📁

رواية استوطننى عشقك الفصل الرابع 4 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الرابع 4 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت الرابع 4

رواية استوطننى عشقك الجزء الرابع 4

رواية استوطننى عشقك الحلقة الرابعة 4

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الرابع 4 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل الرابع 4


 الفصل الرابع 

 

الجميع بحاله ترقب ورعب، أسبوع بين  المشفى والبيت، ومازال عامر بالعناية الفائقة والأطباء تعمل على إخفاض ضغط الدم ومراقبة الأكسجين ومراقبة قلبه فحالته لم تستقر تماما، والزيارة ممنوعة عنه إلا بوقت معين و الدخول يكون لفرد واحد فقط ويمكنهم التبديل بين بعضهم كل يوم وممنوع إرهاقه بأي شكل من الأشكال

بعد مكوثهم بالمشفى ثلاث أيام متواصلة حتى كادوا أن يسقطوا مرضى من فرط الإرهاق البدني والنفسي...

علموا أن تواجدهم لن يفيد بشئ كما قال الأطباء فإقتصرت الزيارات بشكل منتظم على ميعاد زيارته التي يحددها الأطباء حسب الحالة، وباقي الأوقات يأتون بشكل متقطع، من ينهي أعماله يأتي، فعزت وعبدالرحمن رجعوا  لممارسة العمل وعند الإنتهاء من أعمالهم يذهبوا للمشفى للإطمئنان على صحة أبيهم وبدر أغلب الوقت يكون بالمشفى لا يقوي على تركه أبدًا و دائما يكون حاضرًا دائمًا إذا أتى أحدا للزيارة وبالأخص نساء عائلتهم وبالنهاية يذهبوا جميعًا للمبيت في المنزل على أمل أن تستقر حالة عامر ويشفي سريعًا..

******


تسحبت بعد أن اقنعت الممرضة لتسمح لها بالدخول والإطمئنان على جدها، فكرة أن يموت وهو غاضب عليها كادت أن تقتلها، لن تتحمل موته ولا غضبه فهي تحبه حد الجنون وحنقها الدائم على وتين كان بسبب غيرتها من مشاركتها حب جدها والإستحواذ على إهتمامه دائمًا...

 أن يمرض بهذا الشكل ويرقد على فراش الموت كان أشد عقاب تتلاقاه منه جدها البطل الذي لا يموت ويدوم للنهاية، تعلم أن لكل أجل كتاب، لكنها لا تتقبل فكرة أن يمرض هكذا ويرحل، لن تحتمل هذا أبدًا

اقتربت ببطئ من فراشه ومسكت يده وجثت على الأرض بجوار الفراش وقالت بهمس باكي

 "سامحني أرجوك يا جدي..أرجوك لا ترحل فأنا أحبك سامحني"

 بلعت ريقها وأكملت والدموع تسيل على وجنتيها

"أقسم لك أنني عندما تيقنت من عدم حبي له وعلمت أني سأظلمه لم أقوى على الإستمرار..... أعلم أني من جذبته لي ولكني تراجعت، ألم تقل لنا دائمًا ليس بعيب أن نخطأ ولكن العيب هو التمادي في الخطأ....أعلم أني أخطأت في حق بدر وحق وتين وكل العائلة أعلم أني بشعة وحقيرة لكن أرجوك سامحني وأعدك أني سأتغير أرجوك لا ترحل فأنا أحبك وأقسم  أني لن أغضبك أبدًا، ولكن لا ترحل" 

انهارت في البكاء على يد جدها  تقبلها تارة وتطلب السماح بإستماته تارة أخرى فنتيجة أفعالها هذه المره كانت كصفعة الإفاقه لها، فأبيها وأمها لم يتحدثا معها ابدًا ومع ذلك نظراتهم تقتلها وكذلك جدها ومرضه التي هي سببه نعم هي واثقه تمام الثقة انها السبب...


 ونظرات اللوم التي تتلقاها من الجميع أكثر من إثبات، فهي أصبحت كالمنبوذة وسط عائلتها، لقد اعتذرت اليوم صباحًا من عمتها التي سامحتها على كلامها الحقير معها وقالت لها أن تنتهز الفرصة وتكون ذكية وتراجع نفسها يكفي مامضى من أفعالها البغيضة وتحاول كسب القلوب مرة أخرى لا خسارتها لأنها كما قال عمها عبد الرحمن رصيدها من التسامح إنتهى...

 وقفت تنظر لجدها بألم وهي تقسم بداخلها أنها ستصلح جميع أخطائها ولن تسبب لهم الأذى بعد الآن أبدًا...يكفي تهور وغباء كاد أن يفقدها أعز الناس على قلبها، كما أنها لن تحتمل أن تبقى هكذا بدون عائلتها، فهي تحتاجهم بجوارها وتحتاج حبهم الذي كانت تطمع أن تستحوذ عليه لها فقط، هاهي خسرته كله ولم يبقي لها سوى النبذ والتجاهل..

انحنت تقبل يد جدها مرة أخرى وانصرفت تمسح دموعها بصمت وعزيمة على تنفيذ قرارها..

خرجت لتقابل بدر في المكان المخصص للإنتظار...أومات له بتحيه ليرد تحيتها بصمت قبل أن يسألها بهدوء 

"هل كنتي عند جدي"

أومأت بصمت ليكمل هو

"كيف حاله"

ردت بخفوت وهي تغض بصرها عنه احساسًا بالخزي من جميع أفعالها معه 

"كما هو نائم على جهاز الأكسجين لكن الطبيب قال أن ضغط الدم أصبح في معدل طبيعي.... وأنه سيعاينه بعد قليل" 


تمتم بالحمد والشكر لله ودعا له بالشفاء قبل أن يتمعن النظر لها لا ينكر أنها جميلة جدًا بملامحها الجذابة،لقد لفتت انتباهه من أول وصوله بشقاوتها ودلالها لم تترك له حيز ليلتفت لاي إمرأة أخرى حتى وتين..

وتين التي تتهرب من الحديث معه وحتى من التلامس العابر بينهم بطريقة تغيظه كثيرًا، وكأنها ليست زوجته، شرد يتذكر عودته للمنزل بعد مكوثه بالمشفى عدة أيام، لا ينام سوى بعض الساعات المتفرقة على مقاعد الإنتظار بالمشفى.. وكل يوم يذهب إلى المنزل يستحم ويبدل ملابسه ويرجع فورا للمكوث بجانب جده، كان لا يراها بهذا الوقت ابدًا،حتى أيقن أنها تتهرب من رؤيته.. كان يريد رؤيتها حتى يعتذر لها ولكنها لم تعطيه المجال أبدًا، عندما شعر بالإرهاق ولم يعد يتحمل قرر الذهاب إلى المنزل والنوم قليلا...

 ‏F.b

 ‏أغلق الباب بهدوء وإرهاق جم، يشعر أن عظامه تئن من الألم وكل خلية بجسده تطالبه بالراحة، وكل ما يريده الآن هو النوم فقط...رفع كفه يمسد به جبهته وهو يتحرك بهدوء إلى غرفة النوم...


وقف على باب الغرفة المفتوح ينظر لها وهي جالسة على الأريكة وساقيها ممددتان على الطاولة الصغيرة وفي حضنها حاسوبها، تنظر له بتركيز من وراء نظارتها الصغيرة بإطار أسود اللون وشعرها معقود أعلى رأسها بإهمال، مظهرها هكذا جعل دقات قلبه ترتفع لقد كانت بالرغم من مظهرها الفوضوي جدًا، جميلة بل جميلة جدًا وهي ترتدي هذا الثوب الأبيض الذي يظهر كتفيها إلا من حمالتين رفيعتين، لم يتمكن من رؤية تفاصيل الثوب بسبب الحاسوب،ولكن المظهر كله أعجبه، بل أعجبه وبشدة..

 ‏لم يعي لنفسه وهو يسحب هاتفه من جيبه ويصورها عدة صور وهي مازالت غارقة في ما تفعله على جهازها...

أخفى الهاتف بجيبه و ‏تنحنح لكي ينبهها بقدومه وقد نجح عندما رفعت أنظارها له..  

 ‏نظرت له بهدوء قبل ان تخفض أنظارها  تنزع نظارتها و تغلق حاسوبها وتضعه على الأريكة وتقف بثبات مزيف، لقد حاولت أن تتهرب من مقابلته طوال الأيام الفائتة فهي لا تريد أن تراه، ألا يكفيها ألام قلبها من عدم عشقه لها وضعفها وعشقها اللا محدود تجاهه و كبريائها الذي تحطم بزواجها منه بهذه الطريقة بل يضاف إلى كل هذا الغيرة التي تمزق روحها وقلبها وكأنها نار تحرق أوردتها..


 ‏تعلم أنه كان يواسيها مثل ما قالت غدير، لكن قلبه سيبقى معلق بها، غدير ستبقى بينها وبينه، وعدم عشقه لها وزواجهم أيضًا أصبح كسد منيع بينهما...لن تقوى على تخطيه و الإستمرار أبدًا..

 تراه يتقدم إلى الداخل بخطوات مرهقة ومع ذلك عيناه تتفحصها بطريقة دبت القشعريرة بجسدها، حاولت نفض أفكارها التي تدور حوله وأجلت صوتها تسأله بهدوء بدون مقدمات 

 ‏"كيف حال جدي الآن" 

مد يده يمسح على شعره وحرك عنقه يمينًا ويسارًا يلهي نفسه عنها وهي بهذا الشكل الرائع و رد

 ‏"كما هو" 

أومأت وسألته وهي تتحرك تريد الخروج سريعًا من الغرفة 

 ‏"هل أنت جائع....هل؟ " 

قطعت حديثها عندما قبض على رسغها قبل خروجها لتلتفت تنظر له بتساؤل لم يدوم لتتلقي الإجابة سريعا

"كانت تبكي و شفقت عليها لقد تفاجئت بأااا..."

سحبت يدها بسرعة و ‏قطعت حديثه عندما تحدثت بسرعة و هي تشعر أنها ستختنق كلما تذكرت الموقف الذي لم تنساه من الأصل..

"لا عليك...لا يهمني الأمر" 


شعر وكأن أحدهم ألقى عليه دلو ماء باردًا، وإغتاظ بشدة منها ومن لامبالتها وبرودها هذا، هل هذا جزاءه لأنه أشفق عليها، وأرادها أن لا تحزن، حسنا يا ابنة عمي.. 

أومأ ببرود و رد بعجرفة وهو يضع يده بجيبه  

"أنا لا أبرر....انا فقط شفقت عليكِ وبالنهاية أنا حر أتصرف كما يحلو لي أليس كذلك" 

 ‏شحبت وكلامه طعنها بخنجر مسموم بكبريائها وقلبها على حد سواء و ردت بصوت هارب 

 ‏"نعم... أنت حر" 

 ‏قالتها وهربت تخرج من الغرفة ومن الشقة كلها حتى لا تحتك به ويحطم ما تبقى من روحها..

 ‏أغمض عيناه على تهوره وكلامه الأحمق الذي تفوه به ولكنه شعر بالغضب من حديثها وكأنه لا يعني لها أي شئ، لهذه الدرجة وجوده مثل عدم وجوده بحياتها فلو كان مكانها لكان حطم الدنيا كما رأسها أيضا ولم يكن ليتعامل بهذا البرود..

تقدم ليلقي بجسده على الفراش وهو يزفر بإحباط وضيق سرعان مازال وهو يستنشق رائحتها بالوسادة والأغطية ..

رائحتها هادئة ومؤثرة مثلها تمامًا، أغمض عيناه وتنفس رائحتها يملئ بها رئتيه وماهي الا لحظات وراح في نوم عميق جدًا...ليستيقظ بعدها بفترة طويلة ولم يلتقي بها مجددًا، فهي تتعمد القدوم إلى المشفى في عدم وجوده، وعند ذهابه المنزل تذهب لتنام مع عمتها مريم..


اندهش من  نفسه فهو يفكر بوتين أمام غدير التي من المفروض يحمل لها مشاعر حب مثلًا، أوغضب أوخذلان أو حتى كره ولكن المفاجأة ان شعوره تجاهها خاوي جدًا بل وصُدم من مشاعره الساكنة عندما اقتربت منه على الدرج وأيضًا عندما ضمته...شعر بالا شئ كأنه يضم أبيه أو صديقه أو لو كان له أختًا لشعر بهذا الشعور، عكس مشاعره الهائجة كموج البحر عند اقترابه من وتين ،والتي دومًا تطالبه بالمزيد، المزيد من كل شئ..

ماذا يحدث معه أيعقل أنه كان مجرد أعجاب وتلاشى مع موقفها يوم الزفاف أيعقل رغبته بالإستقرار هي من جعلته يختارها عروس ويفسر أعجابه على إنه حب لم يعرفه ولم يعترف به يومًا أم اقترابه من وتين جعله حصين ضد أي رغبة تجاه غيرها و الشعور بأخرى، ماهذا الهراء، ليس هناك شئ هكذا وإلا ما كان كل رجل يتزوج مرة ثانية...

 حقًا كيف يفعلوها ويجمعوا بين زوجتين وكأنهم يملكون قلبين والحجة دائمًا تكون هذا شرع الله، يتحدثون عن الشرع وهم لا ينتظمون في الصلاة حتى...

 إذن لماذا  يشعر هكذا ومالذي يحدث له؟ 

ياإلهي لم يعد يعرف أي شئ

يشعر أنه على وشك الجنون ويريد الهرب بعيدًا عن كل شئ هنا عله يفهم مايحدث بحياته 

******


دخلت مدخل الطوارئ وجلست بجوار الدرج تبكي بقهر يتمكن منها كلما شاهدتهم سويًا لن تتحمل كل هذا فهي بحاجة أن تحل هذا الوثاق الذي يخنقها حتى تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة، لا تنكر عشقها له ورغبتها بالإستمرار معه إلى نهاية عمرها... ولكن هو لا يريدها هو يحب غدير التي كادت عيناه أن تأكلها قبل قليل، وقبلها كانت تسكن أحضانه...

لماذا القدر يجعلها تكون شاهدة دومًا على لحظات قربهم هكذا، هل هذا عقاب، إذا كان عقاب لن تبالغ أبدًا إن قالت أن الموت أهون عندها، لا تتحمل أن تراه بجانب أخرى، لن تتحمل أبدًا، لماذا جعلها القدر ضلع في مثلث عشق وتكون هي الطرف الأكثر بؤسًا وألمًا..

الآن هي واثقة من قرارها تمام الثقة لا تريد أن تكون زوجته..إذا كان يحب الأخرى فليفعل وهو بعيد عنها وليس زوجها وملكها، سوف تتحمل مثلما كانت تتحمل قبل زواجهم، هي واثقة من استحالة استمرار زواجها من بدر ، فما بُنيا على باطل فهو باطل، كل شئ كان خطأ منذ البداية، ولا يصح الإستمرار بهذا الخطأ وإدعاء أن شئ لم يكن، أنهم حتى يتجاهلوا ما حدث بينهم وينكروه بعدم الحديث عنه ولا تنكر أن هذا يريحها، فهي كلما تذكرت إستسلامها المهين هذا تود لو تصفع نفسها على ما فعلت بنفسها،كما أنه أدعى أن ما حدث كان حق مكتسب له أو حتى لم يحدث من الأساس حقا لا تفهمه، وكأنهم يدورن في حلقة مغلقة والحل هو الخروج منها وإنهاء هذا الأمر تمامًا، وعلى كل حال هي لن تبقي كثيرًا وتعذب نفسها برؤيتهم، فور تحسن جدها وخروجه من المشفى ستطلب الطلاق وتلبي طلب خالتها وجدتها بالرحيل فورًا إلى وطن أمها الحبيبة...وهذا قرار نهائي لا رجعة فيه..

إن كان مكتوب عليها عشقه طوال حياتها فلتفعل وهي بعيدة أفضل من قرب ينتهك قلبها وروحها وجسدها...


لن تبقي في حياته مجرد زوجه لا يحمل لها لهيب عشق، مجرد زوجه تقوم بمهامها نهارًا وليلًا تكون له جسد يفرغ فيه رغبته ، مجرد تخيل شكل هذه الحياة أوجع قلبها...استعادت أنفاسها الهاربة ومسحت دموعها ووقفت ترتب ملابسها وحجابها ورددت لنفسها بصوت مسموع 

"يكفي البكاء في الجحور كالفئران يا واتي انتي قوية أليس كذلك" 

أومأت ولا كأنها تحدث نفسها وتنهدت علها تستعيد أنفاسها الهاربة وتحركت تذهب لهم لتشاهدهم جالسين على المقاعد  فاقتربت منهم بهدوء وقلبها يرجف كعادته كلما رأته وضمته عيناها بين جفونها.

رأها وهي قادمة بهذا القد المهلك وثيابها البسيطة الأنيقه فقد كانت ترتدي كنزة طويلة إلى الكاحل مفتوحة من الجانبين إلى خصرها حتى ظهر بداية البنطال الجينز الضيق التي ترتديه وبقدمها حذاء عالي الكعب وتلف حجابها بطريقة جميله زادت من حنقه  واشتعال النار في قلبه وجسده هل رأها الناس بهذة الهيئة المهلكة...ولِما لا تجعل الحجاب يغطي جيدها بحق الله 

هكذا حدث نفسه بغضب منها ومن تجاهلها له طوال الأيام الماضية، صحيح لم يلتقي بها كثيرًا ولكن عندما رأها الآن يشعر أنه كان يشتاق لها...يشتاق لأحضانها، والشعور بأنفاسها قريبة منه والنظر لعيناها الساحرة عن قرب  ولتلك الشفاه المغرية التي يتذكرها ويشتاق لتذوقها  كثيرًا وكثيراً ماهذا التناقض في المشاعر، حسنًا بدر مبارك عليك الجنون يإبن الرازي 

"السلام عليكم....كيف حال جدي"  


قالتها وتين وهي تجلس بعيدًا عنهم نسبيًا، حركه أغضبت بدر الذي ضغط على أسنانه، لكنها لم تنتبه لرد فعله الذي نجح هو في إخفائه...

 لم ترد غدير عليها وأخفضت وجهها في الأرض بطريقة خجلة لفتت إنتباهها وتساؤلها عن رد فعل الأخيرة الغير متوقع، ماذا بها هل تحيك لها مؤامرة جديدة او مصيبة أخرى للعائلة، لا تعتقد لابد أنها أكتفت من مصائبها أو على الأقل تأخذ فترة استراحة قبل أن تعود للساحات من جديد، أفاقت من شرودها على صوت بدر وهو يرد السلام ويطمئنها على حالة جدها 

"الحمدلله الطبيب خرج من عنده منذ قليل وقال أن حالته بدأت تستقر"  

تمتمت بالحمد وقبل أن ترد سمعت صوت متفاجئ

 "وتين" 

التفتت لذلك الواقف بخيلاء ووسامة مفرطة وثقته الواضحة رفعت عيناها للدكتور الوسيم كما يطلق عليه البنات بالجامعة فهو مُعيد بكليه تجارة إنجليزي التي تدرس بها هي وغدير فللأسف هم يدرسون بنفس العام لأن غدير أكبر منها ببضعه أشهر جعلت جميع أعوامهم الدارسيه مع بعضهما نهضت وهي تبتسم ابتسامه رائعة أشعلت النار في الواقف خلفها ويكاد يحطم أسنانه من الضغط عليها، شاهدها تقترب منه اكتر 

وسمع صوتها الأشبه بسمفونية طربيه لا تشبع من سماعها 

"دكتور قاسم....مرحبًا كيف حالك" 


مد يده لها وقبل أن يتحرك بدر كانت صافحته بود أغضبه بينما الآخر يبتسم لها بإتساع ولم يكتفي بل رفع كفه يشير لغدير أيضًا هل يعرفهم، ومن أين؟ ولِما أكتفى بتحية غدير عن بعد ويكاد يلتهم تلك الحمقاء اللاهية عن نظراته المفضوحة، أم أنها تعرف، هل يعقل أن يكون بينهم شيئ؟وتخيل  هذه الفكرة جعل غضب حارق  يتدفق إلى عروقه يكاد يشعله ويحوله إلي بركان سينفجر بهم الآن وبالمكان كله..

اقترب منها ليقف بجانبها ويسألها بغضب حاول إخفائه 

"من هذا "

 ردت بهدوء وهي مازالت ترسم إبتسامتها الجميلة على وجهها 

 " الدكتور قاسم...مُعيد بالجامعة" 

ووجهت كلامها لقاسم وهي تشير لبدر وقالت 

"دكتور هذا... هذا بدر الرازي إبن عمي" 

انصدم من كلامها ليصحح سريعًا "وزو.."

ولكنها قاطعته سريعًا لتسأل قاسم 

"ماذا تفعل هنا دكتور...هل الجميع بخير؟ " 

"نعم بخير الحمدلله..أنا هنا لأن جاري مريض وأتيت لأزوره"

 أومأت بحزن وقالت 

"الله يعجل بشفائه ويرجع بيته بالسلامة " 


أمن على دعائها وسألها 

"وأنت لما هنا" 

ردت بغصة وحزن بالغ

 "جدي مريض وبالعناية الفائقة منذ أسبوع"

 حوقل و رد عليها بمواساة 

"حزنت من أجله.... أسأل الله العظيم أن يشفيه" 

"آمين " 

"إذا أردتي اي شئ وتين أنا هنا أطلبيه ولا تترددي أبدًا"

أومأت بإمتنان وابتسمت إحدى إبتسامتها الجميلة وقالت

 "شكرًا جزيلًا لك دكتور"

لماذا يشعر أنه شجرة وسيأتي الساعي بعد قليل بإثنين من عصير الليمون فلابد أن ينهي المهزلة الحاصلة أمامه الآن، فزوجته المصون تكلم رجل آخر بأريحية وتنكر زواجها منه

وهو يقف كإمرأة مقهورة تقف صامتة بجوار زوجها القاسي الذي تخاف  أن يعنفها ويعاقبها أن تحدثت  أمام الرجال الغرباء ماهذا الجنون الذي يحدث بحياته منذ أسبوع، لاحظ اقتراب يد هذا القاسم من زوجته فكان أسرع هذه المرة وصافحه بدلًا منها ليضغط على يده ويقول

 "تشرفنا دكتور....وبعد إذنك" 


أتبع كلامه بسحب وتين خلفه بغضب لم يعد يتحكم به..

نظر قاسم لغدير بتساؤل ويشير على بدر الذي يسحب وتين وسألها 

  ‏"ماهذا....لما يتصرف بهذا الشكل؟ " 

 رفعت غدير كتفيها له بعدم معرفتها  وهي مازالت مكانها لم تتحرك أبدًا حتى لتقدم التحيه لمُعيدها فهي على كل حال لا تطيق هذا المغرور ولا تحب التعامل معه أبدًا، وكذلك وتين ولكن وتين لا تحب أن تخُجل أحدًا ابدا، تتذكر مبدأها دائمًا 

 ‏"إن لم تتمكن من جبر الخواطر فلا تكسرها " 

 ‏اومأت مرة أخرى عندما أشار لها يودعها ويرحل بهدوء وهو ينظر لمكان إنصراف وتين مع بدر، فمشاعره مفضوحة للجميع وتقسم أن وتين تعلم ولكنها تتخذ الجهل سبيل بينهما حتى لا تجعله يتعشم بشئ لن تعطيه له. 

********


دخل إلى سلم الطوارئ الذي كانت تبكي عليه منذ قليل لتنتفض غاضبة وتسحب يدها عندما أغلق الباب بقدمه وهتفت بصوت خافت حانق

 "ماذا بك ؟... كيف تسحبني بهذه الطريقة المهينه أمام دكتوري"

 أشار لها بسبابته وضغط على أسنانه بحنق  وقال 

"إياكِ....إياكِ و ياء الملكية وتين"

اتسعت عيناها وصاحت به وقالت "ماهذا الجنون.....لا، لا هذه وقاحة منك" 

اقترب منها بغتة وسحبها ليسندها على الحائط ويقف أمامها لا يفصل بينهما شئ وقال بصوت حازم خافت و غضب يطُل من عيونه

 "الوقاحة هي أن تصافحي رجل غريب عنكِ يا محجبة.... الوقاحة هي أن تنكري زواجك و زوجك....الوقاحة هي أن تتحدثي وتضحكي بأريحية مع رجل غريب أمام زوجك يا محترمة دون أي اعتبار للرجل الذي تحملين اسمه.... عرفتي الآن من مِنا الأكثر وقاحة" 

 ‏ردت بصوت غاضب من إتهامه لها وهي تحاول تجاهل وقفته القريبة منها هكذا ومدى تأثيرها عليها

"ليس انا أبدًا من تتهم بالوقاحة... أبدًا.... أنا لم أخطئ وكنت أتحدث بإحترام وأمامك ولم أفعل شئ مُشين لتقف هكذا وتحاسبني... ولا يحق لك محاسبتي من الأصل لأننا سنصلح هذا الخطأ قريبًا جدًا" 


حاول تجاهل الألم الذي أحتل قلبه فجأة مع جملتها الأخيرة، ألم ليس له مبرر ولن يقف الآن ويحلل مالذي أصابه، فهو بالتأكيد لا يحبها أليس كذلك لا ينكر أنها تفتنه وتشعل رغبته بها حد الجحيم،  أيعني هذا أن الذي يربطهم ماهو الا إنجذاب جسدي فقط من ناحيته على الأقل، هكذا برر لنفسه مشاعره تجاهها، تجاهل كل الأفكار والمشاعر التي هاجمته بهذه اللحظة وأجلى صوته ورد عليها وهما مازالوا على وضعهما القريب حد التلامس

"عن أي خطأ تتحدثين"

ردت بنفس الغضب المشتعل ...

"تلك اللعبة السخيفة والمسرحية التافهة كما أسميتها قبلًا"

  ‏ضغط بيديه على ذراعيها التي يتشبث بهم وتحدث بنبرة غاضبة خافتة

"أتسمين زواجنا لعبة ومسرحية تافهة... هل فقدتي عقلك"

حاولت نفض يديه عن ذراعيها وإبعاد جسده الذي يحاوطها به، لكنه لم يتزحزح، يضعفها قربه ولكنها بهذه اللحظة أخر شئ تريده هو الضعف ردت بسخرية مريرة التقطها على الفور

"بربك لا تتحدث كأنك جثيت على ركبتك وطلبت يدي لهذا الزواج التعس.... ونعم هو لعبة بغيضة وليس له مسمى آخر...غلطة وحان وقت إنتهائها" ‏

رد عليها بعصبية وصوت حاول أن يكون خافت


 "انتهاء ماذا أيتها الحمقاء زواجنا لم يمر عليه سوى أسبوع.... ألم تفكري ماذا سيظن الناس بنا بعد الإنفصال وكل الأحداث التي مرت.... سنصبح علكة في أفواه كل المدينة "

‏صرخت به وحاولت دفعه عنها بقوة حتى استسلم وابتعد عنها قليلًا وهو يلاحظ احمرار وجهها وعصبيتها وهي تتحدث 

"يكفي لا يهمني أحد بعد الآن وهذه اللعبة ستنتهي فور خروج جدي من هنا" 

ابتلعت مرارة وغصة تخنقها وقالت بصوت مرتجف

"أنا لا أريدك " 

أصابت جملتها الأخيرة كبرياءه وكعادته رسم اللامبالاة على وجهه ووضع يديه بجيبه يخفي قبضته التي تكاد تتحطم من ضغطه عليها ورد بسخرية مزيفة

"وما حدث بيننا تلك الليلة كان لعبة أيضًا" 

احمرت وجنتيها بخجل وغضب، لا تريد التطرق لهذا الموضوع أبدًا.... أشاحت بوجهها وتنحنحت لتجلي صوتها وردت بإرتباك 

"كان خطأ....ولم أكن واعية" 

"كاذبة" 


 قالها واقترب منها حتى أصبح لا يفصل بينهم شئ لتجفل وتحاول الإبتعاد عنه لكنه حاوط خصرها حتى لا تبتعد وانحنى يهمس بأذنها وأكمل 

 ‏"كاذبة... كنت واعية....وترغبين بي كما أرغب بكِ" 

دقات قلبها أصبحت سريعة من هجومه على مشاعرها بتلك الطريقة وحاولت دفعه عنها لكنه كبل يديها بيد واحدة حتى أصبحت حبيسة جسديهما 

ليكمل بحرارة اجتاحت جسده وأنفاسه دفعةواحدة....واستشعرتها على الفور 

"تجاوبتي معي ولم تمنعيني لمرة واحده على الأقل....لهفتك كانت توازي لهفتي عليكِ....لا تنكري أبدًا وتكذبي يا واتي "

جسدها أصبح رخو والضعف المخزي بدأ يتسلل لها كعادته كلما اقترب منها مالك القلب والروح ولكن الآن لابد أن تقاوم ولا تترك نفسها لضعفها تجاهه مرة أخرى يكفيها إهانة وما قاله الآن أهانها وأشعرها بخزي أوجعها، هيا وتين أبعديه عنك وكوني قوية ونفذي قرارك، رفعت وجهها له وماكادت أن تتحدث حتى باغتها بقبلة مفاجأة سحبت أنفاسها.. لتجفل من هجومه عليها، حاولت إبعاده لكنه كان يتمسك بها جيدًا ويكبل حركتها... ‏

لا يعلم ماذا دهاه وهي قريبة منه بهذا الشكل، فور أن أنهى كلامه لم يشعر الا وهو ينقض على شفاهها التي كان يشتاقها مرة أخرى وكأنه تائه ووجد ملاذه الآمن بين ذراعيها وكأن قبلتها هي قبلة الحياة التي تجدد فرصه في النجاة كلما اقتنصها منها...


جفل بتأوه عندما عضته كي يبتعد عنها وقد نجحت وها هو يقف أمامها مصدوم من فعلتها ويشاهدها تلهث بوجه أحمر من اجتياحه لها 

أشارت بسبابتها له وتكلمت وهي تلهث من فرط مشاعرها 

التي تنشد قربه كأنها تتحالف معه ضدها فكل شئ بها يريده هو ولا يريد غيره 

"إياك أن تلمسني مرة أخرى..... تلك الليلة كانت خطأ واعتبرتها  لم تكن ولن تعني لي شئ على الإطلاق "

صمتت تستجمع شتات أعصابها وتنظم أنفاسها وأكملت

 "لا يهمني أن كنت بكرًا أم ثيب بكلتا الحالات الكل يعلم أني كنت متزوجة....ولن يهمني رأي أحد بعد الآن..ويفضل ألا تذكر تلك  الليلة مرة أخرى، لأننا سننفصل" 


تجاهل كل ما قالته متعمدًا حتى لا يخنقها ويزهق روحها، الحمقاء البلهاء تريده أن ينسي ليلته معها، ليلته الأولى التي فعلت بقلبه الأعاجيب ولا يفهم ماذا يحدث له، ولكن أن تهينه بهذه الطريقة وتنكر تأثرها به هذا مالم يسمح به ابدًا لذلك  ليذيقها من نفس الكأس

"حسنًا إن كان لا يهمك أحد ....ومتأكدة من قرارك وواثقة به"

أخذ نفسًا عميق وهو يضع يده بجيب بنطاله  وأكمل وهو يلاحظ الترقب على وجهها  

"سأطلقك فور شفاء جدي لأني أيضًا لا أريدك" 

ختم كلامه باستدارة ليرحل تاركًا المكان يضيق عليها ويخنقها ويسحب أنفاسها.. ‏

تعلم أنه لا يريدها ولم يعشقها يومًا بل هي متأكدة، لكن أن تسمعها صريحة هكذا، كادت أن تردها قتيلة....رفعت أنظارها  إلى السماء تنشد من ربها الصبر وقوة التحمل على بعد معذب قلبها الأبدي، أنها حقًا خائفة ولا تريد  أن تدعو أن يخرجه الله من قلبها كي ترتاح وكأن نبضات قلبها تدق فقط من أجله، وحبه هو الدافع لها بهذه الحياة...

ترقرقت الدموع بعينيها وقالت بصوت مسموع وهي تكمل النزول على الدرج للطابق السفلي، ترغب في الهرب و لا تريد أن تراه مرة أخرى اليوم

" حسنًا وتين ألم تكن رغبتك.... تشجعي يا فتاة وكوني قوية وتحملي نتيجة قرارك "

*********


دخل المشفى بخطوات هادئة تحمل من الإرهاق البدني والنفسي قدرًا كبيرًا جدًا، بعد أن ترك أخيه عبد الرحمن في الشركة لإنهاء الأوراق اللازمة الخاصة بشحنة المبيدات القادمة وإنهاء العمل.. فهُم حريصين أن لا يتأثر عملهم بأي شكل من الأشكال من أجل أبيهم الحبيب الذي لم يكن لهم فقط أب بل كان دومًا صديقًا يفهمهم ويقدر حاجتهم، أبيه الحبيب الذي لم يعنفه ولو لمرة واحدة من أجل فعلة غدير، لم يتهمه بالتقصير في تربية ابنته مع أنه فعل، فهو يعلم أنه دللها حد الفساد ولكنه هو أيضا يعرف ابنته ويعلم ظاهرها وباطنها ويعلم أن الظلام الذي تظهره للناس في نهايته نور فج يراه بوضوح وكيف لا يفعل وهي تربية يديه وصغيرته التي رزقه  الله بها بعد صبر طال سنوات...صغيرته التي تطمع في حب ودلال الجميع لها وحدها ولأجل ذلك دائمًا تستفز وتين وتخرجها عن شعورها...

هو متأكد أنها لا تكره وتين ولا تحقد عليها وانما مجرد غيرة كغيرة الأخوات، ففارق العمر بينهم شهور وكبرا سويًا،مازال يتذكر مراهقتهما وشجارهما المستمر وبعدها بساعات يراهم جالسين سويًا في حديقة المنزل الخلفية...

 ‏وتين كانت ومازالت حنونة وطيبة كأخيه الحبيب رحمة الله عليه ‏وغدير كانت ومازالت أيضًا مشاكسة ومجنونة وطبعها حاد وغيورة كثيرًا فدائمًا تقول أنها هي الشخص المفضل عندها ولا تحب أحد أكثر من نفسها، ومع ذلك قلبها نظيف وداخلها نور برئ... 

لاينسى أبدًا وقت وقوع وتين من أعلى الدرج وكُسر ذراعها، يومها بعد أن عاد من المشفى رأها بتلك الحديقة مكان جلوسهما سويًا تبكي بحرقة وعندما رأته قادم نحوها اندفعت بلهفة تسأله عن وتين وتسأله هل ماتت ولن تراها مرة أخرى، ابنته بداخلها خير لا تحب أن تظهره الحمقاء لأي أحد. .ومع ذلك لقد انكسر من فعلتها الأخيرة، خذلته وطعنته في أبوته وقللت من شأنه أمام كل العائلة، شعر بإختناق فمد يده يفتح الزر العلوي لقميصه ويفك رابطة عنقه، شهق يأخذ نفسه بقوة لعله يخفف الثقل الذي يكتم أنفاسه، شعر بيد توضع على كتفه وسؤال قلق

 "عماه ماذا بك....هل أنت بخير"

 زفر نفسه بهدوء و رد دون أن ينظر إلى محدثه

 "بخير يابني لا تقلق"

 أوقفه يحثه على مواجهته وهو ينظر له بشك ليبتسم عزت لذلك الشاب المحبب لقلبه وقال بمزاح

 "لا تقلق يا طارق أنا بخير"

 ابتسم له طارق وقال بمحبة خالصة

 ‏"أدامك الله لنا عماه"

 ربت عزت على كتفه بصمت وأومأ له دون رد وهو يتمعن النظر في ذلك الشاب الرائع والمكافح الذي لم تضعفه مصائب الحياة بل زادته قوة وإصرار...(طارق حمدان ) الصديق المقرب لبدر منذ الصغر  والذي يعمل معهم منذ دخوله الجامعة وسفر بدر لدراسة الحقوق بلندن وكان خير معين طوال هذه السنوات حتى أصبح اليد اليمني له ولعبد الرحمن ويعتمدون عليه بكل شئ يخص العمل ويثقون به ثقة عمياء ولِما لا وهو كبر أمام أنظارهم، ‏ذلك الشاب صاحب الدماء الحرة والأخلاق الحميدة ومع ذلك خفيف الظل ومرح كأنه يبني حوله قلعة من المزاح حتى لا يتمكن أحدًا من الدخول لأوجاعه، ذلك الشاب الذي فقد أمه بعامه الأول بالجامعة وحرم منها ليتزوج أبيه بعدها مباشرة، ليكن رد فعله تجاه الأمر أنه ابتلع صدمته وبارك له زواجه وترك البيت ليعيش بمكان خاص به..

أفاق من شروده السريع  على فرقعة أصابع طارق وهو يتحدث 

"أعلم أني وسيم ودائمًا ما تفقد البنات عقلها عند رؤيتي...لذلك أن أعذرك لشرودك بي "

 قالها طارق بغرور كاذب وهو يظبط ياقة قميصه وينفض أتربة وهمية من على سترته ‏

ابتسم عزت على مزحته  وهتف  

"حسنا يا وسيم....تحرك الآن لنطمئن على جدك"

أومأ له بصمت ليتحرك معه بهدوء وهو يمني نفسه برؤيتها واشباع عيناه منها ولو من بعيد، ها قلبه على ذكرها أقام الإحتفالات ودقاته ترقص بصخب وتطالب بعناق لدقات قلبها...

******


راقبت أبيها وهو يدخل لغرفة جدها بحزن فهي حقًا تشتاق له وتريد أن ترتمي بأحضانه علها تشعر بالأمان، فهي أصبحت وحيدة ومنبوذة، تشعر كأنها تقف عارية وسط الصحراء، الشمس تحرق جسدها نهارًا والبرد الشديد يأكل في عظامها ليلًا...ولا تجد مكان تحتمي به ولا شئ يستر عريها...

وهذا ما دفعها أن تلقي بنفسها داخل أحضان بدر من دون تفكير، تقسم أنها لم تشعر بما تفعل، كانت تريد المواساة والشعور بالأمان والإحتماء من ذنب قاتل يخنق أنفاسها، لم تفكر بعاقبة الأمر ولا بالجرح الذي سببته لوتين للمرة التي لا تعلم عددها، لكن تُقسم أنها لم تتقصد جرحها أبدًا هذه المرة ولو أن أي شخص آخر تعرفه كان مكان بدر لفعلت نفس الشئ، ومع ذلك أدركت شئ مهمًا...أدركت أنها تحتاج بدر بحياتها، نعم تحتاجه كأخ وسند وحماية، وسيكون هذا هدفها القادم، ستحصل على أخوته، وستسترد أختها وصديقتها التي فرقتهم شطحاتها  منذ سنوات، ستفعل المستحيل لكي تحصل على اخوتها ونيل مسامحتهما ولكن بالبداية ستراضي أبويها وتجعلهم يسامحوها وتمحي ذلك الحزن القابع بأعينهم....

سمعت نحنحة قريبة منها لتلتفت وتنظر إلى ذلك الجالس بجوارها ويمد يده بمحرمة ورقية، نظرت له بتساؤل ليشير لها بصمت على عيناها التي تزرف الدموع دون أن تشعر، أخذت منه المحرمة ومسحت عينيها ووجنتيها وشكرته بخفوت وهي تتهرب من النظر له ككل مرة تراه بها 

" هل أنت بخير"

 سألها وهو يتمعن النظر فيها، حجابها الذي يراه للمره الأولي يغطي رقبتها و تلفه بطريقة نوعًا ما أفضل بكثير من قبلًا، فقبلًا كانت تعقده للخلف بطريقة تثير جنون غيرته وهي تظهر مقدمة شعرها البني من تحت حجابها، وثيابها المحتشمة، لا ينكر أن ثيابها دائمًا محتشمة في الحقيقة، رفع أنظاره إلى وجهها وأخذ يتفرس في ملامحها الرائعة فهي جميلة جدًا وملامحها جذابة جدًا، شفتيها رائعتان وأنفها الدقيق وعيناها الساحرة الواسعة، بلون حبات البندق الشهية، هي كلها شهية ورائعة، ولكن تلك الرائعة محرمة عليه وبينهم أسوار عالية تزداد يومًا بعد يوم...

أومأت بصمت ومازالت تتحاشى النظر له وكل ما تريده هو الهرب الآن والركض بعيدًا عنه ولا تعرف سببًا لتلك الحالة التي تنتابها كلما اقترب منها هي لا تكرهه ولا ترى منه شئ سئ بالعكس فهو ذو أخلاق حميدة وتقسم على ذلك لكنها لاتعلم سبب حالتها المربكة بوجوده دائمًا...فهو يشعرها بالتوتر  ولا تعرف السبب.

  ‏

 ‏ ‏

رواية استوطننى عشقك الفصل الخامس 5 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات