📁

رواية دماء على اوراق الورد الجزء الاول1 الفصل السادس والعشرون 26 بقلم اثر توفيق

رواية دماءعلي  أوراق الورد الجزء الأول 1 القص السادس والعشرون 26 بقلم اثر توفيق

بيت ولم ينقطع سيل الدموع من غينيها لحظة واحدة وهى تفكر فى مصيرها 

لابد ان تبذل قصارى جهدها لاقناعه باعادتها الى مصر قبل ان تسقط الى الهاوية لقد اصبحت على حافة الجنون ان لم تكن قد جنت فعلا .

كان يمكن لهذا الحقير ان يصل يوم الخميس لو استقل الطيران الداخلى ولكنه كان يبحث دوما عن الارخص فيسافر بالمواصلات العامة التى تستغرق يوما كاملا من اقصى الجنوب الغربى الى الشرق .

كان منيع يتحرق شوقا لرؤيتها فلم يعد يغادر مقعده على الباب من الصباح الباكر حتى موعد اغلاق المحل ولكنها انقطعت عن النزول لثلاثة ايام كاملة ماذا دهاه ؟ لم يكن ابدا يهتم بالنساء ولكنه حين رآها اصبح متيما بها وان كان فى قرارة نفسه يعرف انها متزوجة وهو عجوز قد جاوز الخمسين .

ايا كان هو لا يطمع الا فى رؤيتها حتى ولو من بعيد او تبادل بعض الكلمات حين تحضر لشراء لوازمها 

يوم الجمعة بعد العصر بقليل راى على يصل على مدخل العمارة ويحمل حقيبة سفره انه يوم الاجازة الاسبوعى يحضر الجمعة ويسافر السبت ظهرا ولكن ليس فى كل الاسابيع لماذا لم يبلغ ان على قد نقل كفالته من الدمام وترك زوجته وحيدة ؟ كلا ان ذلك قد يتسبب فى حبسها وهو لن يتحمل ذلك فليصمت اذن بدلا من ان يتسبب لها فى الاذى .

وصل على بعد العصر بقليل ووضح حقيبته بجوار باب الشقة وجلس فى الصالة ساكنا كعادته واضعا يديه بين فخذيه كأنه تمثال حجرى فى انتظار ان تنادى عليه لتبدا حفلة السباب المعتادة ولكن انتظاره طال بعض الشيء حتى فوجئ بها تخرج اليه فى الصالة ولكن .....

كانت محطمة شاحبة وقفت امامه ودموعها الغزيرة تغرق وجهها لاول مرة منذ زواجهما لم يرى دموعها من قبل حتى ولو كانت تبكى ليل نهار وحين نطقت اخيرا خرج صوتها مبحوحا راجيا 

داليا : عاوزه ارجع مصر يا على ارجوك 

نظر اليها مدهوشا فليست هذه عادتها من السب والضرب الان ترجو ودموعها تسبق كلماتها ؟ انتظرت منه ردا لكنه كان صامتا تماما فاضافت 

داليا : ارجوك يا على انا حاسافر شهر واحد بس وارجع بس مش قادره اكتر من كده والله حارجع وما تخافش مش حاقول لاى حد حاجه ولو حد سالنى حاقول انه حصل زى كل المتجوزين بس اتوسل اليك سفرنى 

بقى صامتا كالتمثال يتطلع اليها بدهشة من خلف زجاج نظارته السميك فتابعت 

داليا : طيب اسمع انا مستعده ارجعلك كل الفلوس اللى اخدتها منك ومستعده كمان اديك فلوس تانى لما ارجع مصر حابيع الشقه واديك الفلوس اللى انت عاوزها شقتى تساوى اكتر من اتنين مليون جنيه وممكن لو عاوز انا مستعده اديهم ليك كلهم بس ارجوك رجعنى 

نظر اليها بنظرة خاوية كأنه لا يفهم ما تقوله واطبق شفتيه ولزم الصمت 

داليا : انا مستعده اكتبلك عقد بالشقه وانت بيعها براحتك او حتى خليها ليك بس ابوس ايدك رجعنى مصر 

ركعت امامه وامسكت بيده تقبلها برجاء ولكنه سحب يده منها بخوف فقالت متوسلة وهى تبقى بحرقة 

داليا : اتوسل اليك يا على انا عارفه انى غلطت فى حقك كتير انا اسفه على كل اللى حصل منى ولو عاوزنى اوطى على رجلك ابوسها انا تحت امرك ولو عاوز تشتمنى وتضربنى مش حافتح بقى ارجوك 

لم يبدو وكأنه سمع اى شيء برغم ان عينيه اتسعتا دهشة مما تفعله ولم تعد تدرى ماذا تفعل اكثر من ذلك لتستدر عطفه فمدت يدها تخلع نعلها المنزلى فتراجع بخوف ورفع يديه يحمى وجهه فقالت تطمئنه 

داليا : ما تخافش انا مش حاضربك اما حاناولك الشبشب تضربنى بيه لو عاوز انا خدامتك يا على وتحت امرك وتحت رجليك بس ابوس رجلك ارحمنى واعتقنى لوجه الله وخد اللى انت عاوزه 

مدت يدها بالنعل قائلة برجاء 

داليا : خد الشبشب يا على اضربنى مش حافتح بقى انا موافقه فى عرضك 

اخذ ينظر اليها ببلاهة دون ان يفتح فمه بكلمة فقالت بياس 

داليا : طيب انت عاوز ايه ؟ اعمل ايه ؟ قوللى وانا اعمله 

لم يرد وكأنما اصيب بالخرس فانكفأت على قدمه تقبلها متوسلة 

داليا : ابوس رجلك يا على ابوس رجلك ارحمنى ورجعنى مصر حتى لو مش عاوز تطلقنى اتوسل اليك انا مستعده اعمل اى حاجه تؤمر بيها بس رجعنى مصر 

ثم رفعت راسها واعتدلت وقالت بذل ورجاء وعيناها غارقتان بالدموع وهى لا تزال راكعة امامه 

داليا : انا بقيت .... بقيت باكلم نفسى خلاص اتجننت انا مش عارفه ايه الغلطه اللى عملتها علشان يحصل فيا كل ده بس انا مستعده اعمل اى حاجه علشان تسامحنى بس ارجوك رجعنى مصر ولو شهر واحد بس ارجوك عاوزه ارجع مصر عاوزه اسافر 

كان صوتها ضعيفا مبحوحا يدل على قمة الضعف والاستسلام والانهيار وهى تنظر له برجاء واخيرا نطق قائلا بهدوء مستفز

على : مافيش سفر لمصر دلوقت لسه كمان سنه 

داليا : انا مش حاقدر استحمل كمان سنه انا تعبت 

على : استحملى مش حاقدر اسفرك قبل سنه 

احست بمخها يفور من الغليان وحل الغضب محل الرجاء فى نفسها فقامت واقفة وقالت بحدة 

داليا : بقالك اكتر من سنتين من يوم ما جينا بتقوللى سنه هى السنه دى ايه مش عاوزه تخلص ؟ انت ايه مش بنى ادم ؟ صنم ؟ حجر ؟ هو انت ليه بتعمل فيا كل ده ؟ ليه بتعذبنى انا عملتلك ايه ؟

على : غصب عنى الظروف ان ما نسافرش غير كمان سنه ؟

داليا : ماحدش قال سافر بس سفرنى انا 

على : لا 

كانت تلك هى الفاصلة تصاعد الغضب فى اعماقها حتى اعماها فقذفته بنعلها فى وجهه بقوة اطارت نظارته لتسقط من فوق عينيه وهى تقول بحدة وغضب 

داليا : يا ابن الكلب انا باترجى فيك بثالى ساعه ومافيش فايده انا غلطانه انى باتذلل لكلب زيك وحياة امك لاوريك يا ابن الكلب يا واطى 

امسكت شبشبها ثانية وانهالت عليه ضربا حتى اخذ يصرخ بالم واخيرا استطاع الافلات منها وكانت قد وصلت لقمة الياس والانهيار حتى انها ظلت تضرب الاريكة دون ان تلاحظ انه لم يعد هناك حتى سقطت ارضا من الاعياء بينما هو يقف خلف مائدة السفرة ينظر اليها بدهشة وخوف وهو يتحسس راسه المتورمة من كعب نعلها الثقيل .

بعد قليل هدات واخذت تتحسس الارض حتى عثرت على نظراته فكسرتها بغل وقالت بغضب 

داليا : امشى اطلع بره 

على : امشى اروح فين دلوقت ؟

داليا : فى ستين داهيه ارجع شغلك وما تجيش هنا تانى غير ومعاك جواز السفر 

على : مافيش مواصلات غير الصبح 

داليا : ما يخصنيش سافر طيران او اقعد فى الشارع لو قعدت هنا حاقتلك 

على : انا حامشى الصبح بدرى

داليا : حتمشى دلوقت يا ابن الكلب 

لم يتحرك من موضعه فقامت متجهة الى المطبخ وعادت سريعا وهى تحمل سكينا كبيرة حامية وقالت بحدة 

داليا : وحياة امك لو ما مشيت دلوقت حاقتلك حتى لو اتعدمت وخلصت من حياتى 

على : انتى مجنونه 

داليا : ايوه مجنونه ولو فضلت هنا حاقتلك روح غور فى داهيه والله حاقتلك 

اسرع يلتقط حقيبته من جوار باب الشقة وانطلق للخارج لا يلوى على شيء وحين خروجه من باب العمارة رآه منيع يخرج مضطربا فجلس يفكر فى الامر ترى ماذا حدث ؟

اما داليا فبعد انصرافه اخذت تنظر للسكين فى يدها وتبكى حتى نامت على الارض 

...................

افاقت من نومها وهى تشعر بالم شديد فى جسدها كله بسبب نومها على الارض فاعتدلت لتجلس فى موضعها ووضعت يدها على خدها تفكر فيما آلت اليه حياتها .

لقد اصبح الكل يراها مجنونة وهى اصبحت بالفعل على وشك الجنون وهى وحيدة تماما واصبحت عودتها لمصر شبه مستحيلة اما حاتم فلم تعد تراه حتى فى خيالها ولم تعد تملك ذرة من الامل فى رؤيته ثانية هى كتب عليها البقاء فى هذا السجن طويلا ؟ هل تموت هنا فى الغربة ولا احد يشعر بها ؟

لمحت السكين فامسكت بها ورفعتها عاليا وهمت باغمادها فى صدرها لتتخلص من حياتها ولكنها جبنت عن ذلك فوضعتها على معصمها لتقطع شرايينها وترددت كثيرا قبل ان تلقى بها ارضا وتنساب دموع القهر محدثة نفسها 

( انا لم القى فى حياتى نعيما حتى انتحر واموت كافرة والقى العذاب فى النار . نعم اخطات باسم الحب واعترفت بذنبى وربما كان ما القاه كفارة بذنبى فهل يستحق الامر ان انهى حياتى بيدى لاعذب فى الاخرة ايضا )

يتبع

مجمع الرواية من هنا 


Mohamed ME
Mohamed ME
تعليقات