📁

رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى والعشرون 22 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى والعشرون 22 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت الثانى والعشرون 22

رواية استوطننى عشقك الجزء الثانى والعشرون 22

رواية استوطننى عشقك الحلقة الثانية والعشرون 22

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى والعشرون 22 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل الثانى والعشرون 22


الفصل الثاني والعشرون


تفحصت الثياب المعروضة أمامها بشرود لم تتخلص منه بعد...

لقد حاولت إلهاء نفسها بالتسوق من أجل اختيار ثوب مناسب لخطوبة طارق وإن كانت صادقة مع نفسها...فهي إتخذت التسوق ذريعة تبتعد بها عن أفكارها التي تدور حوله...

لقد كرهت ترقبها لحفل الخطبة، ليس من أجل شئ سوى رؤيته هناك وإشباع عيناها منه...

فقلبها الخائن يشتاق له بجنون...فمنذ أخر مرة قابلته بها في مكتب طارق لم تراه ولم تعرف عنه أي شئ...

كانت على مدار العامين الماضيين تصبر على الفراق وتدعي القوة وأنها قادرة على تخطيه قبل أن تفاجأها نوبة اشتياق مفاجئة تبكي على أثرها أيام وليالي طويلة...

وعندما عادت لتراه من جديد إنهار تماسكها الواهي...

اصطدمت بأحدهم وهي شاردة فسقط على أثره ما تحمله من أكياس...

انحنت تجمع أغراضها وهي تستمع إلى نبرة إعتذار وقورة وراقية...

نبرة تعرفها جيدًا 

رفعت رأسها تنظر لتلك التي تناظرها بأسف سرعان ما تحول إلى اشتياق ولهفة لم تخطأها وهتافها السعيد يخترق قلبها 

" ليال حبيبتي اشتقت لكِ....كيف حالك حبيبتي "

" أمي....أقصد ...مرحبًا سيدة حنان "

اتسعت عين ليال بسعادة عارمة واقتربت تصافح تلك السيدة التي تغاضت عن مصافحتها وضمتها إلى أحض*انها بلهفة وهتفت توبخها 

" لست سيدة يا فتاة، سأبقي أمك إلا إذا كنتي لا تريدين مناداتي بها....حقًا اشتقت لكِ "

ترقرقت الدموع بعين ليال وهتفت بود 

" وأنا اشتقت لك كثيرًا "

ابتعدت عنها حنان ونظرت لها قليلًا وهتفت بشوق

" هل لديكِ وقت تجلسين معي أم مشغولة "

ابتسمت وهتفت وهي تحثها على السير معها بإتجاه المقهى...

" لدي كل الوقت التي تريدينه يا حبيبتي "

ابتسمت حنان بسعادة وهي ترى ليال بعد كل هذا الوقت...ليال الفتاة الحنونة خطيبة ابنها السابقة والتي كانت قريبة إلى قلبها بشكل كبير...

جلست حنان وليال يتحدثوا بكل شئ وأي شئ ولم تتطرق أي واحدة منهم إلى موضوعها القديم مع يوسف... إلى أن تسائلت حنان بتردد

" ليال هل تزوجتي "

نفيت ليال بصمت لكن حنان لم تصمت وأكملت 

" هل أنت مخطوبة "

نفيت مجددًا وهتفت بمراوغة 

" كل شئ نصيب....وأنا لا أفكر في هذا الأمر في الوقت الحالي "

ابتلعت حنان ريقيها و مدت يدها تقبض على كف ليال وهتفت بنبرة حزينة

" لماذا تركتم بعض يا ابنتي ....لماذا "

ابتلعت ليال غصة مريرة وهتفت تتهرب من عين أم حبيبها الغادر 

" لماذا لم تسأليه "

" لقد سألته وقال أنك تستحقين رجلًا أفضل منه....قال أنك ملاك والملائكة مكانها الجنه وهو أصبح جحيم .... وإلى الآن لا أفهم معنى حديثه هذا"

هل توقف قلبها عن الخفقان الآن...

يا وليتي على قلبي المتألم وحبيبي الغادر الذي حطم قلبه وقلبها...

يا صاحب الرأس اليابس...

لماذا تخليت عني وانت تعلم أنك أقرب إلي من روحى ومن أنفاسي...

لماذا لم تجعلني أمك وأختك وحبيبتك 

لماذا لم تجعلني عين تبكي  لحزنك كلما ضاقت بك الدنيا...

وتجعلني وطن يضمك وتجعل قلبي بيتك الدافئ 

فاقت من شرودها على هتافه المصدوم وكأنه تجسد أمامها من أفكارها...

" ليال ماذا تفعلين مع أمي " 

وقفت بهدوء ونظرت لحنان بعتاب قبل أن تهتف وهي تحمل حقيبتها 

" تقابلنا صدفة "

ثم تحركت تميل على وجنتها  تقبل*ها وأكملت 

" حسنا أمي.....أنا سعيدة جدًا أنني رأيتك اليوم "

تشبثت بها حنان وهتفت برجاء 

" ابقي قليلًا معي ....أنا لم أكتفي منك بعد...فأنا مشتاقة لك "

ربتت ليال على كفها بهدوء وهتفت بمهادنة

" معك رقم هاتفي وسنلتقي مجددًا ...كما أنني سأراك بخطبة طارق أليس كذلك "

أومأت حنان بإحباط وهتفت 

" سأهاتفك "

" سأنتظر ذلك.... إلى اللقاء "

ختمت كلامها ولم تعير ذلك الواقف أي إهتمام وتحركت مغادرة...

نظر إلى أمه بلوم وهتف بعجلة وهو يغادر خلفها 

" سأعود سريعًا "

لم يناديها بل ركض خلفها وقبض على ذراعها لتجفل بخوف قبل أن يطمأنها وهتف بخفوت 

" كيف حالك "

اغتاظت بشدة منه وهتفت بغضب 

" شئ لا يخصك.....لقد تركتني لأكثر من عامين والآن بكل برود تسألني عن حالي.....حالي لا يخصك أيها الغادر الخائن طالما مازلت على موقفك الغبي "

أنهت حديثها وتركته وغادرت سريعًا قبل أن تصرخ به أو تنفجر في البكاء...

وقف مصدوم ينظر لها بإندهاش فهو لم يقول شئ غير كيف حالك...

هل هذه الكلمة تستدعي ذلك الإنفجار...

ولكن معها حق أنت تستحق القتل وليس ذلك الإنفجار المرير منها..

أغمض عينيه بألم على وضعه ووضعها لكم تمنى أن يُشفى من أوجاعه والخيانة التي تقتله بمرارتها...

لكنه يعرف أن شفاءه سيكون بالقضاء على الماضي...بل وسحب تلك النبتة المسمومة التي زرعت في قلبه بسبب ما حدث له .. 

شعر بكف أمه يربت على كتفه بمواساة، فتح عيناه وابتسم لها بضعف وهتف وهو يمسك كفها يحثها على السير


" هيا يا حنان....وأرجوك لا تضعيني في مثل هذا الموقف مرة أخرى....يكفي ما أعانيه "

*****

دائما هناك فرق في ردود الفعل والشعور حتى وأن تكررت المواقف..

نعم عندما جاءت مع بدر لتختار خواتم الخطبة كانت باردة تختار كل شئ بمنطق...الأغلى ثمنًا والأجمل والأرقى والأهم ماذا سيكون رد فعل الناس....لكن الآن وهي تختار خاتم خطبتها على حبيبها...فشعورها مختلف تمامًا،تختار بحب ولهفة وتجعله يشاركها بكل إختياراتها...تختار الشئ الذي تشعر أنه يشبهه...بإختصار تختار بعشق..

