رواية دماء علي اوراق الورد الجزء الأول 1 الفصل التاسع والثلاثون39 بقلم اثر توفيق
بعد طرد جوده طلب حاتم من احد الرجال تتبعه حتى عرفوا عنوانه القديم فى حى شعبى بعيد وابلغوا الشرطة لتنتهى تلك الصفحة تماما لقد اقسم حاتم ان ينتقم من كل من اساء لداليا وها هو اول الضحايا ولو لم تكن رجاء هى ام داليا لكا تركها ولكانت البداية بها .
والان جاء وقت الضحية الثانية سافر صباحا ليضل الى عزبة الباشا باكرا وهناك تطوع احد القرويين لتوصيله الى الحقل القبلى حيث يجمع الفلاحون المحصول والحاج مهاب هناك منذ الصباح الباكر
القروى : ضيوف بيسالوا عليك يا حاج مهاب
مهاب : يا اهلا وسهلا يشرفوا
وقف الحاج مهاب لاستقبال الضيف وكان معه شاب حسن المظهر انيق الثياب اكبر من حاتم قليلا عرف حاتم بعدها انه نادر الابن الاصغر للحاج مهاب ويعمل مهندسا
حاتم : حضرتك الحاج مهاب شركس ؟
مهاب : ايوه يا بنى انا معاب شركس اتفضل اقعد . اهمل شاى يا عليوه
دعاه للجلوس على مقعد من الجريد وجلس امامه على دكة خشبية واشار لابنه ان يجلس بجواره وحضر الشاى سريعا
مهاب : خير يا استاذ اى خدمه ؟
حاتم : الحقيقه مش خير يا حاج انا جاى بخصوص ميراث بنت اخوك الانسه داليا
اجاب مهاب بلهفة اندهش لها حاتم
مهاب : انت تعرفها ؟ هى فين ؟ شكلك المحامى بتاعها
حاتم : الحقيقه لا انا مش محامى وما اعرفش مكانها انا جارها وجاى احاول احل الموضوع ده معاك
مهاب : بصفتك ايه ؟
ارتج حاتم ولم يجد اجابة واعجزه القول لدقيقة قبل ان يقول بثقة حاول اظهارها فى صوته
حاتم : انا فاعل خير يا حاج عاوز ارد الحق لاصحابه . الحق اللى انت اكلته ظلم
انفعل نادر وقال بحدة وغضب
نادر : عيب كده يا استاذ اتكلم مع الحاج بادب
حاتم : هى مش دى الحقيقه برضه ؟ مش انت يا حاج برضه زورت عقود واكلت حقها فى الارض ونصيبها من ميراث ابوها ؟
نادر : احترم نفسك انت مش عارف بتكلم مين ؟
مهاب : اهدى شويه يا نادر الراجل ضيفنا والضيف له حق لكن كله بالاصول معلش يا استاذ اصل المهندس نادر ده ابنى وطبعا اكيد حيتعصب
صمت قليلا قبل ان يضيف
مهاب : قوللى يا استاذ انت سالت عنى قبل ما تيجى هنا فى بلدى وتغلط فيا ؟
حاتم : سالت عنك كتير قوى
مهاب : ومع ذلك مش خايف وجاى وقلبك جامد قوى وجاى تغلط وتهدد وانا ابنى ده اكبر منك وعندى واحد تانى اكبر منه يعنى بيتهيالى لو مش خايف تيجى تهدد وتغلط فى كبير عيلة شركس ومحافظة البحيره كلها يبقى على الاقل يا ابن الاصول المفروض تحترم واحد من سن ابوك
اطرق حاتم براسه وقال باسف
حاتم : انا عمرى ما خفت من مخلوق وما باخافش غير من اللى خالقنى اما بالنسبه للاحترام وفرق السن عندك حق انا اسف يا حاج
مهاب : شكلك ابن ناس ومحترم تسمح بقى تقوللى ايه صفتك علشان تتكلم فى مسائل عائليه ؟ ايه علاقتك ببنت اخويا والاول انت اسمك ايه ؟
حاتم : حاتم فريد انا جار داليا من صغرنا احنا مولودين فى نفس الشارع
ضيق الحاج مهاب بين عينيه مفكرا وقال
مهاب : حاتم فريد ؟ حاتم فريد زهران ؟ هو انت ؟ اسمع يا ابن الناس احنا نروح عندى البيت علشان نتكلم براحتنا احنا هنا نعتبر قاعدين فى الشارع وهناك تحكيلى كل حاجه
شعر حاتم بالاظطراب واجاب بتردد
حاتم : مالوش لزوم للبيت يا حاج احنا هنا قاعدين لوحدنا
مهاب : ما تخافش يابنى اللى يدخل بيت شركس يبقى فى امان ولو عاوز اعمل معاك الغلط مستحيل اعمله فى بيتى حتى لو انت غلطت حاتحمل علشان انت ضيفى احنا نروح البيت نتغدى مع بعض علشان العيش والملح وتتكلم على راحتك
وصلوا للمنزل الريفى الانيق ودخلوا الى المضيفة بينما دخل نادر الى البيت ليوصى باعداد الغذاء وعاد يحمل صينية الشاى فى نفس الوقت حضر شاب يكبر نادر ببضع سنوات ويشبهه كثيرا ليسلم على الضيف
مهاب : ده ابنى الكبير دكتور محسن وانت طبعا اتعرفت بنادر
حاتم : تشرفنا يا دكتور
محسن : انت نورتنا على فكره انا بيطرى بس برضه دكتور يعنى
مهاب : قوللى بقى انت تبقى ابن المستشار فريد زهران ؟
حاتم : حضرتك تعرف والدى ؟
مهاب : كان صديق المرحوم محسن اخويا وكان راجل فاضل محترم قوللى بقى انت ايه علاقتك بداليا بنت اخويا وياريت ما تخبيش حاجه
حاتم : زى ما قلت لحضرتك احنا جيران وانا كنت باساعدها فل المذاكره لانى برضه خريج تجاره وبعد ما خلصت كنت باعلمها شغل البورصه وفجاة سافرت
مهاب : يابنى ارجوك قوللى كل حاجه وما تخبيش عليا اى حاجه اسمع انت حنقول اللى انت عاوز تقوله ولو كلامك دخل دماغى حاحكيلك كل حاجه من الالف للياء واخليك تحكم بنفسك ولو كلامك ما دخلش دماغى يبقى تاخد واجبك وتتوكل على الله
صمت حاتم مفكرا قليلا ثم قال
حاتم : صلى على النبى يا حاج
الجميع : الهم صلى وسلم وبارك على سيدنا محمد
حاتم : انا مولود فى الشارع اللى اتولدت فيه داليا واعرفها من واحنا اطفال صغيرين كانت الشمس اللى بتنور وتدفى ورغم انى كنت دفيان بيها وباشوف الدنيا على نورها الا انى ما كنتش شايفها هى طول ما هى جنبى قبل ما ..... قصدى قبل ما نعرف بعض ونبتدى نتعامل مع بعض .
كنت طاووس مش شايف غير نفسى لكن لما ..... انا اسف يا حاج عاوز اقول لما حبيتها رجعت تانى بنى ادم او بقيت بنى ادم عنده احساس وشايف الدنيا من حواليه لكن للاسف ما عرفتش ولا شفت اهم حاجه فى الدنيا وهى انى باحبها الا لما سافرت بره فى شغل وبعدت عنها وللاسف لما رجعت لقيتها راحت
بكى حاتم ربما لاول مره خلال سنوات عمره التى قاربت على الثلاثين فربت الحاج مهاب على كتفه بهمس وهو يقترب منه حتى لا يسمعه اولاده
مهاب : انا عاوز اسالك على حاجه تجاوبنى عنها بصراحه حصل بينك وبينها حاجه ؟
انتفض حاتم غاضبا وان كان فى قرارة نفسه كان غاضبا من نفسه وليس من سؤال الحاج مهاب
حاتم : داليا اشرف بنت فى الدنيا
مهاب : انا عارف يابنى دى بنت اخويا بس كنت عاوز اتطمن منها لله رجاء وكلامها اللى زى السم اما بخصوص حبك ليها مش عارف اقول عنه ايه لو حب شريف غرضه الجواز
حاتم : دى امنية حياتى يا حاج لكن المهم دلوقت انها ترحع وانها تكون بخير انما لو هى سعيده مع جوزها انا مستحيل اهدم سعادتها علشان خاطر سعادتى حابعد وفى نفس الوقت حاكون قريب ولو احتاجت روحى مش حتغلى عليها
مهاب : انتوا خرجتوا مع بعض كتير ؟
