رواية دماء علي اوراق الورد الجزء الثاني 2 الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم اثر توفيق
جلس الرجال فى المضيفة اخر النهار مع الحاج مهاب
مهاب : انت معاك شهاده من الازهر يا محمد ؟
محمد : ايوه يا حاج انا خريج كلية الشريعة واصول الدين وواخد دورة اعداد دعاة وخطابة من الازهر بس الشغل فى الاوقاف محتاج واسطه
مهاب : سيبها على الله احنا حنخلص حكاية الشغل دى وباذن الله تمسك امامة الجامع الكبير اللى فى العزبه وجنبها تساعدنا فى الارض بس بعد حكاية حامد ما تخلص
محسن : انا يا حاج حاروح بكره مديرية الاوقاف فى دمنهور واخلص كل حاجه
مهاب : الصبر يا محسن مش عاوزين اى خيط يوصل حامد بيهم مهما كاو الخيط ده بعيد عن تفكيره ده شيطان والحكايه كلها يومين
محمد : هو احنا مش حنروح اسكندريه يا حاج ؟
مهاب : هنا اضمن لكم يابنى عندى بيت قديم قريب من هنا يساعكم كلكم تعيشوا فيه زشغلك باذن الله مضمون انت واخوك
مصطفى : انا يا حاج بمشيئة الله بكره بعد الفجر راجع الاقصر لسه ما خلصتش مشوارى اللى ابتديته
مهاب : كفايه دم يا مصطفى يابنى
مصطفى : ياريت كان ينفع يا حاج النار لسه قايده فى قلبى وكل ما اشوف عين مراتى واللى حضل لاختى النار تشعلل فيا اكتر وبعدين انا خلاص كلها كام يوم والحكومه تجيبنى علشان مشوار بنت حامد اكيد حيلاقوا بصمه هنا واللا هنا انا كنت رايح اجيب مراتى ومش عامل حسابى امسح بصماتى واللى بيزمر ما بيخبيش دقنه
مهاب : انا كان نفسى يابنى تقعد تربى عيالك انا سمعت انك ميكانيكى جرارات ومواتير شاطر يعنى البلد كلها محتاجالك
مصطفى : عيالى يا حاج حيعيشوا فى عزك وخيرك ومحمد اخويا راجل وقدها وقدود اما انا لازم اكمل اللى بديته علشان عيالى واخواتى يقدروا يرفعوا راسهم وسط الناس يمكن ييجى اليوم اللى اختى ومراتى يسامحونى فيه ان اخدوهم منى وانا واقف مش قادر انطق ولا ادافع عنهم
حاتم : يا مصطفى كنت تقدر تعمل ايه ساعتها ؟
مصطفى : كنت اقدر اموت يا حاتم بيه وانا بادافع عنهم كان اكرملى
حاتم : يا مصطفى انت سكتت علشان كنت خايف عليهم وعلى العيال الصغيرين مش خايف على نفسك وربنا شاهد انك كنت ساعتها قليل الحيله
مصطفى : لكن دلوقت انا مش قليل الحيله ولا دراعى متكتف ولازم ارجع حقهم واخد بتارى النوضوع ده انتهينا منه ومهما حصل مش حاغير رايى وكده كده انا ميت ما تفرقش اموت وانا باموت الكلب ده والا متعلق على حبل المشنقه
......................
استاذن مصطفى لتوديع اهله فصعد مع نادر للطابق الاول وذهب به الى الغرفة التى توجد بها حليمه زوجته وكانت داليا محسن بصحبتها فاستاذنت فى الخروج لتفسح لها المجال للوداع بينما حليمه تتشبث بذراعها محاولة استبقائها
داليا م : خليكى براحتك مع جوزك وانا حابقى بره لو عاوزه حاجه نادى عليا
تربعت حليمه على حافة الفراش وسحبت فوقها الغطاء واسندت مرفقيها على ركبتيها واسندت راسها على راحتها فاقترب منها مصطفى قائلا
مصطفى : انا ماشى يا حليمه . خلاص نويت يا غاليه مش حتسامحينى ؟
سالت دمعة من عينها السليمة تركتها تسقط بهدوء ولم ترد
مصطفى : انا عارف انى غلطان وجبان وما استاهلش دمعه واحده من عينك لكن لو كنت حاولت ادافع عنك كانوا حيموتونى ويمكن كمان يموتوا محمد وياخدوكى انتى وكل الحريم ويمكن كمان ياخدوا العيال عبيد ليهم كان لازم استنى لحد ما الناس اللى جم معايا دول يوصلوا علشان اقدر اخلصك واطلعكم بره البلد
نظرت له بانكسار ونكست راسها من جديد ولم ترد فدنا منها وركع على الارض امامها وقال باسى
مصطفى : وحياة عيالك يا غاليه يا اغلى الناس تسامحينى حلفتك بالعشره اللى ما بيننا تسامحينى ما تخلينيش اروح وانا مقهور
ترقرقت دمعة حزينة فى عينيه ونظر اليها مستعطفا وهو ينتظر منها كلمة واحدة ولكنها لزمت الصمت تماما فدنا براسه ليقبل قدمها راجيا
مصطفى : ابوس ؤجلك وانا عارف انى ما استاهلش المسها سامحينى لو ليا فى قلبك ذرة معزه لو لسه فاكره يوم حلو قضيتيه معايا
سحبت قدمها وغطتها بالفراش وسالت الدموع من عينها السليمة دون ان تتكلم فوقف متهدل الكتفين واستبد به الياس قائلا
مصطفى : خلاص يا ست الستات انا ماشى ومش حاضايقك اكتر من كده يمكن لما يجيلك خبرى تقدرى تسامحينى انا حامشى بعد الفجر مع السلامه يا غاليه خلى بالك من العيال وقوليلهم ابوكم وطى راسه كتير علشان تعيشوا وفى الاخر مات علشان تعيشوا راسكم مرفوعه وما توطوش راسكم لحد
غادر الغرفة دامع العينين فاصطحبه نادر الى غرفة داليا طلال لتوديع اخته وعلى الباب مسح دموعه واستاذن فى الدخول وسمحت له داليا بالدخول وبقيت فى ركن الغرفة ولم تغادرها
اقترب مصطفى من فاطمه وقبل راسها ويدها قائلا
مصطفى : انا خلاص نويت وماشى يا وردتنا
قالت بذهول وهى تنظر لداليا طلال تستمد منها الامان
فاطمه : انت ماشى انت ومحمد ؟ رايحين فين ؟
مصطفى : لا انا ماشى لوحدى محمد حيفضل معاكم مش حيسيبكم مش انتى بتحبى محمد ؟
فاطمه : اه انا باحب محمد وباحبك وباحب احمد ... بس احمد مات و ... ومسعود كمان مات انا باحبه بس مات لكن حافضل احبه وافضل احب احمد واحبك
مصطفى : خلاص انا بقى رايح علشان اخلص على الىى موت احمد ومسعود علشان انتى كمان يا ورده يا جميله تقدرى تفتحى تانى وترفعى راسك
فاطمه : انت حتطلع الجبل وتموت التعبان اللى موتهم ؟
مصطفى : حاطلع الجبل واموت التعبان اللى موت احمد واردم المصرف اللى غرق فيه مسعود
فاطمه : لا مسعود ما غرقش فى المصرف التعبان هو اللى موته التعبان هو الىى موت الاتنين وانت لازم تموت التعبان
مصطفى : حاضر انا حاموت التعبان اللى موت الاتنين واخد مننا الغاليين
فاطمه : وحتروح بعد كده عند احمد ومسعود ؟
ارتجف لذكر ذلك وارتعدت ذقنه وقال
مصطفى : مش عارف بس شكلى حاروح عندهم
فاطمه : يا بختك هم قاعدين مرتاحين فى حته جميله ابقى سلملى عليهم وقول لمسعود انى باحبه ومش حاحب غيره لحد ما اروح عنده
مصطفى : مسعود بيقول لك خلى بالك من العيال وهو كمان بيحبك واحمد كمان يا بطه بيحبك مش كان بيقول لك يا بطه ؟
فاطمه : اه احمد كان بيقوللى يا بطه وكان بيقول فاطمه دى الورده اللى فاتهالى ابويا وامى علشان تعطر اابيت والبيت من غيرها يبقى وحش
قبل يدها وقال وهو يغتضب ابتسامته غصبا
مصطفى : الدنيا كلها من غيرك تبقى وحشه ومالهاش طعم
....................
خرج مصطفى بعدها ليوصى اخاه ويودعه وحاول ان ينام قليلا فلم يستطع وبعد الفجر قرر السفر فوجد الحاج مهاب عائدا من المسجد مع ابنائه وحاتم فسلم عليهم مودعا ووقف امام الحاج مهاب قائلا
مصطفى : عمرى ما شفت شر زى حامد خلانى احس ان الدنيا كلها شر فى شر لكن لما شفتك يا حاج عرفت انى غلطان وان الدنيا فيها ناس طيبين الدنيا يا حاج حتفضل بخير طول ما فيها ناس زيك ادعيلى يا حاج
مهاب : ربنا يحميك ويرجعك لعيالك سالم يابنى
مصطفى : ادعيلى ربنا يقدرنى اخد بتارى واموت وانا رافع راسى يا حاج
تردد مهاب قليلا وقال وهو يربت على كتفه
مهاب : ربنا ينولك اللى فى بالك ويقدم ما فيه الخير ليك ولعيالك
قبل مصطفى يده قائلا
مصطفى : يا ريتنى قابلتك من زمان يا حاج
احتضنه مودعا وودع الباقين واتجه للباب طالبا منهم عدم اصطحابه وعند الباب امسك بمقبضه وهم بفتحه حين سمع صوتا يناديه :::: مصطفى
اغمض عينيه وتجمد فى محله وجسده كله يرتجف انفعالا ونكس راسه وسالت دمعة من عينه وهو يسمع ابصوت يقول :::: انت حترجعلى تانى يا مصطفى ؟
كانت حليمه لم يضدق انها ستسامحه فاستدار ببطء ووجد ان الباقين قد انسحبوا سريعا ليفسحوا لهما المجال للوداع فتقدم منعا بحطوات مترددة وعيون دامعة فكررت سؤالها
حليمه : حترجعلى تانى يا مصطفى ؟ حترجع يا ابو عيالى ؟
مصطفى : انا رايح فى سكة اللى يروح ما يرجعش
حليمه : طيب بوسنى يا مصطفى قبل ما تسافر علشان اسامحك
اقترب منها وهم بتقبيلها ولكنها عادت براسها للخلف ونزعت ضمادة عينها واشارت اليها قائلة
حليمه : لا ... هنا يا مصطفى تقدر ؟
مصطفى : حتى لو راح وشك كله يا غاليه انتى فى عينى وفى قلبى احلى زاغلى ست فى الدنيا
امسح وجهها بيديه وقبل عينها المصابة ثم امطر وجهعا بالقبلات قبل ان يحتضنها ويقول باكيا
مصطفى : سامحينى يا غاليه سامحينى يا ام العيال
حليمه : مسامحاك يا حبيبى مسامحاك يا ابو عيالى كفايه انك ما صبرتش عليا يومين هم اللى قعدتهم اومال المسكينه فاطمه اللى اتعذبت سنه بحالها بس عاوزه اقول لك حاجه يا مصطفى وتصدقنى نظر اليها مستفهما فقالت
حليمه : انا ما حدش قدر يعمل معايا حاجه . الكلبه النجسه بنت حامد سلطت عشيقها عليا ضربته بالرجل بين رجليه كومته خلت العبيد الكلاب يضربونى وقعدوا يضربونى بالايدين والرجلين والعصيان وانا اعض واخربش فيهم وكنت عامله زى النمر لكن وقعت من كتر الضرب ومسكونى جرونى ورمونى تحت رجليها تفت على وشى وطفت السيجاره فى عينى كسرت عينى دى يا مصطفى عينى دى بس انما حاجه تانيه لا
اشارت الى عينها المصابه واكملت
حليمه : انا كنت خايفه لو طولت عن كده يقدروا وكان اهون عليا اموت نفسى ولا حد يطول منى شعره لكن لو كنت طولت يا عالم كانوا عملوا فيا ايه مسكينه يا فاطمه اتحملتى سنه بحالها فى العذاب ده ازاى ؟
يتبع
رواية دماء علي اوراق الورد الجزء الثاني 2 الفصل الرابع والعشرون 24 من هنا