📁

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس 6 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس 6 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت السادس 6

رواية استوطننى عشقك الجزء السادس 6

رواية استوطننى عشقك الحلقة السادسة 6

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السادس 6 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل السادس 6


 ‏الفصل السادس 


خرجت الى الشرفة تحمل قهوتها وهاتفها وسماعات هاتفها الجديدة لسماع بعض الموسيقى حتى تسترخي قبل ميعاد العشاء والمواجهة القادمة... فهي قد قررت ولا مجال للتراجع، لقد عزمت أن تصلح علاقتها مع الجميع قبل أن تصلحها من نفسها ولم يتبقي سوى بدر ووتين، لذلك سوف تطلب منهم السماح وتعتذر لهم أمام الجميع.. وتتمنى أن تنال مسامحتهم كي ترتاح، لقد أقسمت أنها لن تحني رأس أبيها مرة أخرى ولن تكسر قلبهم مجددًا، فيكفي ماحدث..

سمعت صوت باب تم غلقه بقوة لتجفل وكادت أن تنقلب القهوة على يديها و الهاتف... حاولت انقاذ الوضع بعد أن تعثرت بلملمة شتات نفسها وانقاذ الوضع، نجحت بإنقاذ الهاتف وعدم سكب قهوتها، لكنها لم تلحق السماعات التى سقطت الى الأسفل من الشرفة.. نظرت بفزع للأسفل واستدارت تضع الهاتف والقهوة على الطاولة وركضت لتأتي بسماعتها الغالية، فكل شئ لها هو غالي على قلبها حتى لو كان تافهًا من وجهه نظر الأخرين...

دخل من بوابة المنزل بعد أن أغلقها خلفه وتقدم بهدوء الى الداخل وهو ينظر إلى ساعته بتركيز، فهو لم يتأخر.. بل بوقته تمامًا وهذه صفة يحبها بالناس بل ويلتزم بها، جفل وهو يسمع صرخة وتبعها كلمة

"لااا "


وقف متسع العينين وهو يراها تقترب منه بشر وغيظ وهيا تضغط على أسنانها..

ليمثل الرعب ويرفع يديه الاثنين إلى أعلى وقال بنبرة ساخرة

"أستسلم ولكن لا تأذيني" 

نظرت له بغيظ وهتفت بحقد

"سماعاتي....سماعاتي لقد ماتت"

 ونظرت لأسفل بحسرة وأكملت

 "لقد قتلتها يا قاتل لقد نزعتها"

 ذهل من هذيها والجنون الذي تلبسها  وقال بعدم فهم

 "من قتل من.... من هو القاتل.... من الذي أكل الجبن...انا لا أفهم شئ" 

ضغطت على أسنانها بحنق قبل أن تدفعه بغيظ في صدره ليتزحزح من مكانه وهو ينظر لها بدهشة شديدة و نظر لأسفل بعدم فهم... 

جثت على قدميها وأخذت سماعاتها بصدمة وردت

"سماعاتي نزعت" 


فهم قصدها أخيراً ليجثو أمامها وهو يراها تنظر للسماعات بصدمة جعلته يريد ان ينفجر بالضحك على منظرها ومدى تفاهتها...

فالأميرة المغرورة تشبه الآن  طفلة كسرت لعبتها المفضلة وتكاد تبكي... حاول التحكم في ابتسامة ملحة وتحدث بنبرة أسفه

"أنا أسف لم أراها" 

نظرت له بحنق بالغ ورفعت سبابتها بتهديد وهتفت

"عليك أن تحضر لي غيرها....نعم من أفسد شئ عليه اصلاحه"

يعلم أنها ستقتله إن انفجر بالضحك الآن ولكنه حاول التحكم بنفسه وتصنع الصدمة وقال 

"هل ستقبلين العوض...يالك من بخيلة" 

" نعم أقبل...ولست بخيلة يا هذا" 

تحدثت بغضب بالغ، ليبتسم على أفعالها وأقوالها فهي لأول مرة منذ أعوام تجري معه أي حديث حتى ولو كان تافهًا مثلما هو الآن ولكنه سعيد جدًا بهذا التغيير..

لقد كانت تظهر له دومًا مدى نفورها منه وكرهها له وهي تتجاهل وجوده بتكبر كان يمزق قلبه...وجعله يكتم عشقه بقلبه ولا يعلن عنه، لأنه كان واثق أنها ستهين ذلك العشق وتهينه وسوف تشعره بالدونية، حاول التحكم في ابتسامته ولكنه فشل ليرد عليها بصوت ضاحك

"ياإلهي أنت كالأطفال حقًا" 

أتبع كلامه و انفجر ضاحكًا فهو لم يعد يقوى على كتمها بعد الآن  وهو يرى ذلك الوجه الطفولي منها للمرة الأولى

أشاحت بوجهها عنه ولم تقوى أن تنظر لكم الوسامة الطاغية التي أمامها الآن... فطارق وسيم جدًا جدًا بطريقة مهلكة بملامحه الذكورية، وعيناه التي تشبه قدح من القهوة...غامضة، توترها  وكأنها تنزع منها شئ غالي، 

وتربكها كثيرًا، إنه صاحب العين المربكة كما تلقبه بداخلها..

وشعره الأسود الناعم  وطوله الموازي لطول بدر،حقًا هو جذاب...

 وهي مراهقة كانت تظن أن لا أحد وسيم وجذاب مثل بدر حتى انها كانت تستغل البنات المعجبات به، على وعد منها أن تجعل بدر يحبهم... لكن طارق أثبت أنه وسيم بل أوسم من بدر بكثير ليس بطريقة ناعمة وملونة ومدلله وبارده ولكن بطريقة رجوليه خشنه وجذابة كثيرًا، أنه مثال حي لفرعون مصري يهتم بصحته ومظهره الخارجي... خرجت من حماقة تفكيرها على صوته الهادئ بنبرته الرجولية يحدثها..


حقًا هو يملك صوت ببحة يصنف كأجمل صوت بالعالم، نهرت نفسها على تفكيرها الوقح الذي يفاجئها بأوقات خاطئة وهي تنتبه لما قاله..

"لماذا تتحاشي النظر إلي... هل أنا بشع إلى هذا الحد"  ‏

صمتت ورفعت رأسها تنظر له بدهشة.. عن أي بشاعه يتحدث هذا المعتوه!

ماذا تقول له؟ 

أتقول أن نظراته دومًا تربكها وكلما نظرت له تشعر أنه يأسرها، بل كأنه يداعب دقات قلبها بمشاعر تخافها ولا تريدها... وقد أقسمت أنها لن تعيشها أبدا، نعم معه حق هي تتحاشاه و تتحاشى الحديث معه ولا تفهم السبب..

 ‏أفاقت من شرودها به على فرقعة أصابعه أمام وجهها وقبل أن يتكلم ردت عليه ببرود مصطنع تخفي به توترها منه  

"الأمر لا يهمني...كونك بشعًا أو لا...لا أهتم"

‏قالتها وفرت هاربة منه أو من ماذا لا تعلم، كل ما تعلمه ومتأكدة منه أنها دومًا ترغب الفرار من أمامه ولا تريد الحديث معه بأي شئ...لكن ماذا حدث اليوم كي  تجاريه في الحديث أو تتمعن النظر في ملامحه بكل هذه الجرأة..

رأها تدخل الي البيت بغصة ألم تحتل قلبه،يعلم أنها لا تهتم، لو كانت تهتم لكانت شعرت بعشقه كل هذه السنوات... لكنها لوح من جليد لا يشعر بأحد سوى نفسها، ومع ذلك هو يعشقها بجنون وبالرغم من كم المسافات والحواجز الذي زادت بعد قبولها الزواج من صديقه بل وغدرها به يوم الزفاف، حبيبته التي فطرت قلبه دون أن تعلم بمشاعره التي أخفاها حتى عن بدر، وبالرغم من عمق صداقته لبدر لكنه لم يصرح عن ذلك العشق أمامه، بل وقف بثبات ظاهري يتابع خطبتهما وزواجهم ،لكن قلبه كان يتعذب وروحه كانت تستغيث بألم، لينظر له القدر بعين الرحمة وترفض الزواج من بدر، ليرتاح قلبه ولكن هذا لم يزيل الحواجز بينهم بل زادها..


وبالرغم من كلامها الجاف معه إلا أن قلبه الخائن  يقيم الاحتفالات الآن بصخب فالأميرة المغرورة كانت تتحدث معه منذ قليل.. ‏

تنهد وابتسم بلوعة وتبعها للدخول بهدوء ظاهري...

 ‏*****

 ‏مر العشاء هادئ الا من بعض القلوب العاشقة...والمتحسرة، المتوترة، والحائرة والغارقة بين غياهب عشق بائس ومؤلم..

جلسوا بعد العشاء يحتسوا القهوة بغرفة المعيشة، النساء تتسامر والرجال تتكلم بالعمل والصفقة القادمة ومدى أهميتها كما أنها أول صفقة سوف يعمل عليها بدر ويسافر لإتمامها...وصل إلى مسامعها صوت عمها عبد الرحمن وهو يوجه كلامه لبدر 

"أجهز بني سوف تسافر بعد يومين مع طارق... للإتفاق على تفاصيل الصفقة القادمة الذي أخبرتك عنها"

 أومأ بدر لأبيه وهو يتسائل بهدوء

  "كم يوم سنبقى"

 رد عليه طارق بإبتسامة مرحة

 ‏"أربع أو خمس أيام لكني دائمًا أمكث  أسبوع لأتنزه قليلا وأستمتع" 

ختم كلامه بغمزة عابثة ليرد له بدر نفس النظرة مع ابتسامة أكثر عبثًا..نظرة جعلت قلبها يأن من الغيرة، انتبهت لوقوف غدير وتقدمها منها حتى وقفت أمامها...

عقدت حاجبيها وهي تراها تمد 

 يدها وتسحبها لتساعدها على الوقوف قبل أن تتنحنح وقد التفت لها الجميع.. حولت أنظارها على الجميع وهتفت بصوت عالي بينما عيناها تمر على عائلتها جميعًا قبل أن تهتف بحزم هادئ..

"ليس في الدنيا ما يستحق أن نختلف عليه ولا أن نكره بعضنا لأجله....فعنوان الدنيا كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام.... وعنوان الأخرة، خالدين فيها حسنت مستقرًا ومقامًا....فاعملوا خيرًا واصفحوا وأعفوا....وتذكروا أن خير الخطائين التوابين...وأنا أخطأت وأعلن أمامكم جميعًا أنني توبت وندمت على مافعلت وأقسم أنني لن أعيد أخطائي مرة أخرى ولن اخذلكم مجددًا، 

أنا أعتذر وأتمنى أن أنال مسامحتكم جميعًا"


ختمت كلامها ونظرت لأبيها الذي كانت عيناه تلمع بالدموع ومع ذلك ترتسم ابتسامة فخورة على شفتيه..

زفرت بهدوء والتفتت تنظر بأسف لوتين التي مازالت تقف أمامها لكنها كانت تنظر للأرض، نادتها بخفوت واستجمعت شجاعتها ومدت يدها لترفعها وتمسك أذنيها حركة قلدتها من المسلسلات الهندية قديمًا لتصالح وتين يومًا ما وقد نجحت يومها، لتقلدها هذه المرة أيضًا لأنها حقًا لا تعرف بماذا تبدأ حديثها معها ابتلعت ريقها بتوتر وهتفت بحزن 

"أنا أسفه.. سامحيني وتين"

أمعنت وتين النظر في ملامحها التي تحمل تعابير الندم وأغمضت عيونها لبرهة قبل أن تقول بهدوء أقرب للبرود

 "لا عليك غدير....لقد سامحتك"

 أنزلت غدير يديها بهدوء وأومأت بتفهم وهتفت بهدوء

 "إذن مزقي الصفحه القديمة ولنبدأ من جديد"

 أومأت وتين بهدوء ولم ترد لأنها حقًا مستنزفة بعد ماحدث بينها وبين بدر و حقًا لم تعد غاضبة من غدير...

كل ماحدث كان ترتيب القدر، لم تحقد عليها ولم تكرهها حتى، وإن كانت تغار  منها لعشق بدر لها و تبغطها لأنه أختارها هي و مع كل هذا مستحيل أن تكره غدير...

لقد كانت دومًا تتمنى أن ترجع غدير لها مثلما كانوا صغار قبل أن تكرهها وتجعلها ندًا لها دائمًا، وتتخلى عن صداقتها وتصادق تلك البغيضة الكريهه التي حولت شخصيتها وجعلتها تلك الشخص الأناني، وحقًا تتمني أن يكون تغير غدير الواضح حقيقة وليس مجرد رد فعل سريع على المواقف التي حدثت وسرعان ما ينتهي كل شئ وتعود لتلك الشخصية السيئة مجددًا...


 ‏شعرت بغدير تهز جسدها بقوة وهي تتمسك بها وتقول بنبرة قوية مغتاظة من برود وتين الظاهر الذي تخفي به ألمًا عظيمًا بداخلها ..

"أنتى كاذبة....قلبك مازال غاضب مني... هيا لا ترتدي ثوب الملائكة وخذي حقك مني... هيا أضربيني كي ترتاحي وتتمكني من مسامحتي.... عاقبيني كي أرتاح أنا أيضًا" 

هدرت وتين بعصبية وهي تبعد يدين غدير عنها بقوة

"يكفي غدير ماهذا التصرف الأهوج قلت أنا سامحتك ولم أكذب....انتهي الأمر" 

راقب الجميع ما يحدث ولم يتدخل أحدًا بينهم بأمر من جدهم الذي أشار لبدر فور انتفاضته مع هجوم غدير وإمساكها بوتين..

ردت غدير صارخة وعادت تمسك بذراعيها مرة أخرى وتهزها بغضب 

 ‏"كاذبة وتين..أنتِ كاذبة..قلبك مازال يحمل أوجاع مافعلته بك، هيا انتفضي واضربيني"

صرخت وتين وأعصابها بدأت تنفلت من حديث غدير وتصرفاتها وهدرت بها 

"أخرسي غدير..... وكفى حماقة"


لم تعيرها انتباه لقد كانت تريدها أن تنفجر حتى تتخلص مما تحمله بداخلها ...فهي تعرف وتين تمام المعرفة، وتعرف أنها ستسامحها لكنها ستحتفظ بحزنها منها بداخلها لهذا صرخت بها مجددًا بغضب..

"هيا خذي حقك وانتقمي لأوجاعك....أضربيني يا فتاة ولا تكوني ضعيفة....أضربي طفولتك المحرومة...وتنمري عليك وقلبك الموجوع... أضربي خوفك وإجبارك على زواجك... أضربي اجبار زوجك عليك وكرامتك المذبوحة...وعشقك الضائع الذي دهس تحت أقدامي" 

 ‏"كفى.. قلت كفى" 

قالتها وتين بصراخ حاد وهي تصفع غدير بقوة على وجنتها لتلتفت رقبة الأخيرة الي الجانب الأخر من قوة الصفعة لتردد وتين بصراخ آخر 

 ‏ "قلت كفى....كفى"

 أجهشت بالبكاء لتقترب منها غدير باكية هي أيضًا، لم تكن تبكي من قوة الصفعة.. تقسم أن قلبها ألمها على ابنة عمها أكثر من تلك الصفعة... 

لقد أرادت أن تحرر وتين من كم الثقل الجاثم على صدرها علها تكفر عن ذنبها، لذلك استفزتها بالحديث، و على مقدار ألمها كانت سعادتها...فإنفجار وتين بها هكذا يعني أنها أخرجت ما تحمله من حزن بقلبها تجاهها، وكطفلة مذنبة لا شابة ضربت للتو قالت بضعف 

 ‏"ألن تضميني الآن لتثبتي أنك سامحتيني حقـًا"

 نظرت لها وتين وسحبتها إلى أحضانها لتنفجر غدير باكية بأحضانها وتتشبث بها بقوة وهي تردد 

 ‏"أسفه..أسفه..لا تكرهيني وتين...لطالما كنتِ أكرم مني حبيبتي....سامحيني وتين أرجوك" 


 ‏ربتت وتين على رأسها وبعدت عنها قليلًا ورفعت يديها تحاوط وجنتيها وقالت 

 ‏"أنا لم أكرهك أبدًا ولن أفعل....نعم غضبت منكِ وحزنت من أفعالك... لكنني أقسم لم أكرهك أبدًا يا حمقاء" 

وأتبعت كلامها بقبلة ناعمة على وجنتها التي صفعتها قبل قليل كأنها اعتذار صامت وقالت تتدعي المزاح علها تبدد من جو الغرفة المتشاحن.. 

"أااه عفوًا هذه إهانة بحق الحمقى أنتي مستفزة و مغرورة" 

رسمت غدير التأفف على وجهها وقالت بغيظ وهي تمسح دموعها..

 "ها ها...ماهذه خفة الظل يا فتاة...لا..بل هذه غلاظة" 

 ‏"أنتي هي الغليظة" 

 ‏" بل أنتِ " 

 ‏انفجروا ضاحكين على طفولتهم الحمقاء قبل أن ينفجر الجميع بالضحك عليهم والراحة تغمرهم وأخيرًا أميراتهم تصالحوا بعد عرض أبكى الجميع لكنهم فضلوا عدم التدخل بينهم..

 ‏التفتت تشاهد بدر يرسم على وجهه نظرة تحمل معاني كثيرة ومشاعر أكثر موجهة لوتين....لم تستغرب، فعلى كل حال هو لم يحبها وهي كذلك...لقد أعترف لها ذات مره أن زواجهم تقليدي والحب سيأتي بالعشرة بعد الزواج،

وأنه لا يعرف ماهو الحب ولم يجربه قبلًا...وهي أيضًا لا تعرفه ولا تريد أن تتعرف عليه أبدًا... فكل العشاق حمقى والدليل تلك الحمقاء وتين التي تتعذب...اقتربت منه ونظرت له بأسف ونادته 

 ‏ "بدر" 


 ‏نظر لها بهدوء لتكمل هي

 "أنا أسفه...أرجوك سامحني ولا تحرمني من أخوتك وصداقتك.... أرجوك لا تحمل لي أي ضغينة بقلبك...أنا لم أكن أريد أن يحدث هذا ولم أريد أن أهينك بهذه الطريقة... لكن الأمر لم يكن سينجح لذلك تراجعت، أنا أسفة على الطريقة والتوقيت، لكن لست أسفة عن التراجع سامحني ياابن العم" 

 ‏أومأ بهدوء وهو يقف، فهو حقًا لا يحمل لها أي ضغينة بل إمتنان يجهل مصدره لكنه شعور دائمًا يتسلل إلى قلبه، والحقيقة هو شاكر لها تراجعها عن الزواج لأنه أصبح على يقين أن الأمر لم يكن لينجح، فحقًا يشعر الآن أن بتراجعها أنقذته من علاقة ستكون فاشلة على كل حال، علاقة يشعر أنها كانت ستقتله...

تنحنح  يرد بنبرة صادقة وهو يربت على رأسها بإبتسامة حنون مزقت جنبات قلب الواقفة تتابع الحوار بهدوء ظاهري وقلب مشتعل من الغيرة... هي لا تكره غدير ولكن يبدو أنها ستظل تغار منها فهي بالنهاية من حصلت على قلب بدر وليست هي..

"لا عليك غدير....انا لا أحمل لكِ أي ضغينة...وحقًا سامحتك" 

ابتسمت غدير وهتفت بسعادة

 "أكيد" 

رد ابتسامتها بواحدة مماثله وهتف بصدق

  "أكيد" 

تنهدت براحة وتحركت لتجلس مكانها بجانب أمها التي ابتسمت لها بحنو و مقابل ذلك الذي ينظر لها بنظراته المربكة لتتهرب من نظراته بتوتر يتمكن منها وهي مستغربة لتلك النظرة بعيونه وابتسامة فخورة على فمه..ماهذا غدير لماذا سيكون فخور بك يكفي هذي يا فتاة... نعم توقفي عن التفكير به، وتنفسي وتجاهليه تمامًا...نعم هكذا فهو ليس حاضرًا اليوم، أليس كذلك، زفرت بحنق من نفسها وأفكارها لتغمغم

"مبارك عليك الجنون يا غدير" 

أفاقت من شرودها وهذيها على صوت وتين يصدح بقوة.. 

"وبما أن اليوم هو يوم الاعتذارات وتصحيح الأخطاء.... فتبقى خطأ واحدًا  وجب تصحيحه الآن" 

قالتها وتين الواقفة وهي تنظر لجدها برجاء حاولت اخفائه كي لا تضعف  وتستمد منه العون وتتمنى أن لايخذلها، رجاء قرأه الأخير بسهولة...


التفتت تنظر لبدر الذي ينظر لها بصدمة ووجهت له الكلام 

"أنا وبدر اتفقنا على الانفصال....والآن أنا أطالبه بوعده وأتمني أن ينفذه أمام الجميع اليوم" 

صمت بدر ولم يرد من هول الصدمة، لم يتخيل أن تتحدث أمام العائلة وتضعه أمام الأمر الواقع...

كان يريد المماطلة وكسب وقت بجوارها عله يفهم ماذا يحدث معه فهو يشعر بتسلل مشاعر غريبة إلى قلبه وحقًا لا يفهمها...لذلك لم يواجهها ويتحدث معها بشئ ليس واثق منه، فهو فضل الوقوف على أرض صلبة قبل الحديث معها بشأن علاقتهم، لكن من الواضح أنها تتعجل الفراق..

استدار ينظر لجده برجاء لا يعلم علام يترجاه ولكن جده أحبط أماله حين أومأ له بحزم كأنه يذكره بوعده له..

"ولكن يا بنيتي ماذا سيقول الناس علينا" 

قالتها رقية بحزن وقلة حيلة وهي تلكز مريم علها تقنعها لتنظر لها الأخيرة نظرة أخرستها قبل أن تسمع وتين ترد عليها بهدوء..

"يمكنكم التكتم على الأمر واعلانه فيما بعد" 

واستدارت لبدر الصامت و أكملت

 "هيا بدر نفذ وعدك وصحح هذا الخطأ"

لم تتمكن كاميليا من السكوت هي الأخرى وتحدثت بصوت مهزوز

"ياابنتي أرجوك تعقلي" 

ووجهت أنظارها لعبد الرحمن وعزت ومريم الصامتين كما أبيهم وكأن بينهم لغه لا يفهمها سواهم وأكملت 

"بحق الله لِما أنتم صامتون هكذا....تحدثوا معها علها ترجع لعقلها ولا تخرب بيتها" 


انفجرت وتين بالضحك بسخرية تخفي بها قهر تمكن منها وبنبرة لم تتمكن من اخفاء مرارتها ردت 

"أي بيت هذا عمتي....ياإلهي لقد أضحكتني....تتحدثون وكأنكم لا تعرفون حقيقة هذا الزواج" 

حاولت كاميليا الحديث مرة أخرى علها تقنعها ليتحدث عامر بنبرة حازمة صارمة 

"لا يتدخل أحدكم في الحوار....الأمر متروك لوتين وبدر"

بدر الذي مازالت الصدمة تتمكن منه وجعلته كالمشلول وعقله لا يستوعب طلبها، الذي طلبته قبل ذلك، ولكن أن تطلبه الآن وأمام الجميع...يعني هذا أنها لا تريده ومصممة على قرارها، هل كتب عليه أن يطعن دائمًا في كرامته وكبريائه على يد فتيات عائلته وهم يعلنون رفضهم له ونفورهم من أي علاقة تجمعهم به.... ما هذا الألم يالله، لكن يقسم أنه لا تهمه كرامته الأن ولا كبريائه التي تدهسه أمام الجميع كأنها تنتقم منه، لكن ما يهمه هو أن تتراجع عما تريد ولا تتركه...

مسح على وجهه عله يهدأ و رد بمهادنة  

"سنتحدث فيما بعد وتين بمفردنا وسنضع النقاط على الحروف...فكل ما حدث أربكنا ولم يجعلنا نتحدث كالعقلاء....أرجوك لا تهدمي كل شئ بلحظة"

 ونظر لها نظرة عاتبة علها تفهم وترحمه من هذا الموقف وذلك الطلب الذي ألم قلبه.. 

ولكنها كانت مصممة على قرارها فقالت بحزم وهي تدعي الثبات وكأن الجنون قد تلبسها ولم تعد تري شئ... سوى جدها وهو يعطيها ذلك الثوب ويجبرها على الزواج أمامهم بطريقة قتلت كرامتها.. 

 "الآن بدر....أرجوك أنهي هذه اللعبه الآن...

ما حدث كان خطأ منذ البداية لذلك أصلح هذا الخطأ....كما أنني لا أريد الحديث بشئ"


رد عليها بصوت ممزق  كأنه يخرج من أعماق الجحيم وليس حنجرته

 "متأكدة أنك تريدين هذا" 

قبضت على كفها بقوة تحاول اخفاء رجفتها وردت بنبرة حاولت أن تكون واثقة لكنها خرجت مهزوزة

"نعم متأكدة أنا لا أريدك... ولن تجبرني على الاستمرار" 

ابتلع غصة كادت أن تقتله وهو يسمع رفضها له مجددًا واهانته بهذا الشكل أمام الجميع، لكنه ليس سببًا لتلبية طلبها، السبب أنه لا يريد أن يجبرها مجددًا على شئ لا تريده فيكفى ما حدث لها... شعر بألم أصاب قلبه و يمزقه مع خروج الحروف من فمه وكأنها حروف مسمومة..   

"أنتي طالق وتين" 

سمع الشهقات التي تعالت من حوله وبكاء أمه المرير الذي ميزه على الفور  ليغمض عيناه لبرهه قبل أن  يستدير هاربًا من البيت الذي بدأ يضيق عليه ويكتم أنفاسه..

انتفض طارق المصدوم  راكضًا خلفه بسرعة فهو يعلم أنه يحتاجه الآن أكثر من أي وقت مضى وعليه أن يكون بجانبه... كما يعلم أن مريم لن تترك وتين بمفردها، حقًا يشعر بقلبه يتمزق على ذلك الثنائي التعيس ولا يعرف كيف يساعدهم، كما هو مصدوم من رد فعل وتين وطلبها هذا الطلب، فهو يقسم أن وتين تعشق بدر بالرغم من عدم حديثهم فهذا الأمر، لكنه يعرف هذا جيدًا، فالعاشق يكشف العاشق الذي مثله بسهولة..

تحركت بآليه وبطئ تخرج من المكان، تريد أن تكون وحيدة الآن وفورًا، تبعتها مريم فتحدثت دون أن تنظر لها أو حتى تتوقف

"أريد أن أكون بمفردي قليلا أمي" 

امسكتها مريم من ذراعها لتحثها على الوقوف وقالت برجاء حزين 

"أرجوك" 


نزعت يدها بهدوء ونظرت لها نظرة خاويه كأن صاحبتها فقدت الحياة للتو و ردت عليها قبل أن تتحرك ..

"بل أرجوك أنا أمي"

"أتركيها الآن مريم "

قالها عامر بحزن بالغ وقد غامت عيناه  وهو ينظر لإبنته التي مازالت تنظر في أثر وتين بقلب يتمزق عليها..

تحركت ببطئ لتجلس بجانب رقية المنهارة من البكاء...دارت أنظارها على الجميع، كاميليا وغدير وبكائهم الصامت...عبد الرحمن المصدوم الذي يحوقل بقلة حيلة، وعزت الذي يحني رأسه وينظر لأسفل بحزن...وأخيرًا أبيها الذي شحب وجهه وتعرق...خافت عليه فقلبه لن يتحمل الحزن ولا المشاكل مجددًا

نظرت لأبيها وتحدثت بحشرجه وكأن حنجرتها هي من تبكي وقالت

 "أبي هل أنت بخير" 

أومأ لها ومد يده يمسح على وجهه و رد بصوت حزين 

"بخير ابنتي لا تقلقي"

 نظرت له بشك ووقفت تقترب منه وهي تحدثه بخوف من أن تأتي له الأزمة مرة أخرى، 

"أبي  أرجوك تعال معي لتستريح"

أشار لها بيده أن ترجع مكانها وتحدث 

"قلت أنني بخير يا مريم... لا تخافي واجلسي يا ابنتي" 

استدارت لتجلس مكانها السابق وهي تسمعه يكمل حديثه 

"ما حدث كان متوقع بأي لحظة...فلم يكن زواجهم طبيعي على كل حال "

لترد رقية الباكية سريعًا بدون تفكير

"ولكنهم أتمموا زوا..." 


لكزتها مريم في الخفاء ونظرت لها نظرة أخرستها ووجهت لها حديثها وهي تضغط على أسنانها غيظ منها على تسرعها في الحديث وقالت 

"اهدئي يا رقية....ليس بيدينا شئ لنفعله وهذه حياتهم ولن نجبرهم على شئ لا يريدونه" 

سكتت رقية ووضعت يديها على وجهها وبكيت ليربت عبد الرحمن على كتفها بصمت..

انتفضت غدير واقفة، مصدومة من تغير الأحداث بهذه السرعة والشعور بالذنب يكاد يقتلها، لم تكد ترتاح بعد أن اعتذرت لهم ونالت مسامحتهم، حتي تغيركل شئ بلحظة، تحدثت ببكاء وصوت متقطع

 "أنا السبب...كل مايحدث بسببى..أنا..أنا أسفة"

 أنهت كلامها وركضت من أمامهم  بسرعة تنشد غرفتها كي تحتمي بها وتبكي ذنبها الذي يخنقها...لقد ظنت أن الأمور ستتحسن بينها وبين وتين وبدر لكن كل شئ انقلب والوضع بات متوترًا بعد ماحدث..

نظر عبدالرحمن في أثرها بحزن وتحدث بصوت مسموع

 "للأسف معك حق....أنتِ السبب غدير" 

"عبد الرحمن أرجوك يكفي"

 قالها عزت بضيق بالغ وهو ينظر لأخيه وأكمل حديثه بعد أن تنهد بضيق

 "ماحدث قد حدث....وكل شئ نصيب ومقدر"

 استغفر عبد الرحمن وهو يمسح على وجهه و زفر بضيق وتحدث 

"نعم معك حق... ماحدث قد حدث.. ولكن أولادنا بُنيا بينهم حائط عالي لن يهدم بسهولة" 


وقف وتحرك بالغرفة على غير هدى وأكمل بصوت حزين 

"ابني وبنات أعمامه أصبح الوضع بينهم في غاية الحساسية.... فبالنهاية واحدة تركته يوم عرسه....والأخرى أصبحت طليقته كيف ستكون الحياة بينهم بعد ذلك" 

نظروا له بتفهم صامت كأنهم يوافقونه حديثه ليقطع الجد الصمت الدائر وأنهى الحديث واقفًا يتكئ على عصاه كي يدخل غرفته  وتحرك وهو يحدثهم دون أن ينظر لهم...

 "اتركوهم ولا تتدخلوا....أنا أثق في أحفادي وأعلم أن كل واحد منهم سيجد ملاذه أخيرًا.... ولن يسببوا لبعضهم جروح بعد الآن" 

واستدار ينظر لهم بهدوء وأكمل 

"أنهم تربية يدي وتربية أبنائي وأنا أعلم معدنهم جيدًا حتى لو ضلوا الطريق لبعض الوقت... الأيام كفيلة أنها تثبت لكم حقيقة أقوالي"

واستدار ليكمل الوصول لغرفته لتلحق به مريم كي تساعده وعقلها وقلبها ذهبا خلف ابنتها التي تقسم أنها على حافة الإنهيار الآن.. كما تقسم أنها لن تلبي طلبها وسوف تصعد خلفها بعد قليل فهي على كل حال لن ترتاح حتى تطمئن عليها وتضمها إلى قلبها..

"أرجوك عبد الرحمن لا تحقد على ابنتي وتكرهها"

قالتها كاميليا ببكاء وحسرة مريرة

عقد حاجبيه ونظر لها بصدمة ورد عليها بحزم

"ماهذا الذي تقولينه كامي...غدير ابنتي ويشهد الله أني أحبها هي ووتين مثل بدر تمامًا.... ولن أغضب منها مهما حدث....نعم لا أنكر أني تمنيت وتين زوجة لبدر وهذا ليس عيبا بغدير أبدًا.. هذا لأني أعلم طباعها التي لا تتوافق مع ابني..وعندما اختارها بدر كنت سعيدًا لأن الاثنتين بناتي الذي أحبهم وأخاف عليهم ولا أفرق بينهم " 


صمت قليلًا يزفر أنفاسه وأكمل بحزن  

"يشهد الله أن سبب حزني الآن هو وضع البنات و خوفي من أن يتطاول الناس على سمعتهم....فبالنهاية بدر رجل لن يتأذى بشئ "

 نظر له كل من كاميليا وعزت بإمتنان وحب بالغ لهذا الأخ الحنون وكذلك رقية التي كانت تبكي حظ ابنها وحزينة على طلاقه ولم تفكر بوتين التي حظيت بلقب مطلقة وتدمر عالمها....ويكفيها أقوال الناس المريضة التي يدينون المرأة على طلاقها، وينظروا للمطلقة بنظرة حقيرة ودونية...و غدير التي سوف تطالها الشائعات أيضًا...كانت تتمنى أن يسعد ابنها مع زوجته، وكانت تحلم كل يوم برؤية أحفاد لها قريبًا، لم تنم ليلة دون أن تدعي لهم بالسعادة وأن يجمع بين قلوبهم ولكن النصيب غالب وها هم افترقوا...ترقرقت الدموع بعينيها من جديد ليلاحظها عزت الذي قال لها بحزن

"لا تبكي يارقية إن شاءالله خيرًا وهؤلاء الأولاد سيحصلون على السعادة التي يستحقون يومًا ما...ثقي بالله عز وجل"

 أومأت له رقية وهي تمسح دموعها ورفعت يديها تدعي بحرقة قلب أم..

"يارب أرح قلوبهم جميعًا وأجعل لهم من السعادة نصيب " 

"أمين "

 قالها الجميع بقلوبهم قبل أفواههم لعلهم يروا السعاده تطرق قلوب أبنائهم وبيتهم الذي يتشوق للسعادة تسكن أركانه..  

*********

 ‏ ‏

رواية استوطننى عشقك الفصل السابع 7 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات