رواية دماء علي اوراق الورد الجزء الاول1 الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم اثر توفيق
عاد حاتم فى المساء قبل الموعد بنصف ساعة لاستقبال الضيوف الذين حضروا فى موعدهم وبعد الترحيب بدا الاب بالتعارف
حسين : احب اعرفك بنفسى انا اخوك حسين عبد العال ابو العريس وموظف فى السكه الحديد مفتش محطة سيدى جابر وده ابنى محمد اكبر اولادى موظف بؤده فى السكه الحديد امين مخازن وده اخويا الحاج حسن عبد العال موظف فى ميناء اسكندريه ودى الحاجه زينب والدة العريس
حاتم : تشرفنا يا جماعه انا اخوكم حاتم فريد قريب العروسه من بعيد واعتبر اخوها من الرضاعه الحاجه سعديه وجوزها الحاج عامر الله يرحمه هم اللى مربييننى
حسين : اتشرفنا بيك يا استاذ حاتم احنا جايين طالبين القرب منكم وبنتمنى يكون لينا نصيب ناخد الانسه مديحه لابنى محمد ومستعدين لكل طلباتكم
حاتم : انا سمعت عنكم يا حاج حسين انكم ناؤ طيبين وولاد اصول ومحمد شاب محترم ومتدين وعلى خلق واحنا يشرفنا نسبكم
حسين : الشرف لينا احنا يا استاذ حاتم احنا جايين لان اخلاق الانسه مديحه فوق الوصف وسمعة الحاجه امها زى البرلنت والحاج عامر الله يرحمه كان من خيرة الناس فى المنطقه ومحمد عاوز يكمل نص دينه بواحده بنت حلال تصونه ومش حيلاقى احسن منها
حاتم : على خيرة الله يا حاج حسين تسمحولى اخد موافقة العروسه ؟
دخل خاتم مع سعديه الى المطبخ حيث كانت مديحه مع بنتين من الجيران فسالها عن رايها النهائى فوافقت وعادوا الى الصالون وبعد دقيقة دخلت مديحه الى الصالون تحمل صينية الشربات
حاتم : قدمى لعريسك يا عروستنا على خيرة الله يا حاج حسين الف مبروك يا محمد
انطلقت الزغاريد من المطبخ والشارع حيث كانت سعديه تسكن فى الطابق الارضى وبعض الجيران يتابعةن من الشارع واشار حاتم لمديحه بالجلوس بجوار محمد الذى اخرج من جيبه علبة من القطيفة بها خاتم من الذهب قدمه لها كهدية وبعد قليل استاذنت مديحه وذهبت للمطبخ لاعداد العشاء
حسين : تحب يا استاذ حاتم الخميس الجاى نقرا الفاتحه ونلبس الدبل ؟
حاتم : على خيرة الله انت ايه رايك يا محمد ؟
محمد : انا جاهز لو حضرتك تحب من بكره لكن علشان كلمة والدى يبقى الخميس الجاى باذن الله
حاتم : وتحبوا نتكلم فى التفاصيل امتى ؟
حسين : الوقت اللى يعجبك حتى لو تحب دلوقت احنا جاهزين وانا افضل ان محمد هو اللى يتكلم عن نفسه لانى معوده من صغره يعتمد على نفسه
محمد : يا استاذ حاتم احنا جايين وشاريين وعارفين ظروف الجماعه احنا ولاد منطقه واحده ومش طالبين اى حاجه منهم
حاتم : يا محمد ظروف مديحه وامها مستوره وزى الفل وكل اللى مطلوب من اللى زيها حنجيبه واكتر فى خلال شهر وده عهد عليا انا ان اى حاجه مطلوبه مننا تكون جاهزه واللا ايه رايك يا حاجه ؟
سعديه : الراى رايك والكلمه كلمتك يا استاذ حاتم انت راجلنا واحنا مفوضينك
حاتم : انت عندك شقه يا محمد ؟
محمد : ايوه يا استاذ حاتم شقتى بعد شارعين من هنا هى صغيره اوضتين وريسبشن وانا وضبتها وجبت كل الاجهزه وباقى العفش تروح الانسه مديحه تنقى العفش اللى يعجبها وانا مستعد
حاتم : خلاص على خيرة الله انت مستعد تجيب ايه من العفش ؟
محمد : اللى تطلبه ان شالله كله
حاتم : خلاص يبقى عليك اوضة النوم والانتريه واحنا علينا الصالون والسفره واحنا عندنا حاجة المطبخ كامله مش باقى غير شوية رفايع والنجف والسجاد
محمد : اسمحلى النجف والسجاد دول عليا وانا حاشيل التنجيد هديه منى للعروسه
حاتم : هديتك مقبوله يبقى على خيرة الله بالنسبه للشبكه احنا عاوزين حاجه هديه منك على حسب مقدرتك دى منك للعروسه زى ما تجيب
محمد : والله انا عامل حسابى على عشره للشبكه وكنت عاوز اعمل سلفه من المرتب بعشره كمان فوقهم
حاتم : لالا سلفه لا انا مش موافق تبتدوا حياتكم بديون العشره كويسين واحنا قابلين بيهم ان شاء الله بعد قراية الفاتحه تنزل مع عروستك تختاروا شبكه على قد فلوسك من غير جنيه سلف اما المهر كفايه المهر الشرعى زى ما يقول المأذون والمؤخر حيكون زى اللى بيتكتب لاى بنت فى المنطقه
حسين : كتر خيرك يا استاذ حاتم ربنا يكتر من امثالك شكلك يا محمد ربنا راضى عنك ومسهل جوازتك على ايد استاذ حاتم
محمد : والله انا مش عارف اقول ايه استاذ حاتم ابن اصول وكلامه كله عقل وحكمه حضرتك يا استاذ حاتم شاب من سنى صحيح انما عقلك فيه حكمة رجاله كبار واسلوبك يخلى مقامك عالى وعلى راسنا
حاتم : كتر خيركم يا جماعه والله انا باعمل بالحديث الشريف 《ان جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه 》 وانت يا محمد محترم ومتدين ولازم الواحد يتساهل معاك لانك باين عليك التقوى والطيبه وانا واثق انك حتصونها وتحافظ عليها
محمد : اوعدك يا استاذ حاتم انى حاشيلها فى عينيا وعمرى ما ازعلها ابدا علشان خاطرك اولا وثانيا لانها تستاهل محترمه وبنت ناس طيبين
وفى الاسبوع التالى تمت قراءة الفاتحة ولبس الدبل وبعدها اصطحبهم حاتم للعشاء فى ابو قير وكان برفقة العريس ابن خالته وزوجته وطلب حاتم اعداد ست مقاعد وترك المقعد المجاور له خاليا وجلسوا جميعا حول المائدة ونظر الل المقعد الخالى فراى داليا بجواره على المقعد الخالى وقبل ان يتكلم اشارت له بالصمت وبعد قليل استاذن فى التنزه على الشاطئ قليلا فقامت معه وبعد ان ابتعد نظر اليها بسعادة
حاتم : وحشتينى كان نفسى تكونى معايا النهارده
داليا : انا كمت معاك ودايما حاكون معاك انا معاك على طول
حاتم : بحبك
داليا : انا كمان بحبك وحبك هو اللى بيصبرنى ويدينى الامل فى اللقاء راجعالك
حاتم : هو ده الامل اللى انا عايش عليه ترجعيلى انا مستنى اليوم ده بفارغ الصبر
داليا : حييجى بس انت اصبر وكل ما تعوز تشوفنى خليك فى وسط الناس اسعدهم تسعدنى ساعدهم تفرحنى توعدنى ؟
حاتم : اوعدك
عاد حاتم اليها وجلس وسطهم سعيد وقال معتذرا
حاتم : معلش ما كنتش عاوز اخرج معاكم لوحدى بس الظروف بقى
مديحه : ان شاء الله يوم خطوبتك احنا اللى نرد لك الجميل
ابتسم حاتم وتاملهما طويلا وهما يتناجيان فى سعادة وبعد قليل قال
حاتم : الليله دى من اسعد الليالى فى حياتى انا سعيد جدا وحاسس انى فى فرح اختى
قامت مديحه واتجهت اليه وقبلت راسه قائلة
مديحه : ربنا يخليك ليا يا استاذ حاتم انت حسستنى النهارده ان ابويا عايش وجنبى فى الليله دى
.......................
اعتادت داليا بعد سفر على على الخروج يوميا وقضاء اليوم بالكامل فى الخارج كانت تذهب الى المولات والخدائق العامة وتجلس فى الكافيهات لتجلس هناك وحيدة تناجى طيف حاتم الوحيد الذى كان يخفف عنها مرارة الوحدة حتى ولو كان حلما كانت تراه يجلس امامها تشكو اليها فيسمعها ويسرى عنهاةويمازحها حتى تضحك ثم تقوم للتجول بين المعارض لمشاهدة المعروضات من ازياء وعطور وتشترى احيانا اشياء تعجبها او اشياء تشتريها لمجرد التغيير .
وخلال كل ذلك لم تلحظ داليا نظرات التوجس والقلق فى العيون كلما دخلت احد الكافيهات ولم تلحظ ان كل الموائد القريبة منها تخلو تماما وان الجرسون يقف دائما بالقرب منها وكذلك لم تلحظ ايضا انه من لحظة دخولها لمول العالمية حتى لحظة خروجها كان هناك احد افراد الامن يتبعها كظلها لم تلحظ شيئا من ذلك لانها كانت فى شغل شاغل عن كل ذلك بهمومها وما آلت اليه حياتها
ومع مرور الوقت حاولت داليا ان تتعرف على بعض النساء فى الكافيهات لكنها كانت تلقى صدا ونفورا لم تعرف سببه وفى النهاية كفت عم المحاولة واكتفت بالوحدة والعزلة وطيف حاتم حتى وهى تعرف انه كان وهما
دخلت داليا الى الكافيه فى مول العالمية وطلبت قهوتها المعتادة وبعد قليل وجدت طلفة فى الخامسة من العمر تقريبا تلهو بين الموائد هذه تلاطفها وتلك تلاعبها وكانت الكفلة جميلة الوجه بيضاء ذات ملامح متناسقة وشعر اسود حريرى عقد فى جديلتين تنسابان على جانبى وجهها وثياب زاهية جميلة وكانت امها تجلس مع احدى صديقاتها تتبادلان الحديث فاقتربت منها داليا ووقفت فى طريقها تريد ملاعبتها
داليا : بسم الله ما شاء الله ايه الحمال ده اسمك ايه يا قمر ؟
انثنت على ركبتيها وامسكت ذراعى الطفلة وقربتها منها فراتها ترتعد خوفا دون ان تنطق فقالت لتطمئنها
داليا : انتى خايفه ليه ؟ مالك ؟ ما تخافيش
وهمت بتقبيلها ولكن الطفلة باعدت راسها عنها صائحة بجزع
كاظمه : يا ماما الحقينى الست المجنونه عاوزه تموتنى
وفجاة امسكت يد حازمة بيد الطفلة وجذبتها بعيدا عن داليا التى رات امامها ام الطفلة تقول بغضب
خديجه : انتى مالك ومال بنتى ؟ عاوزه منها ايه ؟
وقفت داليا وقالت بتردد
داليا : انا كنت باسلم عليها وباسالها عن اسمها بس
خديجه : ما تقرليش من اولادى من فضلك
داليا : يا مدتم ما حصلش حاجه انا كنت بس ...
قاطعتها بحزم وصوت عالى
خديجه : مش حاستنى لما يحصل حاجه ومش حاحذرك تانى ما تقربيش من اولادى والا مش حيحصل خير
لم تمن داليا تخشى تهديد المراة ولكنها لم تفهم سببا لتلك المعاملة الجافة من الجميع وكذلك لم تكن تريد الاطالة فى جدال عقيم فاستدارت بعيدا عنها معتذرة
داليا : انا اسفه يا مدام
ذهبت الى مائدتها المنعزلة تجلس وحيدة ولكن بعد ثوانى حضر اليها مدير الكافيه
المدير : مدام انا اسف لكن من فضلك مش عاوزين مشاكل هنا
داليا : مافيش مشاكل ولا حاجه انا اعتذرت لها ورجعت
المدير : انا اسف بس بعد اذنك اتفضلى علشان الشوشره
داليا : شوشرة ايه ؟ هو ايه اللى حصل لكل ده ؟
المدير : ما حصلش حاجه بس بعد اذنك اعتبرى طلباتك على حساب الكافيه واتفضلى بهدوء والا حاضطر اطلب الامن
قامت داليا وهى تجاهد لحبس دموعها واخرجت من حقيبتها نقودا تزيد عن قيمة طلباتها القتها على المائدة باهمال ونظرت لكل النساء الجالسات اللاتى حبسن انفاسهن ووارين وجوههن منها حتى انصرفت وفى تلك المرة لاحظت فرد الامن الذى كان ينتظر عند باب الكافيه ليتابعها حتى خروجها
......................
خرجت من المول تمشى على غير هدى وهى تقاوم رغبتها فى البكاء وشعرت باختناق شديد فدخلت الى مول اخر واتجهت الى الحمام وافرغت كل انفعالاتها وبكت حتى هدات وغسلت وجهها ثم توجهت الى الكافيه الموجود بالمول وطلبت قهوة وجلست وحيدة وهى تشعر بالصداع يفتك براسها وفى النهاية خرجت متجهة الى الحديقة العامة وبعدها اخذت تتجول فى الشوارع حتى انهكها التعب وعادت لمنزلها فاستلقت على فراشها ونامت على الفور .
رات داليا فى منامها انها تائهة فى صحراء نترامية لا ترى سوى الرمال فى كل اتجاه ثم ظهر لها شيطان جبار وخلفه عدد من اعوانه وكبلها فى الارض واشعل حولها طوقا من النار تطوقها على شكل دائرة وهى فى وسطها ثم اعطى عصا غريبى الشكل لاحد اعوانه ليحرسها ويبقى النيران مشتعلة ومن بعيد ظهر حاتم يبحث عنها دون جدوى وهى تناديه ولكنه لا يسمعها وكان يمر فى طريقه بالكثير من الناس ينادونه ويطلبون مساعدته ولكنه لا يلتفت اليهم لانشغاله بالبحث عنها وبعد فترة توقف امام رجل ملقى على الارض لا يستطيع الحركة فاعانه على النهوض واعطاه شربة ماء فافاق الرجل واخرج من ثيابه سيفا طويلا ناوله لحاتم وتبعه فى رحلة البحث ومروا على رجل مربوط فى شجرة لا يستكيع التحرر فحرره حاتم وفك وثاقه فذهب الرجل خلف الشجرة وعاد ومعه فرس قوى اهداه لحاتم وتبعه ثم مروا على امراة مربوطة من عنقها بحبل مشدود الى الجبل يكاد يقتلها خنقا فحررها حاتم وخلع رداءه وستر جسدها فارشدته الى الطريق وتبعته وصار كلما مر على محتاج او عاجز يعينه فيعطيه سلاحا ويتبعه حتى زاد اعوانه وزادت اسلحته وفى النهاية وصلوا الى مكان داليا ودارت بين حاتم ومن معه وبين الشيطان واعوانه معركة حامية ولكنها استيقظت قبل ان تنتهى المعركة وهى تحاول التفكير فيما يعنيه الحلم فلا يسعفها عقلها فى تفسيره
.......................
انقطعت داليا عن الخروج عدة ايام وبعدها عادت للخروج مجددا وذهبت الى مول العالمية كعادتها وصعدت الى الكافيه وكانت قد نسيت تماما ما دار فى زيارتها الاخيرة ولكن بمجرد جلوسها حضر اليها مدير الكافيه
المدير : مدام ارجوكى انا اسف لكن وجودك هنا غير مستحب
داليا : يعنى ايه ؟
المدير : يعنى اتفضلى بهدوء من غير مشاكل
داليا : وايه السبب ؟ انا صدر منى حاجه ؟
المدير : من غير سبب ارجوكى علشان ما اضطرش اطلب الامن لان لو الامن فشل يخرجك حاضطر اطلب الشرطه
خرجت تشعر بصداع عنيف وترغب فى البحث عن اى مكان اخر لشرب القهوة واخيرا ذهبت الى مول صغير مجاور وصعدت مباشرة الى الكافيه وهى تحدث نفسها انها لابد ان تتحلى بالقوة لمواجهة قسوة الحياة من حولها
فى الكافيه طلبت القهوة وبعد قليل دخلت امراة ونظرت يمينا ويسارا ثم جلست على مائدة قريبة وتذكرت داليا انها رات تلك المراة كثيرا من قبل لم لا تحاول ؟
اقتربت منها قائلة بابتسامة لطيفة
داليا : صباح الخير
المراة : صباح الخير عاوزه حاجه ؟
داليا : اصلى شفتك كتير قبل كده وكنت عاوزه اتعرف عليكى
نظرت اليها المراة بحذر وقالت بعد تفكير
المراة : انا اسفه انا ما اعرفكيش وما عنديش رغبه اتعرف عليكى
اختفت الابتسامة من على وجه داليا وقالت بصوت مبحوح
داليا : انا صدر منى حاجه غلط لا سمح الله فى حقك ؟ يعنى فيه سبب ؟
صمتت المراة طويلا تفكر فى الرد وفى النهاية قالت
المراة : اسمعى الكل بيقولوا عليكى مجنونه وصراحه انا شفتك اكتر من مره فى اكتر من مكان بتكلمى نفسك وتضحكى احيانا واحيانا تبكى انا صراحه مش عارفه ان كنتى عاقله واللا مجنونه واللا حتى عندك ظروف لكن ده ما يهمنيش ومش عاوزه اعرف ومش عاوزه اتعرف على حد
ختمت المراة كلامها ثم نهضت لتلملم اغراضها وتنصرف تاركة داليا فى ذهول وحاولت ان تجلس قليلا ولكنها شعرت ان كل العيون تترصدها وان الكل يتهامس عليها .
الان فقط عرفت سر ابتعاد الكل عنها وغرفت سر خوف المراة على طفلتها نعم الان فقط ادركت ان الكل يراها مجنونة
يتبع
رواية دماء علي اوراق الورد الجزء الأول 1 الفصل الرابع والعشرون 24 من هنا