📁

رواية هوى الزيات الفصل الثانى عشر 12 بقلم سارة الحلفاوى

رواية هوى الزيات الفصل الثانى عشر 12 بقلم سارة الحلفاوى

رواية هوى الزيات بقلم سارة الحلفاوى

رواية هوى الزيات الفصل الثانى عشر 12 بقلم سارة الحلفاوى
رواية هوى الزيات


رواية هوى الزيات الفصل الثانى عشر 12


الفصل الثاني عشر

 رديتك!!!

شهقت تستفيق من نومها على ذلك الكابوس الذي هيأُه عقلها لها أنه قد عاد، تستفيق فتجد نفسها على ذات الأريكة، تآوهت بألم تدلك رقبتها لتستوقفها طرقات الباب، إنقبض قلبها تظن الكابوس قد تحقق، نهضت تسير ببطء ناحية الباب ثم تتمتم:

- مين؟


زفرت أنفاسها التي حبستها برئتيها عندما سمعت صوت دُنيا فـ فتحت لها فورًا، إبتسمت لها بترحابٍ فـ غمغمت دُنيا:

- مين إيه بس م إنتِ عارفة إن أنا اللي جاية!


قالت نور بعد تنهيدة:

- حلمت إنه هو اللي جالي و قالي رديتك .. عشان كدا إتخضيت لما خبطتي!!!


أغلقت دُنيا الباب و جلست تقول:

- والله يا بنتي الرجالة دول شوية مجانين! تعالي أقعدي جايبالك فطار حلو أوي!!


قالت نور بحرجٍ:

- إنت بتكلفي نفسك ليه يا دُنيا أنا عندي الأكل!


قالت دُنيا بمرحٍ:

- أنا مش هستناكِ لما تطبخي يا عسل .. أنا على لحم بطني!!!


ضحكت نور و قالت و هي تجلس أمامها:

- يا بنتي إرحمي نفسك .. بتودي الأكل ده فين و إنتِ رفيعة كدا!


- طب يلا كُلي!!

جذبتها إلى الطعام من يدها فـ ضحكت نور و بدأت تأكل بالكاد تبتلع اللُقيمات، كلما أكلت تذكرتُه و هو الذي كان يطعمها بيداه، أغمضت عيناها تسُب عقلها الذي لا يفكر بـ سواه، لاحظتها دُنيا فـ قالت بهدوء:

- نور .. إنتِ لسه عايزاه!!!


نظرت لها مُتفاجئة من السؤال، ظلت تفكر للحظات حتى قالت بهدوء:

- لاء .. و لو جه باس على رجلي مش هسامحُه، خلاني أحس إحساس بشع أوي يا دُنيا


تنهدت دُنيا تقول بحزن على حالها:

- إنتِ بتقولي كدا عشان لسه في مرحلة الغضب، لكن أنا عارفة إنك بتحبيه، و إنه لو جه و إعتذر هتسامحيه!!! 


صمتت نور لا تستطيع أن تجيبها .. فهي نفسها لا تعرف كيف ستكون ردة فعلها إذا أتى، حاولت تغيير الموضوع فـقالت بإبتسامة زيّفتها:

- سيبك مني و إحكيلي إنتِ .. جوزك هينزل إمتى؟


قالت دُنيا مبتسمة عند ذِكر سيرته:

- أقل من شهر و هيبقى هنا بإذن الله!!!


قالت نور بحُب لـ تلك الإبتسامة التي إرتسمت على وجهها فور أن أتت بسيرته:

- بتحبيه؟


أسرعت قائلة دون تردد:

- أوي يا نور .. بحِس إنه حتة مني و لما بيمشي قلبي بيبقى كإنه عايز يطلع من جسمي و يروح معاه!


إبتسمت لها نور و ربتت على كتفها قائلة بحنان:

- يجيلك بالسلامة يا حبيبتي!!!


- يارب!!

قالتها مبتسمة، فـ ظلت نور تفكر للحظات حتى قالت بهدوء:

- دُنيا أنا عايزة أشتغل!


• • • • • • •


وقفت أمام المرآة، تُهندم ثيابها و تُنمقها، تلك الثياب التي أعطتها لها دُنيا لترتديها كي تكون لائقة للشركة التي ستعمل بها، و ثياب كثيرة قد أتت لها دُنيا بها، كانت ترتدي بنطال قماشي تعلوه كنزة بيضاء ضيقة إلتصقت بجسدها و طرفها قد أُدخل داخل البنطال، تعلو تلك الكنزة بليزر قماشي من نفس نوع و لون البنطال الأسود، خصلاتها رفعتهم عن وجهها بكعكةٍ مُنمقة، نظرت لنفسها بإعجابٍ و أخذت هاتفها و غادرت، فوجدت دنيا تقف منتظرة إياها بسيارتها، و فورما رأتها قالت بإعجاب:

- يا ولا على الحلاوة!! 


إبتسمت لها نور و صعدت جواره بالسيارة تقول بإمتنان:

- أنا بجد مش عارفة أقولك إيه، يعني كلمتيلي مديرك عشان أشتغل معاكي في نفس الشركة و جيبتيلي اللبس الفورمال ده كلُه و كمان واقفة مستنياني بالعربية!! 


قالت دُنيا مُبتسمة:

- أومال إحنا صحاب إزاي .. ده الطبيعي!!


ثم تابعت:

- و الحمدلله مدير الشركة راجل كبير أد أبوكِ كدا .. يعني مُستحيل يبُصلك و شُغل الروايات ده!!!


• • • • • • •


بدأت نور العمل في الشركة مع صديقتها دُنيا .. و التي إحتلت جزء كبير للغاية من يومها و من قلبها أيضًا، حتى مرّ شهرٌ كامل دونُه، دون أن تسمع صوته و تستأنس به، دون أن تنظر له و تشعر بأنفاسُه تُبعثرها، و في اليوم الثلاثون، وقف تحتضن دُنيا التي قالت بحُزن:

- هتوحشيني الشهر ده، أنا والله ما عايزة أسيبك لوحدك أصلًا!


أسرعت نور تقول بحنان:

- يا حبيبتي إنتِ مش مسافرة، و بعدين الأيام بتعدي بسرعة و هتقضي مع جوزك الشهر ده و هتيجي تاني .. إنتِ ما بتصدّقي إنه يجيلك أصلًا!


تنهدت دُنيا و قالت تمسح على خصلاتها:

- هرن عليكِ كل يوم أتطمن عليكِ!!


قالت نور بمزاح تخفف الأجواء:

- آه إنتِ عايزة جوزك يعلّقك بقى!! أنا قاعدة في بيتنا مش هيجرالي حاجه، هلخم نفسي في الشغل!!


- ماشي يا حبيبتي! همشي أنا و إنتِ نامي بقى عشان تصحي بكرة بدري .. تصبحي على خير!!

أشارت لها دُنيا و هي تبتعد متجهة إلى الباب، ردّت نور عليها ثم تغلق الباب خلفها، مُحيت الإبتسامة من فوق شفتيها فورما إنفردت بنفسها، أغمضت عيناها تستند برأسها على الأريكة تضم قدميها لصدرها، تُهدئ من إشتعال قلبها، و تأجج روحها و من القر الذي يختلجها، حتى إستمعت لطرقات فوق الباب، ظنت أن دُنيا قد نست شيء فأسرعت تنهض تفتح لها، لكنها أخذت خطوتان للخلف عندما وجدتُه واثب أمامها، بجسدُه الذي إزداد ضخامة .. و بـ ذقنُه التي نمت أكثر، عيناه المُرهقة و ملامحه التي بُهتت، نظرت له بقسوةٍ، ثم قالت:

- خير؟ إيه اللي جابك؟


نظر لها بإشتياقٍ حاول جاهدًا أن يخفيه، يتفرّس وجهها وجسدها الذي قد نُحف قليلًا، يحاول فكّ عُقدة لسانه فيقول بهدوء:

- وحشتيني!!!


ضحكت من قلبها، حتى عادت للخلف من شدة ضحكاتها واضعة كفها على معدتها، ثم إعتدلت في وقفتها قائلة مُبتسمة:

- مش ممكن .. كل مرة تضحكني كدا؟


تابعت بهدوء:

- لو إنت فاكر إني هفتحلك دراعي عشان أخدك في حُضني تبقى مُغفّل أوي!! و لو فاكر إن الكلمة دي هتخليني أنِخ و أسامحك تبقى مبتفهمش!!!


مرّ من جوارها و دلف للبيت فـ إلتفتت تنظر له بحدة، ليتابع ببرود:

- تسامحيني؟ مين اللي المفروض يسامح التاني؟!؟


جلس على المقعد و قال مشيرًا لها على الأريكة:

- أقعدي نتكلم!!!


صرخت بوجهه:

- مافيش بينا كلام ولا قُعاد .. إطلع برا!!!!


أشارت للباب كي يخرُج، فـ هتف بضيق:

- هتعبر نفسي مسمعتش طردك ليا، و هراعي إن نفسيتك تعبانة و مش هاخد بكلامك!!!


قالت بنبرة إستفزته:

- نفسيتي تعبانة؟ مين العبيط اللي قالك كدا؟ أنا في أحسن مراحل حياتي .. عايشة في شقتي ، نزلت إشتغلت و الحمدلله بثبت نفسي في شغلي، و عندي صاحبتي دايمًا واقفة معايا، فين نفسيتي التعبانة دي بقى!!


نهض واقفًا أمامها، و تجرأ محاوطًا وجنتيها هامسًا بصوتُه الرجولي:

- يعني أنا موحشتكيش!!


أبعدت كفيه بعنف صارخة بوجهه:

- إياك تاني مرة تلمسني، إحنا مطّلقين مينفعش اللي بتعملُه ده!


إقترب منها أكثر يقبض فوق ذراعيها يدفعها إلى ركن في الحائط فـ شهقت و هي تشعر بـ نواقيس الخطر تدُق في ذهنها، إقشعرّ بدنها عندما سار بأناملُه على ذراعيها العاريان:

- إنتِ لسه في شهور العدّة .. أقدر أرُدك في أي وقت!!!


- تبقى بتحلم، مش هوافق لو حصل إيه!!!

قالت بقسوةٍ ظهرت في عيناها، كانت عيناه مُثبتة على شفتيها التي إشتاق لها، شهرًا كاملًا لم يتذوق عسلهما، يعلم خطورة ما سيفعله و لكن ليفعلُه، و على غفلةٍ و بدون سابق إنذار كان يميل مُلتقطًا ملاذُه في قبلةٍ دامت ثوانٍ معدودة قبل أن تدفعه بعنف من صدرُه، ،و قبل أن يأخذ صفعةً من كفها أفاقت ثمالة عقلُه بها، إشتعلت النيران بعيناها تدفعُه من صدره بعد أن لطمت وجهه تهدر في وجهه:

- إنت إزاي تعمل كدا!!! إزاي تتجرأ و تعمل كدا إنت إيه!!! بقولك أنا مش مراتك!!! مبقتش مراتك .. كُنت و خلاص مبقتش و لا هبقى تاني!!!


ظل مُغمضًا عيناه يحاول أن يسيطر على أعصابه و لا يُحطم عظامها الآن، يقبض فوق كفيه و أسنانه تصتك فوق بعضهم في غضبٍ لا مثيل له، لا تنكر خوفها من ردة فعله التي باتت غير متوقعة، هل سيرُد لها الصفعة صفعتان؟ هل سيسحب خصلاتها فتتقطّع في كفُه؟ هل سيُلقي عليها سِباب نابية؟ خافت و تراجعت جالسة على الأريكة تضُم كتفيها بذراعيها، مُغمضة عيناها بألم من الحال الذي آلا كلاهما له، ظل صامتًا لا يتحدث ما يُقارب النصف ساعة، حتى وجدته يتحرك و يجلس على الأريكة قائلًا بأعين إحمرّت:

- نور!!


نظرت له متوجسة، حتى قال بهدوء زائف:

- لو إنتِ عيشتي حياتك فـ أنا مش عارف، كُل رُكن في البيت بيفكرني بيكِ .. أنا أصلًا مبنساش، و لو أنا موحشتكيش .. 


تابع بعد تنهيدة:

- فـ إنتِ وحشتيني لدرجة متتخيليهاش، كل حاجة فيكِ وحشتني .. ضحكتك .. عينيكِ .. صوتك .. حُضنك كُل حاجه مفتقدها، كان لازم تُعذريني .. أنا كُنت حاسس إني مش قادر أثق فيكِ!!


تأملت كلماته .. كيف ستخبرُه أنها إشتاقت هي الأخرى له و لكن لن تبقى معُه، كيف ستُخبره أن صوته .. عناقه .. عيناه و ضحكاته التي تنعش خلايا جسدها تشتاق لهم و لكنها أبدًا لن تبقى معه، أخذت أنفاسها الضائعة و حاولت موازنة نبرته تقول ساخرة:

- أعذُرك؟ طب و أنا مين يعذُرني؟! ليه عايزني أعذُرك و إنت معذرتنيش لما قولتلك إني مكُنتش مُستقرة نفسيًا و !ني عملت كدا من اللي شوفتُه في حياتي! ليه و أنا بنهار قدامك و بقولك إني بحبك و مقدرش أعيش من غيرك مرحمتنيش؟ ليه و إنت شايفني قصادك  بطلع في الروح .. عينك مرمشتش حتى عليا! 


- حقك عليا!!!

قالها بتعبٍ من ذكر الأمر مرة أخرى .. كيف لم ترمش عينه و هو كل خلاياه إنتفضت عندما رأتها بهذا الوضع و لكن الشيطان أعمى بصرُه، فـ قالت مُبتسمة بمرارة:

- هي هتخلص كدا؟!


إقتربت منه هامسة أمام وجهه بـ قوةٍ:

- و رحمة أبويا .. ما هرجعلك، و هدوّقك المُر اللي سقيتهولي، هخليك تتمنى لو يرجع بيك اليوم ده عشان متعملش كدا هندمك على الوجع اللي وجعتهولي ندم عُمرك كلُه يا ابن الزيات!!!


إبتعدت عنه تناظر وهن عيناه بشماتةٍ زرعها بها، ثم أشارت إلى باب الشقة تقول بأنفٍ وصلت لعنان السماء:

- إطلع برا .. و آخر مرة تعتب الشقة دي!!!


نظر لها مطولًا، نظرات يرجوها بها ألا تفعل لكنُه قوبل بنظراتٍ قاسية و أعين مُتحجرة، فـ أخذ خطواتٍ بعيد عنها ثم خرج صافعًا خلفه باب الشقة، نظرت للفراغ الذي تركه، تغمغم لنفسها:

- إياكِ تضعفي!!! إوعي يا نور .. إفتكري اللي عملُه فيكِ!!!


ذهبت إلى غرفة نومها و أراحت جسدها فوق الفراش، تضبط المنبه لكي تستفيق باكرًا لتذهب لعملها، ستذهب له وحدها لأن دنيا لأول مرة لن تأتي لتقلها بسبب الأجازة التي أذنوا لها بها!


• • • • • • 


نهضت بنشاطٍ و إرتدت ثيابها، صففت خصلاتها و قررت تركها حُرة اليوم و ساعدها على ذلك نعومتها، ثم خرجت من الشقة بعدما أخذت مفاتيحها و هاتفها، أغلقت الباب جيدًا و إلتفتت لتصُدم به جالسًا في سيارتُه عائدًا بالمقعد للخلف و نائم، إعتلى الضيق مِحياها لكن أكملت طريقها تتظاهر بأنها لم تراه، أوقفتها السيدة فتحية .. تلك التي أخذتها ببيتها عندما رفضت أمها أن تفتح لها الباب و تُدخلها، تقول بأعين تلومها:

- كدا يا نور يا بنتي .. تسيبي جوزك نايم في العربية كدا من إمبارح يا حبة عيني على الوضع ده!!!


هتفت نور بضيق:

- ده مبقاش جوزي يا حجّة فتحية، إحنا إطلّقنا خلاص!!! 


غمغمت فتحية بحزن:

- م أنا عرفت يا بنتي .. بس و ماله إنتِ في فترة العدة يعني ترجعوا في أي وقت بالمأذون بردو!!


صدح صوت نور الهجومي:

- و مين قالك أصلًا إني هوافق أرجعلُه!! 


تنهدت فتحية تربت على كتفها قائلة:

- طيب خلاص يا حبيبتي روحي شغلك عشان متتأخريش، و لما ترجعي لينا كلام مع بعض!!


تنهدت و ذهبت من أمامها لتخرج للشارع الرئيسي تنتظر سيارة أجرة تمُر، لتمُر أمامها آخر سيارة كانت تنتظرها، سيارته، و فتح زجاج النافذة يميل برأسه لكي يراها قائلًا بنبرة هادئة:

- إركبي!!


تأففت بنزقٍ و قالت بحدة:

- إمشي من هنا عشان مصوّتش و ألم الناس عليك!!!


- لو مركبتيش هنزل أجيبك من شعرك و أركبك بالعافية!!

قالها بتحذير حقيقي و قد فُلتت أعصابُه، فـ ضربت السيارة بقدمها بجُرها تقول بعنفٍ:

- يلا إنزل وريني .. عشان أخلي اللي ما يشتري يتفرج عليك!!!


رفع حاجبيه من طريقتها الجديدة عليه، حاول التحلي بالصبر فـ قرر أن يهاودها قائلًا برفق:

- مش هتلاقي مواصلات دلوقتي الدنيا زحمة!!!


- حاجه متخُصش حضرتك!!!

هتفت ساخرة ثم أشارت إلى سيارة أجرة مرت من جوار سيارته فوقف السائق، أخبرته بالمكان فهزّ رأسه لها موافقًا، صعدت معه دون أن تعاير فريد إهتمام، ضرب الأخير المقود بعصبية شديدة، لكنه توقف للحظة مُدركًا بأنه فالتة خُصلاتها تحررهم على ظهرها، فـ ردد مع نفسه مصدومًا:

- دي مسيبة شعرها!!! دي نازلة و مسيبة شعرها!!! ده أنا هطلع عين أمها دلوقتي!!!


سار خلف السائق بسُرعة جنونية و قد إنتفخت أوداجُه، لا يصدق أن غيره سيرى خصلاتها مفرودة على ظهرها، كيف لم يُحجبها، كانت على ذمته و كيف لم يتخذ هذا القرار و يجعلها عنوةً ترتدي الحجاب، أطلق زفيرًا حارًا من شدة لهيب جسدُه الغاضب، حتى وجدها تترجل من السيارة بعدما أعطت للسائق بعض النقود، ترجل هو الآخر من السيارة و سار خلفها طاويًا أسفل قدمُه الأراضي مُدبدبًا عليها بـ حذائه الذي يصرخ بالغِنى، 

ثم بقسوة إلتقط ذراعها و جذبها خلفه بعنف وسط صراخها و جسدها الذي يتثاقل عمدًا حتى يعجز عن جذبها و لكن ذهبت محاولاتها هدرًا فهو أقوى بنيةً منها بمراحلٍ، دفعها إلى السيارة في المقعد الخلفي حتى لا يتسنى لها النزول و إستقل جوارها، ظلت تصرخ به أن يتركها و يبتعد لكنه ضرب على ظهر المقعد الذي أمامُه صارخًا بوجهها:

- إخرسي مش عايز أسمعلك صوت!!! نازلة شغل و قولت ماشي سيبها، قاعدة لوحدك في شقة طويلة عريضة في مكان مبيرحمش و كلُه بيتكلم عليكِ و قولت مالهاش ذنب و أقطع لسان أي حد يجيب سيرتك عشان أنا عارفك!!!، لكن نازلالي بـ قميص هيتفرتك من على صدرك و شعرك مسيباه!!! ده إنتِ نهارك إسود معايا أقسم بالله لهعرفك أنا مين على اللي بتعمليه ده!!!


شهقت من وقاحتُه و همت بالصراخ في وجهه لكنه أشهر بأصبعه في وجهها هادرًا بقسوة لدرحة أن عروق جبينه و عنقه نفرت:

- قـولـت صـوتـك مـسـمـعـوش!!!


لم تتوانى عن الحديث و الصراخ به بصوتٍ قد بُحّ:

- لاء هتكلم!!! لو مشيت عريانة في الشارع ملكش الحق تـ!!!


بتر عبارتها قابضًا على ذراعها يقربها منه صارخًا بوجهها بصوت جفل له قلبها:

- إخــــرســـي!!! ماليش حق إيه يا أم حق!!!! ده أنا أكسرلك رقبتك و رجلك اللي فرحانة بيها و لابسة بنطلون مفصَّلها دي!!!


- آآآه إبعد عني!

تآوهت تُحاول بإستماتة إبعاد كفُه عن فكها لكنه شدد على فكها أكثر فـ تعالى صوتها من شدة ألمها تضربه على صدرُه حتى تركها تاركًا على وجهها الصافي علامات أناملُه، مالت للأمام تفرك مكان قبضته ثم طالعتُه بنفورٍ، تنطقها للمرة الأولى:

- أنا بكرهك!!!


شقت الكلمة صدرُه، فـ خفّت نبضات قلبُه، متأملًا كلمتها التي تبدّلت بعد أن كانت تنطق له بمعاني العشق بأكملها و كم تُحبه، تخبره الأن أنها تمقتُه، لم تكتفي بجرحُه مرة، فـ تابعت بصوتٍ إمتلئ غصةً جعلته يلعن نفسه على كبمةٍ ألقاها عليه في لحظة شيطانية:

- بكرهك من كُل قلبي، و لو رجع بيا الزمن عُمري ما كُنت هوافق أتجوزك!!!


- بس أنا بحبك!!

قالها بضعفٍ، و رفع إنمله بالكاد بعد أن تخدّر جسده من كلماتها، و سار به فوق موضع أناملُه فـ غمغمت بقسوة:

- كفاية كدب!!! إنت مبتعرفش تحب!


- و حبيتك!!

قالها بألم تغلغل نبرة صوته، متابعًا و هو ينظر لعيناها:

- مكُنتش بعرف أحب بس حبيتك، و عشقتك!! ليه بتعملي فيا كدا؟


إبتسمت إبتسامة لم تكُن سوى شامتة، شامتة بذلك الضغف الذي تمكّن منه، بتلك النظرات التي تفترسها دون أن يستطيع الحصول عليها، لمساته التي تطوق أن تغوص بأعماقها، حاولت جذب كلمات أكثر منه تزيد نشوتها في الشماتة به فـ قالت بصوتها الغنج:

- بعمل إيه؟


تنهد غافلًا عن عيناها الشامتة به، قائلًا موجوعًا:

- بتعذبيني .. شايفاني قُدامك و النار قايدة فيا و بتعندي .. بتعاقبيني على غلطة أنا ندمت عليها، كفاية يا نور!! شهر كامل من غير ما أخدك في حُضني و أسمع صوتك و أشوفك، شهر كامل مخلي حد يراقبك و يجبلي أخبارك كلها .. و عشان البنت اللي إسمها دنيا دي كانت معاكِ في كل حاجه سيبتك .. سيبتك براحتك و مكُنتش عايز أضغط عليكِ، و لما إشتغلتي و عرفت الشركة اللي بتشتغلي فيها و إن محدش فيها هيدايقك بردو سيبتك، كنت بتعذب و بموت و إنتِ بعيدة و كل اللي كان بيهون عليا الكام صورة اللي كانوا بيتبعتولي ليكِ، كنت بقعد بالساعات قُدام الصور أملي عيني منها بس، نور أنا تعبان .. تعبان من غيرك، و حاسس إن حياتي واقفة و إنتِ مش فيها!!!


طالعتُه مصدومة مما قال، كان يجند شخص يراقبها لتصل أخبارها له كل تلك المدة؟ إزدردت ريقها تنظر له و لذلك الضعف المتشكل بعيناه و بلمساتُه و بأنفاسُه، إقترب منها يريح رأسه فوق كتفها مثبتًا جبينه على حرف منكبها، أناملُه تعبث بخصلاتها المفرودة على ظهرها، أغمضت عيناها و قد إمتلئت عيناه بالدمعات و كامل جسدها يرتجف، ليقول كلماتٍ أفاقتها كدلوٍ بارد صُب عليها صبًا:

- يلا نروح للمأذون دلوقتي .. و كإن اللي حصل ده محصلش، هنسيهولك!!!


إنتفض كامل جسدها تبتعد عنه تدفعه من صدرُه قائلة برعب:

- مش هيحصل، مش هرجعلك أبدًا عُمري ما هرجعلك!!!


ثم زحفت لآخر الأريكة الخلفية و خرجت من السيارة، صافعة الباب خلفها تسير إلى داخل الشركة، تاركة أياه خلفها مُتدمرًا!!


• • • • • • •


تحاول التركيز في عملها بالكاد، لا تستطيع لملمة شتاتها بعد تلك المواجهة التي حدثت بينهما، هي لأول مرة تراه بهذا الضعف، نفت برأسها تزجر نفسها هامسة:

- لاء .. مش هرحمُه، زي ما هو مرحمنيش!!!


أنهت عملها بعد إرهاق، لتُغادر الشرطة تقرر أن تمشي على أقدامها قليلًا علها تُسكت إرهاق ذهنها ذلك، ظلت تسير حتى إستوقفتها تكدُس غريب في منطقة مُعينة، فـ قطّبت حاجبيها تسأل أحد المارة:

- هو في إيه .. إيه الزحمة دي؟


قال الرجل بضيق:

- في واحد عربيته إتقلبت بيه هنا على الطريق، و من ساعتها و الشارع واقف!!


لا تعلم لمَ إنقبض قلبها، أخذت تزيح في المارّة تحاول الوصول لتلك السيارة، شهقت و كادت أن تسقُط أرضًا عندما وجدتها سيارته، هرعت عليها كالمجنونة لترى الراكب بها، فـ تصنمّت مكانها عندما رأته، وجهه نازف و عيناه مُغمضة كالأموات!!!

يُتبع♥

#هوى_الزيات ♥


رواية هوى الزيات الفصل الثالث عشر 13 والأخير من هنا

الرواية كاملة من هنا (رواية هوى الزيات)

روايات شيقة ❤️
روايات شيقة ❤️
تعليقات



close