📁

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت السادس والعشرون 26

رواية استوطننى عشقك الجزء السادس والعشرون 26

رواية استوطننى عشقك الحلقة السادسة والعشرون 26

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس والعشرون 26 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل السادس والعشرون 26


الفصل السادس والعشرون


كثيرون هم الذين اتخذوا من الأوهام والمعجزات الزائفة وخداع البشر.....تجارة لهم 

(ليوناردو دافنشي).


ترقب لذيذ وشعور بالنشوة يزيد من هرمون السعادة لديها...فهي حقًا تشعر أن سعادتها لا تسع العالم كله، فمنذ الصباح تتمايل وتردد الأغاني حتى أصابتهم بالصداع...

لقد عنفتها الفتاة التي تقوم بتحضيرها للحفل عندما ضاق بها من أفعالها وتمايلها أثناء وضع الزينة...

لكن من يلومها فهي متحمسة وسعيدة فاليوم سيرتبط اسمها بإسم حبيبها الذي اختاره قلبها وذاب به عشقًا...

لقد استيقظت مع بداية الصباح وأوقظت أمها التي لم تتذمر كما فعلت وتين...

فماذا حدث لكي تتذمر بهذا الشكل، لقد هاتفتها أكثر من عشرون مرة حتى أغلقت هاتفها وعنفتها وقالت لها مازال الوقت باكرًا...

فما كان منها إلا أن تصعد لشقتها و طرقت الباب بقوة وهي تنادي بصوت مرتفع وتهدد.. 

أن لم تخرج الآن ستقتحم الشقة ولن يهمها بأي حالة هم نائمون...

لم تكف عن الصراخ وهي تعنفها وأي أخت هذه التي تترك أختها بيوم هكذا...

خرجت لها وتين تفتح الباب بسرعة وقد ظهر على ملامحها التي تحمل أثار النوم الفزع والصدمة من جنون غدير الذي لم تراه من قبل أبدا...

ومعها حق فمن يستيقظ بهذه الطريقة المختله لكنه قدرها أن يكون لديها ابنة عم مثلها...

ابتسمت وهي تتذكر صراخ بدر الصادر من غرفة النوم وسبابه لها وتهديده أنه سيخبر طارق أن زوجته مجنونة وأن صديقه ماذا فعل ليبتليه الله بهذا البلاء...

لم تكترث وسحبت وتين معها ونزلت بسرعة ولم تعير لصراخ وتين أي إنتباه و التي تخبرها أن تتركها تبدل ملابسها وتغسل وجهها على الأقل...

فكيف تنزل هكذا ببجامتها الحريرية بشورطها القصير هذا، لتخبرها بلامبالاة أن ترتدي شيئًا من عندها وهذا عقابها على عدم الإستيقاظ باكرًا أو على الأقل كانت قضيت الليلة معها...

ابتسمت وهي تنظر لنفسها بإنبهار فور انتهاء الفتاة من وضع حجابها الذي كانت تلفه لفة صغيرة على ثوبها الذهبي المرصع بالأحجار الامعة...

ثوبها الأنيق بأكمامه الضيقه، يحاوط قدها بحميمية ويتسع بإنتفاخ بسيط من بداية الخصر إلي الأسفل وقصير من الأمام يظهر حذائها عالي الكعب ومن الخلف كان طويل نسبيًا، أنيق وبسيط بشكل يخطف الأنفاس...

استدارت تنظر إلى وتين التي تقف بالشرفه بثوبها الأسود وخيوطه اللامعة وأحجاره الكثيره التي تزين مقدمه الصدر نزولًا إلى الركبة ويلتف عليه حزام صغير جدًا على الخصر يحد من تموج ثوبها الطويل...

حقًا كانت تشبه الأميرات بثوبها وحجابها الفضي وزينتها البسيطة...ابتسمت وتحركت تقف خلفها وهتفت تدعي الحنق...

" ما هذا يا سيدة وتين ....هل تنوين افساد حفلي "

استدارت وتين بدهشة وهتفت بعدم فهم 

" لماذا يا عملي الأسود بالحياة " 

وضعت يديها على خصرها وهتفت بغيظ 

" لأن مظهرك رائع ....تشبهين أميرات الحكايا "

ابتسمت وتين وهزت رأسها، حقًا لا فائدة من هذه الفتاة...تنهدت وهتفت بإستسلام وهي تنظر لها بود وسعادة حقيقية تطل من عينيها 

" لا تقلقي يا حمقاء ....أنتِ رائعة الجمال وانتِ حقًا من تشبه الأميرات..."

ضيقت عينيها بشك لتبتسم وتين وهي تسحبها من ذراعها وهتفت 

" أقسم أنك رائعة الجمال......والآن تعالي لتشاهدي الحديقة فأصبحت رائعة بمنظر الطاولات والزينة ....تعالي لتشاهدي، فزوجك قد حضر "

رجف قلبها على كلمة زوجك وتحركت تشاهد الضيوف الذين يملئون الحديقة التي تحولت كأنها قاعة أعراس مفتوحة... 

فجدها يحب أن يحتفل بزواج الجميع في هذا المنزل ... وبالرغم من رفضها للفكرة لكنها رضخت للأمر حتى لا تحزنه...ليفاجأها ويأتي بمتخصصون للأعراس وقد حولوا الحديقة إلى لوحة رائعة الجمال، بداية من الأضواء ومرورًا بكل شئ ...لقد عملوا البارحة طوال اليوم حتى انتهوا في وقت متأخر من الليل، وفي الحقيقة بدر لم يتركهم فمنذ عودته من السفر هو ووتين وهو يقف على رؤوسهم حتى يخرجوا كل شئ على أكمل وجه...

حقًا لقد قام بدور الأخ الذي يهتم برغبات أخته بجدارة...

لقد نادته البارحة عدة مرات لتغيير بعض الأشياء التي لا تعجبها ...حتى أخرجته عن شعوره.. وأيضًا طارق الذي حضر يقف مع بدر من أجل الإنتهاء من كل شئ تذمر من أفعالها وتحكمها بكل شئ...

استمعت لصوت زغاريد أمها التي اقتحمت الغرفة يليها عمتها وزوجة عمها...اقتربوا يقبلوها ويباركوا لها الزواج والفرحة تطل من أعينهم ... 

" استعدي للنزول لأن المأذون قد حضر..."

هتفت كاميليا بسعادة واضحة وخرجت بعد أن قبلتها مجددًا فسعادتها اليوم لا توصف.. اتبعتها مريم ورقية لينزلوا سريعًا لكي يرحبوا بالضيوف فلا يجوز أن يتركوا ضيوفهم لفترة طويلة...

ها هي اللحظة المنتظره قد حانت وبعد دقائق ستكون زوجة طارق رسميًا، ارتفعت دقات قلبها بترقب وحماس يدب بأوصالها...


استمعت إلى تنبيه رسائل متواصلة فاقتربت تحمل الهاتف وهي تتوعد إلى صديقات الجامعة التي لم يتركوها من مزاحهم طوال اليوم ...

ابتسمت تنظر إلى وتين اللاهية في مشاهدة الحفل من الشرفة وعادت بأنظارها إلى الهاتف الذي ما أن فتحت الرسائل حتى انمحت البسمة من على وجهها تمامًا ...

اتسعت عيناها بصدمة، شحبت وأنظارها تنتقل تارة إلى الرسالة المكتوبه وتارة أخرى إلى الصور...

هل تحلم...

هل ماتراه عينيها الآن حقيقي أم مجرد هلاوس...

رفعت أنظارها لترى من الذي أرسل هذه الرسائل فلم تجد اسم، مجرد رقم لا تعرفه...

نزلت تقرأ الكلمات بصدمة للمرة التي لا تعلم عددها 

" لا تظني أنه يحبك ...هو يتزوجك طمعًا في المال والشركة فلا تنسي أنك وريثة أبيك الوحيدة....ولا يغرنك الأخلاق الذي يظهرها للناس...أنه عابث والدليل بالصور "

رفعت كفها تمسد قلبها الذي تشعر أنه سيتوقف من الآلم وعادت تطالع الصور التي لم تكن سوى لطارق الذي يقف مقابل ليال ووجههم متقارب بشكل مبالغ وهو يبتسم بإتساع وهي أيضًا وذراعها على صدره في وضع حميمي بحت...

مررت بأصبعها على شاشة الهاتف لتشاهد صورة له وهو جالس على مكتبه ورولا جالسة على قدميه وتحتضنه بتملك...

نظرت للصورة التالية التي لم تكن سوى نفس الصوره السابقة ورولا جالسة على قدميه ويقبلها في شفتيها....

وضعت كفها على فمها وتحجرت الدموع بعينيها وعادت تشاهد الصورة الأخيرة التي كانت لرولا وهي خارجة من مكتب طارق بنفس الملابس التي كانت ترتديها بالصور السابقة لكن الفرق أنها كانت تحاول اغلاق  قميصها الذي كان  مفتوح ويظهر ملابسها الداخلية و أحمر الشفاه الخاص بها  منزوع بشكل واضح ...

قبضت على الهاتف بضعف وأنامل ترتجف وجلست على الفراش بإنهزام وعقلها قد توقف عن التفكير...

ماذا يحدث...

أو بالأحرى ماذا سيحدث الآن...

*******

تطلع في الجميع بسعادة وراحة فها هو أخيرًا سوف يطمئن على غدير حفيدته الشقية التي كانت دومًا تسبب المتاعب، حفيدته المغرورة الذي كان يشغله دومًا حالها، كان خائف ويريد الإطمئنان عليها مع رجل يقدرها ويفهم داخلها جيدًا...

رجل يقدر الطفلة المتهورة بداخلها، وها هو قد وجده، الغالي على قلبه طارق العاقل والحنون...

بالرغم من شخصيته المريحة والمرحة إلا أنه رجل عاقل، متفهم ولا يتهاون في كرامته أبدًا، تمامًا كبدر وأولاده فهو يشبههم كثيرًا...

بل يذكره بنفسه أيضًا، فهو طموح ووصل لمكانة جيدة في عمله دون مساعدة من أحد، منذ أن شب وهو يعتمد على نفسه بالرغم من مركز أبيه ووضعه المالي الجيد  إلا أنه كان حريصًا أن يبني نفسه بنفسه كما واجه أوجاعه بنفسه...

تنهد براحه وهو يراقب المأذون الذي حضر وجلس بجواره على الطاولة المخصصة لعقد القران وقد جلس مسعد على الناحية الأخرى ليكون وكيل طارق وبجواره جلس طارق ينظر في الجميع بلهفة يحاول اخفائها لكنها كانت مكشوفة له...

استدار ينظر لبدر الواقف بجواره وهتف بصوت عالي كي يخرس أي أقاويل مازالت تتداول في الخفاء لكنها وصلت لمسامعهم بكل تأكيد  

" إذهب واصطحب أختك فالشيخ على عجلة من أمره "

أومأ بدر بهدوء وتحرك لينادي غدير بينما غمز عامر لعزت ليبتسم الأخير لأبيه وقد فهم سبب فعلة أبيه والغرض منها

*******

هل سعادته توصف اليوم، لا لن يقدر أحدًا على وصفها أبدًا، فهي تصل لعنان السماء...

فها هو لأول مرة منذ أعوام عديدة يشعر أنه سوف يطير من السعادة، فأخيرًا حبيبة عمره ستكون زوجته بعد قليل...

تنتابه لحظات خوف أن يكون ما يحدث حلمًا جميلًا سوف يستفيق منه بعد قليل...

لكنها الحقيقة يا طارق وحبيبتك التي تمنيتها لأعوام و دعوت الله مرارًا في صلاتك أن يجمع بينكم ويجعلها من نصيبك...

اليوم قد استجاب الله لك وبعد قليل سترتدي خاتمك وستصبح زوجة طارق  حمدان رسميًا ولن يمنعه أحد من الصراخ والإعتراف بعشقه لها...

زفر بتوتر ونظر في ساعته فلقد تأخر بدر كثيرًا..

ترى مالذي أخره هكذا..

هل تراجعت عن الزواج..

لا مستحيل أن تفعل لقد رأى سعادتها و قرأها بعيونها واضحه..

إذن لماذا تأخرت هكذا...

عاد ينظر للباب تارة ولساعته تارة أخرى بتوتر بدأ يستحوذ عليه بقوة...

شعر بتربيته أحدهم على كتفه، رفع أنظاره لليال التي ابتسمت له وهمست تطمئنه بمزاح

" ماذا بك....ادعي الثقل قليلًا يارجل "

نظر لها بتوتر ولم يكد يرد عليها حتى رأى ابتسامتها تتسع تزامنا مع ارتفاع صوت الزغاريد ليلتفت ينظر بلهفة خلفه..

 ليراها قادمة معلقة كفها في ذراع بدر الذي يحاوط خصر وتين بذراعه الأخر...

نهض يتمعن النظر فيها بلهفة عاشق.. عيناها التي تنظر في الأرض وثوبها الرائع الذي يحاوط قدها المهلك...

وزينتها التي برزت جمال عينيها وشفتيها الوردية التي سوف يبارك لها زواجهم بعد قليل ...

تنهد بحنق عندما جلست بجوار جدها ولم تعيره أي انتباه، ليجلس أبيها أيضًا بجواراها ويتبعهم هو بصمت ليبدأ المأذون بعقد القران...