نظرت للخاتم الرفيع بيدها بسعادة ونظرت لطارق الذي ابتسم لها وهمس لها بكلمة 

" رائع "

بادلته الإبتسام واستدارت لوتين التي تختار معها وهتفت 

" أعلم أنك تفضلين حلقات الزواج  العريضة....ولكن هذا يعجبني جدًا....أرجوك أعجبي به معي "

ضحكت وتين بطريقة خطفت قلب الواقف يتابع الحديث بإهتمام لغرضًا ما...ليسمع حديثها والإبتسامة لا تفارق وجهها 

" يليق بك كثيرًا يا غدير....مبارك عليكِ حبيبتي "

ابتسمت لها غدير بسعادة ونظرت للخاتم وتمعنت النظر فيه فكان من الذهب الأبيض رفيع ومشغول بالفصوص الصغيرة كانت سعيدة به جدًا لتكتمل سعادتها عندما اختار لها طارق خاتم من الذهب الأبيض أيضًا لكن يترأسه حجر من اللون العسلي الشفاف ومال على أذنها يهمس لها 

" يشبه عينيك كثيرًا "

نظرت للخاتم يحتضن خاتم الزواج بإصبعها بشكل مبهر ورائع ....لتبتسم بسعادة وهتفت بهمس مماثل 

" أعجبني كثيرًا " 

اختارت شبكتها الأخرى وشاركها الإختيار طارق ووتين وبدر أيضًا...

كانت تشعر أنها تطير من السعادة بقرب حبيبها الذي بعد أيام قليلة سيصبح زوجها...

انتهوا من شراء كل شئ وخرجوا من المحل ليهتف طارق بهدوء 

" والآن إلى أي مكان تريدون الذهاب....فأنا سأتكرم وأعزمكم على العشاء "

ابتسمت وتين وهتفت بمزاح 

" يؤسفني أن أحبط عزيمتك يا صهري الغالي....فجدي أصر أن تذهب معنا إلى البيت من أجل العشاء....أليس كذلك بدر "

التفتت تبحث عن بدر بأنظارها وهتفت بتساؤل مدهوش

" ما هذا أين بدر....ألم يخرج معنا من المحل "

أومأ طارق وهتف بهدوء 

" نعم لكنه ذهب إلى الحمام....هيا لنسبقه إلى السيارة "

أومأت بهدوء وتقدمت تسبقهم ببطئ حتى تترك لهم مساحة خاصة للحديث...

انتظروا في السيارة بعض الوقت إلى أن جاء بدر وركب بمقعد السائق بهدوء وطارق بجواره ووتين وغدير بالخلف 

لقد اقترح بدر أن يذهبوا بسيارة واحدة كي يغيظ طارق ويحبط آماله بشأن الإنفراد بغدير والتحدث معها...

*****

أعصابها مشدودة بقوة وتشعر أنها على وشك الانهيار فكل مايحدث لها في الفترة الأخيرة كثيرًا جدًا على أعصابها..

 لا تنكر خوفها ورغبتها في الهروب سريعًا إلى البيت وبالأخص عندما لمحت تلك السيارة التي تراقبها من بعيد...

لقد أرسلت رسالة ليوسف تخبره أنها ستخرج بصحبة طارق وغدير وبدر من أجل شراء خواتم الخطبة

فطمئنها بأن لا تقلق وهناك من يحميها وأنها إذا لاحظت السيارة التي تلاحقها تخبره...

وفور خروجها وتحركهم أدركت أنها مراقبة فأرسلت تخبر يوسف فورًا...

رفعت كفها تضغط على صدرها بخوف لكم تتمنى أن تخبر بدر بكل مخاوفها وتلجأ لأحض*انه...

لكنها تخاف عليه أيضًا...لقد أعطاها يوسف ميعاد غدًا حتى تلتقي به وأخبرها بالمكان وطريقة الخروج حتى لا تلفت الإنتباه لها وبالرغم من ذلك تشعر بإنقباض بقلبها وخوف كبير...

ابتلعت مرارة بحلقها والخوف يتصاعد بداخلها بقوة حتى ارتجفت أطرافها وهي تفكر، ماذا لو هاجموهم الآن وحاولوا أذيتهم من أجل تلك اللعنة التي دخلت حياتها لكي تقتلها...

 الجميع قد لاحظ شرودها وصمتها الدائم، لكنها تقسم أنه رغما عنها فهي منذ تلك الليلة يجافيها النوم والخوف تغلغل داخل قلبها على نفسها وعائلتها..

انتبهت لصوت موسيقى تعرفه جعل معدتها تنقبض بآلم قبل أن تنساب على مسامعها كلمات كنصل سكين تمزقها وتذكرها بجحيم حاولت الهروب منه مرارًا....

(  الشغله ماعاد بدها سكوت ورحمه بيي بحبك موت ...

يالي بالصوره وبالصوت ملكتي قلبي ودقاته....

  ‏القالب غالب يا ستار ...على البكله تفاصيله ..

        ‏ياويل الورد بأزار لما تطل مقابيله ...

 ‏غنوجه وأقسم بالله... أنتي الدلال بذاته....)

      ‏           ‏

تعرقت بكثرة ومعدتها انقبصت بآلم وهاجمها غثيان قوي.. 

ارتفعت دقات قلبها تركض كأنها بسباق...

فلم تعي على نفسها إلا وهي تتحدث بتقطع لاهث  إلى بدر الذي يردد كلمات الأغنية بشقاوة وهيام لم تحاول أن تفكر لمن ذلك الهيام...

" بدر أغلق ذلك الشئ "

لم يلاحظ حالتها و نظر لها ولم تختلف نظرته الولهه وهتف..  

" أعشق هذه الأغنية "

ضحك طارق وهتف بسخرية 

" وهل تعلم معناها...أم تردد كالبغبغاء "

غمز له بدر وهتف بإغاظة

" اهتم بشؤنك يا فتى "

انتبهت غدير لحالة وتين وقد علمت ما تمر به وتين من خوف وأعراض صدمة متأخرة... لذلك هتفت بصراخ عندما قبضت على كف وتين وكان كأنه قطعة من جليد رغم العرق الذي يتصبب منها...

" بدر أغلق ذلك الشئ بحق الله "

نظر لها بدر وعقد حاجبيه وهتف بإندهاش

حسنًا... سنصل بعد لحظات وسأغلقة "

 ‏نظرت إلى وتين التي على مايبدو أنها انفصلت عن العالم كله ولم يبقي منها سوى لهاثها...

وكانت محقة تمامًا فهي انفصلت عنهم جميعًا وكأنها حُبست في غرفة مغلقة مع ذكريات تلك الليلة...

كانت وكأنها تشاهد نفسها ترقص بذلك الجنون وضحكاتها كأنها صراخ وحوش سوف تلتهمها...

وأوجاعها التي تشعر بها تتجدد الآن حتى شعرت أن نفس الآلام تهاجمها بقوة...

وأخيرًا ترى نفسها  تنزف وحيدة وخائفة ووحوش الظلام تخنقها بقوة وأخرى تسحبها من قدمها تسحلها على أرض مليئة بالدماء...

تنادي عليه ولم يرد...كانت تموت من الآلم والخوف...وكأن ملك الموت سيقبض روحها الآن...

 ‏انسابت الدمعات أخيرًا بغزارة من عينيها تنعي طفلها بعد احتجاز نفسي دام لأكثر من شهرين...

لهثت بشدة وهاجمها غثيان قوي مزامنة مع هتاف غدير الصارخ تناديها بهلع  عندما توقفت السيارة ..  

 ‏لم ترد على غدير وفتحت الباب تركض في الحديقة قبل أن تجثو وتتقيأ بآلم شديد 

 ‏صرخ بدر بإسمها وركض خلفها بينما غدير لحقت بهم  تحمل زجاجة ماء أخرجتها من حقيبتها ولحق بها طارق المصدوم ولا يفهم شيئا مما يحدث...

 

 ‏اقترب منها بلهفة وجثى بجوارها و هي تتقيأ إلى أن انتهت وجلست بإعياء لاهث..

 ‏هتف بقلق بالغ وهو يمسح وجهها بالماء الذي أخذه من غدير و قرب الزجاجة من فمها لتشرب 

" حبيبتي ماذا بكِ ....اشربي حبيبتي "

دفعت يده بعنف بالغ وهتفت بغضب وهي تدفعه بعيدًا عنها 

" لا تقل حبيبتك .....لا تقترب مني "

تصدي لدفعاتها وحاول الإقتراب منها وهتف بقلق 

" اهدئي حبيبتي ماذا بكِ.....أخبريني بحق الله ماذا بكِ"

صرخت بغضب وهتفت وهي ترفع كفها إلى عنقها تمسده فهي تشعر  أنها على وشك الإختناق  

" لست حبيبتك لقد انفصلنا.....أنت طلقتني "

مد يده يحاول أن يمسك كفها وهتف 

" لم ننفصل ...أنت من تركتيني وأصريت على ذلك...وانا رضخت حتى لا تحزني....لكنك مازلت زوجتي  " 

وقفت بسرعة  جعلتها تترنح ليقف سريعًا يحاول اسنادها لكنها هتفت بغضب وهي تبتعد عنه 

" معي حق اسأل عقلك وضميرك عن نهاية ذلك الزواج الخطأ، ستجد معي كل الحق....هذه هي النهاية المتوقعة "

حاول الإقتراب مرة أخرى لكنها زجرته ليهتف بحزم 

" لا ليست النهاية أبدًا، أنت حبيبتي وزوجتي و روحي التي لن تفارقني إلا بموتي....أنتِ مازلتِ زوجتي ولا تحلمي أن تبتعدي عني "

صرخت بغضب واقتربت تدفعه أمام أنظار طارق وغدير المذهولة...

" لست حبيبتك يا كاذب...لا تتجرأ وتقولها.....أنا لست حبيبتك"

واجهها بقوة وهتف بحزم وكأنه يريد أن تخترق كلماته عقلها الذي بحالة نكران الآن

" سأقولها دومًا... أنتِ زوجتي وحبيبتي وستبقي هكذا إلى نهاية عمري...فأنا أحبك "

سقطت على الأرض بضعف يناقض صراخها وهتفت ببكاء حاد تعاتبه على ابتعاده عنها بأكثر الأوقات إحتياجًا له..

" أصمت....أصمت....لو كنت كذلك ما كنت تركتني ...لو كنت حقًا حبيبتك كنت نظرت خلفك لمرة واحدة...كنت سمعت ندائي وآلامي....كنت مسكت بيدي وتضمني إلى أحض*انك.....كنت محيت خوفي.....لكنك ذهبت وتركتني أعاني ، أتآلم ،أنزف وحدي 

تركتني أفقد ابني وأنا وحيدة وخائفة....لقد ناديتك لكنك لم تلتفت إلى الخلف لمرة واحدة....كنت أحتاجك...أقسم كنت أحتاجك و لم أحتاج غيرك "  

ختمت كلماتها بضعف مرير وبكاء يمزق نياط القلب...

اقترب بدر منها بصدمة وجثى بجوارها وسحبها من ذراعها لتسكن أحض*انه...تشبثت به بقوة وانفجرت ببكاء كانت تحبسه رغمًا عنها منذ شهور...شدد من احتضانها بقوة وقلبه يكاد يتوقف وكلماتها تصفعه بلا رحمة...

وتين كانت حامل وفقدت جنينهما في غيابه...

نظر لغدير التي تبكي بتساؤل لتخفض أنظارها تهرب من سؤاله الصامت...ليلتفت إلى طارق الذي ترقرقت الدموع في عيناه حزنًا على إنهيار صديقتة الصغيرة والحزينة...

نظر لها مرة أخرى وضمها بقوة والدموع تنساب من عينيه على صوت بكائها...بكائها الذي إنقطع وأتبعه استرخائها بين ذراعيه...

أبعدها بلهفة قلقة ليراها فاقدة الوعي...صرخ برعب يناديها وهو يربت على وجهها بلهفة...بينما كانت غدير تبكي بشدة وهي تقترب منها تحثها على الإستفاقة

 سكب طارق الماء في كفه وألقاه على وجهها لكنها لم تستجيب لمحاولتهم أبدًا...

حملها بدر برعب وركض يدخل المنزل وطارق وغدير خلفه...

انتبه الجميع لبدر الذي يحمل وتين وهي فاقدة الوعي لينتابهم الهلع ويركضوا خلفه.... 

صرخ بهم وهو يركض 

" هاتفوا الطبيب "

دخل بها إلى غرفتها القديمة بالطابق الأول...وضعها برفق على الفراش وهتف بضعف 

" أرجوك لا تتركيني حبيبتي....أعطني فرصة لأعوضك ...أرجوك " 

أتبع كلامه وانحنى يقبل جبينها تارة وكفها تارة أخرى ودموعه تنزل على وجهها تواسيها برفق دافئ...


بعد بعض الوقت كان يقف يستمع لحديث الطبيب بقلب يتمزق حزنًا وروح تأن وغضب ينهش بأعماقة

" انها تعاني من إنهيار عصبي..... يبدو انها كانت تمر بحالة نفسية سيئة وتعرضت لضغط شديد أدى إلى إنهيارها ....لذلك لقد حقنتها بمهدئ وإن شاء الله سوف تستفيق غدًا بحال أفضل .."

أتبع كلامه يعطي بدر ورقة الأدوية وهتف يكمل 

" لقد كتبت لها هذه الأدوية......ويفضل أن تبتعد عن أي ضغط عصبي في الفترة المقبلة "

شكره عبد الرحمن وتحرك يسير معه بينما بدر كان يقف بصدمة ومازال كلام وتين يحرق روحه...

نظر للورقة التي في يده بتيه لاحظه طارق الذي اقترب يأخذها منه وهتف بهدوء وهو يربت على كتفه بمواساة..

" سأذهب لأجلب الأدوية "

أومأ بدر ولم يرد ليغادر طارق بهدوء ويترك بدر يتصارع مع أفكاره ...

خرجت مريم ورقية من غرفة وتين ليمرر أنظاره بين الجميع المتواجد حوله وهتف بهدوء شارد 

" متي خسرت وتين الجنين "

صمت الجميع بينما غدير قصت عليه كل شئ من وقت أن تركهم وغادر في تلك الليلة...

كانت تصف حالة وتين وهي مسجية تنزف على الأرض والمشهد يتجسد بعقله فيحرق قلبه...

" ولماذا لم تهاتفوني....لماذا لم تخبروني فور رجوعي "

أتبع كلماته بصراخ غاضب وترقب لردودهم ليهتف عامر بحزن 

" كانت مصدومة ورفضت أن أهاتفك....وعندما خرجت من المشفى كانت في حالة صعبة وقررت السفر فورًا لذلك رضخنا لطلبها لأن الطبيب قد منعنا من تعرضها لأي ضغط حتى لا تنهار "

دفع المزهرية الكريستال بغل من على الطاولة وهو يلهث بشدة من الغضب لكنه 

حاول التحكم بنبرة صوته حتى لا يصرخ في جده وتحدث بغضب 

" والآن هي ليست منهارة...ليست حزينة...لقد أخفت أوجاعها وتظاهرت أنها بخير حتى انهارت....لقد كانت تحتاجني بجوارها " 

استدار ينظر لهم جميعًا بغضب ممزوج بلوم وأكمل بمرارة وهو يخص أبويه بنظراته...

" لقد حرمتوني أن أكون بجوار زوجتي...أطمئنها وأدعمها...لقد أخفيتم عني أنني فقدت ابن لم أكن أعلم بوجوده حتى "

اقتربت رقية منه لكنه ابتعد عنها يمنعها من الاقتراب وهو يشير بكفه يوقفها عن تقدمها نحوه... 

حزنت من فعلته هذه وهتفت ببكاء 

" ولا هي كانت تعلم بوجوده يا بني....لكنه قضاء الله وسيعوضكم غيره بإذن الله  "

أومأ وهتف بحزم 

" اللهم لا اعتراض....لكن بتدخلكم في حياتنا وصلنا إلى هنا...لقد افترقت عن زوجتي لأكثر من شهرين...ولم أعلم بفقدان طفلي... وبالنهاية زوجتي إنهارت لأنها لم تجد من يخرج أوجاعها التي سكنت قلبها...ومن السبب بكل هذا...أنتم جميعًا....تركتوها تلعق جراحها بنفسها وهي وحيدة وحزينة...وبالنهاية تدعون أنكم كنت خائفون عليها...لو كنتم صادقون ما كنتم تركتوها بمفردها وجعلتوني أغضب منها وانا أظن أنها تركتني وغدرت بي...تركتوني أتعذب وتركتوها تتعذب كذلك الأمر واتخذتم مقاعد المشاهدة " 

زفر أنفاسه بقوة وهتف يكمل بلهاث وهو يمرر نظراته عليهم بغضب 

" كنا سنتفادى كل هذا لو كنتم أخبرتوني بمكالمة هاتفية فقط....لذلك أنا لن أسامحكم على ما ارتكبتموه في حقنا "

غادر فورًا يذهب إلى وتين وتركهم جميعًا والحزن يخيم عليهم حتى قطعت مريم الصمت وهتفت بضعف

" معه حق بكل كلمة قالها ...نحن السبب في كل ما حدث " 

نظر لها عامر بهدوء وهتف بجدية بالرغم من عيناه الحزينة التي نظرت لعبد الرحمن ورقية بإعتذار ...

" تقصدين أنا السبب....لقد أردت أن أفعل ما ترغب به ومنعت الجميع من اخباره وبالنهاية بتدخلي هذا وصل الوضع لهذه المرحلة....أنا السبب ...كما أنني من منعكم من التدخل والحديث معهم....كنت أظن أنني أكفر عن ذنبي إتجاه وتين وتجاهلت آلام بدر لكني كنت مخطئ ...أنا من عليه الإعتذار لهم " 

*****

" مسكينة ....أقسم أن قلبي تألم عليها "

شعور عفوي بالغيرة تسلل إلى قلبها وهي تقرأ كلمات طارق الذي أرسلها على برنامج الرسائل ...فقد حرصوا أن يتحدثوا يوميًا بهذا الشكل منذ أن جاء لخطبتها وكأنه إتفاق غير منطوق بينهم ...حاولت إبعاد ذلك الشعور وكتبت له 

" نعم...وأنا أيضًا حزنت من أجلها كثيرًا....لقد أعادني إنهيارها إلى تلك الليلة عندما وجدتها تبكي وتتآلم على الأرض "

أغمضت عيناها تحاول إبعاد تلك الليلة المشؤمة عن عقلها، فمازالت تشعر بالرعب كلما تذكرت منظر وتين المتآلم والنازف وقتها...


" حقًا شعور صعب فأنا أشفق عليها...فوتين أختي الصغيرة وما رأيته اليوم أحزنني بشدة...كما أنني أشفق على بدر ولا ألومه على رد فعله ....هل مازال غاضب؟ "

تنهدت بحزن على ذلك اليوم الذي كان منذ بدايته سعيد وفي نهايته حزن ومرض ومشاكل...لكنها حقًا تشفق على وتين وبدر كثيرًا ...


" منذ أن دخل غرفة وتين لم يخرج منها....ورفض أن يأكل أي شئ ورفض الحديث مع أي احد من أفراد العائلة "

تنهدت بضيق وعادت تكمل كتابة له

" متى أصبحت أنت ووتين أصدقاء؟ "

لم تنتظر سوى بعض اللحظات عندما أتاها الرد منه 

" كنت أساعدها في دروسها أحيانًا قبل وفاة والدتي...وعندما توفيت كنت ضائع وحيد ومهموم....كنت ناقم على القدر الذي اختار أمي أنا وتركني يتيم...وفي ذات يوم قابلت وتين وهي عائدة من مكان ما...أوقفتني وتحدثت معي كثيرًا ....لكن من ضمن كلامها جملة واحدة اخترقت قلبي ولم أنساها أبدًا "

" ما هي "

" لا تحزن يا طارق فأنا أشعر بك....لا تظن أنني لا أتآلم من فراق أبي وأمي ...ولا تظن أن أحد يحل محل أحد 

فالأشخاص مثل بصمة الأصبع لا تتشابه...لذلك تخيل أنها برحلة وأنك ستلحق بها ذات يوم لا محالة...كما أتخيل أنا "

تأثرت بشدة من كلمات وتين التي رغم صغر عمرها في ذلك الوقت إلا أنها كانت على مايبدو  تتعذب وتشعر باليتم وتخفي ذلك عن الجميع وبالرغم من هذا كانت تغير منها وتضايقها كثيرًا....

ابتعلت ريقها والندم يسيطر عليها، لكنها عادت تقرأ كلمات طارق الذي أرسلها يكمل حديثه..

" وقتها نظرت لصغر سنها و خجلت من نفسي كثيرًا ...فهذه الصغيرة تشتاق لأهلها وتحاول التعايش مع فقدها....فهي لم تتذكرهم حتى، لكنها تحتاجهم....أما أنا حصلت على ذكريات كثيرة مع أمي....وأبي مازال على قيد الحياة...استغفرت الله كثيرًا وأصبحت أتعامل مع فقدي كما قالت وتين...أنها برحلة وأنا سألحق بها في أي وقت...وعندما أشتاق أذهب لزيارتها وأتحدث معها...ومنذ ذلك الوقت أصبحت وتين صديقتي وأختي الصغيرة إلى أن جاءت ليال وأصبحت صديقتنا أيضًا....وأنا أصبحت أخ البنات مثلما يقول بدر  "

لماذا لم تكن صديقته مثل ليال ووتين...لماذا كنت تهرب من الدراسة معه...

لماذا لم تحظي به في حياتها في الماضي مثلهم ...

لا تنكر أنها تشعر بالغيرة من ليال ووتين لكن ما يريح قلبها، أنها ستحصل عليه زوج وحبيب وكل شئ طوال حياتها...

عادت تكتب له 

" وهل تتخذ الفتاة المسكينة غدير صديقة لك أيضًا يا أخ البنات "

 ‏لحظات من الترقب ودقات قلبها ترتفع حتى أتاها الرد

" غدير سأعطيها كل عمري "

ابتسمت ونبضها يتراقص من تأثير كلماته ليرسل لها مجدد

" لماذا وافقتي على زواجنا غدير" 

ابتسمت بمكر و ردت بسرعة

"سأسألك ذات السؤال... لماذا اخترتني طارق "

" سأجيبك بعد عقد القران "

" لماذا "

" لأنني لا أريد أن أجيبك برسالة مكتوبة...أو بمكالمة صوتية...لذلك سأنتظر "

اشتعل الأمل بقلبها وابتسمت بحالمية و ردت 

" وهل وقتها سيكون ...اليوما ما "

" نعم "

تنهدت بحب وأصابعها تكتب برشاقة و بسرعة 

" سأنتظر "

" وأنا أيضًا "

 ‏******

 ‏رنين الهاتف المتواصل جعله يستيقظ من نومه المتقطع، فطوال الليل يحلم بكوابيس يرى بها وتين غارقة في دمائها وهو مكبل اليدين والقدمين ويصرخ بدون صوت حتى يختنق فيصيبه الفزع ويستيقظ يتفقدها ويطمئن عليها...

التفت ينظر لوتين بلهفة ليجدها نائمة فمفعول المهدئ مازال مستمر، تحسس جبهتها ومرر أصابعه على وجنتها ومال عليها يق*بلها قب*لة رقيقة...

تنهد ونظر لهاتفه الذي كان بجواره بدهشة فهو لم يرن إذا هاتف من الذي يرن الآن ...تجول بنظره في الغرفة حتى وقع أنظاره على حقيبة وتين...نهض يذهب للحقيبة وأخرج منها الهاتف ليتفاجأ من اسم المتصل 

" الرائد يوسف "...

 ‏لماذا يتصل يوسف بزوجته بكل هذا الإلحاح ...وهل هو يوسف صديقه أم آخر...استنكر سخافة الفكرة فمؤكد هو يوسف...لكن لماذا يهاتفها؟

انتبه أن الرنين توقف وصوت تنبيه الرسائل عاد يصدح في الغرفة من جديد..

ابتلع ريقه بتوتر وفتح الرسالة الذي قرأها وشعر بالبرودة تغزو أطرافه...

" وتين أين أنتِ ....لماذا لا تجيبي على الهاتف....أنا أرسلت لكي عنوان الشقة التي سنتقابل بها بعد قليل...أخرجي من الباب الخلفي وتخفي جيدًا "

 ‏توقف قلبه للحظات ثم عاد ينبض بسرعة مؤلمة وكأن دمائه تحولت إلى جليد...

 ‏ارتعش كفه الممسك بالهاتف فوقع الهاتف على البساط يصدر صوت مكتوم...

 التفت ينظر لوتين النائمة بسلام وفكرة شيطانية تحاول التسلل لعقله...

هل وتين تخونه...

هل يوجد علاقة بينها وبين يوسف...

نظر لها بتمعن دقيق لبضع لحظات قبل أن يهز رأسه بسرعة وهو يهتف يهمس 

" مستحيل "


رواية استوطننى عشقك الفصل الثالث والعشرون 23 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات