رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك البارت الثامن والعشرون 28
رواية استوطننى عشقك الجزء الثامن والعشرون 28
رواية استوطننى عشقك الحلقة الثامنة والعشرون 28
رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك |
رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن والعشرون 28
الفصل الثامن والعشرون
الوجع أصم والحنين أخرس والشوق لا يرى....وأصدق ما نشعر به أصعب من أن يرى
(جبران خليل جبران)
ردود الفعل على جرح الكرامة دائمًا تكون مخالفة للقلب والعقل، فدائمًا تتشكل في تصرف أهوج وسريع يصاحبه ندم...وهذا ما حدث معها بعد أن طعنها بجفائه بل وقولها صريحة أنها تنتظره و لا تمضي في حياتها بسببه
وفي الحقيقة معه حق...
هي مازالت تقف في نفس المكان والزمان منذ أن تركها وأهانها وحطم قلبها...ومازال يهينها كما فعل في الحفل، لكن إلى هنا وكفى يوسف، أنا لم أعد أريدك بعد الآن..
سأنزع قلبي العاشق لك وسأضعه تحت قدمي، لن أضعف مجددًا...
لكن لماذا تريد البكاء وهي تنظر لذلك الرجل الذي أصبح خطيبها بعد موافقتها...
نظرت للوجوه السعيدة حولها بغصة مريرة، أمها، عمها مسعد، عاصم العريس وعائلته، وطارق متجهم الملامح الذي ينظر لها بعتاب صامت...
على ماذا تعاتبني طارق؟
على وجع قلبي وانشقاق روحي..
تغاضت عن النظر لطارق ونظرت لعريسها المبجل...لا تنكر وسامته و شخصيته الواضحة أمامها وحديثه المنمق والمحترم معها عندما انفرد بها..كما مستواه المادي جيد، وعائلته المحترمة التي تظهر عليهم السعادة الآن...كلها صفات جيدة جدًا لأي فتاة ترغب في زوج مثالي..
لكنها فتاة ملعونة بالعشق..
فتاة قلبها لم يعد يصلح لأي شئ، لذلك حاولت الإعتماد على عقلها، لكن هو الآخر على مايبدو أعلن عليها العصيان..
إذن هي الآن تشن حرب أمام قلبها وعقلها وجسدها من أجل رجل غادر.. رجل سرق روحها منذ زمن بعيد..
فاقت من شرودها على لكزة أمها التي تنبهها لحديث عمها مسعد الذي يوجهه لها..
" ما رأيك ليال ...هل يناسبك هذا الأمر "
لا تعرف ماهو هذا الأمر الذي يناسبها لقد كانت غارقة في أفكارها، ماهذا الموقف الذي وضعت فيه، ابتسمت بضعف وهتفت بجملة متكررة تنهي بها الموقف..
" رأيي من رأيك عماه..."
أومأ مسعد والتفت يوجه حديثه لصديقه والد العريس
" حسنًا يا مصطفى... سأخبر عم ليال لأنه اعتذر اليوم لإنشغاله بأمر هام، وبعد أسبوع تكون حفل الخطبة "
" وعقد القران"
هتف بها عاصم بحزم لينظر له الجميع بإستفهام ليتنحنح ويهتف بهدوء
" بعد اذنكم جميعًا، أنا أرغب في عقد قران مع الخطبة....أريد تعارفنا يكون في إطار شرعي حتى نتمكن من التقرب لبعض والتعرف بشكل صحيح "
التفت طارق ينظر لليال بتساؤل وغضب تجاهلته لتسمع صوت زوج أمها يتسائل
" ما رأيك ليال؟ "
أومأت بهدوء تعلن موافقتها على الأمر فلم يعد هناك فرق
هي وافقت على الزواج منه وانتهى الأمر...فلن يشكل فارقًا الآن أو بعد حين
صمتت لنهاية المقابلة إلا إذا وجه لها الحديث فترد عليه بإقتضاب شديد...
سمعت اغلاق الباب خلف ضيوفهم لتتنهد وتتحرك تذهب مستنزفة إلى غرفتها تحتمي بها من كل مايدور حولها..
تجمدت عندما ناداها طارق، استدارت تواجهه ليقترب منها ويتحدث بهدوء
" هل أنت سعيدة؟ "
ابتلعت ريقها بإرتباك فلا يمكنها ادعاء شيئًا أمام طارق أبدا لذلك هتفت بمراوغة
" مقتنعة "
ابتسم بسخرية وهتف بحزم
" كاذبة "
أخفضت عيناها تهرب من نظراته التي تكشف داخلها وهتفت بترجي
" طارق أرجوك "
وضع يديه بجيبه وتنهد بضيق وهتف بغضب خافت
" على ماذا ترجوني ليال "
رفعت أنظارها له وهتفت بضعف
" لا تتحدث في هذا الأمر مجددًا...أنا مقتنعة بهذه الخطبة وسأمضي بها، أنا أريد أن أكون عائلة وأنجب أطفال ...لن أبقى أبكي على الذي مضى طوال حياتي "
أنهت حديثها واستدارت تذهب الى غرفتها بسرعة تاركة طارق ينظر لها بشفقة وهو يغمغم
" كاذبة ليال لن تتمكني من فعلها....أنا واثق لأنني أعرفك جيدًا "
******
ألقت هاتفها تزفر بغضب فهو لم يرد على إتصالاتها، لقد عاقبها بنفس طريقتها عندما كانت تتهرب منه...
لكنها لم تكن تعاقبه، لقد كانت مشتتة، مجروحة، لم تكن تستوعب ما يحدث معها...لكن عندما استوعبت وفكرت بكل شئ وصلت إلى الحقيقة..
حقيقة ليس لها دليل ملموس..
لكن دليلها هو قلبها الذي وقع على صك برائته
حاولت مجددًا مهاتفته لكن كالعادة لا يرد...تحركت بلا هوادة عندما خطر ببالها فكرة ستنفذها على الفور...
أخرجت ثيابها وارتدتهم على عجلة عدلت حجابها بعد وضعها القليل من الزينة على وجهها تخفي بها إرهاقها الظاهر على ملامحها بوضوح...
خرجت من غرفتها تبحث عن أمها لتخبرها عن وجهتها التي رحبت بها بكل سرور...
فتحت الباب وكادت أن تخرج من باب البيت حتى قابلها بدر لتعقد حاجبيها بإندهاش وتتسائل
" مالذي أتي بك باكرًا هكذا "
رفع كتفه وأخبرها بهدوء
" مرهق قليلًا ففضلت العودة باكرًا "
أومأت وتحركت لتخرج لكنها وقفت تسأله
" هل مازال طارق في الشركة "
أومأ وتحرك يمشي لتبتسم بسعادة وركضت تخرج من المنزل لتركب سيارة الأجرة التي تنتظرها وتتوجه إلى حبيبها
******
شعر بالإحباط عندما لم يجدها تجلس مع الجميع...فهي تنفي نفسها عنهم منذ فترة وتحاول مدارات توترها وخوفها عنه لكنه يكشف دواخلها دائمًا ويشعر بها وإن صح القول هو أيضًا متوتر وخائف من القادم لكنه يحاول الثبات واخفاء هذه المشاعر عنها حتى لا يزيد من توترها وقلقها...بالنهاية خوفه وقلقه عليها فقط...
ألقى التحية عليهم بهدوء وسأل عنها لتجيب أمه أنها صعدت كي تدرس قليلًا ...ابتسمت كاميليا وهتفت بمزاح
" أنا لا أعلم كيف سيتخرجوا هذا العام وهم لا يذهبوا إلى الجامعة ولا حتى يدرسوا..."
ابتسم بدر بهدوء واستأذن منهم..
استدار يخرج من الغرفة لكي يصعد إلى وتين لكن عمته لحقت به تناديه عند بداية الدرج
التفت لها بتساؤل صامت قابلته بجدية بالغة وهتفت
" ماذا بها وتين يا بدر...دائمًا شاردة و ليست على طبيعتها المعتادة...ماذا هناك؟ هل تشاجرتم "
نفي بسرعة وهتف بهدوء
" لا عمتي لم نتشاجر ....هي بخير لا تبالغي في قلقك عليها "
عقدت حاجبيها بشك و قالت بغيظ
" لا أبالغ ....هي إبنتي وأشعر بها، كما أن الجميع لاحظ هذا "
اقترب منها بدر ومال عليها يقبل جبينها وهتف بود
" ليس هناك شئ ....اطمئني حبيبتي ولكن لا تحرمينا من دعائك دومًا "
أومأت وابتسمت بحنان وهتفت وهي تربت على وجنته برفق
" دائمًا أدعي لكم حبيبي "
بادلها الإبتسامة وقبلها مرة أخرى قبل أن يكمل صعوده إلى حبيبته التي اشتاق لها كثيرًا...
دخل يبحث عنها بأرجاء الشقة فلم يجدها، ارتفع حاجبه بدهشة ودخل غرفة النوم ليجدها خاليه إلا من صوت الماء الصادر من الحمام...ابتسم بمكر و تحرك يخرج ثياب له وبدأ في تبديل ثيابه...شعر بها على وشك الخروج فترك كنزته التي كان سيرتديها وتخفى بعيدًا ليراها تخرج تحاوط جسدها بمنشفة متوسطة وترفع واحدة صغيرة تجفف بها بشعرها ولم تنتبه له...
تحرك ببطئ خلفها يحاوطها من الخلف بذراعيه ويحملها ويدور بها وهتف بإبتسامة
" ساحرتي الحلوة التي اشتقت لها حد الجنون "
صرخت برعب عندما شعرت بأحد يحاوطها من الخلف وعندما سمعت صوته هدأت لكنها لم ترد عليه... أغمضت عينيها وهي تلهث من هول الرعب الذي تعرضت له واسترخت بين ذراعيه...
صدم من صراخها وأنزلها بسرعة وهو يتحدث بلهفة
" اهدئي حبيبتي أنه أنا ...يا إلهي ماذا بكِ....أنا أعتذر على اخافتك بهذا الشكل "
أومأت وهتفت بخفوت لاهث
" أعتذر حبيبي لقد كنت شاردة ولم أشعر بك "
نفي بسرعة وضمها بقوة لتتمسك به وهتف
" لا تعتذري....أنا أسف حبيبتي ماكان يجب أن أفزعك هكذا "
ثم أبعد رأسها عنه قليلًا ينظر داخل عينيها وهتف
" لماذا هذا التوتر والخوف يا واتي....لماذا حبيبتي؟ "
أخفت عينيها عنه وهتفت بضعف
" أنا لست خائفة على نفسي أقسم لك....بل خائفة عليك وعلى أفراد العائلة ....خائفة أن تتأذى بدر.."
رفعت أنظارها وقد ترقرقت بها الدموع وأكملت
" أنا لم أتمنى شئ بحياتي كلها سوى أن تعشقني ولو قليلًا فقط....وقد حصلت على أمنيتي ...أنا لو مت سأموت سعيدة لأنني عشت معك أوقات كنت أظن حدوثها مستحيلة ....فالموت عندي أهون من أن تصيب بخدش بدر "
عقد حاجبيه بغضب وهتف بعصبية لم يتحكم بها
" يا غبية أنا كنت سأموت عندما تركتيني وسافرتي...والآن تتحدثين عن الموت بكل هذه البجاحة .....لا لن تفعيلها وتتركيني، أنت إذا أصابك مكروه فأنا من سيموت....لذلك سوف تكُفي عن هذا الجبن وتكوني قوية....لأننا سنعيش وننجب أطفالنا ونشاركهم مراحل حياتهم ونزوجهم ونسعد بأحفادنا معًا وأيدينا ممسكة ببعضها البعض "
رفع كفيه يحاوط وجنتيها وهتف بلهفة
" أنا أعشقك وتين ...لم أعرف العشق سوى معكِ ...أنا خائف لكن واثق بالله عز وجل ....واثق أن هذه المحنة سوف تنتهي ونرتاح من كل هذا الأمر"
قبلها على شفتيها قبلة رقيقة وهتف بخفوت
" أرجوك لا تضعفي وتجعلي الخوف يحتل قلبك ....ثقي بالله ثم ثقي بي وأقسم أنني لن أخذلك أبدًا "
أومأت وضمته بقوة وهتفت بحزم
" أعدك لن أخاف وأتوتر مجددًا...وسأثق أن الأيام المقبلة ستكون رائعة ...ربما ليست هذه الفترة ...لكن أنا واثقة بالله عز وجل أن هذه المشكلة ستنتهي "
شدد من ضمه لها وهتف بخفوت
" نعم هذه هي فتاتي الرائعة والشجاعة "
تنهدت وقبلته على عنقه برقة وقالت بنبرة عاشقة
" شجاعتي تكمن في وجودك يا حبيبي....أنا أكون بك ومن غيرك لا أكون "
أبعد رأسها ينظر داخل عينيها بثقة وهتف بحرارة
" أنا هو الرجل الذي لا يكتمل من دون وتينه....وهل يبقي شخص على قيد الحياة من غير الوتين....يا وتيني وساحرتي وكل ماهو جميل بحياتي ...أنا أعشقك "
توقفت أنفاسها من روعة كلماته التي لمست صدقها من عينيه الشفافة...
ولأن كلماته أوقفت أنفاسها ولم تجد كلمات توصف ما بداخلها فقد ارتفعت على أطراف أصابعها وحاوطت وجنتيه واقتربت تقبله بكل العشق الساكن بين أضلعها، ليأتيها الرد سريعًا منه على هديتها ويبادلها قبلتها بلهفة ورغبة مشتعلة لن تنطفئ أبدًا... فهو سيظل ينهل من نبعها الصافي حتى يروي عطشه ونهمه الدائم لها...
رفعها وتحرك بها يقترب من فراشهم لتحاوط عنقه بلهفة لم تخجل منها أبدًا تجاهه...وكيف تخجل وهو أعلن سلطته على جسدها منذ أول لمسة...لقد احتل كيانها واستوطن قلبها ونقش اسمه على جسدها بوشم من نار
*******
حاول التركيز على الملف الذي بيده لكنه فشل فتركيزه كله منصب على تلك الأميرة المغرورة أو الحمقاء التي طعنته في قلبه وكبريائه...
كم تألم من كلامها ونظرة الإتهام بعيونها...حبيبتة الذي أخفى عشقها في قلبه أعوام كثيرة ولم يتجرأ على البوح به حتى لا تظن به طامع وتنتقص من قدره..
كيف تظنه بهذه الأخلاق؟..
كيف بحق الله؟
يعلم أنها كانت لا تتحدث معه ولا تتعامل معه أبدًا...لكن بالرغم من هذا كان يجب عليها التفكير قليلًا ان كانت أخلاقه بهذا السوء، هل كان جدها أدخله بيتهم...
كان آمن على وتين وبدر بالقرب منه...كان سمحوا له بالإستمرار بالعمل في الشركة كل هذه الأعوام...
كيف وافقت على الزواج منه وهي لا تعرف أبسط شئ عنه، وهي أخلاقه...
يعلم أن الصور مقززة، يقسم أنه اقشعر جسده بنفور عندما رأها...لكن في هذا الزمن ليس كل ما نراه نصدقه..
لماذا يا غدير؟
لماذا يا سبب شقائي الدائم...لماذا؟
أغلق الملف بغيظ ووضع رأسه على المكتب وأغلق عيناه بإرهاق فهو منذ عقد قرانهم لم يذق طعم النوم سوى قليلًا جدًا والآن يشعر أن رأسه سوف ينفجر ويريد النوم بشدة
لذلك سوف يكتفي بهذا القدر ويذهب إلى البيت عله يحصل على بعض الراحة الجسدية..
شعر بأصابع ناعمة تتغلغل داخل شعره برفق ورائحة يعرفها جيدًا...رائحة جعلت قلبه يقفز من مكانه و يرحب بحبيبته التي ألمته...
سمع تغريدها بإسمه تناديه، صوتها حطم ثباته فماذا ان رأها...ابتلع ريقه وزفر أنفاسه عله يسيطر على مشاعره المتحفزة، فالبرغم من كل هذا هو مازال غاضب جدًا منها..
رفع رأسه من على المكتب بهدوء و مسح على وجهه عدة مرات ليسمعها تهتف بنبرة رقيقة
" هل كنت نائم "
تنحنح ونفي برأسه وهو يقف ويسحب هاتفه ومفاتيحه
استعدادًا للرحيل وتحدث دون أن ينظر لها
" أعتقد أن أبيك بمكتبه ....فأنا كنت على وشك الرحيل "
مسكت ذراعه بلهفة وهتفت بسرعة
" اعطني فرصة أشرح لك موقفي طارق "
ابتسم بسخرية وهتف وهو ينظر إلى هاتفه
" أي شرح يا زوجتي المصون "
وضع هاتفه بجيبه ثم رفع أنظاره لها وهتف بغضب
" أنتي اتهمتني وأصدرتي الحكم وانتهى الأمر ....انتهينا غدير "
جفت عروقها برعب واتسعت عيناها وهتفت بصدمة
" ماذا تقصد بإنتهينا.....هل ستطلقني طارق "
صدم من كلامها ...عن أي طلاق تتحدث تلك الحمقاء، هل لحق يتزوجها ليطلقها...لكن وكأن عفريت شرير تلبسه وأشعره بالنشوة وهو يري ذلك الخوف بعينيها ليهتف بمراوغة
" أنا لا أريد الحديث الآن كما أنني مرهق وأريد الذهاب للبيت "
نظرت له بقلة حيلة وهتفت بلوم
" هل يسعدك اذلالي بهذا الشكل ....يسعدك أن أترجاك وأنت تتدلل علي "
صعق من حديثها ونظر لها بغضب وهتف
" ليس أنا من يسعد بإذلال زوجته غدير "
صرخت به بغيظ وهي تقبض على ذراعه
" لماذا إذن لا تعطيني فرصة لتبرير موقفي "
" لأنني مجروح منكِ ....لقد ألمتني بإتهامك وعدم ثقتك بي....
لقد جرحتي قلبي وكرامتي "
صرخ بها بغضب لتجفل هي وتضع يدها على فمها وترقرقت عيناها بالدموع ليرجف قلبه شفقة عليها، حاول التحكم بأعصابة وهتف بخفوت
" أنا حقًا لا أريد الحديث...أنا مجروح منك وبشدة غدير.... فقط اعطيني بعض الوقت "
أومأت ولم ترد، لم تتخيل أن تألمه بهذا القدر ، لكنها أيضًا تألمت وتوجعت من الغيرة و أجمل يوم بحياتها الذي انتزع..
رأته يغادر فلم تستوقفه لتنهمر الدموع على وجنتيها بقهر على حالها و على حاله..
خرجت من المكتب ليلفت انتباهها غياب رولا...لماذا لم تفكر في وضع رولا في كل مايحدث ولما هي بالذات من تجاوزت الحدود بالصور...
ومن الذي وصل لمبني الإداريين الخاص بالعائلة وصور هذه الصور وزيفها بهذا الشكل...هناك لغز لابد من كشفه وحله في أقرب وقت
رأت الساعي يمر بجوارها لتناديه وتسأله عن رولا ليخبرها أنها في عطلة منذ بضعة أيام لأن أمها مريضة..
ازداد الشك بداخلها وتحركت لكي ترحل فهي ليست في مزاج مناسب للمرور على أبيها لذلك لتغادر أفضل لها
خرجت من باب الشركة وتحركت تسير قليلًا لكي تستوقف سيارة أجرة لترى سيارة تقف أمامها وصاحبها يفتح الباب بهدوء دون حديث...
ركبت بجواره ليحل الصمت داخل السيارة حتى قطعه صوت تنبيه الرسائل الخاص بها لتخرج هاتفها وهي تغمغم بضيق
" أقسم أصبحت أخاف من تنبيه الرسائل هذا "
ابتسم بسخرية وقد وصل لمسامعه كلماتها بوضوح قبل أن يستمع شهقتها المصدومة لينظر لها بتساؤل وهتف
" ماذا هناك "
نظرت له بصدمة تارة وتارة أخرى في هاتفها وهي تمرر أصابعها عليه وتضغط على مقاطع فيديو قصيرة
اشتد به القلق ليهتف بعصبية وهو يركن السيارة على جانب الطريق
" غدير ماذا هناك "
نظرت له ومازالت معالم الصدمة ترتسم على وجهها ومدت يدها له بالهاتف ليأخذه منها بلهفة ينظر به حتى وقع أنظاره على رسالة قرأها بصوت مسموع
" أنا فاعلة خير ...أردت تنبيهك لأنني شفقت عليكِ يا مسكينة، الصور التي أرسلت لكِ كانت مزيفة ومن زيفها هي رولا صديقتك....الإثبات على كلامي سترينه الآن، لقد أرسلت لك الصور الأصلية والمزيفة "
نزل بنظره يمرره على الصور التي كانت جالسة فيها على قدمه...لقد تذكر ذلك اليوم عندما تحججت بكعب حذائها الذي انكسر... وصوره العادية مع ليال التي تم تزيفيها بطريقة حقيرة..
أخذ ينظر للصور حتى وصل لمقطع فيديو قصير لرولا في مكتبه عندما افتعلت تلك السقطة وتعنيفه لها وكذلك مقطع أخر لرولا بمكتبه وهي تعبث بشعرها وتمسح فمها بطريقة هستيرية وتتبعها بفك أزرار قميصها...
أغلق الهاتف بهدوء ظاهري وأعطاه لها وهتف بسخرية
" ها هو دليل برائتي بين يديك.....أتمنى أن تكوني سعيدة "
التفتت تنظر له بدهشة وهتفت بحزن
" لقد أتيت إليك قبل أن أرى أي شئ....أتيت لأعتذر لك "
لم يرد عليها ونظر للخارج...نعم لقد أتت له قبل رؤيتها لهذه الرسائل، معنى هذا أنها وثقت به...لكنه مازال مجروح منها، وأيضًا يشعر أنه على وشك الإشتعال من الغضب...تلك الحقيرة التي دبرت هذه المكيدة لن تفلت من يده يقسم أن يعاقبها أشد العقاب...
" ماذا فعلت لها لتغدر بي هكذا...لماذا دمرت أسعد يوم بحياتي ...لماذا طعنتني بقلبي...لماذا "
قالتها بتيه وحزن وهي تنظر أمامها ليلتفت لها بسرعة وقد شعر بالحزن عليها بالنهاية لقد غدرت بها من تحسبها صديقتها...
نظرت له بضعف وهتفت
" أريد الذهاب للمنزل "
أومأ بصمت وأدار السيارة يتحرك بها وهي شاردة في عالم أخر... ممزقة بين مشاعر الكره والإنتقام...و الشعور بطعنة الغدر يخنقها، القهر والعجز من حزن طارق وخصامه لها...
وصل إلى بيتها أخيرًا ليقف بصمت ينتظر نزولها...نظرت له بعض لحظات وهمست قبل أن تنزل
" أعتذر حبيبي "
ركضت فور أن نزلت من السيارة لتتركه بين شقى الرحى...يريد الركض خلفها يضمها ويمسح دموعها ويقبل شفتيها التي نطقت كلمة حبيبي لأول مرة...لكن شعوره بالحزن منها مازال يؤلمه، لذلك أدار السيارة ورحل بسرعة يقصد منزله وملجأه الدائم وكاتم أسراره والشاهد الوحيد على أوجاعه...
*******
أغلقت هاتفها تبتسم بإنتصار، هاهي انتقمت من رولا وأنقذت غدير من تلك المكيدة...نعم تأخرت لكن أفضل من لا شئ...أن تصل متأخرًا خيرًا من أن لا تصل أبدًا أليس كذلك...
لا يهمها أن تعرف غدير هويتها كل ما يهمها أن تكتشف كذب رولا وحقارتها... فهي لم تصدقها عندما قالت لها أن الصور من أجل المزاح معه وأنه صديق مقرب لها...لقد شكت بالأمر وعندما أعطتها هاتفها تلتقط به الصور...كانت قد استخدمت هاتفها أيضًا لتصوير مقاطع فيديو لها، لم تفكر في ماذا تستخدمهم لكن الله أراد أن يكونوا اثباتًا على براءة رجل وقع بطريق تلك الحقيرة...
الآن الأمر بيد غدير وهي من ستعاقب تلك الحقيرة وهي ستأخذ مقعد المشاهدة فقط ولا يضر ان استمتعت ببعضًا من الشماته
عادت تضحك وتقهقه بشدة وهي تحيي نفسها على ذكائها وانتقامها الرائع...
لم تكن تلك الشخصية النقية التي شفقت على فتاة بريئة أو على رجل شريف...بل استخدمتهم هي أيضًا لتحصل على انتقامها والتشفي من صديقتها...لقد وقعت الظالمة مع الأشد ظلمًا وأخرج الله الأنقياء من بينهم سالمين.
******
" هل فهمت ما عليك فعله مأمون "
هتف بها عثمان بحزم ليأتيه رد مأمون الشامت عبر الهاتف
" فهمت سيدي ....أقسم أن رأسك هذه قطعة من الألماس "
ابتسم عثمان بغرور وهتف
" أنا سأفعل أي شئ للحصول على هذه البضاعة.....فهي بطاقتي للخروج من هذا البلد إلى الأبد بعد أن أسترد أموالي "
" لا تقلق سيدي كل شئ سيكون كما أمرت "
أومأ عثمان وهتف بجدية
" أهم شئ لا تغفل عيناكم عنها ....لأنها إذا كانت تعبث معنا سوف أرسلها إلى الجحيم ذهاب بلا عودة "
أتاه صوت مأمون بنبرتة الخبيثة
" وهل هذا سيشكل فرقًا "
ابتسم عثمان بغموض وهتف
" نعم في فرق التوقيت....انتبه جيدًا للخطوة القادمة "
ثم أكمل بخبث
" لنرى ماذا تريد تلك الجميلة "
أنهى مكالمتة مع مأمون وهو يُمني نفسه بالأيام القادمة ونجاح خطته لكن بعد رؤية تلك الفتاة ومعرفة ماذا تريد وبعدها لكل حدث حديث...
ابتسم بمكر ورفع هاتفه و ضغط على الإتصال، رفع الهاتف على أذنه ينتظر بصبر لم يدم طويلًا حتى أتاه الرد ليتحدث سريعًا
" كريم استعد للمهمة التي كنت تريدها "
انهى مكالمته بعد أن قص على كريم المطلوب منه في الأيام المقبلة...
تنهد بملل وهو يلقي الهاتف بجواره فأصبحت الوحدة والحبسة تخنقه وتستنزف أعصابه...لقد كانت الحقيرة دهب تهون عليه الوقت، كذلك كان يفرغ بها رغبته الجامحة التي ترهقه الآن...
زفر بغيظ و هتف بغضب يُنادي سلطان الذي حضر بسرعة يهتف بلهاث
" أمرك سيدي"
أومأ له وهتف بإقتضاب
" هل وجدت الخادمة التي أخبرتك عنها "
نفي بهدوء وهتف
" مازلت أبحث عن طلبك سيدي ....أنت تريد فتاة من دون عائلة وأنا أبحث عنها "
زفر بضيق وهتف بتساؤل
" هل اكتشفت الشرطة جثة دهب أو والدها "
نفى بهدوء وتحدث ببرود مقتضب
" لا أعتقد .....وحتى لو اكتشفوا وجودها فالأمر بعيد تمامًا عنا...فأنا ألقيتهم بمكان بعيد بدون هوية تدل عليهم "
أومأ بإستحسان وهتف بزهو
" هذا هو جزاء من يغضبني "
أومأ سلطان بطاعة ليشير له بالإنصراف وتركه بمفرده...
استرخي في مكانه وأغلق عيناه وهو يغمغم
" نعم هذا هو جزاء من يقترب مني ....جزاءه الدمار "
فهو أشبه بقنبلة موقوتة تنفجر في كل ما يقترب من محيطها، كما حدث مع كل من وقف بطريقة واعترض مخططاته...
يوسف، دهب وأبيها، وتين...وما خفي كان أعظم .
رواية استوطننى عشقك الفصل التاسع والعشرون 29 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)