رواية دماء علي اوراق الورد الجزء الأول 1الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم اثر توفيق
فى الصباح الباكر ارتدت داليا نقابا وخرجت مع خديجه متجهين الى مدينة صغيرة تبعد مسافة ساعة عن الدمام وهناك توقفت السيارة امام كافيتريا وامرت السائق ان يبقى مكانه وذهبتا مترجلتين الى المستشفى الموجودة هناك
خديجه : ربنا يسامحنا لكن زى ما بتقولوا فى مصر قضا اخف من قضا وربنا يعوض عليكى
داليا : انا خايفه يا خديجه
خديجه : ما تخافيش انتى فى البدايه ومافيش خوف احنا بس بنخلص من مصيبه كبيره وبعدها ان شاء الله لينا كلام تانى المهم مش عاوزاكى تشيلى النقاب عن وشك ابدا ولا تنطقى بحرف انا كلمت ممرضه فى المستشفى وفهمتها انك شغاله من سيريلانكا والدكتور اصلا اوكرانى مش حيتكلم واحنا ساعتين ونمشى
كانت المستشفى صغيرة وكانت احدى الممرضات بانتظارهم وعرفتها خديجه بنفسها ودخلت داليا الى العمليات دون تسجيل اى بيانات وتمت عملية الاسقاط والتنظيف وبعد حوالى ساعتين خرجتا لملاقاة السائق والعودة الى الدمام وهناك اصرت خديجه على مبيت داليا عندها حتى تتعافى
خديجه : انا خلاص كلمت ابو فهد وانتى فى العمليات قلتله عندك انفجار فى الزايده وشلتيها ولازم اراعيكى هو حيفضل كام يوم فى البيت التانى مش مشكله لكن انتى لازمك علاج ورعايه مين يراعيكى غيرى ؟
داليا : معقول يا خديجه الخبط حياتكم بالشكل ده ؟ ذنبه ايه ابو فهد يتحرم منك ؟
خديجه : ما تخافيش هو مش حيتحرم منى اصلا هو ما يقدرش يستغنى عنى لما يهفه الشوق حيجينى فى الليل ويمشى الصبح بدرى من غير ما يزعجك
داليا : انتى بتقولى ايه ؟ ده صاحب البيت وانا اللى عامله ازعاج
خديجه : يوووه يا داليا ما تكبريش الموضوع الحكايه بسيطه خالص ما تعمليش فرق بيتى هو بيتك احنا اصعب خطوه عملناها وبعدين انا سعيده جدا طول ما انتى جنبى ولو عليا نفسى تسيبى شقتك وتيجى تعيشى معايا والله يبقى يوم المنى المهم بقى بعد ما تشدى حيلك عاوزاكى توعدينى تقربى من ربنا وما تقطعيش الصلاه ابدا الا يعنى الايام اللى انتى عارفاها ههههههه
كانت داليا مضطجعة على الفراش وخديجه بجوارها فاقتربت منها وقبلت يدها بحب وعرفان قائلة
داليا : حقيقى انتى نعمه كبيره ربنا انعم بيها عليا وانا لو اعيش اشكر ربنا عليكى لاخر يوم فى عمرى مش حاوفيه حقه انه هدانى اليه بيكى ربنا يخليكى ليا
خديجه : يووووه على الدلع ده كله انا كده حيصيبنى الغرور اسمعى ارتاحى شويه وانا حاجيبلك شوربه وعلبة زبادى تاكلى حاجه خفيفه لحد بكره
.....................
لم يطل انتظار حاتم كثيرا وجاءه الاتصال المنتظر من مصطفى الذى اخبره انه تعين فى نقطة على راس احد الشوارع وانه انتظر حتى يتثبت فى نقطته وواعده حاتم بالمرور عليه فى وقت متاخر حتى يتسنى لهما الحديث بهدوء
وبعد منتصف الليل زاره حاتم وبعد ان اعد له مصطفى الشاى ساله حاتم
حاتم : قوللى يا مصطفى انت ليه خايف قوى كده من حامد الهوارى ؟
نظر اليه مصطفى قائلا بكبرياء
مصطفى : انا ما باخافش من حامد ولا غيره ولا باخافش حتى من الموت انا ما باخافش غير من اللى خلقنى وبس لكن فيه كلام عادى يتقال على قهوه وكلام تانى ما يتقالش غير بين اتنين مالهمش تالت
حاتم : الله ينور عليك ايه بقى الكلام اللى ما يتقالش الا بين اتنين ؟
مصطفى : انت بتسال على حامد ليه يا باشا ؟
حاتم : ليا فى رقبته تار وعنده مظلمة ناس عزيزه عليا اذاهم وحقهم حالف اجيبه من دمه
مصطفى : انت تعرف ان حامد ده فى ايديه دم ناس كتير ؟
حاتم : عارف ومش خايف والموت عندى اهون من انى اسيب حق الناس دى
مصطفى : طيب انت عاوز تعرف ايه عنه ؟
حاتم : كل حاجه تعرفها عنه مهما كانت صغيره وبداية كده هو ايه شغله الشمال ؟
مصطفى : اثار يا بيه تعرف شغل الاثار ؟ هو ده بابه وشغلته وجنبها السلاح
حاتم : انت متاكد ؟
مصطفى : طبعا متاكد انا اقدر اقول لك بيخزن فين كمان شوف يا باشا بلدنا اسمها حضن الجبل علشان الجبل محاوطها من كل النواحى وعلشان تدخل او تخرج مافيش غير مدقات من وسط الجبل الراجل ده بينقب فى الجبل يفتش عن الاثار والاقصر كل شبر فيها تحته قبر فرعونى وهو بقى داقق ممرات وسراديب ترمى ورا ضهر الجبل على طريق قديمه كانت شغاله تهريب زمان وسكتها اتقفلت واتنست وهو رجع حياها تانى وفيه فى وسط الجبل كهوف ومغارات بيخزن فيها بضاعته
حاتم : انت كنت شغال معاه ؟
مصطفى : شغال معاه دى محتاجه توضيح لازم تعرف ان حامد ما بيشغلش معاه غير ناس كلهم سوابق ويعرفهم من سنين السنين زمان وهو لسه شاب يمكن قبل ما انا اتولد كان اتسجن سنتين فل قضيه واتعرف على الناس دول وبقى اللى يطلع منهم يجيله وبقوا رجالته اصله كان بيصرف عليهم فل السجن اتما اهل البلد ما بيشغلهمش معاه لكن بياخدهم شيالين بالسخره والكرباج يشيلوا بضاعته من المغارات لضهر الجبل ويرميلهم ملاليم من غير ما يفتحوا بقهم ويشيلوا صناديق مقفله ما يعرفوش فيها ايه واللى يفتح بقه قول عليه يا رحمن يا رحيم
حاتم : وانت كان دورك معاه ايه ؟
مصطفى : شيال بالسخره زيى زى كل اهل البلد يشيل وياخد ملاليم ولو مات يبقى كلب وراح ولو عرف حاجه واتكلم يموت على ايد حامد ورحالته
حاتم : طالما كنت بتشيل من غير ما تغرف شايل ايه عرفت ازاى عن الاثار والسلاح ؟
ابتسم مصطفى بمرارة وزفر زفرة حارة واشعل سيجارة ونفث دخانها فى الهواء بقوة ثم قال بصوت حزين عميق
مصطفى : حاحكيلك يا بيه
....................
Flash back
عند منتصف الليل خرج احمد علوانى البكرى وزوج اخته مسعود عبد الباسط من بيتهما بصحبة غفير ارسله لهم حامد الهوارى لنقل بضاعة تخصه وبالطبع لم يكن الرفض ممكنا فمن يأمره حامد بالخروج لا يملك سوى الطاعة والخضوع وفى النهاية يدفع له اجرا زهيدا مع التنبيه عليه بان يغلق فمه حتى لا يعرض نفسه واهله لغضب الحاج حامد وهو ما يعنى الموت له او لاحد افراد اسرته وربما كل اسرته برغم ان من يخرج فى تلك الاعمال الليلية لا يعرف ما يجرى فهم ينقلون صناديق مغلقة لا يعرفون ما بها ليودعوها مغارات فى الجبل تحت حراسة غفر الحاج حامد واعلبهم ليسوا من اهل البلد .
كانت السيارات قد افرغت حمولتها خلف الجبل على الطريق المهجور وانصرفت قبل وصول الحمالين تاركة الصناديق فى حراسة الغفر وكانت صناديق كبيرة وثقيلة وتم توزيع الحمالين العشرة كل اثنين يحملان صندوقا لتخزينه فى مغارة تحت حراسة احد الغفر ثم يعودوا لحمل صندوق اخر وفى احدى المرات تخلف الغفير المرافق لاحمد ومسعود لقضاء حاجته خلف الجبل واختلط الامر عليهما فدخلا مغارة اخرى ليفاجئوا بغرباء لم يروهم من قبل منهمكين فى تغليف بعض التماثيل والاثار بالورق ولفها بالقش ورصها بعناية فل صناديق اصغر حجما .
تسمر الرجلان امام المشهد دون حراك وعندما لمحهما الغرباء رفعوا السلاح فى وجوههم منا اثار الرعب فى قلوبهم فسقط الصندوق على باب المغارة لاسفل الجبل وانكسر ولكن وصل الغفير المرافق لهما وقام بتهدئة الغرباء ثم امر احمد ومسعود بالخروج من المغارة ونزل وحده اسفل الجبل محاولا غلق الصندوق ولكنه كان قد انكسر تماما ولم يتمكن من غلقه واضطر لانزالهم لحمل الصندوق مفتوحا وحانت منهما التفاتة الى ما بداخل الصندوق ليجدوا عددا من الاسلحة النصف الية التى تثير الرعب وحدها ومرت الليلة بسلام بعد التشديد عليهما باغلاق افواههم تماما
لم يستطع احمد الصمت فاخبر اخاه الاصغر مصطفى بما رآه ولكن مصطفى نصحه بالتزام الصمت ونسيان ما رآه تماما كأنه لم يرى شيئا ولكن بعد يومين احتفى احمد من القرية وبعد عدة ايام وجدت جثته فى الجبل وكان اثر الطلقة فيها واضحا وبعدها حضر احد رجال حامد لتقديم واجب العزاء
شنوانى : الحاج حامد بيقول لك البقيه فى حياتك يا مصطفى
مصطفى : فى حياتك الباقيه يا ريس شنوانى
شنوانى : عو صحيح المرحوم مات ازاى ؟ الحاج بيقول انه كان فى الجبل والتعبان عضه صحيح ؟
نظر مصطفى بحذر قائلا
مصطفى : كلام الحاج حامد كله صحيح وعلى راسنا
شنوانى : بيتهيالى ده راى محمد اخوك برضه واللا ايه ؟ اصل عيال احمد لسه صغيرين وفى رقبتك انت ومحمد مش كده ؟ بيتهيالى لو التعبان عض واحد تانى حيبقى صعب ان واحد لوحده يشيل الشيله عيالك وعيال احمد ومخمد ومسعود لما واحد بس يشيل الشيله دى كلها لازم يقع ولو ماحدش فضل علشان يشيلها العيال
نظر مصطفى للغفير بشرود وقال بصوت حزين وهو يوشك على البكاء
مصطفى : احمد اخويا الله يرحمه التعبان عضه وهو فى الجبل ودى غلطته لوحده وانا ومحمد ما نعرفش غير كده انا شفت عضة التعبان بنفسى بلغ الحاج اننا خدامينه وما بنشوفش غير اللى هو يقول عليه
وبعد دفن احمد عاد الرجال الى الدار فى صمت بينما النساء لم تكف عن البكاء وصعد مصطفى الى السطح يدخن وهو يستعيد كل ما قاله الغفير شنوانى ( الحمل كله حيبقى على كتافك انت ومحمد عيالك وعيال محمد وعيال احمد وعيال مسعود ) كان يشعر ان هناك شيئا ما خطا وان هناك رسالة موجهة لماذا ذكر اطفال مسعود بينما القى بالحمل كله على كتفيه هو ومحمد ؟
اسرع الى الاسفل وطرق باب حجرة اخته فاطمة التى خرجت سريعا وعيناها حمراوتان من البكاء
مصطفى : مسعود فين يا فاطمه ؟
فاطمه : خرج يشم هوا وراجع انت عارف انه كان صاحب احمد من زمان
مصطفى : ايه اللى خرجه بس ؟ خرج راح فين ؟
فاطمه : فيه ايه يا مصطفى قلقتنى
مصطفى : مافيش يا فاطمه ربنا يجيب العواقب سليمه
خرج يبحث عنه فى القرية الصغيرة ولكنه لم يعثر له على اثر وفى اليوم التالى وجدت جثته غارقة فى المصرف وحين حضر المغسل لاحظ مصطفى ان فقرات العنق كانت مكسورة
.......................
صباح الخير
باعتذر مش قادر اطول البوست لانى كل ما اطول الاقى كل اللى كتبته اتمسح بس باذن الله حانشر بوست كمان النهارده
يتبع
رواية دماء علي اوراق الورد الجزء الاول 1 الفصل السادس والثلاثون 36 من هنا