📁

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) البارت الخامس 5

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الجزء الخامس 5

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الحلقة الخامسة 5

رواية جاردينيا (لعنة الحب) بقلم ناهد خالد

رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الخامس 5 بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (لعنة الحب)


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل الخامس 5


"إيفان.. الحاكم " 

الفصل الخامس

جاردينيا (لعنة الحب)

ناهد خالد


وقفا بجانب العامه في انتظار انتهاء مرور الموكب الخاص بالحاكم حتي تتثني لهما الفرصه في البحث عن مأوي وعمل في ذلك البلد الغريب.. عدة رجال في المقدمه يرتدون زي العسكر شبيهاً لزي قوات الحمايه ولكن بدلاً من الأزرق أصبح بني فاتح اللون.. يرتصون في صفان وبالمنتصف فرس أسود اللون يستقله الحاكم  "إيفان أوسم".. أحد أفراد عائله "أوسم" الحاكمه الأكثر شهره في جاردينيا.. رفعت "روبين" عيناها حينما تعالي هتاف الناس من حولها يرفعون أصواتهم بصياح مُرددين بكلمه واحده "يعيش" خلف الرجل الذي يهتف بصوت مُرتفع "سمو الحاكم المُعظم".. نظرت لذلك الشاب الجالس فوق الفرس الأسود بشموخ.. يبدو وكأنه بمنتصف العشرينات ربما.. بشره بيضاء ناصعه وعيون خضراء فاتحه تشبه الزيتون، بها لمعه مُتلألأه تزيد من جمال عيناه، وأنف حاده مستقيمه، وحُمره بسيطه تتخلل وجنتيه أثر البروده وشفاه بها لون أحمر طبيعي.. يزين وجهه ذلك الشعر الأصفر الغامق الغزير الذي يعلوه، تزين ثغره ابتسامه واسعه وهو يرفع كف يده مُحيياً الجميع.. جسد مُعضل وطول رغم جلوسه تبين بوضوح.... يرتدي بنطال أسود كالذي يرتديه الجنود لكن خامته أفضل بكثير.. يعلوه معطف أسود مُدهب بأزرر من الأمام تصل لخصره وبعدها مفتوح بإتساع حتي يصل لركبتيه مع فاتحتان جانبيتان.. وأسفله ظهر من فتحة صدر المعطف قميص قطني أبيض اللون... بدت الفخامه واضحه علي ثيابه حتي في حذائه الأسود الجلدي المُرصع بالذهب... ابتسم بتواضع وحب لمن يحيوه فظهرت هاتان الحفرتان اللتان زينتا وجنتيه بعمق... مع لحيته البُنيه الخفيفه وأسنانه البيضاء أعطت مظهر هالك للقلوب.. ابتسمت بحالميه سخيفه وهي تركز في أدق تفاصيله التي جذبتها بكل سهوله.. استفاقت علي يد "عبد الرحمن" التي لكزتها لتطالعه بضيق فهتف لها:


_بتضحكي علي أي يا هبله، ومالك سرحانه كده... أوعي يكون الزبادي بالقشطه ده لفت نظرك!.


ابتسمت بخفوت قائله:


_أنت راجل وبتقول عليه كده! يبقي أكيد ملفتش نظري خالص..


قالت الأخيره بسخريه ليبتسم الأخير ببلاهه قائلاً :


_بصراحه الواد حلو حلاوه يخربيت...


اتسعت عيناها بصدمه مقاطعه له:


_بس يخربيتك... وله متخلنيش أشُك فيك.. اظبط كده مالك!.


_طب بزمتك مش حلو!؟


تسائل بها بفضول لمعرفة رأيها، فردت وهي تُعيد نظرها له:


_توم كروز جاردينيا ده! ..


أشاح بيده مُردداً بعدم رضا :


_ولا توم كروز ييجي فيه حاجه.


