📁

رواية عروس رغمًا عنها الجزء الثانى 2 الفصل الرابع 4 بقلم سوليبة نصار

رواية عروس رغمًا عنها الجزء الثانى 2 الفصل الرابع 4 بقلم سوليبة نصار

رواية عروس رغمًا عنها الجزء الثانى 2 الفصل الرابع 4 بقلم سوليبة نصار
رواية عروس رغمًا عنها


رواية عروس رغمًا عنها الجزء الثانى 2 الفصل الرابع 4


الفصل الرابع(فراق)

وقف مروان أمام منزل حياة وهو يمسك السلسال الذهبي الخاص بها والذي وقع بسيارته ...لقد عاد كي يعيده لها ...عندما نظر إلي الصورتين المعلقتين في السلسال عرف انها سوف تهدم العالم بسببه ولذلك لم يتأخر ففي السلسال كانت معلقة صورة والديها ...

رفع مروان يده ورن جرس الباب وانتظر لكي تفتح ولكن لحظات ولم يفتح له أحد ...رفع أحدي حاجبيه بحيرة ورن مرة أخري ولكن لا رد ....هل خرجت معقول ؟!ولكن الي اين ستذهب ...هز رأسه بحيرة وأخرج هاتفه وقرر أن يتصل بها هو سيخبرها أن السلسال الخاص بها موجود معه كي لا تقلق ثم سيذهب ويعطيها إياه في الغد ...ولكن لن يتركها قلقة هكذا ...أخرج رقمها ثم ضغط علي زر الاتصال ووضع الهاتف علي أذنه ...ولكن ابعد الهاتف مرة أخري ورفع حاجبه بحيرة وهو يسمع رنين هاتف حياة من الداخل ....دب القلق في قلبه وهو يضع أذنه علي الباب ...بالفعل تلك رنة هاتفها ...طرق علي الباب بقوة وقال:

-حياة ...حياة أنتِ هنا ؟!ردي عليا متقلقنيش...

ولكن الصمت هو كل ما حصل عليه .....

حاول دفع الباب كي يكسره ولكنه فشل في هذا ....

ركض لاسفل البناية ثم  يطلب مساعدة بواب البناية في ك.سر الباب ....

صعد الرجل معه وحاول الاثنين كسر الباب وانك.سر الباب اخيرا بعد محاولتهما الثالثة !!!

ولج مروان للمنزل وهو يصرخ بإسم حياة ...فجأة تجمد عندما دخل غرفة النوم ووجدها علي الأرض ...شاحبة وبجانبها عبوة الدواء ...لم يحتاج الأمر منه أكثر من ثانيتين لكي يعرف انها انتحرت .....

اقترب منها وحملها وهو يصرخ بفزع:

-ليه ...ليه يا غب.ية !!!

ثم ركض بها للخارج هو والبواب الذي أصابه الفزع بسبب انت.حار تلك الشابة في منزلها !!!

..........

في المشفي ...

كان واقف أمام غرفة الطوارئ وهو يرتجف بخوف ....منظرها وهي واقعة علي الأرض أوجع قلبه ....لقد قاد سيارته بتهور حتي يأتي بها هنا بسرعة ...جل ما كان يريده أن ينقذها ...تلك الغ.بية تخلت عن حياتها بكل سهولة ...ما سبب هذا ...لقد كانت بخير منذ ساعة تقريبا وهي تودعه ...فماذا حدث ولماذا انهارت بهذا الشكل المرعب ...لماذا حاولت أن تنتحر وتنهي حياتها ...الأسئلة التي كانت تدور في عقله كادت تدفعه للجنون ...هو فقط الان يتمني من كل قلبه أن تنجي وتكون بخير ...وحينها يستطيع أن يسألها عما جعلها تفعل هذا ...

.....

بعد ربع ساعة ...

خرج الطبيب ليقترب منه مروان بلهفة ...قال الطبيب:

-الحمدلله انت جيبتها في الوقت المناسب والا كانت هتروح فيها 

تنهد مروان براحة وقال:

-شكرا ...شكرا اووي يا دكتور مش عارفة اقولك ايه .

ابتسم الدكتور وقال بلطف:

-ده واجبي ...بس انا انصحك انك تعرضها علي دكتور نفسي ...واضح أن عندها مشكلة ...

هز مروان رأسه وقال:

-اقدر اشوفها دلوقتي .

-اكيد طبعا وبالليل أنا هكتبلها خروج ...

هز مروان رأسه وهو يدخل الي الغرفة ..

كانت هي مستلقية علي الفراش ...دموعها تنساب علي وجنتيها....تشعر بالاختناق ...لم تصدق انها بسهولة افشت سرها لأحمد الذي أصبح يكرهها الان بكل تأكيد ....

اقترب مروان من حياة وجلس علي الفراش وقال بلوم:

-ينفع اللي عملتيه ده يا حياة ...بتنهي كل حاجة بإيديكي!!احنا كنا بنتقدم ايه اللي حصل !

شهقت حياة وهي تنفجر بالبكاء ...امسك مروان كفها وقال:

-اهدي طيب ...أنا اسف...بس ممكن اعرف عملتي كده ليه؟!.

-احمد عرف كل حاجة يا مروان !...للاسف حكيتله كل حاجة عملتها لمهرا ...وهو قالي كلام صعب ...مقدرتش اتحمل ...حسيت اني وحشة اووي ...حسيت اني مستحقش اعيش ...و...

-بس خلاص متكمليش ..اهدي وانسيه 

مسح مروان دموعها وقال :

-بالليل الدكتور هيخرجك بعدين هتيجي معايا للقصر تقعدي يومين عشان اطمن عليكي وبعدين لما احس انك بخير ترجعي بيتك مفهوم !

هزت رأسها بتعب

.....


لم يبادله ادم العناق بل ظل هكذا متجمدا بارد ...لا يظهر علي وجه اي انفعال أو مشاعر بينما جده يبكي بتلك القوة ...كان آدم مغلق علي مشاعره جيدا ...لا يسمح لها أن تظهر ...كان يدعي القسوة رغم أنه ليس هكذا ...ولكن إن لم يكن قاسيا فسوف يسامح جده وهو لا يريد أن يسامحه ....

ابعد ادم جده برفق وقال مجددا:

-تعالي اوصلك لعربيتك يا استاذ جابر ...

تألم جابر وهو يري حفيده يعامله بتلك الطريقة .

.وبهدوء ساعده ادم لكي يستقل سيارته ...ركبت مهرا أيضا ووالدتها ولكن ادم.توقف ...

-مش هتيجي يا آدم ؟!

قالتها مهرا بنبرة تغلفها التوسل ...كانت تنظر إليه وتستعطفه أن يأتي ...أن ينسي جميع الخلافات وان يقف بجوار جده ولكن ادم نظر إليها وقال :

-لا روحوا انتوا ...أنا كنت جاي عشانك وكنت ناسي انك هتروحي لجدك النهاردة ....كلميني لما توصلي ...

ثم بهدوء ابتعد أمام نظرات جابر المتألمة ووجه مهرا الذي كان يملؤه اليأس...ولكن عاد إليها الأمل مرة أخري ...هي عاهدت نفسها التي تضغط عليه ..وهي متأكدة أن ادم سوف يسامح جده مهما طال الزمن ...ابتسمت لجدها  الذي كان وجهه متجهم بقوة ولمعة الدموع بعينيه وقالت:

-متزعلش يا جدو ...صدقني ادم طيب وهيجي يوم.ويسامحك 

هز جابر رأسه وقال:

-نفسي ابقي متفائل زيك بس مش عارف يا مهرا .

.ادم عمره.ما هيسامح ...هيفضل طول عمره يكرهني...وأنا مظنش اني اقدر اتحمل الكره ده.منه ...

ابتسمت مهرا وهي تشد علي كفه وتقول:

-ادم مين اللي يكرهك يا جدي ...بجد انت لسه مفهمتهوش لحد دلوقتي ...انت فاكر أن ادم جه هنا عشاني ؟!!لا طبعا ...ادم جه عشانك انت ...هو بيحاول بس يداري مشاعره ...عايز ياخد وقته في الحزن ..مش مشكلة خليه ياخده ....بس اتأكد.ان ادم بيحبك اووي ...واتأكد كمان أن هيجي يوم ويسامحك وهتقول مهرا قالت كده ...

نظر جابر الي حماسها ...كان يتمني أن يكون كلامها صحيح ...هو يحتاج لادم ...يحتاج أن يسامحه....هو يشعر بقرب أجله ...لا يعرف لماذا ولكنه متيقن أنه سوف يموت قريبا وقبل أن يحدث هذا يجب أن يطلب السماح من الجميع ...سواء من ادم ....أو حسناء !فكر بتعب وهو يستسلم اخيرا ويعرف أنه قد أخطأ في حق حسناء كثيرا ...يجب أن يعتذر من الجميع قبل أن يلحق بأولاده!!!

فكر جابر بينما السيارة تنطلق به الي منزله ...

......

كان ادم يسير في الطرقات وهو يكاد يجن ...لا يصدق أنه اتي الي هنا كي يراه ...اخترع أسخف حجة في العالم وكذب أنه جاء من أجل مهرا ...حسنا جزء منه أراد أن يكون بجوار مهرا ولكن جزء آخر أراد أن يأتي ويطمئن علي جابر عزام ...

اغمض عينيه بألم...الاعتراف بهذا يوجعه...لقد حاول كثيرا أن ينكر ولكن الحقائق كانت أمامه....هو ذهب من اجله...من اجل ان يراه  ويطمئن عليه ...تلك الحقيقة جعلته يختنق ...كيف يقلق كل من تسبب في تشريد عائلته وضياع حلمه...كان يجب عليه ان يكره جابر عزام لا ان يقلق عليه ...

ضيق ادم من نفسه كان مبالغ به ...كان يريد أن يتخلص من مشاعره تلك ولكن لم يعرف ادم ان مشاعره تلك هي اهم ما يميزه ...فهو رجلا لم.يسمح للحقد أن يسيطر عليه ...بل ازاح حقده جانبا ووقف بجوار جده ...رعب ادم كان بسبب انه قد يأتي يوما ويسامح جده ...هو يخاف تلك اللحظة التي سوف تتكون لديه مشاعر من جهة جده ويغفر ...ويبدو ان تلك اللحظة اقتربت !!

...........

كان جالس علي الأريكة ...منهار بسبب ما سمعه ...لم يصدق أن حياة تفعل هذا ...لقد صُعق وهي تخبره بما فعلته ...لقد تركها منهارة وخرج من المكان بأكمله وهو يشعر بالاختناق ...اختناقه لم يكن بسبب مهرا فقط ...اختناقه لانه أدرك ما هية مشاعره نحو حياة ...لقد عرف للاسف أنه يحبها...هو احبها بطريقة لم يحب بها أحد من قبل ..غيرته الشديدة عليها تخبره بهذا ...لقد انهكته تلك الغيرة ليالي حتي كاد أن يجن ..هدير قلبه عندما يكون معها يخبره بهذا ...هو يعاني الآن من الالام العشق ...يعاني من الخذلان ويشعر أن كل شىء انهدم فوق رأسه ...لا سلوي له ولا مخرج هو وقع في متاهة العشق وكُتب عليه المعاناة للابد ...

فكر بحزن ...أخرج هاتفه وهو يتصل بوالدته...والدته التي رفضت أن تنتقل معه إلي ذلك المنزل ...والدته التي قاطعته بسبب ما فعله بحياة ...حياة لم تسلب قلبه فحسب بل سلبت قلب والدته أيضا ...تنهد بتعب وهو يبحث علي رقمها لكي يتصل بها وقلبه مثقل بالهموم !!!

...


فتح أحمد الباب لكي يخرج ويذهب الي والدته  إلا أنه فجأة تأوه عندما لكمه أحدهم ليسقطه أرضا ...نظر احمد  الي من ضربه ليجده مروان ....ولج مروان للمنزل واغلق الباب وهو يقترب منه ...نهض احمد واقترب منه لكي يضربه بغل ...يريد أن يفرغ به الشعور المحبط بالغيرة الذي شعره الايام الفائتة بسبب قربه من حياة ...إلا أن مروان لكمه بقوة أكبر وهو يصرخ به:

-انت بأي حق تحاسبها يا حقير ...فاكر نفسك احسن منها ..

اقترب احمد بسرعة ولكمه بعنف وصرخ بدوره؛

-ملكش.دعوة ...اللي اعمله مع حياة يخصني أنا وبس...وانت ملكش دعوة بيا ولا بيها ...متقربش منها ...اياك تقرب والا هق.تلك !!!

هجم مروان عليه حتي سقطا علي الأرض وهو يضر.بان بعضهما بعنف ...كل منهما يحمل غضب كبير تجاه الآخر ولكن غضب احمد كان أكبر ...غضب احمد كان بفعل الغيرة التي كادت أن تق.تله ...بدأ احمد يضرب مروان بعنف وهو يهدر:

-قولي انت مالك ...ليه الاهتمام ده بحياة ...ابعد عنها ...

استطاع مروان تجنب لكماته وأصبح هو المسيطر وبدأ يضربه ويقول:

-انت مختل ...مختل عقليا !!!مش كفاية اللي عملته معاها ...مش كفاية انك سيبتها يوم فرحكم ...كفاية انك كسرت قلبها ...وجاي تحاسبها علي ذنبها علي اساس انك برئ وانت أحقر بكتير ...علي الاقل حياة ندمت ...لكن انت ..انت فين ندمك ....

لكمه مروان لكمة أخيرة لينهار احمد.تماما بينما نهض وهو يقول بإنفعال:

-حياة انتحرت...روحت بيتها ولقيتها موتت نفسها   !

اتسعت عيني احمد برعب وحاول النهوض ولكن التعب كان مسيطر عليه ...ابتسم مروان بسخرية وقال:

-برافو يا احمد عملت اللي عايزه وموتت حياة ...عيش حياتك وانت فرحان بانتصارك المختل ...اتمني تكون مبسوط دلوقتي ...

رماه بنظرة ساخرة مشمئزة ثم خرج من المنزل تاركا إياه وهو يشعر ان قلبه توقف تماما عن النبض !!...

.....

-لا لا ...لا لا حياة مستحيل تسيبني وتمشي !

قالها احمد وهو يهز رأسه بجنون ...انهار علي الأرض واخذ يصرخ وهو يضرب الأرض بعنف :

-لا...لا ...حياة مش ممكن تعمل كده ..

انسابت الدموع من عينيه وهو يشعر انه سوف يموت ...هذا لا يحدث ...هو يحلم بكل تأكيد ...او مروان يكذب ...حياة لا يمكن أن تتركه ...

كان يصرخ ويبكي وهو يتمني ان يكون كل هذا كابوس بشعة ...هو سيموت لو حياة تركته سيموت....

استلقي علي الأرض وهو يضم ركبته الي ذقته وبكاؤه يزداد قوة ...بينما آخر صورة في عقله كانت وهي تنظر إليه بإنهيار بينما يوبخها !

........

في المشفي ...

كانت ميار تجلس علي الأرض وهي تشعر بالرعب ...تتذكر كيف أنها دخلت ووجدت خالتها علي الأرض ...لا تتنفس وشاحبة ...هذا أصابها بالرعب وجل ما فعلته أنها اتصلت بالإسعاف واتوا وأخذوا خالتها والان هي تنتظر علي نار خروج الطبيب ليطمئنها علي خالتها ...كانت تشعر بالرعب ...تتمني الا يحدث أي شئ لخالتها الحبيبة ...اخذت تفرك كفها بتوتر وهي تقول بتضرع:

-يارب احميها يارب ...يارب تبقي بخير ...

نهضت بسرعة عندما خرج الطبيب ...اقتربت منه بلهفة ليقول الطبيب بآسي :

-البقاء لله ...المريضة اتوفت ....

تجمدت ميار مكانها الا من عينيها التي تصاعدت فيهما الدموع ثم فاقت وقالت:

-لا لا يا دكتور ...بالله عليك متقولش كده . هي بخير اكيد ...هي كويسة ...طب جرب تاني يمكن ...

-يا بنتي خالتك ماتت للاسف ...قلبها وقف ...ادعيلها بالرحمة وشوف اذا كنتي هتستلمي جثتها أو تتصلي بأولادها وانا بنصحك تتصلي بأولادها عشان مش هتقدري تخلصي الإجراءات لوحدك ...

ثم تركها الطبيب وذهب لتسقط علي الأرض وهي تبكي بعنف ...كان تشعر أنها تيتمت من جديد ...اليوم والدتها الثانية ماتت وهي أصبحت وحيدة مجددا!!!

........

-انا قررت اسافر اخر الاسبوع يا امي 

قالها علي فجأة لتنظر إليه والدته بحزن ...جلس بجوارها وقال :

-انا عارف اني غلطت كتير في حقك وفي حق ورد يا امي واتمني يوم انك تسامحيني ...غير أن شغلي برا مصر ...ولازم اسافر أنا افتكرت اني هنسي ميار واتجوز ورد واسافر بيها بس للاسف محصلش نصيب فهسافر لوحدي ويمكن ربنا يكرمني ببنت الحلال اللي تصوني يا امي دعواتك ليا ....

-هتسيب امك يا علي ؟!هتسيبني بعد ما فرحت انك اخيرا استقريت جمبي ...متتجوزش يا علي بس خليك جمب امك ممكن ...

هز علي رأسه بالنفي وقال:

-ياريت لو ينفع يا امي بس مقدرش ...شغلي في الخليج وبعدين مقدرش اعيش هنا ...صدقيني هتخنق ...عايز ابعد عشان انسي ...انسي كل حاجة ...ممكن انتِ تسافري معايا 

-لا يا اخويا أنا مسيبش بيني وبلدي ...روح انت يا بني ربنا يحميك ويجبر بخاطرك ...

ضمها علي إليها وهو يقبل رأسها ...

............

كانت تجلس علي ارضية المشفي وهي تبكي وترتجف ...لا تعرف ماذا تفعل بالضبط ...خالتها قد كانت والدتها الثانية ...ماذا تفعل الآن ...الي أين تذهب ؟! ...ماتت آخر احد يهتم بامرها في تلك الحياة ...اجهشت ببكاء مرير وهي تشعر بقلبها يتحطم ...رباه ماذا تفعل ...ماذا !!عقلها متوقف تماما عن العمل ...جل ما فعلته منذ أن عرفت بالخبر هي انها اتصلت بأبناء خالتها وهي الآن تنتظر !....

مرت ساعة كاملة حتي أتوا ...نهضت هي لكي تخبرهم ...

كانوا ثلاث رجال وجوههم تحمل قسوة رعبتها...تراجعت قليلا وقالت ؛

-خالتي !

قاطعها أحدهم وقال:

-مفيش داعي تكملي ...شكرا ليكي لحد كده تقدري تروحي لحالك 

-بس ...بس 

قالتها بإرتباك ..ليرد الاخر بسخرية:

-بس ايه يا بنت خالتي ...لتكوني قاعدة مستنية ورث خالتك او أنك تأخدي البيت اللي كانت خالتك مقعداكي فيه ...لا يا حبيبتي البيت ده بتاعنا...وياريت مشوفكيش بعد كده والا رد فعلي مش هيعجبك ملكيش دعوة بأمنا ...

شعرت ميار بالغضب وقالت:

- هو دلوقتي يعني اللي افتكرتوا امكم ...دلوقتي اللي جيتوا تدوروا عليها...كنتوا فيه وهي تعبانة ...كنتوا فين وهي قاعدة لوحدها في البيت ...افتكرتوها لما ماتت وبتتهموني أنا اللي عايزة الورث وطمعانة فيه ...مفيش  طمعان وجشع الا انتوا...يا ويلكم من اللي هيحصلكم بسبب اللي  عملتوه في امكم المسكينة ...متقلقوش هحضر دفنتها وامشي ...

-ولا هتحضري دفنتها كمان ...انتِ هتيجي معايا يا حيلتها!

صوت قاسي اتي من خلفها ...نظرت ميار خلفها لتجد والدها وزوجته!

...........

في المساء ...

-نورت بيتي المتواضع يا أنس .

قالتها نيرمين وهي تنظر إلي أنس بإبتسامة خبيثة وعينيها الخضراء الشبيهة بعيني ليل تفترسانه ...لقد عرفت أنه سوف يأتي ...

-ايه ليل مش هنا ولا ايه ؟!

قالها أنس وهو ينظر حوله ...كان يتمني بقوة ألا تكون موجودة...هو يعرف أن نيرمين تعشق الأموال أما ليل فهدفها انس وليس المال ...

-ليل مش هنا يا انس ....تقدر تتكلم براحتك ...

تنهد براحة فقالت نيرمين بخبث :

-صدقني أنا عاقبتها كويس علي اللي هببته معاك ومع ملك ...انت مش هتصدق قد ايه انا كنت متعصبة منها لانها اتصرفت بتهور وقالت كلام ميصحش لملك ...

-بنتك كانت بتسمم عقل بنتي يا نيرمين وانا مش متسامح.في النقطة دي وممكن اووي ازعل ليل مني 

ابتسمت نيرمين بهدوء وقالت:

-هي  اتصرفت بتهور سامحها معلش المرة دي ...انت عارف احنا قد ايه بنحب ملك ...

ابتسم انس بسخرية وقال:

-مش قادر اصدقك يا نيرمين للاسف ...أنا عارف أنتِ وبنتك عايزين ايه من ملك بالضبط !فلوسها صح ؟!

لم تتكلم نيرمين فأكمل هو :

-انا الوصي الشرعي علي فلوسها و...

-وانا الحضانة من حقي !

قاطعته نيرمين ثم أكملت:

-يعني ممكن بهدوء اخدها واربيها لو قررت انك تتجوز مثلا ...

-طيب ما ممكن اعرض عليكي عرض يجنن يا نيرمين عرض مش هتقدري ترفضيه !

-ايه هو ؟!

قالت وعينيها تلمع بشدة 

-قولي السعر اللي عايزاه اي سعر براحتك ..أنا عارف ان الفلوس اللي تهمك مش ملك ابدا!

قالها انس بثقة وهو يضع ساق علي ساق .

كانت عينيه تلمع بذكاء وعرفت نيرمين أن انس القي.جميع أوراقه وهو ينوي الفوز بتلك المعركة مهما كلفه الأمر ...برقت عينيها بخبث وهي تفكر أنها لن تجعله يربح ...لن تجعله يرتاح ويتخلص منها بتلك السهولة ....

نهضت وهي تتهادي في مشيتها وقالت:

-بس أنا بحب لوكا يا أنس...أنا عايزة حفيدتي بما ان شكلك عايز تتجوز وتهملها...أو ممكن نوصل لحل يرضينا احنا الاتنين .

لم يتحرك أنس ولم ينفعل حتي بل قال بنبرة باردة :

-قولي عرضك يا نيرمين ...

وضعت كفيها علي كتفه وقالت بهمس شيطاني:

-تتجوز ليل !

كاد أن يتحرك إلا أنها شدت علي كتفه  وقالت هامسة:

-عارفة ان في قلبك واحدة تانية وانا معنديش مانع تتجوز السكرتيرة بتاعتك...بس مفيش مشكلة لو اتجوزت ليل كمان ...وبدل ست يبقي معاك اتنين!...

ابعد انس يديها ونهض قائلا:

-انا اديتك.عرض متحلميش بيه ...وصدقيني يا نيرمين العرض مش هيتكرر تاني ...حتي لو أخدتي ملك مش هتأخدي ولا مليم من فلوسها ...

-بس انت مش هتسيب ملك بالسهولة دي يا أنس أنا عارفة ...مش هتسيب بنت اخوك اللي بتعتبرها بنتك ...فأنا اهو بعرض عليك عرض يجنن ...تتجوز بنتي مع السكرتيرة اللي مقرر تتجوزها دي وتحتفظ بملك ...عادي معنديش مانع !

-وانا مش عايز اتجوز بنتك يا نيرمين...صدقيني بنتك لو كانت آخر ست في العالم مش هختارها برضه ..مش انس الصاوي اللي يتلوي دراعه...أنا هتجوز اللي اختارها قلبي ومش هبص لواحدة غيرها ابدا ...وبالنسبة لملك...لا انتِ ولا بنتك ولا جيش المحاميين اللي هتجيبيه هيقدروا ياخدوها مني ...أنا هحاربك بكل الطرق يا نيرمين ...صدقيني أنا اديتلك عرض حلو اووي بس للأسف مش هعرضه عليكي مرة تانية...لان بقول كلمتي مرة واحدة ...وانا قولت كلامي وهتشوفي دلوقتي فعلي وصدقيني هندمك لما تشوفي ان لا الفلوس ولا ملك بقوا معاكي ...سلام يا هانم ..

قالها ثم ذهب من امامها لتبتسم هي وتقول:

-انت اللي اختارت الحرب يا أنس

.........

عاد إلي المشفي وهي يشعر بالتعب ليجدها قد ارتدت ملابسها ومستعدة للخروج ما أن رأته حتي صرخت بفزع:

-مروان ايه اللي حصل لوشك ؟!!!

كان وجهه مشوه من أثر الضرب ...ولم تفكر حياة لثانيتين وقد عرفت الجواب ...بالطبع تعرف من فعل هذا ...

-اتخانقت مع احمد صح ؟!.

قالتها حياة بتقرير ...كانت تخبره لا تسأله ...

-اديتله اللي فيه النصيب يا حياة ...مظنش هيقرب منك بعد النهاردة 

صمتت حياة وهي لا تريد التفكير بأي شئ...كانت لا تصدق انها أقدمت علي فعل متهور كهذا ...لولا مروان لكانت قد ماتت حقا !! ..

-يالا عشان نروح البيت يا حياة ..

-بيتي .

تساءلت وهي تنظر إليه فهز رأسه قائلا:

-لا طبعا انا قولتلك يا حياة مش هسيبك ترجعي البيت ده الا لما اطمن أنك بخير وانك مش هتفكري تأذي نفسك تاني ...أنتِ هتيجي بيتي وتقعدي معايا هناك. .

-بلعت ريقها وقالت:

-والدك مش هيمانع انت متأكد !

-ملكيش دعوة بيه ...

نظرت إليه حياة بتوتر ...كانت لا تريد الذهاب ولكنها خائفة ان تكون بمفردها في تلك اللحظة 

........

امام قصر وائل...


-مروان أنا بقول اروح بيتي افضل ...يعني ابوك هيقول ايه لما يشوفني داخلة معاك القصر مينفعش ...

ابتسم لها مروان بلطف وقال:

- يا بنتي مش قولتلك ملكيش دعوة بأبويا  ومترديش عليه لو اتكلم أو عك في الكلام ...أنتِ هتقعدي عندي في القصر يومين لحد ما اطمن انك بقيتي تمام ومش هتفكري في الحاجات الغريبة دي تاني اتفقنا !

هزت حياة رأسها وقلبها يرتجف وهي تخرج من سيارة مروان ....

....

دخل مروان القصر وهو يجذب حياة ووجد والده جالس علي الأريكة شارد ويبدو عليه الانهاك ...نظر وائل الي ابنه الذي معه فتاة غريبة ...نظر إلي مروان بحيرة ليقول مروان :

-دي حياة زميلة ليا هتبقي في القصر يومين كده لان عندها ظروف ..هتقعد في اوضة الضيوف ..

قال مروان جملته وانتظر الكلام السام الذي سوف يخرج من فم وائل...ولكن لدهشته وائل لم يتكلم بل هز رأسه ونهض بتعب ليصعد غرفته !

رفع مروان حاجبه وقال:

-غريبة يعني مسمعنيش كلام زي السم كالعادة ...خير إن شاء الله ...وائل بيه فقد الشغف ولا ايه !!

-والدك باين عليه تعبان يا مروان ..مشوفتش شكله !

-ده اكيد إرهاق العمل يا حياة...اصل بابا اهم حاجة عنده الشغل ...حتي اهم مني !

لم تقتنع حياة بكلامه ولا مروان أيضا ...مروان كان يري التعب واضح علي والده ..وعلي الرغم من صعوبة الاعتراف بهذا ولكنه كان خائف عليه ...

-ربنا يستر ...

تمتم مروان في سره وهو يدعو ألا يكون هناك شيئا سئ قد حدث لوالده !

نظر إلي حياة ووجه كلامه لحياة وقال:

-يالا يا حياة تعالي اوصلك اوضة الضيوف ...صحيح الاول هخلي حد يجهزلنا الاكل و ..

كادت حياة أن تعترض ولكن مروان قال بحزم:

-لا يا حبيبتي هتاكلي غصبا عنك ...يالا اوصلك اوضتك والأكل هيوصلك لحد فوق ...

........

ولجت حياة لغرفة الضيوف وهي تشعر بالتعب ولجت للحمام لتغتسل ثم ارتدت ثياب محتشمة وخرجت لتجلس علي الفراش بهدوء وهي تغلق عقلها عن التفكير بأي شئ آخر ...دقة علي الباب جعلتها تنتبه نظرت الي الباب وقالت:

-اتفضل .

ولج مروان وهو مبتسم بينما يحمل صينية الطعام وقال:

-خليت الشيف بتاعنا يعملك المكرونة بالطريقة اللي انتِ بتحبيها .

ابتسمت حياة بإمتنان وقالت:

-انا بجد بشكرك يا مروان ...مش عارفة من غيرك كنت هعمل ايه ...انا مش عارفة اشكرك ازاي ...

-انا هقولك ...تشكريني أنك تأكلي بهدوء وتخليني استمتع بطبق المكرونة بتاعي ..

قالها مروان بهدوء لتبتسم حياة وتبدا في الاكل ..

.............

-بالشفا يا جدو ...

قالتها مهرا بإبتسامة متألقة بينما تقبله علي وجنته ...ابتسم جابر وقال:

-ربنا يخليكي ليا يا مهرا ...

-ويخليك ليا يا حبيبي ويتم شفاك علي خير ...يالا دلوقتي روح ارتاح وانا كمان رايحة انام في اوضتي ...

-اوضتك وحشتك صح ؟!

سألها جابر مبتسما فهزت رأسها بهدوء ونهضت من جانبه لتذهب لغرفتها...

....

ولجت مهرا لغرفتها وهي تشعر وكأن شيئا ما ينقصها ...وهذا الشئ هو وجودها بجوار ادم ...لقد اشتاقت إليه بيأس ..تلك الايام لا تقضي معه وقت طويل بسبب مرض جدها...ولكنها عاهدت نفسها ما ان تستقر حالة جدها سوف تقضي معه كل اوقاتها ...سوف تعوضه عن غيابها وتتنعم بقربه ..اخرجت منامتها الحريرية من الخزانة واتجهت الي الحمام لتأخذ دوش سريع ...

......

بعد قليل ...

خرجت مهرا من الحمام وهي تجفف شعرها ...ثم اتجهت الي المرآة وبدأت تسرح شعرها ..

فجأة شردت في ذكري محببة لقلبها....

فلاش باك ...

-شعرك جميل زيك !

قالها ادم وهو يدفن وجهه في شعرها بينما يكمل:

-وريحته تجنن ...ريحته جميلة لدرجة انها بتفضل لازقة في مناخيري طول اليوم ...

ضحكت وهي تحاول الابتعاد عنه وتقول:

-يا ادم بقا بطل ...وسرحلي شعري والا هسرحه لوحدي ...

-لا ممنوع ..من هنا ورايح ان اللي هسرحه ..

ابتعد وامسك المشط ثم بدأ بتسريح شعرها وقال:

-نفسي نجيب بنت  يا مهرا ووقتها أنا هحطكم جمب بعض واسرحلكم شعركم ...

-بجد .

قالتها وهي تضحك ليهز رأسه فقالت:

-طيب عايزها شبهي ولا شبهك....

ابتسم بحب وقال :

-لا أنا عايزها زيك ...تكون جميلة بشعر اصفر وعيون شبه العسل الصافي ..عايزها تكون شقية كمان وتنور حياة اللي حواليها زي ما انتِ نورتي حياتي .

تألقت عينيها وهي تستدير وتنظر إليه ثم تعانقه .

باك 

ابتسمت مهرا بسعادة وبدأت في تمشيط شعرها وهي تحتفظ بذكرياتها الدافئة مع ادم !


.....

بعد ان انتهت جلست علي الفراش واخرجت هاتفها وهي تنظر الي صورهما سويا والابتسامة الجميلة تزين وجهها !

.........

في منزل ادم .. 

كان هو جالس علي الفراش يتطلع لصورة مهرا في هاتفه وهو يبتسم بحب ...كيف تمكنت تلك الفتاة من السيطرة عليه لتلك الدرجة لدرجة أنه يشعر بالنقص لانها بعيدة عنه...يشعر وكأنه يفتقد شئ كبير في حياته ...من كان يصدق ان مهرا سوف تمتلك قلبه...لقد كانت دوما بالنسبة له فتاة مستهترة ...لا تهتم بأحد....مدللة وكان يعد الايام حتي يطلقها ويتخلص من مسئوليتها ...ولكن سرعان ما اصبحت هي حياته...سبب سعادته ...يتذكر دوما لحظاتهما فيضحك من كل قلبه...هي الوحيدة التي تبهجه بهذا الشكل ...السعادة التي عرفها منذ دخلت حياته لم يتذوقها من قبل !!

اخرج رقمها  من هاتفه ثم اتصل عليها ...

.......

في فيلا عزام..

كانت جالسة علي الفراش واهتزت عندما رن الهاتف فجأة لتجده ادم ...ردت بسرعة وبلهفة :

-ادم ..

سمعت ضحكته الساحرة من الطرف الاخر وقال:

-ايه يا حبيبتي انتِ قاعدة علي الزرار ولا ايه 

-كنت لسه بفكر فيك .

قالتها ووجنتيها تشتعلان من الحب والخجل ..ابتسم هو ابتسامة رائقة ورد:

-وانا كمان يا بت والله البيت ظلم من غيرك يا ميمو 

-بجد يا ادم ؟!

-لا طبعا الكهربا شغالة عندنا عادي ...

زمت شفتيها بضيق وقالت:

-انت دمك.تقيل اووي...الله يكون في عيون الناموس اللي بيمص دمك..

رفع حاجبيه وقال:

-من فين بتجيبي المصطلحات دي ...انتِ اكيت من أنك ترمي الدبش ده ؟!

-بجيبها من ليلي اختك.

قالتها ببساطة ليضحك هو بعمق ويقول بتهديد مازح:

-طيب ايه رايك أنا همنعك تقعدي مع البنت دي تاني ...أنا عايزاكي تكوني كيوت زي ما انتِ مفهوم يا زوجتي العزيزة.

-مفهوم يا زوجي العزيز.

.........

في اليوم التالي ...


-مش قادرة اكل اكتر من كده ...

قالتها كارما وهي تزيح بوجهها لينزل سامر المعلقة ويقول:

-مينفعش يا حبيبتي لازم تأكلي عشان تقدري تصمدي ...عشان خاطري اخر مرة ...

ولكنها هزت راسها بتعب وقالت:

-معلش لو سمحت متتضغطش عليا ...أنا مش عايزة اكل ...

تنهد وهو رأسه وهو يحمل صينية الطعام ويلج بها الي المطبخ ...

تنهدت كارما بتعب ...منذ انهيارها منذ عدة أيام وهو يهتم بها بشكل يضايقها ...يرفض تركها مهما صرخت به وأخبرته أن يذهب ....لقد اعترف لها بحبه ...اعتراف انتظرته طويلا ولكن للاسف الان لم يعد له أي فائدة ...تشعر أن جميع مشاعرها ماتت تماما ...لماذا تأتينا سعادتنا عندما لم نعد نريدها ...فكرت بآسي والدموع تتصاعد لعينيها...هي الآن تريد أن يبتعد عنها سامر ويتركها وشأنها...قررت أن تحزم أمرها معه اليوم فهي لا تريده بعد الان ...ما كان يربط بينهما قد ذهب. ..

فكرت بآسي وهي تضع كفها علي بطنها ...طفلها الحبيب ...لقد اشتاقت إليه كثيرا ...ولكنها الآن متأكدة أنه بالجنة.

  ....

في المطبخ ...

كان سامر يغسل الاطباق ويوضب المطبخ ...يحاول بقدر الإمكان أن يتأخر لانه يعرف ما سيسمعه من كارما ...لقد راي هذا في عينيها ...هي تريد منه الرحيل وهو لا يفكر ابدا في تركها ...لن يتركها وقد توضحت مشاعره من ناحيته ...كل التشتيت الذي كان يشعر به من جهة مشاعره تجاه كارما اختفي ما أن راها ساقطة علي الأرض لا تتحرك ...شعر حينها بالرعب ....كان خائف كما لم يكن خائفا من قبل ...حينها قرر أن مهما حدث لن يتركها مجددا...عرف وقتها أنه قد أُغرم بها ...ابتسم سامر بسخرية وهو يفكر كما أن الإنسان كائن غبي ...يدرك قيمة الشئ عندما يفقده ...وهو أدرك قيمة كارما لديه عندما كاد أن يفقدها ...وكم ارتعب وقتها ...ولكن الحمدلله كل شىء مر بخير ...

انتهي اخيرا من تنظيف المطبخ وابتسم وهو يجد كل شىء نظيف ...الآن سوف يقنع كارما أن ترتدي ملابسها وتخرج معه للتنزه وعندها سوف يقنعها لتذهب لطبيب نفسي لعلها تقتنع ...

خلع سامر مريول المطبخ وتنفس عدة مرات قبل أن يخرج من المطبخ ويذهب لغرفتها ...

اخيرا هدأ من اضطرابه وخرج من المطبخ ...

...

كانت كارما تجلس مكانها وهي شاردة كليا ...

-كارما حبيبتي ..

نظرت إليه ببلادة ...عينيها خالية تماما من المشاعر ...ابتلع ريقه وقال:

-ايه رايك نخرج شوية ...تحبي تروحي فين !

-انا عايزاك تمشي !

هكذا قالتها بكل هدوء وهي تنظر إليه بينما تنهض من الفراش  ...لا تهتم كم جرحته...فكل ما تريده حقا أن يذهب من هنا ...أن يتركها وشأنها ...يكفي ما فعله معها ...

تنهد سامر بآسي ...لقد جرحته ..ليس مرة واحدة بل مرات عديدة ولكنه قرر أن يتحمل حتي تتقبل وجوده فمن المستحيل أن يتركها بعد ما كاد أن يفقدها ...

اقترب اكثر منها وقال:

-حبيبتي اسمعيني بس ...

تراجعت وهي تقول :

-انا مش عايزة اسمع حاجة يا سامر ...أنا عايزاك تمشي ...اهو أنا بقولها بهدوء ...امشي من هنا ...ارجع لحياتك وانا هرجع لحياتي ...اللي كان بيربط بيننا خلاص مات ...

حاربت الدموع التي بدأت تتصاعد لعينيها وشعرت بالاختناق ولكن كانت قد أخذت قرارها ...تلك ستكون اخر محادثة مع سامر ...ستكون قاسية لكي يبتعد عنها ...هي لا يمكنها أن تتقبله في حياتها مرة أخري ...

-كارما أنا  بحبك ...الحب هو اللي بيربطني بيكي 

رفعت رأسها وقالت:

-بس أنا مبحبكاش يا سامر ...دي الحقيقة ..

-انتِ كدابة .

قالها بإنفعال ..ثم اقترب منها بغتة وجذبها إليه وهو يقول:

-بصي لعينيا وقولي انك مبتحبنيش ...

رفعت عينيها إليه وقال ببرود:

-انا مش بحبك !اتاكدت دلوقتي ...يالا امشي لو سمحت !

وهكذا كتبت هي نهايتها معه ...اما هو لم.يكتب النهاية بعد ولم يستسلم حتي !

.............

في المساء ...

كان يقف أمام.الفيلا ينتظرها ...لقد غابت يوم عنه ز اشتاق اليها بيأس ....لقد شغلت مهرا حيز كبير في حياته ..لقد امتلكت قلبه كما لم يمتلكه أحد من قبل ...والأغرب أنه سعيد لأنها تسيطر علي مشاعره بكل تلك القوة !

....

خرجت مهرا من الفيلا وهي تسير ناحيته تنظر إليه بإشتياق ...مد كفه لتمسكها هي بلهفة وتقول:

-وحشتني...

-وانتِ اكتر ...أنا خلصت شغل بدري النهاردة ..نروح نتمشي وبعدين نروح البيت ..

هزت رأسها بحماس ..ليسير بها ممسكا كفها بينما هي تطير من السعادة ...

.....

امام النيل .. 

كانت تتنفس بعمق وهي تنظر إلي غروب الشمس بينما تمسك كف ادم وقد شعرت في تلك اللحظة براحة لم تشعرها من قبل ...حياتها أصبحت هادئة ...ساكنة ولكن لا تعرف لماذا تشعر أن هذا الهدوء الذي قبل العاصفة ...لا يمكن للحياة أن تستقيم دائما....بالطبع سوف يحدث ما يعكر صفو سعادتهما ...هذا اكيد ...

-بتفكري في ايه ؟!

تساءل ادم وهو يحاصر عينيها العسلية ...يذوب بها !

-خايفة...

عقد حاجبيه بحيرة وقال:

-خايفة من ايه يا مهرا ؟!جدك بيتحسن و ...

شدت علي كفه وهزت رأسها قائلة:

-انا فرحانة يا آدم ...مبسوطة وانا معاك ...مبسوطة انك بتحبني وبتديني الحب الكبير ده ...بس خايفة الحب ده ميستمرش ...خايفة تحصل حاجة تبعدك عني ...أو تحصل بيننا مشاكل ...

اقترب منها وهو يقول :

-ده مش هيحصل ابدا يا مهرا ...أنا عمري ما هبعد عنك ابدا ابدا هتفضلي دايما في حياتي وقلبي كمان ♡

كانت تذوب بسبب كلماته الرائعة وقالت:

-يا سلام لو يبقي كلامك حلو كده علطول بدل ما الدبش اللي بترميه عليا في نص الكلام ..

ضحك ادم وقال :

-بحب انكشك يا ميمو...اللي يحبك ينكشك ...

-يعني انا ينفع انكشك يا ادم ...

اقترب منها وقال:

-يا باشا انت تنكش براحتك ..

نظرت للأسفل ووجهها احمر من الخجل ..اخرج هو هاتفه وقال:

-يالا نتصور صورة أنا وانتِ ..

هزت رأسها ليضع هو ذراعه علي كتفها ويجذبها اليه ثم يلتقط الصورة ..

.....

وصلا الي المنزل ليجدا ميعاد العشا قد اتي...

-يالا اجهزوا يا عيال أنا الشيف النهاردة ..

قالتها ليلي بمرح لينظر ادم بتوتر الي مرام ويقول :

-يعني كده نجهز نمرة الاسعاف ...

-اخص عليك يا ادم قصدك ايه انا اكلي وحش يعني ؟!.

قالتها ليلي بغضب ليضحك ادم ويقول:

-بصراحة كده هو مش وحش بس انتِ بتعملي وصفات غريبة الواحد.يخاف ياكلها ...كنتِ خلي مرام تعمل الاكل ...

تخصرت ليلي وقالت:

-والله مرام وهي بتعمل الرز حطت سكر بدل ملح ...

احمر وجه مرام لتنظر ليلي إليها بخبث وتقول:

-الله اعلم يا اخويا مين اللي شاغل عقلها للدرجادي.

اقتربت مهرا من ادم وهمست :

-خلينا ناكل يا ادم والا مش هنخلص من لسان ليلي .

هز.ادم. راسه وقال:

-عندك حق !

ثم اتجها الي طاولة الطعام ....

كان الجميع يأكل بهدوء وكاد ادم ان يمسك كف مهرا من تحت الطاولة عندما قالت ليلي:

-ياريت يا مهرا متمسكيش ايد اخويا من تحت الترابيزة زي المرة اللي فاتت ...

سعلت مهرا بقوة لتضرب حسناء ليلي علي راسها وتقول:

-قومي يا بنت من الاكل .

-يا ماما انا بهزر ..

-بقولك قومي يا ليلي ...انتِ مصيبة متحركة ...قومي بدل ما البس الاكلة الغريبة اللي انتِ عاملاها دي في وشك قومي يا بت 

ضحك الجميع لتنهض ليلي وتقول:

-يوووه يارب اتجوز واحد.ينقذني من البيت العنصري ده أنا هبلغ عنكم حقوق الانسان واقول مش عايزين تأكلوني يا عيلة ظالمة!

ضحكت مهرا واخذت الطبق وقالت:

-استني يا بت يا ام.لسان طويل هنأكلك!

..............


وقف أمام  بناية حياة وعينيه رطبة بفعل الدموع ...بدا احمد وكأنه خرج من الجحيم للتو ...يتذكر كم صرخ حينما أخبره مروان ان حياة ماتت!!لقد شعر وكأن احدهما اقتلع قلبه من صدره والقاه أرضا ثم داس عليه ...شعر أن أحدهم يصرخ في رأسه بقوة ...ضوضاء لا تهدأ في رأسه ...يشعر وكأن العالم يصرخ من حوله ...لقد فقدها ...وهو السبب في هذا ...هو من دفعها لتنهي حياتها...هو لن يسامح نفسه ابدا علي ما فعله ابدا ...سيظل دوما محتقر نفسه ...سيظل دوما يكره نفسه ...لن يسامح نفسه ابدا ...هذا مستحيل ....

اقترب من البواب لينظر إليه الرجل بخوف ....كان أحمد شكله مثير للشفقة ...عينه حمراء وملابسه مجهدة...الانهاك يظهر بوضوح علي وجهه اليوم  السابق  قضاه وهو يسير في الشوارع بلا وجهة  محددة  ...كان الجميع ينظر إليه بخوف ...نفس نظرات البواب تماما ...

-حياة ...حياة ..

فعلها احمد بإنهيار ودموعها تنساب علي وجنته ..

-تقصد الانسة اللي ساكنة في الدور التاني دي انتحرت و...

لم يتركه احمد يحمل كلامه بل ذهب من امامه بسرعة وهو يبكي ...

-يا استاذ يا استاذ استني اكمل كلامي !

قالها البواب ثم ضرب كل علي كف وقال:

-لا حول ولا قوة الا بالله...الراجل مخلنيش اكمل كلامي واقوله ان الشاب اللي معاه قدر ينقذها!

......

فتحت والدة أحمد الباب لتجده واقف وعينيه حمراء بسبب البكاء وما كادت أن تتكلم حتي انهار بين ذراعيه وهو يبكي بعنف ويقول :

-حياة ...حياة ماتت وسابتني ...حياة ماتت بسببي يا امي عمري ما هسامح نفسي ابدا ...عمري ...

اتسعت عينيها بصدمة بينما هو يبكي بعنف كالاطفال ...الالم داخله لا يحتمل ...يشعر وكأن احدهما يعتصر قلبه بقوة ...

-ايه اللي انت بتقوله ده يا احمد؟!

قالتها والدته وهي مصدومة ليبتعد هو عنها ويقول بصوت مختنق بفعل البكاء:

-دي الحقيقة يا امي ...حياة ماتت ..ماتت وبسببي وانا كمان حاسس اني هموت ...مش قادر استوعب أنها سابتني ولا قادر استوعب اني السبب ...امي أنا مستاهلش اعيش صح ؟!

هزت والدته رأسه ودموعها تنساب علي وجهها ثم جذبته للداخل ....بإنهيار جلس احمد علي الأريكة ثم انفجر بالبكاء ...بقا يبكي حتي شعر ان بح صوته .

.كانت حنجرته تؤلمه بفعل الصراخ ...كان لا يصدق انها تركته وذهبت...حبيبته ذهبت ....

-احمد 

قالتها والدته بخوف وهي تربت علي كتفه لينظر إليها ويقول:

-ماتت يا امي وانا اللي قتلتها ...أنا اللي قتلتها ..

-يا ابني فهمني بس هي ماتت ازاي متقلقنيش يا احمد !

-انتحرت ..

قالها احمد ودموعه تنساب من عينيه...شهقت والدته وقالت:

-يا حبيبتي ....يا حبيبتي ...

-انتحرت بسببي ...أنا السبب ..يا ريتني ما دخلت حياتها ...يا ريتني يا امي كنت بعدت عنها ...ياريتني ما جرحتها بالشكل ده ...أنا بتمني اموت ...ياريت اموت يا امي ياريت اموت ...

بكت والدته وعانقته وهي تقول:

-بس يا ابني ...بس الله يرحمها متعملش في نفسك كده...

ولكن احمد لم يهدا بل ظل يبكي ...بكي كم لم يبكي من قبل ...

.....

بعد ساعة ...

كانت والدة أحمد تنظر إليه بآسي بينما هو ينام علي الفراش ...قبلته علي رأسه وذهبت لتنام علي فراشها ...

....

في اليوم التالي ...

نهض احمد من فراشه وغسل وجهه ثم ذهب من دون ان يبدل ملابسه ...كان سيذهب الي بنايتها ...يأمل ان يكون كل ما سمعه كذب ...او كابوس سئ......

....

بعد ساعة ...

تجمد احمد وهو يراها تقف امام البناية تتحدث مع البواب ...فرك عينيه بقوة ليجدها موجودة بالفعل ...ركض إليها وهو يصرخ ؛

-حياااة ...

نظرت حياة برعب إليه ليصل هو لها ويضمها بقوة!

........

في غرفة ادم ومهرا .. 

كانت تنام وهي تضع رأسها علي صدره...بينما تضع يديها علي قلبه اما هو فكان يضمها بكليتها إليه ...

فتح آدم عينيه ليجد مهرا نائمة...كتم ضحكته وهو ينظر إليها ...كانت طريقة نومها غريبة للغاية ..شعرها مشعث قليلا وتفتح فمها مخرجة اصوات غريبة ...ليس شخير بالمعني الحرفي ...بل اصوات كأنها تتشاجر مع احد ...استدار قليلا نحو المنضدة التي بجوار الفراش والتقط هاتفه وهو يقول:

-الواحد مبيلاقيش الفرص دي دايما ...وانا لازم استغلها ...سوري يا مهرا بقا ...

ثم صورها بسرعة بهذا الشكل المضحك ووضع الهاتف بجواره وهو يعود إليها ويداعب شعرها ...

اقترب منها وقبلها علي انفها ...ثم وجنتها وشفتيها ...ابتسمت مهرا وهي تشعر كأنها تحلق في السماء ...فتحت عينيها بحب لتجده ينظر إليها بحب ...ابتسمت وقالت :

-صباح الخير .

-تقصدي مساء الخير يا عمري الساعة عدت اتناشر...

-يالهووي يا آدم طيب وشغلك !

ضمها إليه أكثر وقال :

-لا مش عايز اروح الشغل النهاردة ...قررت نخرج النهاردة سوا ...أنا وأنتِ وبس ..ايه رايك ؟!

لمعت عينيها العسلية وابتسمت له بحب قائلة:

-موافقة طبعا!

ثم نهضت وهي تتجه الي الخزانة وتخرج ملابسها قائلة:

-هاخد شاور بسرعة واجي ...

ابتسم ادم ونهض ثم قبلها علي رأسها وخرج .

.....

وجد ادم والدته تقرا القرآن ابتسم ادم واقترب منها ثم قبلها علي كفها وقال:

-مساء الخير يا ست الكل .

-مساء الخير يا آدم ...فطارك جاهز انت ومهرا ...مرام عملته بس انت سخنه ..

هز آدم رأسه وقال:

-لا يا ماما انا قررت أخرج النهاردة مهرا ونأكل برا ...المسكينة بقالها فترة نفسيتها تعبانة بسبب جدها قولت ارفه عنها شوية ...

فرحت حسناء وهي تربت علي كفه وتقول :

-برافو عليك يا ابني والله ...أيوة المسكينة حرام بحسها باهتة وحزينة دايما ...ربنا يشفي جدها يا رب ...أنا مبسوطة اووي انك مش مقصر مع جدك كمان ...

لمعت عينيه بغضب طفيف وقال:

-جابر مش جدي ...ولو كنت بروحله فده عشان مهرا وبس يا امي ...مش عشانه ولا هو يهمني اصلا ...

كانت وقتها قد خرجت مهرا وسمعت حديثه ...ابتلعت ريقها وشعرت بالحزن يهاجمها فجأة ...كادت أن تذهب لتستحم وتتجاهل ما تسمعه ولكن لم تستطع ...اقتربت من ادم وقالت:

-مينفعش تتكلم علي جدي بالشكل ده يا آدم ...

نظر إليها ادم وقال ببرود :

-والله أنا مقولتش عليه حاجة يا مهرا ولا اهنته أنا بفهم امي وبفهمك بالمناسبة أن وقفتي جنب جابر عزام الايام اللي فاتت عشان خاطرك انتِ وبس ...لكن هو ميهمنيش ابدا...ولا عمري ههتم بيه ...هيفضل في نظري الراجل اللي دمر حياتي ...وهفضل طول عمري أكرهه !!!

ابتلعت مهرا ريقها وتصاعدت الدموع لعينيها وهي لا تصدق كيف يمكن لادم أن يمتلك كل هذا الكره في قلبه ..حاولت أن تقدر غضبه ...أن تقدر أنه عاش مأساة بسبب جدها ولكن هو أصبح يبالغ .

-ولحد امتي يا آدم هتفضل بتنفي جدك برا حياتك ...لأمتي هتفضل كارهه كده ...مش ان الاوان تسامح ...ان الاوان تستمتع بقربه ...

اختنق صوتها وقالت:

-جدي مش باقي ليه كتير أنا حاسة بكده ...الأولي انك تقرب منه الايام دي وتفضل معاه بدل ما تندم بعدين ده غير أنه ممكن يساعدك بشغلانة احسن ..شغلانة تساعدك تجهز مرام وليلي وتصرف علي بيتك !

تجمد وجهه وهو ينظر إليها وقال :

-اه قولي كده بقا ...حضرتك مبقتش عاجباكي العيشة بتاعتي ولا الشغل بتاعي. ..اكيد أنتِ مكسوفة مني صح ؟!يعني مهرا حفيدة جابر بيه عزام يبقي جوزها عامل بسيط في الجبس ...اكيد أنا  مسببلك  عار كبير ...

-ادم !مهرا مقصدتش كده !

نهرته والدته ولكنه لم يرد بل قال بقسوة:

-بقولك ايه يا مهرا ...دي حياتي ..ودي شغلتي لو مش عاجباكي أنا مجبرتكيش تعيشي معايا صح ...تقدري تمشي !.

قالها ثم ولج غرفته لتتجمد وهي تشعر وكأن أحدهما يعتصر قلبها ...لا تصدق أنه قال هذا ...

بعد قليل كان قد ارتدي ملابسه وغادر دون حتي أن ينظر إليها ...

-مهرا بنتي ادم مش قصده ..

قالتها حسناء بإرتباك ..

ابتسمت مهرا بسخرية وولجت هي أيضا لغرفتها ...مضت ربع ساعة ثم خرجت من الغرفة وهي بكامل ثيابها معها حقيبة صغيرة ...

-مهرا يا بنتي اعقلي ادم مش قصده ...

نظرت مهرا بشفقة الي حسناء وقالت:

-لا يا طنط ادم قال كل اللي في قلبه ونهي  كل حاجة ...هو اللي اختار كده ...

ثم تركتها وخرجت مسرعة بينما حسناء تصرخ بإسمها!

يتبع

#عروس_رغما_عنها

#سولييه_نصار


رواية عروس رغمًا عنها الجزء الثانى 2 الفصل الخامس 5 من هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط هنا (رواية عروس رغمًا عنها)

تابعونا على التليجرام من هنا (روايات شيقة ❤️)

تابعونا عبر أخبار جوجل من هنا (روايات شيقة ❤️)

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات