت فهتفت بغضب وصوت عالي جذب إنتباه الواقف يتحدث مع أحدهم

" ستنزع الأغراض فهي غالية الثمن وجديدة....لماذا تعاملنا كأننا مجرمين هاربي من العدالة " 

لم يرد عليها وأكمل عبثه بخشونة جعلتها تكمل بغضب 

" ماهذا، لا يحق لك معاملتنا هكذا .....يا إلهي أغراضي ستنتزع " 

مسكت وتين بذراعها وهتفت هامسة 

" إهدئي غدير حتى لا يتجرأ عليك بالحديث....واضح أنه عديم الذوق  " 

نظر الرجل لغدير وهتف بسماجة

" هذا ماكان ينقصني اليوم... مدللات تافهات " 

" ماذا يحدث هنا " 

استداروا للواقف خلفهم بهيبة بالغة وهو يوجه أنظاره للرجل الذى هتف بجدية

" يعترضوا على التفتيش سيدي " 

نظرت وتين للرجل بإستنكار والتفتت ليوسف الواقف بجوارها وهتفت بهدوء 

" نحن نعترض على الطريقة ....لقد كنا ننبهه للأغراض الذي بعثرها بخشونة وعدم مراعاة "

أومأ يوسف بهدوء ونظر للرجل ولوضع الحقيبة أمامة التي كانت في حالة مبعثرة بطريقة فجة لحقيبة فتيات.....وعندما أدرك الرجل نظرات يوسف هتف بسرعة

" سيدي أنت تعلم الوضع اليوم على أشده بسبب البلاغ ....والمطار كله بحالة استنفار " 

أومأ يوسف وهتف يرد عليه بهدوء 

" أغلق الحقيبة " 

اندهش الرجل وهتف بصدمة 

" ماذا " 

نظر يوسف لوتين وهتف بهدوء يشير على الحقيبة

" رتبي الأغراض يا مدام وتين " 

اندهشت غدير من معرفته بوتين لكنها لم تكترث للأمر بل تحركت مباشرة ترتب الأغراض بحرص بالغ دون الإهتمام لردة فعل الرجل الذي هتف 

" لكن يا سيدي ..." 

قاطعة يوسف وتحدث بهدوء 

" هؤلاء الفتيات في مقام أخواتي ....وهذه تكون زوجة صديقي....وأن كنت تشك بي فعليك إذن الشك بهم "

أومأ الرجل بهدوء وهتف 

" العفو سيدي " 

ووجه حديثه لوتين وهتف بهدوء 

" عفوا مدام ولكني أقوم بعملي " 

أومأت وتين بهدوء والتفتت ليوسف وهتفت بإبتسامة 

" شكرًا كثيرًا سيادة الرائد " 

ابتسم لها و انحنى يحمل حقيبتها وحقيبة غدير التي كانت أغلقتها ووضعهم على الحامل المخصص للحقائب وهتف بهدوء 

" لم أفعل شئ يستحق الشكر .....الوضع اليوم مربك كثيرًا وبالأخص الرحلة القادمين عليها " 

هتفت غدير التي لم تتحدث معه أبدًا فهي لم تتعرف عليه 

" لماذا " 

رد يوسف بإختصار 

" هناك بلاغ عن مهرب حضر على نفس الطائرة " 

أومأت بصمت لتلاحظ وتين أن غدير لم تتعرف على يوسف ..بينما هي تعرفه فقد رأته عدة مرات مع طارق وبدر، وأيضًا حضرت خطوبته هو و ليال وتعرف كل شئ من ليال ..تنحنحت وهتفت توجه كلامها لغدير 

" غدير ألم تتعرفي على سيادة الرائد ....أنه ابن خالة طارق " 

أومأت غدير بمفاجأة وهتفت بخجل 

" أسفة لم أنتبه له....تشرفنا سيادة الرائد وشكرًا لك "

ابتسم بهدوء وتحرك يشير لهم بالتحرك وهتف 

" لا عليكُ لم أفعل شئ ....وانا تشرفت بلقائك أنسة غدير....هيا سأوصلكم إلى الخارج ....من ينتظركم " 

هتفت غدير وهي تحتضن ذراع وتين 

" أبي " 

تقدم يمشي معهم بصمت وهم بجانبه إلى أن خرج بهم لساحة انتظار المسافرين ليروا عائلتهم بإنتظارهم ...تركهم يوسف بعد أن ودعهم وألقي التحية على عزت الذي يقف خلف الحاجز القصير ينتظر الفتيات الذين تحركوا بلهفة فور مغادرة يوسف..

لم تنتظر وتين وركضت تخرج لعمتها بينما غدير تدفع الحقائب خلفها ..ألقت نفسها بين ذراعي عمتها التي إنفجرت بالبكاء وهي تضمها بلهفة وشوق كبير ، أبعدتها بعد عدة لحظات  ومسكت وجهها وقبلتها بشوق على وجنتيها وجبينها بلهفة وسرعة قبل أن تعيدها لأحض*انها مرة أخرى وهي تهتف بدموع 

" لن تتركيني مرة أخرى وتبتعدي كل هذه المدة....لن أسمح لك " 

أومأت وتين بينما دموعها تنزل على وجنتيها لتبتعد عن أحض*ان عمتها وتنحني تقبل كفها لتضمها عمتها مرة أخرى وتستنشق عبيرها المشتاقة له بنهم أم قلبها ملتاع ومجروح وأخيرًا جرحه إلتئم ولوعته سكنت.. 

قاطعهم صوت عزت الحنون يهتف بإبتسامة وعيون ترقرقت بها الدموع على منظر أخته وابنة أخيه والذي مازال يحتضن ابنته بسعادة غامرة

" يكفي يا مريم ....أنا أيضًا مشتاق لها " 

ادعت غدير التذمر وهتفت 

" أنا أيضًا كنت مسافرة يا مريم هانم .....لكنك لم تري غير أميرتك " 

تأففت وتين وهتفت وهي تمسح عيناها وتبتعد عن أحض*ان عمتها

" يا إلهي ستظلي غيورة طوال حياتك " 

ابتسمت مريم والتفتت تسحب غدير من أحض*ان أبيها وضمتها وهي تهتف  بحشرجة

" تعالي يا غيورتي الحلوة ....لقد اشتقت لكي أيضًا " 

ابتسمت غدير بينما وتين تقدمت تحتضن عمها الذي فتح ذراعيه لها وهتف بشوق بالغ 

" لقد اشتقت لكي يا حبيبتي " 

ابتسمت بحنو وهي بأحضان عمها وهتفت 

" وأنا أيضًا عمي " 

شدد عزت من احتضانها وهتف بحنين 

" ياإلهي ...دائمًا كلما أحتضنتك أشم بك رائحة أخي الغالي....لا تبتعدي مرة أخرى يا صغيرتي " 

أومأت وتين بتأثر ولم ترد..


تحركوا جميعًا يخرجوا من المطار وعيناها تبحث عنه بكل مكان عله قد جاء ليستقبلها، أو حتى يراها ولو من بعيد ..أو ليصب غضبه على رأسها، لا يهم ستتحمل إن فعل، المهم أن يأتي وتراه...لكن للأسف لم يأتي..

أغمضت عيناها بإحباط وتقدمت تركب السيارة بهدوء وهي غافلة عن عينان تراقبها ...عين تحمل لهيب من الإشتياق والعشق المتألم...وعين أخرى غامضة تحمل تصميم حازم  ولمحة من الشر المدقع الذي أن طالها سيحرقها.


رفع هاتفه ووضعه على أذنه وفور أن رد عليه الطرف الأخر أجاب بغموض وبنبرة جدية 

" سيدي الفتاة خرجت من المطار بالبضاعة "


رواية استوطننى عشقك الفصل التاسع عشر 19 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات