📁

رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن 8 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن 8 بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك البارت الثامن 8

رواية استوطننى عشقك الجزء الثامن 8

رواية استوطننى عشقك الحلقة الثامنة 8

رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف

رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن 8 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك


رواية استوطننى عشقك الفصل الثامن 8


الفصل الثامن 


"لماذا تقفين هكذا يا رقية"

 ‏هتف عبدالرحمن وهو يقترب من رقية الواقفة بالشرفة، فلقد جافاها النوم وظلت ساهرة حتى بدأ الصباح ينسج نوره ويضئ الكون... مازالت حزينة وتبكي على أحداث الليلة الماضية بل تبكي كل الأحداث الأخيرة...

منذ فترة والحزن يخيم في بيتهم ويخرجوا من مشكلة تليها مصيبة ولم يشعروا بالراحه إلى الآن..

وقف بجوارها وأحاطها بذراعه، لتميل برأسها على صدره تستمع إلى تنهيداته التي تحمل من الحزن الكثير..

 قبلها على رأسها وهتف بخفوت 

"ألن تخلدي للنوم....لقد حل الصباح" 

 هزت رأسها برفض ولم تتحدث ليكمل هو ..

"يكفي بكاء يا حبيبتي وادعي الله أن يريح قلب أولادنا ويهديهم للصواب....لا تحزني على بدر "

رفعت رأسها تنظر له ومازالت الدموع تغيم عيناها وتحدثت بصوت متحشرج 

"أنا لا أبكي من أجل بدر فقط....أنا حزينة لأني كنت أتمنى أن أطمئن عليه مع زوجة رائعة وأحمل أولاده قريبًا، وحزينة على وتين التي أصبحت مطلقة بعد شهر من زواجها ونظرة الناس لها، نحن بمجتمع عقيم لن يغير نظرته للمطلقة أبدًا...ستتحطم الفتاة...لن يتركوها تعيش براحة...وغدير التي سيطالها الحديث المشين أيضًا..

أولادنا سيصبحوا مجالًا للحديث في أفواه الناس" 

 ‏أنهت حديثها وانفجرت باكية ليربت على كتفها وتحدث بحزم 

 ‏"لن يتجرأ أحد بالحديث على أبناء عائلة الرازي" 

 ‏قاطعته وهي تمسح دموعها وأنفها بمحرمتها الورقية وهتفت بضعف

"حتما لن يتحدثوا أمامنا بل من خلف ظهورنا" 

 ‏ابتعدت لتجلس على الأريكة الموجودة بالشرفة ونظرت أمامها بشرود ليقترب ويجلس بجوارها بصمت، ‏لتتحدث دون أن تنظر له...

"هل مازال بدر يعشق غدير...لذلك طلق وتين؟ " 

نظر أمامه بشرود وهو يفكر في أحوال ابنه، هل حقًا مازال يعشق غدير، وهل عشقها من الأصل، لكنه لم يظهر عليه أي عشقًا...أم هو بارع في اخفاء مشاعره، حقًا أحوال بدر تشعره بالحيرة...وكأن ابنه لايعلم ماذا يريد، هو لم يضغط عليه سابقًا ولن يفعلها الآن، حتى اليوم لم يتدخل وتركه هو ووتين يحددوا مصير علاقتهم ولم يحاول هو أو أخوته التدخل أو حتى بالنصيحة وتركوهم ينفذوا ما يريدونه هذه المرة..

فاق من شروده على صوت رقية تناديه ليزفر ثقل أنفاسه التي تشعره بالإختناق وهتف...

"لا أعتقد أنه يعشقها...حقًا لا أعرف ما يحدث بداخله...دعينا ندعي له وللبنات بصلاح الحال...وأتمنى أن لا تتدمر علاقتهم "

أومأت واقتربت لتريح رأسها على كتفه وهي تغمغم بالدعاء لأولادهم جميعًا، وكلها أمل أن القادم يكون أفضل للجميع فحقًا لقد اكتفوا من الإبتلاءات..

 ‏*******


جفاها النوم بشدة وخافت أن تزعج عمتها بكثرة تحركها وقلقها فهي لم تتركها ونامت بجوارها، لكن النوم أعلن الخصام عليها وتحالف مع عقلها ليغرقوها داخل دوامة الأفكار...تحركت من الفراش بهدوء وخرجت من الغرفة وأغلقت الباب خلفها بهدوء حتى لا تستيقظ عمتها التي نامت منذ مدة قصيرة جدًا...

أعدت القهوة وخرجت تشربها بشرود مازال يستحوذ عليها، لقد حل الصباح وهي على حالها من التفكير والحزن حتى شعرت أن رأسها سينفجر من شدة الآلم 

وقفت تتأمل أول شعاع لشمس الصباح الذي تسلل من الزجاج لينير المنزل ويعم أركانه بدفئها...

تلمست الزجاج الدافئ بيد واليد الأخرى تحمل قهوتها واقتربت تتلمس أشعة الشمس الدافئة لعلها تدفئ صقيع روحها الذي انتشر بداخلها مع سماع حروف كلمة الطلاق من فمه...

يا إلهي وما أصعبها من كلمة حطمت كيانها وأصابتها بسهم مسموم يقتات على حياتها ببطئ ولن ينتزع من جسدها الا مع انتزاع روحها...

  ‏

فتح الباب ودخل بهدوء ليأخذ بعض الأوراق المهمة وبعض قطع الثياب ليبقى ببيت طارق إلى ميعاد سفره كي يهرب بعيدًا بمشاعره المستجدة التي تربكه وتزيد من توتره، بل تغيظه لأنه لم يكتشفها بشكل أبكر من الآن، وحقًا يشعر بها تخرج له لسانها وتقول له يا غبي لقد أفسدت لك حياتك...

حقًا تجعله يغرق في هوة عميقة لا يعرف مدى عمقها ولا الوصول لسطحها...يشعر بالتخبط التام، لذلك لا يريد أن يبقى بالمنزل حاليًا فهو لن يضمن نفسه بجوارها ومدى انجذابه العميق تجاهها وكأنها تسحره...

أغلق الباب برفق واستدار ليدخل إلى صالة شقتهم التي أصبحت لها كما كانت دومًا، لينصدم ويقف مبهوت من روعة المنظر الذي أمامه الآن...

يا إلهي هل من العدل أن تفعل به الأعاجيب وتهلك مشاعره من مجرد نظرة لها فقط، رؤيتها بهذه الفتنة المهلكة بالرغم من عيناها المتورمة من قلة النوم والبكاء...بكاء! 

هل كانت تبكي فراقه ام تبكي حصولها على لقب مطلقة، أم تبكي حظها العثر الذي أوقعها في هذه الزيجة، يا إلهي سيجن حتمًا فهو أصبح يحلل حتى الهواء الذي يمر بجانبها حتى يفهمها...

فهي أصبحت لغز كبير يريد حله، لكنها تربكه ولا تساعده بتناقض الإشارات الصادرة منها، لا يعلم تريده أم لا..

زفر بحنق من هجوم عدة مشاعر مختلفة مربكة كعادته كلما رأها، وبهذه الهيئة هي لا تساعده أبدًا بل تزيد الأمر عليه...ساحرته التي تقف ترتدي ثوب نوم حريري أسود طويل بشق طويل يظهر إحدى ساقيها بسخاء كما ذراعيها وأكتافها...  

وكأن أشعه الشمس أعجبها المنظر  فوهبتها طاقة دافئة ونورانية تحيطها من كل إتجاه...تلامس جسدها لتحوله إلى درجة وردية هادئة ورائعة بشكل يخطف الأنفاس، وبخار قهوتها المتصاعد نحو وجهها كأنه يقبل  عيناها ووجنتيها كما يقبل الكوب شفتيها، وشعرها الذي ازدادت شقرته وكأن الشمس غزلت خصلاته من نورها لينسدل كخيوط مضيئة تزيد من سحرها، وعيناها المشعة بشعاع الزمرد كانت قصيدة مليئة بأبيات شعر وشجن...

 ستقتله حتمًا تلك الرائعه، لقد رأها قبل ذلك باكثر اللحظات حميمية ولكن بهذه الهيئة هي مهلكة، تشبه لوحة رسمها فنان محترف، لكن من صورها ورسمها بهذا الشكل هو الخالق المبدع سبحانه...


 مد يده ببطئ يسحب هاتفه وهو يمني نفسه أن لا تستفيق الآن من شرودها حتى يحتفظ بهذه الصورة الرائعه إلى الأبد كما سيحتفظ بها بقلبه قبل عقله...صورها عدة صور وهو يذكر نفسه بوضعها لاحقًا بملف خاص ويخفيها حتى لا يراها أحد، أعاد هاتفه في جيبه وعاد ينظر إلى هذه المهلكة التي تحطم ثباته كلما وقعت عيناه عليها...

رفقًا يا ساحرة إلى متى ستستمري بإلقاء تعويذاتك السحرية لتخضعيني لكِ بدون أي جهد، هل من العدل أن يراها بهذه الهيئة بعد إنفصالهم الذي لم يدوم عليه سوى ساعات قليلة؟ 

وضع يده بجيبه وضغط قبضته بقوة عله يهدأ من هول المشاعر التي تجتاحه بلا هوادة وتنحنح ليلفت انتباهها وهو يتحرك نحوها ببطئ...

التفتت تنظر له بصدمة جلية على ملامحها من قدومه

ورؤيته بهذا الوقت، لقد كانت تمني نفسها بعدم رؤيته لفترة طويلة، بل طويلة جدًا الحقيقة...

شاهدت اقترابه منها، لكنها لا تقوى على الحركة، نعم هو ذلك التجمد الذي يصيبها بحضوره دومًا...هل يأسرها ويخضعها بتعويذة ما، نعم بالرغم من سخافة الفكرة إلا أنها فكرة جيده تبرر بها ضعفها وخنوعها تجاهه... 

ماذا بكِ يا حمقاء لما جمدتي هكذا ؟ 

حدثت نفسها علها تنتفض وتذهب كي تهرب بعيدًا من أثره كي لا تتعلق في عنقه وتضمه وتنفجر في البكاء، وما أن حاولت التحرك حتى سمعته يتحدث بصوته التي تعشقه ولا تتخيل حياتها من دون سماع صوته ورؤيته ولو من بعيد، أو على الأقل تكون على علم أنه بخير...

عمتها معها حق يمكنها تحمل انفصاله عنها ولكنها لا تتحمل عدم وجوده بالحياة 

كل شئ هين طالما هو على قيد الحياة...

أتاها صوته الحنون ليخرجها من شرودها.. 

"أتيت لأخذ بعض الأوراق المهمة....وعندما أعود من السفر سأخذ كل أغراضي من هنا" 


أومأت بهدوء وتحركت لتذهب كي تحتمي بغرفتها قبل أن يمسك رسغها ويقف خلفها مباشرة ويتحدث بهمس عاتب بجوار أذنها 

"هل أنت سعيدة الآن بعدما حصلتي على مرادك" 

جفلت من حركته ولكن سرعان ما سكنت وهي تسمع همسه...اومأت بصمت ولم تقوى على الرد، حتى صوتها هرب منها على مايبدو، أغمضت عيناها تستلذ بأنفاسه بهذه اللحظة وهي تقسم أنها ستكون أفضل وداع تحصل عليه منه..

جفلت مرة أخرى وهي تشعر بيده الأخرى تتحرك على ذراعها صعودًا ونزولًا بهدوء ومع ذلك شعرت كأن يده تحرق مكانها وتشعل النيران بجسدها...

لايعلم ماذا أصابه فها هو كعادته يفقد سيطرته وينجذب لمحيطها ويقترب منها بدون تفكير..

ناداها بهمس علها تنكر سعادتها من انفصالهم وتريحه من معاناته القاتلة بهذه اللحظة وهو يشعر بنعومة بشرتها تحت كفه تجلده بدون رحمه..

أومأت وتحدثت بصوت هامس خرج غصبًا عنها مهزوزًا 

"نعم سعيدة جدًا....فهذه النهاية المتوقعة على كل حال" 

مازال على وضعه وهي مازالت على استكانتها بين ذراعيه ومغمضة العينين تستنشق رائحته المميزة التي تعشقها أنفها وتشعل أوردتها اشتياقًا وعشقًا...

عندما سمع نبرة صوتها المهزوزة واستكانتها بين ذراعيه وكالعادة غرق بين تناقض الأقوال والأفعال...

لِما النساء هكذا يصعب فهمهم؟ 

سأل نفسه مرارًا ولم يجد إجابة، وكيف يجد؟

وهو سؤال بدون جواب،يقسم أن النساء لا تفهم نفسها بأغلب الأوقات حتمًا، فكيف عنهم هم الرجال...تغاضى عن أسئلته الحمقاء بهذه اللحظة واقترب حتى بات لا يفصل بينهم شئ وظهرها أصبح ملتصق بصدره، انحنى أكثر وهمس مرة أخرى وتلكئ عند عنقها وهو يغمض عيناه ويستنشق رائحتها كما تفعل هي...

"متأكدة أنك سعيده بهذه النهاية" 

أغمضت عيناها بشده عندما شعرت بشفتيه على عنقها بعد همسته الأخيرة، لكنها نبهت نفسها لوضعهم الحالي،جفلت تبتعد عنه واستدارت له و ردت بصوت هارب وعيون هاربة من  النظر لوجه الحبيب 

 ‏"نعم سعيدة....وأتمنى لك السعادة دوما"

‏وضع يديه بجيبه وتحدث بصوت متحشرج وعيون غامضة كأنه يحاول مدارات شئ يريده وبقوة 

"حقًا تتمنين لي السعادة" 


رفعت عيناها لتقابل عيناه وقالت بنبرة صادقة وواثقة

" نعم أتمنى لك كل سعادة العالم بدر.... وأتمنى أن تكون سعيدًا بحياتك مع من امتلكت قلبك"

واستدارت تعطيه ظهرها وأكملت وهي تغلق عيناها بألم 

"حاول أن تتفهم موقف غدير وتتحدث معها وتحل هذه المشكلة.... كي ترجعان لبعضكما" 

نظر لظهرها بصدمة وهو يحدث نفسه، ماذا تقول هذه الحمقاء الغبيه؟...أي غدير، يا إلهي هي تظن أنه يحب غدير، وماذا ستظن يا أبله...أنت لم تتحدث معها بأي شئ ولم تحدد موقفك من غدير أمامها وكل ما تعرفه هي أنك تحبها وكنت ستتزوجها...هي معها حق بظنونها وكم يود أن يتركها لظنونها ليتأكد هل تريده وستشعر بالغيرة أم لا، لكن الوضع أصبح أكثر حساسية بين ثلاثتهم، لذا وجب عليه التوضيح من أجل الجميع..

أجلي صوته وتحدث وهو يقترب منها مرة أخرى حتى توقف خلفها تمامًا 

"أي غدير يا زوجتي المصون...زواجي من غدير كان مجرد زواج تقليدي لم يحمل أي مشاعر سوى القبول والاعجاب....والذي بهت سريعًا بعد فعلتها التي لم أتآلم منها بالمناسبة... ويشهد الله أنها الآن وإلى الأبد ستكون مجرد أختًا فقط" 

التفتت له سريعًا تنظر له بصدمة و ردت بغباء كأنه يتحدث بلغة من عالم الفضاء..

"ماذا" 

اومأ لها وتحدث بسخرية

"هل كلامي ليس مفهوم أم إنها تأثير الصدمة" 

ليكمل بنبرة خبيثة وهو يقترب منها حد الالتصاق وعندما حاولت أن تبتعد كادت أن تقع على الطاولة التي أصبحت خلفها ليحاوطها بذراعيه 

"ومع ذلك سأعمل بنصيحتك وسأبحث عن من تملك قلبي وتجعلني سعيدًا بقربها إلى الأبد....أعدك سأحصل عليها قريبًا ولن أتركها تبتعد أبدًا" 

حاولت دفعه عنها بحنق وكلامه يمزق قلبها غيرة بعد أن أراحها بإعترافه بعدم عشقه لغدير، زفرت بغيظ وهتفت وهي تحاول دفعه 

"حسنا أتمنى ذلك.....والآن ابتعد عني" 

"وتين" 


قالها بهمس ولم يكترث بمحاولة ابتعادها عنه 

رفعت أنظارها له ليكمل بنفس الهمس 

"أنت لا تكرهيني أليس كذلك؟...ولا تحقدين علي بسبب زواجنا" 

تكرهه! ماذا يقول هذا الأحمق، هي وإن كرهت العالم كله، حتى وإن كرهت نفسها لن تكرهه أبدًا....فلن تكذب إن قالت أنها تعشق الهواء الذي يتنفسه، فعشقها له أصبح مرض يقضي عليها وسيكون سبب موتها يومًا ما، سريعًا ما نفيت كلامه بهزة من رأسها وصدق يطل من عيونها كشعاع من نور لا يمكن اغفاله..

"أنا مستحيل أن أكرهك أو أحقد عليك أبدًا بدر....مستحيل" 

تاه في زمرد عيناها وتاهت في  عيناه العاصفة بمشاعر لا تعلم تفسيرها بهذه اللحظة، لتسمعه يتحدث بهمس أجش 

"وتين ....هل تعلمين أن النهايات أخلاق ؟" 

نظرت له بغباء لا تفهم مقصده، ليقترب بوجهه من وجهها

و تحدث بهمس حار أمام شفتيها 

"وأنا عديم الأخلاق...هل لي بقبلة وداع؟" 

جفلت بصدمة وحاولت الاعتراض ولكنه ابتلع اعتراضها بين شفتيه بقبلة  ومجنونة تحمل كل معاني الشوق والرغبة في المزيد...المزيد منها طوال حياته، ليقسم أنها لن تكون الاخيرة وأنه سيفعل المستحيل لتكون له،حبيبته وزوجته إلى الأبد..

رفعت ذراعيها تحاوط عنقه وتركت نفسها تنهل من قبلته وتتجاوب معه، لم تقوى على البُعد ولا تريد البعد، بل بادلته قبلته بآلم وعشق ووداع...نعم لقد أيقنت الآن أن الفراق والرحيل لابد منه، لأنها لن ترتاح بوجوده فدائمًا ينتهي بها الحال ضعيفة ساكنة بين ذراعيه وتتوسل عشقه بالأفعال بدون خجل...

نعم قرارها بالرحيل كان صحيح ويكفيها اللحظات التي عاشتها معه، سوف تحملها دائمًا في قلبها لتساعدها على الاستمرار بالحياة، فهل ستنجح في ذلك أم لا...

ابتعدا أخيرًا لحاجتهم للتنفس الذي تغاضا عنه كثيرًا حتى لا يبتعدا، ولكن دائمًا لكل شئ نهاية...وها هي كلمة النهاية تستعد لتنزل على قصتهم قبل أن يسدل الستار على حكاية عشق لم تكتمل...

أسند جبينه على جبينها وهو يلهث وقلبه يكاد يخرج من شدة خفقانه...

ليسمع همسها الذي وازي ابتعادها عنه ببطئ 


"وداعا بدر...انتهت قصتنا القصيرة إلى الأبد" 

تحركت لتدخل غرفتها تحتمي بها منه ومن مشاعرها ومن كل شئ لا يتركها تحصل على الراحه...

تحتمي وبداخلها خوفًا من أن تتوسله البقاء، وسؤاله لِما لم يعشقها، نزلت دموعها التي دومًا تتمرد عليها بسببه هو وليس غيره، حبيب عمرها وروح فؤادها الذي لن يكون لها بعد الآن...


اختفت داخل الغرفة وأغلقتها ورائها بهدوء وتركته يقف ينظر في أثرها بقلب صاخب وأنفاس مشتعلة، لم يستوقفها وتركها ترحل عنه وهو متيقن أنها لن تكون لغيره أبدًا مهما حدث ستبقى له مادام على قيد الحياة...ستبقى حبيبته وزوجته إلى أخر العمر...

ليهمس بصوت مسموع مفعم بمزيج من المشاعر


‏"ليس وداعًا يا زوجتي الحبيبة، ووتيني" 

أنهى جملته وأخرج هاتفه...ضغط على الاتصال ورفع الهاتف على أذُنه ليأتيه الرد سريعًا 

"طارق سأبقى بالمنزل، نلتقي بالمطار بعد يومين" 

أنهى كلامه وأغلق هاتفه وتحرك ينشد غرفته ليأخذ الأوراق اللازمة وينزل إلى شقة أبيه بالأسفل ليبقى بها مؤقتا، وهو يُمني نفسه برؤيتها ولو من بعيد أو صدفة...

فهو لن يضغط عليها  بوجوده وسيترك لها فرصة تستعيد توازنها قبل أن يهاجم مشاعرها بقوة لكي يحصل على عشقها، ولكن لن يحرم قلبه ولا عيناه بالتمتع برؤياها..

 *******


زفر بضيق وهو ينظر لساعته، فهو متعجل اليوم ولا يمكنه انتظار خروجها ككل يوم، فعلى مدار يومين لم يتمكن من رؤيتها إلا ببعض الصدف القليلة، كما أنه لم يرغب أن يصعد لها حتى لايضغط عليها برؤيته، لقد احترم رغبتها في الابتعاد قليلًا لأنها بحاجة لذلك...عاد يزفر بضيق فهو فضل البقاء في المنزل عله يشبع عيناه برؤيتها لكن آماله احبطت..

"صباح الخير" 

قالها بدر بتعجل لجده وأبيه وعمه الجالسين في هذا الوقت المبكر في حديقة المنزل

ردوا عليه تحيته ليسأله عامر وهو يراه على وشك الخروج من المنزل 

"إلي أين" 

نظر بدر في ساعته و رد على جده بإستعجال 

"لدي عمل مهم بالنقابة...وبعد ذلك سأذهب إلى الشركه لإنجاز بعض الأعمال قبل السفر فجر اليوم" 

أومأ جده وأشار له 

"حسنًا....هيا إجلس" 

أهداه نظره أسفه وتحدث بهدوء

"أسف جدي أنا لا أريد أن أتأخر...فاليوم حافل جدًا بالأعمال" 

نظر له جده بصرامة وتحدث بحزم 

"لن يذهب أحد ولن يتغيب أحد اليوم عن تجمع الإفطار....فأنا أريد أبنائي وأحفادي جميعهم حولي" 

التفت ينظر إلى أبيه الذي رفع أكتافه بقلة حيلة وكتم ضحكته، وكذلك عمه الذي أشار له بصمت ليجلس بجانبه، لبي طلب عمه الصامت وجلس بجانبه بصمت بالغ لا يخلو من الغيظ...لا ينكر سعادته أنه سيراها أخيرًا وبنفس الوقت  يريد الهرب من هول مشاعره التي تجتاحه فور رؤيتها أو استنشاق عبيرها التي تتركه خلفها بكل مكان...وهو متأكد أنها تتحاشى التواجد معه بمكان واحد، وان جمع مدة لقائه بها خلال اليومين لن يكونوا سوى بعض الثواني وبعدها تهرب منه...يشعر أنه بين شقى الرحى، لايعرف كيف يتصرف مع مشاعره ولا اندفاعه تجاهها كلما التقى بها فهو لايعرف نفسه المتهورة بوجودها...يريدها حد الهوس والألم الذي لا يتركه يغفي وأن غفى يراها بأحلامه، والسؤال الذي يطرح نفسه...متي عشقها بكل هذه القوة؟

أنه حتى لايزال لايصدق أنه يعشقها، ولكن إن لم يكن هذا عشقًا فما هو العشق!..

حسنا بدر أبشر ستفقدك ابنة الرازي  عقلك قريبًا كما أفقدتك قلبك، لابد أن يهرب سريعًا...ولكن على ما يبدو أن جده لن يسمح له بالذهاب الآن، حسنًا لينتهز الفرصة ويشبع عيناه برؤيتها فهو أكيد أن جده لن يتقبل رفضها أو عدم تواجدها على مائدة الطعام كما كانت تفعل معظم الأوقات خلال اليومين الماضيين...وبالرغم من استعجاله إلا أن فكرة جده تروقه جدًا حقًا، ويتمنى أن لا يرتكب أي فعل فاضح أمام العائلة وينقض عليها يلتهمها بديلًا عن الطعام..


ابتسم للفكرة التي ارتفعت ضربات قلبه على تخيلها بقوة، لكن سرعان ما ‏لملم شتات نفسه وصرخ ينادي بلهفه..

"أمي الافطار"  ‏

"ياإلهي لماذا تصرخ هكذا...هيا لتأكل كي لا تفضحنا" 

قالتها غدير وهي قادمة نحوهم بكل بهائها ودلالها الفطري ...تقدمت منهم وألقت تحية الصباح عليهم واقتربت تقبل جدها على كفه المتكئ على عصاه ليربت باليد الأخرى على رأسها...تحركت بإتجاه عمها عبدالرحمن وقبلته على احدى وجنتيه ليهديها على وجنتيها قبلاته لتبتسم براحة من هذا الشعور الرائع، لقد تمكنت من محو النظرة المنفرة من عين عمها وجدها وهذا الشعور رائع بالنسبه لها...ابتسمت ونظرت لأبيها وألقت له قبلة على الهواء وهتفت 

"هيا الافطار جاهز...لقد أرسلتني عمتي لأناديكم" 

انتفض بدر سريعًا كي ينهى تلك المعضلة ويتمكن من الهرب بعدها بأقل الخسائر والفضائح أيضًا، فبات لايعرف نفسه بوجودها فهو يتحول لأحمق كبير لا يملك عقلا من الأساس...لكن قطع أفكاره وتحركه صوت غدير وهي تناديه بلهفة

"بدر...أنتظر من فضلك" 

جمد بدر مكانه فور سماعه حديثها لينظر لها بتساؤل تجاهلته وهي تنظر لجدها وأبيها وعمها الذي يرتسم التساؤل على وجوههم...فالوضع بات حساسًا جدًا تجاههم ولكنها ستنهي هذه الحساسية إلى الأبد...

ضحكت وهي تنظر لهم وقالت بهدوء و بنبرة صادقه تتغلف بالمرح 

"ماذا بكم....لِما تنظرون هكذا...مالمشكلة أن تحدثت مع ابن عمي، بل أخي الأكبر في أمرًا ما، أليس كذلك أخي" 

أومأ لها بدر بإبتسامة صادقه و رد بنبرة مازحة 

"طبعا يا أختي المغروره" 

غمغمت بغيظ على لقب المغرورة الذي إلتصق بها ولا مفر منه، نظر لها بتساؤل وضيق عينه واقترب برأسه وقال 

"بماذا تغمغمين"

‏ابتسمت بغيظ وهتفت 

 ‏"لا شئ" 


ابتسم الجميع عليهم  قبل أن يسند عبد الرحمن أبيه ويتبعهم عزت تاركين لهم المجال للحديث...

نظر لها بدر بهدوء وهو يحثها على الحديث بيده وإيماءة من رأسه ففضوله زاد لمعرفة ماذا تريد غدير منه، ويتمنى أنها لاتقول شئ يزيد من حساسية الوضع بينهما... فهو حقًا سامحها على فعلتها التي لولاها ماكان أدرك حقيقة مشاعره تجاهها و حقيقة عشقه لوتين...وحقًا بدأ يشعر بالخوف من حديث غدير القادم ويدعوا الله ألا يكون شئ يزيد العوائق بينه وبين وتين...

تنحنحت غدير للفت انتباهه وعندما استحوذت على انتباهه الكامل تحدثت بنبرة مرتبكة بعض الشئ

"بدر أكرر اعتذاري على مافعلت وما آلت له الأمور في البيت " 

أومأ بهدوء ووضع يديه بجيبه و رد بنبرة عادية وصادقة 

"انتهينا غدير أنا حقًا لست حاقد عليكِ....وحقِا سامحتك من كل قلبي....ويشهد الله أنكِ أصبحتي أختًا لي والتي سأسلمها لعريسها يومًا ما " 

اتسعت ابتسامتها من كلامه فقد كانت خائفة أن يكون يحمل لها مشاعر خاصة، بالرغم من تيقنها من أنه لم يحبها سابقًا...لكنها تريد أن تتأكد وتسمعها منه،فهي لاتريد لشئ أن يفرق بينها وبين وتين، وتين التي ستفعل المستحيل من أجل أن تراها سعيدة ومرتاحة حتى لو وصل بها الحال تخطط لجمع هذا الثنائي..

 ‏أومأت ورفعت يدها تحك بها رأسها من فوق حجابها المهمل كالعادة عندما يكون هو بالمنزل كأنها لا تطيق صبرًا كي يذهب للعمل كي تتخلص من حجابها..  

"أرحتني كثيرًا ياابن العم....فقد كُنت خائفة أن تكون تحمل مشاعر ل.." 

أشار لها يقاطعها من تكملة كلامها قبل أن يتكلم بحزم كي ينهي هذا الحديث وللأبد...

"غدير أريدك أن تفهمي أن سبب زواجي منك كان تقليدي بحت بعيدًا عن مشاعر الحب والعشق....كان اختياري لكِ 

 ‏من منظور أنكِ ابنه عمي وستكوني زوجة جيدة لأني أعلم كيف كبرتي وتربيتي....كان اختيار عقليًا بحت بعيدًا عن المشاعر...ولاني كنت أتخذ أن الحب يأتي بعد الزواج قاعدة ومبدأ لي... أو أن صح القول فهو يأتي بالعشره لأنني كنت أهرب من تعقيدات الحب...ولا أنكر أني أعجبت بشخصيتك التي كنتي تظهريها أمامي...قبل أن أدرك أنها مفتعلة يامغرورة" 


تغاضت عن كلمة مغرورة ولا تنكر راحتها من حديثه...وأنها ستكون خارج علاقته بوتين ولن تتعقد علاقتهم إلى مثلث حب بائس، فهي حقًا سعيدة الآن..

زفرت براحة واقتربت منه تمد يدها لتصافحه وقالت 

"إذن طريقة تفكيرنا كانت واحدة عزيزي ونشكر القدر الذي أنقذنا من هكذا زواج....مؤكد ستكون نهايته دمار...وأنا حقًا سعيدة الآن بأخوتنا أخي العزيز" 

ربت على رأسها بحنان يتميز به جميع أفراد العائلة نحو بعضهم البعض وقال 

"وأنا أيضًا سعيد بكِ أُختي العزيزة....حسنًا يامغرورة دعينا ندخل لأني جائع جدًا" 

أومأت بسعادة وركضت أمامه بشقاوة وهي تصيح 

"سأسبقك" 

 ‏هز رأسه بقلة حيلة على هذه المشاكسة والطفلة التي كانت ومازالت تعشق أن تسبق الجميع بكل شئ واي شئ حتى لو كان تافهًا...

"لن تكبر أبدًا" 

 ‏********


 ‏تواجد الجميع على مائدة الطعام بألفه ومحبة، إلا من بعض النظرات المسروقة من بدر نحو وتين التي ترسم اللامبالاة على وجهها بإحتراف ومع ذلك تسرق بعض النظرات له كلما تحدث مع أحد ...

فهي حاولت طوال اليومين الماضيين أن تتلاشى مقابلته

قدر الإمكان بعد كل ما حدث وانفصالها المرير عنه الذي طعنها بقلبها وأضعفها كثيرًا... تعلم نفسها الضعيفه تجاهه لذلك كانت تتهرب من اللقاء به حتى يسافر أو تسافر هي بأقل الخسائر في كرامتها المذبوحة من الأساس..

كلما تذكرت تقبيلها وإندفاعها تجاهه بكل هذه الوقاحة...بل ووقوفها أمامه بهذا الثوب التي لا تعرف له شكل ولم تراه الا بعد أن استيقظت من نومها... كيف فعلت كل هذا ؟

 و لِما تشعر دومًا بوجوده بإنفصال عقلها عنها وتولي مشاعرها القيادة...

 لا تخجل منه ودائمًا تائهة بحضرته وتفقد سيطرتها على نفسها، لهذا عليها الاسراع بتنفيذ قرارها والتحدث مع جدها حيال الأمر، تعلم أنه لن يرفض سفرها إلى جدتها، فهو موقن أنه من حقها الذهاب لهم دومًا لرؤيتهم وقضاء بعض الوقت معهم، يكفي أنها لم تعيش معهم وتذهب زيارة قصيرة كل حين تحِزن بها جدتها عند مغادرتها دومًا بسبب إلحاح جدها وتعجلها في الرجوع...جدتها الحبيبة التي اشتاقت لها حد الجنون، لا تنكر أنها كانت دومًا ترغب بالبقاء طويلًا لكنها كانت تخاف من حزن جدها وعمتها وأعمامها...بالرغم من معرفتها بظلمها لجدتها وخالتها بعدم اعطائهم حقهم بوجودها بحياتهم إلا أن ليس بيدها شئ، فهي منقسمة بين وطنين وعائلتين تعشقهم كثيرًا مثل بعضهم حتى لو كانت تميل بالبقاء بوطن أبيها..

 ‏"حفيداتي الغاليات"

نظروا لجدهم و ردوا سويًا بنفس اللحظة

مما جعل الجميع يبتسم عليهم حتى في الرد على جدهم يتسابقن من سترد الأول كما كان يفعلن دومًا بصغرهم ويبدو أنهم لن يكبروا أبدًا...

‏ابتسم الجد بهدوء وقال 


"مارأيكم أن تداوموا بالشركة لتتعلموا كل شئ عن العمل...وتستغلوا  العطلة الحالية وخلال الدراسة تحاولان التوفيق بينهم...فأنا أريدكم أن تعرفوا كل شئ عن أعمال عائلتكم التي ستكون أعمالكم بيوم ما...وأيضًا تجربة العمل ستكون مفيدة لدراستكم أليس كذلك"

صفقت غدير بفرحة وابتسمت لجدها ونظرت لأبيها المبتسم يحثها على القبول بإماءة من رأسه وغمزة مازحة

لتضحك على أثرها وتلتفت لجدها تهتف 

"ياإلهي بالطبع أنا موافقة وسعيدة جدًا بهذا....ولكن هذا سيجعل وتين تساعدني في دراستي بعض الشئ"

ضحكت مع ختام جملتها وغمزت بإحدى عينيها لوتين الصامتة التي لم تبدي رد فعل، فها هي مضطرة للحديث أمام العائلة كلها الآن واخبار جدها بقرارها...

"وتين لم أسمع رأيك" 

فاقت من شرودها على صوت جدها الذي يحثها على الحديث فحولت نظرها بين أفراد العائلة تراهم يناظروها بترقب من جوابها وكان أكثرهم بدر الذي لم يخفي لهفته من الأمر...هل يا ترى لِما اللهفة المرسومة على ملامحه ...

سمعت جدها ينادي مرة أخرى، نفضت أفكارها التي تدور وتدور وترجع لفلك القابع مقابلها الآن وينظر لها بترقب...

التفتت لجدها وأجلت صوتها وتحدثت..

"أسفه جدي شردت بعض الشيء" 

اومأ عامر وكرر سؤاله بهدوء 

"ما رأيك" 

ابتسمت بإرتباك واضح وحاولت تصنع المرح في ردها..

"حسنًا فكرة جيدة....ولكن أفضل تنفيذها بعد عودتي" 

"عودتك من أين! " 

 ‏قالها بدر بدون تفكير وتسرع ليبادر جده بسؤالها نفس السؤال ..

تجاهلت بدر ونظرت لجدها و ردت بهدوء

"سأسافر جدي....ألم أخبرك أني سأسافر قبل الزفاف وأجلت السفر بسبب الأحداث الأخيرة " 

"إلى أين " 

قالها بدر  بغيظ من تجاهلها له، التفتت تنظر له ببرود وقالت بنبرة جليدية

"إلى وطني الثاني...وعائلتي الثانية... إلى بيروت" 

 ‏نظر لها بصدمة وسرعان ما تحول إلى غيظ وهو يسمع أمه تتحدث بهدوء وهي تنظر له 

"وتين منذ سنوات  تذهب لوحدها  مرتين بالعام تقضي مع عائلتها بعض الأيام وتعود" 


والتفتت تنظر لوتين وسألتها 

"كم يوم ستمكثين هذه المرة يا واتي" 

نظرت وتين بإرتباك وحاولت رسم ابتسامة على وجهها ولكنها فشلت لتخفض بصرها بإتجاه فنجانها الذي يتصاعد منه الدخان وقالت بهدوء 

"عطلة مفتوحة "  ‏

"ماذاااااااااا "

قالها الجميع بنفس اللحظه ليبادر عامر سريعًا ويتكلم بنبرة حازمة 

"ماذا تقصدين وتين" 

رفعت أنظارها لجدها وحاولت تجاهل صدمة الجميع وردت بنبرة ثابتة 

"عطلتي ستكون مفتوحة جدي... فعائلتي الأخرى بحاجة لي وأنا أيضًا أشتاق للمكوث معهم أطول فترة ممكنة" 

"ماذا تقصدين؟...

أتعنين أنك لن تعودين مجددًا...هل تودي الانفصال عنا وتركنا ياابنة اخي؟" 

جاهدت لتنطق بعض الكلمات،  تشعر أن الكلام هرب منها، لم تكن تعلم أن الموقف سيكون بهذه الصعوبة حاولت تجاهل الوجوه المصدومة، وجدها الصامت ونظرة الغموض التي تحتل عيناه...

ياإلهي ماأصعب صمتك المربك هذا ياجدي، عاودت النظر لعمها و ردت بنبرة هادئة وأن كانت حازمة بعض الشئ..

"مالذي تقوله ياعمي...أنا اخترت أن أعيش معكم وأحرم جدتي وخالتي مني...حتى زياراتي تكاد تكون معدومة...بضعة أيام خلال العام...وبالرغم من معرفتي بتقصيري معهم إلا أني اخترت أن أكون  معكم وتركتهم....ولا تنسى أن لهم نفس الحقوق مثلكم تمامًا"

"لا تراوغي وتين...معنى كلامك أنك ذاهبة إلى الأبد" 


قالها عبد الرحمن بصدمة من فكرة رحيلها بعيد عنهم بعد هذه السنوات، كيف تتركهم بحق الله...وكيف سيتحمل غياب صغيرته وذكرى أخيه الطيبة، لا لا لن يسمح لها أبدًا...

أحنت رأسها ولم تجاوب عمها...ليعم الصمت على المكان قبل أن ينتفض بدر بغضب  منها يكاد يحرقه كيف تفكر بالرحيل وتركه بعد أن سرقة قلبه منه...فهو لم يتحمل الفكرة نفسها فكيف إذا قامت بتنفيذها، أبدًا... سيكون ملعونا أن تركها تذهب وتتركه يموت بعدها من شوقه لها...طرق على المائدة بغضب وتحدث بصوت غاضب حازم 

"أنتِ لن تذهبي الى أي مكان...وأنا لن أسمح لك بالسفر" 

انتفضت تقف بعصبية هي الأخرى تواجهه و ردت بغضب يوازي غضبه 

"ومن تكون لتسمح أو لا...أنا لست بحاجة لرأيك يا هذا " 

تحرك بسرعة عاصفة ليواجهها مباشرة واقترب منها وبصوت صارخ 

"أنتي زوجتي....وممنوع أن تذهبي الى أي مكان  دون إذني"

ترقب الجميع ردود أفعال الثنائي المشتعل بصمت بالغ ، ينتظرون ماذا سيحدث وقرار من سينفذ، فهم يعلموا أن أبنائهم كبروا ولن يتدخلوا بأمورهم الخاصة وكالعادة يتركوهم  يديروا حياتهم بنفسهم ولم يتدخلوا إلا إذا لزم الأمر وكانوا بحاجة لنصيحة أو مساعدة، وقتها يتكاتفوا ويساعدوا صغارهم ويقوموا بحمايتهم بكل قوة وحب...

‏ ‏ضحكت بسخرية عالية لم تخفي غضبها ورفعت سباباتها  تأشر عليه .

"كنت ياابن العم.....انت الآن إبن عمي العزيز وأخي الأكبر  وعلاقتنا لن تتعدى الأخوه بعد ذلك"

صرخ بعصبية عاصفه وغضب أعمى من كلماتها التي أصابت قلبه بسهم مسموم جعلته يئن...عن أي أخوه تتحدث هذه الحمقاء الغبيه،

لم يتحكم بأعصابه ومن دون تفكير وبتسرع بالغ أجابها 

"عن أي أخوه تتحدثين عزيزتي...وهل يتشارك الأخوه الفراش والعلاقة الحميمية" 


تعالت الشهقات بصدمة وذهول توازي شهقتها المصدومة كيف يتحدث ويصرح بهذا الأمر أمام الجميع..

"بدر " 

قالها عبد الرحمن بصراخ ينبهه ولكنه لم يلتفت له، بل كان تركيزه منصب عليها التي انصدمت من حديثه المخجل الذي لا يعلم كيف خرج منه هكذا أمام الجميع...

لفت انتباهه ركضها تخرج من المكان بعد أن تحول وجهها للون الأحمر من شدة الغضب أو الخجل لا يعلم، كل مايعلمه أنها على وشك الانفجار واحراقه حيًا ونثر رماده..

لحق بها عند بداية الدرج الداخلي للمنزل...أمسك رسغها ليديرها له ولكنه سرعان ماجفل من صراخها العالي له 

"لاتلمسني" 

قالتها بصراخ حاد، لم تكترث لشئ بعد ما قاله وصرح عنه لقد أخجلها ووضعها بموقف محرج للغاية أمام العائلة ..

"اهدئي" 

قالها بصوت عالي بعد أن ترك ذراعها وهو يراها غاضبة هكذا، لم يسبق وشاهدها بهذا الغضب العاصف من قبل..فقرر تركها لتهدأ والرحيل من أمامها حتى لا تقتله وتعمل حفل شواء على جثته..


استدار ليذهب لكنه سرعان ما تذكر أمر سفرها هذا ليلتفت سريعًا وتحدث ببرود أغاظها منه كثيرًا 

"أااه بالمناسبة أنتي لن تسافري.

..لانكِ قانونًا مازلت زوجتي وشرعًا في فترة العدة، ويمكنني ارجاعك لعصمتي بكلمة....وأيضًا يمكنني منعك من السفر بسهولة....لذلك أنتي سوف تنتظرين عودتي من سفري لأفكر بعدها بأمر زيارتك القصيرة...بل القصيرة جدًا لجدتك عزيزتي...سلام حلوتي" 

أشار لها بيده يودعها ببرود قاتل بعد أن ألقى حديثه دفعة واحدة بوجهها الذي شحب بعد احمراره من هول الصدمة من حديثه، كيف يتكلم معها بهذه الطريقة؟...بل كيف يتعامل معها كأنها جارية ستركع تحت قدمه وتقدم له فروض الولاء والطاعة، تقسم أنها سترد له الصاع صاعين..أن كان يظن أنه سيحاصرها بتملكه من دون رد فعل لها، حقًا سيكون ارتكب خطأ فادحًا، أنا من أحببت ضعفي تجاهك، وجعلتك تتمكن مني بمباركتي التامة وأعلنت خضوعي برغبتي وليس اجبار منك...لذلك لن تجبرني الآن على فعل ما لا أريد، وتتعامل معي كأني حق مكتسب لك بعد أن قطعت طرق تواصلنا إلى الأبد  

حسنا ياحبيب العمر لنرى من سيربح أخيرًا.


رواية استوطننى عشقك الفصل التاسع 9 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

 

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات