رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل العاشر 10 بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (لعنة الحب) البارت العاشر 10
رواية جاردينيا (لعنة الحب) الجزء العاشر 10
رواية جاردينيا (لعنة الحب) الحلقة العاشرة 10
رواية جاردينيا (لعنة الحب) بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (لعنة الحب) |
رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل العاشر 10
الفصل العاشر
"لقد وقعتُ في الفخ"
جاردينيا (لعنة الحب)
ناهد خالد
احتل الحزن ملامحها وهي تقول :
_توقعت هذا.... لكن...
قاطعها وهو يقول :
_لم أكمل حديثي.. بالطبع لا أمزح.. أنا أوافق حقاً.
اتسعت عيناها بذهول وقالت بتساؤل مستغرب :
_لما؟ لم أتوقع أبداً موافقتك.
ارتفع حاجبه باستنكار قائلاً :
_ومادمُتي متأكده من عدم موافقتي لما أتيتي لي؟!
ردت بحرج:
_لم أجد غيرك لألجأ له حتي وإن كنت متأكده من عدم مساعدتك لي وإن كنت لا أطيقك منذ حديثك الجارح معي.
هتف بتهكم وهو يشير بيده:
_أري أنك صريحه زيادة عن اللزوم في موقفك هذا واحتياجك لمساعدتي!.
أشاحت بوجهها بعيداً تُتمتم :
_لا أُجيد تجميل الحديث.
هز رأسه بتفهم لغضبها وقال بهدوء:
_حسناً اعتذر ثانيةً عن ما قلته فلم أقصد حقاً.
أعادت وجهها كما كانت وقالت بهدوء:
_لا يهم.. أخبرني ماذا سنفعل الآن!؟
_في ماذا؟
قالتها باستغراب "روبين" التي دلفت للتو من باب المنزل المفتوح.. انتفض "عبد الرحمن" يقترب منها محتضناً إياها بلهفه ولم تكن هي أقل لهفه منه حين أغمضت عيناها وهي تُشدد من احتضانه علّها تُعوض الآمان الذي فقدته الأيام السابقه.. كم مره احتاجت لوجوده جوارها.. احتاجت أن يطمئنها ويحتويها بعد كل ما رآته هناك.. ابتعد "عبد الرحمن" عنها يهتف هامساً بلهفه كي لا تسمعه "شمس" :
_مش هترجعي هناك تاني.. أنا أجرت البيت ده وهنعيش فيه سوا وهشتغل أنا في السوق أو في أي مكان المهم إنك مش هترجعي السجن تاني.
ابتسمت بهدوء مستمتعه بلهفته الواضحه عليها والتي قلما تراها وهي معه دائماً ولكن بالفعل في البعد تتضح المشاعر أكثر وأكثر :
_بالفعل لن أعود للسجن مره أخري، لو لم تسبقني القول لوجدتني أقولها لك.
ضيق عيناه باستغراب لحديثها المعارض لموقفها التي كانت عليه سابقاً حين أخبرته برغبتها في الذهاب لهناك :
_أما حدث لكِ هناك هو ما جعلك تقررين عدم العوده!؟
نفت برأسها قائله:
_لا.. الأمر أكبر بكثير...لكن أخبروني أولاً عن ماذا كنتم تتحدثون؟ وماذا جاء بها هنا بمنزلك!.. حينما ذهبت للمنزل الآخر أخبرتني أحد الفتيات بنقلك لهنا.
أخذ نفس عميق وهو ينظر لشمس الجالسه بقلق وتوجس من أن ترفض "روبين" الأمر فتقع هي في مأزق ليس له مخرج.. جلس "عبد الرحمن" وأجلس "روبين" لجواره وبدأ يسرد عليها ما حدث منذ قليل..
فوجئ بضربات متتاليه فوق الباب الخشبي المتهالك، فاتجه إليه يفتحه ليري الطارق، وتفاجأ حينما وجد "شمس" تقف أمامه بعد ما حدث بينهما وهي تلتقط أنفاسها بصعوبه وكأنها كانت تركض! قطعت تفكيره حينما هتفت بلهاث:
_لم أجد غيرك لينقذني.
جعلها تدلف للداخل فجلست تهدأ من أنفاسها المسلوبه ومن ثم قالت بحزن وخوف معاً:
_مفيد سيزوجني بالإجبار...
قطب حاجبيه بتركيز وقال باستفهام:
_ماذا؟ وهل له الحق في تزويجك من الأساس!؟
_نعم، بقوانين عملنا ب جاردينيا يحق له أن يزوج أي فتاه ممن يعملون تحت سلطته دون موافقتها ليس هذا وحسب بل الشيخ لا يأخذ رأيها من الأساس وإن وقفت أمامه وصرخت به أنني لا أريد سيتصنع عدم السمع..
_شيخ!
_نعم لمَ الاندهاش!
قالتها "شمس" باستغراب لردة فعله فحمحم بهدوء ينفي برأسه وهو يفكر إلي الآن لم يعرف ما هي ديانتهم ربما لأنه لم يبحث حول الأمر ولم تأتي أمامه الاجابه ولو بمحض الصدفه..
_لا شئ، إذاً لمَ ترفضين الزواج؟
ردت بحزن جلي :
_يريد تزويجي من أحد السكاري الذين يأتون لنا ليلاً.. تاجر أقمشه ربما تجاوز الخمسين ولديه زوجتان وأكبر أبناءه ربما يصغرني بعام.
أومئ برأسه متفهماً الأمر وقال:
_بالفعل كبير السن بشكل مبالغ.. وأمر زوجاته.. أتفهم رفضك ولكِ الحق.
هزت رأسها بنفي وقالت :
_ليس هذا السبب.. السبب الحقيقي هو أنني لن أتزوج يوماً من سكير.
رفع حاجبيه بدهشه وهو يطالعها بعدم تصديق وكأنها تدعي الفضيله! وقال بتهكم:
_ونعمه الأخلاق والمبادئ!.
رفعت نظرها له وهي تعلم جيداً ما يدور بخلده وتعلم أنه لا يصدق حديثها فقالت :
_لا تهتم بقشور الأشياء.. اهتم بدواخلها.. أنا لستُ كما تظن أو كما قلت منذ قليل.
انتابه الفضول حول حديثها فقال:
_كيف؟
فكرت قليلاً إن كانت تريد مساعدته والتي لن تتم إلا بموافقته علي الزواج منها فلابد أن تخبره بحقيفتها فهذا سيدعم موقفها أمامه ويدفعه للموافقه
نكست رأسها بحزن وهي تشرد بعينها في فراغ الأرضيه :
_تتذكر حينما قصصت لك عن الأم التي ضحت بإبنتها لتنقذ نفسها بل وظلت تترد عليها فيما بعد لتأخذ منها المال؟.
تذكر حينما كان يجلس معها بعد رحيل "روبين" حينها سردت له هذه القصه التي صُدم منها وتعجب كيف لأم أن تفعل ذلك!
_نعم أتذكر.
ابتسامة حزينه متألمه رُسمت فوق شفتيها بتهكم وهي تقول:
_لم تكن الأم سوي أمي.. ولم تكن الفتاه سوي أنا.
اتسعت عيناه بذهول وهو يردد بصدمه:
_أنتِ؟!
أخذت نفس عميق وطردته بخنقه وهي تقول:
_نعم.. أنا.. أنا من وضعتها أمها في ذلك المنزل القذر وهي تخبرها بكل قسوه أن تعمل فيه لكي تجني المال.. حينما تكاثرت الديون عليها ولم يكن أمامها طريق آخر للسداد خيرها الدائن بين أن تعمل هناك أو أن أعمل أنا.. و طبيعة الأمومة التي تتسم بالتضحيه.. جعلتها تضحي.. ولكن كانت التضحيه لديها بمعني آخر.. لم تضحي من أجلي بل ضحت بي.. من حينها واضطررت للعيش هناك.. ولكن لم أصبح كما أردوني بل أصبحت كما أريد أنا.
هتف بفضول وهو يحترق شوقاً لمعرفة باقي أحداث قصتها :
_كيف؟
ابتسمت بهدوء وهي ترفع رأسها بفخر لتلقائي:
_لم أقبل أن أصبح مجرد متعه للقذراء الذين يترددون علينا.. بأول الأمر اخترت العمل كمنظفه للقذورات التي يخلفونها ورائهم، وبعد شهر أظهرت موهبتي في التصميم فأصبحت أصمم ملابس الفتيات، وحينها تقربت لمسؤلة المنزل والمسؤله عن جميع الفتيات والعمل.. تقربت منها كثيراً وفهمت أمور العمل كيف تسير.. فحينما مرضت في فتره تهافتن جميعهن ليأخذن مكانها ولكن لم أعطيهن الفرصه وذهبت لمفيد أطلب منه أن أكون محلها وعرضت عليه خبراتي التي أكتسبتها منها وحينها أخبرني أنه سيختبرني وتركني أعمل ليومان فوجد الأمور تسير علي نمطها الصحيح فقرر تركي محلها.. بعد عدة أيام سمعنا بوافتها فأصبحت أنا رسمياً المسؤله عن العمل.. حينها اتخذت الصرامه مبدئ لأستطيع التعامل مع الرجال.. وأدركوا أنني لست هناك سوي لتنظيم العمل فقط وغير مسموح لأحد منهم أن يتودد لي وحينما حدثت ذات مره لم ينل مني غير طرده من المنزل وضربه قويه طُبعت فوق وجهه قبلها.. وطوال الستة أشهر التي عملت فيهم ك مسؤله لم يستطع أحد أن يتجاوز حدوده معي.
نظر لها بحرج وهو يدرك الآن أن حديثه الذي أتهمها به ليس سوي سخافات ليس لها أساس من الصحه..
_إذاً هل والدتك مازالت تأتي لتأخذ المال؟
أردف بسؤاله لكي يُخرج نفسه من حرج ماقاله سابقاً، ردت بنبره عاديه تتناقض مع ماتقوله :
_لا.. لقد توفت منذ ثلاثة أشهر.
نظر لها بحيره لجهله كيف سيساعدها ولمَ أتت له من الأساس.. فقال :
_وكيف سأساعدك؟!
ابتلعت ريقها بتوتر ونظرت له قليلاً تحاول تجميع حديثها وتحاول أيضاً توقع رد فعله علي ما ستقوله، وهتفت دفعه واحده :
_الزواج هو النجاه الوحيده لي.. إن هربت سيأتي بي مفيد بكل سهوله فهو يعرف كل شبر ب جاردينيا ولديه الكثير ممن سيساعدونه.. لكن إن تزوجت لن يستطيع أحد إجباري علي الزواج حتي وإن كان حاكم جاردينيا نفسه.. فلا أحد يزوج إمرأه متزوجه.
_لكن ماذا لو أجبروا زوجك علي طلاقك.
شهقت باستنكار وقالت :
_طلاق! ألديكم في بلدكم أعالي كيتوس طلاق!
توتر في الإجابه لردود فعلها الغريبه ولكن أنقذته هي حينما قالت :
_بقوانين جاردينيا لا يوجد ما يُسمي بالطلاق.. الزواج هنا أبدي.. ومن يُطلق لابد عليه ترك جاردينيا للأبد ومعها أمواله وتجارته وكل شئ وهذه هي عقوبة الطلاق هنا.
ابتلع ريقه بتوتر وهي يتخيل لو أن هذه العقوبه نُفذت في عالمه! الأمر لايستوعب التخيل حتي..
_حسناً لم تخبريني كيف سأساعدك؟
ابتسمت ابتسامه مهزوزه وهي تنظر له ببراءه وقلق:
_تزوجني عُبيد.
انتهي من سرده القصه كامله علي مسامع "روبين" التي تبدلت ملامحها الجامده فور استماعها لحديث أخيها وقالت بتساؤل:
_وماذا ستفعل!؟
أمال علي أذنها يهتف بهمس :
_قلت اتجوزها وكده أو كده كلها سنه ونخلع من هنا ونرجع بلدنا.. بعدين بصراحه البت حلوه وأكيد يعني لم نرجع واتجوز هناك مش هتكون بالحلاوه المستوردة دي ولا أي!
نظرت له بحده تنهره علي حديثه بصمت ليكمل همسه:
_أنا قصدي إن دي بنت وضعيفه وملهاش حد وواقعه في مشكله وفي أيدي حلها بصراحة أنا شايف إني مبقاش راجل لو خلعت وقولتلها مليش دعوه.
ضيقت عيناها له وهي تهمس فتهكم:
_لا الشهامه واخده حقها معاك أوي.. ولا يا عبده هو الجواز هنا ازاي! اوعي يكونوا بيجيبوا نار وتطوفه حواليها زي الهنود وأنا أقف أرمي عليكم ورد! لو حصل كده يبقوا جوازكم باطل.
رد بجديه:
_لا يابنتي هي بتقول أنه شيخ اللي بيجوزهم.. بعدين أنا بجد عاوز أساعدها صعبانه عليا بصي.. بصي مكسوره ازاي..
قالها وهو يشير علي "شمس" التي تنظر أمامها بشرود وأكمل :
_شوفي حزينه وشايله هم الدنيا ازاي.. بعدين دي وحدانيه لا ليها أهل ولا صحاب ولا غريب ولا قريب.
لكزته "روبين" في ذراعه وقالت:
_خلاص الدمعه هتفر من عيني.. اتنيل اتجوزها اما نشوف آخره اللي بيحصل ده اي.
ابتسم لها بسماجه وهو يقول ل"شمس" :
_أين أجد الشيخ الذي تحدثتي عنه؟
_________________________
قبل قليل...
انتظر "إيفان" حتي تأكد من خروجها ليعود بجسده يرتمي به علي ظهر الكرسي وهو يلتقط نفس عميق جدا ً كالذي يأخذه الغريق الذي كادت أنفاسه أن تنقطع رفع يده ليضعه فوق قلبه الذي لم يتوقف عن الخفق بشده واضطراب... ثوره.. هذا ما بداخله.. ثوره من المشاعر التي تدفقت جميعها فجأه وبقوه لمجرد رؤيتها.. لم يصدق "حيدر" حينما ذهب ليخبره بوجودها وأخبره أنها ربما تشبه الفتاه التي جعلهم يبحثون عنها كثيراً.. ولآخر لحظه توقع أنه سيوجد اختلافات ما ولن تكون هي نفسها من يبحث عنها.. ولكن قبلها هيئ نفسه استعدادا ً لربما تكون هي...
وقف أمام الباب المغلق وهو يحاول تنظيم أنفاسه وعقله يخبره أنها لن تكون هي ولكن قلبه علي النقيض تماماً وكأنه يستشعر وجودها!، زفر ببطئ وهو يفتح الباب بهدوء لتتوقف قدامه وكأن هناك من ثبتها بالأرض.. لم يخرج آخر نفس دلف لرئتيه لينعشها وفاه مفتوح نصف فتحه بصدمه.. عيناه تطوف بلهفه علي ملامح وجهها.. هي.. بكل تفاصيلها وملامحها وكأنها خرجت من أحلامه لتتمثل أمامه علي أرض الواقع في صورة فتاه نائمه بسلام فوق مقعده، شعر بخفقات قلبه تضطرب وعقله ينهره لكي يتقدم ل يتأكد من كونها هي وربما ل يتأكد من وجودها أولاً، اقترب بخطوات بطيئه تماثل خطوات كهل في آواخر الثمنينات! ومع كل خطوه وكل نظره أكثر وضوحاً تلتقطها عيناه يزداد خفقان ذلك الذي يسكن يساراً وكأنه يود الخروج.. وصل أمامها تماماً ليجد نفسه ينحني ببطئ حتي جلس علي ركبتيه فأصبح وجهه أمام وجهها الغارق بالنوم تماماً... ثوانِ فقط حتي استوعب أنها بالفعل أمامه.. فازدادت ضربات قلبه لتصل للجنون.. حتي أصبحت تؤلمه من عنفها ولكن هل سيهتم لهذا الآن!.. لم يشعر بنفسه وهو يبتسم باتساع ك الأحمق بعدم تصديق وعيناه تلمعان بدموع لم تعلن عن نفسها يوما ً في حياة "الحاكم"... حتي وقت وفاة والده حينها وقفت والدته تصيح فيه بشده أنه الحاكم المستقبلي فلا يحق له الحزن ومنعت حتي ملامحه من التأثر فارضه عليه الجمود.. جمود عرفه منذ كان عمره خمسة عشر عاماً ولم يزول إلا حينما أصبح القلب عاشقاً.... ارتفعت يده تدريجياً بارتعاش لم ينتابه يوماً حتي وصل لوجنتها ليتلمسها ببطئ وحذر ك طفل يتلمس وجه أمه بفضول لمرته الأولي بعدما تمكن من رؤيتها.. الحقيقه كان يخشي أن تكون سراب ينتهي بمجرد لمسه.. وحينما شعرت يده بملمسها انتفض قلبه ليعلن عن لقاء ساكنته... تنهد بعمق وراحه.. راحه بعدما تأكد من وجود من بحث عنها لسنوات بلغت الخمس ولم يكن لها أثر حتي فقد الأمل في اللقاء.. خمسة عشر دقيقه مرت وهو لم يتحرك من مكانه بعدما امتدت يده تحتضن كف يدها باحتواء ورفق.. يراقب كل ما يصدر منها حتي نفسها المنتظم وهمهماتها التي تصدرها من وقت لآخر.. يتمني لو يبقي هكذا طوال عمره لن يمل.. حقاً لن يمل.. ابتسم بعشق وهو يقول بهمس كي لا يقلقها:
_مرحباً يارفيقة الروح وساكنة القلب ومحتلة الوجدان، خمس سنوات آراكي يومياً بأحلامي وأتمني لو تكوني واقع ملموس تشعر به يدي وينعم جسدي بضمك كما تنعم روحي بلقائك في أحلامي.. أحياناً كنت أفقد الأمل في اللقاء ولكن القلب دوماً كان متأكد أن يوماً ما سيُكتب لنا الوقوف وجهاً ل وجه حسن بهي الطلعه يجذب العقل ويخطف العين تماماً كما أنتِ الآن..
نظر لشعرها المتناسر فوق كتفها ليمد يده الحره يتلمسه بابتسامه وهو يقول :
_لطالما كان شعركِ مميز.. أخبركِ سراً لقد وقعت في هواه هو أيضاً...
أنحني يطبع قبله طويله فوق كف يدها المحتضن إياه وأغمض عيناه بانتشاء كمن مُنع عنه الهواء لسنوات وسنوات وأخيراً عاد ليستنشقه مره أخري، كان يؤكد لنفسه بكل فعل يصدر منه أنها بالفعل هنا وليست أضغاث أحلام ستنتهي ما إن يستفيق.. ابتعد ينظر لوجهها ثانية بتمعن ومن ثم وقف بهدوء ليشعر حينها بطول فترة جلوسه من ألم ركبتيه الذي شعر به استعاد نفسه ووقف ليبتعد عنها ومازالت عيناه تمر فوقها بلهفه حتي خرج ثانيةً مغلقاً الباب خلفه... وقف خلفه لخمس دقائق تقريباً ليستعد للمواجهه دون أن يجعلها تشعر بشئ مستدعياً كل ما تعلمه من أساسيات إتزان النفس والتحكم بها...ثم فتح الباب بقوه لتشعر به وقد كان....
_أخبرني سريعاً ماذا حدث يكاد الفضول يقتلني.
هتف بها بحماس "حيدر" الذي دلف فجأه للغرفه.. ليفتح "إيفان" عيناه بانزعاج ومن ثم قال بهدوء :
_لم يحدث شئ.. تحدثنا وذهبت لتري أخيها.. وستعود للعمل محل طبيب القصر لأنني سأرسله للسجن.
رد باستنكار:
_فقط! أهذا كل شئ؟
قال بهدوء :
-نعم.
تسائل "حيدر" بغيظ:
_ألم تخبرها شئ عن الأمر !؟ وعن مشاعرك؟
رفع حاجبه باستهجان وقال:
_أخبرها! ماذا تريدني أن أخبرها! أخبرها أنني أحلم بها منذ خمس سنوات وأنني كلفت الكثيرين للبحث عنها ولم يجدوها.. أخبرها عن مشاعري تجاهها؟! أأحمق أنت! لا يمكنني قول كل هذا لها.. لا يمكنك أن تخبر أحد يراك لأول مره بأنك تحبه.. بالطبع سيكون رد فعله مخالف لما تتمناه، ربما سيشعر أنك مختل.. وإن فعلت.. سأطلب منها الزواج حتماً.. هل ستقبل! بالطبع لا.. لن تقبل بي لمجرد أنني أحبها.. ولن أقبل أنا أن نتزوج وهي لم تحبني بعد.
هز رأسه بفهم وقال:
_إذاً ستنتظر حتي تحبك؟
ابتسم بهدوء وقال بثقه:
_لا.. سأجعلها تحبني.
________________________
جلست بجواره علي الأريكه وهو يتابع التلفاز علي أحد البرامج الإخبارية غير مهتما ً لها.. زمت شفتيها بحرج ومدت يدها تلتقط جهاز التحكم مغلقه التلفاز لكي تلفت انتباه لها حتي ولو كان سيصرخ عليها.. ولكن لم يحدث هذا بل رأته يحاول القيام من جوارها لتمسك يده سريعاً وهي تهتف بدموع:
_أنت عمرك مازعلت مني كده يانبيل... ده مكنش بيعدي ربع ساعه وأنت تيجي تصالحني حتي لو أنا اللي غلطانه.
رد بجمود:
_مانا اكتشفت أني كنت غلطان.. كنت غلطان في حاجات كتير عملتها وفي الآخر مكانتش باينه ولا كان حد شايفها غيري.
هتفت سريعاً بلهفه نافيه:
_لا والله لا.. أنا كنت شايفه وحاسه بكل اللي كنت بتعمله عشاني او عشان الاولاد.. أنا بس خرجت عن شعوري ومقدرتش أتحكم في أعصابي وهلفت بأي كلام من قلقي وخوفي اللي عايشه فيه الفتره دي لكن عمر ماكان ده اللي جوايا والله.. اللي قلته كان ناتج من غضبي وبس.
رد بضيق:
_خلاص يا شيماء مفيش داعي للكلام.
قالت ببكاء:
_لا أنا مش مستحمله أشوفك زعلان مني بعد اللي حصل، عشان خاطري يانبيل سامحني والله ما هكررها تاني وحياة ولادنا ما هتحصل بس سامحني ومتكنش شايل مني.
أخذ عدة أنفاس متتاليه ليهدأ من نفسه ومن ثم قبض علي يدها وقال بابتسامه:
_خلاص والله مش زعلان.. أنا عارف أنك مضغوطه وقلتي اللي قلتيه غصب عنك ومقدر اللي أنتِ فيه.
تنهدت براحه ومن ثم غمغمت بخفوت:
_أنا أسفه إني السبب في كل اللي بيحصل و إني معرفتش أعطيك اللي كنت تتمناه.
أدرك أن حديثه قد أثر بها وأنها تحمل نفسها الذنب لكل ما يحدث فإن لم يتزوجها لما حدث له كل هذا..
رفع رأسها التي أحنتها وقال بهدوء :
_زي ما أنتِ مقصدتيش اللي قولتيه أنا كمان مقصدتش.. أنا بس فقدت أعصابي وحاولت أضايقك زي ما ضايقتيني.. لكن الحقيقه أني كان قدامي فرصه بعد ماتجوزنا بأني أبعد وننفصل لو مكنتش هقدر أكمل.. أحنا مخلفناش غير بعد سنه تقريبا.. طول السنه دي أنت ِ مكنتيش قابله تتعاملي معايا أصلاً وكنت بسمع كلامك لوالدتك أنك مش قادره تكملي.. وقتها كنت قادر أبعد وكان هيبقي ليا مية عزر.. بس أنا أخترتك لأني بحبك ولأني متخيلتش واحده غيرك مراتي..
ابتسمت بدموع وهي تقول:
_أنا والله بحبك.. يمكن مش قادره أحبك زي ماهو مفروض بس والله بحبك.
رد بمرح:
_وطبعاً أنا مش محتاج أقول.
ضحكت بسعاده وهي ترمي نفسها بأحضانه ليستقبلها برحابه كما يفعل دوماً..
_______________________
_تم الزواج علي بركة الله وسنة نبيه.
أنتهي الشيخ من تزويجهما و"عبد الرحمن" و "روبين" يتابعون الشيخ بذهول وصدمه.. إذاً ديانة أهل جاردينيا "الإسلام"!، أوصل لهم هنا أيضا ً فهذه الأرض البعيده المنفيه الغير متعارف عليها من الأساس!؟.. أفقا علي جملة الشيخ التي تفي بإتمام الزواج تماماً كما يحدث بعالمهما ولكن المختلف أنه لا يوجد هناك أوراق أو دافتر يدون بها الزواج فقط هي قلاده مباركه كما يقولون يعطيها الشيخ للزوجه لترتديها وبعدما ينتهي يخرج ليهتف طوال سيره بإسم الزوجان بصوت عالي ليسمعه كافة أهل جاردينيا...
مالت "روبين" علي أخيها تهتف بهمس:
_قولي أنت ناوي تخليه جوزا علي ورق بس صح؟
نظر لها يهتف ببراءه:
_ماهو مفيش ورق.
اتسعت عيناها بصدمه وهي تهمس :
_تقصد أي يله !؟.
ابتسم بسماجه قائلاً :
_وأنتِ مالك.. واحد ومراته أيش خششك أنتِ!
_خششك؟!
رددتها بغيظ واشمئزاز وأكملت:
_ماشي.. بس أبقي أفتكرها.
رفعت صوتها تهتف:
_مبارك شمس.
وقفت "شمس" تقول بجديه:
_لا داعي للمباركه فهو ليس زواج حقيقي علي أي حال هو فقط للنجاه من المأزق..
نظرت ل"عبد الرحمن " وقالت بكبرياء:
_لم أنسي حديثك لي.. ولن يصفي قلبي لك... أما عن زواجنا فاعتبره لم يتم وسأبقي بالمنزل كما بقيت أنت بمنزلي لليالي.
ذهبت من أمامهم للداخل تتبعها نظرات "عبد الرحمن" المصدومه حتي كاد فكه أن يصل الأرض وضحكت "روبين" الشامته والتي لم تكدر علي كبحها وقالت:
_أحسن.. أحسن ياربي شكلك زي الشراب المبلول..
ظلت تضحك أكثر وأكثر وهو يطالعها بغيظ حتي استمعت لدقات علي باب منزله فقام ليري الطارق ليجده جندي يطلب منه أن يستدعي الطبيبه.. قامت "روبين" واتجهت لهما لتخبر الجندي بأنها ستأتي بعد دقيقه واحده.
_هو مين ده؟؟ أنتِ مش قلتي مش هترجعي السجن تاني؟!
قالها "عبد الرحمن "برفض بادي علي وجهه لتهتف مجيبه:
_مش السجن القصر الملكي.
قطب حاجبيه باستغراب وكاد أن يتسأل لتخبره هي بالقصه بأكملها وقالت:
_هفضل في القصر هناك أفضل مكان ليا وهكلم الحاكم يشغلك هناك زي ما كنت عاوز لأن أكيد مفيد هيطردك.
_أصلاً مكنتش هشتغل عنده تاني. .. بس أنا قلقان عليكي وخايف حاجه تضايقك هناك زي ما حصل في السجن.
_السجن غير.. السجن مكنتش أقدر أخرج غير لما هما يقولوا.. لكن القصر وقت ما هزهق همشي متقلقش وبعدين الحاكم شكله طيب ومبيحبش الظلم.
ابتسم قائلاً :
_الواد المز ده.
قهقهت بخفه قائله:
_ياستار عليك مفيش فايده فيك أبدا ً عموماً همشي بقي عشان اتأخرت أوي.
قال بقلق:
_ماشي خلي بالك من نفسك.
ابتسمت تطمئنه :
_متخفش عليا.
احتضنا بعضهما وذهبت "روبين" ليلتف "عبد الرحمن" ينظر للغرفة المتواجده بها "شمس" بتوعد.
_____________________
دلفت مع الجندي الذي وصل بها لممر وأخبرها أن غرفتها علي اليسار فاتجهت للغرفه الأولي التي قابلتها وهي تتمسك بالشعله في يدها فقد حل الظلام.. دلفت تستكشف المكان لتجد الظلام يعمه عدا ضوء القمر المتسرب من نافذة الغرفه المفتوحه شعرت بالبروده تضرب بجسدها فتحركت تغلق باب الشرفه لتنتفض شاهقه بفزع ووقعت الشعله منها فوق الأرضيه الصلبه لتنطفئ فور وقوعها حينما استمعت لصوت شخص واقف بالشرفه بهذا الظلام يعطيها ظهره وهتف بجمود:
_تأخرتي كثيراً وأنا لم أسمح بهذا..
رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الحادى عشر 11 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية جاردينيا (لعنة الحب))
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)