رواية رجوة الفصل الخامس 5 بقلم ليليا
رواية رجوة البارت الخامس 5
رواية رجوة الجزء الخامس 5
رواية رجوة الحلقة الخامسة 5
رواية رجوة بقلم ليليا
رواية رجوة |
رواية رجوة الفصل الخامس 5
البارت الخامس
فالتفت لي رجوة وقد غمر النور القمر وجهها وعنقها ومعصميها فبانت كتمثال من العاج منحوت بدقة، فنظرت الي وسالتني: لماذا لا تتكلم؟ لماذا لا تحدثني عن ماضي حياتك؟؟
فنظرت الي عينيها الجميلة ومثل الابله والاخرس فجأ نطقت شفتي واجبتها قائلا: الم تسمعيني متكلما منذ جئت الي هذا المكان؟ او لم تسمعي كل ما قلته منذ خرجنا الي هذه الحديقة؟ ان نفسك التي تسمع همس الازهار وتفهم القمر الم تسمع صراخ روحي وضجيج قلبي.
فامسكت وجهها بيديها ثم قالت بصوت متقطع: نعم سمعتك، سمعت صوتا صارخا خارجا من احشاء الليل وضجة هائلة منبثقة في قلب النهار.
فقلت بسرعة، نسيت من انا ونسيت حالي، وماضي حياتي ونسيت كياني ونسيت كل شيئء امامها وقلت: وانا قد سمعتك يا رجوة، سمعت دقات قلبك، سمعت تنهيدتك المتعبة وماذا تقول، سمعت نغمة عظيمة محيية تصدر منك.
فاغمضت رجوة اجفانها وظهر علي شفتيها القرمزتين خيال ابتسامة محزنة وقالت بتعب ثم همست: قد عرفت الان انه يوجد شيىء اعلي من السماء واعمق من البحر واقوي من الحياة والموت، وقد عرفت الان ما لم اكن اعرفه بلامس ولا احلم به.
منذ تلك الليلة صارت رجوة احمد اعز من الصديق واقرب من الاخت واحب من الحبيبة، صارت فكرا ساميا يتبع عاطفة رقيقة تكتنف قلبي وحلما جميلا، يجاور نفسي.
ما اغبي جل الناس الذين يتوهمون ان المحبة تتولد بمعاشرة الطويلة والمرافقة المستمرة، ان المحبة الحقيقية هي ابنة التفاهم الروحي وان لم يتم التفاهم بلحظة واحدة لا يتم بعام ولا بجيل كامل.
ورفعت رجوة راسها ونظرت نحو الافق البعيد حيث قالت لي: لقد كنت لي بلامس مثل اخ اقترب منه مطمئنة واجلس في ظلال والدي، اماالان فقد شعرت بوجود شيئ اقوي واعذب من العلاقة الاخوية، قد شعرت بعاطفة غريبة مجردة من كل علاقة عاطفة قوية مخيفة لذيذة تملأ قلبي حزنا وفرحا.
فوضعت يدها علي راسي وغرست اصابعها بشعري وقد تهلل وجهها وترقرقت الدموع في عينيها مثلما تلمع قطرات الندي علي اطراف اوراق النرجس، ثم قالت: من من البشر يصدق حكايتها؟؟ من منهم يصدق اننا في الساعة التي تجىء بين غروب الشمس طلوع القمر ولقد قطعنا كل تلك العقبات.؟؟
قالت هذه الكلمات ويدها ما برحت علي رأسي المنحني ولو تخيرت في تلك الدقيقة لما فضلت تيجان الملوك واكاليل الغار علي تلك اليد الحريرية المتلاعبة بشعري، ثم اجبتها قائلا: ان البشر لا يصدقون حكايتنا لانهم لا يعلمون بأن المحبة هي الزهرة الوحيدة التي تنبت وتنمو بغير معاونة الفصول، لكن شهر ابريل هو الذي جمعنا لاول مرة، ان حياة الانسان يا رجوة لا تبتدىء في الرحم كما انها لا تنتهي امام القبر، وهذا الفضاء الواسع المملوء باشعة القمر والكواكب لا يخلو من الارواح المتعانقة بالمحبة والنفوس المتضامنة بالتفاهم.
ورفعت رجوة يدها بلطف عن راسي تاركة بين مغارس الشعر تموجات كهربائية يتلاعب بها نسيم الليل فيزيدها نموا وحراكا، وبقينا نتسامر علي ضوء القمر ننتظر مجئء عمي ناصر.
بعد مرور ساعة تقريبا وصل عمي ناصر الي منزل، فتح له السائق الباب، ونزل منها سرنا انا ورجوة بين الاشجار ووصلنا اليه، سار نحونا منحني الراس بطىء الحركة، ونظير متعب رازح تحت حمل ثقيل تقدم من رجوة ووضع كلتا يديه علي كتفيها وحدق الي وجهها طويلا كانه يخاف ان تغيب صورتها عن عينيه الضئيلتين، ثم انسكبت دموعه عما قريب تخرجين من بين ذراعي والدك علي ذراعي رجل اخر، عما قريب تسير بك سنة الله من هذا المنزل المنفرد، الي ساحة العالم الواسعة فتصبح هذه الحديقة مشتاقة الي وطىء قدميك ويصير والدك غريبا عنك، لقد لفظ القدر كلمته يا رجوة، اتمني ان يحميك الله يا عزيزتي، وانا اسف جدا.
سمعت رجوة هذه الكلمات فتغيرت ملامحها وجمدت عيناها كانها رات شبح الموت منتصبا امامها، ثم شهقت عندما استمعت كلماته، اباها يتخلي عنها، سوف تزف الي رجل اخر غير طه، لالا سوف اترك حبيبي، ووالدي، لا استطيع، لا اتحمل هذا العذاب،
وانتفضت متوجعة كعصفور رماه الصياد فهبط علي الحضيض مرتجفا بالامه، وبصوت تقطعه الغصات العميقة صرخت: ماذا تقول يا ابي؟ ماذا تعني؟ الي اين تبعث بي؟
فلم يجيبها والدها ودموعه تنسكب، فلم تتحمل سكوته فامسكت يده وقالت بنبرة تعبة ومرهقة من الحياة: قد فهمت الان قد عرفت كل شيء ان عامر قد فرغ من حبك قضبان القفص الذي اعده لهذا الطائر المكسور الجناحين، فهل هذه هي ارادتك والدي؟؟
فلم يجبها بغير التنهدات العميقة، ثم ادخلها المنزل واشعة الحنو تنسكب من ملامحه المضطربة، فبقيت انا واقفا بين الاشجار والحيرة تتلاعب بعواطفي، مثلما تتلاعب العواصف باوراق الخريف، ثم تبتعهما الي قاعة وكيلا اظهر بمظهر طفيلي يميل الي الاستطلاع الخصوصيات اخذت يد عمي ناصر مودعا له ونظرت الي رجوة نظرة غريق، ثم خرجت دون ان يشعر بخروجي ولكنني لما بلغت اطراف الحديقة حتي سمعت صوت عمي ناصر مناديا الي، فعدت الي لقائه ولما دنوت منه امسك بيدي وقال بصوت مرتعش: سامحني يا ابني فقد جعلت ختام ليلتك مكتنفا بالدموع، ولكنك سوف تجئء الي دائما، ونظر الي نظرة غامضة، واكمل حديثه الا تزورني عندما يصير المكان خاليا، وابقي وحيدا؟؟
لفظ تلك الكلمات الاخيرة بصوت منخفض متقطع، ولما اخذت يده وهززتها صامتا احسست بقطرات من الدموع السخينة قد تساقطت علي يدي من اجفانه، فارتعشت نفسي في داخلي، وشعرت نحوه بعاطفة عذبة محزنة تتمايل بين ضلوعي وتتصاعد كاللهاث الي شفتي ثم تعود كالغصات الي اعماق قلبي ولما رفعت راسي لكي اجيب رأي ان دموعه قد استدرت الدموع من اجفاني، انحني قليلا ولمس بشفتيه المرتجفتين اعلي جبهتي ثم قال: تعالي غدا يا طه، اريدك في موضوع؟؟
فقلت: حسنا عمي ناصر، غدافي الصباح، اتي اليك، انا في خدمة دائما!! ثم قال محولا وجهه نحو باب منزل: مع سلامة يا ولدي، عمت مساءا!!
واختفي عمي ناصر وراء مصراعي الباب وخرجت انا من تلك الحديقة وصوت رجوة يتموج في اذني، وجمالها يسير كالخيال امام عيني ودموع والدها تجف ببطىء علي يدي، خرجت من ذلك المكان، ولكن محبوبتي لم انسي دموعها وحالتها الحزينة، خرجت شاعرا بان تلك الليلةالتي ولدت فيها ثانية هي الليلة التي رايت الموت فيها لاول مرة.
رواية رجوة الفصل السادس 6 من هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية رجوة)
تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)