رواية استوطننى عشقك الفصل التاسع عشر 19 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك البارت التاسع عشر 19
رواية استوطننى عشقك الجزء التاسع عشر 19
رواية استوطننى عشقك الحلقة التاسعة عشر 19
رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك |
رواية استوطننى عشقك الفصل التاسع عشر 19
الفصل التاسع عشر
"كأنني بحر أرهقته العواصف وممرات السفن...أتدري ما معنى أن يتعب البحر "
(جبران خليل جبران)
هل تعلم ماذا يحدث للعاشق عندما يغيب عنه من يعشق؟...يشتاق بشدة لدرجة يشعر أن قلبه يحترق من لهيب الشوق...يصاب بشعور قاتل بالهذيان والغيرة من كل ما يتواجد حوله...كما أنه يصاب بحالة من الكأبه تشعره أن العالم كله تحالف ضده...ويفضل العزلة والوحدة ويدخل في معارك نفسية طاحنة مع نفسه، أحيانًا يكون بها الجاني وأحيانًا أخرى يكون المجني عليه..
لكن كل هذا يتبخر عندما تقع أنظاره على حبيبه الغائب ...فتنتهي أوجاعه وتتدفق الحياة في أوردته من جديد...
شرد ينظر إلى البيت وهو جالس في سيارته يحاول إستجماع شتات نفسه حتى لا يضعف أمامها ويخر متوسلًا عشقها ولين قلبها...ياليت كان الأمر بهذه السهولة، يقسم كان فعلها واعترف بعشقه لها وانتهى من كل معاناته...
لكن للأسف الوضع معقد وحبيبته لا تريده وابتعدت لألاف الأميال من أجل أن تبتعد عنه بعد أن حطمت كبريائه وكرامته أكثر من مرة...
لقد خانته قدماه كما خانه قلبه وذهب إلى المطار ليراها ولو من بعيد، أراد أن يشبع عيناه المشتاقة لحبيبته العائدة بعد غياب دام ثمانون يومًا وعشرون ساعة وخمس وأربعون دقيقة، يعدّهم بالدقيقة منذ غيابها عنه..
حبيبته القاسية التي لم تعبئ به وتركته خلفها ينعي قلبه...لكن هل يلومها على عدم حبها له...أم يلومها على تركه والرحيل بعيدًا عنه...ولكن كيف يغضب وكل ما يحدث من صنع يداه، ففي الحقيقة هو المذنب الوحيد...هو من أخطأ في الاختيار منذ البداية...وهو من تزوجها رغمًا عنها...وهو من امتلكها بلحظة ضعف منه ومنها...نعم هو شرير القصة الحقيقي والجاني الوحيد هنا ولست أنتِ ياحبيبتي...بالرغم من شعوره بالأسف على نفسه وما حدث له منذ قدومه من السفر وكل الاحداث التي مرت عليه وتركت بداخله علامات وجروح...
إلا أن شعوره بالذنب تجاه وتين يخنقه...وشعوره أيضًا بالضعف تجاهها يكمل عليه فيجد نفسه دائمًا يحاكم نفسه ويحاسبها ويغرق في صراع يرهقه، فشعوره أنه جاني لا يتركه أبدًا فيؤلمة بشدة لدرجة يريد الصراخ بقوة ولا يقدر ...
ماذا فعلتي بي يا ساحرتي وحبيبتي
يامن تكحلت عيناي برؤيتك بعد طول غياب...
اليوم عندما رأها شعر وكأن الحياة عادت لجسده وأدفئت صقيع روحه...
ترى هل تشعرين بي عندما أحن إليكِ، عندما أحتاجك، عندما أبكي وأتألم من فراقك، عندما أحزن ويؤلمني قلبي بسبب اشتياقي لك، عندما أفقد احساسي بكل من حولي ولا أتمنى سوى وجودك ..أخبريني حبيبتي هل تصلك نداءات قلبي..
أخبريني بحق الله هل تشعري بجحيمي في غيابك..
أغمض عيناه بضعف وتنهد يحاول لملمة مشاعره المبعثرة وأشواقه الحارقة...وتحرك يخرج من السيارة وهو عازم على تنفيذ قراره بعدم التعامل معها ومضايقتها وترك مساحة خاصة لتقرر ماذا تريد، بالأخص بعد أن احتالوا عليها وجعلوها تعود رغمًا عنها...
يكفي ما اقترفه بحقها...لقد كان ينوي معاقبتها والغضب منها لأنها رحلت، لكن عندما فكر قليلًا أدرك أنها لم ترتكب أي خطأ بحق أحد، وأن الجميع هم من أخطئوا في حقها...
لذلك سوف يترك لها حرية التصرف في حياتها كيفما تشاء... لن يضغط عليها بتاتًا بعد اليوم، حتى لا ترحل وتتركه...سيتحمل أن يكون غير مرئي بالنسبة لها لبعض الوقت، كما أنه مستعد لفعل أي شئ حتى لا ترحل مجددًا..
يكفي أن يراها ولو من بعيد حتى لا يفقد نفسه مع فقدانها...لكن هذا لا يعني أنه سوف يستسلم ويتركها، مستحيل أن يفعل...فغايته هو الحصول على حبيبته، وسوف يحصل عليها... أحيانًا يكون من الذكاء أن نعود خطوة للخلف من أجل الركض بسرعة لننتصر في السباق ونصل لخط النهاية...وهذا ماسيفعله معها...سيقوم بتسويتها على نار هادئة حتى يفوز في نهاية السباق ...
ابتسم بسخرية وغمغم
" انتبه من زيادة إشتعال النيران فتقوم بإحراقك يا منحوس "
دخل من باب البيت بهدوء ليصل إلى مسامعه ضجيج الحديث والضحكات القادمة من غرفة الإستقبال، تحرك بهدوء ظاهري يدخل وألقى التحية عليهم لتهتف أمه بلهفة وهي تنهض بسرعة تستقبله
" بدر كنا ننتظرك على العشاء يابني....لماذا تأخرت هكذا....الآن سأجعل حسنة تحضر لك الطعام لقد تضورنا من الجوع فأكلنا نحن....كما أن هاتفك كان مغلق فأنا هاتفتك كثيرًا "
هتف بهدوء وهو يحاول عدم النظر إلى الجالسة بين عمته وجده
" هاتفى إنتهى شحنه....أسف لجعلكم تنتظرون .....كما أنني أكلت مع طارق ....أسف مرة أخرى "
ختم كلامه والتفت لوتين ينظر لها بهدوء يناقض إشتعال قلبه وهتف
" حمدالله على سلامتك وتين ....أنرت منزلك "
أومأت وتين وهتفت بإرتباك وعيناها تنظر إلى كل مكان سواه
" شكرًا بدر "
أومأ لها والتفت إلى غدير وهتف يكمل
" وأنت أيضًا يا غدير حمدالله على سلامتك "
اومأت غدير بإبتسامة وهتفت ترد عليه
" شكرًا بدر ....كيف حالك "
" بخير "
رد عليها بهدوء و نظر إلى أمه وهتف بإبتسامة مصطنعة
" أسف مرة أخرى أمي ......والآن إسمحوا لي فأنا مرهق من العمل وأحتاج إلى النوم....تصبحوا على خير "
لم ينتظر رد أحد عليه وتحرك سريعًا يخرج من الغرفة التي فور خروجه منها أغلق عيناه بضعف وشوق ....لا هذا كثير عليه كيف سيتحمل وجودها في الجوار ولا يضمها و يسرق منها القبلات وبعض الضحكات....كيف بحق الله
رفع أنظاره للسماء يطلب من الله العون والصبر وتحرك يصعد إلى أعلى يجلب حاسوبه وبعض الأغراض الذي يحتاجها وينزل إلى شقة أبيه...لكنه سيغير ملابسه أولًا ويصعد قبل صعودها، يعلم أن عمته وجده لن يتركاها الآن...لذلك لينتهز الفرصة..
********
" اسمع مأمون أريدك أن تجمع كل المعلومات عن هذه الفتاة في أقرب وقت.....حقيبتي لابد أن تكون معي قريبًا جدًا.....ولا أريد أي عنف حتى أعطيك الإشارة بذلك ....هل فهمت "
ألقى الهاتف بجواره وهو يكاد يجن ..فكل شئ خطط له إنهار في لحظة واحدة...يعلم أن كريم خاطر بالحقيبة من أجل إنقاذ نفسه...لكن من يلومه فبحركته هذه لم تقع الحقيبة بيد الشرطة وخرجت مع تلك الفتاة...وكريم مازال قيد التحقيق لكنه موقن أنه سيخرج...فهو يعرف تمام المعرفة أن كريم لم تسبق له أي سابقة مشبوهة وأن ملفه نظيف تمامًا...لذلك بعد تفتيشه والتأكد أنه ليس معه شئ و يتأكدوا أنه كان في رحلة سياحية، سيطلقوا سراحه..لكن عليه أن يحذره من التواصل معه على الهاتف أو الزيارة في أي وقت قريب لأنهم بكل تأكيد سيراقبونه حتى يتأكدوا أن المعلومات التي وصلتهم غير صحيحة ومجرد بلاغ كاذب..
ولكن السؤال الآن من هو الخائن الذي أبلغ عن كريم...ترى أحدًا من رجاله أم دهب، فلا يوجد حوله غيرهم...عليه أن يكتشفه في أقرب فرصة لانه طالما ذلك الخائن حر طليق ويضمر له الشر فحياته بكل تأكيد في خطر ...ومن المحتمل المرة القادمة يجد الشرطة تحاوط المكان، لذلك سيعرفه وقريبًا جدًا ..فالآن أصبح أمامه هدفين...أن يرجع بضاعته، ويقتل من أبلغ عنها.
******
تنهدت بإرهاق وهي تصعد الدرج كي تذهب لشقتها التي علمت بمكوث بدر بها طوال مدة غيابها...ترى هل سيبقى معها بها أم لا...
زفرت بحنق بالغ لقد أحبطها بمقابلته الباردة هذه، لم تتوقع أبدا هذه المقابلة منه...لقد تخيلته غاضب أو لامبالي...أو أي شئ غير تلك الطريقة التي صفعتها ببرود وكأن غيابها ورجوعها لا يشكل فارقًا معه...لماذا يربكها ويغرقها دومًا في بحر من التساؤلات..
صرخت بخوف عندما إصطدمت بشئ جعلها تتهاوي للخلف، أغلقت عيناها بخوف تستعد للسقوط، لكن ذراعين قويتين حاوطوها بقوة...ذراعين تعرف صاحبهما جيدًا...لقد تغلغلت رائحته التي اشتاقت لها رئتيها بشدة جعلتها تستنشقها بنهم وهي تلقي عليها التحية بعد غياب طويل..
تشبثت به برعب للحظات لكنها سرعان ما استكانت بين ذراعيه، فتحت عيناها ببطئ لتشاهد إنصهار عينيه وهي تتمعن النظر فيهما فجعلتها تتوه وتغرق بهما بسعادة وهي تتمنى هدم المرسى والبقاء غارقة بهم إلى الأبد...
وجودها بين ذراعيه ساكنة هكذا كان أعظم شئ حدث في حياته...لكم تمني أن يضمها ويستنشق عبيرها الذي يعشق منذ أن رأها في المطار... لكن الآن عليه أن يتذكر وعده لنفسه ويبتعد عنها...
لكن بأي قوة سيبتعد عنها الآن، فها هي حبيبته بين أحضانه ويشعر بأنفاسها ويسمع ضربات قلبها..أي نعيم هو به الآن، سيكون جاحد أن ابتعد...لكنك ستبتعد يا بدر...يكفي ما مضي لا تضغط عليها بقربك كما كنت تفعل، لكنه لم يتقصد هذه المرة ولم يتقصد أي شئ سابقًا، لقد كان دومًا ترتيب القدر..
تنحنح يبتعد عنها بهدوء وذراعيه تساعدها على الثبات كي لا تزل قدمها فتقع وتتأذى..
ابتعدت هي الأخرى تقف بتوازن وهي تراه يتجاهلها تمامًا وانحنى يحمل حقيبة حاسوبه وبعض الملفات عن الأرض وحقيبة صغيرة يبدوا أن بها ملابس...إذن لقد قرر عدم البقاء معها في الشقة..
إنتبهت أنه استقام ونظر لها بهدوء لتسمعه يهتف
" هل تسمحين "
نظرت له بعدم فهم وسألته
" ماذا "
أشار للدرج وهتف بهدوء ظاهري ونبرة بارده زادت من صقيع أوردتها
" أريد النزول.... وأنت تقفين في طريقي "
اتسعت عيناها بصدمة من رده...ياإلهي وكأنه ألقى بدلو ماء بارد عليها، مالذي أصابه.. تنحت عن طريقة ليكمل النزول للأسفل لكن لسانها اللعين خانها وناداه
" بدر "
تجمد وأغمض عيناه يستمتع بحلاوة وعذوبة اسمه من بين شفتيها الذي يشتاق لهما بطريقة تؤلمة...هل كان اسمه بهذا الجمال سابقًا أم تلك التي تشبه البدر في ليلة إكتماله من أضافت عليه نكهة خاصة... ترى بماذا كان يفكر أبويه عندما أسموه بدر ...إذا كان هو بدر فماذا تكون تلك القمر...حًقا لقد ظلموا البدر بسببه، استدار ينظر لها ببطئ وهتف بهدوء
" نعم "
ارتبكت من تسرعها الأحمق لكنها حاولت تمالك نفسها وهتفت بتساؤل
" هل أنت بخير "
أومأ ومازال يرسم البرود على ملامحه وهتف بهدوء
" نعم "
ثم استكمل يتساءل ببراءة مزيفة
" لماذا .....هل أنتي بخير لتسأليني إن كنت بخير....حقًا غريب "
أومأت تبتلع ريقها بإرتباك وهتفت
نعم
ابتسم ببرود وهتف
" حسنا "
إغتاظت بشدة من بروده وهتفت بحنق
" حسنا"
قالتها لتستدير بغيظ وحنق تكمل صعودها وهي تغمغم
"ماذا كنتي تتوقعين وتين؟ أن يضمك ويقول اشتقت لك "
أكملت صعودها واختفت عن أنظاره ليبتسم بإشتياق ويهمس بحرارة بينما يكمل نزوله
" اشتقت لكي يا ساحرتي المجنونة...والتي أصابتني بالجنون مثلها.....وما العشق إلا جنون يا بدر"
*******
" معني هذا أنك تقدمت للفتاة بدون أن تأخذ رأيي "
هتف مسعد بضيق يرد على حديث طارق الذي كان يخبره بطلبه غدير للزواج...
تنهد طارق ووقف عن مقعده واقترب يجلس بجوار أبيه على الأريكة وهتف بهدوء
" الأمر ليس كذلك يا أبي....أنا كنت أريد أن أعرف رأي غدير أولا قبل أن أجعلك تذهب وتخطبها لي ....فأنا فعلت ذلك حتى لا أسبب لك الحرج أن رفضت غدير"
نظر له مسعد بتمعن غامض وهتف
" أليست هي نفس الفتاة الذي خطبها بدر وتزوج ابنة عمه الأخرى "
نفي طارق بقوة لا يعلم مصدرها، أو يعلم! فمصدرها قلبه الذي يرفض تذكر ذلك الأمر وتلك الفترة المؤلمة بحياته
" لا بدر خطب وتين وتزوجها.....أنا أخبرتك سابقًا أنه كان هناك خطأ ببطاقات العرس "
لاحظ طارق نظرات أبيه المتشككة فهتف يكمل
" أبي هل أنت معترض على غدير ....أم على حديثي مع العم عزت "
تنهد مسعد وهتف بهدوء بعدما لاحظ توتر طارق الذي يحاول أن يخفيه لكنه إلتقطه على الفور
" أنا لست معترض على الفتاة فيكفي أنها حفيدة الحاج عامر وابنة عزت.....وأنا أثق بهم وأعرفهم تمام المعرفة "
ابتسم طارق ليكمل والده بعتاب ولوم
" لكني كنت أحب أن تأتي وتأخذ رأيي بالفتاة أولًا وبعدها تتحدث مع أبيها....لا أن تتعامل وكأنك ليس لديك كبير "
اتسعت عين طارق وسرعان ماانحنى يقبل كف أبيه وهتف بأسف
" أعتذر أبي....أنت كبيري وتاج رأسي وسندي ياأبي ....وأقسم أنني كنت أتحاشى إحراجك أن تعرضت للرفض .....أقسم لم أقصد أن أقلل منك أبي ....فأنت مقامك عالي جدًا ....حقك علي سامحني أرجوك "
رق قلب مسعد على ابنه وقد تفهم أسبابه...رفع كفه يربت على وجنته وهتف بهدوء وابتسامة تزين محياه
" حسنا لا عليك.....هل أعطاك عزت الموافقه "
ابتسم طارق وهتف يشاكسه
" هل أنت متأكد أنها الموافقة .....ربما يكون الرفض "
نظر له مسعد بإستنكار وهتف بغرور
" ابني أنا لا يرفضه أحد "
ضحك طارق بقوة وهتف
" القرد بعين أبيه غزالًا "
*******
زفر دخان سيجارته ونظر يتمعن بالظلام أمامه وهو يحاول أن يبتعد بأفكاره عن النائمة بالأعلى...
ضم قبضته يضرب على جبهته بحنق وكأنه يعاقب عقله على تخيلها تتمرغ في فراشها وحيدة...
شعر بأحد خلفه، فاستدار ينظر إلى القادم والذي لم يكن سوى أبيه..
أطفأ سيجارته بسرعة وكأن أبيه لا يعلم بتدخينه...لكنها خرجت حركة تلقائية كما تعود..
ابتسم أبيه وتقدم يخرج إلى الشرفة واقترب يجلس بجواره على الأريكة وهتف بمزاح
" تطفئها وكأنني لا أعلم أنك تدخن تلك اللعينة مثل عمك " ثم أستكمل بحنق " لماذا لم تشبهني يا فتى "
ابتسم بدر بإستهزاء وهتف بسخرية
" لا أظنني أشبه أحدًا في هذه العائلة بحظي العثر هذا "
تنهد عبدالرحمن وهتف بهدوء ونبرة عميقة
" الإبتلاءات تختلف من شخص إلى أخر.....فلا تبتئس وتذكر أن المؤمن مصاب و إبتلاء الله رحمة "
أومأ بدر وهمس
" الحمد لله على كل حال "
ربت عبد الرحمن على كتف ابنه وسأله بجدية
" هل تحبها.....أنا أشعر بذلك لكن أريد أن أسمعها منك "
نظر لأبيه بجدية مماثلة وهتف بحزم
" أحبها ...بل أعشقها ولا أريد غيرها أبدًا "
أومأ عبدالرحمن وابتسم براحة وهتف
" إذن أصبر.... واستمر كي تحصل على قلبها يا ولد "
ابتسم بدر بتصميم وهتف بعزم
" أطمئن يا أبي أنا مصمم على كسب قلبها ولن أتركها أبدًا وستبقى زوجتي إلى نهاية عمري...وأمًا لأطفالي...فأنا أنوى على إنجاب أحفاد لك في أقرب وقت....لكن أدعو لي كثيرًا يا أبي "
أغمض عبد الرحمن يخفي آلمه على حفيد لم يرى النور...
ابتلع غصة بحلقه تخنقه، فإبنه لا يعلم بفقدانه لجنينه الذي كانت تحمله وتين ..زفر بحزن وهتف
" أدعو الله أن يريح بالك يابني....ويرزقك بالذرية الصالحة "
اقتربت منهم تحمل طبقًا كبيرًا من الفواكة المختلفة...وضعته على الطاولة الصغيرة وتحركت تجلس في المنتصف بين ابنها وزوجها رغم أن المكان لا يتسع لكنها لم تكترث ...
ابتسم عبد الرحمن على طفولية زوجته التي مهما كبرت ستبقي تحمل روح الطفلة بداخلها...
رفع ذراعة يحاوط كتفها برفق ومال عليها يقبل رأسها بعشق لا يخجل من إظهاره أمام ابنه..
تذمر يدعي الحنق لكن بداخله كم تمنى أن يكون هو ووتين مثلهم هكذا في مثل عمرهم...
" يا عشاق رفقًا بي فأنا رجل وحيد وبائس ...وليس معي أحدًا أمثل معه فيلم العشاق هذا "
ضربته رقية على ذراعة وهتفت بإغاظة
" اصعد إلى زوجتك ومثل معها فيلم المنحرفون "
"رقية"
هتف عبد الرحمن بدهشة من جرأة زوجته مع ابنها ليسمع ابنه يقهقه ويهتف بإحباط
" ياليت.....فأنا أتمنى أن أمثل معها فيلم الليلة الحمراء.....أو المغتصبون حتى.....أو أي شئ يوصل إلى أهدافي الوقحة "
ضحكت رقية على مزاح ابنها ولم تهتم إلى وقاحة مانطق به...فكل ما يهمها أن بدر عاد يمزح حتى ولو بشكل ظاهري...
انتبهت إلى هتاف عبد الرحمن الحانق
" قليل الحياء....ووقح....حقًا لم أحسن تربيتك "
ضحك بدر على كلام أبيه وهتف بإغاظة
" وكأنني أتحدث عن إمرأة غريبة.....إنها زوجتي ياأبي أن كنت نسيت...يكفي أنه لا فعل ولا حديث...ماهذا الظلم المجحف بحقي "
زفر عبد الرحمن بحنق ونظر بطرف عينه له ولم يرد عليه ....لتبتسم رقية على مناوشتهم فزجرها وهتف بإمتعاض
" تضحكين وأنت من تواقح مع ذلك الثور أولًا "
احتضنت بدر وهتفت ضاحكة
" ابني وأتواقح معه براحتي ....كما أنني أشجعه يارجل كي يأتي لي بحفيد سريعًا "
وقف عبد الرحمن ونظر لهم بغيظ وهتف وهو يتحرك مغادرًا الشرفة
" فلتتهني به إذن يا رقية هانم "
ضحك بدر على غيرة أبيه الواضحة وابتسامة أمه الواسعة وهتف
" زوجك غيور يا روكا "
اتسعت ابتسامتها وتنهدت بمراهقة و حالمية وهتفت
" أعشق غيرته هذه "
لكزها بدر برفق في ذراعها بأصبعه وهتف بغيظ
" تحشمي يا أماه ....فأنتي والدة لرجل كالثور مثلما قال أبي.....ولست طالبة بالثانوية "
ضحكت رقية على حديث ابنها ومالت تقبله وهتفت بمحبة
" من هو الثور ....فأنت كالبدر المضئ يا بدري الحلو "
ابتسم بحنو وهتف
" حسنًا إذهبي إلى زوجك.....وأنا سأنتظر لأرى بدري المضئ ....عله يظهر ويضئ عتمتي "
فهمت أمه كلامه ومقصده فتنهدت بهدوء وبداخلها تدعي الله أن يجمع ابنها بزوجته قريبًا...وقفت وهتفت بإبتسامة حلوة ونبرة مازحة
" حسنًا إبقى أنت لتعد النجوم وأتمنى أن يطل بدرك سريعًا لتطمئن عليه.....مع أني أرجح أنه مرهق من السفر ونام منذ فترة "
ختمت كلامها غامزة...وغادرت لتصالح حبيبها الغيور التي تعشق...فهي تعشق تملكه و غيرتة حتى من ابنه، يا إلهي لكم يعود بها إلى سنوات مضت وكأنها مازالت مراهقة كما قال بدر....
رفع أنظاره إلى شرفتها وإنتظر حتى تطل عليه...لم يمل أبدًا من النظر
ولم يدوم إنتظاره طويلًا ورأها تخرج إلى الشرفة وتنظر إلى الظلام بشرود... ترى في ماذا هي شاردة...هل يحتل ولو جزء صغير من تفكيرها أم لا..
التفتت تنظر له بهدوء ليبادلها النظرات وقلبه يتمنى أن يذهب إليها ويضمها إلى داخل أحضانه عله يطفئ لهيب قلبه المشتعل، ويطبب روحه المشتاقة..
ويلمس روعة روحها ويجعلها تلمس روحه من خلال حضنها...
إنتبه أنها تغادر شرفتها بهدوء وتختفي عن أنظاره...ليرفع كفه بسرعة يناديها بهمس
" إرحمي قلبًا عاشقًا وروحًا تأن من الإشتياق يا وتين القلب وسبب حياتي.....يا ساحرتي لِما لا تقتربي وتدعيني أنعم بدفئك وأجرب الحياة بين ذراعيك مجددًا "
لكن معذبته لم ترد ولم تلتفت ولم تلبي النداء بل تركته وحيدًا يتوسلها للبقاء
*****
استلقت بإرهاق بالغ على فراشها فاليوم مرهق ومنذ عودتها من السفر لم تستريح، فعندما صعدت لتنام دخل إليها أبيها ليسألها عن رأيها في عرض الزواج من طارق...كانت مرتبكة وخجلة ومع ذلك تحدثت مع أبيها وأعلنت موافقتها صريحة
سعادة أبيها زادت من سعادتها أضعاف وبالرغم من ذلك لمحت تردد بعيناه وخوف مبرر من وجهة نظرها ..خوف تعلم تمامًا مصدره
ولم يدم تكهنها سريعًا حتى أتتها جملة أبيها تأكد مخاوفها
" غدير أنتي متأكدة من قرارك هذه المرة ....أم ترغبين بوقت إضافي من أجل التفكير "
ارتبكت وهي تفهم مقصد أبيها جيدًا لكنها تغيرت...تقسم أنها فعلت،كما أنها تعشق طارق وتريد الزواج منه،وليس لأي أسباب أخرى...لذلك استجمعت قواها وهتفت بحزم
" نعم متأكدة أبي ....أنا موافقة على طارق "
اقترب منها وربت على وجنتها وهتف بمحبه وثقة
" طارق رجل لن تندمي مطلقًا على الزواج منه "
أومأت بهدوء وخجل ولم ترد ليبتسم أبيها ويتركها ليغادر...لكنه قبل خروجه من الغرفة استدار وهتف بحزم
" غدير أنتي لن تخذليني مرة أخرى....أليس كذلك "
ابتلعت غصة مريرة في حلقها وهزت رأسها تنفي بحزم لكنها لم تتمكن من الرد، ليغادر أبيها بصمت وقد فهم ردها الصامت..
تعلم مدى خوفه وتقدره لكنها لن تفعلها مجددًا..وإن كانت غير نادمة على تركها لبدر، وإنما نادمة على التوقيت وعلى ما أتبع ذلك..
فاقت من شرودها و انقلبت على جانبها.. وضعت كفها تحت وجهها وهي تتنهد بعمق وهمست بتصميم شديد
" أقسم بحياتك يا أبي أنني لن أخجلك أو أجرحك مجددًا مهما حدث "
رواية استوطننى عشقك الفصل العشرون 20 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)