📁

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى عشر 12 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى عشر 12 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) البارت الثانى عشر 12

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الجزء الثانى عشر 12

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الحلقة الثانية عشر 12

رواية جاردينيا (لعنة الحب) بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى عشر 12 بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (لعنة الحب)


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى عشر 12


الفصل الثاني عشر (تحت سيطرة الحب )


جاردينيا (لعنة الحب )


ناهد خالد 


" في الحب كثيراً ما نحاول التحكم بأنفسنا ونقرر أننا سنفعل .... ولن نفعل ... وبالأخير يذهب كل هذا مع أول نسمه تصيبنا من رياح المُحب , ونجد أننا نتصرف عكس قرارتنا ,وتحت سيطره خفيه ليست سوي " سيطرة الحب "."  "ناهد خالد "


" كان يعرف أنه لأمر يدعو إلي الخجل ألا يستطيع السيطره علي قلبه "        "نيكوس كازانتزاكيس " 


_لا تكررها ثانيةً كي لا أقتلع رأسك , ومن الآن تنتبه لتحركاتك بالقصر ولا تدلف لأي غرفه دون استأذن .


رفع حاجبيه بغيظ مُتسائلاً بحنق بدي علي وجهه :


_لما أستضع كل جزء منها في غرفه!؟


رد "إيفان " ببرود :


_لا , لكنها طبيبه ربما تكن تقوم بالكشف بغرفة إحداهن .


_إحداهن ؟!


رددها باستغراب وأكمل بتساؤل :


_هل ستكون طبيبه للنساء فقط ؟!


رجع بظهره ليجلس علي المقعد خلفه واضعاً ساق فوق الأخري وزم شفتيه باستنكار مُجيباً : 


_وهل تظن غير هذا ؟!


اتسعت عيناه بذهول قائلاً :


_ لم أتوقع أن يصل الأمر لهُنا! إذاً وهل سيموت المرضي من الرجال لأجل الأميره ؟


احتدت ملامحه وبنبره تحذيريه قال : 


_ إن لم تحفظ لسانك بالحديث عنها سأكون أكثر من سعيد وأنا أقوم بقصه .


ابتلع "حيدر" ريقه بقلق من ملامح "إيفان " الغير مبشره بالمره وقال بقلق :


- لا أقصد ...فقط أنا...


قاطعه "إيفان " بصرامه وهو يقول :


-غداً سيأتي طبيب وسيكون مُختص للرجال . 


- إيفان لا تغضب مني أنا فقط أخشي أن يجعلك الحب تهمل شئون حكمك وتتصرف تحت سطوته , وأنت تعلم جيداً أن رعد ينتظر الفرصه المناسبه لكي يأخذ مقعدك . 


أسند رأسه علي ظهر المقعد وهو يتنهد بتعب وقال بعد ثوانِ من الصمت :


- أحياناً أفكر في التخلي عن كل هذا والعيش ك إنسان وليس ك حاكم . 


-إيفان .. الحاكم أيضاً إنسان !


نظر له بجانب عينيه ومن ثم اعتدل برأسه قائلاً بتوضيح:


-الانسان خُلق حراً بلا أي قيود ,والحاكم ليس كذلك فالحاكم مقيد بالكثير والكثير حتي في أبسط حقوقه ...ليس حراً في أخذ راحه متي يشاء و الذهاب لنزهه ما , فإن فعل لابد أن يتماشي هذا مع ظروف شعبه ومدي احتياجهم إليه أولاً , وإن مرض سيظل باله مشغول بالكثير من أمور الحكم ولربما تحصل كارثه ما في هذا الوقت فيضطر للتخلي عن الراحه حتي في مرضه , من يحمل مسؤلية فرد أو عشره يشعر دائماً أنه تحت ضغط وأن الامر يرهقه ويأتي علي حقوقه في عيش حياه هنيئه فما رأيك فيمن يحمل مسؤليه بلد بأكملها بجميع أفرادها من الرضيع للكهل , الامر مُرهق لأقصي حد , كثيراً ماتمنيت لو يمكنني الابتعاد عن كل هذا ولو لعدة أيام فقط استرد فيهم بعض القوه للإستكمال ..ولكن لستُ أملك الرفاهيه لهذا .


- اعتقد انك أيضاً لا تملك رفاهية التنحي عن مسؤلياتك وترك مقعدك ك حاكم لجاردينيا فهذا سيُعرض شعبك للكثير من المشاكل وسيرون الويل بعدك خاصةً وجميعاً نعلم إلي من سيؤل الحكم , ونعلم أن رعد يكره جميع سكان جاردينيا الشماليه والوسطي بسبب تفضيلهم لك عليه ووقوفهم معك ضده بكل قوتهم , لذا ليس من الصعب توقع ما سيفعله بهم إن وقعوا في قبضته .


-ومن قال لك أن هذا سيحدث ! الحكم من بعدي ل "محمد " فهو أخي والوريث الشرعي الثاني لأبي من بعدي .


-وهل تظن أن رعد سيتركه ينفرد بالحكم! وللأسف محمد لن يقدر علي مجابهته .


ظهر الامتعاض علي وجهه مُبيناً رفضه لحديث صديقه وتأكد ذلك حينما قال :


-محمد ليس بهذا الضعف يا حيدر . 


-ورعد ليس بالعدو الهين يا إيفان .


قالها "حيدر" بإصرار علي رأيه لمعرفته الجيده بشخصية كليهما فأحدهما أخيه والأخر ابن عمه لذا فهو يدرك جيداً نتيجة الصدام بينهما ولمن ستكون الغلبه , فرعد عدواني وعنيف بكل تصرفاته ولايضع حسباناً لأي شئ فقط الحقد والكره الذي تأصل بداخله منذ زمن هو ما يحركه متغاضياً عن أي صله تجمعهم ومتناسياً طفولتهم وشبابهم سوياً , أما" محمد " فهو ليس بضعيف ولكنه لم ينغمس كثيراً في شئون الحكم وليس مُدرب كفايه لامور الحرب فدائماً ما كان يبتعد عن كل هذه الاشياء منهكاً نفسه بالرسم هوايته المفضله فكيف له أن يناظر "رعد" من قضي معظم شبابه في التدريبات القتاليه والمعايشه بالصحاري والاجواء البارده وغيرها مثله مثل "حيدر " و "إيفان" فلسخرية القدر كانوا يتدربون سوياً حينها . 


- أعلم , أحياناً ألوم نفسي لأني تركته علي هواه ولم أعلمه ما تعلمناه , قل لي يا حيدر أن حدث لي شئ أو قُتلت في احد معاركي من سيحتل عرشي بعدي إن لم يكن أخي من سيكون ! ولسوء الحظ لا يمكنك تولي الأمر مادام محمد موجود . 


- من أنا !


هتف بها "حيدر" باستنكار وأكمل :


- لا , أنا لا يمكنني تحمل مسؤليه الحكم , يكفيني تحمل مسؤلية الجيش . 


ضحكه ساخره خرجت من فاه "إيفان" وهو ينظر له مُضيقاً عيناه بمكر :


-حقاً ! , اممم أي مسؤليه التي تتحدث عنها ! أتظنني لا أعرف بتركك لكل الامور لقائد الجيش! فقط تُلقي الاوامر ها! .


تنحنح بحرج وهو يحك مؤخرة رأسه بيده وقال :


-ليس الامر كما تفهمه أنا فقط لا أحب وجع الرأس , كما أن الامور تسير علي ما يرام .


-وجع الرأس ! تري من يتحدث , من كان يحدثني عن مسؤلياتي منذ دقائق! 


قالها "ايفان" ساخراً من تناقض حديثه ونصائحه مع أفعاله , ليرد "حيدر " مازحاً :


-يقولون أن من ينصح الناس هو الأكثر حاجه للنصح . 


هز رأسه باقتناع متمتماً :


-صدقت .


-إذاً أخبرني ماذا كنت تفعل في غرفتها؟


نظر له بتوتر وربما حرج من رؤية "حيدر" له في غرفتها وقال بتبرير سفيه:


-كنت أُريد جلب كتاب لأتصفح به .


لوي فمه ساخراً وقال بدهشه مصطنعه :


-اووه , وهل كان كتابك فوق الفراش حيثُ رأيتك هناك!


أصدر صوتاً يدل علي حنقه وهو يطالعه بضيق لأسئلته , ليُكمل حيدر :


- فقط أردت أن أقول لك ان تتحكم بتصرفاتك اكثر كي لا يُكشف أمرك . 


رفع رأسه بغرور وقال بثقه :


- لا تقلق أعرف كيف أتحكم بأفعالي جيداً . 


غمغم " حيدر " قائلاً : 


- هذا قبل ان تأتي سمو الأميره! . 


...................


استيقظت بعد سطوع ضوء النهار بساعه تقريباً تتململ فوق الفراش براحه لم تنالها منذ زمن , لا تعلم ما مصدرها ولكن ربما لان ليلة أمس لم يشمل هؤلاء السكاري وضجيجهم , ولأول مره لا تنام منهكه صباحاً بعد ليل ملئ بالعمل المُثير للاشمئزاز والتي تكره نفسها وبشده , لاول مره لا تشعر بالضيق من نفسها وهي تخلد للنوم ,ولاتنكر ان نومه بالخارج هو ما بعث لها الامان وجعلها تنام مطمئنه وليست خائفه من أن يأتي مفيد ليقتحم المنزل ساحباً إياها خلفه مُرغمها علي الزواج من ذلك الحقير الذي يجلبه لها ك زوج! 

تمتمت ساخره " زوج ! أي زوج هذا , أقسم أن زوج الاحذيه أقيم منه" . 


نهضت عن فراشها لتتجه للخارج تبحث عنه ولكن ما إن خرجت لم تجده في الردهه أخذت تبحث عنه بعينيها ولكن بلا فائده ففطنت أنه ربما خرج للعمل ! وهل حصل علي عمل !؟ لا تدري فهي لم تسأله حتي وربما لان الوقت لم يسعها لسؤاله , اتجهت لتغسل وجهها من إبريق المياه ومن ثم توضأت لتصلي صلاة الصبح . 


كان قد خرج مع سطوع النهار ليجلب بعض الطعام لطهيه , وحينما عاد وضع الطعام في منتصف الصاله وذهب تجاه باب غرفتها يدق عليه برفق ظناً منه أنها مازالت نائمه , مره واثنان وثلاث , ولم تأتيه أي إجابه ليضطر لفتح الباب ليري إن ما كانت بالداخل أم لا, وقف بصدمه وتيبست يداه فوق الباب بعد فتحه حينما رآها واقفه فوق سجادة الصلاه المصنوعه من الخوص , ترتدي فستان واسع بأكمام وفوقه وشاح الرأس الذي لفته بعنايه عكس عاداتها , كان الاستغراب ظاهراً فوق وجهه بوضوح , لم يتوقع أنها تصلي! .


التفت له بعدما انتهت من الصلاه حينما شعرت بوقوفه علي عتبة الباب , نظرت لملامحه المصدومه بتفهم لما يدور بداخله , تنهدت وهي تلملم المصلاه وتستقيم بوقفتها تنظر له بصمت منتظره حديثه.


استفاق علي تطلعها به ليتنحنح بتوتر وقال بتشتت:


-الطعام....لقد جلبت بعض الاطعمه التي تحتاج لطهي .


عقدت يديها فوق صدرها وقالت برفعة حاجب :


- إذاً؟!


تحفز جسده وهو يشعر بشجار قادم من بعيد , فرد ببرود:


-فلتخرجي لتصنعيه .


زمت شفتيها باستنكار وقالت :


-ومن قال أنني سأفعل؟


-ها أنا أقول . 


-إذاً فلتفعل أنت , بالأخير أنا هنا مجرد ضيفه ولا يصح أن تجعل ضيفتك هي من تقوم بإعداد الطعام . 


أنهت حديثها بابتسامه خبيثه , نظر لها برفعة حاجب وهو يتفحصها بدقه وتمتم بداخله " اه , هتشتغليلي علي المبادئ! امبارح مينفعش تسيب بنت تنام علي الارض وانت علي السرير , والنهارده مفيش ضيفه بتطبخ ! ماشي خليني معاكِ للأخر " . 


هز رأسه نفياً باستنكار وقال :


- لاتقولي هذا , أنه منزلك فأنتِ بالأخير سيدة المنزل وزوجتي حتي وإن كان الامر مؤقتاً , لاتعتبري نفسك ضيفه فأنتِ لستِ كذلك علي أي حال . 


قضمت شفتيها بحرج وضيق في آنٍ واحدٍ , حرج من إنسابها إليه حتي وإن كان لا يقصد الأمر كما يقوله , وضيق من حديثه عن كون زواجهما مؤقت ! ألم تكن هي من وضعت هذا الحاجز من البدايه ! لمَ تمقته الآن , ربما يصدر هذا من قرارها الذي يتعارض حديثه معه .

رفعت يدها تدلك رأسها بإرهاق من تفكيرها الذي أخذ منعطف أخر تماماً بين ليله وضحاها , وقالت باستسلام :


-حسناً , أين الطعام؟ 


قضب حاجبيه باستغراب لاستسلامها ورضوخها المفاجئ ووجد نفسه يردف بقلق :


-هل أنتِ بخير؟ 


نظرت له ثوانِ باستغراب , لم يدم طويلاً وهي تبتسم بداخلها بخبث وردت مصطنعه التعب :


- لا أدري فقط أشعر برأسي يؤلمني .


-أتريديني أن أأتي لكِ بدواء ما ؟ ! 


-لا ليس هناك داعي سأتحسن قريباً . 


كاد يجادلها ليستمع لدقات فوق باب المنزل فنظر لها قليلاً وطالعته النظر بصمت , ومن ثم اتجه لفتح الباب وهي تتبعه , وما إن فتحه حتي وجد " مفيد يقف امامه ينظر لهما بغضب وقال موجهاً حديثه ل "شمس" :


-تتركين المنزل وتهربين! أظننتي بحماقتك أنني لن أعثر عليكِ . 


وجد الرد من "عبد الرحمن " الذي هتف وهو يستند بجسده فوق الباب يحجب عن " مفيد " رؤيتها :


- وها قد وجدتها فماذا ؟ 


زجره "مفيد" بعنف قائلاً :


-ابتعد أنت عُبيد لا دخل لك بالامر , ثم أن حديثي معك قادم فيما بعد من أجل تسترك عليها , هيا تعالي لنعود. 


رفع صوته في جملته الاخيره ليصل لتلك التي عادت  أدراجها للداخل  فاعتدل "عبد الرحمن " في وقفته وقال :


- اهدأ يارجل , تعود معك لأين ! 


- لمنزلها . 


- أنها في منزلها بالفعل . 


رفع "مُفيد " حاجبه بغيظ وقال ساخراً :


-منزلها! لما هل تبنيتها! . 


ابتسم ببرود مُجيباً : 


- لا , تزوجتها . 


اشتعلت عين "مفيد " بغضب حارق وهو يتطلع له بصدمه لايصدق ما يسمعه منه , وقابله " عبد الرحمن " بملامح بارده منتظر ثورته . 


...................


خرجت تستقبل رياح الصباح من شرفة غرفتها , لتنتفض بذعر حينما استمعت لصوت يأتي من جوارها , التفت لتقع عيناها عليه يجلس فوق مقعد موجود بشرفة غرفته مغمض العينين مُسند رأسه علي ظهر المقعد مُركزاً بكل حواسه مع ما يرتله بصوت عذب حتي أنه لم يشعر بدلوفها حقاً , وقفت مبهوره تنصت له بانجذاب وهي تستمع له يرتل آيات من الذكر الحكيم بصوت شديد العذوبه والرقه تشعر بأنها لم تستمع لترتيل مثل هذا من قبل , صوت نفذ لقلبها دون أي حواجز مُسيطراً علي جميع حواسها فجعلهم ينتبهون له بإنصياع , أغمضت عيناها هي الأخري وهي تشعر أنها تحت قوي مسيطره خفيه منبعثه فقط من صوته , استمتعت لصوته الرائع يُرتل بخشوع

  "  اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُون َأَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ  وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُون  فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ وَجَاؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" . 


صمت بتأثر كحاله كل مره تأتي هذه الايات علي لسانه ليرددها , وفتح عينيه يتنهد بعمق ليلفت نظره صوت هفهفه لقماش ما يتطاير قريباً منه التف ينظر جواره ليُبهت وهو يجدها تقف علي بعد ليس ببعيد وليس بقريب منه مغمضة العينين وفستانها يتطاير من حولها مصدراً صوت هفيف ناعم , وخصلاتها الغجريه لم تصمد في مواجهة الرياح فأخذت تتراقص خلفها بدلال لا يليق إلا بها , ظل يطالعها ك المسحور الذي ظهرت أمامه حوريه جذبت عيناه وصمت حواسه لأجلها هي فقط . 


فتحت عيناها حينما انتبهت لتوقفه لتشهق بخضه وهي تجد عيونه مفتوحه ومثبته عليها , فركت يديها في توتر وهي لاتعرف بما تبرر وقوفها كالبلهاء مغمضة العينين أمامه , جذبتها نظرات عينيه لها ...تشعر أن بها وميض لامع وكأنه ينظر لشخص مميز ! نظره لاتحتل العين سوي حين يقع النظر علي شخص يحتل مكانه كبيره ومميزه لدي صاحب العينين ! كانت نظرات واضحه للكفيف حتي أنها التفت تنظر حولها علّها تجد أحد أخر ينظر إليه غيرها لكن لم تجد! , لا تعلم لما ولكن شعرت بارتباك كبير في داخلها وقلبها ينبض باضطراب وكأن نظراته تدلف إليه . 


أستصدقون لو قلت أنه لم يلاحظ فتحها لعينيها ولا نظرتها المتعلقه به إلا حينما التفت حولها !, حمحم بارتباك وهو يري توترها والاستغراب الذي اعتلي وجهها فانتبه لنظراته التي تمادي بها علي سهو منه , وقف عن جلسته وهو يبتسم لها بتوتر وقال محاولاً إنهاء الجو المشحون بالتوتر من كليهما : 


- أنتِ هنا منذ متي ؟ 


ضمت ذراعيها لصدرها تحاول مد نفسها الدفئ بعدما تسللت البروده لجسدها , وتحاول أيضاً التخلص من توترها , قالت باضطراب :


- لقد خرجت لشرفة غرفتي ...فاستمعت لك بغير قصد وأنت ترتل القرآن . 


ابتسم بهدوء علي توترها الواضح وقال :


-ولما تقولي أنك ِ استمعتي بدون قصد , لم أكن أقول اسرار , أعلم أن صوتي كان مرتفع , للحقيقه ارفعه لكي لا يُشتت انتباهي في اي شئ آخر أثناء الترتيل , حسناً أخبريني كيف وجدتي صوت... 


-رائع .


قالتها سريعاً وكأنها كانت تنتظر أن يسألها عن رأيها بصوته لتندفع بحماس مجيبه قبل أن ينتهي من سؤاله حتي! . 


ابتلعت ريقها في حرج  , وهو يطالعها بابتسامه رائعه زينت ثغره بسعاده حقيقيه , ضمت ذراعيها لصدرها أكثر وهي تقول بحرج:


- آسفه لمقاطعتك لكن ...أنه حقاً أكثر من رائع . 


حك جانب عنقه بحرج من مدحها لصوته وقال بمرح :


- حسناً يكفي هذا فأنا....


قاطعته بمرح مُكمله :


-لاتحبذ الاطراءات . 


نظر لها بصمت وابتسامته تتسع بذهول , أحقاً صارت تعرفه لدرجة أن تنطق بما سينطق به ! ," تعرف من إيفان ماهذا الحمق ! أنها جائت بالأمس فقط , كفي سفهاً , هي تنتبه لحديثك ليس إلا فتذكرت ما قلته لها أمس , تنتبه لحديثي! هذا شئ جيد لا أنه رائع " 


كان يحدث نفسه بتلك الكلمات ولكن في جملته الأخيره ارتفع صوته بسهو فوصلت لمسامعها فقالت :


- ماهذا الرائع ؟ 


رفع حاجبيه بتيبس وضيق من تلك الاخطاء التي يوقع نفسه فيها بدون قصد , فهتف محاولاً تغيير الحديث :


- أتعلمين في كل مره أقرأ فيها هذه الأيات خصيصاً تؤثر بي وبشده أشعر أنها تلمس أوتار قلبي . 


-بالطبع أوافقك فسورة يوسف من أروع السور وبها الكثير من المواقف المؤثره وبشده إن لم تكن جميعها , لكن هناك الكثير من الايات بها مثل الآيات التي تقص لقاء يوسف ب أهله , وآيات ارتداد البصر لسيدنا يعقوب , فلمَ هذه الأيات بالتحديد ؟ 


تنهد بعمق وهو يلتف بجسده ليستند علي سور الشرفه :


- قصة يوسف وأخوته تتكرر في كل زمان مع اختلاف المكان والمواقف لكن الامر نفسه.


-وهل حدثت معك؟!


-أسمعتي عن حاكم جاردينيا الجنوبيه ؟


- رعد ؟


انتفض في وقفته حتي شهقت هي بخضه من انتفاضته المفاجئه وأخذت تنظر له باستغراب , قبض بإحدي يديه علي سور الشرفه محاولاً جمح لجام غضبه وأخذ نفس عميق قائلاً من تحت أسنانه:


-حسناً هل يمكنكي ألا تذكري اسمه! . 


ظنت أنه لايريد سماع أسمه فأومأت بهدوء, ولكن الحقيقه أنه لا يعنيه أن يُذكر اسمه أم لا , ولكن ما يعنيه أن لا تذكره هي , يهمه أن لا تتطرأ للحديث عن رجل آخر حتي لو كان اسماً فقط , وإن كان هذا جنون فهو مرحب بهِ .


- هناك الكثير من الخبايا التي تتخلل قصتنا والتي لا يعلمها أحد سوانا وحيدر وأمي . 


قطع حديثه دقات فوق باب غرفته فالتف برأسه ورفع صوته يأذن بالدخول فدلف "ثابت " هاتفاً بابتسامه :


-لقد وصلت العائله الحاكمه سموك . 


ابتسم بسعاده هاتفاً :


-حقاً أوصلت أمي !.


-نعم . 


كاد يذهب لاستقبالها بعد غياب دام لشهران حيث كانت بإحدي البلاد البعيده  تخضع لعلاج متخصص لما تعانيه من مرض بالقلب واصطحبت معها أخيه وزوجته وإبنه الصغير ...ولكن توقف مُلتفاً ل "روبين " التي تتابع الموقف بصمت وقال:


- أريام هيا أريدك أن تتعرفي علي أحدهم .


قال حديثه بحماس وسعاده غير مدركاً لنبرته الحميميه التي تحدث بها ولا لتخليه عن لقب الطبيبه , وإن غاب كل هذا عنه لم يغب عنها بالطبع , وقفت تنظر له ببلاهه وهي تشعر بالتوتر فلما ستقابل والدته! ولما يتحدث معها بتلك النبره المودده ! 


هتف باستعجال :


-هيا أريام اذهب لتبدلي ملابسك سريعاً . 


زاد توترها وهي تطالع ثيابها التي اتسخت بالفعل خاصة وأنها بيضاء , قضمت شفتيها بتوتر وهي لا تعرف كيف تخبره أنها لا تمتلك غيرها .


لاحظ اضطراباتها ونظراتها لثيابها ففطن السبب مُأنباً نفسه أنه لم يخبرها بما أمر به صباحاً , فقال سريعاً:


-أعلم أنكِ لم تجلبي ثيابك من السجن لذا أمرت بجلب ثياب جديده لكِ ستجدينها بالداخل . 


شخصت عيناها في ذهول وسريعاً ما تحولت نظراتها للامتنان :


- شكراً كثيراً .


- لا عليكِ , هيا اذهبِ وأنا انتظرك هنا لا تتأخري .


-لما سأقابلها ؟أقصد والدة سموك . 


حك ذقنه بتفكير لثوانِ ثم هتف :


- لأنك طبيبه النساء هنا بالقصر و أمي هي المسئوله عن كل ما يخص نساء القصر لذا يجب عليكما التعارف , هيا اسرعي . 


-حسناً .


قالتها باستسلام وهي تدلف للداخل لتفعل ما يطلبه , أما هو فوقف يطالع أثرها بشرود وهو يتذكر كيف بعث مع أول ضوء للنهار لبائع الثياب ليأتي له , حتي أن الحراس قد أيقظوه من نومه , وحين أتي يتذكر كيف كان يتآكله الحرج بعدما صمم علي انتقاء الثياب بنفسه , ولكن لم يهتم للأمر أكثر من اهتمامه بأن تكون الثياب التي ترتديها من اختياره هو , لقد بدأ بفعل الكثير مما لا يليق للحاكم فعله . 


مرت دقيقتان تقريباً حتي وجدها تطل من شرفة غرفتها بما أذهب عقله , ذلك الفستان الأزرق بلون السماء الصافيه و الذي كان أحد اختيارته ولكن لم يتوقع أن يكون بهذه الروعه عليها , فستان أزرق بأكمام به ورود بيضاء تنتشر علي الصدر وينزل علي اتساع رغم انسادله علي جسدها والطبقه السفليه تنقسم لطبقه بيضاء تعلوها طبقه أخري زرقاء مفتوحه , تمتم بخفوت " يا ويلك يا إيفان " . 


___________________________


- إذاً استنجدت بك وأنت المغفل الذي قبل الزواج منها .


قالها " مفيد " بغضب ليهتف " عبد الرحمن " بنبره تحذيريه :


- كلمه أخري وسأجعل يدي من تخاطبك وليس لساني .


ضغط علي يده بغيظ وقال وهو يضرب الباب بيده :


- حسناً , إلي الجحيم كلايكما . 


ذهب وهو يشتعل غضبا ً ليزفر " عبد الرحمن " بضيق وهو يغلق الباب , ليري " شمس " واقفه بقلق فهتف بابتسامه :


- لا تقلقي لن يقدر علي فعل شئ مادمت هنا , سأعد أنا الطعام ما دُمتي مريضه فلترتاحي حتي أنتهي .


وقفت تنظر له وهو يتحرك لإعداد الطعام بمشاعر تسيطر عليها رويداً رويداً , أقل كلمه منه تجذبها وأقل فعل يبهرها , ربما لانها لم تعتاد أيضاً علي أسلوب اللين منه ولم يكن بينهما سوي الشجار لكنها الآن تري جانب آخر لشخصيته ...جانب لطالما حلمت به يوماً. 

_________________________


_ أمي . 


هتف بها "إيفان" وهو يتجه لوالدته التي رددت بلهفه:


- عزيز أمك , لقد اشتقت لك كثيراً يا قرة عيني .


احتضنها باشتياق حقيقي قائلاً:


- وأنا أكثر , هل أنتِ بخير , هل تعافيتِ ؟ 


ابتعدت تكوب وجهه بكفيها قائله بأعين دامعه :


- شُفيت حينما رأيتك ياعزيزي . 


قبل يدها بحب ونقل بصره لأخيه هاتفاً : 


-كيف حالك محمد؟


-بخير أخي مادمت أنت بخير .


ابتسم بسعاده وهو يلتقط الصغير من جواره يرفعه علي كتفيه : 


-اووه , ولدي الغالي كيف حالك يابطل . 


رد الصغير صاحب الست سنوات بسعاده:


-بخير عمي مادمت أنت بخير . 


ضيق عيناه بمرح قائلاً:


- انظروا من أصبح يتذاكي ويتلاعب بالأحاديث !


-أنه مثلك تمامًا , حينما كنت صغير . 


قالتها " زينب " والدة "إيفان" , التف " إيفان " ل زوجه أخيه " نور " هاتفاً بترحيب : 


-كيف حالك نور ؟


-بخير إيفان , وأنت؟ 


-بخير , 

وجه حديثه للصغير المحمول فوق يده :


-متي ستكبر غيث , أريدك أن تصبح الحاكم محلي ونزيل أبيك من القائمه ما رأيك ؟


رد "محمد" بمرح:


-وأبيه أكثر من مرحب , بل وسأدعو الله أن يرزقكما الخير من أجلي . 


زم " غيث " شفتيه بتزمر وقال :


-أنا مازلت صغير عمي , لم أتمتع بشبابي بعد , أيمكنك حمل الحكم عني لعدة سنوات أخري . 


تعالت ضحكات الجميع علي حديث الصغير , متناسين تلك التي تتابع الموقف علي بعد قريب منهم وعلت ابتسامه فوق شفتيها علي حديث "غيث" , ولكن تجمدت ابتسامتها وهي تتابع ضحكة "إيفان " المجلجله وقد حُفرت غمزاتيه فوق وجنتيه بوضوح , كم بدا وسيماً بضحكته هذه بل بدي مُهلكاً هكذا حدثت نفسها لتفيق علي صوت والدته تتسائل :


-من هذه إيفان ؟ 


التف ل"روبين" يطالعها بابتسامه مشيراً لها بالاقتراب أكثر , فاقتربت بتوتر , وقال:


- إنها أريام الطبيبه الجديده . 


هزت " زينب " رأسها بترحاب طفيف لها :


-مرحباً أريام.


ابتلعت ريقها الذي جف من فرط التوتر و ردت باضطراب :


-مرحباً سموك.


لم تشغل " زينب " بالها بها أكثر وراحت تتحدث مع " حيدر " الذي وصل للتو .


فشعرت " روبين " أن وجودها لم يصبح له حاجه فالتفت تنسحب بهدوء . 


أمال " حيدر " علي زوجة عمه يهمس لها :


-أتعرفتي علي أريام ؟


-نعم , إيفان أخبرني عنها.


رفع حاجبيه بدهشه وهو ينظر ل " إيفان" المنشغل بالحديث مع " غيث " وقال:


-حقاً , وهل أخبركي كم يعشقها أم لم يوضح الأمر .


اتسعت عيناها بذهول لم يلاحظه "حيدر " المراقب لإيفان والذي أكمل :


-يريد تأخير الزواج حتي يصارحها بحبه لها , لكن أنا كان لدي رأي آخر ما رأيك أنتِ ؟


التف لها ليجد الصدمه في أوضح صورها علي وجهها تردد بصدمه :


-وهل قرر إيفان الزواج!؟وهل يحب أحدهما؟


لطم بكف يده علي وجنته برفق مردداً بفاه مفتوح:


- أولم يخبرك؟


-بماذا؟


قالها " إيفان " الذي اقترب منهما للتو لينظر له "حيدر "يبتلع ريقه بصعوبه وقد أوشك علي البكاء قائلاً :


- انتظر ...سأشرح لك .


لم تعطه " زينب " فرصه وهي تهتف ل"إيفان" :


- لما لم تخبرني أن أريام ليست طبيبه فحسب !لم تخبرني أنك تنوي الزواج منها .


- حيدر.


رددها "إيفان" بغضب وهو يضغط علي أسنانه بعنف ويطالعه بشرارات تنبعث من عينيه إن طالته ستحرقه حياً. 


ربنا يرحمه حيدر كان طيب و أهبل ......😂


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثالث عشر 13 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية جاردينيا (لعنة الحب))

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)


روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات