رواية زهرة العاصي الفصل الثاني 2 بقلم صفاء حسني
رواية زهرة العاصي بقلم صفاء حسنس
رواية حصريا للكاتبة صفاء حسنى
زهرة العاصي
"روحت ولا لأ؟ طمّنيني." قالت زينة بسخرية وهي تهز رأسها. "مدام مهتم أوي، ليه مردّتش عليها وهي بتكلّمك؟ ولا عندك اللي أهم منها؟ سبحان الله! من يوم ما أقعد تحرّج وتظهر أقدمها وأنا حسيت إنك... ما علينا، اخرج يلا، الدكتور جاي. ربنا يعلم ما في القلوب."
نفخ زياد بضيق: "ردّي عليّا بعد إذنك، هي فين؟ والله أروح لها على البيت."
ضحكت زينة بسخرية: "ومالها لو رجل تعملها؟ ياريت تثبت لي وتثبت لها إنك بتحبها بجد، عشان صدّقيني، اللي يحب واحدة زي زهرة هينيلها دنيا وأخرى."
أكد زياد بحماس: "أنا جد جدًا، ومعرفش ليه بتكرّهيني، بكرة هتشوفي."
ضحكت زينة: "أفلح إن صدّق! ما علينا، هي قالت عند باب الجامعة، وبتقول هتروح. شوفي بقى يا تلحقها ولا لأ. ولو رجل، روح لها على البيت. واثق علاقتك بيها؟ زهرة ده كنز وحصن لأي حد يكون من نصيبها، رغم إني عارفة إن علاقتك مجرد مصلحة، وأول ما تخلص وتتخرج تقول لها: "أمك في العشة واللا طارت!"
لم يستمع لها زياد، وجري عشان يلحقها. كانت ياسمين مراقبة الوضع، وهتتجنّن ليه ملهوف عليها كده.
بعد شوية، كان زياد وصل وهو نفسه ينقطع. كان قاعد مراقب زهرة وهي بتكتب على الواتس، وشعر إنها بتحاول تهرب من حزنها. لكن فجأة شاف شاب داخل عليها، ومكانش مرتاح له، وكأنه يعرفه أو يعرفها من زمان، وكأنه نسي العربية، أو هو كان جاي ليه؟ كل اللي همه يراقب الوضع، وقال ما بين نفسه: "ممكن تكون تعرفه... أمشي أمشي إلا لما أطمئن."
اقترب زياد منها بلهفة وخوف: "إنتِ فين يا زهرة؟ أنا لفيت عليكي الجامعة كلها، وملقتكيش. وسألت زينة، قالت إنك تعبانة. سلامتك يا قلبي! وقاعدة لوحدك ليه هنا؟"
لاحظ الشاب، أول ما شافت زياد، مسحت زهرة دموعها وسكتت شوية. واستغرب إزاي زياد ما خدش باله إنها حزينة، لكن ابتسم مع نفسه: "اسمها زهرة، اسم حلو، وكأنها فعلاً زهرة في وسط بستان. يا ترى إيه مشكلتها؟"
بدأت زهرة تستعيد قوتها وشجاعتها وكرامتها اللي حاسة إنها أتهانت في حبها لواحد زي زياد، وبدأت تلم حاجاتها من غير ما تعطي أي اهتمام ليه، وكانت خرجت من باب الجامعة.
خرج وراها زياد وهو بينادي عليها: "يا زهرة! أنا بكلمك، ردّي عليّا."
بدأت الدنيا تغيم، وأعلنت السماء عن نزول المطر. كل واحد بدأ يمسك الشمسية، إلا زهرة، وكأن السماء بتعيط بدالها.
كان الشاب اللي مراقبها، جاله تليفون: "إنت فين يا دكتور عاصي؟"
ردّ الدكتور عاصي وهو متابع زهرة، وفتح الشمسية: "أنا في الجامعة يا دكتور حاتم، لكن هطلب من الأمن يجيبوا حد للعربية وأجي."
ابتسم حاتم: "أفهم كده موافق تقبل تتعين دكتور هنا في الجامعة، وتنفّذ اللي طلبه منك جدّك، ووجودك ينقذ الجامعة، أنا متأكدة."
هزّ عاصي رأسه: "بالتأكيد، لكن زي ما اتفقنا، محدش يعرف من الشركاء إني حفيد زاهرا الصياد لحد ما أفهم اللي بيحصل."
ابتسم حاتم: "أنا متفائل... آه، كنت عايز أقول لك حاجة..."
كان عاصي عايز يلاحق زهرة، فكتم في الكلام: "بإذن الله تعالى يا دكتور حاتم، أقفل معاك وأرجع أكلمك تاني."
وفعلاً قفل.
خرج الدكتور عاصي وهو متابع اللي بيحصل، طلب من الأمن يساعدوا بعد ما طلع البطاقة الشخصية وهويته، تثبت إنه دكتور، وطلب من الأمن: "لو سمحت يا كابتن، تشوف لي حد بيصلّح عربيات، الكوتش نايم."
ابتسم الأمن اللي قاعد: "هي اتعملت فيك يا دكتور."
استغرب عاصي وهو ماشي، فاهم: "هو إيه اللي اتعمل؟ ممكن توضيح؟"
ردّ الأمن: "أكيد خبر إنك هتكون دكتور جديد في الجامعة، سمع بيه ولاد الحرام، ولعبوا في الكوتش بتاع العربية، ده العادي مع كل دكتور جديد، ترحيب أو..."
ابتسم عاصي للأمن، لكن من جواه مش عاجبه اللي بيحصل، وقال: "أو اختبار عشان يشوفوا هأتصرف إزاي."
وفعلاً لاحظ شوية شباب وبنات متابعين من بعيد، والبنات بتعاكس، وواحدة اتكلمت: "وااااو! إيه الجمال والشياكة والوسامة ده! أنتم متأكدين ده دكتور؟ ده وسيم وحلوى! لازم أصوره وأنزل الصورة على جروب الجامعة عشان الكل يكون عارفه."
ضحك شاب معهم: "يا بنتي، مش هتعرفي، الدنيا بتمطر، وكمان هو معاه شمسية."
ضحكت البنت: "لأ، هو نزل الشمسية عند البوابة، وتليفوني ضد المياه، أقرب شوية وأقط صورة."
تحدث شاب آخر: "لكن واضح إنه على نياته، شوفته قاعد إزاي وهو محتاس، معرفش يعمل إيه ده، إحنا هنتسلى، يلا بينا."
اقتربت البنت من البوابة، ولقطت كذا صورة على إنها بتاخد سيلفي وهو بيتكلم، وكانوا الشباب متابعينها. لكن لحظة زياد بيجري ورا زهرة، سألهم: "شوفي زياد بيجري ورا زهرة، أولى الدفعة، ليه؟ في حاجة؟"
انتبه الشاب ونظر لهم وهو بيرد: "معرفش، أنا كنت مركز مع الدكتور الجديد. هو في حاجة ما بينهم."
رفضت البنت: "زهرة وزياد؟ استحالة! زهرة طيبة جدًا، وبتساعد أي حد محتاج شرح في أي مادة، ودايمًا بتساعد الكل وملتزمة جدًا، متعرفش بالحب والعلاقات، وأنت عارف زياد أناني ومصلحي وبتاع بنات، يعني أكيد كل همه من التقرب إنه ياخد تعبها."
سمع الكلام الدكتور عاصي، وبدأ يفهم شخصية زهرة، وأخد صورة عن زياد.
خرج زياد وهو متعصب، وزهرة كانت لابسة حجاب أزرق مع فستان أزرق، والمطر نازل، وضعت الشمسية فوق رأسها، واقترب يمسك إيدها، لكن أترجعت، وتحدث بغضب: "إنتِ عارفة أنا بكره أسلوبك ده يا زهرة، ولما أكلمك ردّي عليّا، متخرجيش وتخرجيني وراك، وكمان الدنيا بتمطر، تعالي نتكلم جوه."
ضحكت زهرة بسخرية: "بتكرَه أسلوبي بس يا زياد؟ أنا اكتشفت إنك بتكرّهيني كلّي على بعضي للأسف! لكن أقول لك إيه؟ غير الحمد لله إن ربنا أنقذني منك. كنت دايمًا بصلي صلاة استخارة وأستخير ربنا، كنت حاسة بحاجة جوه رافضة أتعامل معاك، وأخيرًا الحمد لله إن استجابته كانت سريعة. روح لحالك يا زياد."
مكنش فاهم زياد في إيه، وسألها: "زهرة، مالك؟ فاهمني ليه؟ لازمة الكلام ده؟ إنتِ عارفة إن كل اللي في الجامعة مستخسرينك عليكي، وأكيد بيشوّهوا سمعتي عندك."
أكملت زهرة بسخرية: "تصدّق؟ طلعوا هما الصح، وأنا اللي هبلة. إنت دخلت من ناحية الدين بعد ما رفضت أرد عليك مرة واتنين وتلاتة، عرفت إني ملتزمة، قلت تعمل إيه؟ عايز رقم بابك! أنا غرضي شريف، أنا مكنتش مصدّقك، لكن معرفش إزاي ردّيت عليك، ظهرت بوجه الملاك، صليت الفجر يا زهرة، صليت الظهر، أخبار المحاضرات إيه؟ بدأت واحدة عشان أتعوّد عليكي، لكن صدّقني مساعدتي لك صادقة على صحتي، لكن من النهاردة بابك مخضّر، شوف لك واحدة تانية."
وعملت بلوك لرقمه على التليفون والواتس وقالت: "أنا عملت لك بلوك من كل حاجة تخصّني، وأريحك من أسلوبي يا زياد، روح لشغلك."
انصدم زياد، وجاي يمسك إيدها، وقفته وقالت: "عندك! اوعى تتجرأ تقرب مني مرة تانية يا زياد، إنت صفحتك اتقفلت من النهاردة."
شعر زياد بالندم، وكان بيترجاها: "زهرة، بالله عليكي اسمعيني، أنا بحبك."
ضحكت زهرة وغنت بصوت موجع: "حب إيه اللي إنت جاي تقول عليه؟ إنت عارف معنى الحب إيه؟ روح عند اللي كنت بتحضنها وتلمس كل حتة في جسمها، إنت عايز الحرام، معجبكش الحب الطاهر، وأنا لو لو خايفة فعلاً حد يسمعني في الجامعة كنت فضحتك إنت وهي، لكن إن الله ستار، كفاية كشف سترك لي."
ومشيت خطوتين كمان عشان تعدي.
وقفها زياد في الشارع وسألها: "إزاي عرفت؟" وبعد كده خاف لتكون بتوقعه تراجع، وقال بسخرية: "هو أي حد يقول لك حاجة عني تصدّقي؟ عايزين يفرّقونا عن بعض."
ضحكت بوجع: "للأسف، أنا المرة دي اللي شفتك، شوف بقى ذنوبك قد إيه عشان ربنا يفضح سترك قدامي بالسهولة دي. روح لحالك يا زياد، والحق دنيتك قبل آخرتك، الفلوس بتبقى واللا الصحة. وادعي ربنا يتقبل توبتك لو فكرت تتوب."
تنهد زياد وهو بيشعر بخسارتها: "إنتِ اللي أجبرتيني على كده يا زهرة، كنت كل ما أقرب منك تحطي ألف خط وألف حاجز، ومعرفتيش إني شاب ولي رغبات، ونفسي أعيش الحب معاكي."
ضحكت زهرة بكل وجع وقهر: "والله معرفش أقول لك إيه، الكلام عاجز عن وصفك." ونظرت يمين ويسار، وعدت للرصيف. ولحقها زياد: "طيب نقف نتكلم، وأنا رجل، وأي حد بيكون ليه نزوات لحد ما..."
وضعت زهرة إيدها على ودنها وهي بتصرخ: "كفاية كلام السم اللي في العسل ده عشان تبرّر معصيتك لربنا! أقل وصف إنك شبه ده" وشارت على كلب في الشارع، "هو اللي بيدور على شهوته وغريزته، لكن ده معندوش عقل ولا يعرف الصح من الغلط ولا يصوم لحد ما تكون حبيبتك في بيتك حلالك مش بالحرام."
صرخ زياد بسخرية وكأنه عقله غاب عنه: "وإنتِ يا صاحبة الصون والعفاف يلا تعرفي الحرام والحلال، متعرفيش إنك تتكلمي مع شاب لا هو محلّل لك ولا بتشرحي الدين بمزاجكم."
تنهدت زهرة بوجع وندم: "تصدّق بإيه؟ في ده عندك حقّك فعلاً، وعشان غلط..." وكانت هتقول "حبيتك" لكن رجعت وقالت: "عشان كنت بساعدك، ربنا عاقبني بوجع قلبي، ومش هعتبك ولا ألومك، متتبعك لي سنتين بحالهم، وإنت بتحاول تتكلم معايا وتقنعني إنك إنسان كويس ونفسك تنجح وتتغير، وللأسف صدّقتك، ممكن كنت عايزة أحد الجامعة كلها بيك وأقول لهم إني غيرت زياد وأصبح كل اهتمامه إنه يتفوق مش زي ما بتقول لي."
ومسحت دمعة خانتها ونزلت من عيونها وقالت: "كفاية تجريح وجرح فيا، وسيبني أروح."
اعتذر زياد وهو بيطلب منها تسمعه: "أنا آسف يا زهرة، سامحيني بالله عليكي، أنا معرفش بقول إيه، أنا بحبك، أنا بعشقك يا زهرة، هأتغير، أوعدك إني أغير."
يتبع
رواية زهرة العاصي الفصل الثالث 3
لقراءة باقي فصول الرواية اضغط هنا ( رواية زهرة العاصي )