📁

رواية استوطننى عشقك الفصل السابع 7 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السابع 7 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت السابع 7

رواية استوطننى عشقك الجزء السابع 7

رواية استوطننى عشقك الحلقة السابعة 7

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل السابع 7 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل السابع 7


الفصل السابع 


لم تتمكن من النوم من شدة القلق على وتين والحزن على صغيرتها  التي قلبها انفطر للمرة التي لاتعلم عددها

ولكن هذه المرة كانت الضربة أشد وطأة عليها فهي تعشقه منذ صغرها، ولن تحتمل ما حدث وهي أكثر الناس معرفة بالعشق وألامه حتى وإن لم تتحدث... لكنها تعرف ابنتها كراحة يدها وتفهمها وتفهم مشاعرها التي بدأت صغيرة كصغر سنها ليكبرا سويًا...ليصبح ذلك العشق أحادي الطرف كنصل سكين يمزق قلبها وروحها، ابنتها التي احترقت بنار العشق وانضمت لأرض المظلومين من قسوة العشق...

 منذ أن تركت أبيها لينام ويرتاح رغم تأكدها من حزنه الشديد على ما حدث، لكنه أمرها أن تترك وتين لوحدها قليلًا ولا تذهب لها...ولكن أي قوة بالعالم قادرة على منع أم من الإطمئنان على صغيرتها...

انتفضت من على مقعدها و تحركت تأخذ مئزرها وترتديه على منامتها وتتحرك قاصدة الصعود لصغيرتها وابنتها وسبب تمسكها بهذه الحياة، لن تتركها تلعق جراحها وحيدة أبدًا. 

صعدت الدرج بهدوء شارد لكنها جفلت عندما وجدت تلك القابعة على الدرج وتسند ذقنها على ركُبتيها وتحاوط ساقيها  بذراعيها..


وضعت يدها على صدرها تهدئ ضربات قلبها وتحدثت بتقطع

"غدير... لقد رعبتيني، لما تجلسين هكذا بحق الله" 

نظرت لها غدير بهدوء وبأعين منتفخة ووجه أحمر من كثرة البكاء تحدثت بصوت مبحوح...

"كنت أريد الصعود لوتين لكي أكون بجوارها...لكني تراجعت...خفت أن ترفض مواساتي لأني السبب فيما حدث لها" 

اقتربت مريم وجلست بجوارها ومدت ذراعيها لتأخذها في أحضانها لتستجيب غدير بلهفة وتنفجر بالبكاء داخل أحضان عمتها..

ربتت عمتها على شعرها وتحدثت بصوت حنون ...

"لا عليك يا صغيرة ماحدث قد حدث...المهم أن نتعلم من الأخطاء ولا نعيدها مرة أخرى" 

أومأت غدير ولم تقوى على الرد كيف ترد وبأي كلمات تصف احساسها بالذنب، نعم هي السبب...تهورها وتسرعها في اختيار شريك حياتها كان أكبر خطأ، ليس عيبًا ببدر ولكن مع زوال السبب الذي كانت ترتبط به من أجله أفاقت ولكن للأسف بوقت متأخر كانت ضحيته وتين، التي حصلت على لقب مطلقة بعد شهر واحد من زواجها...يا ويلتك ياغدير أنتِ لم تحطمي قلبها فقط بل جعلتي منها حطام أنثى، كم باتت  تشعر بالإشمئزاز من تبعات فعلتها الحقيرة في حق وتين وبدر، وإن كانت وتين الأكثر ضررًا في كل القصة...


استكانت داخل أحضان عمتها بهدوء لتسمعها تكمل كلامها..

"أتركي وتين اليوم كي تلملم شتات نفسها...ويمكنك دعمها بعد ذلك بأي وقت..إتفقنا"

 ‏أومأت مرة أخرى بصمت ولكن داخلها تقسم أنها ستكون لها خير عون ودعمًا في محنتها وستبقى طوال عمرها تعتذر لها على التقرب من بدر وهي تعلم طبيعة مشاعرها نحوه، لقد كانت ملامحها تفضحها عند رؤيته دائمًا، 

ومع ذلك تصرفت بكل خسة وندالة، حقًا هي خجلة من نفسها كثيرًا وتتمنى أن تتمكن وتين من مسامحتها تمامًا، تعلم أن وتين داخلها جزء ناقم على فعلتها ولن تنساها كما هي متأكدة أن وتين مستحيل أن تحقد عليها وتكرهها يومًا ما... 

ربتت عمتها على رأسها وانحنت تقبلها بمحبة خالصة وبصوتها الحنون تحدثت 

"هيا إذهبي للنوم، وغدًا إن شاء الله سيكون كل شئ على ما يرام" 

ابتعدت غدير عن عمتها  ببطئ وتمتمت

"إن شاءالله" 

انحنت تأخذ كف عمتها تقبله بحب ورفعت وجهها وأهدتها قبلة أخرى على وجنتها لتهديها عمتها ابتسامة حنونة قبل أن تتحرك غدير وتدخل شقتهم كي تنام أو تتمنى أن تنام علها ترتاح من التفكير بكل شيء وأي شيء.

******


 ‏دخلت بآليه وتيه الى غرفتها بعد أن جلست طويلًا بجوار الباب تحاول استعادة أنفاسها الهاربة لكنها فشلت فشلًا زريع...

مازالت الصدمة تسيطر عليها، حاولت أن تتخيل هذه اللحظة كثيرًا من قبل ولكن حدوثها فاق كل توقعاتها أين دموعها لماذا تشعر أن مأقيها جفت و طنين قوي يضرب بأذنيها وقلبها كأنه يعلن استسلامه وانسحابه من الحياة، أين دقات قلبها...

هل هذه أعراض إنسحاب الروح من الجسد، أم أنها الآن أصبحت في عداد الاموات...

تقدمت ببطئ وفتحت باب الحمام لتدخل، تقدمت من المغسلة وفتحتها لتملئ يديها بالماء البارد وتلقي به على وجهها بحركات ابتدأت بطيئة ثم أصبحت سريعة بشكل هستيري وكأنها تصفع بالمياة وجهها..علها تشعر أنها مازالت على قيد الحياة وأنه يمكنها الشعور..

أغرقت المياة ثيابها ووجهها ورأسها ولكنها لم تكتفي، فقد نزعت عنها حجابها وألقته بعيدًا ووضعت رأسها تحت المياه الكثيرة التي تنزل من الصنبور لبضع دقائق حتى شعرت أنها ستفقد الوعي من وضع رأسها  المنحني وقلة تنفسها...

رفعت رأسها والماء يتساقط منها وهي تلهث بقوة، بعض الثواني و انهارت جالسة على الأرض بجانب المغسلة ولم تكترث للمياه المفتوحة...

 استدارت تنظر إلى حوض الإستحمام وتذكرت تلك الليلة التي تركته يصك جسدها بصك ملكيته، وقتها تركت لقلبها وروحها العنان وسلمت لضعفها تجاهه القيادة...لم تأبه لخسارة عذريتها، لم تعدها خسارة على كل حال، فخسارة قلبها كانت أعظم وأكبر من أي خسارة أخرى...


فهي بحسبة بسيطة لم ترتكب أي أثم ..تعترف أنها ضعفت تجاهه

واستسلمت ولكنها ليست حزينة فهي ستحمل هذه اللحظات والهمسات دومًا بين ثنايا روحها، ستجعلها ذخيرتها لحرب وحدتها وأشواقها القادمه...

تذكر هذه اللحظات كانت صفعة الإفاقة لها كي تبكي بإنهيار وحرقة وهي تنعي حبها وزوجها التي تمنت أن يعشقها ويتمسك بها من أجل عشقه لا من أجل تجربة الحياة الزوجيه...

أو من أن يستغلها ليشعر غدير بالغيرة، او أي شئ أخر سوى العشق، وهي لا تريد سوى العشق...

فهي عشقته حد الجنون، لقد حل محل روحها واحتل كيانها واستوطن قلبها.. 

لقد راهنت بحُبها على خيل داخل سباق، أما أن يخسر أو يفوز ولكن للأسف خيل عشقها لم يصل للنهاية وقد أصيب فأصبح خيل خاسر وعاجز ودواء الخيل العاجز هو إطلاق الرصاص عليه عله يرتاح من ألامه...


دخلت الغرفة تبحث عنها فسمعت صوت مياة يقع على الأرض..تحركت لتدخل الحمام بقلق لتشهق من منظر وتين الجاثية على الأرض بإنهيار والماء الفائض عن المغسله يملئ الأرض وقد نال ثيابها وجسدها من الماء المتدفق كثيرًا..

تحركت بسرعة تغلق الماء، واقتربت من وتين تساعدها على الوقوف وهي تتحدث بهلع على حال وتين التي وقفت معها بدون أي مقاومة 

"يا إلهي ماهذه الحالة يا ابنتي....كيف تجلسين هكذا بهذه الثياب المبتلة ....تحركي معي" 

لم ترد وتين عليها وتحركت معها بآلية وتجمد، أجلستها مريم على جانب حوض الاستحمام وتركتها لتخرج قليلًا إلى داخل الغرفة...

 دخلت مرة أخرى تحمل ثوب نوم  لوتين الجالسة تذرف الدموع بصمت كأنها فقدت السيطرة على دموعها..

مدت يدها بالثوب لوتين بيد واليد الأخرى تربت على رأسها وتحدثت بآلم على حال هذه الصغيرة..

"هيا حبيبتي ارتدي هذا حتى لا تمرضي" 

نظرت لها وتين بصمت ولم تبدي أي رد فعل سوى دموعها فقط التي تسيل على وجنتيها، لتحدثها مرة أخرى بصوت أعلى 

"هيا وتين من أجلي" 


أخذت منها وتين الثوب بهدوء شارد ووقفت بإنهزام وشرعت في حل أزرار كنزتها بيد مرتعشه لتساعدها عمتها حتى انتهت من تغيير ثيابها كاملة وارتداء ثوب النوم التي أحضرته مريم، تحركت تخرج بها إلى الغرفة بصمت لا يخلو من نظرات الشفقة والحزن.. 

أجلستها على الفراش واستدارت خلفها لتجفف شعرها بالمنشفة وتحدثت بصوت حنون 

"مارأيك أن أعد لك بعض الأعشاب الساخنة كي تساعدك على النوم" 

لم ترد عليها وتحركت تعتدل على الفراش وتمدد جسدها وتسحب الغطاء عليها بهدوء وآليه كأنها فقدت معاني الحياة..

نظرت لها مريم بقهر وحزن يمزق جنبات قلبها وجلست بجوارها تربت على شعرها وشردت بأنظارها بعيدًا وتحدثت بصوت عميق رغم حزنه.. 

"عندما فقدت زوجي انهرت وكنت سأموت من شدة ألم الفراق....كم تمنيت وقتها أن يرجع للحياة حتى لو لم يكن معي....حتى لو انفصلنا...أو حتى توقف عن حبه لي....كنت مستعدة أتقبل أي شيء آخر بالحياة غير موته الذي قتلني بدون رحمة" 

رفعت وتين رأسها تنظر لعمتها ودموعها مستمرة في النزول بينما عمتها أكملت وهي تنظر لها


"بإمكانك رؤيته والتحدث معه....بل بإمكانك اجباره على عشقك....يمكنك سماع صوته وضحكاته وحتى صراخه....كل شئ يهون طالما هو على قيد الحياة....فلا ألم أشد من فراق الحبيب عند موته....فأصبري يا صغيرتي ما أهون مصيبتك مقارنة بمصائب غيرك"

اقتربت وتين من عمتها وضمتها بذراعيها وانفجرت تبكي بصوت عالي وقهر...ضمتها عمتها واستمرت في حديثها 

"عليكي أن تكفي عن ذلك الحب المؤلم لك قبل غيرك وتين " 

رفعت وتين رأسها من أحضانها ونظرت لها بصدمة وتحدثت أخيرًا بصوت ممزق 

"ماذا" 

أومأت عمتها و ردت 

"نعم يكفي وتين...أعوام وانتِ تعشقينه بدون جدوى....وعندما أصبح لكِ ابتعدتي وتخليتي عنه لانك لم تقبلي بنصف الحلول....انتي حتى لم تحاولي معه ليعشقك أنتي لم تقبلي أن تستمري بزواجك منه وأنا واثقة أنه كان سيعشقك عندما يعرف كل شئ عنك عن قرب.... انتي فقط أردتي أن يعشقك كما تعشقيه...وتعاقبيه على عشقك وعلى استسلامك له... تعاقبيه كيف له أن يعشق غيرك أليس كذلك ياابنتي" 

زادت صدمة وتين من معرفة عمتها الأمر وفهمها بهذا الوضوح بل وكشف دواخلها هكذا ولكنها تغاضت عن ذكر الموضوع واعتدلت جالسة مقابل عمتها وقالت 

"أصبحت أنا المذنبة وأعاقبه.... تتحدثين كأنه طلبني للزواج بطريقة رومانسية، وأنه لم يكن متيمًا بإبنة أخيك التي لولا تراجعها لكانا متزوجين الآن" 

أومأت عمتها بتفهم و ردت 


"كان بإمكانك استمالته واللعب بذكاء حتى يعشقك ويذوب بك....فمن الذي رأى وتين ولم يقع صريع هواها....فأنتِ الأميرة الساحرة على كل حال"

 اتبعت عمتها كلامها بغمزة من احدى عينيها..

ابتسمت وتين ابتسامة تحمل كل معاني القهر وهتفت 

"هو أمُي....هو لم تسحره الأميرة المنحوسة....كما أنني لا يمكن أن أهين نفسي وأجبره على عشقي...لو أراد كان فعل منذ البداية"

مدت يدها لتمسك يد وتين بحزم وتكلمت بنبره قوية ولكن يغلفها الحزن على إبنتها..

"اسمعي إلى هنا وكفى.... طالما رفضتي الاستمرار معه واعطائه فرصة ليعشقك كما تعشقيه... فكفي عن هذا الحب البائس...حياتك لن تقف عليه..ستحاولين أن تنسيه وتخرجيه من قلبك وتحرري روحك منه....يكفي ضعف، إذا كانت هذه نهاية قصتكم فعليكِ البدأ بقصة جديدة تكوني فيها سعيدة....لأنكِ تستحقين هذا" 

أخفضت وتين رأسها وأغمضت عينيها، فهي تعلم أن عمتها على حق وهذا هو الصواب ولكن ليتها تقدر على فعلها...دومًا الحديث سهل لكن الفعل صعب، وماتطلبه منها عمتها الآن هو من المستحيل أن يحدث، كيف تنسى عشق طفولتها ومراهقتها وشبابها...

الحبيب الأول...

 أول دقة قلب، وأول لمسة..

كيف يالله ستفعلها، لكنها تقسم أنها ستحاول ولن تضعف مرة اخرى حتى وإن حرمت على قلبها عشق غيره...فتحت عيناها عندما ضغطت مريم على كفها ونادتها بحزم 

"وتين" 


أومأت وبللت شفاها الجافة وقالت بصوت يقطر ألمًا..

"حسنا أمُي سأحاول....أتمني ذلك بشدة" 

ربتت مريم على يدها بحنان لتكمل وتين بحزم 

 ‏"سأرحل أمي" 

  ‏"ماذا " 

ابتلعت ريقها ومدت يدها تمسح عيناها وهتفت بإرتباك

"سأسافر لرؤية جدتي وخالتي....ولأنني بحاجة لأن أبتعد قليلًا أو ربما كثيرًا لا أعلم...أحتاج الرحيل وبشدة " 

  ‏بهتت مريم بشدة، هذا حالها كلما قالت لها وتين عن سفرها لوطن أمها ورؤية عائلتها الأخرى، ولكن هذه المرة تشعر بغصة بقلبها من فكرة رحيل وتين...

ومع ذلك لا يمكن أن ترفض يكفي أنها تذهب لهم مرتين فقط خلال العام وتجلس معهم أسبوعين أو أكثر بقليل..وأنها اختارت أن تعيش معهم ولا تتركهم رغم محاولات جدتها وخالتها ولكنها كانت تراضيهم بذهابها بعطلة نصف العام والصيف لتمكث أسبوعين في كل مرة..لكن بالنسبة لها كانت تشتاق لها كثيرًا وكأنهم عامين وكانت تلح عليها بالعودة دائمًا..


انتبهت لكف وتين الذي وضع على كفها وهي تنظر لها بآلم...أجلت حنجرتها وهتفت بتوتر

"زيارتك الصيفية مثل كل عام أليس كذلك...فأنتِ تذهبي بالصيف وبالشتاء....أليس كذلك وتين" 

نزلت وتين عن الفراش وتحركت تقف بجانب الشرفة تنظر لسكون الليل بشرود وقالت دون أن تنظر إلى مريم ..

"لا أعلم أمُي الى متى سأبقى...لم أحدد بعد...ولكن ما أنا متأكدة منه أنها لن تكون زيارة قصيرة"

نزلت مريم هي الاخرى من علي الفراش واقتربت منها ووقفت بجانبها وقالت بصوت حزين 

"وأنا ستتركيني وانتي تعلمين ماذا يفعل غيابك بي....هل سأهون عليك؟ " 

استدارت وتين تضمها وتلقي رأسها على كتفها فهي أمُها الحبيبة ويعلم الله كم ستشتاق لها، لكنها بحاجة ملحة للهرب بعيدًا كي تحافظ على المتبقي من عقلها وكرامتها التي تلفظ أنفاسها الأخيرة الآن لعلها تتمكن من انقاذها بعض الشئ... وقلبها الذي لن يتحمل رؤياه والتعامل معه وهي تمثل أن ماحدث لم يترك بداخلها أي أثرًا...أو الأسوء أن تلقي نفسها بين أحضانه وتتوسله القرب، حقًا سوف تموت...وإن كانت قررت سابقًا السفر عقب زواجه من غدير لأنها سوف تتألم، إلا أن بعد انفصالهم الآلم قاتل وتشعر بإنسحاب روحها ولن تقوى على البقاء حاليًا...


"أمي تعلمين أني سأشتاق لكِ....لكني أحتاج الرحيل بشدة....أحتاج أن أنظم أفكاري وقراراتي وحياتي...وبإمكانك القدوم لرؤيتي بأي وقت...تعلمين كم تحبك جدتي وخالتي"

ابتعدت مريم مبهوتة بما وصل لعقلها من حديث وتين  ونظرت لها بتساؤل وقالت بتقطع

"هذا يعني أنك لا تفكرين بالعودة قريبًا....أو إلى الأبد" 

أشاحت وتين عينيها عن مريم بهروب و ردت بصوت حزين

"أن تمكنت من النسيان والتقدم بحياتي سأعود....وإن لم أقوى...فالبعد سيكون أرحم بعض الشئ...وأرجوك تفهمي موقفي" 

كيف تتفهم بحق الله غياب ابنتها عنها، كيف ستقوى من دونها؟ 

بل كيف ستعيش لو قررت وتين الإستمرار في العيش بوطنها الآخر؟

وبالرغم من ألام قلبها إلا أنها لن تمنعها من شئ تريده، هي تعلم أن ابنتها بحاجة الى البعد كي تتمكن من استعادة نفسها ولملمة شتات روحها المبعثرة حول بدر....بدر اللاهي عن كل ما يحدث...

سمعت وتين تتحدث بلهفة تداري بها حزنها وهي تحاوط وجنتي مريم بيديها..

"بإمكانك القدوم معي....أو زيارتي كلما تشتاقي...أرجوك لا تحزني أمي...أناااا.. "


أومأت بتفهم مصطنع  بالرغم من تمزق قلبها وقاطعتها 

"حسنا يا ابنتي....طالما ستكونين بخير و مرتاحة...سأحاول أن أتحمل فراقك الذي يألمني....وسأزورك كثيرًا" 

ارتمت وتين بأحضانها وهي تردد ببكاء 

"أسفة أمُي سامحيني...لكنني بحاجة لذلك" 

ربتت على رأسها وأهدتها إحدى ابتسامتها الحنونة وسألتها 

"وجدك ماذا ستفعلين معه؟ " 

ابتعدت وتين عنها وتحركت تجلس على الفراش بإرهاق وقالت

‏"سأقول له أنها زيارة وسأترك الحديث بأي شئ أخر لاحقًا حتى لا يحزن وتتأثر صحته....ومع ذلك سأقول له أنها زيارة طويلة بعض الشئ"

تقدمت منها مريم وجلست بجوارها ومدت يدها تسحبها إلى أحضانها ومالت تقبل رأسها وتحدثت بصوت حزين 

"متى" 

"سأحجز غدًا....وفي أقرب ميعاد سأسافر" 

أومأت مريم ولم تقوى على الرد وبداخلها غصة تمزق قلبها ولكنها لا تقوى على منعها من الرحيل...ليس لأنها لا تملك عليها سلطة، ولكن لمعرفتها أنها بحاجة للرحيل بشدة

لهذا ستتحمل رحيلها بعيدًا وتدعو الله أن يصبرها على أشواقها لها...

*******

قبل عدة ساعات..


انطلق بسيارته ولم يعبئ لمنادات طارق، كل مايريده الآن هو الهرب بعيدًا، شعور الضيق والندم يخنقه ويكتم أنفاسه، لا يعلم ماذا أصابه وماذا يريد...

فور سماعه لطلبها أمام الجميع، كان يريد أن يخنقها لكي تصمت أو يخطفها بعيدًا عن أعين الجميع حتى لا يراها غيره وتبقى معه وله بمفرده، بل فكر للحظه أن يمتنع عن تلبية طلبها ويعاند بل ويجبرها على الاستمرار معه، لكنه كان سيستحقر نفسه، لأنه ليس ذلك القاسي المتجبر الذي يجبر النساء على معاشرته، فيكفيه احساسه بالذنب تجاهها بسبب ابتزاز جده لها عاطفيًا كي توافق على الزواج وأيضًا بسبب ماحدث بينهم رغم أن لم يجبرها على شئ، وبالرغم أنها لم تبدي أي أعتراض إلا أنه يشعر بالذنب لإتمام هذا الأمر...

أوقف سيارته بهذا المكان الخالي ونزل منها وهو يزفر بغضب وحنق من نفسه ومن وتين ومن كل العالم...صرخ بغضب رجولي وهو يضرب مقدمة السيارة بيديه الاثنتين مرارًا وتكرارًا حتى أرهق تمامًا وأصبح صوت لهاثه عاليًا...

جلس على مقدمة سيارته وأخرج سيجارة من جيبه وبحث عن قداحته بضيق، فوجئ بمن يشعلها له بهدوء بالغ لكنه لم يبدي أي رد فعل.. 

 أخذ عدة أنفاس ولم يهتم لطارق الذي جلس بقربه، فهو  يعلم أنه كان خلفه بسيارته، كما يعلم أن طارق لم يكن يتركه على كل حال...

شرد في الساعات السابقة وتذكرها وهي بين ذراعيه ورائحتها المسكرة التي تخطفه، ذوبانها كقطعة سكر بين ذراعيه وتجاوبها القاتل معه...حتى بات يشك بأنها تكن له مشاعر خاصة...خفق قلبه للفكرة ولكن سرعان ماألمه قلبه عندما تذكر طلبها للطلاق وهي تقف أمامه بقوة ونفور جرحه...


نهر نفسه على تفكيره، إن كانت تكن له أي مشاعر كانت تمسكت بزواجهم وأعطائه فرصة كي ينجح، لم يعد يفهم أي شئ... تصرفاتها وأقوالها متناقضة جدًا وترهقه من كثرة التفكير...ومع ذلك لم يتحمل شحوب وجهها كأنها ستفقد الوعي عندما نطقها وقطع الروابط بينهما، كيف فعلها وكيف طاوعه لسانه على نطقها، فهو لم يكن يريد هذا أبدًا، كيف حكم على نفسه بالاعدام هكذا، صعق من شعوره هذا  والدموع التي تحرق عيناه بشدة وتريد أن تتحرر..

رفع يده ليربت على قلبه  الذي تسارعت دقاته حد الآلم، أحني رأسه ينظر لصدره بإندهاش مصدوم...

ماالذي يحدث له؟..

أخذ يردد السؤال ولم ينتبه أنه نطقه بصوت مسموع... إلى أن أتاه الرد من طارق الذي تحدث بهدوء وهو يزفر دخان سيجارته...

"لماذا أنت مصدوم هكذا....فهذا الأمر كان متوقع حدوثه منذ البداية..أنت وافقتها على الانفصال منذ أن طلبته فلِما الإندهاش الآن....أم كنت تظن أن الأميرة الساحرة ستتقبل طريقة زواجكم وتتعايش معها بكل سهولة" 

التفت له بغضب ونزل سريعًا من على السيارة وتحرك خطوتين وأخذ يركل الحجارة كي لا يركل طارق كالطابة الآن، كيف يتحدث عنها هكذا وينعتها بالساحرة..أنها ساحرته هو، ساحرته الشريرة التي ألقت عليه تعويذة امتلكته بها وأدخلته جنتها ليتذوق نعيمها ولم يكد يشعر بالنعيم حتى ألقت بِه في الجحيم...


تجاهله ولم يرد عليه...ليكمل طارق بطريقة استفزازية لكي يخرجه من صمته ويتحدث..

" المفروض أن تكون سعيدا، فالخطأ قد تصلح وأمر الزفاف انتهي بدون فضائح و الأمر الآن سيكون عبارة عن زوجين لم يتفقا معًا....وربما تلتقي بمن تسرق قلبك هذه المرة.... وكذلك وتين فهي جميلة بل ساحرة ومعظم الرجال يتمنون زوجة مثلها "

التفت بدر سريعًا وتحرك ينقض عليه ويمسكه من ياقة قميصه وزمجر  بغضب تفجر ولم يعد يقوى على كتمانه....

"إياك و التحدث عن زوجتي بتلك الطريقه أتفهم"

لم يعبأ طارق لغضبه ولا ليديه التي تقبض على ثيابه وأكمل يستفزه عله يفهم ماذا يريد 

"تقصد طليقتك....ثم أنني لم أخطأ بالنهاية سوف تتزوج وتين ولن تبقي هكذا" 

لم يهتم لزمجرة بدر الغاضبة ولا يده التي اشتدت على ثيابه وأكمل ببرود

 "فأنا أفكر أني أحق من الغريب...وأعرف حقيقة زواجكم....فما رأيك أن أتحدث مع جدك وأطلبها للزواج" 


دفعه بدر بغضب أعمى و أتبع بلكمة عنيفه على وجنته وهو يتحدث 

"قلت لك لا تتحدث عن زوجتي....فهي ملكي انا ولن يأخذها غيري أبدًا أبدًا...هل فهمت؟ " 

كان يتحدث بدون وعي وهو يلكم طارق الذي دافع عن نفسه وسدد له لكمة هو الآخر وتحدث بلهاث

"ولِما تريدها زوجه....هل لأنها تركتك وطلبت الطلاق أمام الجميع قبل أن تطلب أنت....أم لتثبت لنفسك ولكبريائك أنك مازلت مرغوب كما فعلت سابقًا وأتممت زواجك بها...أم لتجعل غدير تغار وهي تراك متزوج وتجعلها تعض أصابعها ندم لأنها تركتك....غدير التي تحبها وكنت تريدها زوجه، فماذا حدث خلال هذا الشهر لكي تتغير؟" 

اقترب منه بدر ينوي ضربه مرة أخرى وهو يتحدث بغضب 

"أصمت ولا تأتي على ذكرها وإلا أقسم سأقطع علاقتي بك وسأنسى صداقتنا للأبد طارق"

غصة سكنت قلب طارق وتفادى ضربته ومسك يد بدر وتحدث بهدوء بعد أن تأكد من غضب صديقه الحارق .. 

"تعلم أني أستفزك لا أكثر ووتين مجرد أختًا لي أقسم لك" 

قاطعه بدر وهو يتحرك بعيدًا عنه بعد أن دفعه وصرخ به بصوت مبحوح ..

"لا تذكر اسمها الآن طارق لكي لا نخسر بعض" 


أومأ له طارق وحاول يستدرجه في الكلام لعله يريحه ويفهم ماذا يريد ولعله هو أيضًا يستريح من وجع قلبه على حب ما ليست له ويطمئن من عدم عشق صديقه لحبيبته...حبيبته الذي كاد أن يموت عندما علم برغبة بدر للزواج منها، لينهار بعدها ويحاول دفن انهياره بداخله كما تعود دائمًا وأقسم أن يحرم على نفسه التفكير بها، لكنه كان يرجع ويدعوا الله أن يجمعه بها ويجعل له بها نصيب وإن كانت ليست له...فليساعده الله وينساها.. تنحنح يحاول اخراج نفسه من ذكرياته وتحدث 

"أنا محتار لِما كل هذا وأنت تحب غدير"

قالها طارق بحرقة ليجفل وهو يسمع بدر يصرخ بغضب أعمى

"أنا لا أحبها ولم أحبها سابقًا ولن أحبها أبدًا.....وهذا ما فهمته الآن....هي أختًا لي لا أكثر وأنا شاكر للقدر ولها أنها تراجعت عن خطوة الزواج.....لقد أنقذتني "

نظر له طارق بذهول، وسريعًا تحول ذهوله لابتسامة مرتاحة أذهلت بدر من تحول صديقه ولكنه تجاهل هذا مؤقتا ليتحدث، فهو يحتاج ليفرغ مافي جعبته من حديث يثقل كاهله...

 ‏"أنت أكثر من يعلم أني طالما قلت أن زواجي سيكون تقليدي وبعيدًا عن تعقيدات الحب.....لا أنكر أني عندما أتيت انجذبت لغدير ومرحها ودلالها وكنت أفكر في الزواج قبل بداية العمل.... تعلم إني خلال فترة سفري لم أسمح لنفسي بالخطأ أو العلاقات مع نساء الغرب...كنت أضع الله و ديني وعائلتي أمام عيني وقبل أي تحرك كنت أضعهم في حساباتي حتى لا أخطئ...وعندما فكرت بالزواج قلت غدير ابنة عمي وأخلاقها من أخلاقي وأعرفها وتعرفني وعائلاتنا واحدة فلِما لا... إلى أن تفاجأت بتصرفها الذي أغضبني أكيد....لكن لا أعلم ماذا حدث بعد الزفاف وكأن وتين ألقت تعويذتها السحرية لتسحرني من نظرة واحدة"


كان يستمع له بهدوء، عاود الجلوس على مقدمة السيارة ومد يده يخرج سجائره ليشعل واحدة أخرى بدلًا عن التي وقعت منه في الشجار، أشعلها وأعطها لبدر الذي أخذها وتحرك ليجلس  بهدوء بجواره...أشعل لنفسه واحدة وأخذ عدة أنفاس وتحدث بهدوء

"ولِما لا يكون شعورك السابق مع غدير و رغبتك في الإستقرار هو نفسه نحو وتين.... أو شعور بالشفقة عليها عندما بكيت ليلة زفافكم كما أخبرتني... لأنها مدللتك الصغيرة التي ابتعدت عنك...ولهذا أنت غاضب من طلاقكم " 

حك بدر رأسه بيده وزفر الدخان و رد بشرود حزين

"لا... شعوري مختلف كليًا...أنا..أنا أشعر بتملك قوي تجاهها وأغار عليها....أنا لا أعلم ماذا يصيبني عندما تكون بجواري كأنها تستحوذ على عقلي وقلبي وجسدي دفعة واحدة....تسحرني عيناها...وبالرغم من حديثنا القصير منذ عودتي وحتى بعد زواجنا...لكنها تفعل بي الأعاجيب عندما تحدثني، أحب أن أسمعها تتحدث وأسمع صوتها العذب الذي يطربني...تأخذ قلبي وتسرق دقاته عندما تضحك ..."

 ‏ ألقى سيجارته بعيدًا ومسح على وجهه عدة مرات وأكمل بإختناق

 ‏"أنا أريدها طارق....أريدها زوجتي إلى الأبد...أريدها أمُا لأولادي...أريد أن أعود إلى المنزل وأجدها بإنتظاري تهديني ابتسامتها التي تُذهب عقلي...أريد أن أغفو وأستيقظ على رائحتها" 


التفت ينظر إلى طارق المبتسم واكمل حديثه بذهول

  "ماذا يحدث معي؟...هل فقدت عقلي أم ماذا؟....ياإلهي أنا لا أفهم شئ"

اتسعت ابتسامة طارق لتتحول إلى ضحكة وربت على كتف صديقه وتحدث بحنو.. 

"لا لم تفقد عقلك....بل أنت عاشق يا صديقي....وهذا الشئ أكثر من الجنون بمراحل.. هنيئًا لك جنون العاشقين ولوعة العشق بدر"

 ‏نظر له بدر بتساؤل ..ليرد عليه طارق بإماءة وتحدث بهدوء 

 ‏"أنت تحبها بدر...تحب وتين" 

 ‏أغمض عينيه وتلذذ بسماع الكلمة التي زادت من ارتفاع نبضاته وكأن قلبه يأكد كلام صديقه بإقامة الإحتفالات داخل صدره ولسانه يردد بدون إذنه 

"أنا أحبها...أحب وتين ...أنا أعشقها"

عقد حاجبيه لبرهه وضغط على أسنانه وتحدث بحنق 

"ولماذا لم تخبرني قبل ذلك يا غبي"

 ‏أغلق عيناه وزفر بضيق وأكمل بحزن

 ‏"بل أنا هو الغبي الذي لم يفهم مشاعره...أنا هو الغبي"

تنهد والتفت ينظر لطارق المبتسم وسأله  

"متأكد أن هذا هو الحب"

أومأ طارق وتنهد بحزن و رد وهو ينظر بعيد

"نعم هذا هو"


نظر له بدر بإستغراب من الحزن الذي ارتسم على وجهه مجددًا وسأله

"هل أنت عاشق يا طارق ولم تخبرني؟...

ماهذا الحزن الذي يسكن عيناك وكلما سألتك عنه تتهرب "

 أومأ له طارق ونظر أرضًا و رد بخفوت

 ‏"نعم أنا عاشق....يومًا ما سأحكي لك كل شيء...لكن ليس الآن" 

 ‏حاول بدر الإعتراض لكنه قاطعه وأكمل 

 ‏" أرجوك بدر ...ليس الآن " ..

 ‏أومأ بدر بتفهم وصمت فترة ليقطع طارق الصمت أخيرًا ويتحدث 

"ماذا ستفعل الآن؟ " 

"لا أعلم"

تنهد بضجر وأكمل 

" كل ما أريده الآن هو الهرب بعيدًا حتى أستوعب ما يحدث....وحتى لا أضغط على وتين أكثر من ذلك" 

ربت طارق على كتفه وقال بحنو

"ما رأيك أن تأتي لتجلس معي الأيام المتبقية قبل سفرنا وبعدها نسافر مباشرةً" 

 ‏أومأ بدر وتحدث بهدوء 


 ‏" أعتقد أن هذا أفضل...سأذهب إلى البيت أولًا أجلب بعض الأوراق المهمة والملابس"

 ‏أنهى كلامه و هويسحب طارق الجالس وقال

 ‏"هيا بنا لقد حل الصباح وأنا أريد النوم"

 ‏نزل طارق من على السيارة وتكلم بهدوء

 ‏"هل أتي معك أم أسبقك"

 تحدث بدر وهو يتحرك نحو سيارته..

 ‏" لا...اسبقني لتحضر الفطار يا ولد" 

 ‏رد عليه بغيظ وهو يتحرك لسيارته هو الآخر..

 ‏"وهل تظنني الخادمة التي جلبها لك والدك يا أحمق....سوف تخدم نفسك بنفسك يا مدلل" 

ابتسم بدر بعبث وركب سيارته وتحرك ليغادر وعندما جاوره مد رأسه خارج السيارة وتحدث بخبث وهو يراقص حاجبيه بطريقة مغيظة..

"خادمة ماذا؟...أنتي زوجتي يابنت ...انتظريني يا حلوة أنا قادم إليك" 

انحنى طارق ليأتي بحجارة من الأرض ويوهمه بإلقائها عليه وسبه 

"هيا يا غليظ، يا بارد، يا **** " انفجر بدر ضاحكًا رغم المرارة التي تحتل جوفه ودقات قلبه الصاخبة التي تتراقص فور اعترافه بمشاعره التي مازال مندهش منها، تحرك وهو يودعه بيديه وبزمور سيارته ليهز طارق رأسه على صديقه الذي تغير مزاجه قليلًا وابتسم أخيرًا، حتى لو كانت إبتسامته ظاهريًا فقد، لكنه سعيد من أجل بدر...نعم سعيد لأنه أخيرًا أصبح عاشق وحتى لو طلق زوجته...فمازالت أمامه فرصة لإصلاح الأمر بينهم والبدء من جديد على أساس سليم وواضح...وسعيد من أجل نفسه أيضا، فصديقه لا يعشق حبيبته وأميرته المغرورة، فيكفي ما لديه من تعقيدات في عشقه البائس لها. ‏


رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن 8 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات