رواية ما لا تبوح به النساء الفصل التاسع 9 بقلم عبير حبيب
رواية ما لا تبوح به النساء بقلم عبير حبيب
"جرح وأمل"
هذه الفتاة المسكينة ترى ماذا فعلت بها الحياة لكل هذا الخوف بعينيها؟ ما قيل بالأعين لا ينسى وما تحكيه عيناها يفزع، ماذا حل بك أيتها الوردة لتذبلي بهذا الشكل؟ كانت جنى تتأمل جمالها وتعجب كيف أخفاه الحزن إلى هٰذا الحد!
جنى: سكتي ليه يا نغم؟ كملي.
تابعت نغم وهي تبتلع مرارة الذكريات..
نغم: فضل حبنا يكبر لحد ما جه اليوم إلى أهله بدأوا يتكلموا ويسألو عن الحمل.
إللي يقول إيه مفيش حاجه في السكة؟ وإللي يقول لسه محملتيش؟ طب مروحتيش لدكتور ليه؟ وحد تاني يقول أنتِ بتكبري لازم تدوري على نفسك؟.. كلام كتير أوي بيقتلني من جوا بس كنت بسكت عشان مش عارفة أرد بأيه غير كلو بإذن الله.
بس كلامهم كان بيزيد يا جنى مبيقلش.
جنى: طب ليه مروحتيش لدكتور، عشان تطمني.
نغم: حصل روحنا في أول سنة جواز، روحت عند دكتور معروف وشاطر جدًا.. قالي: لازم يعدي سنة بعد كدا تدوري على أسباب أمتناع الحمل أنتِ لسه في الأول ومش أفضل إنك تاخدي منشطات أكد أننا في أول سنة وإن احنا لسه عرسان نصنحنا نعيش يومين قبل ما البيت يتملي عيال..كان بيحاول يطمني بلطف كلامه.
وقتها سالتهُ يعني أنا سليمة وهقدر احمل وابقى أم عادي، رد عليا وقالي الحمد لله معندكيش أي مشاكل عشان كدا بقولك مسألة وقت.
جنى: ودا طبعًا اداكِ أمل تكملي لحد ما ربنا يكتبها.
نغم: فعلًا كلامه طمني وفضلت مستنيه لسنة تانية جواز.
بس الكلام والأسئلة مكنتش بتقف وأنا قلبي بقى بيوجعني هنا بدأت أتجنب التجمعات، ما أنا بردو إنسانة وربنا خلاقني بفطرة الأمومة،
حتى أهلي كانو بيتكلمو وبيخافو مني على عيالهم هههه،
تخيلي خالتي إللي كنت بعتبرها زي أمي بنتها حملت خبت عليا وخافت تقولي وعرفت بالصدفة.
صدمة وراء صدمه محدش حاسس بيا فاكرين الخروجات والهداية والسفر منسيني، ميعرفوش أني لما بطلع شقتي بقف قدام المرايا وأحط مخدة صغيرة في هدومي وأتخيل نفسي حامل، واشتاق أكتر من الأول لنفس الإحساس.
كنت عارفة أن الكلام مش هيغير حاجه.
صمتت نغم للحظات تبتلع ريقها قبل أن تكمل.
جنى: نغم من فضلك أشربي مايه وحاولي تخدي نفس وتخرجيه براحة.
كانت تحاول أن تهدأ من روعها... إلى أن استرخت مجددًا.
- المسكينة عائلتها ومن أحبتهم جميعهم اعتدوا عليها بأقوالهم، حقًا لن يؤذيك إلا من تخشي عليه من الأذى، أحبت الجميع وماذا فعلوا بها!
نغم: مبقتش قادرة استحمل كلمت فادي جوزي وقولتلهُ كدا كفاية عدي سنة و٩ شهور على جوازنا لازم نروح لدكتور بقى.
فادي: معنديش مانع بس فاكرة كلام الدكتور لما قال الموضوع مسألة وقت مش أكتر.
نغم: ايوا بس بردو قلنا قدامكو السنادي والسنة الجاية ابقو تعالو.
فادي شاب ميسور الحال يعشق السفر، السهر، الخروج مع أصدقائه، والتصوير لم يكن لديه وقت ليشغل باله بقدوم طفل أو لا.
تابعت نغم: أنا عايزة أروح لدكتور، بقولك عايزة ابقى أم لا عايزة خروج ولا سفر مش عايزة غير طفل شبهك وشبهي، تابعت نغم بأنفعال،
أنت ازاى كدا؟ ازاى مش نفسك في عيل يشيل اسمك؟
فادي: أهدي يا حبيبتي بكرا هاخدك عند دكتور صاحبي شاطر جدًا وأكيد هيقولنا نعمل أي.
أنهى فادي كلامه ليعانقها ويربت على كتفيها بهدوء وحنان.
فادي: قومي نامي أوعدك بكرا الصبح هكلمو.
نظرت إليه وأبتسمت بحنان من ثم ذهبت إلى النوم
كيف ستنام وعقلها مشغول مرت ساعات الليل عليها ببطء كأنها ستذهب لذلك الطبيب ليضع الجنين في جوفها وتعود به إلى منزلها.
أستيقظت نغم مع ارتفاع الشمس، غادرت فراشها بنشاط كبير. لتحضر الفطار وبعد أن أنتهت ذهبت لتيقظه بحنانها المعتاد.
نغم: فادي اصحى يا حبيبي، قوم الفطار جاهز.
فادي: حاضر يا حبيبتي، هصحي أهو.
نغم: لا اصحي دلوقتي، قوم قدامي الأكل جاهز.
فادي: أنتِ زنانة أوي، قمت خلاص.
بعد أن اغتسل فادي وجلس على مائدة الطعام، بادرت نغم بطلبها.
نغم: فادي بقولك أي يا حبيبي.
فادي: أي!
نغم: كلم صاحبك..الدكتور شوف هنروح أمتى.
فادي: حاضر يابنتى هكلمهُ بعد ما أفطر.
نغم: ليه ما تتصل بيه وأنت بتفطر هههه.
فادي: حاضر عارفك مش هترتاحي.
اتصل فادي بصديقه الذي قد رحب بهم وطلب منهم الحضور عند الساعة الثالثة.
شعرت نغم ببهجة وكأنها ستحصل على الفانوس السحري
مر الوقت سريعًا بعد أن أنتهت من أعمالها المنزلية لتجد الساعة الواحدة والنصف.
نغم: فادي الساعة واحدة ونص أنا هدخل البس.
فادي: لسه بدري.
نغم: على ما أغير ونتحرك عشان نوصل في معادنا يا حبيبي.
فادي: خلاص أجهزي.
دخلت نغم غرفتها وقد أنتهت سريعًا من ارتداء ملابسها وأكتفت بوضع أحمر شفاه وردي اللون، لتزداد جمالًا على جمالها.
نغم: فادي أنا جاهزة ياله.
إتجاها هما الأثنان نحو سيارتهم وقد أنطلاقا إلى وجهتهم
.كانت نغم تنظر طول الطريق إلى الفراغ، ترى ما الذي يشغل تفكيرك يا نغم؟ أحزن ذاك البريق في عينيك أم أمل؟
فادي: وصلنا في المعاد بالظبط إدخلي يا حبيبتي.
جلسا في غرفة الأنتظار كانت نبضات قلبها تسرع كلما أقترب الوقت..
الممرضة: مدام نغم أتفضلي.
أتجهت نغم مع زوجها إلى مكتب الطبيب لتبدأ رحلة السلامات بين الصديقين..
فادي بأبتسامة عريضة، الدكتور جمال صاحبي وكنا جيران يا نغم.
نغم: أتشرفت بحضرتك.
الدكتور جمال: الشرف ليا.. فادي كلمني وقالي إن حضرتك قلقانة من تأخر الحمل من فضلك أطلعي على السرير عشان نبتدي الفحص ونطمن.
بعد مرور وقت ليس بطويل
أنا شايف ما شاء الله وضع الرحم كويس جدًا ومفيش حاجة تمنع الحمل دا من ناحية الكشف السريري..لكن محتاجين نعمل التحليل دي ليك أنت والمدام عشان نطمن أكتر.
فادي: إللي تشوفهُ يا دكتور.
جمال: في معمل هنا في المركز تقدروا تحللوا عندو وأنا أعرفك النتيجة في التليفون.
فادي: مش عايز تشوفني تاني ولا أي يا دكتور؟!
جمال ضاحكًا: أنت عارف إني بريحك من المشوار.
ودع فادي صديقه ضاحكًا يشكره على حسن إستقباله.
فادي: عن إذنك.
جمال: أتفضل، أشوفكم على خير.
فادي لنغم: تعالي هنا المعمل أهو.
فادي لموظف الأستقبال: من فضلك عايزين نعمل التحاليل.
موظف الأستقبال: أتفضل يا فندم حضرتك في الغرفة إللي على الشمال والمدام هتسحب عينة دم بس؛
لكن حضرتك تحاليلك هتكون مختلفة أتفضل معايا جوا أشىرحلك
بالفعل أتجهت نغم لأخذ عينة الدم، أما فادي فقد دخل غرفة
آخرى لإجراء نوع آخر من التحليل لقياس نسبة الحيوانات المنوية ونشاطها.
بعد مرور الوقت خرج فادي ليطلب من نغم المغادرة بعد أن أتفق مع دكتور التحليل أن يرسل إليه النتيجة فور ظهورها شاكرًا له.
دكتور التحاليل: نورتونا يا فندم في الخدمة دائمًا.
للمرة الأولى فادي هو من ينتظر ظهور النتيجة لأول مرة يعيش شعور نغم من خوف المجهول، كان يعلم من حديث الدكتور جمال أن زوجته سليمة ولا تعاني أي مشاكل
وهذا ما زاد قلقه
بعد أن وصلت منزلهما دخلت نغم لتنام بعد أن أطمأنت على سلامتها مجددًا.
أما فادي يدخن سيجارة تلو الآخرى إلى أن أعلن هاتفه عن وصول رسالة جديدة من صديقه الدكتور جمال ليخبره النتائج،
أمسك بهاتفه بتوتر ملحوظ كان في حيرة من أمره إلى أن فتح الرسالة.. .
* * *
كنا سكنًا لبعضنا البعض كلًا منا يسكن الآخر.
يتبع