حاتم : مش حاكدب علسك يا حاج احنا من قبل امتحاناتها بشهر كنا بنتقابل كل يوم وكل يوم كنت اروح بيها مكان غير التانى علشان كانت نفسيتها وحشه وعندها ضغوط كتير ومش قادره تذاكر وكنت باحاول اوفر لها الجو المناسب وكمان كنت اخد منها المذكرات اراجعها وتانى يوم اقعد اشرحلها لحد ما خلصت وبعدها كنت باخدها معايا البورصه اعلمها الشغل وكنت ناوى ادخلها معايا شريكه فى المكتب بس كان عندى سفر مهم فى شغل مهم لماليزيا وسافرت علشان اقعد شهر واحد وارجع لكن اول ما ركبت الطياره حسيت انى سايب روحى فى مصر واتاكدت وقتها انى باحبها وما اقدرش اعيش من غيرها لدرجة ضغطت وقتى ورجعت بعد عشر ايام لكن للاسف رجعت لقيتها سافرت ومن ساعتها وانا عايش حياه كئيبه كلها ظلام ومافيهاش بصيص نور الامل الوحيد اللى عايش عليه انها ترجع واشوفها تانى ولو من بعيد
مهاب : حترجع يابنى باذن الله كلنا مستنيين رجوعها بالسلامه تنور دنيتنا ونعوضها اللى شافته
حاتم : داليا اشتكت كتير من امها يا حاج ومن سوء معاملتها واهمالها ليها وكمان من خالها وقسوته وجبروته وكمان .... من غير زعل اشتكت منك وانك رغم حبها ليك وانك كمان كنت بتحبها لكنك طمعت فى ورثها وفضلت الارض عليها واخدتها بعقد مزور
مهاب : يابنى العقد مش مزور اخويا اللى كتبه بخط ايده
حاتم : ازاى ابوها ما كانش محتاج وبفرض انه باعلك الارض وانت مظلوم طيب امها داليا كانت عايشه فى وحده قاتله لكن اغرب حاجه امها معقول فيه ام بالشكل ده ؟
مهاب : دى مش امها
شعر حاتم بصدمة قوية كأنما ضربه احدهم على راسه بمطرقة ثقيلو وفقد القدرة على النطق لبعض الوقت حتى قال اخيرا
حاتم : انت بتقول ايه يا حاج ؟ انا انا انا ... انا مش مصدق
مهاب : يابنى انا ارتحت لك وحاحكيلك كل حاجه عاوزنى احكيلك منين ؟
حاتم : مش عارف يا حاج مش عارف بس نفسى افهم كل حاجه
مهاب : يبقى خلاص نتغدى دلوقت وبعدها احكيلك كل حاجه من قبل داليا بكتير قوى بس اعمل حسابك قعدتنا حتطول وانت حتبات معانا تحب اجيبلك جلابيه نضيفه تريح فيها ؟
حاتم : مالوش لزوم يا حاج وبالنسبه للبيات اعفينى الاسكندريه قريبه و ....
مهاب : عيب يا ابن الاصول انا جى فى بيت كرم قوم نتغدى الاول وبعدين نشوف
......................
فى نفس الوقت كان جاسم فى احدى مدن الجنوب يخطو بهدوء الى داخل احد المطاعم ليقترب من مائدة يجلس عليها شخص بالزى الرسمى وقف امامه قائلا
جاسم : ازيك يا افندى سالم
انتفض سالم عندما راه وصاح بدهشة
سالم : افندى جاسم عاش مين شافك يا وش الخير اتفضل
وتعانق الرجلان وجلسا
جاسم : محتاج منك خدمه ضرورى
سالم : اؤمرنى انت عارف انى تلميذك رغم انك كنت بتعترض على اساليبى
جاسم : بس المره دى محتاج اساليبك عاوز معلومات عن شخص مصرى بيشتغل فى القنفذه اسمه على عبد الرحيم سلامه وباسرع وقت
سالم : ايه نوع المعلومات ؟
جاسم : اى معلومات ممكن تضره اى خطا يرتكبه اى شيء يدينه
سالم : انت عاوز تحبسه ؟
جاسم : لا انا حاحكيلك علشان تعرف عاوزين نعمل ايه لانك انت اللى حترسم الخطه وتنفذها
وبعد يومين اتصل به سالم قائلا
سالم : مفاجأة يا افندينا مفاجأه عمرها ما تخطر على بالك
جاسم : خير يا سالم قول
سالم : اسمع يا سيدى ........
يتبع