انتبهت لحديثهما فلكزته في كتفه بضيق قائله :


_بقي يا متخلف بتتكلم مع أختك علي راجل تاني! 


طالعها بتهكم مُجيباً:


_قال يعني هو ممكن يعبرك أصلاً! يابنتي ده حاكم جاردينيا...وكمان ملك جمالها شكله كده .. هيبصلك أنتِ!.


نظرت له بغيظ وقالت وهي تضغط علي شفتيها بغضب :


_حمار زيك أيش فهمه في معايير الجمال! مش كل الابيض ابو عيون ملونه حلو يا عسل!..


خرجت منه ضحكه مكتومه وقال :


_معايير الجمال! دي بيعايروكِ بيها يعني.. بيعايروكِ أنك مش تمتلكيها صح؟!. 


مرت سحابه حزينه علي عينيها دارتها سريعاً قائله بسخريه مرحه :


_لأ خفه.. دمك شربات. 


لم تغفل عيناه عن إلتقاط تلك السحابه التي عبرت علي عينيها ولا تلك النبره الحزينه المتخفيه أسفل نبرتها الساخره.. أنتبها لهدوء الأصوات من حولهما فوجدا أن مرور الموكب قد انتهي وبدأت الناس تعود لأعمالها.. تحركت "روبين" من أمامه وأتبعها بصمت دام لثوانِ وهو ينظر لها نظرات جانبيه من وقت لآخر.. حمحم بهدوء قبل أن يهتف :


_جمال الشكل بيبهر لكن ميوقعش في الحب.. بيجذب لكن ميخلنيش اتمني الشخص ليل نهار واحلم باليوم اللي يكون فيه من نصيبي... كتير اوي بيبقي شكلهم حلو وجذاب ومفيهوش غلطه.. رغم يقيني أن مفيش إنسان كامل حتي لو شكلاً.. بس خليني أفرض ده.. كتير منهم بمجرد كلامك معاه مبتلاقيش الراحه الي قلبك يطمنلها.. ووقتها بيزول الشخص من تفكيرك خالص ومبيفرقش شكله أي.


تنهدت بحزن و قالت :


_من وقت ما كنت في الحضانه وكل زمايلي كانوا بيفضلوا يتريقوا علي شعري.. كانوا يفضلوا يسألوني هو أنتِ مش بتسرحيه لي!.. مكنوش فاهمين إن طبيعته كده.. كانوا بيفضلوا يشدوني منه ويضايقوني عشان كده مكنتش بحب أروح الحضانه ولا المدرسه.. حتي لما كنت في ثانوي واتخانق مع حد من زميلاتي كانت تقولي أنتِ فاكره إن حد ممكن يبصلك بشكلك ده! محدش هيحب واحده شعرها منكوش مخلي شكلها زي العفاريت.. عشان كده من أول الجامعه وأنا كنت دايماً بكويه حتي بشرتي كنت دايماً بحط كريم تفتيح منعاً لأي تعليق سخيف رغم إن بشرتي قمحيه فاتحه كمان يعني مش محتاجه ده.. لكن وكأني اتعقدت من شكلي كله...حتي جسمي الرفيع كانوا دايماً بيسخفوا عليه. 


_أعتقد إني مكنتش بسيبك في الحضانه ولا في الابتدائي وكنت دايماً بضرب العيال حتي البنات وبترفد عشانك..بس فرق السنتين كانوا بيخلوكِ تسبقيني.. و من أولي إعدادي أنتِ كنت في مدرسه بنات وانفصلنا كان وقتها دورك تدافعي عن نفسك... 


صمت قليلاً ثم قال:


_عارفه يا روبين احنا اللي بنأذي نفسنا.. احنا بس اللي شايفين حاجات محدش غيرنا بيركز فيها... ربنا اللي خلقنا مفرقش بينا بسبب شكل ولا لون.. بس احنا اللي فرقنا بين بعضنا لأسباب تافهه... الحيوانات معندهاش ده أسود وده أبيض... مثلاً الحمار الوحشي مبيطنتطش علي الحمار العادي عشان هو مخطط وشكله حلو والتاني لا... بيفرق بينهم في القوه الجسمانيه والقدرات وبس.. وده طبيعي لأنهم حيوانات عندهم البقاء للأقوي.. والضعيف بيتضرب ويُفترس من القوي دي قوانينهم... لو ممشيوش عليها هيموتوا... زي الأسود عمرها ماتقدر  تعيش لو بطلت تفترس الحيوانات الأضعف.. ده قانون الغاب... لكن احنا رغم إن ربنا مخلقناش بقوانين تتحكم فينا ووضع فيها الغلبه للقوي علي الضعيف.. إلا أننا اختارنا ده بنفسنا... بنفسنا حطينا قوانين مختلفتش عن قوانين الحيوانات.. احنا اللي رفعنا القوي وخسفنا الأرض بالضعيف.. واحنا برضو اللي فضلنا الاحلي والأجمل والأشيك والألبق في الكلام... ف احنا اللي أذينا نفسنا بنفسنا... عارفه الحل فين.. أنك تشوفي نفسك وتقتنعي إنك مش أقل من أي حد.. وإنك حلوه وإن أي حاجه ربنا خلقها حلوه ومفيش تعديل عليها.. تثقي في نفسك.. وقتها مش هتتأثري بهزار بايخ مني عن جمالك.. ولا بكلام أبوخ في خناقه بينك وبين حد عن شكلك.. وقتها هتشوفي إن كلامنا هزي ملوش أي تلاتين لازمه..فهتردي وتاخدي حقك من غير ماتتجرحي من جواكِ.


توقفت تنظر له قليلاً بصمت، فوقف يطالعها باستغراب لنظراتها حتي هتفت بعيون تلمع بفخر:


_رغم هزارك معظم الوقت ورغم إن أوقات بتبان أهبل.. لكن في الجد بتأكدلي إنك سند بجد ويوم ماهحتاج حد يقف في ضهري مش هيكون في حد أنسب منك وده مش من دلوقتِ، لأ ده من وقت ما...


صمتت تبتلع ريقها بصعوبه وأكملت :


_من وقت الي حصل، ووقوفك جنبي وقتها.


توترت عضلات وجهه مع ذكرها لذلك الحادث الذي مرت به والذي قلبها حياتها من حينها، ولكن أخفي توتره حينما هتف بمرح :


_يابنتي أنا زي أخوك ِ برضو. 


ابتسمت بخفوت تتفهم عدم رغبته في التطرق للحديث في ذلك الحادث.. وللحقيقه هي أيضاً لن ترغب في ذلك.. لذا التزمت الصمت واكتفت بالابتسام.


_________________________


_آآه يارجلي يا أنا ياما.. آه ياضهري.. آه ياكلي ياني.. 


تمتمت "روبين" بتلك الكلمات بتعب وهي تسير بجوار "عبد الرحمن" بعدما مر أكثر من ساعه يتجولون بالبلده التي اكتشفوا وسعها للتو.. يسئلون عن عمل ومكان للبقاء به ولكن الجميع أخبرهم بعدم وجود مكان شاغر للعمل وبالنسبه للبقاء فلا أحد يسمح بأن يبقي غريب بمنزله لذا عليهم الذهاب للمنازل التي يأجرها أصحابها خصيصاً للغرباء وبالطبع بمقابل مادي وهم لا يملكون مال.. فكروا بالرجوع ل "صخر" وطلب بعض الأموال منه ولكن شعروا بالحرج لفعل هذا فقرروا الاستمرار في البحث.. زفر "عبد الرحمن" بضيق قائلاً :


_هو أنا ماشي مع ستي!.. ماتصلبي طولك شويه يابنتي مالك!. 


وقفت بغضب واتخذت الطريق مجلساً لها وقالت بنبره قاربت علي البكاء :


_والله ربنا هيحاسبك علي اللي بتعملوا فيا ده ياظالم..  ساعه مشي لحد مارجلي ورمت وجسمي كله وجعني.. مش مراعي إني بنت رقيقه ومش هستحمل كل المشي ده وخصوصاً الجو برد وعضمي جمد. 


مصمص شفتيه بسخريه مُردداً:


_رقيقه! وعاوزاني أعملك أي يارقيقه هانم! اشيلك فوق كتفي!. 


جعدت ملامحها بطفوليه قائله وهي تزم شفتيها :


_عبده.. مبقتش قادره أمشي.. وجعانه.. وعطشانه...متبقاش قاسي كده. 


رفع حاجبيه بذهول وقال:


_كل ده من ساعة مشي؟! ماحنا لسه واكلين عند صخر قبل ما نمشي! . 


شهقت بغضب قائله بطريقه أقرب للردح:


_وا.. أي ياعنيا! واكلين! هو ده أكل! ده صخر ده طلع اسم علي ما يُسمي صخر وهو صخر فعلاً.. ده كل واحد فينا خد نص رغيف عيش ناشف تخبطه في الحيط يُردلك.. وقطف عنب ومعرفش أي علاقتهم ببعض أصلاً!. 


زفر بضيق قائلاً :


_يعني كتر خيره اهو عطانا أي حاجه مش احسن ماكنا نفضل علي جوعنا من امبارح!. 


ردت بغيظ:


_لا كنا نفضل علي جوعنا أحسن. 


قطع حديثهما صوت أت من خلف "عبد الرحمن" يهتف بتساؤل :


_ماذا بها هل هي مريضه؟! 


التفت "عبد الرحمن" ليظهر من خلفه رجل متوسط القامه بدين لحد ما، يرتدي ثياب مشابهه لأهل البلده زادت عليها تلك العمامه التي ارتداها فوق رأسه الأصلع.. 


رد "عبد الرحمن" بتعب:


_لا.. لقد تعبنا من كثرة السير.


قطب الرجل حاجبيه مُردداً بفضول:


_ولمَ تسيرون كثيراً أضللتم الطريق أم مقصدكم بعيد؟ 


ردت "روبين" بتزمر وهي تقف بارهاق :


_لا.. نبحث عن مأوي وعمل ولم نجد إلي الآن. 


نظرا لهما الرجل قليلاً ثم هتف بخبث:


_هذه أولي أيامكم في جاردينيا.. صحيح؟ 


أومئوا بصمت ليُكمل:


_أولم يخبركم أحد أن العمل والمسكن بجاردينيا لهم من هم مسؤلون عن ذلك!؟.


رد "عبد الرحمن "بنفي:


_لا لم يخبرنا أحد. 


قالت "روبين" بتساؤل:


_أتعرفهم؟ أيمكنك إيصالنا لهم؟ 


ابتسم بسماجه قائلاً :


_لقد وصلتم بالفعل.. أنا أحد المسؤلين عن ذلك. 


ابتسمت بسعاده فيبدو أن الراحه تقترب وقالت بلهفه :


_إذاً فلتجد لنا عمل ويُفضل لو كان بمسكن. 


طالعها من رأسها حتي قدميها وهكذا فعل مع "عبد الرحمن" ومن ثم قال :


_تبدين جميلة بشكل ما! بكِ ملامح مميزة، إذاً إما أن تكوني بقصر الملك، إما أن تعملي ببيوت الهوى...


نظرت ل"عبد الرحمن" بتوتر، هامسه له:


_عبده أي بيوت الهوي دي؟


زم شفتيه بتفكير وأردف:


_تقريباً البيوت مفتوحه من غير شبابيك أو أبواب فبيدخلها هوي كتير...


نظرت له بجانب عينيها هاتفه بتساؤل :


_ايوه ودي بيشتغلوا فيها أي؟


رفع كتفيه بجهل هاتفاً :


_معرفش.. بس لو سألناه هيشك فينا.. احنا نروح ونشوف.


أومأت بشرود تفكر في مصيرها المجهول، تُري إلاما سينتهي الأمر!؟


هتف " عبد الرحمن" للرجل بهدوء :


_حسناً .. بيوت الهوي موافقين.


طالعه الرجل من رأسه إلي قدميه ممراً بصره عليه، وأردف بتفكير :


_أستعمل معها؟!


أومأ بتأكيد، ليكمل الرجل:


_لما لاتعمل بالسوق سيكون أفضل!


هز رأسه برفض قائلاً :


_لا طبعاً.. لن أترك أختي.. مينفعش أسيبها ..


لكمته بكوعها في جانبه هاتفه بضيق:


_بطل كوكتيل اللغه اللي بتقوله ده، أعدل لسانك هنروح في داهيه..


أومأ الرجل بقلة حيله هاتفاً:


_ما دُمت مصمم، إذاً اتبعوني..


______________


فتح الرجل إحدي البيوت الساكنه تماماً لايدل علي سكنها شئ، ودلف ف اتبعوه، ليتفاجئوا بحالة الفوضي التي ضربت المنزل، ملابس ملقاة هنا وهناك، وزجاجات فارغة مُلقاه فوق الأرضية بعشوائيه، وأواني فارغه، وأدوات عزف ضخمه، نقلت أبصارها بين كل هذا بدهشه، لاتعي ما يربطهم ببعض ولما هذه الفوضى العارمة، انتبهت لصوت الرجل يهتف :


_ستجدون المكان هادئ الآن، لكن ما إن يأتي الليل حتي يملأه الضجيج، ويعج بالرجال من كل أنحاء البلدة..


ضيقت عيناها بقلق انتابها لربط المشاهد سوياً مع حديث الرجل، لتتسائل بحذر:


_ماذا سأعمل؟


رد الرجل ببساطة :


_فتاة هوي.. ويمكنكي الاختيار ما بين أن تكونين راقصه أو تمتعين الرجال...


شهقة عنيفه صدرت منها وعيناها تتسع بفزع إذاً ما ظنته كان صحيح.


فغر فاه "عبد الرحمن" بصدمه وهو ينظر لها، ثم سأل الرجل سريعاً بفزع ما إن توصل عقله لأمر ما :


_وأنا؟


_ستُخدم عليهم وتجلب لهم ما يحتجون إليه، وإن كنت تجيد العزف على أحد الآلات.. فلتفعل.


هدأ قليلاً وهو يتنهد براحه، لينتفض علي صراخ ".." به قائلة بغضب :


_أنت ياحيوان.. المهم عندك نفسك!.. طب وأنا؟!


هز رأسه نافياً بتوتر :


_لأ.. أنا كنت لسه هقوله اهو اصبري..


التفت يقول للرجل بهدوء :


_إذا سمحت.. أريد عملها بقصر الملك، وأنا سأعمل بالسوق. 


رد الرجل بسخريه :


_وستتركها؟! 


أشاح بيده بضيق : 


_وأترك أمي إن لزم الأمر.. 


نفي الرجل برأسه مجيباً :


_لا لقد أخترتم.. ولا يحق لكم الرجوع..


قطع حديثهما صوت نسائي صدر من أعلي الدرج الموجود بمنتصف البيت يهتف بضجر:


_وماذا بعد يا " مُفيد" إلي متي ستظل تجلب لنا الغرباء! 


رد "مُفيد" بسأم:


_هم ليسوا بغرباء إنهم من أهل جاردينيا الجُدد لقد حصلوا علي الختوم. 


وصلت أمامهم بعدما نزلت الدرج، كانت فتاه تبدو في منتصف العشرينات ، ذو جسد متوسط ممتلئ قليلاً بشكل مناسب وجميل ، وبشره بيضاء كباقي أهل البلده وعيون بُنيه وشعر أصفر قصير مُسترسل خلف ظهرها يصل لما بعد كتفيها بقليل، وشفاه صغيره تطليها بحُمره قانيه، وتلك الحُمره الطبيعيه التي انتشرت علي وجنتيها أثر غضبها، بدت جميله حقا ً، ترتدي فستان زهري اللون بحملات رفيعه طويل يصل لنهاية قدميها به فاتحه جانبيه طويله بدأت من ركبتيها...يضيق علي جسدها قليلاً فيُبرز منحنياته.. وكانت هذه ليست إلا أكثر الثياب احتشاماً لدي "فتيات الهوي "... 


أشاحت بيدها والاخري وضعتها بخصرها تهتف بغضب :


_اللعنه عليك وعلي الختوم التي لا تجلب لنا إلا المصائب فوق رؤسنا.. أجورنا تنقص مع كل غريب ينضم لنا.. لسنا حمل زياده لدينا ما يكفي ويفيض.. خذ غربائك وارحل عنا فلتجد لهم مكاناً آخر بعيداً عن هنا. 


زمجر" مُفيد" بغضب مماثل قائلا:


_"شمس" أنسيتي أن هذا المنزل لي، وأنا فقط من أتحكم بمن يعمل به وليس أحد آخر.. أنا من جعلتك تعملين هنا منذ عام مضي ويمكنني طرد... 


قاطعته هاتفه بغضب أكبر:


_الشمس لا تشرق في بلادك أيها البدين.. لذا لن تستطيع التخلي عني وأنت تعلم هذا جيداً. 


قضم شفتيه بغيظ قائلاً :


_يالكِ من سليطة لسان... ماذا تريدين ياشمس؟ إلي أين أذهب بهما؟ 


ربعت يداها أمام صدرها وقالت بعصبيه:


_أذهب بهما إلي الجحيم لا يهمني.. 


ضاق أفق "عبد الرحمن" وللمره الأولي بحياته لا يستطيع التحكم بغضبه، ولكن هذه الفتاه سليطة اللسان كما أطلق عليها "مُفيد" أثارت غضبه من طريقتها بالحديث عنهما، فهتف بضيق ساخر:


_لسنا متشوقين للبقاء مع سموك.. من الأساس أخبرناه بعدم رغبتنا في البقاء في هذا المستنقع القذر. 


قال الأخيره باشمئزاز واضح وصل لها سريعاً فهتفت بجنون وهي تشيح بيداها الاثنان بغضب :


_مُستنقع قذر! ربما لن تجد لك مأوي غيره أيها الوسيم وستعود راكعاً مُتمنياً لو نسمح لك بالبقاء. 


ابتسم نصف ابتسامه ساخره وقال :


_أفضل البقاء بالطرق علي العوده لهنا أيتها الج... السليطه. 


كان سينعتها بالجميله رداً علي نعتها له بالوسيم ولأنها جميله بالفعل، ولكن أدرك نفسه في اللحظه الاخيره كي لا يُضعف حدة الشجار من طرفه، هتفت "روبين" محاوله تدارك الموقف:


_حسناً اهدأي "شمس" نحن بالفعل لا نُحبذ البقاء هُنا ، إن أرادتي التخلص منا فلتساعدينا وتدلينا علي مكان آخر. 


زمت شفتيها بتفكير وهي ترمي نظرات ناريه ل "عبد الرحمن" الذي نجح في إثارة استفزازها، نفخت بضيق وقالت:


_حسناً فلتبقوا، أنت سنحتاج إليك كما قال "مُفيد".. 


قالتها وهي تُشير بأصبعها ل "عبد الرحمن" باستحقار كاد يرد ليجد "روبين" تمسك يده توقفه برجاء، وأكملت "شمس" :


_أما أنتِ ستبقين لحين وجود عمل آخر لكِ. 


التفتت ل "مُفيد" تهتف بشر:


_وربي إن أتيت ب أحد ثانيةً سآخذ الفتيات ونترك لك منزلك هذا فليحترق فوق رأسك، لن نعمل بنصف حقنا أيها البدين. 


تمتم" عبد الرحمن" ل "روبين" بحنق:


_مشفتش أطول من لسانها.. مترين. 


ابتسمت بخفوت علي حنق أخيها الظاهر، وأعادت النظر للفتاه التي انتظرت ذهاب "مُفيد" من ثُم هتفت بتساؤل:


_ماهي أسمائكما؟ 


نظرا لبعضهما ثوانِ وهتف "عبد الرحمن" بهدوء:


_أُدعي عُبيد. 


ابتلعت "روبين "ريقها وقالت بتوتر طفيف:


_وأنا أُدعي..... أريام. 


التقطته أذنيها من فتاه تُنادي به بالخارج رغم عدم معرفتها لمعناه إلا أنه كان مُنقذ لها فهي لاتعرف بعد ماهي الأسماء الغريبه علي مسامع أهل البلده غير إسمها كما أخبرها" صخر" ، أفاقت من شرودها علي صوت "شمس" تهتف :. 


_حسناً... عُبيد ستظل معنا هنا تأتي لنا باحتيجاتنا من السوق وستتواجد ليلاً ربما نحتاج لشئ ما تجلبه لنا من الخارج.. أما أريام فستبقين بغرفتي بالأعلي لا يدخلها أحد غيري.. إن خرجتي منها ورآكِ أحد الرجال ورغب بكِ لن أبذل أي مجهود لأصرفه عنكِ.. وسأدرك أنكِ قمت ِ بهذا متعمده لجذب الأنظار.. وحينها احذريني فلن أُمررها لكِ. 


تنهدت "روبين" قائله:


_لن أفعل لأنني لا أريد أن أبقي هنا.. 


___________________


في هذا القصر الفخم ذو الجدران البيضاء من الخارج، والأعمده الضخمه الحامله له، وفي أفخم غرف القصر، 

علي سرير وثير وعريض يعلوه فراش حريري من اللون الكريمي، تسطح هذا الوسيم براحه فارداً أحد ذراعيه والآخر وضعه فوق عيناه، يتنفس بهدوء وانتظام أنفاسه يدل علي سباته، هذه الغرفه التي تتسع لعائله بأكملها، تحتوي علي أريكه عريضه ومقعد بظهر ضخم ومرآه طويله، وعدة صناديق ضخمه ووُضعت بها الملابس مرتصه بجوار بعضها بإحدي جوانب الغرفه، وطاوله خشبيه عريضه رُصت عليها مجوهرات رجاليه وعطور وغيرها... فتح عيناه فجأه وابتسامه عريضه تزين ثغره فظهرت حفرتيه المزينتان لوجنتيه بوضوح، تنهد بعمق وهو يفكر في هذا الحلم الذي لا يتركه مُنذ سنوات، استمع لدقات خافته فوق باب غرفته فهتف بصوت أجش أثر نومه:


_فلتدخل. 


دلف الحارس الخاص بغرفة الحاكم، والذي كان ضخم البنيه بشكل ملحوظ، وهو يهتف بإنحنائه وأعينه مرتكزه بالأرض :


_القائد المُعظم "حيدر أوسم" يطلب الأذن بالدخول. 


لم يستمع لرد فظن الحاكم نائماً رفع رأسه ينظر إليه ليجده يطالعه بصمت ف أخفض رأسه سريعاً وأنحني كما كان، زفر "إيفان" بضيق وقال:


_ليس هناك فائده منك يا " ثابت "، كم مره أخبرتك أن يدلف حيدر فوراً حينما يأتي!. 


تمتم باعتذار :


_عذراً أيها الحاكم المُعظم. 


أكمل "إيفان" بضيق:


_وكم مره أخبرتك ألا تنحني أمامي هكذا! 


أنتفض من انحنائته بحرج ليتمتم :


_عذراً أيها الحاكم ولكن الأمر يستوجب الانحناء فأنا في حضرتك. 


ابتسم "إيفان" بهدوء قائلا ً:


_"ثابت"أنت صديقي ولستُ حارس غرفتي فحسب، فلتفهم هذا. 


ابتسم الأخير بامتنان ومن ثم انسحب بهدوء وسمح ل" حيدر" بالدلوف... دلف شاب يماثل عمر" إيفان " رغم ظهوره أكبر سناً قليلاً، ببشره بيضاء و عيون بُنيه قاتمه وشعر أسود غزير ولحيه سوداء مماثله للون شعره، هتف بمرح وهو يجلس أمام" إيفان":


_كيف حالك ياصديقي؟


لوي فمه بغيظ قائلاً:


_وكأنك لستُ بأخي لتنعتني بصديقك! 


ضحك بصخب علي تزمر أخيه وقال:


_أخشي أن أقولها فلا يصدقني أحد.. بربك من يصدق أنني أخ لوسيم مثلك!.


ابتسم "إيفان" بهدوء قائلاً :


_ليس الشكل ما يُحدد الأمر.. وإن لم تكن أخي ف أنت ابن العم ولم يختلف الأمر كثيراً..صحيح ما أخبار أخيك؟ 


تغيرت ملامح "حيدر" وهو يقول:


_بربك إيفان.. لاتذكرني به.. رعد لم يعد أخي منذ أعلن الحرب علينا ولم تشفع له ذكريتنا وطفولتنا معاً.. حقاً لا أهتم بأخباره سوي لضرورات الحرب ولكوني قائد الجيش ليس إلا.. ليس لدي أخ غيرك، وانتهينا. 


عبث "إيفان" بيده في شعر "حيدر" بابتسامه قائلاً :


_حسنا ً أيها الصغير لاتغضب هكذا. 


نفخ بضيق قائلاً بعصبيه:


_ويحك لستُ بصغير إيفان.. الأمر لا يتعدي عام!. ثم أن الجميع يظنني أكبر منك بسبب مظهرك الذي يجعلك أصغر بكثير مما أنت عليه. 


دوت ضحكات" إيفان " بالارجاء وقال:


_صغير أيضاً .. لا تحاول. 


زفر الأخير بضيق وابتسم "إيفان" بخفوت عليه، حتي التف له "حيدر "يسأله:


_أكنت نائم؟ 


أومئ بصمت ليُكمل متسائلاً:


_أحلمت بها؟ 


ابتسم بخفوت قائلاً :


_ومنذ متي وأنا لا أفعل!. 


زم "حيدر" شفتيه بحيره قائلاً :


_الأمر عجيب.. لقد بحثنا عنها كثيراً ولم نجد لها شبيهاً حتي.. خمس سنوات ولم تكف عن رؤيتها بأحلامك.. وثلاث سنوات من البحث المتواصل بجميع أرجاء البلده والبلاد المجاوره حتي وصلنا لأعالي كيتوس ولم نجدها.. إذاً هي ليست موجوده. 


اتسعت إبتسامه "إيفان" مع لمعه بعينيه وقال بشغف:


_يكفيني أنها موجوده ب أحلامي.. لا أتطلع للمزيد. 


ابتسم "حيدر" بعدم تصديق، "إيفان" تبدلت أحواله تماماً في الخمس سنوات المنصرمه حتي كاد يصبح شخص آخر غير "إيفان" الذي نشأ معه. 


تنهد "حيدر" بحالميه وقال :


_هه.. كم أتشوق للوقوع في الحب حتي وإن كان بأحلامي! .


رواية جاردينيا (لعنة الحب) الفصل السادس 6 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية جاردينيا (لعنة الحب))

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)


روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات