📁

رواية لقاء تحت القمر الفصل الرابع 4 بقلم ندى أشرف

رواية لقاء تحت القمر الفصل الرابع 4 والأخير بقلم ندى أشرف

رواية لقاء تحت القمر البارت الرابع 4 والأخير

رواية لقاء تحت القمر الجزء الرابع 4 والأخير

رواية لقاء تحت القمر الحلقة الرابعة 4 والأخيرة

رواية لقاء تحت القمر بقلم ندى أشرف

رواية لقاء تحت القمر الفصل الرابع 4 والأخير بقلم ندى أشرف
رواية لقاء تحت القمر


رواية لقاء تحت القمر الفصل الرابع 4 والأخير


لقاء تحت القمر (٤) الأخيرة 

بقلم/ #ندى_أشرف

٭٭٭

مرت تلك الليلة وقد أعددت حقيبتي وأنا أنتظر مرور الوقت بأسرع ما يكون، ليكن أول حلم لي وددت دائماً أن يتحقق من قائمة أحلامي..

كنت أشعر بالسعادة وكأنني طفلة.


استيقظنا في صباح اليوم التالي وقررنا الذهاب فوراً على أن نتناول وجبة فطورنا بالطريق، استقل سيارته وكنت بجانبه وبعد مرور الوقت بدأت أقوم بتقديم ما لدي له فنظر لي وابتسم بسخرية فقال:

- إيه السندويتشات اللي انتي عملاها دي هوا احنا طالعين رحلة مدرسية

- على أساس إنك مش بتشتري زيها في المحلات!

نظر إلى ما لدي فقال ضاحكاً:

- طبعاً طبعاً.. تسلم ايدك، مش هتدوقيني بقى معاكي إيه..

- دا برجر وبانيه.. بس لا مش هدوقك

- ليه بس كدة دا أنا جعان أوي

- ما انت بتتريق عليا وتقولي رحلة مدرسية خلاص انسى 

- بس أنا نفسي في حتت البانيه اللي في إيدك دي هاتيها بقى

أخذتها على فمي عناداً فيه فقلت:

- أنا وانت واحد.. 

وفجأة سمعنا صوت انفجار من أسفل سيارتنا ووقع الطعام وبصعوبة استطاع أحمد أن يوقف السيارة وهبط منها وفوجئ بأحد إطارات السيارة قد انفجر.. ولا يوجد لديه بديل. 

جلست التقط أنفاسي ثم هبطت من السيارة انا الأخرى لأرى ما حدث فانقبض صدري وشعرت بالخوف لا أدري لما كان بي هذا الشعور فمثل هذه الأمور تحدث وتمر..


حاول إجراء الاتصال بأي من معارفه ليساعده في حل تلك المشكلة بدون جدوى ثم وقف أمامي وقال لي:

- خليكي هنا أنا هعدي الناحية التانية أشوف البنزينة دي يمكن تدلني على حد قريب من هنا بتاع كاوتشات.. متقلقيش أنا هحل كل حاجه.

نظرت له بابتسامة خفيفة فقلت:

- ماشي خلي بالك من نفسك 

اقترب مني وامسكني من ذراعي وقال:

- انا اسف عاللي حصل انتي اتخضيتي من الصوت جامد بس اوعدك اليوم هيعدي على خير وهعملك اللي نفسك فيه 

تنهدت فقلت:

- إن شاء الله

فاجئني عندما جذبني إليه واحتضنني لبضع دقائق قائلاً:

- أنا بحبك أوي يا هدى.. ثم ابتعد عني برفق وقال:

- استنيني أنا جايلك 

زاد انقباض قلبي حينما فعل ذلك وددت أن أجذبه من يده وأطلب منه أن يبقى بجانبي حتى يرتاح قلبي لكني قلت في نفسي أن الأمر بسيط لا يستدعي كل هذا الخوف وهو أخبرني أن كل شيء سيكون على ما يرام.. 


بقيت أتابعه بعيني وأنا أتمنى له السلامة لكن الله لم يستجب دعائي فقد تأخرت كثيراً لقد قضى أمر الله، ووضعت يدي على عيني وأنا أصرخ حينما رأيته بعيني والسيارة تصدمه بقوة بلا رحمة أطرحت به أرضاً ساكناً لا حراك توقفت السيارات والتفت الناس من حوله، أبعدتهم عن طريقي وأنا أتوجه صوبه، جلست أمامه على الأرض وأنا أحمله بين يدي وأرفع رأسه عن الأرض ليستند على ساقي فوجدت الدماء تسيل من كل مكان، أرجوك تنفس.. افتح عينك وحادثني، اصرخ بي، خانقني، اسخر مما أفعل ولكن لا تتركني.. وضعت يدي على موضع النبض لديه فلم يهتز، أرجوك انبض، خذ من نبضي أنا ولا تتوقف.

احتضنته وأنا أبكي وأصرخ وخائفة مما يدور في ذهني وصوت آخر يتحدث إليَّ أن لا تخافي سيكون بخير.. وبعد مرور بعض الوقت وانا بجانبه أشعر بأنني لست واعية لما يحدث شاردة الذهن أتمنى لو كان كابوساً ويوقظني منه أحمد ويخبرني بأنني كنت أحلم كعادته وأراهُ بعيني سليم لا شر فيه معافى من كل أذى واقف أمامي يفعل بي ما يريد..


استفقت من شرودي على صوت سيارة الإسعاف والتف الطاقم الطبي من حوله وقفت بجانبهم وأنا أضع يدي على قلبي أخاف أن أسمع ما لا يرضيني لكني سمعت أحدهم يقول:

- إنا لله وإنا إليه راجعون 

لم استطع تحمل المزيد فسقطت بجانبه مغشياً عليّ وأصطدمت رأسي بطرف الرصيف ولم أعلم ماذا حدث بعدها.. فتحولت حينها إغمائتي إلى غيبوبة فقدت فيها وعيي لإسبوعين.. 


حينما استفقت من غيبوبتي تلك سألتهم عن أحمد وأنا لا أتذكر شيئاً مما حدث وكأن آخر ما رأيته مُحي تماماً من ذاكرتي وكأن شيئاً لم يكن.. 

كانت الممرضة تخبرني بأنه سوف يأتيني وكنت حزينة منه للغاية لما لم يهتم لأمري وكنت اتسائل هل لازال غاضب مني أردت أن أراه وأصلح ما بيننا من تشتت ولكن سرعان ما أخبرتني إحدى الممرضات بأمر وفاته وحينها تذكرت ما حدث بشكل غريب ومؤلم وبدأت في نوبة الصراخ والبكاء وكأنه قد توفاه الله وآلامني قلبي للمرة الثانية وما شعرت بنفسي إلا بعد أن استفقت من أثر حقنة المهدئ والمنوم.. 

وكلما عدت لوعيي أسال عنه وانتظر أن يجيبني أحد بما أردت أن أسمع لا بما يجب أن أسمع، أكثر ما كان يُحزنني في الأمر أنني لم أكن حاضرة لدفنه وجنازته ولا أي أمر من ذلك القبيل.. 


كنت وحدي وكان وحده بدوني.. 


مر اسبوع آخر وجاءت والدته لزيارتي في بيت والدي وجلسنا بمفردنا وشعرت أنها تود أن تخبرني شيئاً ما لكنها مترددة في الأمر.. 

وحينما اجتمعت بنا أمي وهي تحمل بين يديها العصير قالت والدة أحمد:

- بصراحة كدة يا هدى أنا كنت عايزة أتكلم معاكي في موضوع.. 

أجبتها:

- طبعاً اتفضلي يا ماما 

أجابت في تلعثم:

- أنا اسفة يابنتي في السؤال بس انتي.. يعني انتي وأحمد ابني الله يرحمه.. 

تسائلت في تعجب:

- اتكلمي حضرتك عايزة تقولي ايه 

أجابت وهي تفرك يدها في توتر متسائلة

- لا حول ولا قوة الا بالله.. كنت عايزة أعرف يعني هوا محصلش حمل؟ 

شعرت بالصدمة ولا يوجد لدي ما أجيب به لم يحدث بيني وبين أحمد أي شيء، منذ أن جمع الله بيننا في بيت واحد لم يُقدَّر لي أن يكن بيني وبينه أي نصيب.. 

بكيت في حزن شديد فأنا أعلم ما يدور في رأسها وتتمنى لو كان من إبنها أي أثر في الدنيا يعوضها عن مرارة فقده، سألتني في ضيق:

- مالك بس يابنتي بتعيطي ليه 

نظرت لها ولم أجيب

كذلك سألتني أمي:

- بتعيطي ليه يا هدى 

أجبتها في غضب ولازلت أبكي:

- بعيط لإن أنا وأحمد أصلا محصلش بينا أي حاجه 

تسائلت والدته في تعجب ودهشة وغضب:

- يعني ايه محصلش بينكوا حاجه.. اسبوع كامل من جوازكوا مع بعض في بيت واحد إيه اللي يخليكوا لحد دلوقتي كدة! كنتي مانعة نفسك عن إبني ولا منكدة عليه وحرماه منك ولا عاملة معاه إيه فهميني..

أخفضت بصري وأنا لا استطيع التوقف عن البكاء فقالت أمي:

- استهدي بالله بس يا أم احمد خلينا نفهم.. 

ثم وجهت بصرها صوبي فقالت:

- فهمينا يا بنتي الله يكرمك ازاي اللي بتقوليه ده

- لسة يا ماما مكنش بينا تفاهم ولا تعامل مع بعض كان مديني وقت أقدر اتعود عليه وكنا بدأنا نتأقلم في حياتنا كانت في تفاصيل بينا حريص إنها متطلعش برانا ودايماً يوصيني إن معاملتنا مع بعض مافيش تالت يعرفها ولا يدخل فيها حد، بس للأسف كان ضيف على حياتي ملحقتش أتهنى بيه عرفتوا بقى ازاي لحد وقتها مكنش حصل بينا أي حاجه!. 

صمتت والدته في حزن واعتلت ملامحها خيبة الأمل فقطعت الصمت قائلة:

- سامحيني يابنتي انا أم، قلبي محروق على إبني شاب زي الورد ميغلاش على اللي خلقة، بس كان نفسي أشيل حتة منه وتكمل فرحتي بيه.. عريس في الجنة ياحبيبي ربنا يرحمك يابني ويرحمني ويصبر قلبي على فراقك...

استأذنت بعدها وغادرت تاركة قلبي خلفها يكاد يتوقف من شدة حزني وقهرة قلبي.. 


مرت أيام وشهور وبقى شريف بعيداً منقطعة أخباره لا أعلم عنه شيئاً توقعت أنه قد بدأ حياة جديدة وظنيت أنه قد تزوج من امرأة جميلة تستحق قلبه الطيب..


كان دائما لنا لقاء في مكان معين إذا ضاقت الدنيا بأحد منا جلس هناك وانتظر الثاني ليشاركه جلسته وأحزانه، كنت كلما ضاقت بي الدنيا ذهبت إلى هناك وأخبره فيأتيني ويسمعني للنهاية ويخفف عني همي كان أحن على قلبي من نفسي ولا سبيل نجاة لي من ضيق الحياة سواه..


اشتقت كثيراً للمكان ولأصحاب المكان فقررت أن أذهب هناك لكن لا يوجد لدي من أخبره بأنني في حاجه إليه وأنه قد ضاقت بي الدنيا.. 


ذهبت فوجدت المكان كما لو أن آخر مرة لي جئت فيها كانت أمس! 

جلست تحت ضوء القمر أمام البحر والهواء الطلق يضرب بأحزاني وهموم قلبي فيأخذها بعيداً.. 

كنت أتذكر أيامنا وحديثنا ومزاحنا وكل شيء تشاركنا فيه وكل تجربه خضناها سوياً لأول مرة، أتذكر ملامحه ضحكته تعابير وجهه، حزنه وفرحه..  

كانت مشاعري مشتتة في الأيام الماضية بينه وبين استسلامي لواقعي مع أحمد ولكن في النهاية ثار بركان عشقي له، لا مفر من ذلك الحب الذي يسكن القلب ويمتلكه ويتملك منه رغماً عنك حتى لو حاولت إقناع نفسك بأنه كل شيء قد انتهى! 


كنت استنشق الهواء وأزفره اشياقاً فقلت بصوتٍ يكاد يسمعه من هو بجانبي فقط وانا أتنهد عشقاً:

- " وحشتني أوي يا شريف ووحشتني أيامك ياريتك كنت جنبي.. " 


ثم نظرت خلفي في صدمه وغضب لأرى من ذاك الذي تجرأ على لمسي ووضع كفه على كتفي! 

فوجدته شريف واقف خلفي يبتسم لي تلك الابتسامة التي لم تفشل أبداً في سرقة قلبي مني قائلاً:

- أنا أقدر بردو مكنش جنبك! 

قمت في صدمه وقد اتسعت حدقتا عيني وأنا اتسائل:

- شريف! 

- آه ياستي شريف.. كدة بردو تخونيني وتيجي المكان بتاعنا من غير ما تعزميني معاكي زي كل مرة.. 

قالها ثم جلس بجانبي ولازلت واقفة أنظر إليه في صدمة وبداخلي ألف سؤال وسؤال

جذبني من يدي لأجلس فجلست ثم قال:

- أنا عارف إن جواكي اسئلة كتيرة وانا هريحك بس والنبي بلاش الصدمة اللي انتي فيها دي..


- عرفت إن انا هنا ازاي ؟

- مكنتش أعرف إن انتي هنا.. أنا زيي زيك بالظبط وحشتني أيامنا وجيت أشم هوا هنا ومن حسن حظي لقيتك.. 

آه صحيح البقاء لله، أنا عرفت باللي حصل معاكي بس مكنش ينفع أظهر في حياتك بالذات في الوقت ده بس والله انا كنت جنبك بقلبي دايما بتطمن عليكي وأعرف أخبارك ومش ببطل إني أدعيلك لحد ما أقدر أشوفك واتكلم معاكي.

- ونعم  بالله.. 

- على فكرة..

- ايه قول! 

- إنتي كمان وحشتيني أوي ووحشتني أيامك.. 

ضحكت في سعادة لم أعتاد منه على مثل هذه المعاملة أبداً مجرد التواجد معه في مكان واحد يرد لي روحي ويعيد لي معنى الحياة.


سألته عن سبب اختفائه كل هذه المدة فأجابني:

- أنا هقولك كل حاجه.. بس لازم توعديني إنك مش هتزعلي مني وتقدري سبب اللي عملته! 

- حاضر أوعدك.. احكيلي بقى

- لأ لأ غيرت رأيي هقولك بعدين مش لازم دلوقتي.. الأحسن انك دلوقتي تحكيلي عنك إنتي 

أجبته في عناد:

- لا والله أبداً ما هتكلم بنص كلمة إلا لما تحكيلي، دا أنا قولت انت اتجوزت وعشت حياتك

- اتجوزت إيه بس يا هدى صلي على النبي في قلبك 

- عليه أفضل الصلاة والسلام، احكيلي بقى عشان خاطري

- حاضر ياستي، كل ما في الموضوع إني خفت يكون وجودي في حياتك مسببلك مشاكل مع جوزك وحطيت نفسي مكانه لاقيت اني مش هقبل يكون لمراتي صديق وانا لو مكانه كنت هغير عليكي من الهوا الطاير، دا كفاية ابتسامتك اللي ماشية توزع حب على الناس دي.

احكيلي كنتي مبسوطة؟ 

- عايز الصراحة! 

- أكيد..

- أنا معرفش كنت مبسوطة ولا لأ بس كنت بحاول أتعايش.. فكرة إن جوازي كان صالونات كانت مخلياني زي ما ضغطت على نفسي أتجوز بالطريقة دي، زي ما كنت بضغط على نفسي أتعايش وأوجه مشاعري في مكانها الصح..

- آه.. معنى كلامك دا إن مشاعرك كانت في مكان تاني خالص وبتحاولي توجهيها صح! 

ابتسمت في خجل وخوف لأن شريف الوحيد الذي يستطيع أن يستخرج من كلامي مابداخلي ويمكنه فهمي دون أن أتحدث ويعلم إلى ما ترمي إليه كلماتي أو حتى أفعالي، خائفة من أن يفهمني ويُفضَح أمامه أمري فقلت: 

- ممم مش اوي يعني بس عادي هيا جت معايا كدة

- اعترفي اعترفي.. ها مشاعرك كانت فين ياهدى! 

تنهدت في حيرة فتسائلت في مكر:

- إنت عايز تسمع إيه بالظبط 

- عايز أسمع اللي جواكي وبتخبيه عني 

- سيبك من كل ده وكمل، المفروض إنك كنت بتحكيلي ودخلنا في مليون حاجه غير.. 

تحولت ملامحه إلى ملامح جامدة فقال

- آه صحيح فكرتيني، أنا عايز أعترفلك بسر كدة

- سر إيه قول 

- أنا..

وقبل أن ينطق أعلن هاتفه عن إتصال فقطع حديثه ونظر به فأشار لي بأنه سيجيب فقال:

- السلام عليكم.. الحمد لله أنا بخير، الله يسلمك ياحبيبي لا أنا الحمدلله بقيت بخير والله وخلاص اتطمنت على الآخر والدكتور بشرني.. تسلملي يارب أنا عارف والله وشايلك لحاجه كبيرة.. وصل سلامي لكل اللي عندك.. مع السلامة. 


كنت أستمع إليه وأنتظر توضيحه لما قال وبمجرد أن أغلق الهاتف سألته:

- إنت كنت تعبان! 

- استهدي بالله بس كدة براحة عليا مالك هتاكليني

- أستهدى بالله إيه أيوة هاكلك طبعاً كنت تعبان مالك وازاي متقوليش!

- اقولك إيه بس ياهدى.. عموماً اتطمني أنا بخير وعشان ترتاحي خالص هحكيلك كل حاجه.. 

أنا من سنتين كدة اكتشفت إني عندي ورم بالمخ..

وضعت يدي على فمي في صدمة شديدة قائلة:

- إيه!! ورم في المخ!! 

- آه ومن وقتها وانا كنت بتعالج ولما سافرت كان لعلاج واشعة وأخيراً بعد تعب وطول انتظار ربنا بشرني بالخير والدكتور بتاعي قالي إني خلاص خفيت! 

بكيت ولم أستطع منع نفسي من البكاء وأنا أعاتبه:

- يعني إحنا مع بعض كل ده ياشريف ومهانش عليك تقولي ولا تعرفني وتشاركني همك! 

عمرك ماحسستني بحاجه من كل ده وكنت كل ما تتعب ولا يحصلك حاجه تقولي من ضغط الشغل أنا ازاي كنت غبية وبصدق إن ده شيء عادي!

أخذ يمسح الدمع عن عيني ووجنتاي قائلاً: 

- سامحيني والله غصب عني مكنتش عايزك تخافي او تقلقي عليا كان عندي أمل ويقين فالله إني هبقى بخير وكل ده هيعدي! 

- يعني بجد بقيت بخير وخفيت؟ 

- اه والله ولو مش مصدقة أنا هوريكي التحاليل والاشعة وتشوفي بنفسك

أمسكت بيده فقلت:

- الحمدلله إنك بقيت بخير ياشريف.. أنا مش عارفة لو كان حصلك حاجه انا كنت هعيش ازاي

- ياسلام؟ للدرجة دي! 

- وأكتر كمان.. وعلى الرغم من كل ده أنا عايزة أطلب منك طلب

- أكيد انتي تطلبي عيني 

- تسلم عينك .. هوا هيبان غريب شوية بس أنا فعلا مش هقدر أستحمل أكتر من كدة!

- مش فاهمك..؟ 

- احنا لازم نبعد عن بعض ياشريف

- انتي بتقولي إيه؟! إزاي يعني انتي مستوعبة بتقولي ايه؟ 

- أيوة.. مستوعبة وواعية للي بقوله، أنا عشت شهور وسنين وانا غرقانة في بحرك مش لاقية منه طوق نجاة، فضلت مستنية منك كلمة واحدة كانت هتخليني أقدر أوصل معاك لبر الأمان بس انت اختارت تسيبني مخنوقة في القاع بعيدة ووحيدة والدنيا حواليا ضلمة وساعدتني كمان إني أرمي نفسي في قاع أبعد وأعمق وأسود من اللي كنت عايشة فيه بإني أكمل حياتي مع حد مش بحبه.. 

مش مستعدة أفضل معاك لحد ما تحرق قلبي وتتجوز وتعيش حياتك مع واحدة غيري تشوف هيا منك الي أنا عشت بحلم بيه.. 


- هدى إنتي أكيد مجنونة.. أتجوز إيه وواحدة غيرك مين! هوا أنا أصلاً عمري قربت من اي واحدة خلقها ربنا قد ما قربت منك؟ 

عايزاني أريحك من كل اللي انتي فيه ده؟ تمام أنا هقولك اللي فيها، واحد بيحب واحدة وبيعشق تراب رجليها عايش يستمد طاقته في الحياة على نور عيونها وهيا بتضحك وسعيدة كدة.. فجأة عرف إن حياته أصبحت مهددة بالسرطان وهيموت في أي لحظة ودا مش من وحي خياله لأ دا كلام دكاترة كبار يوم ماشافوا خبر شفائه قالوا دي أكيد معجزة! 


إزاي هيربط واحدة بيه وهوا عارف إن أيامه في الدنيا محدودة! 

كل يوم وانا بدعي ربنا يشفيني عشان بس أكمل باقي عمري جنب منك و يوم ماقولتيلي على العريس اللي متقدملك مبقاش بحبك بجد لو كنت وقفت في طريقك ومنعتك منه، اضطريت أشجعك عشان يكون قلبي متطمن عليكي.. 

كان قلبي بيتحرق وانا شايفك مستنية مني أخدك في حضني أنا وكنت بشوف لمعة عنيكي ونظراتك اللي كانت بتتمنى أكون أنا اللي مكانه.. يوم فرحك جيت كملت اليوم كله هنا في مكانا ده وانا ببكي وبكلم نفسي زي المجنون وأقول لربنا ليه مخلتهاش من نصيبي أنا وليه حطيت كل الحب ده ليها في قلبي طالما هتخليها من نصيب واحد غيري.. نظرة عينك والكسرة اللي فيها مكانتش بتفارقني أبدا ومهما قولت مش هوصف ليكي وانا بتخيلك معاه وفي حضنه كان بيجرا ليا إيه.. 

في كلام كتير أوي جوايا مش هعرف أقوله ولا هيكفي سنين قدام وجاية دلوقتي تقوليلي نبعد! 


كنت أستمع إليه في صمت وصدمة ارتجف قلبي لنبرة صوته ورأيته يبكي أمامي.. لأول مرة في حياتي أراه في هذه الحالة من الانهيار والبكاء فما كان مني إلا أن جذبته إلى حضني وحاوطت رأسه بكفي وأخذت أربت بيدي الأخرى على ظهره كالطفل الذي يحتاج إلى الحنان والمواساه لكي يهدأ من روعه، كنت أحاول تهدأته ولا يوجد على لساني سوى أنني معه وأبداً لن أتركه مهما حدث! 


ابتعد عني برفق وأمسكني من ذراعي بيداه الاثنتين فقال لي:

- أنا بحبك ياهدى وعمري ما هسمحلك تبعدي عني لحظة واحدة بس انتي فاهمة!

- فاهمة والله بس عشان خاطري إهدى.. أنا أسفة. 


لم ينطق لكنه جذبني هذه المرة إلى حضنه وكنت كالعطشان الذي يحلم دوما بنهر عذب من الماء وأخيراً ارتوى.. 

أبعدني عن حضنه فتسائل في خجل:

- هدى.. 

- نعم؟ 

- أحمد لمسك في إسبوع جوازكوا ده؟ 

- لأ.. محصلش بينا حاجه.

هب واقفاً في سعادة فقال:

- قولي بالله العظيم ما لمسك؟ 

ضحكت في خجل فأجبته:

- والله ما حصل..

صدمني حينما خر ساجداً على الأرض ثم قام يحمد الله وينظر إلى السماء قائلاً:

- أنا بحبك أوي ياااارب.. إنت سامعني! أنا بحبك أوي وسامحني على سوء ظني واغفرلي كل لحظة ضعفت فيها ومكنتش راضي بالبلاء اللي كان منحة كبيرة أوي ليا بتوصلني لكل اللي كنت بحلم بيه.. 

ثم نظر لي فقال:

- كنت بغبائي خايف عليكي مني وقولت مش هينفع أعلقك بيا وانا عمري في الدنيا محدود ورميتك في حضن اللي عمره في الدنيا محدود، مافيش حاجه في الدنيا تقدر تحدد مين يعيش ومين يموت إلا إرادة ربنا وحده، مكنش ينفع أضحي بحبي ليكي ولا اكسر قلبك، كان لازم أطلب منك تكوني سند ودعم ليا وتبقى جنبي في أشد لحظات حياتي احتياجاً ليكي.. يكفي إن ربنا فالآخر كافئ صبري وكتمان حبي ليكي بيكي وبقيتي ليا ومن نصيبي وشفاني. 

                               ٭٭٭

جاء بعدها شريف وتقدم لخطبتي وتزوجت به وأنجبنا ولدين وفتاة.. 

وحيدة والدتها تلك التي صمم أن يطلق عليها إسم "هدى" ليكن تعبيراً عن محبته لي والتي شاركتني حبه واهتمامه لتكن الوحيدة بالعالم التي لم ولن أغار منها في مشاركتي ذلك الرجل الذي طالما عشقته وتمنيته زوجاً لي... 

٭٭★٭٭


#لقاء_تحت_القمر 

بقلم / ندى أشرف


لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية لقاء تحت القمر)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)


روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات