📁

رواية استوطننى عشقك الفصل الثالث 3 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثالث 3 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت الثالث 3

رواية استوطننى عشقك الجزء الثالث 3

رواية استوطننى عشقك الحلقة الثالثة 3

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثالث 3 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل الثالث 3


 الفصل الثالث


فتح الباب وتحرك يبحث عنها عندما أتاه صوت من المطبخ، تحرك بهدوء إلى أن وصل لها ووقف على باب المطبخ يراقبها وهي تعد الفطور الذي أتخذته ذريعة كي تهرب من حديثه معها أو ربما الهرب منه..

 ‏تفحصها بنظرات ذكورية بحته، يتمعن بتفاصيلها ولِما لا وقد أصبحت زوجته، كان وقع الكلمه عليه كبير جدًا، كيف حدث كل هذا؟ لا يعلم ..لوكان أخبره أحدًا من قبل  أن وتين الصغيرة الذي كان متعته إثارة غضبها ستكون زوجته بالصدفة وسيقف يتمعن تفاصيلها بكل هذه الوقاحة، بل ويتمم زواجه منها ويدعي أن شيئاً لم يحدث، كان نعته بالمجنون أكيد ..

 ‏ ‏ماذا فعل بنا القدر يا صغيرة؟


 ‏ ‏ لكن الصغيرة كبرت وأصبحت رائعة الجمال ببشرتها الصافية الناعمة كبشرة الأطفال وخصلاتها العسلي الطويله وعيونها الرائعة التي تشبه عين أمها رحمها الله، فهي حقًا رائعة بتلك المنامه البسيطة ببنطالها الوردي الهادئ الذي ينافس لون بشرتها ويبرز جمال قدها وكنزتها الرماديه الضيقة التي تظهر عنقها وذراعيها العاريين 

 ‏تتركه عطش لرؤيتها ،والذي رأه ليلة أمس وأعجبه جدًا جًدا بالمناسبة..

زفر أنفاسه بغضب وحنق من مشاعره تجاهها ورغبته التي تزيد بها، فهو لا يريدها في حياته مجرد جسد يطفئ فيه رغبته وحاجته، أستغفر بصوت مسموع وصل إلى مسامع تلك اللاهية في تحضير الطعام  ‏التفتت إليه وأهدته إبتسامة مهزوزة وغضت بصرها عنه سريعا بهروب من نظراته التي تلاحقها 

شغلت نفسها بتقديم الطعام على الطاولة، وقالت بصوت هادئ

 "هيا لتأكل"


اقترب بهدوء وجلس أمامها ليبدأ مباشرة في الأكل بصمت بعد أن أومأ لها، لفت إنتباهه عدم أكلها وشربها فقط لتلك القهوة المحظوظة التي تلمس شفاهها، تنحنح ليبعد عنه أفكاره الوقحة التي تجتاحه منذ استيقاظه من نومه، وهذا شئ غريب عليه تماما، وليلفت انتباهها له قال بصوت حاول صبغه بالجدية وهو يشير للطعام

 "لماذا لم تأكلي"

لم تنظر له مازالت عيناها على كوب قهوتها  وردت بنبرة منخفضة هادئة 

"سأكتفي بالقهوه فقط" 

 ‏ ‏"لماذا" 

 ‏ ‏رفعت يدها تبعد خصلات شعرها عن كتفها وترجعه للوراء بحركة تلقائية ورفعت كتفيها تزامنا مع ردها 

 ‏ ‏"هكذا" 

 ‏اغتاظ كثيرًا من ردها المختصر عليه وتجاهلها  المتعمد له

 ‏ومع ذلك ‏ ‏حاول أن يمزح ليبدد التوتر الذي يحوم بينهم ويطغي على الأجواء 

 "أتتبعين حميه غذائيه لإنقاص وزنك لهذا لم تأكلي...أظنك تحتاجينها بعض الشئ" 

 كاذب يعلم هي لا تحتاجها أبدًا أبدًا، بل إن كان منصفًا فهي هكذا رائعة ومهلكة وساحرة ..


 كان غرضه من المزاح أن يبدد التوتر فللأسف بغبائه أشعل فتيل قنبلة الآن سوف تنفجر بوجهه وتحوله لفتات سوف تنثرها للطيور الصغيرة، هكذا فكر عندما لمح غضبها الذي انبثق من عيناها ووجهها الذي أصبح لونه أحمر في ثواني محدودة، هل ستنفجر الآن، نعم على مايبدو، مسكين يا بدر لقد كنت شابًا يملئ العين، ولكن ماذا قال لكي تتحول إلى مسرور السياف قبل ق_طع رأس الضحايا حقا لا يفهم، 

 جفل عندما انتفضت من مقعدها مرة واحدة ليناظرها بذهول وهو مازال لا يستوعب ماذا حدث .. ‏وقفت بغضب مشتعل من وقاحته وحاولت إبعاد القهر الذي تمكن منها من جملته هذه، معني هذا انها لم تعجبه ويراها سمينة، ‏لا هي ليست سمينة وجسدها معتدل جدًا،  هي واثقة، لا لا لم تعد واثقة من شئ أبدًا، أكان يكذب عندما كان يهمس لها عن مدى جمالها وروعتها أم كانت رغبته من تتحدث..ياإلهي إن بقيت بجانبه أكثر من هذا سوف تجن بالتأكيد من كل هذا التناقض في علاقتهم التي لم تدوم سوى يومًا واحدًا...نعم لقد أضعفها بإحتلاله الطاغي، وأفقدها ثقتها بنفسها التي لم تفقدها يومًا، هو فعلها بلحظة واحدة.. 


 أشارت له بإصبعها وهي تضغط على اسنانها بغضب من كل شئ وقالت 

 ‏"أسمع يا هذا انا لست سمينة....وإياك التطرق إلى هذا الأمر وعلى كل حال انا لا يهمني رأيك...يكفي إنبهار كل من يراني"

 ‏ رفعت رأسها بغرور كاذب بعد أن أنهت جملتها وتركته وخرجت من المطبخ بثقة مصطنعة...

 ‏ ‏خرج ورائها وهو يزفر بحنق من أثر جملتها عليه، 

 ‏ ‏لا يعلم لما ضايقه أن يراها احد ويتفحصها ويعجب بها نعم بالتأكيد ضايقه الأمر لأنه زوجها ولا يحب أن ينظر أحد لزوجته فالأمر عادي أليس كذلك، ولكن هو لا يعلم ماذا أصابه أصبح كمحلل نفسي يريد تفسير لكل حركة وفعل يصدر منها أو منه..

 حاول إبعاد إنزعاجه من التفكير بالأمر ونظر لها بسخرية كاذبة وعيونه تمر عليها من فوقها لتحتها وقال 

 ‏"إهدأي يا تفاحه"

 ‏"من تفاحه"

 ‏ ‏"أنت"

 ‏ قالها بإببتسامة مغيظة 


 ‏ ‏لتعقد حاجبيها بعدم فهم على كلامه وترد بغباء 

 ‏ ‏"ومن تكون أم تقصد الفاكهة" 

 ‏ ‏"تفاحه أخت حاحا "

‏وأكمل بإغاظة يقلد تلك الممثلة وهو يتحرك تاركها تقف مكانها  

"أنا لست محتاجه لشهادتك أنا واثقة بنفسي ويكفي نظرة الناس لي بالشارع"

 ‏يا إلهي تذكرت الفيلم والمشهد فالبطلة كانت كأنها تعرضت لصاعق كهربائي معدله ألف فولت نظرت له بغيظ ولتلك الإبتسامة المغيظة المرسومة على وجهه وقالت

" أنت.. أنت غليظ "

قالتها بغيظ ووجه أحمر سوف ينفجر من الغضب والحنق. 

 ‏رفع  حاجبه يغيظها وإنفجر ضاحكًا على غيظها الذي دومًا كان ينعشه لتتبعه بصراخ وترميه بشئ لا تعلم ماهو من كثرة انفعالها 

 ‏"يا مستفز.. يا بارد.. يا غليظ" 

أصدر صوت من حنجرته يغيظها به وهتف ببرود

"عيب يا مدام الم تتعلمي كيفية إحترام الزوج ببلدك"

ضغطت على أسنانها بقوة وهتفت بحقد 

"أقسم أنك بارد"


 رد بسخرية ضاحكة وهو يرسم على وجهه شفقة ساخرة

 ‏"أوه واتي الصغيرة ستبكي لا تبكي وساجلب لكي الحلوى و دميه يا صغيرة" 

 ‏رجف قلبها لذكرى مرت بخاطرها، أحيتها جملته فلقد كان يقولها دومًا بعد كل مقلب يرعبها به ويفقدها صوابها حتى يفتك بها الغضب، لتذهب لغرفتها كي تنفجر باكية، ليأتي بعدها وقد جلب لها الحلوى والدمى ليراضيها، حاولت إبعاد الذكرى من عقلها والرجوع للواقع علها تثأر من ذلك الضاحك بمنظر خطف قلبها بوسامته الطاغية، الرجولية الخشنة، وأصوات ضحكاته التي أشعرتها للتو أنها على قيد الحياة، كيف ستعشقه أكثر من ذلك؟ 

 ‏تشعر أن قلبها سيتوقف من كثرة عشقه 

 ‏أجلت صوتها وحاولت إسترجاع غيظها منه لكنها لم تفلح لتمثل الحنق 

 ‏"لا تعتقد أنك خفيف الظل حقًا أنت ثقيل الدم وغليظ "

 ‏أدمعت عيناه من كثرة الضحك على غيظها الذي مازال ينعشه بشدة رغم مرور السنوات، تحكم بضحكاته وأشار لها بيديه وتحدث بلهاث من كثرة ضحكاته 


"حسنا سيدة واتي أنا أمزح فقط... لنعلن الهدنة سيدتي" 

رفعت ذقنها بغرور ورفعت كفها تشير بلامبالاة مصطنعة وردت بنبرة حازمة

"لقد عفونا عنك سيد بدر" 

نبرتها أفقدته عقله لينفجر ضاحكًا قبل أن يصيبها بعدوى الإبتسام  بمنظر محبب للنظر وكأنهم انفصلوا لبرهة من الزمن عن الواقع الذي يعيشوه، لعلهم تناسوا أو ادعوا الغباء حتى لا يواجهوا مخاوفهم ومشاكلهم التي تسحبهم للقاع..

 ‏عم الصمت بلحظة واحدة قبل أن ينظران لبعضهم بتساؤل

 فحواه، هل سمعت ما سمعته وأتى تأكيد ما سمعوه بصوت صراخ قوي قادم من الطابق الأسفل.

 ‏

 ‏*****

 ‏"ماذا هناك.. من يصرخ "

 ‏قالتها غدير  التي قابلتهم على الدرج بخوف حقيقي، لم يرد عليها أحد وتحركوا يركضوا إلى الأسفل برعب وخوف من حدوث شئ سيئ أو إصابة أحد أفراد عائلتهم ...

صرخت  غدير التي خانتها قدماها وكادت أن تسقط على وجهها بسبب أعصابها المتوترة، أغمضت عينيها بخوف تستعد للسقوط والرعب من الإصابة قد تمكن منها. 

إمتدت يد تدعمها وتمنعها من السقوط  ولم تكن يد أحد غير يد بدر القريب منها والذي لحقها قبل أن تسقط وتسبب الأذى لنفسها، تشبثت بذراعيه برعب، وشهقت تستعيد أنفاسها الهاربة من الخوف فحقًا كادت أن تتأذي بشدة لولاه هو، ذلك الذي بالرغم ماحدث منها لم يتركها تتأذى..

 ‏لم تتحمل قربهم من بعضهما بهذا الشكل، شعرت بسكين يمزق جنبات قلبها وهي تري أحدى يديه على خصرها ويده الأخرى تمسك رسغها، لطالما تحملت أو حاولت تقبل علاقتهم القريبة وأيام خطبتهم القليلة، ولكن الآن وهو ملكها لا يمكن أن تتحمل ستموت، عن أي ملكية تتشدقين بها وتين..أنتِ حتى لا تمتلكين قلبه، قلبه الذي تمتلكه تلك القابعة بأحضانه ومتشبثه به وعلى مايبدو قد راق له الأمر فلم يتركها بعد..


 ‏ركضت تسبقهم للنزول حتى لا تخونها دموعها  التي تهددها بالنزول وفضحها أمامهم فهي لا تريد أن تظهر مثيرة للشفقة، ولن تسمح أن تكون ضعيفة أمامهم بعد الآن، يكفي إنفجارها وضعفها المخزي بعد الزفاف..

ركضها للأسفل كان صعقة لإفاقته وتنبيه إلى وضعه مع غدير المتشبثة به بقوة، أبعد يديه بسرعة وتنحنح ينبهها. ابتعدت عنه ونظرت له بإمتنان وتحدثت بنبرة خجلة خافتة

"شكرا بدر" 

 ‏لم يرد عليها ولم يعاود النظر لها بل  تحرك يركض يجاور وتين التي اقتربت من أسفل الدرج عندما أتاهم أصوات عالية من غرفة جدهم 

 ‏

 ‏******

"يا إلهي جدك مريض يا بدر....الحقنا يا بني"

 قالتها رقية التي تبكي بإنهيار وبجانبها مريم الباكية القريبة من أبيها وتتحدث مع سيارة الإسعاف، وكاميليا التي تدعي الله  ودموعها تنزل بصمت..

اقترب بدر من جده الذي يعافر لأخذ نفسه ووجهه شاحب ويتألم وعرق بارد يتصبب من جسده المنهك...مسح بدر العرق عن وجه جده وقال له برعب 

"جدي أرجوك تحمل سنذهب إلى المشفى"

قالها بدر لجده بخوف حقيقي قبل أن يستدير يركض بسرعة قصوى  إلى الطابق العلوي...

اقتربت وتين من جدها التي تيقنت أنه يمر بأزمة قلبية وبدموع مقهورة قالت وهي تمد يديها الإثنتين على صدره وتضغط بهما على صدره وهي تردد بضعف 

"أسعل جدي أرجوك ....أسعل جدي" بلعت ريقها بخوف من فكرة فقدانه هو الآخر، يالهي الرحيم لن تتحمل فراقه أبدًا، أرعبتها الفكرة وشعرت بإنقباض قلبها ..

"هيا حبيبي أسعل أرجوك" 


قالتها  وهي تضغط على صدره بقوة، شعرت بيد بدر تسحبها بعيدًا بعد أن أحضر مفتاح سيارته وشاهدها تعمل صدمات لجدها بهذا الشكل وتطلب منه السعال وهي على وشك الإنهيار..

"ابتعدي وتين لأحمل جدي لن أنتظر سيارة الإسعاف" 

قالها بدر لوتين اللاهية عن أي شئ سوى جدها فقط في هذه اللحظة

جفل على صراخها لجدها وهي تأمره بالسعال 

"أسعل هيا وإياك الرحيل....أقسم لن أسامحك أبدًا....هيااااا أسعل"

"أرجوك"

 ترجته بإنهيار ليريحها بسعاله المتقطع الضعيف الذي أتعبه بشدة كي يخرجه، ومع ذلك فعل من أجلها فقط ونظراته متعلقة عليها بضعف وكأنه يودعها هي فقط...

تقدمت منها مريم لتأخذها بين أحضانها تربت على شعرها وهيا تقول

 "لا تخافي يا صغيرتي....ثقي في الله وإدعي كثيرًا فجدك رجل قوي"

 لم تكد تنهي جملتها حتى سمعوا صوت سيارة الإسعاف التي كلمتها فورًا عندما ساءت حالة أبيها 

انحنى بدر يحمل جده ويخرج به فور سماعه صوت جرس الباب، وعندما تحركوا خلفه أمرهم أن يبقوا لأن معظمهم لا يرتدي حجاب رأسه 


انصرفت سيارة الإسعاف بجدها ومعه بدر الذي لم يتركه 

ركضت كي تغير ثيابها كي تلحق بهم عندما أتها صوت زوجة عمها كاميليا وهي تقول 

"لن تذهبي وتين....انتي تزوجتي البارحة ماذا سيقول الناس عنا...ابقي ابنتي وسنطمئنك عليه"

 ردت عليها وتين بغضب وهي تكمل الصعود 

 ‏"إلى الجحيم كل الناس... لا يهمني..لا أحد ولا أي شئ سيمنعني من الذهاب" 

أكملت صعودها لتترك كل واحدة تذهب لغرفتها لتغير ملابسها ويتسابقوا للخروج من المنزل واللحاق بحبيبهم وكبيرهم وسندهم إلى المشفى.

*******

تجلس بحديقة المشفى تبكي بصمت هاهو أبيها وسندها الباقي لها بهذه الحياة مريض ...لقد دخل العناية الفائقة بسبب تعرضه لأزمة قلبية قلت نسبة خطورتها بسبب الإسعافات الأولية التي قامت بها وتين ومع ذلك مازال في مرحلة الخطر وعدم إستقرار نسبة الأكسجين في الدم والضغط العالي زادو الأمر خطورة...

لن تتحمل هذه المرة الفقد.. لن تتحمل، وإن كانت تدعي القوة والصلابة أمام الجميع إلا أنها منهارة ومحطمة داخليا ، لقد فقدت جزء من قلبها مع موت عمر أخيها وتوأمها ونصفها الثاني الذي مات شابًا هو وزوجته تاركًا طفلة صغيرة لم تفقه من الحياة شيئًا، وبعدها بشهور قليلة تفقد زوجها وحبيب الطفولة والمراهقة والشباب فقد كان صديقًا لعمر من الصغر عشقته بكل كيانها وهو أيضًا حتى عندما علم أنها من المستحيل أن تنجب لم يحزن وحمد الله وتقبل قدرهم بطيبة خاطر، ليلحق بصديقة سريعًا كأنه لا يقوى على فراقه وتركها تنازع إنهيار قلبها، وتحطم روحها، ولم تجد ملاذا لها سوى بين أحضان صغيرتها وتين ليعوضا بعضهم عن فقدهم، وأبيها الذي كان السند لها وخير داعم وصديقها الذي كانت أحضانه دائمًا مفتوحة لها تستمد منها القوة في لحظات إنهيارها، أبيها الحبيب 


"يا وجع قلبي عليك يا أبي... يااااارب رحمتك...أسألك الشفاء العاجل له يارب العالمين"

دعت الله بقلب مكلوم وروح تأن ورعب يتمكن منها

وخوف من تجربة فراق جديدة سوف تقضي عليها هذه المرة لأنها لن تتحمل. 

اقتربت بهدوء تجلس بجوار عمتها على المقعد الطويل في الحديقة، فتحت مريم ذراعيها لها وأخذتها بين أحضانها بهدوء وصمت مطبق من الطرفين قطعته مريم بعد فترة قائلة بحزن 

"لا تغضبي من جدك يا ابنتي هو يحبك ولم يضحي بكي أبدًا... بل استنجد بك لتنقذيه من هذه المحنة"

أومأت وتين وترقرقت عيناها بالدموع وهتفت بخفوت 

"أعلم هذا، أنا لست غاضبة منه ولاحاقدة عليه ولا على بدر ..أنها ترتيبات القدر التي فرضت علينا جميعًا"

أكملت تغمغم بمرارة وأسى

"أنا حاقدة على نفسي وغاضبة من نفسي"

انحنت مريم تقبلها على شعرها وهتفت بتردد حزين 


 "ألن تذهبي الي البيت كي تستريحي... ياإبنتي أنتي عروس ووجودك هنا لا يصح"

لم تنظر وتين لعمتها وردت وهي مازالت على نفس الوضع وهي تدفن وجهها في صدر عمتها، 

"اي عروس يا أمي.....أصمتي ولا تحرقي قلبي أكتر..... لن أعود إلى المنزل بدون جدي" 

 "ولكن يابنتي "

قاطعتها وتين برجاء 

"أمي أرجوك " 

وأتبعت كلامها بخنقة ومرارة

"أنا خائفه "

 لم تسألها من ماذا هي خائفة لأنها تعلم ومن بالعالم يفهمها أكثر منها فهي ربيبة يدها، وابنة قلبها، وصديقتها التي تفهمها من نظرة عيونها...تنهدت وردت بصوت مرهق

"لا تخافي إجعلي ثقتك بالله كبيرة وإدعي كثيرًا وإن شاءالله جدك لن يتركنا" 

أومأت وتين بصمت لتنحني مريم وتطبع قبلة أخرى  على رأسها، وتشرد مرة أخرى في ذكرياتها الأليمة وهي تربت بشكل تلقائي على تلك القابعة بأحضانها..


********

خرجت هاربة من مبنى المشفى تحتاج لإستنشاق الهواء 

تشعر أنها سوف تختنق، وقفت بجوار الحائط تسحب عدة أنفاس علها تخفف الثقل الكامن على صدرها، والألم الذي أحتل قلبها دفعة واحدة...

منذ أن دخلت غرفة جدها ورأته مريض بهذا الشكل وانهيار الجميع من حوله،  تيبست بصدمة، تشعر أن كل مايدور حولها منفصل عنها، لا ينتمي لها...تود الصراخ والبكاء...تود الإقتراب وتفقد جدها، لكنها مقيدة...وتشعر بالأرض تهتز من تحتها فور أن خرج الطبيب يخبرهم أنه مازال بمرحلة الخطر، وأن فكرة فقدانه للأبد مازالت واردة، جعلت انقباض قلبها يزيد وتشعر بالرعب على جدها حبيبها...

الجبل الذي لا ينهار، هي جعلته ينهار بحماقتها، نعم هي السبب في كل ماحدث..ولكن ماخطئها، ألا يحق لها اختيار شريك حياتها...لا، هي لم تخطئ بشئ هي اكتشفت أنها لن تستطيع وقالت لا...رفضت أن تخدع نفسها وتخدع بدر...نعم هي لم تخطئ. 

جلست على الأرض بإنهزام  ورفعت ركبتيها إلى صدرها وضمتهم بذراعيها ومازالت شاردة وغارقة في ذنبها الذي تريد أن تتنصل منه...

أي ذنب  هذا، هي لم تخطئ بشئ، أليس كذلك؟

كاذبة غدير... كاذبة... على الأقل لا تكذبي على نفسك وواجهيها بخطأك..

أنا لم أخطئ، لم أخطئ، بلا أخطأت، نعم..


أخطأت، عندما حاولت جذب انتباه بدر وجعله يعشقني بالرغم من عدم عشقي له، ورغم معرفتي بعشق وتين له منذ الصغر،ومع ذلك اتخذت هذا الأمر كتحدي لأنتصر على وتين... ولكنها قالت أن عشقها كان مجرد مشاعر مراهقة وانتهت، بحق الله لقد كنتي مخطوبة له، ماذا تتوقعي أن يكون ردها... بالرغم أنك متأكدة من كذبها، إلا أنك كنتي تتعمدي إثارة غيرتها، أنتي طعنتها بقلبها، واستغليتي بدر أسوء إستغلال، أخطأت برفضك الزواج قبل الزفاف ولم تهتمي بسمعة عائلتك، ولا بأبيك ومظهره أمام العائلة، وجدك الذي كسرتيه بهذا الشكل..

علمتي الآن ماهو حجم جريمتك النكراء، علمتي إلى أي مدى وصلت بشاعتك غدير...لقد أخطأتي في حق  الجميع حتي أصبحتي وحيده تبكي في الزاويه..

 اهتز جسدها بعنف وأصبحت تطرق رأسها في الجدار من خلفها بدون وعي وتردد مرارًا وتكرارًا بصوت مسموع 

 ‏"أنا بشعة...جدي سيموت بسببي" 


لقد رأها عندما خرجت ووقفت شاردة ولم تنتبه له، تحاشى النظر لها فهو حقًا غاضب منها كثيرًا، ويشعر أنه يكرهها بهذه اللحظة، فلولا أفعالها لِما وصلوا إلى هنا، زفر دخان سيجارته، لكنه لم يقاوم النظر لها مرة أخرى فبداخله الآن حرب طاحنة وأسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة كما أن هناك نارا مشتعلة بصدره مصدرها خوفه من فقدان جده الحبيب...لفت انتباهه طريقة جلوسها واهتزازها المنهار وكأنها سكنت عالم غير عالمهم الآن، ولم تدري ماذا تفعل؟ 

ألقى سيجارته وتحرك سريعًا ليرى ماذا تفعل هذه المجنونة، سوف تأذي نفسها هكذا..

اقترب منها وجثى أمامها ومد يده يمسك كتفيها يناديها علها تنتبه له....

رفعت أنظارها له بتيه وهو يناديها والقلق يسكن عيناه ولسانه ينطق بإسمها، انتفضت تعتدل في جلستها وبدون مقدمات ألقت نفسها بأحضانه ولفت ذراعيها حول رقبته تتشبث به خوفًا من أن يبتعد إنفجرت في البكاء ولسانها يردد نفس الجملةمع اعتذارها..

"أنا أسفه....أنا بشعة....جدي سيموت بسببي" 

إنصدم من فعلتها وتجمد مكانه وعقله لم يستوعب بعد فعلة غدير المفاجئه...ولا ماذا عليه أن يفعل الآن..هل يبعدها عنه أو يواسيها ...أويحلل مشاعره الساكنة بجوارها..لكنه تغاضي عن كل شئ وشفق عليها كثيرًا من بكائها وإنهيارها الذي ذكره بطفلة صغيرة تنشد الإحتواء والأمان، رفع يده أخيرًا وربت على رأسها وحاول أن يجعلها تهدئ حتى تبتعد عنه سريعًا 

"اهدئي غدير...جدي سوف يتحسن بإذن الله" 


رفعت غدير رأسها ونظرت لها بتساؤل ليأكد لها حديثه بإيماءة من رأسه وإبتسامة صغيرة على وجهه يطمئنها بها وهو غافل عن تلك الواقفة تشاهد ما يحدث بقلب نازف 

شهقت تضع كفيها على فمها بصدمة ممزوجه بقهر وهي تراهم بأحضان بعضهم البعض هكذا..

غدير تبكي بأحضانه وهو يواسيها ويبتسم لها ويربت على رأسها بحنو ولا كأنها خطيبته التي غدرت به وتركته قبل العرس...

أنزلت كفيها تضغط بهما على صدرها وهي تشعر أن قلبها سيتوقف من الألم، لقد تغاضت عن كل ما فعلته غدير وكادت أن تذهب لها تواسي بكائها عندما رأتها وهي منهارة بهذا الشكل قبل أن تتوقف وهي تشاهد اقتراب بدر منها ومحاولة تهدئتها ومواساتها وهي داخل أحضانه...منظر ظهر بشكل حميمي مزق قلبها وحطم روحها وجمد  الدموع بعيونها...

التفت عندما وصل إلى مسامعه صوت شهقة ضعيفة، ليتفاجئ بوتين تنظر لهم بصدمة ووجه أحمر، وتضع كفيها على صدرها...انتفض يبتعد عن غدير بسرعة وانتبه لحجم فعلته العفويه الآن،  سيصنف الآن خائن ، نعم خائن لزوجته الواقفه هناك بألم يرتسم على وجهها قرأه بسهوله...

حاول أن يتقدم منها ويناديها ولكن خرج أسمها من غدير التي انتفضت هي الأخرى سريعًا تذهب إلى وتين الجامدة مكانها..


مسكت بذراعها برعب من أن تفهم الأمر بشكل خاطئ...نعم هي تعترف بحماقتها وأخطائها الكثيرة التي لم ولن يكن من ضمنهم الخيانة أبدًا...

"وتين لا تفهمي بشكل خاطئ...أنا فقط....هو كان يواسيني أقسم لك" 

تحدثت بشكل غير مرتب ولم تقوى على ترتيب جملة مفيدة، لكنها حاولت إيصال حقيقة الأمر إلى وتين...

نظرت وتين لبدر الجامد مكانه ويرتسم على وجهه الأسف...ومع ذلك لم يتحرك من مكانه...هل هي لا تستحق أن يشرح لها حقيقة ما شاهدته..أم استغل الأمر ليوصل لها  حقيقة وضعها في حياته وحقيقة من التي تحتل قلبه...

حولت أنظارها لغدير تنظر لها بجمود و رفعت يدها تنزل يدها الممسكة بذراعها و رسمت ابتسامة ساخرة على وجهها وتحركت تترك المكان بصمت وهدوء جعل الواقف متجمد مكانه يغلق عيناه بألم وشعوره بالذنب تجاهها يزيد ويكاد يقتله 

"أنا أسفة" 

قالتها غدير بأسف وتحركت تركض وتتركه مكانه لا يعرف كيف يتصرف...فهو في هذه اللحظات البسيطة أدرك شئ خطير...بل أصبح متأكداً منه .

 ‏ ‏

رواية استوطننى عشقك الفصل الرابع 4 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات