📁

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى 2 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى 2 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) البارت الثانى 2

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الجزء الثانى 2

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الحلقة الثانية 2

رواية جاردينيا (لعنة الحب) بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى 2 بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (لعنة الحب)


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثانى 2


"لغز العطر الأبيض" 

الفصل الثاني

جاردينيا (لعنة الحب) 

ناهد خالد


" الأشياء الغامضه دائماً ما تُثير فضولك "


جلسا فوق الفراش وأمامهما زجاجة العطر، ينظران لها بتمعن وكأنها ستنطق وتجيبهما علي أسألتهم حولها!، زفر "عبد الرحمن" بملل وقال :


_وبعدين ياروبين! هنفضل قاعدين باصين لها كده لأمتي؟


زمت شفتيها بضيق وحيره قائله:


_مانا لازم أفهم أي حكاية الأزازه دي... أنت متخيل أن بقالنا ٣ أيام بنستخدمها أنا وأنت ومنقصتش سنتي! طب ازاي! وغير كده لي لما حطينا منها محدش شمها غيرنا... يابني دي حتي ماما لما جيت أشممها لها قالتلي مش شامه حاجه!


قلب عينيه بضجر :


_بصي أنا زهقت، تيجي نرميها ونخلص؟


ردت باستنكار :


_نرمي أي أنت مجنون! دي ريحتها تهبل وكمان مدفعتش فيها فلوس.


_ايوه بس حاسس إن وراها ألغاز كتير واحنا مش ناقصين نفكر في برفيوم كمان، يعني كانت مشاكلنا خلصت!


أشاحت بيدها وهي تنهض ممسكه بها واتجهت للسراحه خاصتها واضعه إياها فوقها وقالت :


_برضو مش هرتاح غير لما اعرف اي الحكاية .


______________


وصلت لعملها لتستمع من زميلاتها بخبر مجازاة الممرضان التي أخبرت المدير عن إهمالهما، وتناقل الخبر  بين جميع عاملين المستشفي، خاصة ً بعدما أعلن المدير عن مجازاة كلاً من يُقصر في عمله، وكلف رؤساء الأقسام بمتابعة عمل الجميع، فكانت قرارات صارمه تشهدها المستشفى لمرتها الاولي منذ سنوات، اتجهت للعياده الخارجيه التي تعمل بها والتي تكتظ دائما ً بالمرضي، وبين مريض وآخر لايوجد فرصة للراحة، فقط تحصل عليها بعد انتهاء مدة عملها، أنهت فحص المريض الذي معها ، فاستمعت له يهتف بتساؤل :


_هو أنا عندي أي؟ 


ردت بهدوء :


_حضرتك بتعاني من التهاب كبدي بس ده كشف أولي، أنا دكتوره عامه، فانا هحولك علي الدكتور المتخصص ،هتلاقي عيادة الجهاز الهضمي والكبد بعدنا بعيادتين. 


أومأ لها بموافقه وذهب قاصداً العياده التي أدلته عليها، أكملت فحص باقي المرضي، وبعد دقائق وجدته يدلف ثانية ً بعد صعوبه لرفض المرضي المنتظرين دلوفه قبلهم، هتف لها :


_العيادة قافله بيقولوا هتفتح الساعه ٢. 


نظرت بساعتها لتجدها تشير للثانية عشر، فقالت:


_الساعه ١٢ تقدر تستناهم ولا أكتبلك علي حاجه ممكن تمشي عليها أسبوع لحد ما تيجي لهم؟


رد :


_ياريت أنا تعبان ومش هقدر استني. 


أومأت له وهي تتجه للأوراق تدون عليها بعض الأدوية التي ستخفف من ألمه لحين العرض علي الطبيب المختص، وأعطته الورقه مخبره إياه أن يجلبه من الخارج لأن مثل هذه الأدوية لا تتكفل بها المستشفى مادام ليس محتجزاً بها، طأطأ الرجل رأسه بحزن وهو يطالع الورقه، شعرت "روبين" أنه غير قادر علي تحمل تكاليف الدواء وقد صدق حدسها حين سألها بعجز بدي علي وجهه بوضوح :


_هو.. يعني يكلف كام الدوا ده؟ 


هزت رأسها بجهل قائله:


_والله مش عارفه، بس ممكن ١٠٠ وممكن أكتر، عموماً دوا الكبد مبيبقاش رخيص عشان كده كتبتلك نوعين بس. 


_هو أنا لازم أجيبه؟ مفيش يعني علاج طبيعي أقدر أخده في البيت، اعشاب ولا أي حاجه؟ 


"العجز" يندرج في قائمة المشاعر الأكثر قسوة وبشاعه ، حين لا تمتلك مال تصبح مكتوفي الأيدي وغير قادر علي مسايرة ظروف حياتك، ربما لا يطلب الكثير ولكن حتى القليل يعجز عن توفيره، لاتعرف ماهي ظروف هذا الرجل.. أهو وحيداً ولا يمتلك مصدر رزق لتدبر ظروف معيشته!؟، أم يتحمل مسؤولية أسرته والأعباء زائده عليه لدرجة تجعله ليس حمل تحمل نفقات زائده يصرفها في الدواء!، ولكنها تُرجح الأولى خاصةً أنه قد أتي وحيداً وملامح وجهه توحي بأنه لايمتلك مال من الأساس غير الضعف الظاهر عليه لقلة طعامه، تنهدت بحزن علي هذه الحاله المشابهه للكثير من الحالات التي تقابلها في عملها، اقتربت من الرجل هاتفه :


_روح صيدلية المستشفي وهم هيعطوك الدوا. 


رفع رأسه يطالعها وقال:


_ايوه بس.. 


قاطعته بابتسامة قائله:


_هتاخدوا علي نفقة المستشفى أنا هكلم الصيدلي. 


ابتسم بامتنان قائلاً :


_ربنا يباركلك يابنتي ويبعد عنك كل شر. 


ابتسمت له بهدوء وما إن ذهب من أمامها حتي أخرجت هاتفها طالبه من يعملون ب صيدلية المستشفي، وقالت :


_هيجيلك راجل دلوقتي محتاج دوا للكبد أعطيه له وضيفيه علي حسابي. 


استمعت لصوت زميلتها تقول بضيق:


_وبعدين يا روبين أنتِ يابنتي كده مش هتلاحقي، حسابك بقي ٤٠٠ جنيه واحنا لسه في نص الشهر. 


_ايوه مانا بسده لما اقبض عاوزه أي؟! 


_يابنتي أنا بتكلم عليكِ مش عليا، أنتِ بتاخدي كام يعني عشان تدفعي للصيدلية كل شهر فوق ال٨٠٠ جنيه! 


_ربنا بيمشيها وكمان باخد من بابا مصروف ليا كل شهر بضيفه للي باقي من مرتبي، متقلقيش المهم بس تعطيه الادويه زي ماقلتلك. 


ردت الأخيرة باستسلام:


_ماشي زي ماتحبي. 


أغلقت معها ناظره أمامها بشرود، تلومها لمساعدة الاقل من القليل مما يحتاجون المساعده!، كل هؤلاء ليسوا إلا نسبه ضئيله ممن يحتاج للمساعده، ولو بيدها لم تتواني ولو ثانيه عن مساعدتهم ولكن هذا أقصي ما يمكنها فعله، تتمني لو تمتلك قوة ما لتساعد كل من يحتاج، أو يخرج لها مارد من فانوس سحري فتطلبه منه مساعدتهم، ولكن كل هذه الأحلام الواهيه تتحطم علي صخرة الواقع، فتعود لتطالعهم بعجز لعدم مقدرتها علي فعل المزيد، تنهدت بعمق وعادت لتكملة الفحوصات، وثغرها تزينه ابتسامة لا تُمحي من عليه، تعطيها لكل مريض علّها تخفف عنه ولو القليل. 


____________________


جلس فوق مكتبه بتلك الشركه التي يعمل بها، لم يستطع العمل بشكل جيد اليوم ف قصة المرأه التي ظهرت له والتي لم يراها العامل بالمحل تشغل فكره، والعطر الذي لم يعرف عنه البائع شيئاً يعني أنها أتت به من الخارج!، إذاً كانت قادمه من أجله هو؟ أم الأمر كله مجرد صدفه؟، تتضارب الأسئلة برأسه ولا يجد لها إجابات، رغم حديثه اللامبالي مع أخته ولكن الأمر يشغله حقاً خاصةً أن الأمر حدث معه هو، وأيضاً قصة أن لا أحد غيرهم يشتم رائحة العطر!، الكثير من الشكوك تدور حول ذلك العطر الأبيض الغامض، فتح الجهاز المحمول خاصته ودلف لأحد محركات البحث الأكثر شهره، وكتب "عطر جاردينيا"، ظل يتنقل بين المواقع في محاولة لمعرفة إن كان العطر موجوداً أم لا!؟ 


_____________________


_يوه هو انتوا مش ناويين تصلحوا الأسانسير يا عم متولي أنا نفسي اتقطع من السلم. 


هتف بها "روبين" بغضب وضيق وهي تقف أمام حارس العقار،، ف رد الأخير بقلة حيله:


_نعمل أي يا دكتوره الست هدي اللي في الدور الثالث لسه مدفعتش فلوس التصليح، بتقول لسه مقبضتش المعاش مستنيها لما تقبض وربك يعدلها. 


رفعت رأسها لأعلي تستنشق الهواء بتعب بعد يوم شاق بالمستشفى لم تكن حمل صعود أربع أدور لتصل لفراشها التي تتلهف رؤيته والارتماء عليه، التفتت ل الحارس تهتف :


_مش مدام هدي رجليها بتوجعها ومبتقدرش تنزل السلم... يعني هي أكتر حد محتاج للأسانسير. 


_ايوه صح، ماهي من يوم ما باظ وهي منزلتش خالص وبتبعتني أجيب طلباتها. 


_ايوه بس هي في جمعيه بتساعد فيها أعتقد بتروح كل يومين!؟ 


_مراحتش الفتره دي عشان الأسانسير، لو نزلت السلم وطلعته هتقعدلها شهر في السرير دي بتمشي بالعافيه. 


_طب ماتشوف حد من اللي ساكنين في الدور الأول تبدل معاه. 


_هم ساكنين قبلها هي مبقالهاش غير ٣ شهور هنا، ومحدش هيرضي يطلع من شقته. 


صمتت قليلاً تفكر، ثم أخرجت من حقيبتها المبلغ المطلوب وقالت:


_بص ياعم متولي خد الفلوس اهي اللي ناقصه، بس بكره ان شاء الله تكون جايب واحد يصلحه. 


التقطت منها النقود وقال:


_ماشي يادكتوره وأنا هبلغ مادام هدي أنك دفعتي نصيبها. 


نفت برأسها قائله:


_لا بلغها إني مش عاوزه الفلوس تبقي تحطها في الجمعيه، وإن شاء الله كل فتره هبعتلها مبلغ للجميعة. 


_ربنا يجازيكِ خير يادكتوره، معلش يعني لو بتقل عليكِ بس عندي أخويا تعبان بقاله مده لو ينفع أبقي أجيبه يوم أجازتك تكشفي عليه. 


أومأت بهدوء مبتسمه وقالت :


_مفيش مشكله هبقي أكشف عليه إن شاء الله. 


________________


ارتمت فوق الفراش براحة مغمضه عينيها بتعب تتنفس بعمق وكأن الأكسجين قد قُطع عنها طوال اليوم، ورغم كونها قد اعتادات علي الأيام الشاقه بعملها، ولكن يومياً تعود مُرهقه لأقصي حد، "ف الألم لا يُعتاد عليه، حتي وإن أفتوا عكس هذا" ، استمعت لشجار أخيها وأمها كما هو مُعتاد، لم تهتم للأمر، حتي استمعت لباب غرفتها يُفتح و يُغلق بعنف انتفضت له، طالعت أخيها الواقف أمامها بغضب هاتفه :


_أنت ياحيوان فزعتني! 


اتجه للفراش يرتمي بجانبها علي ظهره ورفع قدمه اليسري مُثبتاً إياها فوق الفراش ووضع قدمه اليُمني فوقها، واضعاً يده اليمني أسفل رأسه والأخرى وضعها فوق جبينه وكأنه يُفكر ب أمر ما، ولم يهتم لها، حدقت به بأنظارها الغاضبه، وزفرت بضيق وهي تعاود قفل عينيها. 


نظر لها "عبد الرحمن" بجانب عينيه فرأها مغمضة العينين، عاد لوضعيته الأولى وهتف بحنق:


_أمك هزأتني وأنتِ ولا في بالك!. 


ردت ومازالت مغمضه عينيها :


_وأي الجديد! ماهي علي طول بتهزقك. 


_لا المره دي زعقتلي جامد وجرحتني بكلامها. 


فتحت عيناها بتكاسل ونظرت له قائله ب ملل:


_ايوه وأنا مالي؟ 


زم شفتيه بغيظ ونظر لها بضيق قائلاً :


_مش أنتِ أخت ِ الكبيره.. يعني المفروض تدافعي عني وتجبيلي حقي. 


قهقهت بصخب قائله بسخريه :


-والله! سبحان الله دلوقت ِ  الكبيره!؟ 


أشاح ببصره عنها في ضيق، فهمهمت بهدوء مُتسائله:


_أي اللي حصل!؟ 


انتفض جالساً بحماس وكأنه سيروي عليها إنجاز ما! وقال:


_أنا هحكيلك عشان تعرفي إني مظلوم في البيت ده. 


أومأت له بهدوء ليُكمل :


_بصي يا ستي.. أنا جيت من الشغل حران وزهقان وملقتش ماما هنا قلت أدخل أعمل عصير ينعشني علي ما تيجي، المهم لاقيت فراوله بترقص كده في التلاجه فجبتها و....


قاطعته بحاجبين مقطبين مُتسائله بتعجب  :


_معلش بترقص ازاي الفراوله؟! 


زفر بنفاذ صبر مجيباً:


_يابنتي يعني حمرا كده وبتلمع تحسيها بتقولك تعالِ كُليني، و بترقص دي مجاز، ومتقاطعنيش تاني. 


أشارت له بصمت، فأكمل حديثه:


_المهم جيت أعمل العصير نسيت أن الخلاط بتاعنا موديل قديم وبيحتاج تضغطي علي غطا الشفشق عشان ميطيرش.. وده بالضبط اللي حصل لسه بشغل لاقيت الغطا طار والعصير بهدل الدنيا، والمطبخ بقي عباره عن فراوله.... قلت مش هعمل عصير تاني أنا هعمل أي حاجة أكلها... قررت أعمل بيض، لزق مني في الطاسة لازقه سودا، بعد ماتحرق طبعاً عشان سيبته ودخلت أجيب الموبايل من الاوضه علي ما ادورت عليه ورجعت كان اتحرق، قلت أغسل الطاسة قبل ماماما تيجي، طبعاً البيض مسك فيها، فجبت سكينه وفضلت أحاول أطلعه.. وطلع.. بس الطاسه اتخربشت جامد وبقي شكلها زفت، قلت مش مشكلة أروح اغسلها وارجعها مكانها ولا كأني عملت حاجه... بفتح يابنتي الحنفيه لقيتها طلعت في إيدي، ده ذنبي؟! 


نظرت له بذهول ورددت بصدمه:


_ذنبك! ده أنا لو منها كنت أقطعتك وعبيتك في كياس! كل ده يا قادر وتقول هو ذنبي! 


أشاح بيده في ضيق وقال:


_مكنتش قاصد يعني، بعدين لو كنت لاقيت حد منكم مكنش حصل كل ده، لكن أنت ِ كنتِ في الشغل وماما كانت بتجيب طلبات من السوبر ماركت. 


ردت باستسلام :


_صح احنا غلطانين، قوم بقي أطلع برا عشان عاوزه أنام ساعه قبل ما بابا يرجع من الشغل ونتغدي. 


نظر لها باشمئزاز وهتف وهو يتجه للخارج:


_أي الأشكال دي! أنا غلطان أني عبرتك.. 


طالعته حتي خرج وتنهدت بتعب ومن ثم اتجهت تغير ثيابها استعداداً للنوم قليلاً. 


_____________________


بعد ساعتين... 


جلس أمام التلفاز يجعد ملامحه ليبين غضبه، جائت والدته وجلست بالمقعد القريب منه، لينزوي بآخر مقعده رغم الفروق بينهم، نظرت له بسخريه.. يحاول إظهار ضيقه وحزنه منها بأي طريقه ممكنه حتي ولو كانت سخيفه مثل التي فعلها الآن!، ابتسمت بسأم "عبد الرحمن" ورغم تخطيه للعقد الثاني إلا أنه لم يتخلِ عن تصرفاته الطفوليه، يغضب ك الأطفال ويريد المصالحه ممن أغضبه مثلهم، تنهدت بصوت قائله بحسره :


_ياخيبتي في ابني هو اللي غلطان لا وكمان مقموص! 


نظر لها بجانب عينيه وعاد ينظر أمامه رافعاً رأسه لأعلي بشموخ وتمتم بكلمات الأغنية التي استمع لها سابقاً :


_أهل دول وخوات ولمه ولا دول تعابين وسامة.. شوفت جرح وغدر منهم دبحوا فيا ما حد سمي.. 


تأوه بوجع حينما اصطدم  خُف والدته بجانب وجهه وهي تقول بغضب:


_تعبان لما يلدغك ياحيوان.. احنا تعابين! 


_يسمع منك ربنا، يكش نخلص منه. 


قالها "نبيل" وهو يدلف للشقه بعدما عاد من عمله، لترد بضيق قائله :


_بس يانبيل متدعيش عليه. 


نظر لها بذهول متمتماً :


_مش أنتِ اللي قولتي!؟ 


_أدعي علي ابني وأكره اللي يقول آمين. 


أردف بضيق  وهو يدلف لغرفته:


_كل مره أحلف ما ادخل بينكم تاني وبرضو بدخل أنا اللي غلطان. 


اقترب منها وجلس علي يد المقعد محتضناً إياها قائلاً بمرح:


_ياني علي القمر اللي خايف عليا. 


لكزته بيدها وهي تبعده قائله :


_روح اجري اقعد مكانك.. احنا لسه مخلصناش الخناقه. 


أشاح بيده بلامباله:


_لا ماهي خلصت خلاص أنا اتصالحت بالكلمتين الحلوين الي قولتيهم في حقي. 


رفعت يدها تهتف بتحذير:


_آخر مره يا عبده تدخل المطبخ وإلا... 


قاطعها سريعاً :


_مفيش وإلا أنا مش هدخله تاني. 


قامت وهي تقول :


_ماشي أما نشوف تعالي يلا عشان تحول الأطباق معايا وروح صحي أختك. 


وقف في منتصف الصاله ينظر يميناً حيث غرفة أخته ويساراً حيث المطبخ وقال بحيره :


_ايوه يعني اصحي أختي ولا أجي أحول الأكل! 


أتاه صراخها من الداخل :


_تعالي حول الأكل الأول يا آخرة صبري. 


اتجه لها ووقف منتظراً أن تنتهي من التعبئه، فهتفت وهي تعبئ الأطباق :


_واد يا عبده ابقي ادفع النت وأختك هتدفع فاتورة التليفون، خفوا من علي أبوكوا الحمل شوية خلي عندكوا دم. 


رد باستعباط  :


_عبده مين؟ 


_ولا متستهبلش، أدفع من سكات.


قال باستنكار:


_واشمعنا هي تدفع ٨٠ جنيه وأنا أدفع ٢٠٠؟!


_عشان هي مرتبها مبيقعدش، بتساعد الناس في المستشفى و بتبعت كل شهر مبلغ للست جارتنا اللي جوزها اتوفي من كام شهر، لكن أنت مرتبك كله بتحطه في جيبك.


_أنا! أبداً ده أنا مرتبي رايح عليها، رميتلها كريم ب ٢٥٠ جنيه وجبت مكانه، وكسرتلها روچ وجبت مكانه، حتي أزازه البرفان اللي وقعت غصب عني جبتلها مكانها واحده ب... ب ٤٠٠ جنيه، يعني ٧٠٠ جنيه راحوا عليها في يومين.. 


رفعت حاجبها باستنكار وقالت :


_برفان أي اللي ب٤٠٠ ماله اللي ب١٢٠ اللي بجيبه قال مش راشش !


اقترب منها يهتف بانبهار مصطنع:


_لا ياماما ده البرفان ده فظيع، أول مره أعرفه ريحته تجنن، ما روبين ورتهولك.


_آه، ورتهولي بس مخدتش بالي منه ، هو له ريحه ياموكوس، رايح تجيبه ب ٤٠٠ جنية!


رد باستنكار :


_ملوش ريحه أي ده تحفه، وكمان بحثت عليه علي النت لاقيته أصلاً عطر فرنسي جذاب وسحره لايقاوم.


_ده مين قال كده!


_جوجل، ادخلي كده اكتبي "جاردينيا" وهتشوفي هيظهرلك أي!، ده حتي مش موجود في محلات العطور هنا. 


_اومال جبته ازاي!؟ 


رد بتوتر :


_ها! آه مهو في واحده ست عطتهولي كانت عرضاه علي النت للبيع وقالت أنه ب ٥٠٠ بس أنا نزلت معاها وخدته ب ٤٠٠. 


_يلا يانصاب ده أنت جايبه من غير فلوس. 


هتفت بها" روبين" وهي تدلف للمطبخ، التفت والدتها تسأل باستغراب:


_ازاي؟ جايبه ببلاش! 


_بصي هو حوار غريب أوي واحنا لحد الآن مش فاهمينه. 


انتبهت حواسها لهما وهي تهتف:


_حوار أي؟! 


رد "عبد الرحمن" بتوضيح :


_أنا كنت في محل العطور لاقيت ست كبيره شوية في السن ولبسها حسيته غريب كده، معاها البرفيوم ده وبتقولي أنه حلو، فشميت ريحته عجبني أوي، قولتلها اسمه أي قالتلي "جاردينيا" واختفت فجأة وبع... 


قاطع حديثه سقوط الطبق من يد والدته مُصدراً دوي عنيف، توترت معالمها وهي تقول:


_ال... وقع غصب عني مخدتش بالي. 


هتفت "روبين" بهدوء :


_خلاص يا ماما حصل خير المهم حاسبي لتتعوري. 


لم تعبأ بحديثها وقالت:


_وبعدين يا عبد الرحمن كمل. 


طالعها باستغراب وأكمل :


_بس سألت الراجل اللي هناك عليها قالي إن مفيش ستات شغالين في المحل وأنه مشفش اللي بقول عليها، والبرفيوم أي حد بيشمه بيقول ملوش ريحه. 


قالت ل "روبين" :


_روحي هاتيها اشوفها. 


ذهبت وسط استغرابها من رد فعل والدتها وجاءت بها وأعطتها إياها، أخذت الاخيره تتمعن النظر بالزجاجه، ومن ثم أغمضت عيناها لثوانِ وبعدها فتحتهما تسألها :


_روبين أنتِ شوفتي الست دي؟ 


هزت رأسها نافيةً:


_في حاجه يا ماما!؟ 


ردت بتوتر :


_لا ياحبيبتي مفيش.. يلا حولوا الأكل. 


________________


_أنا بحثت عنه علي النت ولاقيت أنه عطر موجود فعلاً، وأول شركه أنتجته شركه فرنسية سنة ١٩٢٥، وأنه أصله زهره اسمها جاردينيا موجوده في اليابان والصين، والعطر مُستخلص منها. 


زمت شفتيها بتفكير وقالت:


_أنت عارف ياعبده أنا مش شاغلني الست اللي قابلتها ولا أي حاجه... قد مانفسي أعرف لي احنا بس اللي بنشمه!؟ 


_ولي مبينقصش!؟ 


زفرت بضيق لعدم توصلهما لأي إجابة تحل لغز هذا العطر، استمعت ل"عبد الرحمن " يهتف:


_علي فكره ماما فيها حاجه مش طبيعية من وقت ما حكينا لها عن الموضوع، رد فعلها كان غريب وكمان طول الغدا شارده ومش معانا خالص. 


ردت بتأكيد:


_صح، أنا كمان لاحظت، وكانت عماله تبصلنا كتير، تفتكر تعرف حاجه عن الموضوع؟ 


رفع كتفيه بحيره:


_مش عارف بصراحه. 


____________________


جلست أمام التلفاز شاردة الفكر، فقط عيناها تتابعان الفيلم ولكن عقلها بمكان آخر بل وعالم آخر، فاقت علي يد "نبيل" زوجها وهو يلكزها في ذراعها برفق هاتفاً:


_في أي يا شيماء بقالي ساعه بكلمك، أنتِ مالك سرحانه في أي؟! 


ابتلعت ريقها بصعوبه وعيناها مغرغرتان بالدموع، تابعها "نبيل" بعينيه قلقاً علي هذه الحاله التي أصابتها فقال:


_اي اللي حصل مالك؟ 


نظرت له قليلاً وقالت بدموع عاندتها وجرت علي وجنتيها :


_اللي كنت خايفه منه طول عمري حصل، الخطر بيحوم حوالين ولادي يا نبيل. 


اعتدل بجلسته يطالعها بقلق وقال :


_خطر أي يا شيماء؟ تقصدي أي؟ 


ردت بمرار وخوف  :


_أقصد اللي حصلي زمان من قبل ما أتجوزك، والي حكيتلك عنه عشان خايفه يتكرر مع ولادي واهو بيحصل. 


توترت ملامحه بقلق :


_أنتِ تقصدي اللعنه! 


أومأت بصمت ليُكمل بتسائُل قلق :


_هي مسقطتش؟ 


_من الواضح أنها مسقطتش، عطر جاردينيا بقي في أيديهم. 


_ومادام معاهم متنفذتش لي؟ 


نظرت أمامها وهتفت بشرود:


_لسه الروح مطلبتهمش. 


_وبتطلبهم امتي؟ 


نظرت له وقالت :


_يوم اختفاء القمر من السما. 


_ايوه اللي هو امتي؟


_محدش يعلمه، بس هي لسه مظهرتش ل روبين معناها إن لسه قدمهم وقت. 


صمت قليلاً ومن ثم نظر لها حينما جاء بعقله سؤال ما، فقال بتوتر :


_شيماء.. أنتِ لسه بتحبيه؟ 


ارتجف بدنها لذكره ونظرت لزوجها بصمت ومن ثم هتفت بحده قليلاً :


_بلاش تسألني في حاجه مش ب إيديا. 


حني رأسه بتنهيده ورد بتفهم :


_أنا فاهم، بس كنت عاوز أعرف هي اللعنه دي مستمره حتي بعد كل السنين دي؟ 


_مستمره طول ما فيا نفس، أمي الله يرحمها ماتت وقلبها لسه هناك، مكنتش أتمني عيالي تعاني من اللي عانينا منه، أتمنيت لو كنت قدرت أنهي اللعنه بالقربان اللي قدمته، بس للأسف مانتهتش... 


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الثالث 3 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية جاردينيا (لعنة الحب))

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)


روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات