رواية استوطننى عشقك الفصل التاسع 9 بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك البارت التاسع 9
رواية استوطننى عشقك الجزء التاسع 9
رواية استوطننى عشقك الحلقة التاسعة 9
رواية استوطننى عشقك بقلم شيرى الجرف
رواية استوطننى عشقك |
رواية استوطننى عشقك الفصل التاسع 9
الفصل التاسع
أطل برأسه من فتحة الباب ينظر بإندهاش إلى ذلك الجالس أمامه والذي على مايبدو شاردًا في عالم آخر...
لقد طرق الباب كثيرًا ولكنه لم يستجيب، ليخمن أنه ليس بمكتبه وعلى الأغلب عند أحد المدراء ليقرر انتظاره بمكتبه حتى يعود ويراه، لقد اشتاق إلى هذا الأحمق الذي أجبره يومًا ما على تقبل صداقته بعد قراره بقطع كل الروابط مع الجميع، ويبقيه مجرد قريب له وليس صديقه المقرب وابن خالته... لذلك بمجرد أن أخذ عطلة قصيرة جاء ليفاجئه ويراه وبالأخص أنه لم يتمكن من مهاتفته بسبب سوء التغطية بمحل عمله الذي يشكر الله أنه انتقل منه مؤخرًا...
صحيح أنه سيكون خارج المدينة، لكنه سيكون أرحم من المكان النائي الذي انتقل فيه بسبب قرار ظالم وعقاب مجحف في حقه، بعد أن تدمر عالمه وخسر أقرب الأشخاص على قلبه...
اقترب بهدوء نحو الغارق بأفكاره ولم ينتبه له بعد، وقف خلفه وانحنى ببطئ وتحدث بصوت هامس خبيث..
"لهذه الدرجة تعشقها "
لم يكن بوعيه وغارق بأفكاره التي محورها أميرة مغرورة وجميلة سرقت قلبه منذ أعوام...
بل أفسدته وتركته لا يصلح لغيرها من النساء، أي نساء فهي في عينيه كل النساء..
وصله صوت هامس لم يميز أهو من عقله أم من أحد ولكن قبل أن يحدد كان تحرك لسانه لينطق بدون وعي
"أعشقها بجنون"
رفع حاجبيه وكتم ابتسامة ملحة ومع ذلك استمر بلعبته وهمس مرة أخرى
"ومالذي يمنعك عنها"
ليرد بشرود ولم يفطن للعبة القابع خلفه بعد...
"بيني وبين أميرة عائله الرازي أسوار عاليه"
ذهول وصدمة جعلته لم يتحكم بنبرة صوته المذهولة وهتف
"من منهم ؟ الفاتنه أم الأشد فتنه"
جفل طارق واستدار ينظر إلى الواقف خلفه يرتسم العبث على محياه ليسأله بإندهاش..
"يوسف! متي أتيت "
ليتبع كلامه ويقف يضم ابن خالته ويسلم عليه بإشتياق بالغ ليربت الأخير على ظهره وتحدث بهدوء
"ماذا تقصد بأتيت....تقصد هنا أم من العمل"
ليرد طارق بهدوء وهو يتحرك ليترك مقعد المكتب ويجلس على إحدى المقاعد المواجهة له
"أقصد من العمل"
تحرك ليجلس بالكرسي المقابل له و رد بإبتسامتة المعهودة
"البارحة"
ليكمل بعدها بعبث وشقاوة وهو يسند بذراعه على المكتب
"إذن أنت عاشق لإحدى الأميرتين...والسؤال الأهم هنا...من منهم ياابن خالتي الغالية"
حسنا يبدو أنه جن تمامًا وسلم ليوسف بيده شئ يستفزه به، أم أن ذلك الأحمق لعب عليه إحدى ألعاب الشرطة التي يتقنها وجعله ينطق بدون وعي، أم هو الذي كان شاردًا ولم ينتبه لمن يحدثه ليتخيله عقله الباطن..
زفر بحنق من أفعال ابن خالته وقال بصراحة و قلة صبر بعد أن تيقن أنه لن يفلت من يوسف بسهوله..
"غدير"
زفر براحة ورسم ابتسامة مرحه على شفتيه وإتكئ على المكتب ورد بشقاوة
"لقد أرحتني يارجل...إذن الفاتنه الأخرى لي"
ضغط طارق على أسنانه بغيظ من مزاح يوسف، يعلم أنه يمزح بل متيقن من ذلك كما هو واثق أن يوسف لن يعشق سواها تلك الغائبة الحاضرة دائمًا في قلبه، حبيبته التي حُرم منها وكله من صنع يداه، لكن بالرغم من هذا رد عليه بنبرة حانقة يوبخه..
"يوسف كفى مزاح...وتين أصبحت زوجة بدر...ولا يصح مزاحك هذا"
ذهل بشدة من هذا الخبر ونظر بشك لطارق وسأله بعدم تصديق
"ماذا...متى هذا الأمر...ولِما لم تدعوني يا أوغاد...حقًا لا أصدق"
تحدث طارق بهدوء وهو يحك ذقنه برفق..
"منذ أكثر من شهر وهاتفك كان دائمًا مغلق بسبب ذلك المكان الذي تعمل به....فلم أتمكن من الوصول لك أبدًا "
أومأ بتفهم ولكنه عاد لعبثه سريعًا ومثل الحزن على وجهه وقال وهو يرفع يده يضعها على قلبه..
"لقد كسرت قلبي يارجل....الفاتنة سرقت مني لا أصدق "
زمجر طارق بغيظ وضغط على أسنانه وناداه بحنق
"يوسف كفى"
ضحك يوسف ورفع كفيه علامة بإستسلام وقال بمهادنة
"حسنا سأصمت"
غير الموضوع وسأله بهدوء بعد أن رفع الهاتف يطلب لهم القهوة..
"كم ستمكث هذه المرة "
مط شفتيه ببرود ظاهري ومد يده يمسك سكين فتح الأظرف يقلبه بين يديه وقال بغصة لم يتمكن من مدارتها
"يومين...وبعدها سأذهب لأستلم عملي الجديد في في مطار****"
زفر طارق بغضب وتحدث بعصبية..
"المطار! ...أنه حتى ليس مطار العاصمة الرئيسي....إلي متى سيستمروا بمعاقبتك وجعلك تعمل بكل بلد نائي بالبلاد أنهم حتى لايملكون دليل على تورطك في مسألة هروبه....والآن يقوموا بنقلك للمطار"
ابتسم بتهكم وبنبرة مريرة تملكه كلما تذكر الأمر، أو بالأحرى لم ينساه، فكيف ينسى المرء بداية تدمير حياته..
"استندوا على علاقة الصداقة التي كانت تربطنا...وكذلك تقصيري بمهام عملي من وجهة نظرهم...لقد قالوها بدون مواربة..
(صديقك ولا تعلم أنه يتاجر بالمخدرات....وقسمك كان هو المسؤل عن إلقاء القبض عليه....فكيف هرب ؟)
أتهموني أنني ساعدته ولو أنهم كانوا يملكون دليل على إدعائم لكنت الآن تارك العمل...أو الأصح، داخل السجن "
ليكمل بصوت يقطر حزن وعيناه تنظر بشرود في شرفة المكتب..
"كأنه لا يكفيه طعنة قلبي من غدره بي...فدمر حياتي و مستقبلي المهني وزينه بنقطة سوداء لن تنمحي بسهولة "
إنتظر طارق الساعي يضع القهوة، مد يده وأخذ كوب وأعطاه ليوسف وهو يحاول يبتلع غصة تخنقه على وضع ابن خالته وصديقه الغالي الذي تمت خيانته وغدر به بأبشع الطرق
من صديق دربه...صديقه الذي كان يعتبره أكثر من أخ وكان مستعد للموت من أجله...
أجلى حنجرته وغير الحوار حتى لايحزن يوسف أكثر فيكفيه ما مضى من أحزان وابتعاد عن الجميع..
"إذن أنت لم تجد وقت لعطلتك سوى اليوم...لن أتمكن من قضاء الوقت معك يا رجل"
نظر له بإستفهام ليكمل طارق
"أنا وبدر سنسافر فجرًا لإتمام صفقة مهمة...وسأمكث أسبوع على الأكثر"
رفع كوب القهوة لكي يرتشف منه قبل أن يتحدث بهدوء
"لا تقلق لن تشتاق لي كثيرًا سأحاول التواجد كل يومين....فالميزة الوحيدة بالأمر، أن المطار قريب من مدينتنا ويمكنني التواجد دومًا هنا "
أتبع كلامه ووقف كي ينصرف قبل أن يقول بتعجل
"حسنا سأذهب الآن وأبلغ لبدر سلامي ومباركاتي للزواج "
أومأ طارق بهدوء وقبل أن يرد أتاه صوت بدر
"ها هو بدر بارك له بنفسك"
قالها بدر وهو يدخل المكتب...تقدم من يوسف وعانقه بود وألفه وتحدث بهدوء وهو يبتعد عنه
"كيف حالك يوسف...اشتقت لك يارجل..لم أراك منذ سنوات "
"بخير...وأنت كيف حالك...وكيف الزواج معك...مبارك لك يارجل لقد أسعدني الخبر"
قالها يوسف ليبتسم بدر ابتسامة صغيرة وهو يرد عليه بإقتضاب فهو بالرغم من قرب يوسف منه بحكم قرابته وصداقته لطارق والتي مع الوقت أصبح صديقًا له أيضًا وكان يتقابلوا أحيانًا كثيرة قبل سفره وأيضًا يتحدثوا على وسائل التواصل هم الثلاثة من وقت لآخر، وبالرغم من ابتعاد يوسف عنهم بعد محنته الأخيرة إلا أنا طارق أجبره على التواصل معهم مجددًا،رغم ذلك فهو مازل متحفظ معهم ولم يعود لسابق عهده..
ومع ذلك لا يريد أن يعلم أحدا عن مشاكله الخاصة...إلا طارق فهو نصفه الأخر الذي يكشف روحه أمامه بدون خجل..
"كل شئ بخير"
لاحظ يوسف رد بدر المقتضب فلم يريد أن يضغط عليه أكثر وكذلك لا يرغب في التعمق بمشاعره معهم ومشاركتهم أحزانهم، فيفضل أن تكون علاقتهم سطحية عكس ما كانت عليه بالماضي، لا يريد التورط بمشاعره مع أحد، لا صداقة ولا عشق ولا أي شئ...
نظر إلى ساعته فهو على عجلة من أمره لذا سيرحل سريعًا أفضل له وللجميع...تنهد ومد يده يصافحه ويصافح طارق وهو يتحدث قبل رحيله...
"حسنًا شباب أنا سعيد لأنني رأيتكم اليوم....سنلتقي في عطلتي القادمه بإذن الله...إلى اللقاء"
أتبع كلامه برحيله وهو يشير لهم ليتركهم مكانهم صامتين ومع ذلك نظراتهم تشيعانه بأسف بالغ على حاله وعذابه الذي لا ينتهي...
نظر طارق لبدر المهموم كالعادة ولكن اليوم به شئ إضافي..
زفر بحنق على وضع صديقه وتعقيدات حياته، و وقوعه في دوامه العشق المرير، ليسأله بدون مواربة
"ماذا حدث....هل من جديد"
وقبل أن يتحدث بدر دخل عزت يحمل ملف بين يديه وهو يلقي السلام ويتحدث بسرعة موجهًا حديثه لطارق
"طارق، ها هو ملف صديقة غدير التي ستعمل معك مساعدة....وكما اتفقنا لن تضغط عليها بالعمل في أوقات الدراسة حتى تستطيع العمل ومساعدة نفسها"
زفر طارق بحنق وتحدث بقلة صبر
"يا عماه انا لا أريد مساعدة شخصية بحق الله....أعطها لبدر"
أعطاه الملف بقلة صبر وتحدث وهو يستدير ليرحل
"بدر ليس محتاج مساعدة شخصية هو محتاج من يعلمه طبيعة عملنا....واستعد حتى تساعد غدير أيضًا وتعلمها كل شئ عن أصول العمل.... سوف تعمل معنا"
هل توقف قلبه للتو ورجع ينبض بسرعة كأنه سيقفز من مكانه أم ماذا، هل ماسمعه حقيقي أم يتوهم؟..هل حقًا معذبته سوف تعمل معه وتكون أمام عيناه طوال اليوم؟
هل سيشبع عيناه وقلبه من رؤيتها...وضع كفه على قلبه عله يهدأ ذلك الأحمق الذي أقام الإحتفالات بداخله الآن...
انتبه على لكزة بدر له وهو ينظر لكفه على صدره تارة ولوجه تارة وسأله بإندهاش
"هل أنت بخير"
تنحنح وأنزل كفه وحاول يبعد التفكير في معذبته قليلًا و رد عليه بإرتباك
"نعم....لا عليك...أخبرني ماذا بك"
تنهد بدر بضيق وقال له وهو يتحرك ليخرج من مكتبه بسرعة
"حسنا...تعال معي لمكتبي....فمكتبك أشبه بسوق"
********
وقفت تنظر إلى المكان الذي قامت بتجهيزه لعمل ( Girls Nights )
من أجل وتين ومن أجل جميع النساء علهم يستمتعوا قليلًا ويفصلوا بعد كل ما مر عليهم من أحداث محزنة ومرهقة نفسيًا، وعندما وجدت أبيها وعمها خرجا للذهاب إلى زفاف أحد معارفهم وجدهم ذهب غرفته ليرتاح، وبدر سوف يتأخر في عمله، بينما وتين تحبس نفسها في شقتها بالدور العلوي طوال النهار بعد ما قاله الأحمق بدر صباحًا، لقد قررت وأبلغت أمها وعمتها وزوجة عمها واتفقا على تحضير متطلبات الليلة من مقبلات ومشروبات وبعض الوجبات السريعة ولم تنسى الموسيقى حتى تزيد جرعة الحماس...لقد اهتمت بتحضير المكان واختارت غرفة بعيدة حتى لا يضايق الصوت جدها...لم يكن يتبقى شئ سوى أن تقنع وتين بالحضور وعدم التنصل من الأمر بسبب حالتها النفسية...
لكنها لن تيأس فعندما شاهدتها تدخل غرفة جدها بعد أن طلب رؤيتها في أمرًا ما ستسألها عنه فيما بعد أكيد...
أخبرتها قبل الدخول لجدها وأخذت منها وعد بالحضور الليلة، وها هي انتهت من التحضير وجلست تنتظر وتين...وتين التي لم تكسر بخاطرها عندما ذهبت لها في اليوم التالي من طلاقها لتواسيها وتنهي معها أي رواسب قد تؤثر على علاقتهم القادمة...
F. b
نظرت لها بأسف وهي واقفة على باب شقتها لتستدير وتين وتدخل بصمت قبل أن تشير لها بالدخول، لحقت بها لتجدها جالسة على أريكة الصالون الموجود بصالة شقتها بهدوء هي أكثر الناس معرفة بأنه ظاهري فقط...
جلست بجوارها وتنحنحت كي تجلب اهتمامها وعندما فشلت تحدثت بنبرة تقطر أسفًا وعيون ترقرقت بها الدموع..
"وتين أنا أسفة....كل مايحدث معك بسببي ...أنا حقًا أسفة"
لم تنظر لها وبقيت شاردة حتى ظنت غدير أنها لن ترد عليها فنادتها بخفوت يحمل من الرجاء الكثير..
لترد عليها بجمود وهي مازالت تنظر أمامها بشرود
"حقا بالرغم من كل ماحدث...لكني لست غاضبة منك أو حاقدة عليكِ غدير....اطمئني"
نعم كانت غاضبة منها يوم الزفاف وماآلت إليها الأمور فيما بعد، إلا أنها ممتنة لها كثيرًا لأنها كانت في يوم ما زوجة بدر حبيب عمرها، بل و عاشت معه ذكريات كثيرة ستكون أنيستها وداعمة لها بأيامها الموحشة القادمة،
لاحظت صمتها وشرودها مرة أخرى ولكنها لن تصمت لابد أن تقول ما لم تتمكن من قوله أمام العائلة حتى ينتهي هذا الأمر للأبد لذا نظرت لها وبثقة تطل من عيونها تحدثت
"أقسم لم ولن أمتلك له أي مشاعر خاصة....أقسم أنه كان بالنسبه لي جواز سفر وفرصة للتحرر والتحليق بعيدًا....أعلم أنه عذر أقبح من ذنب لكن هذا ما هداني له عقلي الصغير....وفور أن استيقظت من هذا الغباء تراجعت تمامًا...أقسم لم يكن يعني لي شئ سوى ما أخبرتك به الآن...لكنني حقًا أريده في حياتي بشدة... أريده أخًا"
لم تلتفت ولم تبدي أي رد فعل على كلام غدير سوى بكلمة واحده خرجت بنبرة خافته
"أعلم "
تذمرت من جلستها الشاردة و ردها المختصر فتحدثت بتذمر..
"كما أظن، بل متأكدة أنه لم يحبني...لقد قال لي أنه لا يريد الحب وتعقيداته وزواجنا سيكون زواج تقليدي وعقليًا بحت....أقسم هذا ماحدث وتين...صدقيني"
تصدقها لقد قال لها نفس الكلام نعم ولكن معنى هذا أنه لو كان طلب الإستمرار بالزواج منها كانت ستكون زوجة مكان أخرى بعيدًا عن العشق وتعقيداته كما يرغب هو....فقط زوجه يحترمها ويقدرها وانتهى الأمر، ياالسخرية هو لايريد تعقيدات العشق، وهي تكاد تموت من عشقه الذي كبر وأصبح يؤذيها بدلًا من أن يكون عونًا لها وسبب للتمسك بالحياة...هو لايريد العشق وهي لاتريد غيره، ماهذا التناقض في شخصياتهم ومشاعرهم...
الآن أصبحت أعلم أنه لا يعشقك غدير ولكن للأسف ستبقي بيني وبينه دائمًا، فدائما سأتذكر أنه حين اختار وقع اختياره عليكِ أنتِ لا أنا..
استفاقت على صوت غدير الحانق تصيح وتهزها كي تنظر لها ولكنها لم تلتفت وبقيت جامدة، تنظر أمامها و ردت بخفوت معذب..
"لقد عانقتيه"
صدمت غدير من كلام وتين وعلمت مدى عمق جرحها المتقيح، تحركت سريعًا لتجثو أمام وتين وحاوطت وجنتيها وتحدثت بنبرة آسفة ودموعها تنهمر على وجنتيها..
"كنت حزينة ومكسورة...كنت منبوذة...شعرت أنني عارية في مهب الريح.. أرتجف ولا أملك ثياباً ولا مأوى...لم أشعر بنفسي كنت أريد الأمان من أفراد عائلتي...لذلك عندما اقترب بدر عناقته كي أستمد الدفئ منه....من أخي
أقسم أن مشاعري تجاهه وقتها كانت أخوية فقط...أقسم بحياة أمي وأبي أنني أقول الصدق وتين...ومع ذلك أنا آسفة على كل جرح سببته لك"
نظرت لها بشك جعل غدير تمد كفها وتربت على وجنتها وأكملت كلامها
" أقسم أنني أقول الصدق...ولو كان أي أحد غير بدر لفعلت نفس الشئ...صدقيني"
نظرت لها وتين والدموع تترقرق بعيونها وتحدثت بخفوت وضعف
"ألن تضميني...أنا أشعر بالبرد"
وفي لحظة كانت تسكن أحضان غدير لتنفجر وتين باكية وتتبعها غدير ببكاء حارق وهي تقسم أنها لن تحزنها بعد اليوم وستفعل كل مافي وسعها حتى تدخل السعادة إلى قلبها يكفيها ما أقترفته يداها بحقها وأنها سبب رئيسي بأوجاعها وأحزانها...
أفاقت غدير من شرودها على صوت خلفها يناديها بصوت عالي، استدارت لحُسنة التي تناديها وعلى ما يبدوا أنها استغرقت في شرودها الكثير من الوقت...
نظرت لها وتحدثت بهدوء
"هل تريدين شيئًا يا حسنة"
تقدمت منها ومدت يدها بحقيبة ورقية متوسطه الحجم وتحدثت
"نعم..هذه لك...لقد أحضرها غلام وقال أنها من أجل الآنسة غدير"
إندهشت غدير ومدت يدها تأخذ الحقيبة من حسنة التي انصرفت فورًا بعدها، فتحتها وهي مندهشة وتفكر من الذي أحضرها وماذا بداخلها ولما تخصها فلا يوجد أحد بحياتها يهديها شئ سوى عائلتها وصديقتها رولا...
أخرجت ما بداخلها لتتفاجئ بمحتوياتها التي ماكانت سوى سماعات هاتف بعلبة أنيقة مخصصة للسماعات...وعلبه من الشيكولاتة السويسريه الفاخرة والتي تعلم أنها باهظة الثمن وثلاثه من زهور اللافندر، ملتصق بهم بطاقة صغيرة بنفس لون الزهور..
فتحت البطاقة وهي على يقين مذهول أن من بعثهم طارق...نظرت للكلمات المرصوصة بشكل أنيق وقرأتها مرارًا و تكرارًا وقلبها يخفق بشدة ويديها ترجف ولاتعلم مايقصده بكلامه هذا ....قرأت كلماته بصوت هامس علها تفهم ماذا يقصد بها
"من أفسد شئ عليه اصلاحه...ها أنا أصلحت ماأفسدته....ليتك تصلحين ما أفسدتيه بي يا مغرورة"
ارتفعت دقات قلبها بصخب بسبب وقع كلماته الغامضة وهديته التي رغم بساطتها إلا أنها تشعر أنه أهداها قطعة من النجوم، لكن لماذا تشعر هكذا، ماذا يعني لها طارق وما سبب كلماته هذه، ماهذا الشئ الذي أفسدته هي به، حقًا لا تعلم، ولا تعلم أيضًا لِم قلبها تسارعت دقاته حد الألم هكذا...هل تعاني مرضا ما بقلبها، مايحدث ليس طبيعي أليس كذلك..
أخرجت هاتفها من جيب بنطالها لتبعث له رسالة مختصرة على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعى
"شكرا كثيرًا طارق....ولكن مالذي أفسدته أنا بك"
مع كل كلمه كتبتها له، وأيضًا كلماته التي مازالت عيناها تجتاحها بنهم بالغ الآن، تفعل بها شئ لا تفهمه كما وضعها دائمًا معه...دائمًا وجوده وأفعاله تربكها كثيرًا،
نظرت لصورته الموجودة على حسابه وتطلعت بها بنهم وعينان تلمع بمشاعر لم تعرفها ونبضاتها تتسارع وسؤال واحد يتردد داخل عقلها..
لماذا أشعر أنك تقتحم حياتي يا صاحب العينان المربكة.
*********
جلست بجواره بإنهزام وهتفت برجاء ضعيف تستجدي قبوله وعاطفته التي تعلم أنه يمتلكها تجاهها، لكن هذه المرة تريد رضاه حتى لا تفعلها بدون موافقته وتحزنه، أنه جدها الحبيب الذي لا تتحمل حزنه..
"جدي أرجوك...تفهم موقفي، أنت تعلم أني كنت سأسافر ولكن الأحداث الأخيرة منعتني...والآن أنا أريد هذا أكثر من أي وقت مضى...أحتاج هذا جدي ....أرجوك تفهم موقفي وأسمح لي بالمغادرة"
أنهت وتين كلامها وهي تمسك كف جدها الممدد بفراشه وتتوسله بعيناها ليتحدث جدها أخيرًا
"لما تريدين الهروب ياابنة ولدي"
ابتلعت ريقها بتوتر وأغمضت عيناها لبرهه تهرب من كشف روحها أمامه، زفرت أنفاسها وتحدثت بضعف وهي تفتح عيناها ببطئ
"أحتاج البُعد جدي....وجودي هنا يستنزفني ويرهقني كثيرًا "
اندهش عامر من كلام وتين وعلم أن مسألة سفرها بالنسبه لها حياة أو موت ليتنهد ويتحدث بصوت حنون
"حسنا ولكن بدر مازال شرعًا وقانوناَ زوجك لانه لم يوثق طلاقكم بعد ويمكنه إرجاعك لعصمته....وقانونًا يمكنه منعك من السفر"
نعم تعلم كل هذا لقد قاله لها صباحًا بكل غرور وصلف...حتى كادت أن تخنقه بعد ما قاله لها، بعد فضيحتها المخجلة أمام العائلة، ذلك الأحمق الذي لم يتحكم بلسانه..
وبحنق من بدر وأفعاله ومن نفسها أيضًا قالت
"جدي أترك أمر بدر الآن...أنا سوف أذهب بعد يومين لقد حجزت وانتهى الأمر"
اندهش الجد واستنكر فعلتها ليسحب كفه منها بسرعة ونظر لها بعتاب ولوم وسألها بغضب
"ولما تخبريني الآن إذن بعدما أتخذت قرارك....يمكنك الذهاب لن أمنعك"
انحنت بسرعة تقبل كفه عدة قبلات تسترضيه فهي تعلم أنه غضب منها بسبب فعلتها لكن مالا يعلمه أن أمر السفر بالنسبة لها حياة أو موت، لذلك لن يثنيها أحد عن قرارها، ومع ذلك هتفت بمحايله..
"أنت لم تمنعني سابقًا من الذهاب...فلِما هذه المرة"
نظر بعيدًا عنها وهتف بحده
"لأن الوضع اختلف"
صمتت تستجمع أفكارها وهي تنظر له بأسف تارة وبرجاء تارة أخرى وتحدثت أخيرًا بصوت صادق يحمل من الحزن الكثير
"جدي....أنا لن أقوى على البقاء هنا...أنا مجروحة جدًا وقلبي ينزف وبقائي هنا الآن معناه موتي"
نظر لها بدهشه وآلم لم يخفيه عنها وهتف بصدمة
"ماذا "
أكملت سريعًا خوفًا من أن يفهمها بشكل خاطئ
" أرجوك جدي....هذا بيتي الذي أعشقه...وعشت به طوال عمري...وهنا عائلتي الحبيبة التي أعشقهم...ولكن بالرغم من كل هذا أنا أريد الهروب لمكان بعيد جدًا...ولاني أعلم أنك سترفض مكوثي بمكان بعيد ووحيدة...فأخترت أن أسافر لجدتي وأبقى فترة طويلة لعلي أتمكن من إيجاد نفسي أسفل الأنقاض أو على الأقل أجد البقايا مني....أرجوك جدي تفهم موقفي"
حزن كثيرًا على وضع حفيدته وكلامها الكبير هذا زاده حزن وألم، ماذا فعل بها وماذا فعلت بها الأيام، لقد سرقت برائتها وضحكاتها واحدة تلو الأخرى ودائمًا تكون صغيرته خاسرة...لكن بالرغم من حزنه لفراقها لكنه لن يحرمها أبدًا أن كانت هذه رغبتها، لعلها ترتاح وتستجمع نفسها سريعًا وتعود..
ليهتف سريعا برجاء ضعيف
"عديني أنك ستعودين سريعًا "
تنهدت وأومأت وردت بخفوت مرهق
"سأحاول جدي..سأعود يومًا ما أكيد"
ليس وعدًا يطمئنه على كل حال ولكنه سيتشبث بالأمل في عودتها سريعًا لأنه لن يتحمل الحياة بدونها، حاول إخفاء ألمه وسألها بغموض
"وبدر"
لترد عليه بتصميم وحزم
"سأسافر رغمًا عنه "
********
دخلت تبحث عنها بعد أن تركت جدها ينام بعد أن تحدثت معه طويلًا وحاولت إقناعه بوجهة نظرها ورغبتها في البعد فترة زمنية ليست قليلة...حاولت وحاولت ولكن بالنهاية استسلم لها، كان تمسكها بقرارها أشبه بحرب لن تخسرها أبدًا، لقد أقسمت أنها لن تجعل أحد يجبرها على شئ لا تريده بعد الآن، نعم لقد أكتفيت..
تقدمت إلى داخل الغرفة وهي تبعد عنها جميع الأفكار وتحاول الإسترخاء قليلًا من أجل نفسها أولًا ومن أجل غدير وأمها والجميع لقد أعدوا اكلات كثيرة واستعدوا لكل شئ حتى يحصلوا على بعض الإسترخاء بإقامة حفلة خاصة بالفتيات فقط، حقًا فكرة رائعة وحقًا تحتاجها بشدة علها تفصلها عن التفكير قليلًا..
وقع أنظارها على تلك الشاردة تجلس وتحمل عدة أشياء داخل أحضانها وكأنها تحتضن طفل صغير تخاف أن يسقط منها..
اقتربت منها وجلست بجوارها ولكزتها في كتفها علها تستفيق من شرودها...
انتفضت من شرودها على لكزات وتين التي سألتها بهدوء واندهاش
"مابك"
هزت رأسها وقالت بإرتباك
"لا شئ"
اندهشت وتين من وضع ابنة عمها التي تحتضن زهور وعلبه من الشيكولاتة بطريقة ذكرتها بمراهقة غبية أهداها حبيبها قطع الشيكولاتة والحلوى،فتضمهم بفرحة حمقاء وكأنها تحتضنه هو، مثلما كانت تفعل هي في الماضي عندما كان يأتي بدر لها بالحلوى وقطع الشيكولاته وكانت تضمهم وتحتفظ بهم حتى يفسدوا وتذوب الشيكولاته تمامًا...
يا إلهي لقد كانت عاشقة غبية منذ صغرها لذلك الأحمق الذي إن رأته الآن سوف تمزقه وتصفعه بعد ما فضحهم بهذه الطريقة أمام الجميع، ذلك الغليظ الذي تكرهه وتريد خنقه وقتله، وتقبيله بشدة وضمه بقوة حتى تختفي بين أضلعه... حسنًا لن تندهش من جنون تفكيرها لأنها أصبحت مجنونة به منذ زمن بعيد..
بعدت الذكريات والأفكار التي تدفقت بعقلها وقلبها وعادت بإنتباهها إلى القابعة بجوارها لتتحدث بنبرة خبيثة..
"ولما تضمين هذه الأشياء بهذه الطريقة...تشبهين مراهقة حمقاء أهدها حبيبها الحلوى"
صدمت غدير وأحمرت وجنتيها و ردت سريعًا بتوتر
"أنا لم أضمهم"
ابتسمت لها وتين بعبث وأخفضت أنظارها إلى الأشياء القابعة بأحضانها...لتخفض أنظارها بصدمة من وضعها وضمها للأشياء بهذه الطريقة وكأنها بحياتها لم تحصل على هدية...مالذي دهاها! أبعدتهم سريعًا من أحضانها وكأنهم تحولوا إلى حية سوف تلدغها الآن...
استدارت تنظر بصدمة لوتين التي انفجرت بالضحك على منظر غدير التي نظرت لها بحنق بالغ وضغطت على أسنانها بغيظ...
رفعت وتين يديها بإستسلام وأستعادت أنفاسها وقالت بتساؤل لم يخلو من الإندهاش
"ممن هذه الهدية "
تنهدت غدير وقصت عليها موقف السماعات لتبتسم وتين على جنونها وتصعيد هذا الموقف التافه من وجهه نظرها، لكن هذه هي غدير، تقدس كل أشيائها وتحبها حتى لو كانت بسيطة...ابتسمت بهدوء وهتفت
"وما هو الشئ الذي أفسدتيه به يا مغرورة...ماذا فعلتي لصديقي الطيب"
زفرت بإمتعاض ووضعت قبضتها على وجنتها بغيظ وقالت
" لا أعلم...هو هكذا دائمًا، يربكني ويوترني كثيرًا"
اندهشت وتين من وضع ابنة عمها وكلامها هذا الذي تسمعه لأول مرة، فدائمًا كانت تتهرب من اللقاء بطارق وتظهر عدم إهتمامها به بطريقة كانت تحزنها كثيرًا على وضع صديقها العاشق البائس الذي يشبهها كثيرًا والذي تشارك معها ذات الوجع يومًا ما...فهل حان الوقت لتشعر غدير بمشاعر طارق أو شعرت بها وإنتهى الأمر...نعم فعيناها تحمل بريق تعرفه جيدًا، حقًا تتمنى لها السعادة من كل قلبها وتتمنى أن تشعر بطارق ويرتاح بحصوله على حبيبته..
أجلت صوتها ولم تكد تتحدث حتى دخل عليهم عمتها وزوجات أعمامها يحملون الأغراض الخاصة بسهرتهم...لتنتفض غدير بسرعة تحمل أغراضها وتخرج كي تصعد إلى غرفتها تضعهم وتنزل سريعًا من أجل الاحتفال، قبل أن يقاطعها في منتصف طريقها صوت هاتفها يعلن عن قدوم رسالة، فتحت الرسالة بلهفة لم تنتبه لها وعيناها تمر على الكلمات بنهم وهي تعقد حاجبيها بعدم فهم من رسالته الغامضة، عادت تقرأها مرة أخرى بهمس رجف له قلبها
"هل يهمك أن تعرفي ما أفسدتيه بي...أذا كان جوابك نعم....فسيكون جوابي يومًا ما ستعرفين... وإذا كان جوابك لا....فجوابي لا تهتمي"
مطت شفتيها بغيظ وحنق منه ففي كلا الحالتين لن يخبرها بالأمر، وهي تريد أن تعلم، ماذا فعلت له، نعم يهمها الأمر كثيرًا،هل هذا يعني أنها تهتم بأمره....صعقت من تفكيرها لتعنف نفسها بشدة وهي تهز رأسها بسرعة وتغمغم
"لا...لا غدير أنت لا تهتمين له...انتبهي يا فتاة هذه منطقة خطر"
رواية استوطننى عشقك الفصل العاشر 10 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية استوطننى عشقك)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)