📁

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الرابع 4 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الرابع 4 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) البارت الرابع 4

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الجزء الرابع 4

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الحلقة الرابعة 4

رواية جاردينيا (لعنة الحب) بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الرابع 4 بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (لعنة الحب)


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الرابع 4


"تخبط" 

الفصل الرابع ج١

جاردينيا (لعنة الحب) 

ناهد خالد


"التخبط... شعور ليس مصدره الوحيد عدم القدره علي اختيار الطريق المناسب والوقوف حائراً في منتصف الطريق...هناك مصدر آخر له وهو عدم فهم ما يحدث من حولك من الأساس.. فتبدو ك التائه وسط الزحام"


فتح "نبيل" باب المنزل بيده مرتجفه، وعقل شارد، وتبعته "شيماء" التي تنظر أمامها بعيون متخبطه تتحرك بغير هدي، قلبها يُعتصر، وشعر الأمومة بداخلها يصرخ بها لنجدة أولادها قبل الوقوع في المحظور الذي ربما لا عوده منه، ولكن هل لها أن تنقذهم! لو تستطيع لكان استطاع السابقات فعلها!، دلفوا تباعاً للصالون وجلسا الوالدين فوق المقاعد يرتمون بشرود ومعالم وجهه قلقه، نظر "عبد الرحمن" و"روبين" ل بعضهما باستغراب لتلك الحاله التي أصابت والديهما، فجلسوا أمامهما لدقائق ينظرون لهما فقط يتابعون حالتهم الغريبه تلك... حتي قرر "عبد الرحمن" قطع الصمت حين هتف بتساؤل:


_هو في أي يا جماعه مالكوا؟ 


رفعت "شيماء" عينيها ببطئ ونقلت بصرها بينهما بأعين تلمع بالدموع... تتفحص ملامحهما وكأنها تراهما لمرتها الأولي، تلتهمهما حدقتيها وكأنها تريد طبع صورتهما في مخيلتها..... استفاقت علي صوت "روبين "تهتف بتعجب  :


_في أي ياماما؟ 


وقفت تتجه لهما وجلست بينهما فوق الآريكه تمرر بصرها بينهما وعلي حين غره جذبتهما سوياً لأحضانها تتشبث بهما بقوه ولو استطعت حبسهم في داخل صدرها لفعلت، أغمضت عيناها لتتساقط دموعها بغزاره، تحاول كتم شهقاتها حتي لا تُثير ارتيابهم أكثر، نظر لها "نبيل" بحزن لم يكن أقل من حزنها، ونقل أبصاره لأبنائه يطالعهما بقلب مفتور..... حتي حمحم قائلاً :


_خلاص بقي، يلا ياولاد يلا ياشيماء عشان ننام. 


انتبهت لنفسها فمسحت دموعها سريعاً قبل أن تُفلتهما من أحضانها، فتطلعوا لها باستفسار ملئ أعينهما.... حتي أعاد "عبد الرحمن" سؤاله ب إلحاح:


_في أي ياماما مالك؟ 


انتفض "نبيل" يُنهي الموضوع هاتفاً بحده :


_قلت يلا دلوقتي، والصبح نبقي نتكلم. 


خضعوا لحديثه مُجبرين رغم الفضول الذي يتآكلهم حول حالتهما، ولكن التزموا الصمت، واتجهوا لغُرفهم تحت أنظار والديهما الحزينه وقلوبهم المُحترقه، دلفت "شيماء" سريعاً لغرفتها تكتم شهقاتها بصعوبه، وما إن وصلت لداخل الغرفه حتي انفجرت بالبكاء، تبعها "نبيل" مغلقاً باب الغرفه خلفه، ووقف يطالعها بحزن ودموع يحتجزها بصعوبه، نظرت له من بين دموعها وهتفت بوجع وخوف:


_خلاص يانبيل.. هيبعدوا عنا ومش قادرين نعملهم حاجه.. واقفين زي العاجزين مش عارفين نحميهم من مصير مجهول الله أعلم بيه. 


هتف بنبرة مختنقه :


_هيرجعوا زي ما رجعتي. 


نفت برأسها بحسره:


_مش كل اللي راحوا رجعوا، في اللي قرر يفضل هناك وفي اللي اتحجز ومعرفش يرجع. 


ابتلع ريقه بصعوبه قائلاً بأمل مُترجي:


_هيرجعوا إن شاء الله.. أكيد مش هيسيبونا.. مش هيقرروا يتخلوا عنا وينسونا عشان يفضلوا هناك! 


نظرت له بمعني وقالت:


_حتي لو رجعوا قلوبهم هتفضل هناك... دي لعنة الحب. 


______________________


دلفت "روبين" لغرفتها وعقلها مشغول بحالة والديها الغريبه والمُثيره للشكوك لمَ تشعر وكأن والدتها كانت تودعهما!؟ ، وكأنها المره الأخيره التي تراهما فيها!، هناك أمر ما تخبئه والدتها منذ علمت بشئن عطر جاردينيا، ولكن ما علاقته بما حدث اليوم؟! ، ولما القمر مكتمل في غير موعده؟! ، وعلي ذكر القمر خرجت سريعاً للشرفه لتراه ثانية ً فوجدته قد قارب علي الإكتمال تماماً فقط تبقي جزء صغير منه لم يكتمل بعد، جزء لا يراه غير من يدقق به، وقفت تطالعه بتفكير، هل يمكن أن يكتمل القمر في غير موعده؟!، منذ عشرون عاماً فلنقل منذ بدأت فهم الحياه لم تتذكر أن حدث هذا سابقاً، أتي في عقلها فجأه أن تبحث علي الإنترنت حول الأمر، فدلفت سريعاً لغرفتها وأتت بجهازها المحمول في محاوله لفهم ما يحدث، حاولت فتح أحد محركات البحث ولكن الحظ خانها حين لم يكن معها هذه المره ووجدت أن باقة الأنترنت خاصتها قد أعلنت الانتهاء، فكرت أن تذهب ل"عبد الرحمن" لكي تستعمل باقته علي أحد أجهزته، اتجهت لغرفته تدق بابه حتي أتاها صوته يسمح بالدلوف، دلفت لتجده يجلس فوق فراشه مُمسكاً بهاتفه يتفحص شئ ما، أردفت قائله:


_عبد الرحمن أنت مش ملاحظ إن اللي حصل من ماما وبابا النهاردة مش طبيعي! 


اعتدل في جلسته يومئ بتأكيد هاتفاً:


_فعلاً مش طبيعي، وكمان بابا نهي الموضوع بأنه زعق فينا عشان نقوم ننام، واضح أن في حاجه مش عاوزينا نعرفها بس أي هي معنديش تخمين حتي. 


زمت شفتيها بتفكير واضعه يدها بخصرها والأخري فوق ذقنها قائله:


_وكمان حكاية القمر دي مش طبيعيه! 


صمت لعدم وجود إجابه لديه، ولكن انتبه لها تقول :


_بقلك أي باقتك شغاله؟ 


_ايوه. 


_خلينا ندخل علي النت نشوف هل حصلت قبل كده حكايه القمر ولا دي أول مره. 


وفي نفس اللحظه اكتمل القمر علي غفله منهما، وجاء وقت توديع عالمهما بكل ما فيه والذهاب لعالم جديد لم يسمعوا عنه من قبل، ها هي الروح قد طلبتهم، وها هي اللعنه تلبي المطلب. 


كادت تتحرك لتقترب من أخيها تستعمل هاتفه، حتي شعرت بصداع قوي يداهمها وأسودت الرؤيه أمامها لتسقط أرضاً بلا حراك تحت نظر أخيها الذي قفز من فوق الفراش راغباً في نجدتها قبل أن يسقط مغشياً عليه بدون أي مقدمات.... 


___________________


ك من غفل فجأه واستفاق فجأه... لايعرف متي غفل ولا ما حدث أثناء غفلته... وبطبيعة الحال لا يهتم للأمر، ولكن ماذا إن غفل في مكان واستفاق ليجد نفسه في مكان آخر تماماً... بالطبع سيفزع!... ولن يفهم ماذا حدث أو كيف؟... وماذا إن وجد نفسه في عالم آخر ومعالم حياه أخري؟!... سيصيبه الجنون؟! .. ربما!.


فتحت "روبين" عيناها تزامناً مع فتح "عبد الرحمن" عينيه وكأن وقت استفاقتهما محسوب بالثانيه... حينما افترقت أهدابها لتعلن عن نفاذ الضوء لعيناها وما إن بدأت الرؤيه....حتي رأت فضاء أمامها لا تري شئ سوي السماء، انتبهت لكونها مُسجيه فوق ظهرها فبدأت في الاعتدال مستنده علي يديها لتتلمس أرض صخريه شديدة الصلابه، حتي آنت من جسدها لبقائها فوق تلك الأرضيه... اعتدلت لتنظر بجانبها فكان "عبد الرحمن" أول من رأته وقد بدأ بالاعتدال هو الآخر، نظرت علي الأرض أسفلها لتجدها صخور متماسكه ببعضها حتي كونت أرضيه صلبه قويه، نظرت أمامها لتري مسافه كبيره إلى حد ما تبلغ حوالي أربع أقدام من الأرضيه التي تجلس فوقها ، وفي نهايتها حافه لا تري ما أسفلها، وعلي منتهي مد بصرها، بعيد جدا ً تري شئ شبيه بالجبل التفت يميناً فطالعة نفس المشهد... الأرضيه الصلبه تمتد لمسافه أزيد تصل لعشرة أقدام ربما! فهي ليست جيده كثيراً في أمر المسافات، ونهايتها منحدر ربما فهي لا تري ما بعد نهايته جيداً من هنا، ويساراً نفس الشئ... فصارت تلك الأرض التي تجلس فوقها ببقعه أرض تكفي لبناء عدة منازل فوقها فقط تحتاج ل تمهيد، انتفضت واقفه حينما رأت أخيها يفعل لتعقد حاجبيها بدهشه واستنكار لتلك الملابس التي يرتديها، والتي كانت عباره عن عبائه تلتف حوله بالكامل شبهتها بتلك العباءه التي يلتف بها الحجاج، ويظهر كتفه الأيمن ومن أسفله ظهر قميص أبيض اللون بنصف كُم بآخر كمه خط بني يحيط به يماثل لون العبائه، وخُف أسبه بالقُبقاب قديماً حيث أرضيته الصلبه وتلك القطعه القماشيه التي تحيط بمنتصفه ويمتد منها قماشه مماثله لتكون فتحه دلف بها إصبع قدمه، ظلت تطالعه بدهشه لمظهره وثيابه وهو يتقدم للأمام وكأنه يكتشف المكان.. حانت منها نظره لنفسها لتجدها ليست أفضل حال منه... حيث ترتدي فستان بقماش أشبه للقطن ولكنه قاسي قليلاً حتي شعرت ببعض الوخز بجسده أثر إرتدائه ينسدل علي جسدها ليحدد قوامها بدقه حيث التصق بها لحد ما من اللون الأخضر، بمنتصفه حزام عريض أبيض اللون، بأكمام طويله واسعه يجتاحها خط أبيض عريض مماثل للحزام، وزخرفه يدويه بسيطه فوق صدره بالخيط، وخُف أبيض بقماشه عريضه في بدايته، وفوق رأسها قطعه قماشيه مُثبته بمنتصف شعرها المفرود وانسدلت خلف ظهرها لتصل لنهاية ظهرها تقريباً، رفعت رأسها تطالع أخيها فوجدته قد عاد إليها قائلاً بصدمه وعدم فهم :


_احنا فوق جبل! هو ده حقيقي ولا بنحلم!؟ 


تحركت مقلتيها في حيره وعدم استيعاب وقالت:


_مش عارفه... بس اكيد حلم! 


هتف بتذكر:


_آخر حاجه فاكرها أنك وقعتي قدامي في الاوضه وجريت الحقك محسيتش بنفسي غير وأنا بقع زيك، وصحيت لاقيت نفسي هنا! وباللبس ده! 


ارتجف جسدها بخوف وقالت:


_لو ده حلم مكنتش هتقول ده فيه! الحلم بيبقي منفصل عن الواقع.. وفي واقعنا أنا فعلاً دُخت ووقعت.. أي اللي حصل بعدها!.. احنا فين؟! 


تطلعوا حولهما ليجدوا صمت تام مُطبق، تحركوا سوياً لحافة الجبل الأماميه لتفرغ أفواههم حينما رأو العديد والعديد من المنازل أسفل الجبل وتشغل مساحه واسعه.. بل واسعه جداً وهنا إناس لم يظهرون بوضوح يتحركون هنا وهناك... يوجد حياه كامله بالأسفل!،ورغم ارتفاع الجبل إلا أنه ليس بالشاهق، التفوا علي صوت عربه تُصدر صوت مُزعج فوق الأرضيه الصلبه ليجدوا أحد الرجال يجر عربه خشبيه مفتوحه من الأعلي وفي مقدمتها فرس، ولم تختلف ثياب الرجل كثيراً عن ثياب" عبد الرحمن "، نظر لهما بجانب عينيه وأكمل طريقه للحافه الأخري، نظرا لبعضهما ثوانِ ليسرعا بعدها يلحقان بالرجل، وهتفت "روبين" بعُجاله:


_لو سمحت!


نظر لها الرجل باستغراب دام لثوانِ ولم يجيبها، ربما لتواجد إمرأه فوق الجبل في حدث غير مألوف كثيراً، فهمس لها" عبد الرحمن" متسائلاً :


_هو بيبصلك كده لي؟!


ردت بهمس مماثل وأنظارها مُسلطه علي ذاك الغريب :


_مش عارفه! يمكن بيتكلم إنجليزي؟


رفع حاجبيه بتفكير قائلاً :


_يمكن، طب استني كده.


أجلي حنجرته رافعاً رأسه لأعلي مضيقاً عيناه محاولاً تذكر  أي كلمات إنجليزيه مرت عليه في سنوات دراسته، طالعته هي باستغراب لحركاته فسألته بتعجب :


_أنت بتعمل أي؟!


زفر بضيق مجيباً:


_كانت هتيجي..


_هي مين دي؟


قالتها وهي ترفع رأسها تنظر للأعلي كما كان يفعل لعلها تري شئ!


رد بضيق:


_ياستي بحاول افتكر أي كلمة انجليزي في اليوم اللي مش فايت ده..


رفعت جانب شفتيها بسخريه وهي تهتف بتهكم واضح:


_الانجليزي اللي بتسقط فيه من أول سنه رابعه ابتدائي! ده كانوا بينجحكوا عشان بيزهقوا منك، كل صيف يشفوك في يوم امتحان الانجليزي..


نظر لها شرازاً هاتفاً باستنكار:


_هي اللي ماده بتتنسي أحفظ الكلمه من هنا وعلي ما اوصل الامتحان لو جت نفس الكلمة تكون فاكرها ومش فاكر معناها، مش ذنبي!


التفتوا علي اقتراب ذاك الغريب منهم ومازال يطالعهم بنظراته المتفحصه والمتعجبه في آنٍ واحد، ابتلعا ريقهما بتوتر حينما أخرج خنجر كان مُثبت داخل تلك الرابطة الملتفه حول خصره، وأردف بنبرة صوت غليظه :


_من أين أنتم؟ وماذا تريدون؟


كانت حروف كلماته متشبعة تدل علي إجادته للغة العربية الفصحي وتملكه مفاتيحها، إذاً هي لهجته!


ضغط "عبد الرحمن" علي شفتيه بضيق قائلاً :


_ما أنت حلو أهو وبتتكلم عربي أومال مطلع عين أهلنا لي!


نظر له مقطب الحاجبين وكأنه لم يفهمه، وقد كان كذلك بالفعل حينما نطق باستغراب  :


_أي لغه هذه التي تتحدثونها؟ ألستم من هنا! 


قال جملته الأخيرة ناظراً لثيابهم المشابهه لثياب البلدة، ولكن لغتهم مختلفه وملامحهم أيضاً..


كادت "روبين " أن ترد حينما قاطعها هو مُكملاً حديثة :


_ولكن نحن لا ندخل الغرباء، كيف مررتم من حراس الحدود؟!


نظرت ل "عبد الرحمن" بقلق، حديث الرجل يعني إن كُشف أنهم ليسوا من هنا سيقعون بمشكله، وهم ليسوا حمل هذا... علي الأقل ليس الآن!


حاولت "روبين" تجميع كلماتها، مُتحدثه بنفس اللغة الفصحي، حتي لاتثير شك الرجل أكثر :


_لا نحن من هنا، فقط لا نخرج كثيراً من منطقتنا، وأنا وأخي أرادنا التجول لمرتنا الأولى لاكتشاف المناطق الأخرى، فضللنا طريقنا، لذا هل لك أن تخبرنا أين نحن الآن!؟


زم شفتيه بتفكير، وهما يتآكلهما الخوف من أن يكون لم يصدقها أو تكون أخطأت بشئ ما، ولكن تبدد خوفهما ما إن نطق :


_حسناً، لكن لا تبدوان من الشمال وإلا لعرفتكم، فأنا علي دراية بكل أهل المنطقه، من أي منطقه أنتم؟


همس لها "عبد الرحمن" بتفكير:


_مادام في شمال يبقي أكيد في جنوب..


رفع صوته هاتفاً بثقه :


_من الجنوب.


هرج ومرج ساد الأجواء بعدما صرخ الرجل وهو يشهر خنجره بوجههما :


_أعداء من المنطقة الجنوبيه..


بعدها لا يدرون كيف أو متي! التف الكثير من الرجال حولهم مُشهرين سيوفهم وآدوات أخري تبدو غريبة ولكن حتماً من أدوات القتال..


رفعت يدها تضرب رأسها بخوف تأجج بداخلها وهتفت بهمس وعيناها تتناقل بين الرجال بلا هواده:


_ يالهوي..يالهوي روحنا في داهية..


رفعت صوتها تهتف بذعر:


_لا، هو من المنطقة الجنوبيه، أما أنا من المنطقة ... المنطقة الشرقية


أكملت بهمس باكٍ  :


_ علي الله بقي... وربنا يجعلنا من أصحاب اليمين..


كده آقدر أقولكم الروايه ابتدت، ♥️


" الأرض الغريبه"

الفصل الرابع ج٢

جاردينيا (لعنة الحب)

ناهد خالد


"حينما تجد نفسك بما لم تضع له يوماً حسباناً لا تضيع وقتك في الصدمه.. بل أبدأ رحلة الاستكشاف "


رفعت صوتها تهتف بذعر:


_لا، هو من المنطقة الجنوبيه، أما أنا من المنطقة ... المنطقة الشرقية


أكملت بهمس باكٍ  :


_ علي الله بقي... وربنا يجعلنا من أصحاب اليمين.. 


_لم تُضحِي أذكي منه!


التفتوا علي ذلك الصوت الساخر الذي أتي من خلفهما ليجدوا شاب طويل القامه أسمر اللون وجسد متوسط ليس بالمعضل ولا بالنحيف، بدي في أوائل الثلاثينات ربما، ويرتدي زي مشابه لزي البلده ولكن زاد عليه تلك العقود التي تتدلي من عنقه  تشبه تلك التي يرتديها المشعوذين والسحره، اقترب منهم وهو يهتف للرجال من حوله  :


_اتركوهم، إنهم من أقاربي.


رفع الرجل الأول حاجبه بشك وقال بتساؤل:


_من أين هم؟ وكيف يقربونك وهم ليسوا من بلدتنا!


رد بثقه:


_إنهم من أعالي كيتوس كانت لدي خاله تزوجت هناك.. هل تريد أن أحكي لك قصة زواجها؟!


حمحم الرجل بحرج وأردف وهو يشير لباقي الرجال بالإنصراف :


_حسناً، ولكن من الأفضل أن تهبط بهم من فوق الجبل.. وجودهم هنا ليس بالجيد. 


أومئ بموافقه وهي يتجه ناحية اليسار مُشيراً لهما بإتبعاه، نظرا لبعضهما ثوانِ واتجها خلفه فلقد أنقذهم للتو من موت مُحقق، ساروا ورائه حتي وصلوا لحافة الجبل وقفوا أعلاه ينظرون لتلك الدرجات المحفوره بالجبل لتُسهل الصعود والهبوط وجانبها قاموا بتسوية الصخور لتصبح مستويه فيُسهل صعود العربات، كانت الدرجات تصل للخمسة عشر تقريباً نزلت بحذر وهي تستند علي "عبد الرحمن" الذي هتف بضيق:


_رغم كل اللي بيحصل ده وأننا مش عارفين احنا في حلم ولا حقيقه... بس نفسي يطلع حلم لأجل حاجه واحده بس.. 


تسائلت بفضول وهي تنظر للدرج بحرص :


_لي؟ 


تنهد بضيق وقال:


_عشان اللحمه.. كنت هموت علي الفخده اللي أبوكِ جابها امبارح.. ولا الفلوس اللي قلبتها من جدودك.. تفتكري ممكن يلاقوها! ويقلبوني!. 


وقفت ترفع رأسها للسماء وهي تقول:


_يارب.. حاسه ببوادر ذبحه صدريه منك لله.. 


انتبهوا لوصول الشاب لآخر الدرج ووقف منتظراً إياهم، فترجلوا سريعاً حتي وصلوا إليه وساروا خلفه ليجدوا نفسهم بين بيوت البلده، راحوا يتفحصون المكان ويلتفون يساراً ويميناً في تعجب، كانت بيوت البلده تُشبه الأكواخ.. مبنيه بالطوب الذي اكتسب لون أبيض وكان اللون الموحد لجميع البيوت.. ومنهم من كان دور واحد فظهر أقرب تشابهاً للكوخ، ومنهم من كان دوران ولم يكن هناك أكثر من دورين... ولكن الجميع تشابه في عروش البيوت التي كانت متدليه للأسفل وكأن الجليد يزورهم كثيراً أو ربما المطر... ومن الظواهر التي لاحظوها أن جميع أهل البلده يمتازون ببشرتهم البيضاء والتي تغزوها بعض الحُمره لدي البعض، والقليل جداً من ظهر ببشرته السوداء.. ربما ليسوا من أهل البلده!!.. كانوا يذهبون هناك وهناك... منهم من يجُر العربه التي تحمل أخشاباً أو شكائر مُغلقه، ومنهم من يحمل أواني خشبيه واسعه تشكلت من أخشاب الاشجار والخوص ووُضعت فيها الخُضره ومشُتريات أهل البلده وصُنعت لها يد للإمساك بها، وأما البائعين فكانوا يتراصون بالجانب علي الأرضيه فارشين بضائعهم علي أقمشه عريضه ، ضربت البروده أجسادهم فجأه فارتعشت "روبين" وهي تلتصق ب"عبد الرحمن" الذي قال :


_الجو برد كده لي؟! 


_البروده موجوده دائماً.. فقط أجسادكم قد فقدت دفئها التي أتت بها من عالمكم. 


قالها ذلك الغريب وهو يسير أمامهما، ليضما أيديهما لأجسادهما يحاولان بعث الدفئ لها، وصلوا لأحد البيوت التي لم تختلف عن الباقين، ودلفا للداخل يتبعون ذلك الشاب، كانت صالة البيت تحتوي علي أريكتان خشبيتان بُطنتا بالقماش، وبأحد الأركان أخشاب كثيره موضوعه وجانبها نصف دائره بُنيت من الطوب التي تكونت من حوالي صفان من الطوب العريض والتصقت بالحائط من الناحيه المفتوحه وبداخلها آثار أخشاب محروقه من الواضح أنها مكان طهي الطعام، وبعض الأحجار الصغيره وُضعت بجوار الأخشاب ليستخدمونها في إشعال النيران، وغرفه أخري لم يتبينوا ما بها وبجوارها غرفه صغير لم يتبينوا أيضاً محتواها... جلسا فوق الأريكه وأمامها الرجل الذي هتف بتعريف لهويته :


_أُدعي صخر.. ساحر البلده.. لا تفهمون شيئاً أليس كذلك؟ 


أومؤا بصمت ليُكمل:


_حسناً أخبروني بأسمائكم أولاً . 


نطق "عبد الرحمن" قائلاً :


_أسمي عبد الرحمن، ودي أختي روبين. 


قطب حاجبيه قليلاً وقال :


_رو... ماذا!؟ 


ابتسمت "روبين" بغيظ فدوماً ما تتعرض للسخريه من إسمها وقالت بتكرار  :


_روبين.. روبين. 


رفع كفه قائلاً باستسلام:


_حسناً رو.. اجعليها هكذا حتي يسهل نطقها. 


هتفت بغضب وهي تقطب حاجبيها حتي تقلصت المسافه بينهما:


_رو أي هو أنا كلب؟! 


_ما هو الكلب!!؟


قالها بفضول وأكمل :


_هل هو والدك؟! 


شهق "عبد الرحمن" مُجيباً بضيق:


_لا يارايق إعدل كلامك.. الكلب ده حيوان مش إنسان. 


أومئ بتفهم معتذر وقال :


_اعتذر.. لم أسمع عنه سابقاً.. لدينا الأحصنه والذئاب وبعض الحيوانات الأخري لكن الكلب لا. 


_تمام ولا يهمك. 


قالها "عبد الرحمن" بهدوء، ليردف "صخر" قائلاً :


_حسناً.. لكم أن تسألوني عما تريدون وأنا سأجاوبكما. 


هتفت "روبين" سريعاً :


_احنا بنحلم ولا دي حقيقه!؟ 


ابتسم إبتسامه بسيطه وقال:


_إنه واقع وليس أضغاث أحلام. 


"عبد الرحمن" :


_ايوه بس ده واقع محدش يستوعبه! ازاي نبقي في حياتنا وفجأة نلاقي نفسنا في بلد تانيه وعالم تاني! 


ابتسم "صخر" قائلاً:


_إنها اللعنه، وكلما تقبلتم الأمر أسرع كلما كان أفضل. 


"روبين" :


-لعنة أي؟ واحنا فين؟ 


"صخر" :


_يمكنني الإجابه عن سؤال المكان ولكن فيما يخص اللعنه لن أستطيع أن أجاوبك، أنصتوا لي جيداً.. لستم أول من قدم لهنا من عالمكم، هناك عدة قواعد حفاطاً علي حياتكم.. مثلاً.. لا يمكنكم التسائل حول اللعنه ولا معرفة أي شئ عنها، لا يمكنكم الحديث بلُغتكم مع أهل البلده لأن الجميع لديه علم باللعنه وحينما سيكتشفون أنكم أغراب ربما سينهون حياتكم خوفاً من أن يكون أحدهم مشترك باللعنه، وإن لم يفعلوا وظللتم تتسائلون عما لايحق لكم معرفته الآن ستحصد الروح أرواحكم قبل إتمام رحلتكم.....


صمت قليلاً يستشف أثر حديثه عليهما، فوجد القلق يغزو ملامحهما وزاد عليه الاستغراب والتخبط، فأكمل :


_أما عن أين نحن، فسأخبركم عدة أمور عن البلده حتي إذا ما سألكم أحد بالخارج عن شئ، أولاً نحن هنا في أرض" جاردينيا " بالطبع سمعتوا الإسم من قبل. 


قال الأخيره بابتسامة ذات مغزي وهو يتابع اتساع أعينهما وهتفت "روبين" :


_العطر... اللعنه بدأت بالعطر! أو هو سبب إصابتنا ب اللعنه!


ابتسم مُكملاً:


_فهمتوا؟!، يجب عليكم اكتشاف كل شئ بأنفسكم حول ما يحدث معكما، ورحلتكم ستكون استكشافيه أكثر من كونها تطبيقاً للعنه، وهناك أمور لن تكتشفوها إلا في نهاية الرحله.... فلنعود ل حديثنا.. جاردينيا تنقسم لثلاث مناطق شمال ووسط وجنوب، شمال ووسط جاردينيا يتبعون لحاكم واحد، وجنوبها يتبع لحاكم آخر، لذا الشمال والوسط حزب والجنوب حزب آخر، وبينهما حروب القوم، الحاكمان أبناء عم ومن نفس العائله، وتبعاً لطبيعة جاردينيا فلم يكن تقسيمها بسبب خلاف ما منذ البدايه بل بسبب طبيعتها التي تجعل الشمال والوسط ليس بينهم حدود فأصبحوا أرض واحده ولكن يفصلهما جبال عده عن الجنوب، جبال شماليه وشرقيه وغربيه وجنوبيه، ف جاردينيا مُحيطه بالجبال من كل جهه عدا سهول ضيقه تتخلل بين الجبال، وما وجدتم أنفسكم فوقه كان الجبل الجنوبي لجاردينا وخلفه تقبع المنطقة الجنوبيه لجاردينيا ، تبعاً لقوانين الحكم بجاردينيا فأنه يتم إعطاء المنطقه الوسطي والشماليه التابعه لها للأكثر أعمالاً وإنجازات وأحياناً يلجئون للأكبر سناً حينما تتساوي الأعمال، فبالطبع كانت الأمور محسومه ل "إيفان" حاكم المنطقه الوسطي حالياً والتي بها الآن، ولكن " رعد" حاكم المنطقه الجنوبيه وإبن عمه ل "إيفان" لم يري الأمر منصفاً من وجهه نظره وأراد أن يحكم المنطقه الوسطي ولكن بالطبع لم يحدث ذلك فأصبح حاقداً وناقماً علي "إيفان الحاكم" ومن حينها وبدأت الحروب بينهما، هذا ما يهمكما عن "جاردينيا" الآن، والباقي ستكتشفونه لاحقاً من قواعد جاردينيا وإن تعثرتم بشئ مكاني محفوظ ومعلوم لدي الجميع أأتوني وسأُجيبكم. 


ردت "روبين" باستنكار:


_إيفان؟! ومستغرب إسمي!. 


"صخر" :


_إيفان يُعني ملك الخير، سُمي به تيمناً بوالده الذي جلب كل الخير ل جاردينيا، كان من أفضل الملوك الذي مر علي تاريخنا وأخيرهم، العامه هم من اختاروا اسمه والملك لم يتاوني عن تنفيذ رغبتهم لطالما كان مُحب لهم وكانوا أكثر حُباً له. 


قال"عبد الرحمن" بحيره وضيق :


_هو احنا المفروض نصدق كل اللي بيحصل ده! 


_هل لديك حل آخر! 


قالها "صخر" بتساؤل ليصمت "عبد الرحمن" فهو بالفعل ليس لديه حلول آخري، أكمل "صخر" بابتسامة :


_لدي ما يجعلك تصدق ما أنت به الآن.. شئ لن يستطيع أي ساحر غيري تقديمه لك. 


أردفت" روبين" بلهفه:


_أي هو!؟ 


"صخر" بجديه:


_والدتكما وجدتكما وخالتكما ، قد جائوا قبلكما لهنا، حينما جاءت والدتكما كان ذلك في عهد أبي "مشاري" الساحر رحمه الله، وحينها كنت صغيرا ً لم أتجاوز العاشره ربما، لكن أبي حكي لي فيما بعد عن جميع قصص عائلتكما أو بالأدق عائلة والدتكما، تصديقاً لحديثي سأصلكما بها ولكن ليس الآن يجب أن يمر يوم علي وجودكما بجاردينيا لأستطيع إتمام سحري...أما الآن فسأخذكما للحصول علي ختم جاردينيا ومن بعدها ستبقون معي لحين الغد وإيصالكما بوالدتكما ومن بعدها سيجب عليا الإبتعاد لأن بقائي معكما سيكون مُخالف لقوانين اللعنه وأي خلل بقوانينها ستدفعون ثمنه. 


قالت "روبين" باستغراب:


_أي ختم جاردينيا ده!؟ 


"صخر" :


_أنه ختم التمييز.. جاردينيا لا تُدخل أحد من غير أهلها وساكنيها إلا بعد بحوث عن هويته واحتجازه بأحد البيوت التابعه لقوات الحمايه والمختصه بذلك لمده قد تفوق الثلاثين يوماً، لذا سأخذكما لأماكن الختوم لأنه إذا بقيتوا في جاردينيا واكتشفوا فيما بعد أنكم لستوا مختومين.. سيجزون أعناقكم علي أقل تقدير. 


"روبين" بقلق:


_أقل تقدير أي هو في بعد جز العنق! طيب... هو المنطقة الجنوبية نفس الختم؟ 


"صخر" :


_بالطبع لا.. الختوم مختلفه. 


"عبد الرحمن" :


_طيب لي منروحش المنطقه الجنوبيه! اشمعنا نفضل هنا؟.


"صخر":


_لأن اللعنه قد قذفتكم هنا.. إن كانت أقدراكما بالمنطقه الجنوبيه لوجدتم أنفسكم هناك حين استفقتم. 


____________________


وصلوا لمنطقة الختوم.. عدة منازل متجاوره أُحيطت بسور ضخم كانت تابعه لقوات الحمايه كما يسمونها والتي تُسمي بالشرطه في عالمهما، بيوت اختلفت في الشكل قليلا ً عن بيوت البلده في اتساعها ولونها الأزرق ك اللون الطاغي علي ثيابهم التي كانت مختلفه تماما ً عن ثياب أهل البلده فكانت عباره عن بنطال قماشي أسود اللون به خط بالجانب عريض من اللون الأزرق الداكن وفوقه ما يشبه بالمعطف باللون الأزرق وبه أماكن لوضع السيوف.. دلفوا لأحد البيوت التي وقف اثنان من الحراس أمامها، تحدث "صخر" مع المسؤل وأخبره أنهما أقاربه قد جائوا للعيش ب " جاردينيا" ولشهرة "صخر" الواسعه واحترامه ك "أعظم ساحر بالبلاد" كان الجميع يصدقونه ويتمنون خدمته، وبالفعل أمسك المسؤل بالختم وطلب من "عبد الرحمن أن يعطيه جانب رقبته وقد فعل، وبأداه ضخمه مستديره ذات حواف مدببه قليلاً وحاده ألصقها بعنقه بعدما وضعها ب سائل أسود غريب.. ليخرج من تأوه عنيف أشبه الصراخ، ف الاداه تؤلم بحق، ولكن رغم ألمها لم تنزف عنقه كما ظن غير القليل من الدماء، ابتلعت" روبين "ريقها بقلق وخوف وقالت ل" صخر"بصوت خفيض :


_لأ، مش عاوزه دي بتوجع.. لأ. 


نظر لها ورد:


-ليس الأمر قابل للمجادله.. ستفعلينها أو ستكون حياتك البديل.


وقفت قليلاً تطلع لهم حتي هتف "عبد الرحمن" :


_يلا ياروبين هي بتوجع آه بس معلش استحملي وأول ما بتشليها مبتحسيش بحاجه. 


تشجعت وتقدمت تُزيح شعرها للخلف وأعطته جانب عنقها الأيسر، اقترب يضع الاداه فوق عنقها وقلبها يرفرف من الخوف ورعشه قلقه اجتاحت جسدها، وقلبها يحدثها بالهرب والابتعاد، وعقلها يحدثها بالثبات، ضغط بيده لتنغرز الاداه بعنقها فافلتت صرخه عنيفه متوجعه، وبمجرد ابتعاده حتي هوت دموعها بغير تحكم منها وهي تمسد عنقها بيدها تحاول تخفيف حدة الألم، اقترب "عبد الرحمن" يحتضنها ويمسد فوق ظهرها بموساه هاتفاً ب أذنها:


_استحملي ياروبين.. دي جاردينيا لسه بترحب بينا وكنا هنتقتل مره ووجع الختم مره... واضح إن الجاي أسوء. 


ابتعدت تنظر لشكل الختم علي رقبة "عبد الرحمن" لتجده يتخذ شكل زهره بدون سيقان أو أوراق وقد أصبحت سوداء منافره لبشرته وواضحه، استمعا لصخر يهتف بابتسامة :


_مرحباً بكما في جاردينيا. 

___________________


لم ينعموا بالنوم في ليلتهما بعدما حل الليل واتخذوا أرائك بيت "صخر" مُستقراً لهما، ظلوا يتقلبون بغير هُدي فكيف لهما أن يناما بعد كل ما حدث؟! ، عقولهما تركض في سباق ملئ بالأفكار والاسئلة وتُجاهد لإستيعاب الأمر، كم هو سئ أن تجد نفسك بمكان لا تعرفه عنه شئ، وبين إناس لا تعلم عنهم شئ، وتتجرد من عالمك وحياتك دون أي اختيار فقط... مُرغم. 


_________________


تسلل ضوء النهار ل "أرض جاردينيا" لتتحرك "روبين" بحذر خوفاً من أن تُقلق "عبد الرحمن" النائم كما تظن.. وأرادات التطلع من نافذة البيت الصغيره، تراقب الحركه بالخارج.. وقفت تنظر ل هدوء البلده في هذا الوقت من النهار... عدا بعض الرجال الذين بدأوا بجر عرباتهم مُتجهين ناحية الجبال.. وقد كان البيت قريب من الجبل الجنوبي إلي حد يسمح برؤيته مع شموخه، تطلعت أعلاه لتري الكثير من العربات التي تجرها الأحصنه ويمسك بلجامهم الرجال يتحركون فوق الجبل يصعدون من انحداره الشرقي ويختفون بعدما يهبطون بعرباتهم انحداره الغربي.... ضيقت عيناها بفضول تُري أين يذهب هؤلاء الرجال!؟ وهل يعودون؟!، استمعت لصوت "عبد الرحمن" يهتف من خلفها:


_منمتيش برضو؟! 


التفت تطالعه بابتسامة قائله:


_لأ.. فكرتك نايم. 


هز رأسه بنفي مُجيباً :


_معرفتش أنام. 


أيدته قائله:


_ولا أنا. 


_كنتِ بتتفرجي علي أي؟! 


نظرت للرجال قائله:


_مش عارفه هم بيروح فين والجبل ده بيوصل لفين. 


أتاها صوت" صخر" يهتف من خلفها :


_للغابات.. خلف الجبل يوجد غابات ويوجد أماكن لحفر الصخور والسجون أيضا ً هناك.. المساجين يقومون بتقطيع الأخشاب و تكسير الصخور، والرجال يذهبون بعرباتهم لجلب ما تم الانتهاء منه واستخدامه في صناعتهم. 


صمت قليلاً ليهتف:


_جاهزون لمقابلة والدتكما؟! 


نظرا الاثنان لبعضهما في لهفه وخوف، لهفه لرؤيتها وخوف من أن تُؤمن علي حديث الساحر ف إلي الآن يأملون أن يكون كل هذا ما هو إلا... كابوس. 


أخذ القبول من صمتهما واللهفه الواضحه علي وجوههما ، أغمض عيناه وأخذ يُحرك يداه في حركات عشوائيه وكأنه يستدعي معاونيه ورفع أحد العقود التي يرتديها ممُسكاً بتميمه تتدلي من أخر العقد، ثوانِ وظهرت سحابه بيضاء بدأت تقل ضبابتها وتظهر صوره مشوشه رويداً رويداً حتي ظهرت والدتهما في صباها بدت أصغر بكثير مما هي عليه الآن، شعرها أطول وملامحها أصغر بنصف العمر تقريباً، تحدثت قائله:


_معرفش أسمك ولا أعرف أنتِ بنت ولا ولد، في نهاية اللعنه وقبل ما أمشي من جاردينيا وارجع لعالمي اللي اخترت الرجوع له..." مشاري" الساحر اللي طلب مني ده وقالي أنه هيفضل محفوظ لحد ما حد من ولادي تصيبه اللعنه... معرفش إذا كنت هتجوز واخلف وهييجي ولادي هنا فعلاً ولا لأ... أتمني ميحصلش عشان متمناش يحصلكم اللي حصلي.. ولنفرض إني فعلاً بكلم ابني او ابنتي...وخلينا اعتبر أنك بنت لأن كل اللي جم قبلك وقبلي كانوا بنات ...  أكيد أنتِ مش مصدقه اللي بيحصل أنا كنت زيك.. كنت فاهمه أني بحلم.. بس ده حقيقه مش حلم... لعنة جاردينيا.. لعنه حصلت من أكتر من ٣٠٠ سنه.. ومر أجيال كتير أوي باللعنه دي.. سن الشخص بيختلف حسب وقت الروح ما بتطلب.... أنا مثلاً عندي ٢١ سنه دلوقتي وأنا خارجه من جاردينيا... مدة اللعنه سنه لا أزيد ولا أقل... بس سنه بمقام ١٠ سنين في عالمنا... اليوم ٢٤ ساعه فعلاً مفيش أي حاجه بتقلل منه... لا زحمه ولا تليفونات ولا تلفزيونات ولا أي حاجه..... حتي المشاعر بتتدفق في السنه دي بمثابه سنين كتيره أوي... أنا جيت وعشت اللعنه اللي هي سنه.. وفي السنه دي خسرت قلبي لما سلمته لشخص هنا ومستردتوش.. عارفه حتي لو رجعت بلدي وعشت حياتي ولو بعد ١٠٠ سنه هيفضل حبه جوايا وهيفضل قلبي مش معايا.. هي دي لعنة جاردينيا... لما جيت شوفت أمي وهي بتقولي نفس اللي بقوله لكِ دلوقتي... وقالتلي عشان تفلتي من لعنة جاردينيا أقفل علي قلبك ومتسمحيش لنفسك تحبي... وحاولت أعمل ده بس كان غباء مني.. أنا أكيد مش هكون أقوي من اللعنه!.. غصب عني حبه اتسرسب لقلبي وحبيته... في نهايه اللعنه بتختاري.. ياترجعي بلدك يا تفضلي هنا للأبد.. وأنا قررت أرجع لظروف كتير محبش أقولها دلوقتي... لو خيروكِ اختاري ترجعي رغم كل العذاب اللي قلبك هيشوفه... بس أنا لما هبقي أم أكيد هبقي بتقطع علي بنتي ونفسي ترجعلي... بحبك من قبل ما اشوفك لو جيتي الدنيا فعلاً.. قلبي أكيد هيكون معاكِ عشان تعدي بسلام من جاردينيا... أو لعنة الحب. 


انمحت الصوره وانتهي الأمر.. لينظرا لبعضهما البعض ويهتف "عبد الرحمن" بحسره:


_كده أقدر أقولك...جاردينيا ترحب بكِ أو بنا... 


قالها وهو يفتح ذراعيه بترحاب زائف... 


___________________


أخبرهما "صخر" بضرورة الذهاب والانفصال عنه، ليخرجا من بيته يتجولان بالسوق محاوله للوصول لمأوي، وأثناء ذلك.. ارتفعت أصوات أبواق عاليه.. وبدت حركات أهل البلده سريعه أكثر.. يبتعدون عن منتصف الطريق ويتنحون جانباً حتي أصبح المنتصف فارغ.. ووقفوا جميعاً باحترام متراصين جنب بعضهم، هتفت "روبين" بتساؤل ل فتاه بجانبها :


_ماذا هناك؟


ردت الفتاه قائله:


_أنه سمو الحاكم المُعظم يمر الآن.


همست "روبين" متمتمه :


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الخامس 5 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية جاردينيا (لعنة الحب))

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)


روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات