رواية مخطط سرى الفصل الرابع 4 بقلم عبد الرحمن الرداد
رواية مخطط سرى البارت الرابع 4
رواية مخطط سرى الجزء الرابع 4
رواية مخطط سرى الحلقة الرابعة 4
رواية مخطط سرى بقلم عبد الرحمن الرداد
رواية مخطط سرى |
رواية مخطط سرى الفصل الرابع 4
الفصل الرابع
عبدالرحمن الرداد
______________________________________
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ)
______________________________________
نظر إلى نقطة بالفراغ وشرد قليلًا ليفكر من أين يبدأ حتى وجد الإجابة وبدأ على الفور:
- كل حاجة بدأت من ساعة ما كنت راجع من الشغل، كنت راجع الفيلا وأنا بفكر في المستقبل، بفكر في جوازي أنا وفاطمة اللي قرب، بفكر أول ما أوصل اتصل اتطمن عليها، دخلت البيت وأنا كلي نشاط وحيوية والابتسامة على وشي لكن في لحظة اختفت الابتسامة دي لما لقيتها واقعة على الأرض غرقانة في دمها، في البداية كنت فاكرها حد تاني لأن عقلي أصلا مصورليش إنها ممكن تكون هي لكن لما قربت كانت صدمة عمري، أنا برقت ومكنتش مستوعب إن دي فاطمة، معقولة دي فاطمة خطيبتي اللي فرحنا خلاص قرب؟ معقولة دي اللي كنت بحلم باليوم اللي ابقى معاها؟ عايز اقولك إني فضلت أكتر من ساعتين مش مستوعب اللي حصل، أنا لغاية دلوقتي مش مستوعب اللي حصل، تخيل حد غالي عندك أوي وحياتك متعلقة بحياته وسعادتك متعلقة بوجوده في حياتك وفجأة يموت قصادك؟!
صمت لثوانٍ بينما ردد «طيف» بهدوء:
- كمل يا رماح
التقط أنفاسه وتابع:
- من ساعة اللي حصل اليوم ده وأنا مش عارف اعيش حياتي، مش قادر اتقبل موتها أو بمعنى أصح مش عارف اتقبل موتها، كل حاجة في حياتي مبقاش ليها طعم ولا حاسس بيها، سيزكا ساعدتني وقولت خلاص هعيش حياتي وهحاول وفعلا خدت الخطوة دي واتجوزنا، مش هكذب عليك أنا حبيت سيزكا لكن مش نفس حب فاطمة، فاطمة مستحوذة على قلبي وعقلي وحياتي، طول المدة بتاعة جوازنا كنت بقارن بينها وبين فاطمة لو كانت هي اللي مراتي، كنت بتخيلها فاطمة سعات، مدتهاش حب وطمأنينة علشان كدا شوفت نفسي أناني إن قلبي مع واحدة وهي ملهاش أي نصيب في حياتي أو قلبي علشان كدا طلقتها لأني بظلمها معايا بطريقة صعبة، حياتي بعدها بدأت تبوظ أكتر وأكتر وبقيت زي ما أنت شوفت عصبي ومتهور وغبي، أنا جسم من غير روح لأن روحي خدتها فاطمة معاها وهي ماشية، مش عارف اعمل ايه يا طيف، قولي اعمل ايه؟
ربت «طيف» على كتفه ونظر إليه قبل أن يقول بنبرة هادئة:
- أنت قولت إنك مستوعبتش موتها لمدة ساعتين لكن ده مش صح، أنت مستوعبتش موتها لحد دلوقتي، قبل ما اكمل هسألك سؤال وجاوبني بصراحة، أنت لما والدك مات زعلت؟
حرك رأسه بالإيجاب وأجاب على الفور:
- طبعا زعلت، والدي كان ضهري وسندي ومثلي الأعلى في الحياة، موته كان صدمة ليا
ابتسم «طيف» وهتف:
- ومع ذلك تقبلت موته، علشان كدا حياتك متوقفتش بعد ده يمكن أيوة كل ما يجي على بالك بتحزن عليه ويمكن بتعيط كمان لكن حياتك كملتها بدليل إنك فكرت في الجواز بعدها وكنت بتتعامل عادي لكن نيجي عند فاطمة، أنا معاك إن موتها كان صدمة لينا كلنا ولغاية دلوقتي لما بتيجي سيرتها بندعيلها وإحنا زعلانين على فراقها لكن حياتنا موقفتش، هتقولي علشان إحنا مش قريبين منها زيك لأنك خطيبها ساعتها هقولك ما أنت كملت حياتك بعد موت والدك يعني رجعنا لنفس النقطة
صمت لبعض الوقت قبل أن يتابع:
- فاطمة لو كانت ماتت موتة طبيعية كنت هتتقبل يا رماح ده، أينعم كان هيبقى عندك نفس الصدمة ونفس الزعل وكنت هتاخد وقت لكن كنت هترجع تاني لكن طريقة موتها هي اللي سايبة الأثر ده معاك، الطريقة البشعة اللي ماتت بيها هي اللي مخلية عقلك رافض يتقبل موتها، معتقد إنهم خطفوها منك غصب عنك وده مخليك معتقد إنك مقدرتش تحميها، أنت مش مسؤول عن ده يا رماح وخليك عارف إنها دلوقتي مستريحة، حالك هو اللي يتحزن عليه مش حالها، هل هي أغلى من والدك؟ اتقبل موتها يا رماح وبطل تخليها في كل خطوة في حياتك، مشكلتك إنك ربطت وجودك في الحياة ونشاطاتك بوجودها وده مش صح نهائي، حياتك تقدر تعيشها لوحدك من غيرها وكل ما تفتكرها ادعيلها، اقرأ لها قرآن، اعمل لها عمرة لكن توقف حياتك وفي نفس الوقت متقدملهاش حاجة تفيدها كدا مش صح ودلوقتي هسألك سؤال وجاوب بكلمة واحدة، فاطمة حصلها ايه؟
تسارعت نبضات قلبه كثيرًا ولم يستطيع الإجابة فعاود «طيف» ليسأله مرة أخرى بشكل متكرر:
- رد يا رماح فاطمة فين دلوقتي؟ حصلها ايه؟
أغلق عينيه للحظات وردد بأسف:
- فاطمة ماتت
هز رأسه بالإيجاب وأردف:
- ودي حاجة تخليك زعلان عليها مش توقف حياتك، سيزكا بتحبك وأنت بتحبها بس كنت رافضها لأنك معتقد إن فاطمة لسة في حياتك، دلوقتي فاطمة مش معاك علشان كدا ارجع لسيزكا وخلي ليها نصيب من قلبك وحبك، مش هقولك الحي أبقى من الميت والكلام اللي مش بيأكل عيش ده لأن الميت ليه علينا حق وهو إننا ندعيله ونفتكره بالخير ونزعل على فراقه لكن في نفس الوقت محطوش في مكانة وهمية وهو أصلا مش موجود، فكر في كلامي يا رماح واتصالح مع نفسك ومعاها، أنت ملكش ذنب نهائي في موتها، ارجع رماح بتاع زمان وهزر وعيش حياتك، رجع الحياة لحياتك من جديد وصلح كل اللي بوظته في الفترة اللي فاتت، عوض السنين دي بسنين تانية فيها فرح وخير وحياة، كلنا هنموت يا رماح وكلنا هنشوف اللي فارقناهم في الجنة إن شاء الله يعني فيه لقاء جديد، يلا قوم صلح حياتك
***
وصل إلى المنزل بصحبة صديقه «مراد» الذي انتظره بالأسفل بينما صعد هو إلى الأعلى ودلف إلى غرفتها بقوة قبل أن يسحب الهاتف من يدها. نهضت من مكانها ونظرت له بغضب وهي تقول:
- ايه اللي بتعمله ده؟
ضغط على شاشة الهاتف وردد بنبرة هادئة:
- حد اخترق موبايلك وبعتلي منه رسايل كمان يهددني
اتسعت حدقتاها بخوف ورددت بنبرة هادئة:
- طيب اخترق موبايلي إزاي مش أنت مأمنه؟
رفع رأسه ونظر لها ليقول:
- طبعا بس استحالة حد يخترقه غير بمساعدتك أنتي، حد بعتلك لينك أو صورة ودخلتي عليهم؟
ضيقت ما بين حاجبيها وحاولت التذكر لبعض الوقت قبل أن تقول:
- لا محدش غريب بعتلي لينك ودخلت عليه، أنا بردو فاهمة كل حاجة واستحالة اعمل حركة غبية زي دي
نظر إلى الهاتف وظل يضغط بسرعة على شاشته وهو يقول:
- طيب افتكري حد من صحابك على الفيس بعتلك لينك؟
اتسعت حدقتاها بعد أن تذكرت شيء وهتفت على الفور:
- شيماء صحبتي من القاهرة بعتتلي امبارح صور لينا كانت مصوراها بالموبايل بتاعها لما كنا في الدرس
في تلك اللحظة ضغط على الشاشة وولج إلى تطبيق "ماسنجر" ثم نقر على المحادثة الموجودة بينهما لتظهر أمامه تلك الصورة. اتسعت حدقتاه وهتف على الفور:
- زي ما اتوقعت، صورة متلغمة وقدروا يخشوا موبايلك بمجرد ما دوستي عليها وفتحتيها
ضيقت ما بين حاجبيها وهتفت بحيرة:
- طيب شيماء تعمل كدا ليه؟ دي متفهمش في الهكر
نظر لها وأجاب على سؤالها:
- مش هي اللي عملت كدا، هم يعرفوا إنك على تواصل بيها ومش هيعرفوا يوصلوا ليكي إلا بالطريقة دي علشان كدا اخترقوا موبايلها بسهولة وبعتوا الصورة ليكي أو لغموها وهي بعتتها بحسن نية
ضيقت ما بين حاجبيها وظلت تفكر لثوانٍ قبل أن تقول متسائلة:
- هم مين دول؟
نظر إلى الهاتف مرة أخرى وأجاب:
- الـ SSB أخطر منظمة هاكر في العالم
ارتسمت ابتسامة على وجهه وتابع بمكر:
- بما إنهم راكبين الموبايل دلوقتي فأنا هوصل ليهم الرسالة دي
خلع حقيبة الظهر التي كان يرتديها وأخرج الحاسوب الخاص به قبل أن يقوم بتوصيل الهاتف بالحاسوب، ضغط على الأزرار بسرعة كبيرة وولج إلى الكثير من التطبيقات التي قام بصنعها بنفسه من أجل الهجمات الإلكترونية وبعد مرور ثلاثة دقائق ابتسم وقال:
- تلاتة اتنين واحد
في تلك اللحظة فصل الإتصال بين الحاسوب والهاتف ونهض من مكانه وهو يقول:
- علشان يعرفوا هم بيواجهوا مين، فاكرين إني security بس ميعرفوش إني أخطر من أخطر هكر عندهم
شعرت «إيلين» بالخوف وتقدمت خطوة تجاهه وهي تقول:
- أنت عملت ايه يا إلياس؟
ابتسم وأجاب على سؤالها بهدوء:
- فيه غرفة كاملة كانت مسؤولة عن اختراق الموبايل بتاعك وكان فيه لينك بين الموبايل وبينهم طبيعي لأنهم راكبينه، أنا بقى استغليت اللينك ده واخترقت نظام الغرفة دي وبعت فايروس دمر كل الأجهزة دي وولعها في ثواني
***
في مكان مجهول ويضيء فقط بإضاءة شاشات الكمبيوتر السوداء ويتخللها أكواد باللون الأخضر والأحمر ضغط أحد الأشخاص على الأزرار بسرعة كبيرة وولج إلى صفحة بها صورة للمياة يغلب عليها اللون الأسود وكتب الآتي:
- The control room was burned by Elias, he took advantage of the communication between his wife's phone and the control room and this made his task easy
(تم حرق غرفة المراقبة بواسطة إلياس، قام بإستغلال التواصل بين هاتف زوجته وغرفة المراقبة وهذا ما جعل مهمته سهلة)
انتظر لثوانٍ حتى ظهر الرد من الجهة الأخرى على شاشته:
- How did this happen? How can this idiot break into one of our rooms? You are stupid
(كيف حدث هذا؟ كيف لهذا الأحمق أن يخترق غرفة من غرفتنا؟ أنتم أغبياء)
انتظر لثوانٍ وظهرت رسالة أخرى:
- Did he leave a message?
(هل ترك رسالة؟)
ضغط هذا الرجل الخفي على الأزرار بسرعة وكتب:
- Yes he left a message, he said if you think you can burn my world then I definitely started burning your world, the next step will burn in front of the world.
(نعم لقد ترك رسالة، قال إن كنت تعتقد أنك تستطيع حرق عالمي فأنا بكل تأكيد بدأت في حرق عالمك، الخطوة القادمة ستحترق أمام العالم)
ظهر الرد من الجهة الأخرى على الفور:
- Well, he will see our response this evening when we hack his protection system in front of the world
(حسنًا، سيرى ردنا مساء اليوم عندما نخترق نظام الحماية الخاص به أمام العالم )
***
أمسك «طيف» هاتفه ونهض من مكانه وهو يقول:
- فتشني يا باشا فتشني، اتفضل ايدي كلبشني يلا أنا عايزك تدهشني وريني هتعمل ايه
توقف قليلا ورفع أحد حاجبيه قائلًا:
- ايه اللي بتقوله ده يا طيف أنت ظابط ومتقولش التفاهة دي
في تلك اللحظة دلفت «نيران» مكتبه ورددت بصوت مسموع:
- ايه يا طيف باشا ايه اللي سمعته وأنا داخلة على مكتبك ده؟
رفع أحد حاجبيه وقال بقلق:
- يا فضيحتي هو أنا صوتي كان عالي أوي كدا؟
حركت رأسها بمعنى "لا" وأوضحت له:
- لا بس علشان كنت قريبة من الباب سمعت
التقط أنفاسه بارتياح وردد:
- الحمدلله، يخربيت الفيسبوك على اليوم اللي عملت أكونت فيه، شوفت الفيديو ده امبارح ومن ساعتها الأغنية لازقة في دماغي مش راضية تخرج وبعدين بقالي ساعتين مستني يوسف باشا، ساعتين عند اللواء أيمن جوا، دول لو بيتغدوا وبيشربوا شاي مع تحلية كان زمانهم خلصوا من بدري
ابتسمت وربتت على كتفه بهدوء قبل أن تقول:
- لا ما هو أنا جاية اقولك إنهم خلصوا واللواء أيمن عايزك في مكتبه، فيه خبر حلو أوي
ضيق ما بين حاجبيه وقال بتوجس:
- مش عارف ليه قلقان، خبر ايه ده؟
اتسعت ابتسامتها وقالت بحماس شديد:
- المهمة الجاية هكون معاك، أخيرا بعد السنين دي كلها هننفذ مهمة سوا من جديد، فاكر آخر مهمة عملناها مع بعض؟
لوى ثغره وقال بنبرة تعبر عن الحزن:
- مش عايز افتكر لأن كل المهمات اللي عملتها أنا وأنتي مع بعض كانت كوارث وشوفنا الموت أكتر ما شوفنا بعض
رفعت أحد حاجبيها وقالت بنبرة تعبر عن الضيق:
- ايه ده أنت مش بتتفائل بوجودي جنبك يا طيف؟
رسم ابتسامة على وجهه وهتف بسخرية:
- اتفائل إزاي يا حبيبتي إذا كان المثل بيقول يا متفائل بوش مراتك بكرا المصايب تغرقك من ساسك لراسك
- بقى كدا؟ ماشي يا طيف النهاردة وبكرا نكد
أسرع وأمسك بيدها ليقول بابتسامة واسعة:
- استني أنا بهزر ايه يا ستي متبقيش قفوشة كدا، طبعا فرحان هو أنا اطول
ضربت صدره ضربة خفيفة لتقول:
- أيوة كدا اظبط ويلا علشان اللواء ايمن هيحولنا للتحقيق لو اتأخرنا دقيقة كمان
تحرك معها على الفور وهو يقول مازحًا:
- يلا ده أبويا وأنا عارفه
***
كانت منشغلة كثيرًا بمكتبها وغارقة في كثير من الأعمال عندما دلفت شقيقتها الصغرى «نيرة» فرفعت هي رأسها لترى من فوجدت شقيقتها مما جعلها تبتسم وهي تقول:
- نيرو ايه اللي جابك
تقدمت «نيرة» وجلست على المقعد المقابل لها وهتفت بنبرة هادئة:
- بصي يا سهوة أنا فضلت افكر كتير قبل ما أجيلك بس مليش غيرك احكيله وأرمي حملي عليه
ضيقت ما بين حاجبيها بقلق ونهضت من مكانها لتجلس أمامها مباشرةً وهي تقول:
- فيه ايه يا نيرة قلقتيني
صمتت لثوانٍ واتخذت القرار النهائي أخيرا وبدأت حديثها:
- بصي أنا فيه حد في حياتي، هو زميلي في الجامعة واتعرفنا على بعض جامد آخر فترة، حكالي كل حاجة عنه وعرفته أكتر، هو محترم وطيب وشاب كويس لكن لما فكرت في الموضوع شوية قولت إني أنانية أوي خصوصًا إني مقولتلوش على اللي حصلي قبل كدا، حاسة إني متقيدة ومش عارفة اعمل ايه، أنا حبيته يا سهوة بس طبيعي لو عرف اللي حصلي هيبعد عني
ربتت على يد شقيقتها لكي تُشعرها بالأمان والطمأنينة ورسمت ابتسامة على وجهها لتقول بهدوء:
- كبرتي يا نيرة وحبيتي، بصي يا حبيبتي هقولك حاجة ملهاش دعوة بكل ده بس هفهمك حاجة بسيطة، مفيش حاجة اسمها زميلي في الجامعة وقربنا من بعض وحكالي عن نفسه وحبيته والكلام ده، هو كدا مش أمين لأنه لو أعجب بيكي يجي يكلم يوسف ويكلم أهلك علطول
ضيقت ما بين حاجبيها ورددت بحيرة:
- مش لازم نعرف بعض الأول وناخد وقت عقبال ما نفهم شخصية بعض؟
حركت رأسها بمعنى "لا" وأردفت بتوضيح:
- لا طبعا أومال الخطوبة اتعملت ليه؟ بيبقى بعلم أهلك وأهله لكن بدون علم أهلك وأهله مش صح أبدا وليها أضرار تانية بعدين هتقولي ايه اللي عرفك ومفيهاش حاجة هقولك ده طالب في كلية يعني لسة بيتصرف عليه ومش بيعتمد على نفسه بمعنى أصح لسة عيل مش راجل يشيل مسؤولية يعني كلامك معاه ده بيعتبروا تسلية وتضييع وقت ولو سابك فيها ايه لسة صغير ومستعد يرتبط تاني وتالت ورابع كمان، أنا مش بقولك كدا علشان أكرهك فيه لأنه ممكن يكون عكس ما قولت وبيشيل مسؤولية بس بفهمك إن الخطوة من البداية غلط من الأساس
نظرت إلى الأسفل وحركت رأسها بالإيجاب وهي تقول:
- عندك حق في كل كلمة، لو حاول يكلمني تاني هقوله يتقدم ليا بس لو عرف اللي حصلي هيبعد للأسف
ابتسمت وأمسكت بيدها لتقول بثقة واضحة:
- لما يجي يتقدم ساعتها هيعرف الحقيقة وهيعرف إن اللي حصلك ده غصب عنك وبدون إرادتك ولو بعد يبقى ميستحقش شعرة منك لأنه كدا مش بيحبك ولا عايزك ومش قابل حاجة حصلت غصب عنك
ابتسمت «نيرة» وقبضت على يد شقيقتها هي الأخرى ورددت بامتنان:
- يارتني كنت جيت اتكلمت معاكي من بدري، كلامك ريحني وشال هم كبير أوي من على قلبي، ربنا يخليكي ليا يا سهوة
ابتسمت وربتت على يدها:
- ويخليكي ليا نيروو يا قمر أنتي
***
نهض اللواء «ايمن» من مكانه بعد أن استقر الجميع في مقاعده وأشار إلى الشاشة الموجودة أمامهم وهو يقول:
- المهمة اللي جاية خطيرة جدا المهـ...
قاطعه صوت طرقات على الباب فسمح لمن بالخارج بالدخول لتدخل «سيزكا» التي قالت بأسف:
- آسفة جدا يا سيادة اللواء العربية عطلت مني في الطريق وسيبتها وجيت بـ...
رفع كفه الأيمن وقاطعها قائلًا:
- خلاص يا سيزكا أنتي هتحكي قصة حياتك، اتفضلي عايزين نبدأ
جلست بجوارهم وكتم «طيف» ضحكه قدر المستطاع بينما تابع اللواء حديثه قائلًا:
- زي ما وضحت المهمة دي خطيرة جدا، المنظمة اللي هتكلم عنها اسمها "the ghost" بمعنى الشبح وهم فعلا كدا، انتشارهم زاد الفترة الأخيرة في مصر بطريقة محدش كان يتخيلها خصوصًا إنهم مختفيين، المنظمة دي خطيرة جدا لأن كل شغلها هو تجنيد البشر لمنظمات تانية أو لمصالح تانية شخصية أو التجارة في الأعضاء وحاجات تانية كتير، انتشروا عن طريق حاجات كتير أولها إعلانات الوظائف على منصات التواصل الاجتماعي بمعنى إنهم بيخشوا على الجروبات اللي فيها إعلانات عن وظائف وينزلوا وظائف بمرتبات عالية أو حتى عادية بس بمميزات حلوة زي إنك ممكن تشتغل من البيت بس أول مرة لازم تقدم في الشركة وطبعا الناس ما بتصدق ويقدموا علطول وبيتبعت ليهم عنوان الشركة علشان الانترفيو والناس بتروح وبمجرد ما يوصلوا للمكان بيتخدروا وبيتم نجنيدهم، جزء للتجنيد حسب مصالحهم الشخصية وجزء بياخدوا أعضائهم ويرموهم وطبعا أماكنهم كل يوم متغيرة علشان محدش يعرف يوصلهم
هنا تحدث «طيف» وردد بتساؤل:
- ودول سعادتك هنوصل ليهم إزاي طالما بيتغير مكانهم كل فترة
نظر له نظرة سريعة قبل أن يقول بعدم رضا:
- أنا لسة مخلصتش كلامي علشان تسأل، اسمع للأخر وبعدين اسأل براحتك
نظر إلى الأسفل وردد بصوت غير مسموع:
- ايه الكسفة اللي أنا فيها دي، ماشي يا بابا
تابع اللواء «ايمن» حديثه:
- المطلوب مننا ايه الفترة الجاية؟ كل واحد هياخد ايميل على فيسبوك معمول من فترة كبيرة علشان محدش يشك في شخصيتكم، ما بين طلاب وخريجين وهكذا، هتخشوا الجروبات دي وكل واحد هيقدم على 3 وظايف في اليوم ويحدد مواعيد المقابلة وساعتها هيروح وطبعا فيه تواصل مع القوة اللي هتكون معاه لو كانت وظيفة عادية هنضيف الشخص اللي نزل الوظيفة للقايمة الآمنة ولو فيه حركة مش تمام القوة هتتدخل علطول، المهمة مش سهلة لأن الجروبات دي كتير وبينزل في اليوم أكتر من ١٠٠ وظيفة في كل جروب وده اللي مش طبيعي خالص، هتاخد المهمة مننا وقت لكن هننقذ شباب كتير كل يوم بيضيعوا بسبب المنظمة دي، دلوقتي حد عنده سؤال؟
***
- أنا مش متطمنة للي بيحصل ده يا إلياس
قالتها «إيلين» بعد أن قص عليها ما حدث من هؤلاء المخترقين فردد هو بثقة:
- اتطمني محدش هيقدر بعد كدا يخش على موبايلك حتى لو دخلتي على ألف لينك، أنا نضفت الفون وفصلت اللينك بينهم وشغلت حماية البرنامج على موبايلك، أنتي أول حد يشغل البرنامج على موبايله لأنه لسة منزلش للعامة
ضيقت ما بين حاجبيها وهتفت بضعف:
- مش ده اللي خايفة منه يا إلياس، حياتنا اتغيرت أوي، ليه نبقى خايفين طول الوقت من الناس دي؟ وحشتني الحياة البسيطة اللي كنا عايشينها في القاهرة لوحدنا
ضيق ما بين حاجبيه وردد بنبرة تعبر عن العتاب:
- أنتي اللي رافضة التغيير ده؟ رافضة التغيير وأنتي أول واحدة اتغيرتي يا إيلين؟
********************************************************************
عبدالرحمن الرداد
رواية مخطط سرى الفصل الخامس 5 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية مخطط سرى)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)