رواية جاردينيا (حرب العشاق) الجزء الثالث الفصل الثامن 8 بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (حرب العشاق) الجزء الثالث البارت الثامن 8
رواية جاردينيا (حرب العشاق) الجزء الثالث الجزء الثامن 8
رواية جاردينيا (حرب العشاق) الجزء الثالث الحلقة الثامنة 8
رواية جاردينيا (حرب العشاق) بقلم ناهد خالد
رواية جاردينيا (حرب العشاق) |
رواية جاردينيا (حرب العشاق) الفصل الثامن 8
جاردينيا ج3 " حرب العشاق " ... الفصل الثامن " ليله عاصفه ! " .. ناهد خالد .
" لم تكن ليله عاصفه بالرياح المُحمله بالأتربه ولا بالأمطار الرعديه , بل كانت ليله أشد من كل هذا بأحداثها المُزلزله , بدأً من إختفاء ل رفع الستار عن كثير من الحقائق المخفيه , ليله كُشف فيها العدو وكُشف فيها الحليف ... ليُعيد فيها كلاً منهم ترتيب أوراقه من جديد استعدادًا لما هو قادم والذي يبدو أنه سيكون .... كالإعصار المُدمر "
زفرت أنفاسها بهدوء مُستعده لتكملة ما بدأته فلابد أن ترمي اليوم من فوق عاتقها كل ما يُثقله يكفيها ما عاشته الفتره الماضيه منذُ أتت لهُنا :
-أتيت لأحقق إنتقام زائف وسعيًا وراء غايه ليست موجوده من الأساس فقط خدعت بها رعد كي يطمأن لي , لكنه دومًا حذِر ولا يثق بسهوله لذا بعث معي " راجيه " تلك الشيطانه التي نشأت على يده ووسمها بالطباع التي يريدها , كانت أكثر خادمه يثق بها منذُ دلفت للقصر بعدما انتقلنا لجنوب جاردينيا بعام واحد , أجاد تعليمها فقد كانت بالكاد تبلغ السابعة عشر حين أتت للقصر لتخدم بهِ , سبع سنوات قضتهم بالقصر أستطاع فيهم رعد أن يصنع منها ما أراد , لذا بعثها معي كي تراقب تصرفاتي وتؤكد لهُ أن الأمور تسير كما يريد , لكن بالطبع أخبرني بشئ آخر وهو أنه بعثها معي كي تكن مرسال بيننا أن حدث شئ وأردت إخباره بهِ , كل ما فعلته الفتره الماضيه من تصنع بتقربي من إيفان وغيرتي منكِ .....
قالت الأخيره وهي تنظر ل " روبين " وأكملت بصدق ظهر في عيناها بوضوح :
-كان فقط كي تطمئن راجيه أنني ما زلت أفكر كيف أأخذ إيفان منكِ , يوم عقد قرانكما كان يجب أن أتصرف وأضع خطه ما , ليس من الطبيعي أن يمر الأمر بسلام ومن المفترض أنني أحترق من زواجكما الوشيك , لذا وضعت خطه مُحكمه حرصت فيها أن أُظهر رغبتي في التخلص منكِ ...
فركت كفيها بتوتر وهي تصمت هذه المره لا تعرف من أين تبدأ بشرح ما حدث ليلة زفافهما حتى أستمعت ل "روبين " تهتف بهدوء تام :
-فقداني للوعي ليلتها كان بسببك , صحيح ؟
أومأت بتنهيده وهي تقول :
-عرضت عليَّ راجيه أن أستخدم السُم للتخلص منكِ , وللحقيقه حين فكرت بالأمر رأيت أن هذه أنسب طريقه يمكنني فيها التلاعب كيفما أشاء , فأخبرتها أنني سأبعث لأحد الأطباء الذين كنت أعرفهم قديمًا وأثق بهم وأطلب منهِ سُمًا مناسبًا , وبالفعل بعثت لطبيب وطلبت منها أن تتركنا بمفردنا وحينها طلبت منهِ شئ يسبب فقدان الوعي والشحوب وأعراض تشابه التسمم لكن لا يؤذي , فأعطاني شئ لا أدري ماهيته لكنه أكد لي أنهُ لن يؤذي أبدًا , وهذا ما أعطيته ل "راجيه " ووضعته لكِ في الطعام وهي تعتقد أنه سُمًا , واصطنعت الصدمه والغضب حين نجيتِ من الأمر , بل وبعثت أبحث عن الطبيب الذي كنت قد طلبت منهِ سابقًا أن يترك محل إقامته ويبتعد للشمال كي أنتقم منهِ لأنه خدعني وبالطبع لم يجدوه , وهكذا أنهيت هذا المأزق , ولكن اليوم صباحًا أخبرتني راجيه أن " رعد " قد بعث برسول ليخبرني أنه سيتصرف بالأمر , وحينها تآكلني القلق خوفًا من أن ينجح " رعد " في خطته وأنا لا أعلم عنها شئ , لذا كانت عيناي تتابع أريام طوال الحفل حتى أنتبهت لإنسحابها فأتبعتها وحين أصبحت بمفردها تختبئ منهم ظهرت لها , حتى أنني قابلت رجال رعد الذين يعرفونني بالطبع لأنهم من حراس القصر وأخبرتهم بطريق بعيد عن مكانها كي أضمن إبتعادهم ... هذا كل ما في الأمر .
تنهدت تنهيده عميقه حين أنتهت من سرد ما تحمله في جعبتها , وأخذت تطالع ملامحهم تستشف منها هل صدقوها أم لا ؟ , ولكن لم تستطع التمميز إلا حين هتفت " روبين " بعد فتره من الصمت :
-ما فعلتيهِ معي اليوم كفيل أن أصدقك , لولاكي لأصبحت في تِعداد الموتى حتمًا .
تنهدت براحه وهي تهز رأسها بإهتمام لا تصدق أن " روبين " هي أول من صدق حديثها بل وتمتن لها ! , يبدو أن هذه الفتاه أطيب مما توقعت , وهذا ما دفعها لقول :
-أريام , يجب أن تحذري في التعامل مع من حولك , اليوم حين رأيتيني إطمئننتي لي رغم ضيقك مني ورؤيتك لي وأنا أحاول التقرب من زوجك والتحقير من شأنك كلما سنحت لي الفرصه , لم يكن يجب أن تثقي في , هذه فقط مجرد نصيحه لكِ .
ابتسمت لها " روبين " بإمتنان حقيقي , رغم دهشتها وتساؤلها الداخلي كيف فشلت في كشف معدن هذه الفتاه لتلك الدرجه ! , كيف شكت بها رغم أنها كانت المُنقذ لها في الكثير من المواقف , والأدهى أنها جاءت خصيصًا لحمايتها هي وزوجها ! , صدقَ من قال أن المواقف هي الأكثر صدقًا في كشف معدن الإنسان وليس إحساسك أو ظنونك .
نظروا جميعًا ل " إيفان " الذي لم ينطق بحرف فقط يجلس مستندًا بمرفقيهِ على فخذيهِ , منحني الرأس قليلاً ونظره يطالع الأرضيه بصمت تام .
حولت " نيروز " نظرها ل "روبين" التي انتبهت لها فحولت نظرها لها هي الآخرى فرأتها تشير لها عليهِ برأسها تحثها على التقدم منهِ ومعرفة ما بهِ , فنهضت "روبين " عن جلستها فوق الفراش واتجهت لهُ بُخطى مُتريثه حتى أصبحت واقفه بجواره فوضعت كفها على كتفهِ وهي تسأله بخفوت :
-إيفان , ما بكَ ؟ لِمَ لم تقل شيئًا ؟
رفع نظره لها وهو يتمتم بنبره بارده لا تحمل أي مشاعر :
-أتسائل متى سيكف رعد عن ملاحقتي ؟
حول أنظاره ل " نيروز " و " حيدر " وهو يسألهما :
-كيف يحمل كل هذا البغض تجاهي ؟ وهل الأمر فقط بسبب تقسيم المملكه أم أنه كان ناقمًا عليّ من قبل هذا ؟
أخفضا الإثنان أنظارهما بخجل فرغم أنهما لم يفعلان شئ لكنه بالأخير أخيهم وينتمي لهم بأفعاله الشنعاء والتي لا تتوقف رغم مرور السنوات .
أنتبهت " روبين " لخجلهم من أفعال أخيهم فجلست بجوار " إيفان " في الحيز الصغير الفارغ وهي تتمسك بذراعه وهمست له باللغه الفصحى تحسبًا أن يصلهما همسها :
-إيفان لا داعي لأسئلتك هذه لهما , ليس لهما ذنب فيما يفعله أخيهم .
--------- ( ناهد خالد )----------
سارت بجوار أخيها حتى وصلا للممر الخاص بغرفة الحاكم فأوقفهما " ثابت " وهو يسألهما :
-إلى أين ؟
هتفت " مطر " بنبره جاده :
-نريد مقابلة الحاكم في أمر هام و عاجل .
أومئ برأسه وهو يقول :
-انتظرا هُنا سأخبر سموه .
توقفا في إنتظاره حتى يعود لهما فالتفت لها " وافي " وهو يسألها بقلق :
-هل تعتقدين أن الحاكم سيصفح عني ؟
نظرت لهُ بجانب عيناها وهي تطمأنه :
-لا تقلق الحاكم ليس بهذا السوء , سيُقدر أنك قد خُدعت وسيُقدر أيضًا اعترافك لهُ بفعلتك .
عاد لهما " ثابت " في هذه اللحظه يخبرهما أن الحاكم بإنتظارهما , دلفا للداخل مُحيين الجميع بملامح متوتره , تحت أنظارهم المتسائله عن هوية الشخص المرافق لها , حتى نطقت هي بارتباك حاولت إخفاءه :
-سمو الحاكم , هذا " وافي " أخي , لديهِ أمر هام يريد إخبارك بهِ .
أومئ برأسه متفهمًا ثم نظر ل " وافي " وهو يسأله :
-بخصوص ماذا ؟
مرر أنظاره على جميع الموجودين بتردد لا يعرف إن كان ما سيقوله يمكنهم سماعه أم لا , فتفهم " إيفان " نظراته فقال بهدوء :
-يمكنك التحدث .
ابتلع ريقه بتوتر ثم قال :
-الأمر يخص الحاكم رعد .
تجمدت ملامحهم وهم ينظرون له بصمت تام منتظرين أن يخبرهم عن المصيبه الآخرى التي أرتكبها " رعد " فيبدو أنه لا يفكر سوى في كيفية القضاء عليهِ .
مرت دقائق سرد فيها " وافي " قصته منذُ دخوله السجن وماحدث له بالداخل حتى خروجه وذهابه لجنوب جاردينيا عن طريق الممر السري والذي لم يتوقف عنده إيفان الآن فيكفيهِ الأحداث الآخرى التي تشغل تفكيره , وأنهى حديثه بسرد ما حدث منذُ يومان حين طلبه رعد للحديث معه بأمر هام وأكمل :
-أخبرني أن كل ما يحدث في السجن بأمر من الحاكم وبعِلم منهِ , وأنه السبب الأول والرئيسي فيما حدث لي بداخل ذلك السجن اللعين , كنتُ أبحث عن شخص أأخذ إنتقامي منهِ وهو منحني هذا الشخص بكل سهوله حين أخبرني بأن كل ما يحدث في السجن بأمر من سموك , وأستطاع حينها رؤية نيران الإنتقام تتأجج في عيني فأخبرني أنه يمكنهِ مساعدتي وفي نفس الوقت أنفذ له أمر يريده , حينها طلب مني أن أأتي لهُنا وأختطف الصغير " غيث " مستغلاً الوقت الذي سيبعث فيهِ رجاله لقتل زوجة سموك , ومن ثم أعود بالصغير لهُ وكأن شيئًا لم يحدث .
ومن بعدها بدأ في سرد الخطه التي وضعها " رعد " له كي ينفذ مهمته وهي أن يدلف القصر متنكرًا في زي أحد الحراس , أخذ نفسًا عميقًا وهو يتطلع لملامحهم المصدومه و أكمل بتوتر بالغ :
-لكن رأيت مطر وتحدثنا فأخبرتني أن سموك لم تكن تعرف شيئًا عن ما كان يحدث في السجن سابقًا , وأخبرتني بما فعلته حين علمت , حينها تيقنت أن الحاكم رعد تلاعب بي لأنفذ له مهمته .
نيران تشتعل في صدره وأظلمت عيناه الخضراء بشده وهو يتخيل أن الصغير كان سيبتعد عنه وكان من المحتمل ألا يراه ثانيةً بل ومصيره المجهول هُناك , أوصلت ب " رعد " الدناءه لهذا المستوي كي يدخل طفل صغير لا ذنب له في إنتقامه الأحمق !؟ , أنه مستعد لفعل أي شئ في سبيل قهره و إحراق قلبه ! ما كل هذا البغض تجاهه !؟ , رفع أنظاره ل " وافي " الذي شحب وجهه في إنتظار ردة فعلهم وخاصًة هو " الحاكم " , أشتعلت عيناه غضبًا وهو يتخيل أن هذا الواقف أمامه كان سيكون سبب في إبتعاد الصغير ونجاح خطة الآخر فلم يشعر بنفسه سوى وهو يطوق عنقهِ بيده بقوه جعلت الأخير يختنق فورًا وشحب وجهه أكثر , في حين ركضوا جميعًا يحاولون تخليصه من بين يديهِ ولكن لم يستطيعوا فغضبه المتحكم بهِ أعطاه قوه مضاعفه , بكت " مطر " بشده وهي تحاول تخليص أخيها من بين براثنه لكنها فشلت فنظرت ل " حيدر " الذي يحاول دفع " إيفان " بعيدًا بنظرة رجاء لينقذ أخيها فهدر بهِ " حيدر " بقوه :
-أتركه إيفان ستنقطع أنفاسه !!
اقتربت منهِ " روبين " سريعًا حين وجدته لا يستمع ل " حيدر " فوقفت بجانبه وهي تجذب ذراعه مُردده بهلع :
-إيفان اتركه ليس له ذنب , لقد خدعه رعد , رجاءً اتركه ... إيفاااان !!!!
صرخت بالأخيره وهي تضربه في صدره بقبضتها بقوه لا تعلم من أين أتتها حين لاحظت تراخي " وافي " بين ذراعيهِ وقد اقتربت أنفاسه أن تُزهق بالفعل .. وكأنه استفاق على ضربتها فتركه دافعًا إياه للخلف وسقط الأخير فورًا فاقدًا الوعي فصرخت " مطر " برعب وهي تجثو جوار أخيها أرضًا تهزه ببكاء مُردده اسمه عدة مرات علّه يجيبها , طالعت " روبين ونيروز " سكون جسد وافي بصدمه , واقترب " حيدر " سريعًا منهِ يتحسس نبضه مترجيًا ألا يكون قد فارق الحياه و" مطر " أصبحت كالمغيبه وعقلها يهيئ لها فقدانه , وبعيدًا عن الجميع لم يهتم " إيفان " للأمر وانطلق للشرفه الخارجيه للغرفه وهو يسب بأسوء الألفاظ وغضبه لم يهدأ بعد .
تنفس " حيدر " الصعداء حين وجده على قيد الحياه يبدو أنها مجرد إغماءه لإنقطاع الأكسجين عنه لفتره , رفع أنظاره لتلك المنهاره أمامه فطالعها بنظرات حزينه على حالتها قبل أن يردف بنبره دافئه حاول من خلالها بث الطمأنينه لها :
-مطر أخيكِ بخير لا تقلقي , لقد فقد وعيه فقط .
رفعت أنظارها له وقد هدأ بكاءها حين وصل حديثه لعقلها فابتسمت بسعاده وهي تنحني مقبله جبين أخيها وهي تشعر أن روحها قد رُدت إليها .
-حيدر , انثر الماء على وجهه كي يفيق .
قالتها " روبين " بعدما اطمأنت أن " إيفان " لم يرتكب ذلك الجُرم وأنهى حياة أحدهم فاتجهت لإناء الماء وجلبته تتجه بهِ ل " حيدر " ليساعد ذلك المجثي أرضًا على الإفاقه .
التقطه منها ونثر بعض المياه على وجهه وبالفعل بدأ الأخير بالإستفاقه شاهقًا بقوه كي يسمح بدخول أكبر قدر من الأكسجين لرئتيهِ , احتضنته " مطر " براحه وهي تسأله عن حاله فأجبها أنه بخير , وبعد ثوانِ وقف مقررًا الإنسحاب من الغرفه فقال له " حيدر " بهدوء :
-لا تغادر القصر حتى يبت إيفان في أمرك .
أومئ موافقًا وانسحب للخارج وكادت " مطر " أن تتبعه لكنها توقفت على حديث " روبين " وهي تقول باعتذار مُبطن :
-مطر , أتمنى أن تُقدري موقف إيفان , هو لم يقصد إنهاء حياة أخيكِ فقط الأمر ليس سهل أبدًا وغضبه تحكم به ِ .
أومأت بابتسامه شاحبه مما عاشته في الدقائق الماضيه وقالت بتفهم :
-أقدر موقف سموه وأعلم أن أخي مخطئ , لكن أتمنى أن يصفح عنهِ أو يخفف عقوبته .
وهُنا تحدث " حيدر " بنبره هادئه ليطمئنها :
-لا تقلقي سأتدخل في الأمر ولن يصيب أخيكِ مكروه .
هزت رأسها عدة مرات بإمتنان وهمست بخفوت قبل أن تنسحب :
-شكرًا .
ما إن خرجت حتى بحث " حيدر " بأنظاره عنهِ وكاد يتجه لهُ حين رآه لكن أوقفته " روبين " وهي تقول :
-حيدر , من الأفضل ألا تتحدث معه الآن .
نظر لها بحيره وأعاد نظره لإيفان الواقف بالشرفه يعطيهم ظهره الذي ظهر تشنجه بوضوح دلاله على غضبه الشديد , لا يعلم أيقترب منهِ ويتحدث معه مثلما كان يفعل سابقًا حتى وإن كان غاضبًا أم أن التحدث معه الآن تحديدًا سيكون خاطئ ! خاصًة وهو يعلم علاقته ب " مطر " وربما يظن أنه يدافع عن أخيها من أجلها ولا يهتم بما كان على وشك الحدوث , يعلم أن غضبه الآن متجمع بهِ كل ما عاشه اليوم من مشاعر سيئه بدأً من اختفاء زوجته للآن لذا الآمر لا يحتمل المجاذفه كي لا تتأزم الأمور بينهما , أفاق على حديث " نيروز " وهي تقول :
-أريام مُحقه , لا تتحدث معه الآن وهو غاضب هكذا ....
أكملت حديثها وهي تنظر ل "روبين" وقالت بنبره حاولت جاهده إخراجها هادئه وقد كان :
-هو بحاجه لوجودك أنتِ لا أحد غيرك .
أومأت " روبين" برأسها تتفهم هذا جيدًا فقد كانت تنوي الإنضمام له بعد ذهابهما لعلمها اليقيني أنه بالفعل بحاجه لها , يا لسخافة الأمر ! حقًا هي لا تدري من بحاجه لمن ؟ أهي التي تحتاجه ليطمأنها بعد ما عاشته أم هو بحاجه لها لتُهدأه بعد ما عرِفهُ ؟, على أي حال وفي نهاية الأمر كلاهما بحاجه لبعضهما وهذا التعبير الأكثر شمولاً .
انسحب " حيدر و نيروز " بهدوء تاركين لهما الحريه , فوقفت بمنتصف الغرفه بعد إنسحابهما مغمضًة العينين تحاول جاهده إبعاد تلك الذكريات عن رأسها فلا مجال لها الآن , لذا حدثت نفسها بنبره خافته :
-مش وقته ... الموضوع عدى وأنتِ كنتِ قويه وقدرتِ تعديه وتقفي على رجلك من تاني .. مش كل موقف هيفكرك بيهِ ياروبين أنتِ كده ممكن ترجعي لنقطة الصفر من تاني .. أرجوكِ متضيعيش مجهود كل السنين دي ..
كانت تتحدث وكأنها لا تُحدث نفسها بل تُحدث شخص يقف أمامها فتحاول أن تقويه وتدفعه للإستكمال لا لليأس والإنحسار في ذكريات عقيمه لن تجلب له سوى المتاعب , كانت تكذب ... وهي تعلم أنها كاذبه , حتى أن ثغرها التوى بابتسامه ساخره ومتهكمه بعدما أنهت حديثها وتحدث عقلها يعاندها :
-قدرتِ تعديه ! أنتِ بتضحكِ على نفسك ؟ !
تأفأفت بضيق وهي تفتح عيناها تتمنى لو تشق رأسها لتخرج عقلها الذي يسبب لها كل المتاعب وتلقي بهِ بعيدًا علّها ترتاح قليلاً , التفت تطالع " إيفان " مره أخرى ومن ثُم اتجهت لهُ حتى أصبحت خلفه تمامًا ورغم شعوره بها لم يلتفت لها ولم تبالي هي بردة فعله بل فعلت ما أرادت فعله في هذه اللحظه، وبالفعل طوقت خصره بذراعيها مُستنده بجانب رأسها على ظهره فشعرت على الفور بكفيهِ يوضعان فوق كفيها متمسكًا بهما دون حديث , تنهدت بخفوت ثم بدأت هي بالحديث وقالت :
-عارفه أن الخذلان من أقرب الناس ليك شئ مش سهل , بيخليك تقف مع نفسك وتفكر هو أنا عملت أيه لهم عشان يخذلوني بالشكل ده , وخصوصًا لما تكون مقدمتش لهم غير كل الخير , للأسف الإنسان بطبعه بينتظر أن الي قدامه يعامله بمعاملته عشان كده بيصاب بخيبة الأمل لما الي يعمله يتردله بعكس الي توقعه , لازم كلنا نحط في دماغنا دايمًا إن مش شرط أبدًا الإحسان يترد ب إحسان زيه أو كتير بيترد بإساءه , ورغم مرارة الشعور وقتها إلا أنه بيكون درس لينا عشان نتعلم منه , عارفه أنك مش مستوعب ازاي رعد بيكرهك كده وهو ابن عمك والمفروض يبقى زي أخوك , وكمان أنا متأكده أنك قدمتله كتير , يمكن لو كان الأمر هين كنت قولتلك متعاملوش بمعاملته واتجاهل أي حاجه بيعملها لأنك مش زيه , بس للأسف الأمر مش هين ده بيحاول يدمرك بجد لدرجة أنه بيلجأ لأذية الي حوليك وده لازم يتحطله حد .
زفر أنفاسه بثِقل وهو يرفع عيناه ليناظر السماء مُتذكرًا ذكرى مريره مرت عليهِ فقال بنبره بارده رغم إشتعال مشاعره وهو يتمسك بكفيها أكثر كأنه يستمد منهما الهدوء :
-منذُ تسع سنوات تقريبًا كنت بين الحياه والموت , وأكثر دقه كنت أقرب للموت , كانت محاولة اغتيالي الأولى والأخيره حتى هذه اللحظه , حين أفقت بعد ثلاثة أشهر من اللاوعي لا أدري بما يحدث حولي تلقيت حينها أشد صفعه في حياتي حين علمت أن رعد هو من دبر الأمر وحاول قتلي ...
شهقت بصدمه وهي تبتعد بجسدها للوراء بعد أن سحبت ذراعيها ثم التفت تواجهه لكنه أبى أن ينظر لها وظل على وضعه كي لا ترى عيناه المتألمه , تسائلت بصدمه حقيقيه تحاول تجميع سؤال مفيد :
-ازاي ؟ حاول يقتلك ازاي ؟
التوى جانب فمهِ بابتسامه موجعه وهو يجيبها بنبره تسلل إليها الألم رويدًا :
-وضع سُمًا قوي في طعامي , حين أفقت كنت سأجن وأنا أفكر في الفاعل , لا أحد يكرهني ... الشعب.. جميعهم يحبونني وليس لديَّ أعداء فمن فعل هذا ! ... بالأحرى كنت أظن أن ليس لديَّ أعداء لكني أكتشفت أن عدوي الوحيد من كان أقرب لي من أخي , من كنت أقضي معه كل وقتي , ونفعل كل شئ سويًا .. التدريب والرحلات والتنزه , كنت أتقاسم معه كل شئ حتى ثيابي وطعامي , كان الجميع يرون أننا شخص واحد ... الجميع .. إلا هو وهذا ما اكتشفته لاحقًا .
اجتمعت الدموع بعيناها وهي لا تصدق ما تسمعه , كيف طاوعه قلبه أن يتخلص من رفيق عمره ! , كيف لشخص أن ينسي أعوام من القرب والعطاء في لحظه ويخطط للقضاء عليهِ ! , إلي أي حد أصبح البشر قاسيين وانعدمت منهم آدميتهم ؟!
أما هو فالتمعت عيناه بالحنين مرغمًا وهو يتذكر أحد المواقف بينهما ليسرده لها علّها تتفهم حجم ألمه بعدما تعرف كيف كانت علاقتهما .
------------- ( ناهد خالد )-----------
بعد أن خرجا من غرفة " إيفان " وجدت " حيدر " يقول لها بهدوء :
-نيروز تعالي معي أريد التحدث معكِ قليلاً .
طالعت الأجواء بالخارج بنظرها سريعًا ثم عادت لهُ وهي تقول :
-الآن ! لقد تأخر الوقت كثيرًا لنتحدث غدًا .
نفى برأسه بإصرار وهو يسحبها من يدها قاصدًا غرفته :
-سنتحدث الآن .
ما إن وصل غرفته حتى ترك يدها وجلسا متقابلين فنظرت له باستفسار عما يريدها فيه , لكنها تصنمت محلها حين هتف بتساؤل جاد :
-نيروز أنتِ تحبين إيفان حقًا أليس كذلك ؟
رفرفت بأهدابها مرارًا بتوتر ثم ازدردت ريقها وهي تنفي ما يقوله بخفوت :
-لا , لقد قلت هذا لرعد فقط كي .....
قاطعها وهو يسحب كفيها ويحتضنهما بقوه في حين ثبت عينه على عيناها بنظرات دافئه وقال بابتسامه هادئه :
-نيروز أنا أخيكِ , حتى وإن ابتعدتي عني لسنوات سأظل أخيكِ الذي يستطيع فهمك من عيناكِ دون التحدث , وأخيكِ الذي سيقف بجانبك دومًا مهما فعلتِ .. أخبريني الحقيقه لأستطيع مساعدتك .
ضغطت على شفاتيها بقوه تمنع شهقه خافته كادت تخرج من بين شفاتيها وأدمعت عيناها بشده وهي تنظر له بنظرات كانت كالخنجر الذي انغرز بصدره حزنًا عليها وقالت بنبره يشوبها البكاء :
-لم أحب غيره ... وقلبي لم يميل لغيره يومًا ... لكنه ... لكنه لم يحبني , وقلبه لم يخترني أنا حيدر .. ليس بيدي شئ لأفعله , حتى ...
ازدردت ريقها بصعوبه بينما أدمعت عيناي " حيدر " رغمًا عنه ورفع كفه يمسح بهِ دموعها المتساقطه بإنهيار وهي تُكمل :
-حتى إنني لا أعرف كيف أتخطاه ... لا أعرف كيف أوقف هذا الوجع الذي يحتل قلبي ....
#يتبع
#ناهد_خالد
جارى كتابة باقى فصول الرواية اترك تعليق أو عاود زيارتنا
رواية جاردينيا (حرب العشاق) الجزء الثالث 3
رواية جاردينيا (حرب العشاق) الجزء الثانى 2
رواية جاردينيا (حرب العشاق) الجزء الأول 1
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)