تعالت دقات قلبه عندما وقع على قسيمة الزواج لتتبعه هي بالتوقيع ليسمع المباركات وأصوات الزغاريد وأصوات الموسيقى العاليه تضج في المكان كأنها تشارك نبضاته صخب السعادة...

تناوب الجميع في تهنئته و ابتسامته لا تفارق وجهه...

اقترب منها بهدوء ظاهري بينما يشعر أن قلبه سيخرج من صدره ويرقص احتفالًا وسعادة بإمتلاكه حبيبته بعد طول انتظار...

وصل لها لتقابله بإبتسامة صغيرة مهزوزة بعض الشئ لكنه لم ينتبه كثيرا لحالتها ورجح أنها متوترة مثل أي عروس في موقفها...

انحني يقبل جبينها وهو يهمس لها

" مبارك حبيبتي "

جفلت تنظر له بتساؤل قابله بإيماءة وابتسامة واسعة وسحب كفها يعلقه على ذراعه وتحرك ليجلسوا في المكان المخصص لهم حتى يرتدوا الخواتم ...

ألبسها خاتمها بلهفة وأعطاها خاتمه لتأخذه منه بيد ترتجف بقوة وعيناها لازالت لا تنظر له...

عقد حاجبيه وهو يرى رجفة يدها الواضحة وهي تضع الخاتم بإصبعه...

قبض على كفه بقوة وكأنه يقدم التحيه لخاتمها الذي يحمل اسمها واقترب يهمس بجوار أذنها بقلق

" ماذا بك ....هل أنتي بخير "

أومأت له وابتسمت بضعف وعيناها تهرب منه مما جعل شكوكه تكبر فعاد يهمس لها بشك

" متأكدة أنك بخير "

أومأت مجددًا وهتفت بصوت شعرت كأنه يمزق حنجرتها 

" أنا متوترة بعض الشئ ...أنا بخير لا تقلق "

أومأ لها وربت على كفها قبل أن ينحنى يقبله وألبسها باقي شبكتها إلى أن انتهى وعادوا يتلقوا التهاني من الجميع 

******


أغلقت كفها بقوة وهي تنظر حولها بخوف وكأنها تبحث عن قاتل متسلسل...وفي الحقيقة هي تبحث عن قاتل بالفعل...

يإلهي لقد تمكنوا من الدخول إلى منزلها بسهولة 

ولكن أيهم هو ...هل هو من أعطاها الورقة أو أحدا آخر، لقد أعطاها النادل الورقة وتحرك يرحل بصمت وتركها في وسط دوامة من الخوف...

وهل ما كتب لها حقيقي أم مجرد تهديد...

فتحت كفها على الورقة ببطئ ورفعتها تفتحها لتقرأها مجددًا وقلبها يرجف بخوف والكلمات تتردد بعقلها تصعقه

" لو كنتي راغبة بإستمرار رأسك على كتفك....أعطيني الحقيبة وإلا سوف تودعين عائلتك الحلوة هذه "

عادت تغلق كفها بسرعة على الورقة مجددًا بخوف وأغلقت عيناها

وهي تزفر أنفاسها ببطئ تحاول استجماع أعصابها كي لا تلفت لها الأنظار...

فتحت عيناها ببطئ وحاولت رسم الهدوء على ملامحها لكنها فشلت عندما وجدت بدر يقترب وعلى وجهه يرتسم التساؤل والقلق...

اقترب منها وحاوط خصرها بذراعه يقربها منه حد الإلتصاق ومال على أذنها يهمس 

" هل أنت بخير ....لماذا أنتي شاحبة هكذا "

استندت عليه ترمي بثقل جسدها عليه ليتلقفه بطيب خاطر وعاد يهمس بخوف

" ماذا حدث حبيبتي "

تنهدت وهتفت بإبتسامة مصطنعة

" لم يحدث شئ ...أنا مرهقة بسبب تلك الحمقاء التي لم تتركني أرتاح اليوم "

نظر لها بغموض وهتف يجاريها في الحديث رغم عدم اقتناعه بما تقول لكنه لن يضغط عليها الآن،  بالنهاية لن يتركها قبل أن يعرف كل شئ...

" هذه الحمقاء سأعاقبها على مافعلته صباحًا وسرقتك مني بهذا الشكل....

حقًا لقد شعرت بالإحباط....لقد تخيلت أشياء كثيرة أفعلها صباحًا... مثل أن ألتهمك بنهم حتى أعوض الليل عندما تركتني وغرقتي في النوم قبل أن أصعد إليك "

ضحكت وهي تنظر يمينًا ويسارًا وهتفت بإبتسامة

" أنت لا أمل منك أليس كذلك.....لن تكف عن وقاحتك "

أومأ وابتسم يقترب منها وهمس بحرارة 

" أنا لن أكف عن وقاحتي معك أبدًا ....وسأثبت لكي ذلك بالدليل القاطع بعد إنتهاء الحفل....كما سأعرف لماذا ذلك الخوف بعينيك والتي تحاولي اخفائه عني" 

قال كلمته الأخيرة وهو ينظر لها بجدية لتبتسم له بعشق 

وهتفت 

" تعلم أنني سأحكي لك كل شئ ....فأنت سندي الذي ألقي عليه همومي دائمًا "

انحنى يقبل جبينها ولم يكترث أن لفت الأنظار لهم، فكل ما يفكر به الآن أن حبيبته خائفة وهو لابد أن يطمئنها 

" دومًا سأكون سندك وحمايتك طالما أنا على قيد الحياة حبيبتي "

ابتسمت بعشق وهتفت بلهفة

" لا حرمني الله منك يا حبيبي.... أنا أعشقك بدر "

تذمر ونظر لها بغيظ وهتف 

" خطأ وتين ....تلقين تعويذتك بوقت خاطئ يا حمقاء ....لذا سأعاقبك بشدة، لكن بعد إنتهاء الحفل....أو مارأيك أن نهرب ونترك الحفل حتى أتمكن من معاقبتك كما أريد "

ضحكت بصوت عالي وقد نجح بدر في تشتيت أفكارها بعيدًا عن الخوف الذي كان يمتلكها وكأنه هو من يلقي تعويذة سحريه تشعرها بالأمان ....تعويذة تكمن في وجوده فقط...

انتبهت إلى تبدل الموسيقى واستعداد طارق وغدير للرقص ...وقد لفت نظرها وضع غدير الذي تبدل كليا قبل نزولها.. لقد ارتعبت عندما رأت جمودها وعدم ردها عليها ...

لقد ظنتها أنها أبدلت رأيها ولن تنزل إلى حفل زواجها مجددًا، لكنها تحركت ونزلت بصمت أشعرها بالخوف ولا تعرف السبب في هذا...


" ما بها غدير ليست على طبيعتها "

التفتت بدهشة لبدر الذي لاحظ أيضًا تغير غدير إذنٍٍ ما تشعر به حقيقي...

تنهدت بحيرة وهتفت بشرود وهي تنظر إلى ذلك الثنائي

" لا أعلم ....لكنها ليست على طبيعتها بالفعل وكأن هناك شيئاً سيئ حدث "

******

تبدلت الموسيقى إلى أخرى هادئة تزامنًا مع وقوف طارق وامساكه لكفها يسحبها بهدوء كي تقف وتتحرك معه للمكان المخصص للرقص...

تحركت معه بآليه وهي تشعر أن هناك أخرى تلبستها... أخرى مكونة من جليد بينما هي محبوسة بداخلها وتصرخ ولا يسمعها أحد...

شعرت بكفه يمسك كفها ويضعه على صدره بينما ذراعه الآخر على خصرها يقربها منه، لترفع كفها الآخر وتضعه على كتفه..

تمايلت بهدوء ولم تتحدث وكأنها انفصلت عن العالم وكأن ما يحدث لا يعنيها...

فمنذ أن رأت هذه الصور وهي لا تعرف نفسها...

لماذا لم تصرخ ولماذا لم تبكي...

حقًا هي ترغب في البكاء...

ولماذا لا تفر هاربة إلى مكانًا بعيدًا...

ولماذا لا تضربه وتنعته بأفظع الألفاظ وتبتعد عن محيطه الذي يجذبها كفراشة جذبتها النيران فأحرقتها...

بل الأفظع أنها لا تتمكن من التفكير في شئ بل تجمدت وهي تقبض على هاتفها وهي تنظر لوتين التي تحثها على الاستعداد للنزول مع بدر الذي صعد ليصطحبها إلى الحفل...

لم تتحرك من مكانها حتى ارتعبت وتين وهتفت بصراخ أنه ليس مجددًا...

لقد خافت أن تمتنع عن النزول، لكنها لم تفكر بالأمر بل وضعت هاتفها في أحد الأدراج ونظرت إلى نفسها في المرآة بضع ثواني علها تتعرف على التي تقف أمامها الآن وهي تتسائل أين ذهبت الأخرى السعيدة التي كانت هنا منذ قليل...

استدارت على دخول بدر الذي لم ترد على مزاحه بل تعلقت في ذراعه كي تدعم نفسها وتحركت بهدوء ظاهري وكأن ما يحدث لا يعنيها أبدًا....

لم تفكر في الرسائل ولا حقيقتها ولا أي شئ فيبدوا أنها دخلت في صدمة تمنعها من التفكير بأي شئ، فحقا تشعر بشلل دماغي يفصلها عن كل ما يحيط بها...

انتبهت على همس طارق لها وهو يراقصها 

" انصتي لهذه الأغنية ...لقد اخترتها خصيصًا لتخبرك مشاعري وتكون ذكرى رقصتنا الأولى واعترافي الأول "

نظرت له لأول مرة اليوم، لقد كانت تهرب من النظر له منذ حضورها وهالها مارأت في عيناه من مشاعر تحاول تكذيبها لكن كلمات الأغنية التي انسابت حولها جعلت عيناها تتسع وهي تنظر له بعدم تصديق

 

   بعترف قدام عينيك من النهاردة

   ‏انا عمري ليك

   ‏سيبني احبك يا حبيبي

   ‏وانسى روحي بين ايديك

   ‏هو ده اللي حلمت بيه

   ‏ضحكته نظرة عينيه

   ‏

نظرت له وابتعلت ريقها ليقابلها بإبتسامة وإيماءة من رأسه وهو يميل عليها و يهمس داخل أذنها بنبرة عاشقه 

" تتذكري اليوما ما... ها قد جاء، أنه اليوم...أول سؤال لك عن ما أفسدتيه بي، والإجابة هو قلبي الذي لا يصلح لعشق سواك أبدًا....والسؤال الثاني لماذا لا أتحمل بكاءك...لأنني أشعر أن قلبي سيتوقف وسأموت عندما تحزنين أو تبكي عيناك "

اتسعت عيناها وتوقفت أنفاسها وكأنه لا يعترف بمشاعره بل يتحدث  بطلاسم غريبة تجعل داخلها ينصهر وجعلها على وشك الإنهيار ...

عادت كلمات الأغنية تنساب على مسامعها تزامنًا مع إرتفاع كفها ليقبله بطريقة ألمت قلبها وكأنه طعنها بسكين وليس قبلة رقيقة على كفها ...


يا حبيبي وانت جنبي

تفتكر انا هعمل ايه

يا حبيب قلبي الوحيد

هات ايديك نبعد بعيد

كل ماعيونك تاخدني

يتولد احساس جديد

هو ده اللي حلمت بيه

ضحكته، نظرة عينيه


مال عليها يهمس مجددًا بعشق 

" أنا أعشقك غدير....أعشقك منذ سنوات نسيت عددها...

منذ أن كنت صغيرة مزعجة إلى أن كبرتي وأصبحتي أميرة مغرورة.....أنا أذوب بكِ عشقًا يا حبيبة عمري كله وحلمي الذي ظننته مستحيل "


يا حبيبي وانت جنبي

تفتكر انا هعمل ايه

هو ده اللي حلمت بيه

ضحكته نظرة عينيه


قبضت بقوة على ثيابه وكذلك على كفه الممسك بكفها وهي تحاول التنفس ولكنها عجزت عن فعل أي شئ وكأنها داخل دوامة يتردد بها أصوات مجمعة وكلمات تمر أمام عينيها وصور تجعل قلبها يتمزق 

" أعشقك غدير "

" لا غدير ليس مجددًا " 

" لا تظني أنه يحبك ...هو يتزوجك طمعًا في المال والشركه ولا يغرنك الأخلاق التي يظهرها للناس .....أنه عابث  والدليل بالصور "

"أعشقك غدير"

"لا...لا..."

"أنه عابث والدليل بالصور"


كلمات تتردد بقوة داخل أذنها تشعرها أنها على وشك الصمم وكلمات تدور حولها وكأنها وحوش سوف تلتهمها...تشبثت به أكثر وهي تشهق بقوة جعلته يفزع ويناديها بخوف ازداد أكثر عندما شعر بإرتخاء جسدها عليه لدرجة كادت أن تجعله يسقط بها ليتفادى الأمر سريعًا وهو يتمسك بها ويناديها برعب جعل الجميع ينتبه له ويركضوا لهم بخوف...

حملها بلهفة وتحرك يدخل المنزل وخلفه العائلة كلها وأيضًا ليال التي تحركت خلفهم بخوف...

حاولو افاقتها لكنهم فشلوا ليزداد نحيب كاميليا وخوف الجميع من حولهم ليخرج بدر بعض لحظات ويأتي بأحد المدعوين الذي كان طبيبًا...

اقترب عزت يرغب في حملها وإدخالها إلى غرفة وتين القديمة بدلًا عن الأريكة التي بالبهو ..

 اعترض طارق  اقترابه منها وحملها هو وذهب بها إلى الغرفة كي يعاينها الطبيب....

 ‏تبقى معها الجميع معادا بدر الذي خرج يطمئن جده عندما أخبرهم الطبيب أنها قد تعرضت لإنخفاض ضغط الدم بالإضافة إلى بعض التوتر أدى إلى فقدانها الوعي وتركهم بعد أن استفاقت وذهب لجده وضيوفهم...

 ‏فتحت عيناها بضعف ونظرت حولها إلى الوجوه الخائفة وأمها الباكية وأبيها الذي يرتسم الخوف على ملامحه بوضوح... حاولت الإبتسام له لكنها فشلت، لقد نفذ رصيد التمثيل لديها ولم تعد قادرة على الإدعاء...

 ‏تجولت بأنظارها حولها إلى أن وقعت عينيها على وقفته القريبة منها والقلق العاصف الذي يطل من عيناه...

 ‏ترى هل يمكنه الإدعاء بهذا الإتقان...

 ‏لفت نظرها الكف الصغير الذي يوضع على ذراعه لتنظر لصاحبته التي لم تكن سوى ليال...ليال الذي يسمح لها بلمسه كيفما تشاء..

 ‏ابتلعت ريقها بقهر وهي تتذكر صورتها معه ونظراتهم واقترابهم من بعضهما بهذا الشكل وكأنهما على وشك الإحتضان أو تبادل القبلات...

 ‏رفعت كفها تخفي عيناها التي بدأت الدموع تترقرق بها لتقترب كاميليا بلهفة تجلس بجوارها وتسحبها ترفعها قليلًا إلى أحضانها وهي تهتف بقلق 

 ‏" ماذا بك حبيبتي....ما الذي حدث "

 ‏اقتراب أمها بهذا الشكل قضى على أي محاولة لإدعاء القوة وكأنها ضغطت على زر الإنهيار والبكاء 

 ‏تشبثت بأمها وبكيت بقوة وانهارت داخل أحضانها بطريقة جعلت القلق يعصف بالجميع وبذلك الذي يقف والنار والخوف يشتعلان بداخله...

 ‏لكم يرغب الآن في الاقتراب منها و أخذها داخل أحضانه يطمئنها ويواسيها من شئ لا يعلم ما هو 

سمع صوت أمها القلق  وهي تربت عليها 

" ماذا بك حبيبتي ....مالذي يبكيك "

 ‏اقترب أبيها منها وجلس على الناحية الأخرى وسحبها إلى أحضانه لتتشبث به وهو يهتف بقلق 

" حبيبتي أخبري أبيك ما الذي يحزنك هكذا يا بابا "

 ‏حاولت استجماع نفسها والتحكم في نفسها لكنها فشلت فهتفت بتقطع 

" حفل خطبتي انتزع.....وأنا أشعر بالدوار وأريد النوم "

 ‏ربت أبيها على رأسها وابتسم بحنو وهتف وهو ينظر لطارق بإعتذار ليقابله الأخير بإيماءة مطمئنة 

" ستتعوض في حفل الزفاف بإذن الله لا تحزني.....ويمكنك النوم الآن وسنعتذر للضيوف "

أومأت له وهي تغمض عيناها حتى لا تضعف وتنظر لسبب عذابها وتفضح عن سبب قهرها منه...بل والصراخ به و فضحه وسؤاله عن هذه الصور أمام الجميع... وربما ضرب ليال وطردها خارج البيت وهي ممسكة بشعرها تنزعه بغل قبل أن تذهب للأخرى تخنقها بيدها ولا تتركها إلا وهي فاقدة الحياة...

زفرت تحاول إبعاد هذه الأفكار التي تروقها كثيرًا عن رأسها وهتفت بخفوت  

" ابقى معي إلى أن أنام بابا "

أومأ لها وربت على رأسها وهو يقرأ بعض أيات القرأن لعلها تهدأ...لينسحب الجميع من الغرفة..

حاول الحركة لكنه تيبس مكانه والخوف والقلق وتساؤلات كثيرة تدور برأسه، نظر إلى عيون أبيها المعتذرة مجددًا  ليقابلها بإيماءة أخرى قبل أن يأتيه صوت وتين الهادئ ‏تحثه على المغادرة 

" لا تقلق ستكون بخير ....لكنك لابد أن تخرج إلى ضيوفك طارق لأنها لن تتمكن من الخروج لهم "

نظر لها بشك وصلها واضحًا لتهتف بتأكيد 

" ستكون بخير أقسم لك.....أخرج الآن وقبل رحيلك سأطمئنك عليها أعدك "

أومأ لها وتنهد بضيق يجبر قدماه على التحرك إلى الخارج كي يدعي أنه ليس هناك شئ ولكنه في الحقيقة يشعر بالإشتعال والقهر وخوف خبيث يتسلل إلى عقله بفكرة أنها ربما ندمت على الزواج منه...

 ‏ ‏*******

خرجت تتنهد بضيق على حفل طارق وغدير الذي انتزع بسبب مرض غدير...

 ‏تحركت تقصد طاولة أمها التي تجلس بقرب السيدة حنان حماتها السابقة...

 ‏السيده الحنون المهذبة والتي بالرغم من غضبها من زواج عمها مسعد السريع بعد وفاة زوجته إلا أنها تعامل أمها بإحترام وتحفظ بعض الشئ...

فلم يسبق لها أبدًا أنها أحزنت أمها بكلمة وكذلك لم تتحسس من علاقتها السابقة بيوسف، بل عاملتها وكأنها ابنة لها...

وهي تقسم أنها أحبتها كأم ثانيه لها...

 ‏أم خسرتها مع خسارتها لمعذب قلبها الذي يقف الآن مع العم مسعد ولا يلتفت لها أبدًا، منذ أن حضر وهو يتجاهل وجودها...

ابتسمت بسخرية فمالجديد في الأمر فهو منذ لقائها به بعد الفراق وهو يعاملها بصمت بعكسها هي التي تتوسل رجوعه كلما رأته...

حتى لو لم تنطقها صريحة لكنها تقولها بأفعالها وبلومها وعتابها له...

لقد تضايقت كثيرًا في أخر لقاء عندما تحدثت مع أحمد أمامه وأعلنت عن عشقها البائس له...كيف تفرط في كرامتها بهذا الشكل المهين...

لقد سبت نفسها وعشقها وكرامتها المعدومة ولم تنتبه لنفسها وهي توافق حديث أمها حول العريس الذي تقدم لها...لا تدري كيف وافقت على هذا الأمر فهي رافضة الأمر تمامًا ولا ترغب بالزواج من أحدا طالما قلبها معلق بأخر...

لكن ماذا بيدها أن تفعل بعد أن أبلغ عمها مسعد الرجل بالموافقه...

فهو ابن زميله بالعمل وقد رأها عندما ذهبت له العمل تعطيه أوراق كان قد نساها بالمنزل...هي حتى لم تنتبه له ولا تتذكره فكيف بحق الله توافق أن يأتي وتراه وتجلس معه...

لم تتمكن من التراجع وعندما عاتبها طارق أخبرته أنها تريد نسيان الماضي والتقدم بحياتها...

لكنها عزمت على الرفض بعد المقابلة حتى لا تظلم ذلك الراجل لأنها مازالت تعشق ذلك المتجاهل الذي يقترب من أمه ولا يعيريها أي انتباه...

هل أفلاطون معه حق عندما قال إذا تجاهلك شخص فهو يطلب منك مغادرة حياته...

أم شكسبير هو الأصدق عندما قال إذا تجاهلك شخص فأعلم أنك الأهم لديه...

 ترى من الأصدق في أقواله...لا تعلم! لكن ما تعلمه الآن أنها ستصدق حديث أفلاطون وتقتنع أنها لم يعد لها وجود بقلب يوسف...

تنهدت بحزن ‏واقتربت ترسم ابتسامة هادئة عندما لمحت استعداد السيدة حنان للمغادرة...بادلتها حنان الإبتسامة وهتفت بود حقيقي وهي تقترب تضمها

" جيد أنني رأيتك قبل رحيلي ....سأذهب لأطمئن على طارق وأرحل مباشرة "

 ‏بادلتها ليال الاحتضان وهتفت بهدوء تودعها

 ‏" إلى اللقاء خالتي "

 ‏ابتعدت عنها حنان ومازالت تبتسم بحنو وهتفت 

 ‏" إلى اللقاء حبيبتي....والعاقبة لك بإذن الله"

 ‏لكنها قبل أن ترد وجدت أمها تهتف بنبرة سريعة ملهوفة

 ‏" قريبا جدًا ....فخطبتها أصبحت وشيكة....العاقبة لابنك سيدة حنان "


رواية استوطننى عشقك الفصل السابع والعشرون 27 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات